ربيعة العربي : حلو كالنسيان...
#الحوار_المتمدن
#ربيعة_العربي حلو كالنسيان...كطائر ينقر زجاج نافذتي...كفراشة تداعب طفلة.حلو...كلحن جميل ...كابتسامة الرضيع...كقطرة ماء في فم ظمآن.حلو...كنسمة بعد الهجير...كعيد الفطر....كلذة العشق.حلو...كالغيث يأتي بعد اليأس و كاخضرار بعد فصل الخريف.حلو...رباه تعجز لغتي.يخرس بوحي. كان بمذاق البدر في ليلة صافية...وعوالمي نشوى بميلاد جديد.أتى الفجر باسما و قال لي:- ها..كتابيا.غادري الآن و اسكني في الغد. و أنا العجوز بدأت أصرخ بصوت طفولي:-سنرحل من هذا الزمن...سنسكن في ذاك الزمن.خرجت ابنتي ثورية.اجتمع الجيران.دنونا منه.تخطينا العتبة.نظرنا في عينيه بامتداد العمر.أنارت البسمة وجهه و هو يقول لنا:- رحل الطاغية.التفت إلى ابنتي و قلت لها:-افتحي الباب.أضيئي الشموع و دعي الفجر يدخل كوخنا. ثورية . أسمعت ما قاله؟ لقد رحل الطاغية.كنت أنا و ابنتي نسكن قرية صغيرة. لم نرث أرضا عن أجدادنا. لكننا ورثنا المعاول والسواعد. كنا نشتغل عند الحاج المعطي.الحاج المعطي ورث أراضي فلاحية شاسعة. وقطيعا من الأغنام والأبقار يسد عين الشمس...وسمعت أنه يملك أيضا عمارات كثيرة في المدينة وأرصدة في بنوك سويسرا.الحاج المعطي كان متزوجا بأربع نساء لم يلد منهن إلا البنات. وجهه كصفحة بيضاء لم يسطر بها أي حرف، وقسماته خلت من أي تعبير. بارد كالصخر. لا يرد التحية. كنت أنا وابنتي ثورية نشتغل في بيته الواسع مع بعض نسوة القرية الفقيرات،بينما الأخريات يشتغلن في الحقول. نبدأ يومنا بعمل شاق لا ينتهي إلا لكي نجده يتربص بسواعدنا في اليوم الموالي. طلبات الحاج وطلبات نسوته وبناته كانت كثيرة. لقد تعودوا على أخذ الكثير...الكثير ومنح القليل...القليل. فقط ما نستطيع أن نجدد به قوة عملنا. كنت أحس بالقهر وأنا أرى بناته يرفلن في الثياب الحريرية الغالية وابنتي ثورية لا تملك إلا ثوبا واحدا تغسله كل يوم أحد لتلبسه مع بداية الأسبوع... ويحز في نفسي وأنا أرى بناته يلهين و يرقصن و ابنتي ثورية تحمل إليهن كؤوس الشاي المنعنع بعد الوجبات الدسمة، وحين أقارن اكتناز أجسادهن بنحافة جسد ابنتي ينغرس سكين الحسرة في قلبي... لكن مهلا، ساداتي. هذا لم يكن ليمنعني من التفاني في عملي. لقد كنت أنا و ابنتي ثورية نشتغل بصمت ورضا بالنصيب. نشتغل والحاج المعطي كلما ازداد غنى، ازداد عملنا وكلما فاض رزقه فاض منا التعب.. وكان للحاج المعطي فرس عربي أصيل يفخر به كثيرا. كان يفضله على بناته. وقد دأبت ابنتي ثورية منذ أن كانت طفلة صغيرة على كنس مربط الفرس وتنظيفه، غير أنها اليوم خرجت متثاقلة كأن حبلا يجرها إلى الخلف. قلت لها أحثها على الإسراع:- ما بك يا ابنتي. اذهبي سريعا لكنس المربط قبل أن يعود الحاج المعطي من جولته.- أمي . لا أرغب في الذهاب.- لماذا ؟ هل أنت مريضة؟- لا.لست مريضة. لكن...- إذن .اذهبي...اذهبي. أما أنا فسأعود إلى بيت الحاج المعطي لأساعد رقية وفاطمة وخديجة في تهيئ طعام العشاء.إذا عدت إلى المنزل تناولي عشاءك . لا تنتظريني، فأمامي عمل كثير.لما رأتني رقية ألج الباب استعجلتني و قالت لي:- هيا علينا أن ننهي عملنا. سيعود الحاج بعد قليل. وينبغي أن يجد كل شيء على ما يرام.بدأ ساعدي يشتغل كآلة و عقلي كف عن التفكير. لما انتهينا قالت لي رقية:- لقد أتى الحاج. سنخرج لحمل الأغراض،أما أنت فاهتمي بغسل الصحون قبل أن تنصرفي.خرجن و بقيت وحدي أغسل الصحون وأجففها وأرتبها. فجأة أحسست بسوط يلهب جسدي فالتفت فرأيت نظرة قاسية تكاد تفترسني. ارتبكت وقلت:- مساء الخير الحاج. هل بدر مني ما يغضبك؟< ......
#كالنسيان...
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=701850
#الحوار_المتمدن
#ربيعة_العربي حلو كالنسيان...كطائر ينقر زجاج نافذتي...كفراشة تداعب طفلة.حلو...كلحن جميل ...كابتسامة الرضيع...كقطرة ماء في فم ظمآن.حلو...كنسمة بعد الهجير...كعيد الفطر....كلذة العشق.حلو...كالغيث يأتي بعد اليأس و كاخضرار بعد فصل الخريف.حلو...رباه تعجز لغتي.يخرس بوحي. كان بمذاق البدر في ليلة صافية...وعوالمي نشوى بميلاد جديد.أتى الفجر باسما و قال لي:- ها..كتابيا.غادري الآن و اسكني في الغد. و أنا العجوز بدأت أصرخ بصوت طفولي:-سنرحل من هذا الزمن...سنسكن في ذاك الزمن.خرجت ابنتي ثورية.اجتمع الجيران.دنونا منه.تخطينا العتبة.نظرنا في عينيه بامتداد العمر.أنارت البسمة وجهه و هو يقول لنا:- رحل الطاغية.التفت إلى ابنتي و قلت لها:-افتحي الباب.أضيئي الشموع و دعي الفجر يدخل كوخنا. ثورية . أسمعت ما قاله؟ لقد رحل الطاغية.كنت أنا و ابنتي نسكن قرية صغيرة. لم نرث أرضا عن أجدادنا. لكننا ورثنا المعاول والسواعد. كنا نشتغل عند الحاج المعطي.الحاج المعطي ورث أراضي فلاحية شاسعة. وقطيعا من الأغنام والأبقار يسد عين الشمس...وسمعت أنه يملك أيضا عمارات كثيرة في المدينة وأرصدة في بنوك سويسرا.الحاج المعطي كان متزوجا بأربع نساء لم يلد منهن إلا البنات. وجهه كصفحة بيضاء لم يسطر بها أي حرف، وقسماته خلت من أي تعبير. بارد كالصخر. لا يرد التحية. كنت أنا وابنتي ثورية نشتغل في بيته الواسع مع بعض نسوة القرية الفقيرات،بينما الأخريات يشتغلن في الحقول. نبدأ يومنا بعمل شاق لا ينتهي إلا لكي نجده يتربص بسواعدنا في اليوم الموالي. طلبات الحاج وطلبات نسوته وبناته كانت كثيرة. لقد تعودوا على أخذ الكثير...الكثير ومنح القليل...القليل. فقط ما نستطيع أن نجدد به قوة عملنا. كنت أحس بالقهر وأنا أرى بناته يرفلن في الثياب الحريرية الغالية وابنتي ثورية لا تملك إلا ثوبا واحدا تغسله كل يوم أحد لتلبسه مع بداية الأسبوع... ويحز في نفسي وأنا أرى بناته يلهين و يرقصن و ابنتي ثورية تحمل إليهن كؤوس الشاي المنعنع بعد الوجبات الدسمة، وحين أقارن اكتناز أجسادهن بنحافة جسد ابنتي ينغرس سكين الحسرة في قلبي... لكن مهلا، ساداتي. هذا لم يكن ليمنعني من التفاني في عملي. لقد كنت أنا و ابنتي ثورية نشتغل بصمت ورضا بالنصيب. نشتغل والحاج المعطي كلما ازداد غنى، ازداد عملنا وكلما فاض رزقه فاض منا التعب.. وكان للحاج المعطي فرس عربي أصيل يفخر به كثيرا. كان يفضله على بناته. وقد دأبت ابنتي ثورية منذ أن كانت طفلة صغيرة على كنس مربط الفرس وتنظيفه، غير أنها اليوم خرجت متثاقلة كأن حبلا يجرها إلى الخلف. قلت لها أحثها على الإسراع:- ما بك يا ابنتي. اذهبي سريعا لكنس المربط قبل أن يعود الحاج المعطي من جولته.- أمي . لا أرغب في الذهاب.- لماذا ؟ هل أنت مريضة؟- لا.لست مريضة. لكن...- إذن .اذهبي...اذهبي. أما أنا فسأعود إلى بيت الحاج المعطي لأساعد رقية وفاطمة وخديجة في تهيئ طعام العشاء.إذا عدت إلى المنزل تناولي عشاءك . لا تنتظريني، فأمامي عمل كثير.لما رأتني رقية ألج الباب استعجلتني و قالت لي:- هيا علينا أن ننهي عملنا. سيعود الحاج بعد قليل. وينبغي أن يجد كل شيء على ما يرام.بدأ ساعدي يشتغل كآلة و عقلي كف عن التفكير. لما انتهينا قالت لي رقية:- لقد أتى الحاج. سنخرج لحمل الأغراض،أما أنت فاهتمي بغسل الصحون قبل أن تنصرفي.خرجن و بقيت وحدي أغسل الصحون وأجففها وأرتبها. فجأة أحسست بسوط يلهب جسدي فالتفت فرأيت نظرة قاسية تكاد تفترسني. ارتبكت وقلت:- مساء الخير الحاج. هل بدر مني ما يغضبك؟< ......
#كالنسيان...
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=701850
الحوار المتمدن
ربيعة العربي - حلو كالنسيان...