ملهم جديد : السيرة الموجزة لحياة المواطن م ع ع
#الحوار_المتمدن
#ملهم_جديد ما إن بدأ يعي وجوده ، و يتحسس ما يحيط به كأشياء منفصلة عنه . و بعد سماعه ، و تعلمه ، و ترديده لكلمات مثل ماما، بابا ، تاتا ، جدو ، نمُّورة ، حلاوة ، زعتر ، فإنه سيسمع كلمة" حيوان ". و كأي كلمة عند سماعها للمرة الأولى ، ستكون غامضة في البداية ، ثم لا يلبث معناها أن يتضح في السياقات الإجتماعية المتكررة ، كتأنيب أبيه لأخوته الأكبر منه ، و زعيق الجار في وجه ابنه ، و ركض خالته وراء ابنتها وفي يدها شحاطة ، و بهدلة شرطي لسائق ميكروباص على خط اللاذقية - جبلة ، و لسوف يسمعها أكثر و هو محمولا على كتفي والده الذي ينتظر مع المنتظرين في الصفوف الطويلة أمام الأفران ، و موزعي الغاز ، و مؤسسات الدولة لبيع السلع الإستهلاكية . و مع دخوله - و كان قد كبر قليلا الآن - إلى المدرسة ، سيعرف - من دون أن يندهش - بأنه هو المعني بها عند سماعه لوالده يخاطب مدير المدرسة باحترام " أستاذي الكريم ، اعتبر هالحيوان ابنك ، و أي شي ما بيعجبك فيه اضرب و لا يهمك " . طبعا ، لم يكن المدير يحتاج إلى هذا الإذن ! فقد كان الضرب في البلاد بمثابة "رياضة شعبية" تُمارس بشكل يومي ولم يكن ينقصها سوى المسابقات لتأخذ الطابع الرسمي . كان الآباء يمارسونها في البيوت ، و المدرسون في المدارس ، و الشرطة في الشوارع ، ثم أصبحت فنا قائما بذاته في فروع الأمن بعد أن اكتشفت الحكومة بأن الله لم يخلق " الإنسان على أحسن تقويم " كما ادعى ، فقررت سد ثغرات الخلق الأولى ، و كانت النتيجة" انسان جديد "يعجز الله نفسه عن إعادته إلى الحالة التى كان عليها عندما خلقه أول مرة ! طبعا ، هذا في حال استطاع التعرف عليه ! سيُصبِح الطفل مراهقا، يتأمل بإعجاب شديد الشعيرات التي بدأت تظهر على وجهه ، و قبل أن يخرج من البيت ، كان يشمشم تحت إبطيه للتأكد من عدم وجود رائحة كريهة ، فمن يدري ، ربما التقى بحبيبته التي أحبها من النظرة الاولى عند بيّاع البذر في مدخل الحارة ، و عندما انتبه إلى أنها لم تنتبه ، فإنه ، و بسبب الخجل المستحكم به منذ الطفولة ، لم يبذل أي جهد لجعلها تنتبه ، لكنه لم يفقد الأمل ، و كان يعتمد على نباهتها ، هي التي عاشت حتى عمر التسعين ، و إذا كانت قد اشتهرت بشيء ، فقد اشتهرت بعدم النباهة ! سيٌطْرد من المدرسة و يذهب إلى مدرسة أخرى ، و ستنتقل أسرته إلى المنزل الجديد الذي حصل عليه والده من جمعية ( إسكان الإنسان الجديد ) التي كان قد سجّل اسمه فيها منذ زمن طويل كواحد من أصحاب الدخل المحدود . و طيلة الثلاثين عاما التي قضاها بانتظار حصوله على المنزل ، كان من بين أدعيته المفضلة في فترات الضيق و اليأس ، هذا الدعاء " يارب ، قّرب اليوم يللي بحصل فيه ع البيت ، و خود روحي بعد أسبوع " و مع أن هذا الدعاء ، كان الدعاء الوحيد الذي لم يكن يقصده حرفيا ، فقد شاء الله أن يحققه له حرفيا ! و قبض روحه في تمام ظهيرة اليوم السابع من تاريخ استلامه للمنزل ، و في العزاء ، عندما سُئِل الشيخ الذي كان قد كبر كثيرا، و أصبح ضيق الخلق ،عن السر خلف هذه المصادفة العجيبة، اصطنع ابتسامة ، حكّ أذنه اليمين الكبيرة و المشعرة ، تنحنح كما يليق بشيخ جليل يهم بالإجابة على سؤال يشغل بال المؤمنين ، ثم قال " لا سر و لا خرا ! و إذا كان هناك من عجيبة فهي أنتم ، قلّما تقرأون ، و إذا قرأتم لا تفقهون . كل ما في الأمر، أن الله سبحانه و تعالى أكّد على ما سبق و قاله في كتابه العزيز " الله خير الماكرين " . و من يومها ، سيمتنع الناس عن إطلاق الأدعية جزافا من دون تمحيص ، و أصبحوا يقضون ساعات طوال و هم يقلّبون مسودات أدعيتهم في رؤوسهم ، و أحيانا يستشيرون بعضهم الب ......
#السيرة
#الموجزة
#لحياة
#المواطن
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=699795
#الحوار_المتمدن
#ملهم_جديد ما إن بدأ يعي وجوده ، و يتحسس ما يحيط به كأشياء منفصلة عنه . و بعد سماعه ، و تعلمه ، و ترديده لكلمات مثل ماما، بابا ، تاتا ، جدو ، نمُّورة ، حلاوة ، زعتر ، فإنه سيسمع كلمة" حيوان ". و كأي كلمة عند سماعها للمرة الأولى ، ستكون غامضة في البداية ، ثم لا يلبث معناها أن يتضح في السياقات الإجتماعية المتكررة ، كتأنيب أبيه لأخوته الأكبر منه ، و زعيق الجار في وجه ابنه ، و ركض خالته وراء ابنتها وفي يدها شحاطة ، و بهدلة شرطي لسائق ميكروباص على خط اللاذقية - جبلة ، و لسوف يسمعها أكثر و هو محمولا على كتفي والده الذي ينتظر مع المنتظرين في الصفوف الطويلة أمام الأفران ، و موزعي الغاز ، و مؤسسات الدولة لبيع السلع الإستهلاكية . و مع دخوله - و كان قد كبر قليلا الآن - إلى المدرسة ، سيعرف - من دون أن يندهش - بأنه هو المعني بها عند سماعه لوالده يخاطب مدير المدرسة باحترام " أستاذي الكريم ، اعتبر هالحيوان ابنك ، و أي شي ما بيعجبك فيه اضرب و لا يهمك " . طبعا ، لم يكن المدير يحتاج إلى هذا الإذن ! فقد كان الضرب في البلاد بمثابة "رياضة شعبية" تُمارس بشكل يومي ولم يكن ينقصها سوى المسابقات لتأخذ الطابع الرسمي . كان الآباء يمارسونها في البيوت ، و المدرسون في المدارس ، و الشرطة في الشوارع ، ثم أصبحت فنا قائما بذاته في فروع الأمن بعد أن اكتشفت الحكومة بأن الله لم يخلق " الإنسان على أحسن تقويم " كما ادعى ، فقررت سد ثغرات الخلق الأولى ، و كانت النتيجة" انسان جديد "يعجز الله نفسه عن إعادته إلى الحالة التى كان عليها عندما خلقه أول مرة ! طبعا ، هذا في حال استطاع التعرف عليه ! سيُصبِح الطفل مراهقا، يتأمل بإعجاب شديد الشعيرات التي بدأت تظهر على وجهه ، و قبل أن يخرج من البيت ، كان يشمشم تحت إبطيه للتأكد من عدم وجود رائحة كريهة ، فمن يدري ، ربما التقى بحبيبته التي أحبها من النظرة الاولى عند بيّاع البذر في مدخل الحارة ، و عندما انتبه إلى أنها لم تنتبه ، فإنه ، و بسبب الخجل المستحكم به منذ الطفولة ، لم يبذل أي جهد لجعلها تنتبه ، لكنه لم يفقد الأمل ، و كان يعتمد على نباهتها ، هي التي عاشت حتى عمر التسعين ، و إذا كانت قد اشتهرت بشيء ، فقد اشتهرت بعدم النباهة ! سيٌطْرد من المدرسة و يذهب إلى مدرسة أخرى ، و ستنتقل أسرته إلى المنزل الجديد الذي حصل عليه والده من جمعية ( إسكان الإنسان الجديد ) التي كان قد سجّل اسمه فيها منذ زمن طويل كواحد من أصحاب الدخل المحدود . و طيلة الثلاثين عاما التي قضاها بانتظار حصوله على المنزل ، كان من بين أدعيته المفضلة في فترات الضيق و اليأس ، هذا الدعاء " يارب ، قّرب اليوم يللي بحصل فيه ع البيت ، و خود روحي بعد أسبوع " و مع أن هذا الدعاء ، كان الدعاء الوحيد الذي لم يكن يقصده حرفيا ، فقد شاء الله أن يحققه له حرفيا ! و قبض روحه في تمام ظهيرة اليوم السابع من تاريخ استلامه للمنزل ، و في العزاء ، عندما سُئِل الشيخ الذي كان قد كبر كثيرا، و أصبح ضيق الخلق ،عن السر خلف هذه المصادفة العجيبة، اصطنع ابتسامة ، حكّ أذنه اليمين الكبيرة و المشعرة ، تنحنح كما يليق بشيخ جليل يهم بالإجابة على سؤال يشغل بال المؤمنين ، ثم قال " لا سر و لا خرا ! و إذا كان هناك من عجيبة فهي أنتم ، قلّما تقرأون ، و إذا قرأتم لا تفقهون . كل ما في الأمر، أن الله سبحانه و تعالى أكّد على ما سبق و قاله في كتابه العزيز " الله خير الماكرين " . و من يومها ، سيمتنع الناس عن إطلاق الأدعية جزافا من دون تمحيص ، و أصبحوا يقضون ساعات طوال و هم يقلّبون مسودات أدعيتهم في رؤوسهم ، و أحيانا يستشيرون بعضهم الب ......
#السيرة
#الموجزة
#لحياة
#المواطن
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=699795
الحوار المتمدن
ملهم جديد - السيرة الموجزة لحياة المواطن (م ع ع)