علا شيب الدين : على قيد الرَّفض
#الحوار_المتمدن
#علا_شيب_الدين أن تبقى على قيد الرفض، يعني أن تبقى على قيد الحُلم. أن ترفض، يعني أن تكون موجودًا. ليس الرفض هنا هو ذاك الذي يفضي إلى السلبية الرديئة، وهو طبعًا لا يفضي إلى العدم.يمكن للرفض هنا أن يكون دربًا طويلًا مذروًا بالرياح، ويمكنه أن يكون إبحارًا في النفس، لكن هذا الإبحار ليس سلسًا، كما نظن، كونه ينطوي على مساءَلة شائكة ومستمرة للنفس بدلًا من تهدئتها. حين نجهل قيمة أنفسنا -مثلًا- نعرّضها للاستغلال. هكذا، قد ننزع إلى تأنيب مَن كانوا سببًا في وجودنا في هذه الحياة، كونهم لم ينتبهوا إلى ضرورة أن يكون الإنسان الفرد واثقًا في نفسه (من دون تطرّف ولا غلوّ)، بل رافضًا، عارفًا قيمة الذات، غير مبذِّر لها كيفما اتّفَق، وغير ميّال إلى تحطيمها أو جَلْدها واضطهادها. إنما الأهم الآن، وفي كل آن، هو التوقف عن تدمير ذواتنا الطيّبة. طيبة القلب -على سبيل المثال- ليست سذاجة كما يُظن أحيانًا. إنها من أنبل ما يمكن للإنسان الفرد أن يمتلكه. ما يحتاج إليه كل فرد منّا، ليس الاعتراف فحسب، بل الاحترام أيضًا. إنك تدفع بشخص ما إلى أن يصير مجرمًا ربما، حينما لا تحترم ذاته وكينونته، بل قد تخلّصه من شروره؛ إذا ما احترمته بوصفه ذاتًا وكينونة، وربما تدفع به صوب الأفق والنجاح والخير والجمال. الاحترام يعني ألا نزوّر الاستجابة للحياة بما يتلاءم وشروطنا أو طوق أفكارنا المكرورة.أن يرفض الإنسان الفرد، يعني أن ينشل ذاته من العمومية العمياء. والرفض بالنسبة إلى رافض حقيقي، ليس نهائيًا، بل يجيد مجادلة الأصول والقطعيات والوثوقيات. معنى الإنسان الفرد يكمن غالبًا في الرفض، لا في الرضى ولا في التسليم. لكل فرد معنى، وعليه أن يدافع عنه حتى الرمق الأخير، في أغوار الروح. يُعادى الفرد الحر عادةً من كل حدب وصوب، لأن جوهره لا ......
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=673197
#الحوار_المتمدن
#علا_شيب_الدين أن تبقى على قيد الرفض، يعني أن تبقى على قيد الحُلم. أن ترفض، يعني أن تكون موجودًا. ليس الرفض هنا هو ذاك الذي يفضي إلى السلبية الرديئة، وهو طبعًا لا يفضي إلى العدم.يمكن للرفض هنا أن يكون دربًا طويلًا مذروًا بالرياح، ويمكنه أن يكون إبحارًا في النفس، لكن هذا الإبحار ليس سلسًا، كما نظن، كونه ينطوي على مساءَلة شائكة ومستمرة للنفس بدلًا من تهدئتها. حين نجهل قيمة أنفسنا -مثلًا- نعرّضها للاستغلال. هكذا، قد ننزع إلى تأنيب مَن كانوا سببًا في وجودنا في هذه الحياة، كونهم لم ينتبهوا إلى ضرورة أن يكون الإنسان الفرد واثقًا في نفسه (من دون تطرّف ولا غلوّ)، بل رافضًا، عارفًا قيمة الذات، غير مبذِّر لها كيفما اتّفَق، وغير ميّال إلى تحطيمها أو جَلْدها واضطهادها. إنما الأهم الآن، وفي كل آن، هو التوقف عن تدمير ذواتنا الطيّبة. طيبة القلب -على سبيل المثال- ليست سذاجة كما يُظن أحيانًا. إنها من أنبل ما يمكن للإنسان الفرد أن يمتلكه. ما يحتاج إليه كل فرد منّا، ليس الاعتراف فحسب، بل الاحترام أيضًا. إنك تدفع بشخص ما إلى أن يصير مجرمًا ربما، حينما لا تحترم ذاته وكينونته، بل قد تخلّصه من شروره؛ إذا ما احترمته بوصفه ذاتًا وكينونة، وربما تدفع به صوب الأفق والنجاح والخير والجمال. الاحترام يعني ألا نزوّر الاستجابة للحياة بما يتلاءم وشروطنا أو طوق أفكارنا المكرورة.أن يرفض الإنسان الفرد، يعني أن ينشل ذاته من العمومية العمياء. والرفض بالنسبة إلى رافض حقيقي، ليس نهائيًا، بل يجيد مجادلة الأصول والقطعيات والوثوقيات. معنى الإنسان الفرد يكمن غالبًا في الرفض، لا في الرضى ولا في التسليم. لكل فرد معنى، وعليه أن يدافع عنه حتى الرمق الأخير، في أغوار الروح. يُعادى الفرد الحر عادةً من كل حدب وصوب، لأن جوهره لا ......
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=673197
الحوار المتمدن
علا شيب الدين - على قيد الرَّفض
علا شيب الدين : اللجوء والزمن
#الحوار_المتمدن
#علا_شيب_الدين كانت تمطر بغزارة في مدينة كولونيا؛ بينما كنتُ أنتظر القطار، وثمة امرأة “لاجئة” أيضاً كانت تنتظر وطفلتها مثلي، لكن على هيئة لعب، حيث كانتا تلعبان معاً لعبة يتمركز خلالها أحد طرفي اللعبة على مبعدة من الطرف الآخر قبل أن يقتربا من بعضهما بخطوات رتيبة مع تكرار لفظتَي “تيك.. تاك”، وهكذا إلى أن تعلن الخطوة الأخيرة فوز أحد الطرفين عبْر وضع القدم الفائزة فوق القدم الخاسرة.تأملتُ اللعبة وخلتُها هي نفسها لعبة الزمن الاعتيادي اليومي، الذي تبرهن لنا ساعات اليد والهاتف الجوّال وجلّ أنواع الساعات، أنه يمرّ بشكل منتظم وجامد، لا “أكشن” فيه ولا حرارة أو روح: “تيك تاك”. تأملت اللعبة وخلتها هي نفسها لعبة زمن اللجوء الذي “نعيش” فيه ويعتصرنا ويصنّعنا: “تيك تاك”. زمن لا أدّعي أني أفهمه بشكل جيد، خصوصاً إذ يخيَّل إلي أننا قد خلونا من مشاعر من شأنها أن تبطىء الزمن تارة، وأن تسرّعه طوراً. أما فيما يخص الفرح العميق الخاطف، فيبدو الزمن كما لو أنه قد فُقِد!يحيل زمن اللجوء في هذا المعنى، الأحداثَ إلى حكايات وذكريات قريبة وبعيدة مشوَّهة. كل شيء يمرّ بسرعة خاطفة كمِثل فخّ، وعلى اللاجىء في “زمنه” أن يحتفظ بعقله لنفسه تحت خيمة “الاندماج”. تلك التي من شأنها تحويل الكائن البشري إلى مادة خام صالحة للتشكيل والصناعة.لم يكن قد مرَّ على “لجوئي” أكثر من شهرين، حين قالت لي “لاجئة” قديمة في ألمانيا: “غداً تصبح الشهور سنين، تمر سريعاً دونما حسّ”. ها قد صرتُ في سنة لجوء ثالثة و”لم أحس” فعلاً! يبدو أن زمن اللجوء هكذا، يمرُّ من دون إحساس، مع أني وسط معمعةِ مفارَقةٍ أحس فيها إحساساً مختلفاً عميقاً ومضاعَفاً. زمن اللجوء ربما يتقاطع وسلطة نجاحٍ تحدد البشر وتقسرهم على أن يكونوا مثل ملائكية خاوية. ولنا هنا أن نتأمل ملياً في قصة تحدثت عنها وسائل الإعلام بوصفها مثالاً ناجحاً للاندماج، كطبيب لا يفهم سوى بالمادة أما الروح فلا. إنها قصة لاجىء في ألمانيا نجح في أن يعملَ كحلاّق، قبل أن تعود وسائل الإعلام لتتحدث عن طعن اللاجىء نفسه ربَّ عمله بسكين. ربما يحق لنا هنا أن نفترض أن هذا “الناجح” كان يريد القول: “لستُ ناجحاً فحسب، بل أنا مقهور حتى الجريمة”. تلك الجريمة التي قد يقترفها أيضاً مواطن أصلي انتقاماً من سلطة النجاح المتسلطة المخادعة، فالجريمة ليست حكراً على جنس بعينه أو جنسية بعينها. هكذا يبدو زمن اللجوء كأنه لا يعرف نجاحاً.. لا يعرف إخفاقاً. هو فقط زمن رتيب.صحيح أن الناس هم الناس دائماً، غير أن زمن اللجوء هذا ليس واحداً في كل الأصقاع. هو في لبنان مثلاً يشبه سعيراً في جحيم أرضيّ. الإحساس بزمن اللجوء هنا هو كمَن يحس بالأرض تميد من تحته. أما نحن القابعون في زمن اللجوء الآخر، نرقب في تقزز مرير وقلب كسير، يتكرس فينا شعورنا بأننا في عالم لا معنى له، تتسيّده قوى الخشونة والغلظة والنفوس الفاسدة، فتعترينا عزلة عجيبة.لكن في عالم كهذا، مليء بالوحشية وبالصغار المفزعين، عالم كمثل سكّير شرير وأخرق، لا محيص من أن نبقى حالمين، رافضين متمردين، معاكسين سلطة الكثرة والسائد، معاندين، متبصرين في كل ما يجعل هذا العالم عالماً ممكناً العيش فيه، وأن ندرك أن الأشياء لا تكتمل إلا لتتحطم. فليكتمل الشر في هذا العالم إذن، لكي يتحطم ويزهر الخير والجمال والحق. وما اكتمال قبح العصابة الأسدية وأمثالها في ارتكاب الجريمة المنظمة سوى تحطمها ونهوض سوريا الحلم. “إنها سوريا العظيمة وليست سوريا الأسد”، كان هذا آخر ما كتبته من باريس الفنانة السورية الراحلة مي سكاف التي طالما رددت “هاي الثورة ثورتي لموت” ......
#اللجوء
#والزمن
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=680769
#الحوار_المتمدن
#علا_شيب_الدين كانت تمطر بغزارة في مدينة كولونيا؛ بينما كنتُ أنتظر القطار، وثمة امرأة “لاجئة” أيضاً كانت تنتظر وطفلتها مثلي، لكن على هيئة لعب، حيث كانتا تلعبان معاً لعبة يتمركز خلالها أحد طرفي اللعبة على مبعدة من الطرف الآخر قبل أن يقتربا من بعضهما بخطوات رتيبة مع تكرار لفظتَي “تيك.. تاك”، وهكذا إلى أن تعلن الخطوة الأخيرة فوز أحد الطرفين عبْر وضع القدم الفائزة فوق القدم الخاسرة.تأملتُ اللعبة وخلتُها هي نفسها لعبة الزمن الاعتيادي اليومي، الذي تبرهن لنا ساعات اليد والهاتف الجوّال وجلّ أنواع الساعات، أنه يمرّ بشكل منتظم وجامد، لا “أكشن” فيه ولا حرارة أو روح: “تيك تاك”. تأملت اللعبة وخلتها هي نفسها لعبة زمن اللجوء الذي “نعيش” فيه ويعتصرنا ويصنّعنا: “تيك تاك”. زمن لا أدّعي أني أفهمه بشكل جيد، خصوصاً إذ يخيَّل إلي أننا قد خلونا من مشاعر من شأنها أن تبطىء الزمن تارة، وأن تسرّعه طوراً. أما فيما يخص الفرح العميق الخاطف، فيبدو الزمن كما لو أنه قد فُقِد!يحيل زمن اللجوء في هذا المعنى، الأحداثَ إلى حكايات وذكريات قريبة وبعيدة مشوَّهة. كل شيء يمرّ بسرعة خاطفة كمِثل فخّ، وعلى اللاجىء في “زمنه” أن يحتفظ بعقله لنفسه تحت خيمة “الاندماج”. تلك التي من شأنها تحويل الكائن البشري إلى مادة خام صالحة للتشكيل والصناعة.لم يكن قد مرَّ على “لجوئي” أكثر من شهرين، حين قالت لي “لاجئة” قديمة في ألمانيا: “غداً تصبح الشهور سنين، تمر سريعاً دونما حسّ”. ها قد صرتُ في سنة لجوء ثالثة و”لم أحس” فعلاً! يبدو أن زمن اللجوء هكذا، يمرُّ من دون إحساس، مع أني وسط معمعةِ مفارَقةٍ أحس فيها إحساساً مختلفاً عميقاً ومضاعَفاً. زمن اللجوء ربما يتقاطع وسلطة نجاحٍ تحدد البشر وتقسرهم على أن يكونوا مثل ملائكية خاوية. ولنا هنا أن نتأمل ملياً في قصة تحدثت عنها وسائل الإعلام بوصفها مثالاً ناجحاً للاندماج، كطبيب لا يفهم سوى بالمادة أما الروح فلا. إنها قصة لاجىء في ألمانيا نجح في أن يعملَ كحلاّق، قبل أن تعود وسائل الإعلام لتتحدث عن طعن اللاجىء نفسه ربَّ عمله بسكين. ربما يحق لنا هنا أن نفترض أن هذا “الناجح” كان يريد القول: “لستُ ناجحاً فحسب، بل أنا مقهور حتى الجريمة”. تلك الجريمة التي قد يقترفها أيضاً مواطن أصلي انتقاماً من سلطة النجاح المتسلطة المخادعة، فالجريمة ليست حكراً على جنس بعينه أو جنسية بعينها. هكذا يبدو زمن اللجوء كأنه لا يعرف نجاحاً.. لا يعرف إخفاقاً. هو فقط زمن رتيب.صحيح أن الناس هم الناس دائماً، غير أن زمن اللجوء هذا ليس واحداً في كل الأصقاع. هو في لبنان مثلاً يشبه سعيراً في جحيم أرضيّ. الإحساس بزمن اللجوء هنا هو كمَن يحس بالأرض تميد من تحته. أما نحن القابعون في زمن اللجوء الآخر، نرقب في تقزز مرير وقلب كسير، يتكرس فينا شعورنا بأننا في عالم لا معنى له، تتسيّده قوى الخشونة والغلظة والنفوس الفاسدة، فتعترينا عزلة عجيبة.لكن في عالم كهذا، مليء بالوحشية وبالصغار المفزعين، عالم كمثل سكّير شرير وأخرق، لا محيص من أن نبقى حالمين، رافضين متمردين، معاكسين سلطة الكثرة والسائد، معاندين، متبصرين في كل ما يجعل هذا العالم عالماً ممكناً العيش فيه، وأن ندرك أن الأشياء لا تكتمل إلا لتتحطم. فليكتمل الشر في هذا العالم إذن، لكي يتحطم ويزهر الخير والجمال والحق. وما اكتمال قبح العصابة الأسدية وأمثالها في ارتكاب الجريمة المنظمة سوى تحطمها ونهوض سوريا الحلم. “إنها سوريا العظيمة وليست سوريا الأسد”، كان هذا آخر ما كتبته من باريس الفنانة السورية الراحلة مي سكاف التي طالما رددت “هاي الثورة ثورتي لموت” ......
#اللجوء
#والزمن
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=680769
الحوار المتمدن
علا شيب الدين - اللجوء والزمن
علا شيب الدين : في البساطة والهجران
#الحوار_المتمدن
#علا_شيب_الدين المكان بالنسبة إليّ كثافة مجدولة وسيولة الزمان: تتطاحنان، تتطارحان،تنصتان، تتناغمان، تصمتان، تتقدان، تترمّدان،تتخضّبان، ترتعشان، تهدمان، تبنيان، تتفكَّكان، تُفكِّكان، تنسجان، تحلّان، تربطان، تخضّران، تيبسان، تعلوان، تهبطان، ترتجّان، تتفجّران، تخمدان، تطولان، تقصران، تمتدّان، تجزران، تهمدان، تشتعلان، تخبوان، تنكشفان، تسرّان، تفصحان، تُظلمان، تنيران...، لكنهما مجدولتان. كلتاهما صرخة وجود مطلق وتشظٍّ، المكان صرخة متشكِّلة وتتشكّل بلا هوادة، الزمان ريح تصفر بلا هوادة.كلّما حللتُ في مكان انحلَّ وصار فيَّ نسغًا، أو سرمدًا وإنْ للحظة مدمِّرة تارة، ملتفّة طورًا كمِثل نبتة تنسلّ بهدوء وبطء صاعدَين حول جذع شجرة، حتى تكاد تصيره أو يصيرها. أنجدلُ وجديلة الكثافة والسيولة، ولا أنتهز. تُرى أيهما الأبلغ، الزمان والمكان أم الشعور فيهما وحيالهما؟.أفكر من مكاني هنا وزماني، في مكاني هناك وزماني، في بلدي الأم سوريا، في شوارعي وأزقتي، في حاراتي، في بيتي، في غرفتي، في دهاليزي ومتاهاتي، ما حالها من بَعدي وفي بُعدي؟ هل لا أزال أسكنها مثلما تسكنني؟ هل تشتاقني مثلما أشتاقها؟ هل تتألم لفراقي وتبكيني وتنزف؟ أحنُّ إلى رسائل مختبئة في حنايا غرفتي، إلى سريري، إلى ألعابٍ لكلٍّ منها حكاية وشخوص وزمان ومكان. أحنّ إلى مكتبتي الصغيرة تحت شبّاكٍ يطلّ على صخرة كنّا نسمّيها “كرسيّ الملك” لطالما نُسجت حولها حكايات وحكايات، مكتبتي التي صنعتها بيديّ هاتين ذات شقاوةٍ ممطِرة.أصْل مكتبتي خزانة خشبية “بوفيه” (مَن قال إن الأصول ثابتة لا تتحوّل؟!).كانت تلك الخزانة تقبع في إحدى زوايا المطبخ، وتحتمل ثقل الصحون والكاسات وأشياء كثيرة أخرى. ظلّت على مرّ عقود تحتمل وتصبر، إلى أن اندلع يومٌ انهارت فيه، معلنةً هجران الثقل والمكان؛ فرُمي حطامها خلف البيت. وقفتُ حينذاك أمام الحطام حزينة، هالني انهيارها، ثم رمْيها بعد نسيان أفضالها في احتمال ثقلٍ مديد.اجتاحت رأسي فكرة مجنونة، تعيد إلى هذا الحطام كرامته، وتكرّم خزانة احتملت الكثير وصبرت بصمت بالغ. حملتُ الحطام إلى غرفتي، إلى وحدتي، إلى عمقي، ورحتُ أنفث فيه الروح. أعدتُ للأرجل المتهاوية ما ضاع منها، أي نعمة الوقوف فوق أرض هي بمثابة قلبِ مبسوط بساطة كفّ مبسوطة لتلقّف حبّات مطرٍ شاردة؛ وفوق الأرجل الواقفة مجدَّدًا ارتفعت ثلاثة رفوف، معلنةً ولادة مكتبة صغيرة. رصفتُ فوق الرفوف كتبًا في الأدب وفي الفلسفة والعلم، وعلى سطحها، ألقيتُ أشياء خفيفة خفّة الروح، النبض، الخلايا المنتجة. تعايشنا أنا والخزانة/المكتبة بعد ذلك، سنوات طوال. تعرف ما بي وأعرف ما بها. تتذكَر الصحون والكاسات والملاعق، فأذكّرها بالآداب والأفكار والمعارف. أرعاها ليلاً نهارًا، برمش العين وماء القلب وحشائش الوجدان.الآن، هي وحيدة من دوني هناك، وأنا وحيدة هنا من دونها، يعزّيني في هذا الهجران الموجِع، أنَّ سرّها يسكنني، وربما يعزّيها أنّي أودعتها الكثير من أسراري وأحلامي ورؤاي.***بعيدًا من ضجيج “الإجراءات” و”اليوميات” وقسوتها وابتذالها واستنزافها المستمر للفرادة، أمشي هنا أحيانًا.تأخذني الدروب إلى أمكنتي من غير ترتيب أو تخطيط، ومذ اهتديتُ، قبل بضعة أشهر، إلى عنوان المكتبة المركزية في “نويماركت”، المنطقة التي تقبع بدورها في مركز مدينة كولونيا غرب ألمانيا؛ لم أنقطع عن زيارتها، حتى أني بتُّ أشعر حيالها شعور البيت، لا المكتبة العامة.تُعيرني هذه المكتبة/البيت، روايات بلغتي الأم، تسمح لي بالجلوس متأملة ساهمة صامتة وشاردة، تتلقّفني كلّما اقترب التيه، ......
#البساطة
#والهجران
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=684573
#الحوار_المتمدن
#علا_شيب_الدين المكان بالنسبة إليّ كثافة مجدولة وسيولة الزمان: تتطاحنان، تتطارحان،تنصتان، تتناغمان، تصمتان، تتقدان، تترمّدان،تتخضّبان، ترتعشان، تهدمان، تبنيان، تتفكَّكان، تُفكِّكان، تنسجان، تحلّان، تربطان، تخضّران، تيبسان، تعلوان، تهبطان، ترتجّان، تتفجّران، تخمدان، تطولان، تقصران، تمتدّان، تجزران، تهمدان، تشتعلان، تخبوان، تنكشفان، تسرّان، تفصحان، تُظلمان، تنيران...، لكنهما مجدولتان. كلتاهما صرخة وجود مطلق وتشظٍّ، المكان صرخة متشكِّلة وتتشكّل بلا هوادة، الزمان ريح تصفر بلا هوادة.كلّما حللتُ في مكان انحلَّ وصار فيَّ نسغًا، أو سرمدًا وإنْ للحظة مدمِّرة تارة، ملتفّة طورًا كمِثل نبتة تنسلّ بهدوء وبطء صاعدَين حول جذع شجرة، حتى تكاد تصيره أو يصيرها. أنجدلُ وجديلة الكثافة والسيولة، ولا أنتهز. تُرى أيهما الأبلغ، الزمان والمكان أم الشعور فيهما وحيالهما؟.أفكر من مكاني هنا وزماني، في مكاني هناك وزماني، في بلدي الأم سوريا، في شوارعي وأزقتي، في حاراتي، في بيتي، في غرفتي، في دهاليزي ومتاهاتي، ما حالها من بَعدي وفي بُعدي؟ هل لا أزال أسكنها مثلما تسكنني؟ هل تشتاقني مثلما أشتاقها؟ هل تتألم لفراقي وتبكيني وتنزف؟ أحنُّ إلى رسائل مختبئة في حنايا غرفتي، إلى سريري، إلى ألعابٍ لكلٍّ منها حكاية وشخوص وزمان ومكان. أحنّ إلى مكتبتي الصغيرة تحت شبّاكٍ يطلّ على صخرة كنّا نسمّيها “كرسيّ الملك” لطالما نُسجت حولها حكايات وحكايات، مكتبتي التي صنعتها بيديّ هاتين ذات شقاوةٍ ممطِرة.أصْل مكتبتي خزانة خشبية “بوفيه” (مَن قال إن الأصول ثابتة لا تتحوّل؟!).كانت تلك الخزانة تقبع في إحدى زوايا المطبخ، وتحتمل ثقل الصحون والكاسات وأشياء كثيرة أخرى. ظلّت على مرّ عقود تحتمل وتصبر، إلى أن اندلع يومٌ انهارت فيه، معلنةً هجران الثقل والمكان؛ فرُمي حطامها خلف البيت. وقفتُ حينذاك أمام الحطام حزينة، هالني انهيارها، ثم رمْيها بعد نسيان أفضالها في احتمال ثقلٍ مديد.اجتاحت رأسي فكرة مجنونة، تعيد إلى هذا الحطام كرامته، وتكرّم خزانة احتملت الكثير وصبرت بصمت بالغ. حملتُ الحطام إلى غرفتي، إلى وحدتي، إلى عمقي، ورحتُ أنفث فيه الروح. أعدتُ للأرجل المتهاوية ما ضاع منها، أي نعمة الوقوف فوق أرض هي بمثابة قلبِ مبسوط بساطة كفّ مبسوطة لتلقّف حبّات مطرٍ شاردة؛ وفوق الأرجل الواقفة مجدَّدًا ارتفعت ثلاثة رفوف، معلنةً ولادة مكتبة صغيرة. رصفتُ فوق الرفوف كتبًا في الأدب وفي الفلسفة والعلم، وعلى سطحها، ألقيتُ أشياء خفيفة خفّة الروح، النبض، الخلايا المنتجة. تعايشنا أنا والخزانة/المكتبة بعد ذلك، سنوات طوال. تعرف ما بي وأعرف ما بها. تتذكَر الصحون والكاسات والملاعق، فأذكّرها بالآداب والأفكار والمعارف. أرعاها ليلاً نهارًا، برمش العين وماء القلب وحشائش الوجدان.الآن، هي وحيدة من دوني هناك، وأنا وحيدة هنا من دونها، يعزّيني في هذا الهجران الموجِع، أنَّ سرّها يسكنني، وربما يعزّيها أنّي أودعتها الكثير من أسراري وأحلامي ورؤاي.***بعيدًا من ضجيج “الإجراءات” و”اليوميات” وقسوتها وابتذالها واستنزافها المستمر للفرادة، أمشي هنا أحيانًا.تأخذني الدروب إلى أمكنتي من غير ترتيب أو تخطيط، ومذ اهتديتُ، قبل بضعة أشهر، إلى عنوان المكتبة المركزية في “نويماركت”، المنطقة التي تقبع بدورها في مركز مدينة كولونيا غرب ألمانيا؛ لم أنقطع عن زيارتها، حتى أني بتُّ أشعر حيالها شعور البيت، لا المكتبة العامة.تُعيرني هذه المكتبة/البيت، روايات بلغتي الأم، تسمح لي بالجلوس متأملة ساهمة صامتة وشاردة، تتلقّفني كلّما اقترب التيه، ......
#البساطة
#والهجران
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=684573
الحوار المتمدن
علا شيب الدين - في البساطة والهجران