عز الدين المصري : قراءة تحليلية في أغنية وليم نصار: لبنان بكرا
#الحوار_المتمدن
#عز_الدين_المصري حين غنى لبيروت أول مرة .. انطلق الرصاص؛ ليزرع لحنه الدموي في جسده النحيل، لكنه غنى ولا زال يغني. أنهك السرطان جسده، وامتزج دمه بالكيماوي، لكنه عاند المرض والموت فلحن وغنى، وبات يهدي للموت كل حين وردة، لقد أدرك بفطنة الشاعر ورهافة الموسيقي وعناد الثائر، أنه إن لم يواصل القفز فوق أسوار الواقع ويخترق الجدران، فلن يكون أكثر من معطف بال معلق على الحائط، وأصر أن يمضى يعطر روحه الواثبة، فتفوح بشذى الكلمات العذبة والموسيقى التي تختال بألوانها المتنوعة، في خليط يجمع ما بين الأصالة والتقدم، ويمزج بتناسق عجيب ما بين الموسيقى الشرقية والغربية، بكل تنوعاتها.وليم نصار، المسيحي الثائر، الشيوعي المقاوم، الموسيقي التقدمي الملتزم، بقضايا وطنه وأمته، اللبناني المجبول طوعا واقتناعا بثرى فلسطين، المتماهي إلى حد التلاشي بأناسها البسطاء.في الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، وكان في بدايات عمر المراهقة، طاف الملاجئ والمستشفيات والمحاور ليصدح بأغنيات الدفاع عن الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، وبعد اجتياح لبنان وحصار بيروت عام 1982 تحرك مع فرقته لينشد سرا في أزقة المخيمات الفلسطينية لبيروت وفلسطين، وليتوج ذلك بإحياء أول أمسية غنائية سياسية بعد تحرير بيروت في مارس 1984.دوما لم يكن وليم نصار مجرد مؤلف موسيقي، ومغني سياسي بل كان -ولا يزال- في قلب الصراع ضد الإمبريالية والصهيونية والعنصرية ما دام هناك من يكرهون رائحة الحبق والهال العربي، مهاجر بين المطارات المختلفة يحمل هم وطنه الكبير في حقيبة صغيرة، بين مونتريال وبيروت ودمشق وباقي عواصم الأرض الباردة منها والدافئة، ليشع عبقا دافئا يلامس قلوب المسحوقين، ويزرع فيهم بأغنياته الرقراقة المتألقة أملا بغد أجمل.من الهتاف الغنائي، والالحان المقاتلة، والكلمات التي كانت تعمد بالدم والنار، تدرج وليم في موسيقاه وكلمات أغنياته؛ ليزاوج الموسيقى بالكلمات في إيقاع هارموني ولون موسيقى مميز، صار يميزه عن غيره من مغني الأغنية السياسية، أو من اصطلح على تسميتهم بالفنانين الملتزمين، الذين بدأوا في التراجع، بعد أن باتوا يعيشون فراغا سياسيا وحتى فراغا أيديولوجيا، والذين اتضح أن القضية السياسة في بعض أعمالهم كانت وسيلة لا غاية، وقد تناسى هؤلاء أن أهمية الموسيقى والأغنية الملتزمة أو السياسية غير مرتبطة بالموسمية أو الصراخ اللحظي، لكنها تكمن في قدرتها على الربط بين جمالية الفن وضنك حمل الرسالة الإنسانية المرتبطة بهم، الأوطان والشعوب، وبذلك يخرج العمل الفني من مربع التجارة الاستهلاك المبتذل وضيقهما إلى رحابة القيمة الانسانية وصداقة الشعوب الحقيقية. فالتأسيس للروح الجمالية هي صلب الممارسة السياسية، ولو كان ذلك عبر ما سمّاه نيتشه ب ـ"تحويل الألم وتناقضات الوجود وعبثه إلى مظاهر فنية يُحوّل الوجود الممل والعبثية إلى وجود جميل"، يقابله سعي مماثل إلى تحرير الفن ممّا أسماها أدورنو بحضارة "صنم البضاعة"، التي حوّلت الأعمال الفنيّة والأدبيّة والموسيقيّة إلى سلع تباع وتشترى، فيُصار بالفن إلى مرتبة الانفصام التام عن المعارك الاجتماعيّة والسياسيّة وواقع الفنان المعاش، فتكون بذلك صداقة هؤلاء الفنانين المعلنة للشعوب صداقة كاذبة، على حدّ وصف "بول نيزان" في كتابه "كلاب الحراسة"، ولو تغنى بالحرية والحب والعشق والجمال.وما نراه اليوم من انحسار الأغنية والموسيقى الملتزمة، واكتفاء بعض رموزها في العالم العربي وبالأخص في لبنان وفلسطين بالمهرجانات الموسمية على قلتها وبعض حفلات الطلبة، لينبئنا بفئويتهم وانفصامهم ......
#قراءة
#تحليلية
#أغنية
#وليم
#نصار:
#لبنان
#بكرا
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=766882
#الحوار_المتمدن
#عز_الدين_المصري حين غنى لبيروت أول مرة .. انطلق الرصاص؛ ليزرع لحنه الدموي في جسده النحيل، لكنه غنى ولا زال يغني. أنهك السرطان جسده، وامتزج دمه بالكيماوي، لكنه عاند المرض والموت فلحن وغنى، وبات يهدي للموت كل حين وردة، لقد أدرك بفطنة الشاعر ورهافة الموسيقي وعناد الثائر، أنه إن لم يواصل القفز فوق أسوار الواقع ويخترق الجدران، فلن يكون أكثر من معطف بال معلق على الحائط، وأصر أن يمضى يعطر روحه الواثبة، فتفوح بشذى الكلمات العذبة والموسيقى التي تختال بألوانها المتنوعة، في خليط يجمع ما بين الأصالة والتقدم، ويمزج بتناسق عجيب ما بين الموسيقى الشرقية والغربية، بكل تنوعاتها.وليم نصار، المسيحي الثائر، الشيوعي المقاوم، الموسيقي التقدمي الملتزم، بقضايا وطنه وأمته، اللبناني المجبول طوعا واقتناعا بثرى فلسطين، المتماهي إلى حد التلاشي بأناسها البسطاء.في الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، وكان في بدايات عمر المراهقة، طاف الملاجئ والمستشفيات والمحاور ليصدح بأغنيات الدفاع عن الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، وبعد اجتياح لبنان وحصار بيروت عام 1982 تحرك مع فرقته لينشد سرا في أزقة المخيمات الفلسطينية لبيروت وفلسطين، وليتوج ذلك بإحياء أول أمسية غنائية سياسية بعد تحرير بيروت في مارس 1984.دوما لم يكن وليم نصار مجرد مؤلف موسيقي، ومغني سياسي بل كان -ولا يزال- في قلب الصراع ضد الإمبريالية والصهيونية والعنصرية ما دام هناك من يكرهون رائحة الحبق والهال العربي، مهاجر بين المطارات المختلفة يحمل هم وطنه الكبير في حقيبة صغيرة، بين مونتريال وبيروت ودمشق وباقي عواصم الأرض الباردة منها والدافئة، ليشع عبقا دافئا يلامس قلوب المسحوقين، ويزرع فيهم بأغنياته الرقراقة المتألقة أملا بغد أجمل.من الهتاف الغنائي، والالحان المقاتلة، والكلمات التي كانت تعمد بالدم والنار، تدرج وليم في موسيقاه وكلمات أغنياته؛ ليزاوج الموسيقى بالكلمات في إيقاع هارموني ولون موسيقى مميز، صار يميزه عن غيره من مغني الأغنية السياسية، أو من اصطلح على تسميتهم بالفنانين الملتزمين، الذين بدأوا في التراجع، بعد أن باتوا يعيشون فراغا سياسيا وحتى فراغا أيديولوجيا، والذين اتضح أن القضية السياسة في بعض أعمالهم كانت وسيلة لا غاية، وقد تناسى هؤلاء أن أهمية الموسيقى والأغنية الملتزمة أو السياسية غير مرتبطة بالموسمية أو الصراخ اللحظي، لكنها تكمن في قدرتها على الربط بين جمالية الفن وضنك حمل الرسالة الإنسانية المرتبطة بهم، الأوطان والشعوب، وبذلك يخرج العمل الفني من مربع التجارة الاستهلاك المبتذل وضيقهما إلى رحابة القيمة الانسانية وصداقة الشعوب الحقيقية. فالتأسيس للروح الجمالية هي صلب الممارسة السياسية، ولو كان ذلك عبر ما سمّاه نيتشه ب ـ"تحويل الألم وتناقضات الوجود وعبثه إلى مظاهر فنية يُحوّل الوجود الممل والعبثية إلى وجود جميل"، يقابله سعي مماثل إلى تحرير الفن ممّا أسماها أدورنو بحضارة "صنم البضاعة"، التي حوّلت الأعمال الفنيّة والأدبيّة والموسيقيّة إلى سلع تباع وتشترى، فيُصار بالفن إلى مرتبة الانفصام التام عن المعارك الاجتماعيّة والسياسيّة وواقع الفنان المعاش، فتكون بذلك صداقة هؤلاء الفنانين المعلنة للشعوب صداقة كاذبة، على حدّ وصف "بول نيزان" في كتابه "كلاب الحراسة"، ولو تغنى بالحرية والحب والعشق والجمال.وما نراه اليوم من انحسار الأغنية والموسيقى الملتزمة، واكتفاء بعض رموزها في العالم العربي وبالأخص في لبنان وفلسطين بالمهرجانات الموسمية على قلتها وبعض حفلات الطلبة، لينبئنا بفئويتهم وانفصامهم ......
#قراءة
#تحليلية
#أغنية
#وليم
#نصار:
#لبنان
#بكرا
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=766882
الحوار المتمدن
عز الدين المصري - قراءة تحليلية في أغنية وليم نصار: لبنان بكرا