دلور ميقري : بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الخامس
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1برغم تأسيسه أسرة جديدة، أخذت أحوال عليكي تتحسن، كذلك أضحى اسمه معروفاً في سوق ديريك. لكنه تابَ عن المغامرات التجارية غير المأمونة الجانب، مكتفٍ بما يدره عليه محل القماش من ربح. علاقته مع حميه الجديد، في التالي، بقيت محصورة في زيارات عائلية وفي أوقاتٍ متباعدة. فرح الرجل، ولا شك، بقدوم حفيد له من ابنته الوحيدة؛ بالأخص أنه حمل اسم ابنه الراحل. عبّر عن فرحته باستقبال صهره وابنته في مقر إقامته بمدينة ماردين، وما لبث أن وضع حفيده أمامه على الفرس بين جمهرة من أتباعه المحتفلين، وسط إطلاق نار من بنادقهم. عقبَ الاستراحة في إيوان حميه شيخ العشيرة، اقترب هذا بصفحة وجهه التي برز منها أنفه العربيّ الأقنى، ليقول بصوت منخفض: " حصلتُ على معلومة مؤكدة، تكشف عمَن نفذ عملية السطو على قطيع الماشية "" مَن كان الفاعل؟ "، تساءل عليكي ببرود. إن نبشَ ذكرياتٍ غير سارة، كانت شيئاً غير محتمل بالنسبة إليه؛ هوَ من اضطر لكسر قلب امرأته الحبيبة ليلو على خلفية هذه المسألة. لكن الشيخ لم ينتبه لنبرة صهره، المتسمة بالجفاء. كان يُداعب فنجان قهوة مرة بين أصابعه الطويلة، المنتهية بخواتم ذهبية ذات فصوص من أحجار كريمة. قال مجيباً: " إنه محمد آغا، أحد الزعماء الكرد في ماردين، الذين أثروا من أعمال السطو والنهب بحق قبائلنا العربية ". هذه المرة، لم يعقب عليكي بشيء. اكتفى بهز رأسه دلالة على الفهم، فيما كان يتناول تفاحة ناضجة من على المائدة ويبدأ بقضمها. لقد حصل على ماله، وفوق ذلك، على عروس دون مقابل تقريباً. لذلك لم يكن ثمة سببٌ يدفعه لتعقّب مَن سطا على قطيع الأغنام، سواءً أكان كردياً أو عربياً.***في صيف العام التالي، 1908، وضعت ثريا مولوداً جديداً؛ وهذه المرة، كانت بنتاً. امرأته الأولى، بقيت مسهدة مع ضرتها لحين سماعها صوت المولود عند الفجر. دخل عندئذٍ عليكي إلى الحجرة، وتناول قطعة اللحم الحمراء من ليلو: " أنتِ مَن سيختار لها اسماً "، قالها وملامحه تنبض بشعور الامتنان. فكّرت امرأته قليلاً، قبل أن تنطق الاسم المطلوب: " شملكان؛ كي يذكّرنا دوماً بالمرأة الرائعة، وكانت أكثر من أم لنا كلينا "" بالطبع، وهو اسم جميل الجرس أيضاً "، أكّد عليكي. بسبب قلة نومه في الليلة الفائتة، قررَ ألا يذهب إلى العمل في هذا اليوم. لديه مساعد، سيتعهد أمر المحل في أثناء غيابه. قبيل مغادرته حجرة امرأة الطلق، ألقى نظرة عليها وكانت شبه غائبة عن الوعي من الإجهاد والنعاس. عند الظهيرة، سمع جلبة عند مدخل الدار، فخمن أنه حميه حضرَ كي يهنئه بالمولود. ابتسمَ في نفسه عندئذٍ: " لا مِراء أنه سيصاب بخيبة، كون المولود بنتاً! ". لكن القادم لم يكن سوى مساعده، وسرعان ما مثل بين يديه: " السوق تم نهبه، يا آغا. الفوضى عمت البلدة فجأة، على أثر سماع الأخبار الواردة من تخت السلطنة "" ما الأمر؟ أيّ أخبار؟ "، هتفَ عليكي. هنا، أخذ الأجيرُ نفساً عميقاً، قبل أن يبدأ بذكر ما يعلمه. تحدث عن حركة عسكرية في العاصمة، أجبرت السلطان عبد الحميد على إقرار الدستور. وأضاف: " ما أن نم الخبر إلى بقية الولايات إلا وعمت مظاهر الفرح، ما جعل البعض يستغل الموقف ويبدأ بنهب الأسواق وإشعال النيران "" وماذا عن المحل؟ "" لم يصل الحريق إلى المحل، والشكر لله. لكن أولئك اللصوص سرقوا العديد من قطع القماش، إلى أن حضرت قوة من الجندرمة أخيراً "" بكل الأحوال، ما كان عليك ترك المحل في هكذا ظروف "، قالها المعلّم مؤنباً. ثم استدرك، فطلب من معاونه المكوث لحين تقديم الغداء: " سأعود معك إلى ديريك، كي أحسب بنفسي ما خسرناه ". ترك معاونه في غرفة ا ......
#بضعة
#أعوام
#ريما:
#مستهل
#الفصل
#الخامس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=677411
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1برغم تأسيسه أسرة جديدة، أخذت أحوال عليكي تتحسن، كذلك أضحى اسمه معروفاً في سوق ديريك. لكنه تابَ عن المغامرات التجارية غير المأمونة الجانب، مكتفٍ بما يدره عليه محل القماش من ربح. علاقته مع حميه الجديد، في التالي، بقيت محصورة في زيارات عائلية وفي أوقاتٍ متباعدة. فرح الرجل، ولا شك، بقدوم حفيد له من ابنته الوحيدة؛ بالأخص أنه حمل اسم ابنه الراحل. عبّر عن فرحته باستقبال صهره وابنته في مقر إقامته بمدينة ماردين، وما لبث أن وضع حفيده أمامه على الفرس بين جمهرة من أتباعه المحتفلين، وسط إطلاق نار من بنادقهم. عقبَ الاستراحة في إيوان حميه شيخ العشيرة، اقترب هذا بصفحة وجهه التي برز منها أنفه العربيّ الأقنى، ليقول بصوت منخفض: " حصلتُ على معلومة مؤكدة، تكشف عمَن نفذ عملية السطو على قطيع الماشية "" مَن كان الفاعل؟ "، تساءل عليكي ببرود. إن نبشَ ذكرياتٍ غير سارة، كانت شيئاً غير محتمل بالنسبة إليه؛ هوَ من اضطر لكسر قلب امرأته الحبيبة ليلو على خلفية هذه المسألة. لكن الشيخ لم ينتبه لنبرة صهره، المتسمة بالجفاء. كان يُداعب فنجان قهوة مرة بين أصابعه الطويلة، المنتهية بخواتم ذهبية ذات فصوص من أحجار كريمة. قال مجيباً: " إنه محمد آغا، أحد الزعماء الكرد في ماردين، الذين أثروا من أعمال السطو والنهب بحق قبائلنا العربية ". هذه المرة، لم يعقب عليكي بشيء. اكتفى بهز رأسه دلالة على الفهم، فيما كان يتناول تفاحة ناضجة من على المائدة ويبدأ بقضمها. لقد حصل على ماله، وفوق ذلك، على عروس دون مقابل تقريباً. لذلك لم يكن ثمة سببٌ يدفعه لتعقّب مَن سطا على قطيع الأغنام، سواءً أكان كردياً أو عربياً.***في صيف العام التالي، 1908، وضعت ثريا مولوداً جديداً؛ وهذه المرة، كانت بنتاً. امرأته الأولى، بقيت مسهدة مع ضرتها لحين سماعها صوت المولود عند الفجر. دخل عندئذٍ عليكي إلى الحجرة، وتناول قطعة اللحم الحمراء من ليلو: " أنتِ مَن سيختار لها اسماً "، قالها وملامحه تنبض بشعور الامتنان. فكّرت امرأته قليلاً، قبل أن تنطق الاسم المطلوب: " شملكان؛ كي يذكّرنا دوماً بالمرأة الرائعة، وكانت أكثر من أم لنا كلينا "" بالطبع، وهو اسم جميل الجرس أيضاً "، أكّد عليكي. بسبب قلة نومه في الليلة الفائتة، قررَ ألا يذهب إلى العمل في هذا اليوم. لديه مساعد، سيتعهد أمر المحل في أثناء غيابه. قبيل مغادرته حجرة امرأة الطلق، ألقى نظرة عليها وكانت شبه غائبة عن الوعي من الإجهاد والنعاس. عند الظهيرة، سمع جلبة عند مدخل الدار، فخمن أنه حميه حضرَ كي يهنئه بالمولود. ابتسمَ في نفسه عندئذٍ: " لا مِراء أنه سيصاب بخيبة، كون المولود بنتاً! ". لكن القادم لم يكن سوى مساعده، وسرعان ما مثل بين يديه: " السوق تم نهبه، يا آغا. الفوضى عمت البلدة فجأة، على أثر سماع الأخبار الواردة من تخت السلطنة "" ما الأمر؟ أيّ أخبار؟ "، هتفَ عليكي. هنا، أخذ الأجيرُ نفساً عميقاً، قبل أن يبدأ بذكر ما يعلمه. تحدث عن حركة عسكرية في العاصمة، أجبرت السلطان عبد الحميد على إقرار الدستور. وأضاف: " ما أن نم الخبر إلى بقية الولايات إلا وعمت مظاهر الفرح، ما جعل البعض يستغل الموقف ويبدأ بنهب الأسواق وإشعال النيران "" وماذا عن المحل؟ "" لم يصل الحريق إلى المحل، والشكر لله. لكن أولئك اللصوص سرقوا العديد من قطع القماش، إلى أن حضرت قوة من الجندرمة أخيراً "" بكل الأحوال، ما كان عليك ترك المحل في هكذا ظروف "، قالها المعلّم مؤنباً. ثم استدرك، فطلب من معاونه المكوث لحين تقديم الغداء: " سأعود معك إلى ديريك، كي أحسب بنفسي ما خسرناه ". ترك معاونه في غرفة ا ......
#بضعة
#أعوام
#ريما:
#مستهل
#الفصل
#الخامس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=677411
الحوار المتمدن
دلور ميقري - بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الخامس
دلور ميقري : بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الثامن
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1في العام الأول من أعوام الحرب العظمى الأربعة، التزمَ عليكي داره في القرية خشيةً من أن يستفرد به الجندرمة في سوق بلدة ديريك، فيسوقونه لإحدى الجبهات بصفة المجنّد. كانت له ذكرى سيئة معهم، لما احتجزوه في شبابه على الطريق إلى موطن الأسلاف نفسه، ثم ألزموه بالعمل سخرةً في تمهيد الطريق للسكة الحديدية. من ناحية أخرى، لم تعُد تصله المنشورات الكردية من عاصمة السلطنة، وذلك على أثر إغلاق السلطات للنوادي والأحزاب القومية بحجة تبعية أقطابها للأعداء الروس وبقية دول الحلفاء. في مقابل ذلك، شغل عليكي وقته بكتابة الأشعار والخواطر علاوة على تدوين بعض الملاحظات المتعلقة بظروف الحرب. ليلو من ناحيتها، استسلمت لمشاعر الحزن والقلق عقبَ معرفتها سوق الابن البكر للجندية. إنه الابن الصغير، آزاد، مَن زل لسانه عفواً فتحدث عن احتجاز الجندرمة لآكو قبل أشهر. الابن البكر للضرة، حدّو، شاء البقاء لدى ريما في منزلها بماردين كي يخدمها بغياب رجلها. مع أنه لم يتجاوز السابعة من عُمره، عُرفَ بذكائه وهمّته، وأيضاً بمكره. والدته، وكانت تُنجب الأولاد تباعاً، لم تُبدِ أي اعتراض على وجود حدّو في ماردين. لاحقاً، عندما سمح لها رجلها بزيارة أسرتها في ماردين لتقديم العزاء بابن عم لها قتل في الحرب، فإنها أمضت بضعة أيام في ضيافة ريما. لكنها لم تتمكن من إقناع ابنها بالعودة معها إلى القرية، وإنما أخذت منه عهداً أن يزور باستمرار جدّه، المقيم أيضاً في ماردين.***في ملاحظاته المدونة، اهتم عليكي بموقف الأنتلجنسيا الكردية من الحرب، وكانت ترى أنها ستؤدي إلى مزيد من الخراب في كردستان، كونها الجبهة الرئيسة مع الروس. لكن هؤلاء الأخيرين، وبدافع دينيّ ضيّق، وجدوا في الأرمن والنساطرة حلفاءً، واعدين كلاً منهم بوطن مستقل على الأراضي الكردية. ثم ما لبثوا أن تغاضوا عن تنكيل حلفائهم بالسكان المسلمين على اختلاف اثنياتهم، ما أجج النفوس تضامناً مع نداء الجهاد، الصادر عن السلطان. الانتصارات الأولى للروس، جعلت الجميع في ذعر مقيم مردّه ذكريات قديمة، دموية، دخلت في الذاكرة الشعبية من خلال الأغاني بشكل خاص. عليكي من جانبه، كان يستعيدُ غالباً ذلك اليوم، الذي قرر فيه بعيداً عن أي حكمة هجرَ مسقط رأسه والعودة إلى موطن الأسلاف. أنباء المجاعة في بلاد الشام، مع دخول الحرب في عامها الثاني، كانت تصل إلى سمعه فيما تصله من أخبار أخرى. في ظلمة حجرة النوم، وحيداً مع أفكاره، كان يتخيل أباه وأخاه الوحيد لا حول لهما في تلك المسغبة وما لو كان يعد نفسه محظوظاً كون أسرته بمنأى عنها. كم كانت دهشة عليكي عظيمة، عندما مر على محله ذات يوم وإذا بالأجير الشاب يناوله ورقة مكتوبة بخط يعرفه حق المعرفة. كان ما يفتأ مبهوتاً، بينما الشاب يتكلم: " لقد شككتُ فيه بادئ الأمر، كونه قدّم نفسه باسم مُحيّر، عليكي الكبير، ولكن بصفته أخيك الأصغر والوحيد! ". تركه يثرثر على هذا المنوال، فيما عيناه تمران بسرعة على سطور الرسالة. عندئذٍ سحبَ نفساً عميقاً، دونَ أن يتمكن من مغالبة عبراته. تذكّر الرسالة الوحيدة، التي وصلته قبل عشرة أعوام من أخيه وكم مرة أعاد قراءتها وكان آنذاك ما يزال غير مندمج بعدُ في مستقره الجديد. لكن التواصل انقطع على الأثر، ولسبب غير معلوم. ثم جاءت أعوام الفوضى، المعقّبة ثورة الدستور، كي تجعل القطيعة نهائية مع الأهل في الشام. وهوَ ذا أخوه غير الشقيق، يخبره أنه أجبر على ارتداء ملابس الجندية وذلك بدلاً عن ابنه امرأته، المختفي عن الأنظار. في الرسالة أيضاً، إشارة إلى أنه رزق بابن من امرأته الثانية. الشيء المقلق حقاً، تجنبه الحديث عن أ ......
#بضعة
#أعوام
#ريما:
#مستهل
#الفصل
#الثامن
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=679207
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1في العام الأول من أعوام الحرب العظمى الأربعة، التزمَ عليكي داره في القرية خشيةً من أن يستفرد به الجندرمة في سوق بلدة ديريك، فيسوقونه لإحدى الجبهات بصفة المجنّد. كانت له ذكرى سيئة معهم، لما احتجزوه في شبابه على الطريق إلى موطن الأسلاف نفسه، ثم ألزموه بالعمل سخرةً في تمهيد الطريق للسكة الحديدية. من ناحية أخرى، لم تعُد تصله المنشورات الكردية من عاصمة السلطنة، وذلك على أثر إغلاق السلطات للنوادي والأحزاب القومية بحجة تبعية أقطابها للأعداء الروس وبقية دول الحلفاء. في مقابل ذلك، شغل عليكي وقته بكتابة الأشعار والخواطر علاوة على تدوين بعض الملاحظات المتعلقة بظروف الحرب. ليلو من ناحيتها، استسلمت لمشاعر الحزن والقلق عقبَ معرفتها سوق الابن البكر للجندية. إنه الابن الصغير، آزاد، مَن زل لسانه عفواً فتحدث عن احتجاز الجندرمة لآكو قبل أشهر. الابن البكر للضرة، حدّو، شاء البقاء لدى ريما في منزلها بماردين كي يخدمها بغياب رجلها. مع أنه لم يتجاوز السابعة من عُمره، عُرفَ بذكائه وهمّته، وأيضاً بمكره. والدته، وكانت تُنجب الأولاد تباعاً، لم تُبدِ أي اعتراض على وجود حدّو في ماردين. لاحقاً، عندما سمح لها رجلها بزيارة أسرتها في ماردين لتقديم العزاء بابن عم لها قتل في الحرب، فإنها أمضت بضعة أيام في ضيافة ريما. لكنها لم تتمكن من إقناع ابنها بالعودة معها إلى القرية، وإنما أخذت منه عهداً أن يزور باستمرار جدّه، المقيم أيضاً في ماردين.***في ملاحظاته المدونة، اهتم عليكي بموقف الأنتلجنسيا الكردية من الحرب، وكانت ترى أنها ستؤدي إلى مزيد من الخراب في كردستان، كونها الجبهة الرئيسة مع الروس. لكن هؤلاء الأخيرين، وبدافع دينيّ ضيّق، وجدوا في الأرمن والنساطرة حلفاءً، واعدين كلاً منهم بوطن مستقل على الأراضي الكردية. ثم ما لبثوا أن تغاضوا عن تنكيل حلفائهم بالسكان المسلمين على اختلاف اثنياتهم، ما أجج النفوس تضامناً مع نداء الجهاد، الصادر عن السلطان. الانتصارات الأولى للروس، جعلت الجميع في ذعر مقيم مردّه ذكريات قديمة، دموية، دخلت في الذاكرة الشعبية من خلال الأغاني بشكل خاص. عليكي من جانبه، كان يستعيدُ غالباً ذلك اليوم، الذي قرر فيه بعيداً عن أي حكمة هجرَ مسقط رأسه والعودة إلى موطن الأسلاف. أنباء المجاعة في بلاد الشام، مع دخول الحرب في عامها الثاني، كانت تصل إلى سمعه فيما تصله من أخبار أخرى. في ظلمة حجرة النوم، وحيداً مع أفكاره، كان يتخيل أباه وأخاه الوحيد لا حول لهما في تلك المسغبة وما لو كان يعد نفسه محظوظاً كون أسرته بمنأى عنها. كم كانت دهشة عليكي عظيمة، عندما مر على محله ذات يوم وإذا بالأجير الشاب يناوله ورقة مكتوبة بخط يعرفه حق المعرفة. كان ما يفتأ مبهوتاً، بينما الشاب يتكلم: " لقد شككتُ فيه بادئ الأمر، كونه قدّم نفسه باسم مُحيّر، عليكي الكبير، ولكن بصفته أخيك الأصغر والوحيد! ". تركه يثرثر على هذا المنوال، فيما عيناه تمران بسرعة على سطور الرسالة. عندئذٍ سحبَ نفساً عميقاً، دونَ أن يتمكن من مغالبة عبراته. تذكّر الرسالة الوحيدة، التي وصلته قبل عشرة أعوام من أخيه وكم مرة أعاد قراءتها وكان آنذاك ما يزال غير مندمج بعدُ في مستقره الجديد. لكن التواصل انقطع على الأثر، ولسبب غير معلوم. ثم جاءت أعوام الفوضى، المعقّبة ثورة الدستور، كي تجعل القطيعة نهائية مع الأهل في الشام. وهوَ ذا أخوه غير الشقيق، يخبره أنه أجبر على ارتداء ملابس الجندية وذلك بدلاً عن ابنه امرأته، المختفي عن الأنظار. في الرسالة أيضاً، إشارة إلى أنه رزق بابن من امرأته الثانية. الشيء المقلق حقاً، تجنبه الحديث عن أ ......
#بضعة
#أعوام
#ريما:
#مستهل
#الفصل
#الثامن
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=679207
الحوار المتمدن
دلور ميقري - بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الثامن
دلور ميقري : بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل التاسع
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الدار الكبيرة، التي استقرت فيها ريما عقبَ زواجها من الآغا المارديني، لاحت مثل قصر " شيرين "، المنحوت في الصخور من لدُن عاشقها؛ " فرهاد ". مثلما علمنا، كانت الدارُ تقع في حي الشهيدية، الملتصق بلحف الجبل، المعتلي بمهابة مدينة ماردين، مبنية من حجارته الشقراء. منذ الأسبوع الأول لحلولها في منزل زوجها، أرادت أن تضفي على أثاثه لمسة جديدة تخفي ملامحه الريفية. لم تحفل باعتراض امرأة الآغا الأولى، وكانت هذه قد كبُرَ عليها أن تذعن لأهواء طفلة في الرابعة عشرة من العُمر. الزوج، وكان ما ينفك ثملاً بجمال عروسته، طلبَ من الجميع التعامل معها باحترام ومحبة. هكذا رتبت العروسُ الدارَ على ذوقها، وما أبطأت الضرائرُ الثلاث في إبداء إعجابهن بالترتيب الجديد. على هذه الحالة من الوئام، مضى العامان اللذان سبقا الحرب العظمى. الصيف، كان حاراً جداً في العام الثالث للحرب، بحيث أن الكبار في السن أبدوا خشيتهم من عودة وباء الريح الأصفر. رمّو آغا، كان في أحد تلك الأيام مهموماً بشيء آخر، مختلف. امرأته الشابة، كانت تستعدُ لوضع طفلهما الأول. منذ ساعات، وهوَ ينتظر خارج حجرة النوم، أين رقدت امراته. ملولاً، كان يستدعي كل هنيهةٍ القابلةَ العجوزَ كي يطرح عليها الأسئلة نفسها. وكانت هذه تطمئنه بذات العبارات، وما تلبث أن تعود لتتابع عملها. من مكانه في صحن الدار، كان يُرسل نظره إلى مشهد المدينة، المتشابك فيه لون العمران الرماديّ مع اللون الأخضر للحقول. توتر الآغا، كان مُحالاً لانتظاره نبأ يخص أحد خصومه: كان أحد شيوخ عشيرة شمّر، تجرأ وقدم شكوى عند السلطات حول ما رأى أنها أعمال منافية للقانون، يقترفها بانتظام الآغا الكرديّ.***اتفقَ حضورُ حدّو مع تصاعد أصوات النساء، المبشرة بوضع أخته مولودةً أنثى. كان صهره ينتظره بفارغ الصبر، لكنه أجّل الحديث معه لحين أن يتلقى التهاني بمولد ابنته البكر. غبَّ فراغه من ذلك، أشار لابن حميه الصغير أن يلحق به إلى حجرة متصلة بباب مع صالة الاستقبال. قال له الغلام، البالغ من العُمر عشرة أعوام، متكلفاً نبرة رصينة: " استطعتُ استدراجَ خادمٍ للشيخ، فأبلغني أنهم سيعودون إلى قريتهم في ساعة مبكرة من صباح الغد "" حسنٌ، الآنَ أنت تستحق مجيدية لجهدك. في وسعك الذهاب إلى أختك، لتبارك لها المولود "، علّقَ رمّو آغا وهوَ يفتل طرف شاربه. كان يحب أخا امرأته كأنه ولده، وهذه السنة الثالثة يمضيها الأخير في الدار بماردين. مع صغر سنه، كان يُكلف بمهام متعددة، وذلك للثقة بما يتمتع به من ذكاء ودهاء. كون حدّو حفيدَ أحد شيوخ العرب، يتقن لهجة والدته البدوية، أوكل إليه الصهرُ المهمةَ الأخيرة. بمجرد خروج الغلام من الحجرة، فتح رمّو آغا الباب المفضي لصالة الاستقبال. ثلاثة من رجاله، كانوا إذاك ينتظرون أوامره. قدموا له أولاً التهنئة بالمولود، ثم ما لبثوا أن أصغوا لتعليماته. ***وجهاء ماردين، الذين حضروا قبل سنواتٍ خمس حفلَ عقد قران الآغا على عروسه الشامية، عادوا كي يقدموا التهنئة بمولد ابنتهما البكر. لكن أياً من شيوخ البدو لم يحضر لأجل المناسبة، تعبيراً عن السخط لتورط رمّو آغا في قتل أحدهم غيلةً. بدَوره، امتنع الوالي عن المجيء، وفي المقابل، انتظرَ بضعة أيام قبل أن يأمر ببدء التحقيق مع الآغا رسمياً في شأن الجريمة نفسها. ما لم يكن هذا الأخير يتوقعه، أن أحد رجاله، المشاركين في العملية، لم يقتل في خلالها مثلما ظنّ في حينه. لقد كان مصاباً، وما لبث رجال الشيخ القتيل أن سلموه للسلطات. تحت وطأة التعذيب، أقر الرجلُ بأنه اشترك في الجريمة بناءً على تعليمات رمّو آغا. بل إنه وشى أيض ......
#بضعة
#أعوام
#ريما:
#مستهل
#الفصل
#التاسع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=679621
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الدار الكبيرة، التي استقرت فيها ريما عقبَ زواجها من الآغا المارديني، لاحت مثل قصر " شيرين "، المنحوت في الصخور من لدُن عاشقها؛ " فرهاد ". مثلما علمنا، كانت الدارُ تقع في حي الشهيدية، الملتصق بلحف الجبل، المعتلي بمهابة مدينة ماردين، مبنية من حجارته الشقراء. منذ الأسبوع الأول لحلولها في منزل زوجها، أرادت أن تضفي على أثاثه لمسة جديدة تخفي ملامحه الريفية. لم تحفل باعتراض امرأة الآغا الأولى، وكانت هذه قد كبُرَ عليها أن تذعن لأهواء طفلة في الرابعة عشرة من العُمر. الزوج، وكان ما ينفك ثملاً بجمال عروسته، طلبَ من الجميع التعامل معها باحترام ومحبة. هكذا رتبت العروسُ الدارَ على ذوقها، وما أبطأت الضرائرُ الثلاث في إبداء إعجابهن بالترتيب الجديد. على هذه الحالة من الوئام، مضى العامان اللذان سبقا الحرب العظمى. الصيف، كان حاراً جداً في العام الثالث للحرب، بحيث أن الكبار في السن أبدوا خشيتهم من عودة وباء الريح الأصفر. رمّو آغا، كان في أحد تلك الأيام مهموماً بشيء آخر، مختلف. امرأته الشابة، كانت تستعدُ لوضع طفلهما الأول. منذ ساعات، وهوَ ينتظر خارج حجرة النوم، أين رقدت امراته. ملولاً، كان يستدعي كل هنيهةٍ القابلةَ العجوزَ كي يطرح عليها الأسئلة نفسها. وكانت هذه تطمئنه بذات العبارات، وما تلبث أن تعود لتتابع عملها. من مكانه في صحن الدار، كان يُرسل نظره إلى مشهد المدينة، المتشابك فيه لون العمران الرماديّ مع اللون الأخضر للحقول. توتر الآغا، كان مُحالاً لانتظاره نبأ يخص أحد خصومه: كان أحد شيوخ عشيرة شمّر، تجرأ وقدم شكوى عند السلطات حول ما رأى أنها أعمال منافية للقانون، يقترفها بانتظام الآغا الكرديّ.***اتفقَ حضورُ حدّو مع تصاعد أصوات النساء، المبشرة بوضع أخته مولودةً أنثى. كان صهره ينتظره بفارغ الصبر، لكنه أجّل الحديث معه لحين أن يتلقى التهاني بمولد ابنته البكر. غبَّ فراغه من ذلك، أشار لابن حميه الصغير أن يلحق به إلى حجرة متصلة بباب مع صالة الاستقبال. قال له الغلام، البالغ من العُمر عشرة أعوام، متكلفاً نبرة رصينة: " استطعتُ استدراجَ خادمٍ للشيخ، فأبلغني أنهم سيعودون إلى قريتهم في ساعة مبكرة من صباح الغد "" حسنٌ، الآنَ أنت تستحق مجيدية لجهدك. في وسعك الذهاب إلى أختك، لتبارك لها المولود "، علّقَ رمّو آغا وهوَ يفتل طرف شاربه. كان يحب أخا امرأته كأنه ولده، وهذه السنة الثالثة يمضيها الأخير في الدار بماردين. مع صغر سنه، كان يُكلف بمهام متعددة، وذلك للثقة بما يتمتع به من ذكاء ودهاء. كون حدّو حفيدَ أحد شيوخ العرب، يتقن لهجة والدته البدوية، أوكل إليه الصهرُ المهمةَ الأخيرة. بمجرد خروج الغلام من الحجرة، فتح رمّو آغا الباب المفضي لصالة الاستقبال. ثلاثة من رجاله، كانوا إذاك ينتظرون أوامره. قدموا له أولاً التهنئة بالمولود، ثم ما لبثوا أن أصغوا لتعليماته. ***وجهاء ماردين، الذين حضروا قبل سنواتٍ خمس حفلَ عقد قران الآغا على عروسه الشامية، عادوا كي يقدموا التهنئة بمولد ابنتهما البكر. لكن أياً من شيوخ البدو لم يحضر لأجل المناسبة، تعبيراً عن السخط لتورط رمّو آغا في قتل أحدهم غيلةً. بدَوره، امتنع الوالي عن المجيء، وفي المقابل، انتظرَ بضعة أيام قبل أن يأمر ببدء التحقيق مع الآغا رسمياً في شأن الجريمة نفسها. ما لم يكن هذا الأخير يتوقعه، أن أحد رجاله، المشاركين في العملية، لم يقتل في خلالها مثلما ظنّ في حينه. لقد كان مصاباً، وما لبث رجال الشيخ القتيل أن سلموه للسلطات. تحت وطأة التعذيب، أقر الرجلُ بأنه اشترك في الجريمة بناءً على تعليمات رمّو آغا. بل إنه وشى أيض ......
#بضعة
#أعوام
#ريما:
#مستهل
#الفصل
#التاسع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=679621
الحوار المتمدن
دلور ميقري - بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل التاسع
دلور ميقري : بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الحادي عشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1وصلت ريما إلى دمشق، عام 1922، في سيارة زوجها صالح. وكانت ابنتها الوحيدة، بيروزا، برفقتها. أخوة الصغيرة لأبيها، سبقَ أن تخلوا، تراضياً، عن حق تربيتها ورعايتها. ثمة، في الشام، تأكدت ريما بأن أخاها حدّو قد سافرَ فعلاً إلى مدينة اسكندرونة، مثلما سبقَ وأخبرها رجلها الأول، الراحل. وقد طمأنها ذلك نوعاً ما، كون المدينة تلك باتت ضمن حدود الدولة السورية الوليدة. قبل ذلك، فرحت بخبر استقرار شقيقها الكبير في الشام، عقبَ فراره من الجيش العثماني في نهاية الحرب. أربعة أعوام على الأثر، لما ظهر حدّو بدَوره وهوَ في لباس الجيش الفرنسيّ، كان منزل أخته يضج بأصوات الأطفال. في زيارته الأخرى، بعد نحو العام، علم حدّو بوفاة ابن أخته ذي الأعوام الأربعة، خالد، وكذلك زوجة آكو. تأثّر صالح كثيراً بوفاة ابنه، ولم يُعزِهِ إنجابُ امرأته حواء لابنة في العام نفسه. تطيّراً، أسموا الطفلة " ديبة "ـ كعادةٍ عند الناس في ذلك الزمن، تعتقد بإمكانية إرهاب شبح الموت عن طريق إطلاق أسماء الحيوانات المفترسة على المواليد الجدد. لعل صورة ابنه الراحل تجسّمت فجأة أمامه، حينَ ارتطمَ صبيّ صغير بمقدمة السيارة. إذاك، كان الوقت ليلاً والسيارة تجتاز طريق سوق الجمعة حينَ اندفع الصبيّ من باب بيته ولم يلحق صالح في استخدام الفرامل إلا بعد فوات الأوان. في كثير من هذه الحالات، كان السائق يفر من المكان؛ بالأخص، إذا كانت العتمة تتستر على سيارته. لكن صالح ما كان من هذا النوع من البشر. نزل فوراً من السيارة، وهُرع ليرى حالة الطفل. في الوقت ذاته، ارتفع عويل الأم وأرادت أن تُهرع بنفسها نحو ابنها. لكن رجلاً منعها، وما لبثَ أن صاحَ على أثر تفحصه للطفل: " إنه حيّ، وسنذهب به إلى المستشفى ". دونَ أن يوجه كلمة للسائق، وضع الأبُ الطفلَ في المقعد الخلفيّ، جاعلاً رأسه المهشم في حضنه. لسوء الحظ، لم يتمكن الأطباء من إنقاذ حياة الطفل. لاحقاً، تم الاكتفاء بفرض غرامة على صالح ومن ثم إطلاق سراحه: والد الطفل، شهد في التحقيق أن ابنه رمى بنفسه إلى الطريق وكان من المحال على السائق تجنّب الحادث.***في وقت حصول الحادث، كان صالح في طريقه إلى منزل السيدة عايدة كي يُحاول مجدداً استرجاع ابنتها إلى داره. بعد الحادث وإطلاق سراحه، صار عصبياً للغاية حتى أنه صمم على رمي اليمين على مليحة لو لم ترجع من تلقاء نفسها. عندئذٍ تدخلت ريما، طالبةً منه أن يأخذها إلى منزل ضرتها المتمردة. قال لها صالح: " لن يذهب أحد كي يرجوها أن ترجع "" لكن من الواجب إبلاغها تهديدك، أليسَ كذلك؟ "، قالتها مقاطعة كلامه. فتمتم ساخطاً: " حسنٌ، خذي سيارة أجرة ولتكن والدتي معك ". لما رفضت السيدة شملكان مرافقة الكنّة، متعذرة بحالتها الصحية، قررت ريما أن تطلبَ من امرأة جروس مرافقتها. هذه الأخيرة، ويدعونها " فاتو "، حصلت بدَورها على إذن الزوج وكان من أقرب أصدقاء صالح بين جيرانه من عائلة آله رشي. قالت لريما، بينما كانتا تنتظران مرور سيارة أجرة على الجادّة: " غيرك تفرح بالخلاص من ضرّة، بينما أنتِ تسعين لاسترجاعها "" إنها حامل، وحرام أن يأتي الطفل إلى الدنيا دونَ أبٍ فوق رأسه "" مشاكلهما ليسَ لها حل، سترنا الله من الخوض في سيرة الأعراض! "، قالتها فاتو مشيحةً بنظرها نحو حركة الجادة. لم تعلّق ريما بشيء؛ هيَ العالمة بمقصد الجملة الأخيرة من كلام جارتها. ***إنها الضرّة الأخرى، حواء، مَن أذاعت سر علاقة رجلها بالسيدة عايدة وذلك في إحدى نوبات غضبها. جرى ذلك عند ظهيرة يوم صيفيّ، ولم تكن المرأة الغاضبة تعلم أن إحدى الجارات موجودة في المنزل من أجل تحضير ا ......
#بضعة
#أعوام
#ريما:
#مستهل
#الفصل
#الحادي
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=680921
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1وصلت ريما إلى دمشق، عام 1922، في سيارة زوجها صالح. وكانت ابنتها الوحيدة، بيروزا، برفقتها. أخوة الصغيرة لأبيها، سبقَ أن تخلوا، تراضياً، عن حق تربيتها ورعايتها. ثمة، في الشام، تأكدت ريما بأن أخاها حدّو قد سافرَ فعلاً إلى مدينة اسكندرونة، مثلما سبقَ وأخبرها رجلها الأول، الراحل. وقد طمأنها ذلك نوعاً ما، كون المدينة تلك باتت ضمن حدود الدولة السورية الوليدة. قبل ذلك، فرحت بخبر استقرار شقيقها الكبير في الشام، عقبَ فراره من الجيش العثماني في نهاية الحرب. أربعة أعوام على الأثر، لما ظهر حدّو بدَوره وهوَ في لباس الجيش الفرنسيّ، كان منزل أخته يضج بأصوات الأطفال. في زيارته الأخرى، بعد نحو العام، علم حدّو بوفاة ابن أخته ذي الأعوام الأربعة، خالد، وكذلك زوجة آكو. تأثّر صالح كثيراً بوفاة ابنه، ولم يُعزِهِ إنجابُ امرأته حواء لابنة في العام نفسه. تطيّراً، أسموا الطفلة " ديبة "ـ كعادةٍ عند الناس في ذلك الزمن، تعتقد بإمكانية إرهاب شبح الموت عن طريق إطلاق أسماء الحيوانات المفترسة على المواليد الجدد. لعل صورة ابنه الراحل تجسّمت فجأة أمامه، حينَ ارتطمَ صبيّ صغير بمقدمة السيارة. إذاك، كان الوقت ليلاً والسيارة تجتاز طريق سوق الجمعة حينَ اندفع الصبيّ من باب بيته ولم يلحق صالح في استخدام الفرامل إلا بعد فوات الأوان. في كثير من هذه الحالات، كان السائق يفر من المكان؛ بالأخص، إذا كانت العتمة تتستر على سيارته. لكن صالح ما كان من هذا النوع من البشر. نزل فوراً من السيارة، وهُرع ليرى حالة الطفل. في الوقت ذاته، ارتفع عويل الأم وأرادت أن تُهرع بنفسها نحو ابنها. لكن رجلاً منعها، وما لبثَ أن صاحَ على أثر تفحصه للطفل: " إنه حيّ، وسنذهب به إلى المستشفى ". دونَ أن يوجه كلمة للسائق، وضع الأبُ الطفلَ في المقعد الخلفيّ، جاعلاً رأسه المهشم في حضنه. لسوء الحظ، لم يتمكن الأطباء من إنقاذ حياة الطفل. لاحقاً، تم الاكتفاء بفرض غرامة على صالح ومن ثم إطلاق سراحه: والد الطفل، شهد في التحقيق أن ابنه رمى بنفسه إلى الطريق وكان من المحال على السائق تجنّب الحادث.***في وقت حصول الحادث، كان صالح في طريقه إلى منزل السيدة عايدة كي يُحاول مجدداً استرجاع ابنتها إلى داره. بعد الحادث وإطلاق سراحه، صار عصبياً للغاية حتى أنه صمم على رمي اليمين على مليحة لو لم ترجع من تلقاء نفسها. عندئذٍ تدخلت ريما، طالبةً منه أن يأخذها إلى منزل ضرتها المتمردة. قال لها صالح: " لن يذهب أحد كي يرجوها أن ترجع "" لكن من الواجب إبلاغها تهديدك، أليسَ كذلك؟ "، قالتها مقاطعة كلامه. فتمتم ساخطاً: " حسنٌ، خذي سيارة أجرة ولتكن والدتي معك ". لما رفضت السيدة شملكان مرافقة الكنّة، متعذرة بحالتها الصحية، قررت ريما أن تطلبَ من امرأة جروس مرافقتها. هذه الأخيرة، ويدعونها " فاتو "، حصلت بدَورها على إذن الزوج وكان من أقرب أصدقاء صالح بين جيرانه من عائلة آله رشي. قالت لريما، بينما كانتا تنتظران مرور سيارة أجرة على الجادّة: " غيرك تفرح بالخلاص من ضرّة، بينما أنتِ تسعين لاسترجاعها "" إنها حامل، وحرام أن يأتي الطفل إلى الدنيا دونَ أبٍ فوق رأسه "" مشاكلهما ليسَ لها حل، سترنا الله من الخوض في سيرة الأعراض! "، قالتها فاتو مشيحةً بنظرها نحو حركة الجادة. لم تعلّق ريما بشيء؛ هيَ العالمة بمقصد الجملة الأخيرة من كلام جارتها. ***إنها الضرّة الأخرى، حواء، مَن أذاعت سر علاقة رجلها بالسيدة عايدة وذلك في إحدى نوبات غضبها. جرى ذلك عند ظهيرة يوم صيفيّ، ولم تكن المرأة الغاضبة تعلم أن إحدى الجارات موجودة في المنزل من أجل تحضير ا ......
#بضعة
#أعوام
#ريما:
#مستهل
#الفصل
#الحادي
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=680921
الحوار المتمدن
دلور ميقري - بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الحادي عشر
دلور ميقري : بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الثاني عشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1برغم سنّها، المتجاوزة الثمانين، أشرفت السيدة شملكان على تحضير العشاء مع نساء ابنها، الثلاث. المطبخ، وكان مملكتها مذ أن حلّت في هذه الدار، لاحَ على أكمل وجه وفرةً وتنوعاً: غلال الحبوب ( قمح وبرغل ورز وعدس وحمّص وفاصولياء)، حفظت في أكياس خيش؛ البطاطا والبصل، قبعت في سلالها كي تصمد أمام تقلّب الفصول؛ أعواد الثوم والبامية المجففة، علقت على الجدار بواسطة خيوط تلفها أو تخترقها؛ أكياس من الدقيق الأبيض والرماديّ، عزلت على الأرفف كيلا تعبث بها الفئران؛ براميل مخلل، مختلفة الأنواع؛ قطرميزات الزيتون والباذنجان المحشو بالجوز والفليفلة الحارة، غارقة بزيت الزيتون؛ أوعية زجاجية، تحتوي على الجبنة الناصعة كالفضة، تسبح في الماء المالحة، المُنقّطة بحَبّة البركة..المنزل، من ناحية أخرى، عاشَ في شبه سلام متصل لعقد من الأعوام تقريباً؛ وتحديداً، من وقت قدوم ريما كعروس. سحر شخصيتها، لعبَ دوراً مؤثراً في تصويب مسلك الزوج وكبح نوبات انفعاله وكان في السابق سبباً للخصام والمشاحنة، المؤدية في بعض الحالات لطلاق هذه أو تلك من نسائه. على ذلك، لم يكن غريباً أن تتسم علاقتها مع ضرّتيها بالود والاحترام لدرجة أن أولادهما كانوا يخاطبونها بصفة الأم. وكان هذا يعزيها عن حرمانها من الأمومة، عقبَ وفاة ابنها خالد وكان في الرابعة من عُمره. لكنها أعطت دلائل في هذا الصيف على كونها حامل، ما يعني أنها ستنجبُ طفلها في ربيع العام القادم. وسنستبق الأحداث للقول، أن المولود أتى بالفعل وكان بنتاً: إنها والدة كاتب هذه السيرة، وقد رُزقَ بها صالح بعد ثلاثة أولاد؛ بنت وصبي من حواء، وابنة من مليحة. ***عشاءات الخميس، كانت تعدّ بصورة دائمة من أجل ضيوف عديدين، سيقضون السهرة، التي تحييها أم كلثوم أول كل شهر وتنقلها الإذاعة المصرية. صالح، كان من أوائل مَن اقتنوا جهاز راديو في الحارة. كان ذلك بعدما أدخل لأول مرة الحافلة الكبيرة، ( الأوتوبيس )، كي تعمل بين حي الأكراد ومركز الشام. في البدء، اشتغل بنفسه على الحافلة. لكنه كان يخجل ممن يعرفه، فلا يأخذ منه ثمن التذكرة. كيلا يخسر المشروع، نتيجة كرمه المتهوّر، استخدمَ سائقاً شاباً، أصله من ديركا جبل مازي. الشاب، كان يُدعى " علي دينو "، وذلك بسبب عصبيته وسهولة إثارته. لما كبرَ ابن صالح البكر من حواء، " ديبو "، حلّ بمكان ذلك الشاب. أيضاً سنخالف تسلسل الأحداث، لنذكر أن أول أوتوبيس عمل في الجزيرة، في شمال شرق سورية، كان بهمّة زوج ريما. كانا قد انتقلا للعيش هنالك، بغيَة استثمار مزرعة كبيرة بالقرب من بلدة رأس العين ( سري كاني ). إذا كانت إيرادات الأوتوبيس لم تعُد تغطي ثمن المازوت وأجرة الميكانيكي، فلأن الابن ديبو سار على شيمة الأب لناحية الكرم: كان الكثير من الركاب القرويين يستعطفونه، بأنهم لا يملكون ثمنَ التذكرة، فيشفق عليهم ويركّبهم مجاناً.***ذاتَ خميس، مرّ صالح بسيارته في سوق الجمعة وابتاع كمية كبيرة من المصران لأجل الطبخة المعروفة عند أهالي الشام ب " الحَفاتي ". لدى وصوله للحارة، جال على أقاربه وجيرانه كي يدعوهم كالعادة لسهرة الخميس، قائلاً: " وستتذوقون الحفاتي من مطبخ منزلي ". نفس البلاغة كررها على مسمع أمه، لكنها بسبب ثقل سمعها ظنت أن الوليمة لليوم التالي. وكانت محقة في ظنها، طالما أنه حضرَ إلى الدار عند الأصيل؛ وهذه الأكلة تحتاج لوقت طويل كي يتم تنظيف المصران وحشوه بالرز واللحمة الناعمة ومن ثم طهيه. " هل أعدتم المطبخ القديم للخدمة، لكي تبقى رائحة الحفاتي بعيدة عن أنوف الضيوف؟ "، تساءل صالح فيما كان يلقي نظرة على نسائه المنهمكات ......
#بضعة
#أعوام
#ريما:
#مستهل
#الفصل
#الثاني
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=681406
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1برغم سنّها، المتجاوزة الثمانين، أشرفت السيدة شملكان على تحضير العشاء مع نساء ابنها، الثلاث. المطبخ، وكان مملكتها مذ أن حلّت في هذه الدار، لاحَ على أكمل وجه وفرةً وتنوعاً: غلال الحبوب ( قمح وبرغل ورز وعدس وحمّص وفاصولياء)، حفظت في أكياس خيش؛ البطاطا والبصل، قبعت في سلالها كي تصمد أمام تقلّب الفصول؛ أعواد الثوم والبامية المجففة، علقت على الجدار بواسطة خيوط تلفها أو تخترقها؛ أكياس من الدقيق الأبيض والرماديّ، عزلت على الأرفف كيلا تعبث بها الفئران؛ براميل مخلل، مختلفة الأنواع؛ قطرميزات الزيتون والباذنجان المحشو بالجوز والفليفلة الحارة، غارقة بزيت الزيتون؛ أوعية زجاجية، تحتوي على الجبنة الناصعة كالفضة، تسبح في الماء المالحة، المُنقّطة بحَبّة البركة..المنزل، من ناحية أخرى، عاشَ في شبه سلام متصل لعقد من الأعوام تقريباً؛ وتحديداً، من وقت قدوم ريما كعروس. سحر شخصيتها، لعبَ دوراً مؤثراً في تصويب مسلك الزوج وكبح نوبات انفعاله وكان في السابق سبباً للخصام والمشاحنة، المؤدية في بعض الحالات لطلاق هذه أو تلك من نسائه. على ذلك، لم يكن غريباً أن تتسم علاقتها مع ضرّتيها بالود والاحترام لدرجة أن أولادهما كانوا يخاطبونها بصفة الأم. وكان هذا يعزيها عن حرمانها من الأمومة، عقبَ وفاة ابنها خالد وكان في الرابعة من عُمره. لكنها أعطت دلائل في هذا الصيف على كونها حامل، ما يعني أنها ستنجبُ طفلها في ربيع العام القادم. وسنستبق الأحداث للقول، أن المولود أتى بالفعل وكان بنتاً: إنها والدة كاتب هذه السيرة، وقد رُزقَ بها صالح بعد ثلاثة أولاد؛ بنت وصبي من حواء، وابنة من مليحة. ***عشاءات الخميس، كانت تعدّ بصورة دائمة من أجل ضيوف عديدين، سيقضون السهرة، التي تحييها أم كلثوم أول كل شهر وتنقلها الإذاعة المصرية. صالح، كان من أوائل مَن اقتنوا جهاز راديو في الحارة. كان ذلك بعدما أدخل لأول مرة الحافلة الكبيرة، ( الأوتوبيس )، كي تعمل بين حي الأكراد ومركز الشام. في البدء، اشتغل بنفسه على الحافلة. لكنه كان يخجل ممن يعرفه، فلا يأخذ منه ثمن التذكرة. كيلا يخسر المشروع، نتيجة كرمه المتهوّر، استخدمَ سائقاً شاباً، أصله من ديركا جبل مازي. الشاب، كان يُدعى " علي دينو "، وذلك بسبب عصبيته وسهولة إثارته. لما كبرَ ابن صالح البكر من حواء، " ديبو "، حلّ بمكان ذلك الشاب. أيضاً سنخالف تسلسل الأحداث، لنذكر أن أول أوتوبيس عمل في الجزيرة، في شمال شرق سورية، كان بهمّة زوج ريما. كانا قد انتقلا للعيش هنالك، بغيَة استثمار مزرعة كبيرة بالقرب من بلدة رأس العين ( سري كاني ). إذا كانت إيرادات الأوتوبيس لم تعُد تغطي ثمن المازوت وأجرة الميكانيكي، فلأن الابن ديبو سار على شيمة الأب لناحية الكرم: كان الكثير من الركاب القرويين يستعطفونه، بأنهم لا يملكون ثمنَ التذكرة، فيشفق عليهم ويركّبهم مجاناً.***ذاتَ خميس، مرّ صالح بسيارته في سوق الجمعة وابتاع كمية كبيرة من المصران لأجل الطبخة المعروفة عند أهالي الشام ب " الحَفاتي ". لدى وصوله للحارة، جال على أقاربه وجيرانه كي يدعوهم كالعادة لسهرة الخميس، قائلاً: " وستتذوقون الحفاتي من مطبخ منزلي ". نفس البلاغة كررها على مسمع أمه، لكنها بسبب ثقل سمعها ظنت أن الوليمة لليوم التالي. وكانت محقة في ظنها، طالما أنه حضرَ إلى الدار عند الأصيل؛ وهذه الأكلة تحتاج لوقت طويل كي يتم تنظيف المصران وحشوه بالرز واللحمة الناعمة ومن ثم طهيه. " هل أعدتم المطبخ القديم للخدمة، لكي تبقى رائحة الحفاتي بعيدة عن أنوف الضيوف؟ "، تساءل صالح فيما كان يلقي نظرة على نسائه المنهمكات ......
#بضعة
#أعوام
#ريما:
#مستهل
#الفصل
#الثاني
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=681406
الحوار المتمدن
دلور ميقري - بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الثاني عشر
دلور ميقري : بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الرابع عشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1عامٌ على أثر زواج ابنة ريما البكر، وإذا هيَ ذات يوم تملأ منزل أبيها عويلاً. قالت بحضور والديها، أنها لم يعُد في وسعها تحمّل تصرفات سلفتيها، اللئيمتين والماكرتين. إحداهما كانت هَدي، امرأة سلو، وهيَ تقريباً من عُمر ريما. الأخرى، " مزيّن "، كانت الزوجة الثانية لشقيقه الأصغر، فَدو، لكنها لم تنجب برغم مرور سنوات على زواجهما. لقد بدأت تكيد لامرأة جمّو منذ ظهور علامات حبل هذه بوليدها الأول، وكان بنتاً. في أوان وجودها بمنزل والديها، بهدف الشكوى، كانت حبلى مجدداً. ظلت ابنة صالح معتكفة في منزله لبضعة أيام، إلى أن دعا صهرَهُ إلى الإقامة لديه ريثما يتدبّر مخرجاً للمشكلة. الوقتُ كان ربيعاً، استقبلت فيه حديقةُ الدار الشمسَ بانتفاضة شاملة لأزهارها. شأن حميه، كان جمّو مغرماً بالزهور؛ فما لبثَ أن شاركه في الاعتناء بالحديقة وتمضية الوقت في ظلال أشجارها المثمرة." علمتُ أنك حصلتَ على تعويضٍ مُجزٍ عن خدمتك العسكرية، فماذا أنتَ فاعلٌ به؟ "، سأل صالحُ صهرَهُ يوماً وكانا لوحدهما في منظرة الحديقة. تردد جمّو في الجواب، ما جعل حماه يستطرد بالقول: " حصلتَ على ألف ليرة، أليسَ صحيحاً؟ فلو أنك استطعتَ تأمينَ خمسمائة ليرة أخرى، إذاً لبعتك هذا المنزل ". أشرقَ وجهُ الصهر، وما عتمَ أن رد بعد وهلة تفكير: " بإمكاني بيعَ حصتي في منزل أبي لشقيقي حسينو، كونه يحبّ تملك العقارات؛ ولا أظن أن تساوي أقل من خمسمائة ليرة ". استدرك على الأثر، متسائلاً: " وأنتم، يا عماه، أينَ ستقيمون عقبَ بيع المنزل؟ " " لقد فكّرتُ في الأمر، بطبيعة الحال. مزرعتي في الجزيرة على حال سيئة، مثلما أن الحافلة الكبيرة، العاملة هناك على خط حلب، مردودها أضحى بالكاد يغطي مصاريفها. على ذلك، سأذهب بنفسي للإقامة في المزرعة ولن أعود قبل الاطمئنان على مصالحي وأنها على ما يرام ".كمألوف عادته، كان صالح يُشارك امرأته الرأيَ؛ ولكنه في الأخير يعمل ما برأسه. تلقت ريما خبرَ عزمه على العودة إلى الجزيرة بارتياع، وكان من الممكن أن يُثمر اعتراضها لولا أن ذلك كان يعني حرمان ابنتها البكر من فرصة الاستقرار في بيت تملكه، بعيداً عن المشاحنات والضغائن. بيدَ أنها ستندم باقي حياتها، كونها انصاعت لفكرة بيع البيت: طرفٌ ثالث، تدخل في الموضوع فقلبَ الحسابات رأساً على عقب. ***حدّو، صهر صالح وابن عمه، كان يكن حقداً عميقاً على جمّو. الغيرة، كانت معقد إزار المسألة. إذ كان يتباهى في العشيرة بمعرفته لخمس لغات، بينها الفرنسية، فضلاً عن خدمته في فترة الانتداب الفرنسيّ كسائقٍ لجنرال مشرف على إدارة مطار دمشق. من ناحيته، كان جمّو قد غدا معروفاً في الحي بسبب عمله في الحركة الثقافية القومية؛ فغدا معلماً للغته الأم في نادي كردستان ومن ثم انتخب سكرتيراً له. ذلك، جعله ولا غرو على صلة صداقة وثيقة بعدد من أبرز السياسيين والوجهاء؛ كالأمير جلادت بدرخان وخالد بكداش وعلي بوظو ومحمد زلفو وعبد الرحمن شقير وحسين بك الإيبش. " كيفَ ترضى بإعطاء ابنتك لشخص شيوعيّ، ملحد، مثل جمّو هذا؟ "، كانَ حدّو قد قال لقريبه صالح حينَ سمع بأمر خطبة ابنته. لكن حماه هز رأسه مبتسماً، وتساءل بدَوره: " أنسيتَ ما كانوا يشيعونه عنك في العائلة، على خلفية ارتباطك بتلك المرأة النصرانية؟ ". غير أنّ حدّو سكت على مضض، ومن ثم صار يتحين الفرصَ للنيل ممَن يظن أنه منافسه على المقام الرفيع في العشيرة. صالح، هوَ في حقيقة الحال مَن منحَ صهره الفرصة المأمولة. إذ عقبَ تأمين جمّو المبلغ المطلوب ثمناً للبيت، ذهبا إلى أمانة العاصمة لكي يكتبا العقد. فوجدا الدوام قد انتهى باكراً، كونه ......
#بضعة
#أعوام
#ريما:
#مستهل
#الفصل
#الرابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=687707
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1عامٌ على أثر زواج ابنة ريما البكر، وإذا هيَ ذات يوم تملأ منزل أبيها عويلاً. قالت بحضور والديها، أنها لم يعُد في وسعها تحمّل تصرفات سلفتيها، اللئيمتين والماكرتين. إحداهما كانت هَدي، امرأة سلو، وهيَ تقريباً من عُمر ريما. الأخرى، " مزيّن "، كانت الزوجة الثانية لشقيقه الأصغر، فَدو، لكنها لم تنجب برغم مرور سنوات على زواجهما. لقد بدأت تكيد لامرأة جمّو منذ ظهور علامات حبل هذه بوليدها الأول، وكان بنتاً. في أوان وجودها بمنزل والديها، بهدف الشكوى، كانت حبلى مجدداً. ظلت ابنة صالح معتكفة في منزله لبضعة أيام، إلى أن دعا صهرَهُ إلى الإقامة لديه ريثما يتدبّر مخرجاً للمشكلة. الوقتُ كان ربيعاً، استقبلت فيه حديقةُ الدار الشمسَ بانتفاضة شاملة لأزهارها. شأن حميه، كان جمّو مغرماً بالزهور؛ فما لبثَ أن شاركه في الاعتناء بالحديقة وتمضية الوقت في ظلال أشجارها المثمرة." علمتُ أنك حصلتَ على تعويضٍ مُجزٍ عن خدمتك العسكرية، فماذا أنتَ فاعلٌ به؟ "، سأل صالحُ صهرَهُ يوماً وكانا لوحدهما في منظرة الحديقة. تردد جمّو في الجواب، ما جعل حماه يستطرد بالقول: " حصلتَ على ألف ليرة، أليسَ صحيحاً؟ فلو أنك استطعتَ تأمينَ خمسمائة ليرة أخرى، إذاً لبعتك هذا المنزل ". أشرقَ وجهُ الصهر، وما عتمَ أن رد بعد وهلة تفكير: " بإمكاني بيعَ حصتي في منزل أبي لشقيقي حسينو، كونه يحبّ تملك العقارات؛ ولا أظن أن تساوي أقل من خمسمائة ليرة ". استدرك على الأثر، متسائلاً: " وأنتم، يا عماه، أينَ ستقيمون عقبَ بيع المنزل؟ " " لقد فكّرتُ في الأمر، بطبيعة الحال. مزرعتي في الجزيرة على حال سيئة، مثلما أن الحافلة الكبيرة، العاملة هناك على خط حلب، مردودها أضحى بالكاد يغطي مصاريفها. على ذلك، سأذهب بنفسي للإقامة في المزرعة ولن أعود قبل الاطمئنان على مصالحي وأنها على ما يرام ".كمألوف عادته، كان صالح يُشارك امرأته الرأيَ؛ ولكنه في الأخير يعمل ما برأسه. تلقت ريما خبرَ عزمه على العودة إلى الجزيرة بارتياع، وكان من الممكن أن يُثمر اعتراضها لولا أن ذلك كان يعني حرمان ابنتها البكر من فرصة الاستقرار في بيت تملكه، بعيداً عن المشاحنات والضغائن. بيدَ أنها ستندم باقي حياتها، كونها انصاعت لفكرة بيع البيت: طرفٌ ثالث، تدخل في الموضوع فقلبَ الحسابات رأساً على عقب. ***حدّو، صهر صالح وابن عمه، كان يكن حقداً عميقاً على جمّو. الغيرة، كانت معقد إزار المسألة. إذ كان يتباهى في العشيرة بمعرفته لخمس لغات، بينها الفرنسية، فضلاً عن خدمته في فترة الانتداب الفرنسيّ كسائقٍ لجنرال مشرف على إدارة مطار دمشق. من ناحيته، كان جمّو قد غدا معروفاً في الحي بسبب عمله في الحركة الثقافية القومية؛ فغدا معلماً للغته الأم في نادي كردستان ومن ثم انتخب سكرتيراً له. ذلك، جعله ولا غرو على صلة صداقة وثيقة بعدد من أبرز السياسيين والوجهاء؛ كالأمير جلادت بدرخان وخالد بكداش وعلي بوظو ومحمد زلفو وعبد الرحمن شقير وحسين بك الإيبش. " كيفَ ترضى بإعطاء ابنتك لشخص شيوعيّ، ملحد، مثل جمّو هذا؟ "، كانَ حدّو قد قال لقريبه صالح حينَ سمع بأمر خطبة ابنته. لكن حماه هز رأسه مبتسماً، وتساءل بدَوره: " أنسيتَ ما كانوا يشيعونه عنك في العائلة، على خلفية ارتباطك بتلك المرأة النصرانية؟ ". غير أنّ حدّو سكت على مضض، ومن ثم صار يتحين الفرصَ للنيل ممَن يظن أنه منافسه على المقام الرفيع في العشيرة. صالح، هوَ في حقيقة الحال مَن منحَ صهره الفرصة المأمولة. إذ عقبَ تأمين جمّو المبلغ المطلوب ثمناً للبيت، ذهبا إلى أمانة العاصمة لكي يكتبا العقد. فوجدا الدوام قد انتهى باكراً، كونه ......
#بضعة
#أعوام
#ريما:
#مستهل
#الفصل
#الرابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=687707
الحوار المتمدن
دلور ميقري - بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الرابع عشر
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل العاشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1رنّ الضحكُ في الدار، لينتهي عبرَ أثير النسيم الربيعيّ المعتدل إلى سمع بيان، وهيَ في مكانها تحت سقف الإيوان. هذا، كان نهاية فترة الحِداد؛ بحَسَب مشيئة امرأتيّ الشقيقين الكبيرين، اللتين لم تكونا بالأساس على علاقة ود مع الحماة الراحلة. لكن سبب الضحك، أحالته امرأةُ أصغر الأشقاء إلى حالةٍ من التشفّي والشماتة على خلفيّة حدثٍ آخر: لقد شاء جمّو شراءَ بيت حميه، وكان يأمل من خلال ذلك تأمينَ حياةٍ هادئة لأسرته بعيداً عن المشاكل اليومية في بيت أبيه. السيّد صالح، بادر بنفسه إلى هذا الإقتراح بعدما لجأت ابنته إلى كنفه مع طفلتيها، باكيةً من القهر. اهتز قلبُ الأب عندئذٍ، فاستدعى على عجل صهره كي يبلغه بعزمه على العودة إلى مزرعته في الجزيرة كون أمورها باتت على غير ما يرام. " أعتقدُ أن التعويضَ الماليّ، الذي حصلتَ عليه لقاءَ خدمتك العسكرية، ما زال معظمه متوفراً لديك؟ "، قالها لصهره متسائلاً. ثم أردفَ، لما هزّ الآخرُ رأسه إيجاباً: " في هذه الحالة، سأنقل ملكية منزلي إليك لقاء ألف وخمسمائة ليرة. ما رأيك؟ ". وجه جمّو، أشرقَ في الحال، وكان ما أنفكّ عابساً مذ لحظة حضوره. رد بالقول، عقبَ وهلة تفكير: " بقيَ معي حوالي ألف ليرة، وفي الوسع تأمين بقية المبلغ بالدَيْن من أحد الأخوة أو الأصدقاء "" لا أظن أنّ أحداً يقبل إقراضك هكذا مبلغ جسيم، بالنظر إلى راتبك الضئيل "" إذاً، أبيعُ حصتي في دارنا إلى أخي حسينو "، قالها الصهرُ هذه المرة دونَ مهلة تفكير. ما دلّ على أنه وضعَ الإحتمال، مسبقاً، في ذهنه. ربتَ حماهُ على ظاهر كفّه بحركة تشجيع، ثم طلبَ منه أن يُبادرَ دونَ تأخير إلى مسعاه. لكن الصفقة ما لبثت أن أخفقت، لأن طرفاً ثالثاً دخلَ على الخط. ذلك كان خطأ السيّد صالح بالذات، آنَ كشفَ الموضوع عن حسن نيّة أمام صهره الآخر؛ زوج ابنته البكر. ***حدّو، كان يكنّ حقداً دفيناً لجمّو، برغم أن هذا الأخير رجلٌ مسالم وذو طبعٍ بعيدٍ عن العنعنات العائلية. ربما كان ذلك الحقد شيئاً غير ذي بال، ما لو ذكرنا طبيعة علاقته بأخته غير الشقيقة. فالسيّدة ريما، أثناء تواجدها في دار رجلها الأول في ماردين، كانت قد ربّت أخاها هذا كما لو أنه ابنها. لكنه، فيما بعد، ردّ الجميلَ بعدم السؤال عنها إلا لو كانت لديه مصلحة مع رجلها. ويقال عن دوره في الكيد لابنتيها، وذلك حينَ حملَ والدهما على إخراجهما من المدرسة الإبتدائية: " لقد فعلتَ ذلك مع ابنتك البكر، وأيضاً مع أختها رودا. فما حاجة الصغيرتين للعلم، إذاً، طالما أن مصيرهما سيكون في المستقبل الاستقرار في بيت الزوجية؟ "، كذلك كانت نصيحته لحميه وابن عمه. ما يؤكد لؤمه، أنه لم يكن ذا عقلية محافظة. بل وعُدّ من الرجال النادرين في عصره، بانفتاحه الإجتماعيّ وتحرره. من أدلة ذلك، أنه استعمل آله تصوير، أمتلكها مبكراً، لكي يلتقط صوراً لإناث العائلة والأقارب؛ إلى اصطحاب بعضهن لدور السينما، لمشاهدة الأفلام الرومانسية. نشاط جمّو في حقل ثقافة بني جلدته، لاقت منذ البداية السخطَ والاستنكارَ من قبل عديله. لكن ما لم يتوقعه هذا الأخير، أن عاملاً بسيطاً مثل جمّو، سيكسَبُ من خلال عمله الثقافيّ والسياسيّ صداقةَ مَن أضحوا كبار رجالات البلد؛ كالأمير جلادت بدرخان، الشقيقين أكرم وقدري جميل باشا، القائد خالد بكداش، الوزير علي بوظو، الزعيم بكري قوطرش، العقيد محمد زلفو، الدكتور عبد الرحمن شقير وغيرهم. ثم أتت مناسبة وفاة السيّدة سارة، لتبيّن قيمة أصغر أبنائها، وذلك بالحضور الكثيف للمعزّين سواءً من الحي أو من الأحياء الدمشقية الأخرى.هذا مع كون حدّو من الناشطين سابقاً ......
#موناليزا
#الحزينة:
#مستهل
#الفصل
#العاشر
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=694211
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1رنّ الضحكُ في الدار، لينتهي عبرَ أثير النسيم الربيعيّ المعتدل إلى سمع بيان، وهيَ في مكانها تحت سقف الإيوان. هذا، كان نهاية فترة الحِداد؛ بحَسَب مشيئة امرأتيّ الشقيقين الكبيرين، اللتين لم تكونا بالأساس على علاقة ود مع الحماة الراحلة. لكن سبب الضحك، أحالته امرأةُ أصغر الأشقاء إلى حالةٍ من التشفّي والشماتة على خلفيّة حدثٍ آخر: لقد شاء جمّو شراءَ بيت حميه، وكان يأمل من خلال ذلك تأمينَ حياةٍ هادئة لأسرته بعيداً عن المشاكل اليومية في بيت أبيه. السيّد صالح، بادر بنفسه إلى هذا الإقتراح بعدما لجأت ابنته إلى كنفه مع طفلتيها، باكيةً من القهر. اهتز قلبُ الأب عندئذٍ، فاستدعى على عجل صهره كي يبلغه بعزمه على العودة إلى مزرعته في الجزيرة كون أمورها باتت على غير ما يرام. " أعتقدُ أن التعويضَ الماليّ، الذي حصلتَ عليه لقاءَ خدمتك العسكرية، ما زال معظمه متوفراً لديك؟ "، قالها لصهره متسائلاً. ثم أردفَ، لما هزّ الآخرُ رأسه إيجاباً: " في هذه الحالة، سأنقل ملكية منزلي إليك لقاء ألف وخمسمائة ليرة. ما رأيك؟ ". وجه جمّو، أشرقَ في الحال، وكان ما أنفكّ عابساً مذ لحظة حضوره. رد بالقول، عقبَ وهلة تفكير: " بقيَ معي حوالي ألف ليرة، وفي الوسع تأمين بقية المبلغ بالدَيْن من أحد الأخوة أو الأصدقاء "" لا أظن أنّ أحداً يقبل إقراضك هكذا مبلغ جسيم، بالنظر إلى راتبك الضئيل "" إذاً، أبيعُ حصتي في دارنا إلى أخي حسينو "، قالها الصهرُ هذه المرة دونَ مهلة تفكير. ما دلّ على أنه وضعَ الإحتمال، مسبقاً، في ذهنه. ربتَ حماهُ على ظاهر كفّه بحركة تشجيع، ثم طلبَ منه أن يُبادرَ دونَ تأخير إلى مسعاه. لكن الصفقة ما لبثت أن أخفقت، لأن طرفاً ثالثاً دخلَ على الخط. ذلك كان خطأ السيّد صالح بالذات، آنَ كشفَ الموضوع عن حسن نيّة أمام صهره الآخر؛ زوج ابنته البكر. ***حدّو، كان يكنّ حقداً دفيناً لجمّو، برغم أن هذا الأخير رجلٌ مسالم وذو طبعٍ بعيدٍ عن العنعنات العائلية. ربما كان ذلك الحقد شيئاً غير ذي بال، ما لو ذكرنا طبيعة علاقته بأخته غير الشقيقة. فالسيّدة ريما، أثناء تواجدها في دار رجلها الأول في ماردين، كانت قد ربّت أخاها هذا كما لو أنه ابنها. لكنه، فيما بعد، ردّ الجميلَ بعدم السؤال عنها إلا لو كانت لديه مصلحة مع رجلها. ويقال عن دوره في الكيد لابنتيها، وذلك حينَ حملَ والدهما على إخراجهما من المدرسة الإبتدائية: " لقد فعلتَ ذلك مع ابنتك البكر، وأيضاً مع أختها رودا. فما حاجة الصغيرتين للعلم، إذاً، طالما أن مصيرهما سيكون في المستقبل الاستقرار في بيت الزوجية؟ "، كذلك كانت نصيحته لحميه وابن عمه. ما يؤكد لؤمه، أنه لم يكن ذا عقلية محافظة. بل وعُدّ من الرجال النادرين في عصره، بانفتاحه الإجتماعيّ وتحرره. من أدلة ذلك، أنه استعمل آله تصوير، أمتلكها مبكراً، لكي يلتقط صوراً لإناث العائلة والأقارب؛ إلى اصطحاب بعضهن لدور السينما، لمشاهدة الأفلام الرومانسية. نشاط جمّو في حقل ثقافة بني جلدته، لاقت منذ البداية السخطَ والاستنكارَ من قبل عديله. لكن ما لم يتوقعه هذا الأخير، أن عاملاً بسيطاً مثل جمّو، سيكسَبُ من خلال عمله الثقافيّ والسياسيّ صداقةَ مَن أضحوا كبار رجالات البلد؛ كالأمير جلادت بدرخان، الشقيقين أكرم وقدري جميل باشا، القائد خالد بكداش، الوزير علي بوظو، الزعيم بكري قوطرش، العقيد محمد زلفو، الدكتور عبد الرحمن شقير وغيرهم. ثم أتت مناسبة وفاة السيّدة سارة، لتبيّن قيمة أصغر أبنائها، وذلك بالحضور الكثيف للمعزّين سواءً من الحي أو من الأحياء الدمشقية الأخرى.هذا مع كون حدّو من الناشطين سابقاً ......
#موناليزا
#الحزينة:
#مستهل
#الفصل
#العاشر
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=694211
الحوار المتمدن
دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل العاشر
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل الرابع عشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1عودة صالح نهائياً من الجزيرة، لم تكن مفاجئة بالنسبة لبيان، ولا أيضاً معرفة تعثّر أعماله في تلك المنطقة النائية من البلاد. أخوها ديبو، كان قد رجع قبل الأب بنحو ثلاثة أشهر؛ هوَ مَن عمل هناك على الحافلة الكبيرة، المسيَّرة بين القامشلي وحلب. أخبر أخته وقتئذٍ بموضوع بيع أبيه للحافلة الكبيرة، وأنه يبحث أيضاً عن ملّاك جديد لمزرعته في ناحية رأس العين. ثم أضاف الأخُ بعد وهلة وجوم، بنبرة متهدّجة: " إنه يعاني من تشمّع الكبد، ونصحه الطبيب بالمعالجة في دمشق ". ديبو، بقيَ متعلّقاً بشدّة بأبيه، على الرغم مما لاقاه وأمه على مر الأعوام من الظلم والاهمال. عانقت بيان والدها عند عتبة الدهليز، ثم مشت أمامه باتجاه منظرة الحديقة. مع أن الإنارة هنالك كانت مقتصرة على مصباح كهربائي شحيح الضوء، فإنّ القادمَ دُهش مما حفلت به الحديقة من الأشجار والأزهار والعرائش. قالت له، مجاهدةً في خلقِ جوٍّ مرح: " كنتَ قدوةً لجمّو، لما فكّرَ بإنشاء الحديقة والمنظرة ". ثم أضافت، متسائلة: " ولكن أين والدتي وأخوتي؟ ". سألها بدَوره، وكأنما لم يسمع ما قالته: " هل زوجكِ في الدار؟ ". أخبرته بإيجاز عن ملاحقة السلطات لجمّو، بتهمة التحريض على الاضراب، وأنه يختبئ منذ فترة في بيت أحد أصدقائه. ثم عادت تستفهم منه، ما لو رجع لوحده من الجزيرة. رد عندئذٍ باقتضاب: " تركتهم قبل قليل ثمة، في منزل عمتك سلطانة ". ثم أخلد إلى الصمت، مطرقاً برأسه إلى الأرض. نهضت بيان من مكانها، قائلة أنها ستعدّ له العشاء. لكنه أعلن عن نيته الاخلاد للفراش، كونه لا يشعر بالجوع. كان واضحاً، أن أحداً أزعجه قبيل وصوله لدار ابنته. لما ألحّت على معرفة ما يكدّره، فإنه زفرَ أنفاسه بحرقة: " حسنٌ أنكم رفعتم الجدران بينكم وبين الآخرين "، قالها ثم أضاف بنبرة مرتعشة: " منذ قليل، طرقتُ على باب سلو دونَ أن أعرف بموضوع تقسيم الدار. هل تعلمين كيفَ قابلني؟ قال لي، أنه ظنني في العتمة أحَدَ المتسولين أو المتشردين. الخسيس، المأفون! لقد نسيَ كيفَ كان ضيفاً دائماً على سفرتي، وكيف كان يشد وسطه ليرقص على أنغام الحاكي أو المذياع في خلال السهرة ". سكتَ لبرهةٍ، ثم استقام واقفاً بظهرٍ أحناه المرضُ والخطوب: " أرغبُ بالنوم حالاً، يا ابنتي ". فيما كانت بيان تردد الدعاوي على سلو وامرأته، كان والدها يسير أمامها وهوَ يتمتم: " ما ينتظرني غداً، في منزل شقيقتي، ربما سيكون أدهى وأمرّ ".***صدقَ حَدَسُ صالح، لأنه في اليوم التالي غادر دارَ شقيقته مع الأسرة، شبه مطرودين. كان قد طلبَ من سلطانة إعادة البيت له، بمقابل مبلغ يفوق ما حصل عليه عندما اشترته منه. " الهارون المسعور "، كما وصفها شقيقها، لم تكتفِ بالهزء به، قائلةً: " خسئتَ، يا هذا! ". لقد رفضت أيضاً دفعَ ما بقيَ بذمتها من ثمن منزله، مدعيةً أنها سددت كامل المبلغ قبل سفره إلى الجزيرة. لما شاءت تعزيز كلامها بشهادة رجلها، فإن هذا نهضَ للفور كي يغادر المجلسَ مدمدماً بحنق. هكذا آبَ صالح مع أسرته إلى منزل ابنته بيان، ركوباً في سيارته. تركهم هناك، وما عتمَ أن توجه ليقابل ابنَ عمه، آكو. هذا الأخير، نصحه على الأثر بشراء قطعة أرض لصق داره، تعود ملكيتها لقريبهما، المدعو " هُرّك ". استدعيَ القريبُ، وكان من الشهامةِ أن رضيَ بيع قطعة الأرض دونَ حاجةٍ لمساومة. مكث صالح وأسرته في ضيافة آكو لأسبوعين آخرين، لحين أن تم تعمير الجزء الحيويّ من منزله. كأنما انتقاماً من نفسه، كونه تخلى عن داره القديمة ذات الحديقة الساحرة؛ فإنه رفضَ زرعَ أيّ شجرة أو حتى شتلة واحدة من الأزهار. الخطوة التالية له، على هدي الانتقام الذاتي ......
#موناليزا
#الحزينة:
#مستهل
#الفصل
#الرابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=696227
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1عودة صالح نهائياً من الجزيرة، لم تكن مفاجئة بالنسبة لبيان، ولا أيضاً معرفة تعثّر أعماله في تلك المنطقة النائية من البلاد. أخوها ديبو، كان قد رجع قبل الأب بنحو ثلاثة أشهر؛ هوَ مَن عمل هناك على الحافلة الكبيرة، المسيَّرة بين القامشلي وحلب. أخبر أخته وقتئذٍ بموضوع بيع أبيه للحافلة الكبيرة، وأنه يبحث أيضاً عن ملّاك جديد لمزرعته في ناحية رأس العين. ثم أضاف الأخُ بعد وهلة وجوم، بنبرة متهدّجة: " إنه يعاني من تشمّع الكبد، ونصحه الطبيب بالمعالجة في دمشق ". ديبو، بقيَ متعلّقاً بشدّة بأبيه، على الرغم مما لاقاه وأمه على مر الأعوام من الظلم والاهمال. عانقت بيان والدها عند عتبة الدهليز، ثم مشت أمامه باتجاه منظرة الحديقة. مع أن الإنارة هنالك كانت مقتصرة على مصباح كهربائي شحيح الضوء، فإنّ القادمَ دُهش مما حفلت به الحديقة من الأشجار والأزهار والعرائش. قالت له، مجاهدةً في خلقِ جوٍّ مرح: " كنتَ قدوةً لجمّو، لما فكّرَ بإنشاء الحديقة والمنظرة ". ثم أضافت، متسائلة: " ولكن أين والدتي وأخوتي؟ ". سألها بدَوره، وكأنما لم يسمع ما قالته: " هل زوجكِ في الدار؟ ". أخبرته بإيجاز عن ملاحقة السلطات لجمّو، بتهمة التحريض على الاضراب، وأنه يختبئ منذ فترة في بيت أحد أصدقائه. ثم عادت تستفهم منه، ما لو رجع لوحده من الجزيرة. رد عندئذٍ باقتضاب: " تركتهم قبل قليل ثمة، في منزل عمتك سلطانة ". ثم أخلد إلى الصمت، مطرقاً برأسه إلى الأرض. نهضت بيان من مكانها، قائلة أنها ستعدّ له العشاء. لكنه أعلن عن نيته الاخلاد للفراش، كونه لا يشعر بالجوع. كان واضحاً، أن أحداً أزعجه قبيل وصوله لدار ابنته. لما ألحّت على معرفة ما يكدّره، فإنه زفرَ أنفاسه بحرقة: " حسنٌ أنكم رفعتم الجدران بينكم وبين الآخرين "، قالها ثم أضاف بنبرة مرتعشة: " منذ قليل، طرقتُ على باب سلو دونَ أن أعرف بموضوع تقسيم الدار. هل تعلمين كيفَ قابلني؟ قال لي، أنه ظنني في العتمة أحَدَ المتسولين أو المتشردين. الخسيس، المأفون! لقد نسيَ كيفَ كان ضيفاً دائماً على سفرتي، وكيف كان يشد وسطه ليرقص على أنغام الحاكي أو المذياع في خلال السهرة ". سكتَ لبرهةٍ، ثم استقام واقفاً بظهرٍ أحناه المرضُ والخطوب: " أرغبُ بالنوم حالاً، يا ابنتي ". فيما كانت بيان تردد الدعاوي على سلو وامرأته، كان والدها يسير أمامها وهوَ يتمتم: " ما ينتظرني غداً، في منزل شقيقتي، ربما سيكون أدهى وأمرّ ".***صدقَ حَدَسُ صالح، لأنه في اليوم التالي غادر دارَ شقيقته مع الأسرة، شبه مطرودين. كان قد طلبَ من سلطانة إعادة البيت له، بمقابل مبلغ يفوق ما حصل عليه عندما اشترته منه. " الهارون المسعور "، كما وصفها شقيقها، لم تكتفِ بالهزء به، قائلةً: " خسئتَ، يا هذا! ". لقد رفضت أيضاً دفعَ ما بقيَ بذمتها من ثمن منزله، مدعيةً أنها سددت كامل المبلغ قبل سفره إلى الجزيرة. لما شاءت تعزيز كلامها بشهادة رجلها، فإن هذا نهضَ للفور كي يغادر المجلسَ مدمدماً بحنق. هكذا آبَ صالح مع أسرته إلى منزل ابنته بيان، ركوباً في سيارته. تركهم هناك، وما عتمَ أن توجه ليقابل ابنَ عمه، آكو. هذا الأخير، نصحه على الأثر بشراء قطعة أرض لصق داره، تعود ملكيتها لقريبهما، المدعو " هُرّك ". استدعيَ القريبُ، وكان من الشهامةِ أن رضيَ بيع قطعة الأرض دونَ حاجةٍ لمساومة. مكث صالح وأسرته في ضيافة آكو لأسبوعين آخرين، لحين أن تم تعمير الجزء الحيويّ من منزله. كأنما انتقاماً من نفسه، كونه تخلى عن داره القديمة ذات الحديقة الساحرة؛ فإنه رفضَ زرعَ أيّ شجرة أو حتى شتلة واحدة من الأزهار. الخطوة التالية له، على هدي الانتقام الذاتي ......
#موناليزا
#الحزينة:
#مستهل
#الفصل
#الرابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=696227
الحوار المتمدن
دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل الرابع عشر
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل السادس عشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1 اكتشاف فَدو للبقعة الشبيهة بالجنة، " الدايرة "، بأنها بمثابة جزيرة، جرى إتفاقاً. ذات ظهيرة صيفية، وكان ما زال يعمل معاوناً لشقيقه الكبير، حسينو، الملاحظ للنواطير، خطرَ له أن يتابع سيرَ الجدول، الثر المياه، المنحدر من نهر يزيد في منطقة الجوزة، الواقعة جنوب الحارة. طافَ نظره في الأثناء على عدد كبير من البساتين، المروية من ماء الجدول، وكان قد بدأ يعرف أسماء أصحابها وما لو كانوا من ملّاكين الحارة أو من حي الصالحية، المجاور. بسبب المنحدر الوعر، المتسرب منه الجدول، كان تيار مياهه يندفع بقوة إلى الأسفل، محدثاً هديراً عذباً في الأسماع، يتماهى مع أصوات تغريد الطيور وخوار البقر وصهيل الخيل وطنين الهوام. رائحة حرّيفة، كانت تملأ أنفه طوال سيره بمحاذاة الجدول، وربما لما حفل به من أشنيات فضلاً عن الكائنات المائية؛ مثل الثعابين والسلاحف والسراطين والضفادع والأسماك الدقيقة الحجم. الأشجار، كانت تظلل جانباً كبيراً من الجدول، علاوة على أعواد القصب، المتبدية مع أوراقها الطويلة كالرايات الخضراء. ثمة، من فوق تلة صغيرة، مسكونة بمختلف أنواع الأزهار البرية، أشرفَ على مصب الجدول، المنتهي بالنهر نفسه في جريانه نحو منطقة البدوي في شرق الحي، المفروشة بكروم العنب والزيتون والرمان والتين والصبّار.ذلك المستكشف، الذي ورثَ وظيفة ملاحظ النواطير، عوّل مرةً على رجال العصابات في الحي على أثر مماحكة بينه وبين الملّاكين الصوالحة. القصّة، استهلت بما رآه هؤلاء من شمول الأمن والاطمئنان في مزارعهم، الواقعة إلى الجنوب من الحارة؛ أي في منطقة الدايرة نفسها. فاستدعوا الملاحظ ذات يوم، ليبلغوه بقرارهم صرفَ النواطير لانتفاء الحاجة إليهم. فهم حالاً، ودونما سؤال، أنهم استغنوا أيضاً عن وظيفته. صلاحو، حفيد شقيقه الأكبر موسي، كان وقتئذٍ قد عاد من عمّان نهائياً، ليتورط في أعمال مخالفة للقانون؛ كتهريب المخدرات والاشراف على المقامر وتنظيم عمل الدعارة. طلبه عمُ أبيه، وأفهمه المهمّة المنوطة به. في مساء اليوم التالي، هرعَ البعضُ من أولئك الملّاكين إلى منزل فَدو، لمناشدته العودة إلى عمله مع مرؤوسيه النواطير: الملاحظ السابق، كان في الليلة السابقة قد أوعز لقريبه أن ياخذ عدداً من أفراد العصابات لغزو البساتين ونهب غلالها وسلب ما تيسّرَ من الماشية والدواب! ***أحد النواطير، المتولين حراسة بساتين الدايرة، كان معروفاً بلقب " عبد الليل ". كان من أهالي زقاق حج حسين، يعيش في منزل كبير في صدر دخلة " مرعي دقوري "، يتقاسمه مع شقيقه الوحيد. هذا الشقيق، خلّفت له امرأته الراحلة ابنة، وكانت خفيفة العقل، تدعى " فاطو ". الآخر، كان أيضاً أرمل، ولابنه الوحيد عاهة بدَوره؛ ولو أنه ابتليَ بها عندما كان كبيراً نوعاً ما. كان اسمه " رعد "، توفيت أمه في صغره وكان متعلقاً بها بشدّة. كانت بمثابة الدرع، يحتمي بها من ثورات الأب، القاسي والظالم. مثل سائر غلمان الحارة، كان رعد مغرماً بالدايرة، وقد أوحت له سذاجة تفكيره الاعتقاد أنها ملك أبيه؛ وكان يتفاخر بذلك أمام أقرانه. برغم تشديد الوالد، كان يقضي ساعاتٍ من النهار في جولات لا تهدأ في أنحاء جنّته. الوالد كانت مناوباته الليلية، تضطره للنوم كل فترة الصباح، وذلك عقبَ العودة إلى الدار عند الفجر. ذات يوم، أمسك بالابن العاصي للأوامر، فانهال عليه ضرباً بعصا. إحدى الضربات، لسوء الحظ، سقطت على جبين الغلام، فسببت له العمى تدريجياً. منذئذٍ، أضحى رعد في غاية العدوانية تجاه والده، بحيث تُرِكَ يفعلُ ما يحلو له. لم يتعلم أي صنعة، وكان أمله أن يرثَ مهنة حراسة البساتين؛ لولا تلك الحادثة ......
#موناليزا
#الحزينة:
#مستهل
#الفصل
#السادس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=696920
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1 اكتشاف فَدو للبقعة الشبيهة بالجنة، " الدايرة "، بأنها بمثابة جزيرة، جرى إتفاقاً. ذات ظهيرة صيفية، وكان ما زال يعمل معاوناً لشقيقه الكبير، حسينو، الملاحظ للنواطير، خطرَ له أن يتابع سيرَ الجدول، الثر المياه، المنحدر من نهر يزيد في منطقة الجوزة، الواقعة جنوب الحارة. طافَ نظره في الأثناء على عدد كبير من البساتين، المروية من ماء الجدول، وكان قد بدأ يعرف أسماء أصحابها وما لو كانوا من ملّاكين الحارة أو من حي الصالحية، المجاور. بسبب المنحدر الوعر، المتسرب منه الجدول، كان تيار مياهه يندفع بقوة إلى الأسفل، محدثاً هديراً عذباً في الأسماع، يتماهى مع أصوات تغريد الطيور وخوار البقر وصهيل الخيل وطنين الهوام. رائحة حرّيفة، كانت تملأ أنفه طوال سيره بمحاذاة الجدول، وربما لما حفل به من أشنيات فضلاً عن الكائنات المائية؛ مثل الثعابين والسلاحف والسراطين والضفادع والأسماك الدقيقة الحجم. الأشجار، كانت تظلل جانباً كبيراً من الجدول، علاوة على أعواد القصب، المتبدية مع أوراقها الطويلة كالرايات الخضراء. ثمة، من فوق تلة صغيرة، مسكونة بمختلف أنواع الأزهار البرية، أشرفَ على مصب الجدول، المنتهي بالنهر نفسه في جريانه نحو منطقة البدوي في شرق الحي، المفروشة بكروم العنب والزيتون والرمان والتين والصبّار.ذلك المستكشف، الذي ورثَ وظيفة ملاحظ النواطير، عوّل مرةً على رجال العصابات في الحي على أثر مماحكة بينه وبين الملّاكين الصوالحة. القصّة، استهلت بما رآه هؤلاء من شمول الأمن والاطمئنان في مزارعهم، الواقعة إلى الجنوب من الحارة؛ أي في منطقة الدايرة نفسها. فاستدعوا الملاحظ ذات يوم، ليبلغوه بقرارهم صرفَ النواطير لانتفاء الحاجة إليهم. فهم حالاً، ودونما سؤال، أنهم استغنوا أيضاً عن وظيفته. صلاحو، حفيد شقيقه الأكبر موسي، كان وقتئذٍ قد عاد من عمّان نهائياً، ليتورط في أعمال مخالفة للقانون؛ كتهريب المخدرات والاشراف على المقامر وتنظيم عمل الدعارة. طلبه عمُ أبيه، وأفهمه المهمّة المنوطة به. في مساء اليوم التالي، هرعَ البعضُ من أولئك الملّاكين إلى منزل فَدو، لمناشدته العودة إلى عمله مع مرؤوسيه النواطير: الملاحظ السابق، كان في الليلة السابقة قد أوعز لقريبه أن ياخذ عدداً من أفراد العصابات لغزو البساتين ونهب غلالها وسلب ما تيسّرَ من الماشية والدواب! ***أحد النواطير، المتولين حراسة بساتين الدايرة، كان معروفاً بلقب " عبد الليل ". كان من أهالي زقاق حج حسين، يعيش في منزل كبير في صدر دخلة " مرعي دقوري "، يتقاسمه مع شقيقه الوحيد. هذا الشقيق، خلّفت له امرأته الراحلة ابنة، وكانت خفيفة العقل، تدعى " فاطو ". الآخر، كان أيضاً أرمل، ولابنه الوحيد عاهة بدَوره؛ ولو أنه ابتليَ بها عندما كان كبيراً نوعاً ما. كان اسمه " رعد "، توفيت أمه في صغره وكان متعلقاً بها بشدّة. كانت بمثابة الدرع، يحتمي بها من ثورات الأب، القاسي والظالم. مثل سائر غلمان الحارة، كان رعد مغرماً بالدايرة، وقد أوحت له سذاجة تفكيره الاعتقاد أنها ملك أبيه؛ وكان يتفاخر بذلك أمام أقرانه. برغم تشديد الوالد، كان يقضي ساعاتٍ من النهار في جولات لا تهدأ في أنحاء جنّته. الوالد كانت مناوباته الليلية، تضطره للنوم كل فترة الصباح، وذلك عقبَ العودة إلى الدار عند الفجر. ذات يوم، أمسك بالابن العاصي للأوامر، فانهال عليه ضرباً بعصا. إحدى الضربات، لسوء الحظ، سقطت على جبين الغلام، فسببت له العمى تدريجياً. منذئذٍ، أضحى رعد في غاية العدوانية تجاه والده، بحيث تُرِكَ يفعلُ ما يحلو له. لم يتعلم أي صنعة، وكان أمله أن يرثَ مهنة حراسة البساتين؛ لولا تلك الحادثة ......
#موناليزا
#الحزينة:
#مستهل
#الفصل
#السادس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=696920
الحوار المتمدن
دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل السادس عشر
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل التاسع عشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الحياة الزوجية لمزيّن، كانت على الوتيرة نفسها من التوتر والقلق والقنوط. مع أنها استقلت في منزلها منذ ما يزيد عن السبعة أعوام، بقيت تشعر كما لو أن الخصوم يحاصرونها من كل الجهات. علاقاتها كانت سيئة بالجميع، وفي مقدمتهم الزوج. هذا الأخير، تلقاء سلوكها العدوانيّ معه ومع أقاربه، كان يهددها في كل سانحة بالطلاق. في الآونة الأخيرة، عقبَ مقتل رودا، ردت على زوجها ذات مرة بالقول: " لعلك لا تطلقني، بل تعمد إلى خنقي، كما فعل ابن أخيك ". ثم تردد هذه الجملة، ساخرةً: " عائلة مجانين ومعتوهين! ". فَدو، لم يزِد على هزّ رأسه مطلقاً ضحكة مفعمة بالهزء والشفقة في آنٍ معاً. مشروع زواجه من تحيّة، الذي لمّح إليه مع والدتها، أجّل البت فيه احتراماً لمرض صالح الأخير ومن ثم رحيله عن الدنيا. بمجرد انقضاء فترة الحِداد، طلبَ الفتاة من السيّدة ريما. قبل ذلك، واحتياطاً، عمّرَ حجرة نوم جديدة. قال لحماة المستقبل: " ستكون كلاهما بمنأى عن الأخرى، بالنظر أيضاً لوجود المطبخ القديم. أما لو طلبت مزيّن الطلاق، فإن ابنتك ستكون سيّدة المنزل بلا منازع ". عدم رميه اليمين على امرأته، مثلما كان يؤكّد، إنما بسبب صداقته لأخيها غير الشقيق؛ طراد آغا. لكنه واجهها بنيّته جلبَ ضرّةٍ، لما ضمنت السيّدة ريما موافقة الابنة المعنيّة. جواباً، قالت مزيّن راسمةً على فمها ابتسامة مسمومة: " لن أطلب الطلاقَ إلا لو حبلت امرأتك الجديدة. وهذا أمرٌ محال، لأننا لسنا في عصر المعجزات! ". المفردة الأخيرة في جملتها، تُحيل إلى استهلاك صاحبتها للعديد من الحيل طوال عشر سنين من العشرة الزوجية على أمل الإنجاب. قابلة الحارة، غذّت هذا الأمل بوصفات العطارة إضافةً لارشادات معيّنة فيما يتوجب عمله عند ممارسة الحب. لكن ذلك كله، كان عبثاً. عندئذٍ عادت مزيّن إلى نغمتها القديمة، لتؤكّد أن العقمَ سببه الزوج طالما أنه كان أرمل حينما اقترنت به. ***وغدت مزيّن امرأة سوداء السريرة، تكره الأطفال في باطنها، وفي العلن لو كانوا أبناء عشيرة الزوج؛ بالأخص أولاد بيان. وكانت تتحيّن الفرصَ، للكيد لهذه الأخيرة. فلو أن علاقة بيان ساءت بإحدى الجارات، فإن مزيّن كانت تظهر الود لأطفال الجارة وتوزّع عليهم السكاكر. ذات صباح، وكان ابن بيان الكبير قد أضحى في سنّ الخامسة، طلبَ منها أن ترمي إليه بحبّة سكاكر أسوةً ببقية الأطفال. عند ذلك، مدت له يدها بطلبه. لما هم بتناولها، قبضت على يده ثم جرته إلى وراء باب البيت وانهالت عليه ضرباً. بمجرد أن أفلتته وخرجَ باكياً، أمسك حجراً بيده وصوَّب إلى نافذة حجرتها. عقبَ عودة فَدو من الخارج، لفتت نظره إلى النافذة: " لقد كسر زجاجها، ابن أخيك الشيطان ". فيما بعد، عندما علم العم من ابن أخيه بسبب فعلته تلك، قال له ضاحكاً: " في المرة القادمة، أكسر لها رأسها بالحجر! ".ثم أظهرت مزيّن براعتها في دس أنفها بمشاكل الجيران. ابنة حج عبده تلك، التي سبقَ وجعلتها في خدمتها للتجسس على حركات فَدو، كانت ما تفتأ على الود معها عقبَ زواجها من ضابط من أولاد الحارة. لما زارتها هذه وبيدها طفلها الرضيع، لمّحت إلى امرأة أبيها بزعم أنها تُسيء معاملة شقيقتها الصغيرة. في حقيقة الحال، أنّ نجوى كانت صديقة حميمة لبيان؛ وهذا كان سبباً كافياً لمزيّن كي تختلق ذلك الزعم. كانت بمثابة الأم لأولاد رجلها، لكنها اضطرت لتكون حازمة مع الصغار منهم بسبب غيابه؛ هوَ المحكوم بالسجن بسبب قضية مقتل شقيقه أحمي. صغرى أولئك الأبناء، وكانت في عُمر ابنة بيان البكر، هُرعت ذات يوم إلى امرأة أبيها: " ماما، الأولاد قالوا لي أنك لست أمي "، قالتها وهي تبكي بمرا ......
#موناليزا
#الحزينة:
#مستهل
#الفصل
#التاسع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=698398
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الحياة الزوجية لمزيّن، كانت على الوتيرة نفسها من التوتر والقلق والقنوط. مع أنها استقلت في منزلها منذ ما يزيد عن السبعة أعوام، بقيت تشعر كما لو أن الخصوم يحاصرونها من كل الجهات. علاقاتها كانت سيئة بالجميع، وفي مقدمتهم الزوج. هذا الأخير، تلقاء سلوكها العدوانيّ معه ومع أقاربه، كان يهددها في كل سانحة بالطلاق. في الآونة الأخيرة، عقبَ مقتل رودا، ردت على زوجها ذات مرة بالقول: " لعلك لا تطلقني، بل تعمد إلى خنقي، كما فعل ابن أخيك ". ثم تردد هذه الجملة، ساخرةً: " عائلة مجانين ومعتوهين! ". فَدو، لم يزِد على هزّ رأسه مطلقاً ضحكة مفعمة بالهزء والشفقة في آنٍ معاً. مشروع زواجه من تحيّة، الذي لمّح إليه مع والدتها، أجّل البت فيه احتراماً لمرض صالح الأخير ومن ثم رحيله عن الدنيا. بمجرد انقضاء فترة الحِداد، طلبَ الفتاة من السيّدة ريما. قبل ذلك، واحتياطاً، عمّرَ حجرة نوم جديدة. قال لحماة المستقبل: " ستكون كلاهما بمنأى عن الأخرى، بالنظر أيضاً لوجود المطبخ القديم. أما لو طلبت مزيّن الطلاق، فإن ابنتك ستكون سيّدة المنزل بلا منازع ". عدم رميه اليمين على امرأته، مثلما كان يؤكّد، إنما بسبب صداقته لأخيها غير الشقيق؛ طراد آغا. لكنه واجهها بنيّته جلبَ ضرّةٍ، لما ضمنت السيّدة ريما موافقة الابنة المعنيّة. جواباً، قالت مزيّن راسمةً على فمها ابتسامة مسمومة: " لن أطلب الطلاقَ إلا لو حبلت امرأتك الجديدة. وهذا أمرٌ محال، لأننا لسنا في عصر المعجزات! ". المفردة الأخيرة في جملتها، تُحيل إلى استهلاك صاحبتها للعديد من الحيل طوال عشر سنين من العشرة الزوجية على أمل الإنجاب. قابلة الحارة، غذّت هذا الأمل بوصفات العطارة إضافةً لارشادات معيّنة فيما يتوجب عمله عند ممارسة الحب. لكن ذلك كله، كان عبثاً. عندئذٍ عادت مزيّن إلى نغمتها القديمة، لتؤكّد أن العقمَ سببه الزوج طالما أنه كان أرمل حينما اقترنت به. ***وغدت مزيّن امرأة سوداء السريرة، تكره الأطفال في باطنها، وفي العلن لو كانوا أبناء عشيرة الزوج؛ بالأخص أولاد بيان. وكانت تتحيّن الفرصَ، للكيد لهذه الأخيرة. فلو أن علاقة بيان ساءت بإحدى الجارات، فإن مزيّن كانت تظهر الود لأطفال الجارة وتوزّع عليهم السكاكر. ذات صباح، وكان ابن بيان الكبير قد أضحى في سنّ الخامسة، طلبَ منها أن ترمي إليه بحبّة سكاكر أسوةً ببقية الأطفال. عند ذلك، مدت له يدها بطلبه. لما هم بتناولها، قبضت على يده ثم جرته إلى وراء باب البيت وانهالت عليه ضرباً. بمجرد أن أفلتته وخرجَ باكياً، أمسك حجراً بيده وصوَّب إلى نافذة حجرتها. عقبَ عودة فَدو من الخارج، لفتت نظره إلى النافذة: " لقد كسر زجاجها، ابن أخيك الشيطان ". فيما بعد، عندما علم العم من ابن أخيه بسبب فعلته تلك، قال له ضاحكاً: " في المرة القادمة، أكسر لها رأسها بالحجر! ".ثم أظهرت مزيّن براعتها في دس أنفها بمشاكل الجيران. ابنة حج عبده تلك، التي سبقَ وجعلتها في خدمتها للتجسس على حركات فَدو، كانت ما تفتأ على الود معها عقبَ زواجها من ضابط من أولاد الحارة. لما زارتها هذه وبيدها طفلها الرضيع، لمّحت إلى امرأة أبيها بزعم أنها تُسيء معاملة شقيقتها الصغيرة. في حقيقة الحال، أنّ نجوى كانت صديقة حميمة لبيان؛ وهذا كان سبباً كافياً لمزيّن كي تختلق ذلك الزعم. كانت بمثابة الأم لأولاد رجلها، لكنها اضطرت لتكون حازمة مع الصغار منهم بسبب غيابه؛ هوَ المحكوم بالسجن بسبب قضية مقتل شقيقه أحمي. صغرى أولئك الأبناء، وكانت في عُمر ابنة بيان البكر، هُرعت ذات يوم إلى امرأة أبيها: " ماما، الأولاد قالوا لي أنك لست أمي "، قالتها وهي تبكي بمرا ......
#موناليزا
#الحزينة:
#مستهل
#الفصل
#التاسع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=698398
الحوار المتمدن
دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل التاسع عشر