باسم المرعبي : زهير الجزائري -في ضباب الأمكنة-: نشدان أبدية المكان
#الحوار_المتمدن
#باسم_المرعبي لا يمكن النظر إلى "ضباب الأمكنة"، كتاب الروائي والصحافي العراقي زهير الجزائري، على أنه كتاب يختص بالمكان، فقط، وإن كان ذلك هو الموضوع الرئيسي له، وعلى الرغم من إيفاء الكاتب المكانَ مساحته من القول، عمودياً وأُفقياً، جغرافيةً وتاريخاً، حتى غدا ذلك نوعاً من فهرسة للعديد من الأمكنة البغدادية، ودليلاً عملياً وخارطة لها، غير أن كتابة كهذه، في حقيقتها، لم تكن سوى إبحار نفسي، روحي وسيرذاتي في المكان، وقد امتزج، بطبيعة الحال، بالسياسي، حتى ليبدو الأخير محركاً ودافعاً لكتابة سيرة المكان وتحوّلاته. ولا عجب، فمتى كان المكان، العراقي، بشكل خاص، قابلاً للعزل عن تحولات وتبدلات السياسة عليه ومفاجآتها له! وعدا عن هذا التوصيف التعريفي الاستهلالي للكتاب، فإن "ضباب الأمكنة" يتيح للقارىء أكثر من مدخل، في التاريخ والسياسة والمجتمع والمعمار والأدب والتغطية الميدانية واليوميات. مفصحاً من خلاله الكاتب عن الحس الصحفي، الحاضر على الدوام، كما انشغاله الروائي، وهو ما يُترجَم فضولاً ومراقبة لالتقاط أي معلومة أو ملاحظة وأي نأمة في حركة الناس وكلامهم من حوله. بهذا المعنى يتحوّل كل شيء يقع تحت عينيه أو يتناهى إلى سمعه، إلى مادة صالحة للكتابة، كل شيء قابل لأن يُروى، دون مفارقة النظرة النقدية ونبرة السخط في المواقف التي تستدعي ذلك، سواء ما يتعلق في التفاصيل الدقيقة أو القضايا الكبيرة، وهو يواكب السير المضطرب المتوجس للحياة من حوله، في خضم الفوضى التي أعقبت سقوط النظام في 2003، الذي كشف بدوره عن سقوط الكثير من "الثوابت" التي لم تكن سوى قشور تُواري القبح الكامن الذي لم يكن يَقمع انفلاته،على ما يبدو، سوى الخوف. وما أن انكشف غطاء هذا الخوف، حتى انطلق معلناً عن نفسه بأبشع وأعتى الصور وأكثرها إجراماً. وهو ما يتقاطع والبعد الرمزي الذي أضفاه الكاتب، على حدث رافق تنصيب فيصل الأول ملكاً على العراق وكأن هذا الحدث ـ المفارقة الذي صنعته المصادفة، ظاهرياً، كما يكشف عنه سياق الحكاية، لم يكن سوى إشارة قدَرية لواقع البلاد، حاضراً ومستقبلاً، يقول الجزائري: "منذ البداية لم يكن الملك فيصل الأول مقتنعاً بالبلاد التي سيحكمها، ليست هذه بلاد في نظره، إنما مجموعة أوهام. وقد صحّت هواجسه، ففي أول اجتماعاته مع الناس دخلت جاموسة هائجة من باب القلعة في الميدان وأثارت الفوضى والاضطراب إلى أن تمكنت الشرطة من قتلها .." ويستطرد مشخّصاً جذر العلة المستعصية، في ما يبدو، على العلاج: "هذه الجاموسة موجودة داخل كل عراقي.. شخصية غير مستقرة ولن تستقر...". بالوحشية والانفلات الغرائزي تجسدت صورة هذه الجاموسة، وواحد من أمثلتها، المتأخرة، هو القطعان المسلّحة وما شابهها، بوصفها تجسيداً مريعاً لتدمير الحياة المدنية العراقية، على وجه الخصوص، دون اقتصار هذا التدمير على ما هو معنوي، ليستحيل البلد إلى حطام، كما عكسته المرآة المقلوبة لنرسيس العراقي، في نسخته الشائهة، المفتون بصورة الخراب والقبح. إن زهير الجزائري الباحث، أبداً، عن الأمكنة المطمئنة، السادرة في أبدية خاصة بها والمتوارية فيما وراء ضباب الزمن ودخان الحروب وعنف التحوّلات السياسية والاجتماعية، يمعن أكثر فأكثر في البحث عن أمكنته الغائبة، بوصفها معادلاً للمكان الراهن المضطرب. وفي بحثه عن الروح الضائعة للمكان، لا يبدو للطرف النقيض أو حتى الأجيال اللاحقة، المتآلفة والغناء الفج، حسب إشارته، سوى نموذج للرومنسي المسكون بهاجس الماضي. وهو حين يصف في الفصل المعنون "ساحة الفردوس" جلوسه وصديقيه، إبراهيم زاير وحسين حسن، أواخر الستينات، في تلك الساحة التي تحتضن نصب الجندي المجهول، وظهو ......
#زهير
#الجزائري
#ضباب
#الأمكنة-:
#نشدان
#أبدية
#المكان
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=708289
#الحوار_المتمدن
#باسم_المرعبي لا يمكن النظر إلى "ضباب الأمكنة"، كتاب الروائي والصحافي العراقي زهير الجزائري، على أنه كتاب يختص بالمكان، فقط، وإن كان ذلك هو الموضوع الرئيسي له، وعلى الرغم من إيفاء الكاتب المكانَ مساحته من القول، عمودياً وأُفقياً، جغرافيةً وتاريخاً، حتى غدا ذلك نوعاً من فهرسة للعديد من الأمكنة البغدادية، ودليلاً عملياً وخارطة لها، غير أن كتابة كهذه، في حقيقتها، لم تكن سوى إبحار نفسي، روحي وسيرذاتي في المكان، وقد امتزج، بطبيعة الحال، بالسياسي، حتى ليبدو الأخير محركاً ودافعاً لكتابة سيرة المكان وتحوّلاته. ولا عجب، فمتى كان المكان، العراقي، بشكل خاص، قابلاً للعزل عن تحولات وتبدلات السياسة عليه ومفاجآتها له! وعدا عن هذا التوصيف التعريفي الاستهلالي للكتاب، فإن "ضباب الأمكنة" يتيح للقارىء أكثر من مدخل، في التاريخ والسياسة والمجتمع والمعمار والأدب والتغطية الميدانية واليوميات. مفصحاً من خلاله الكاتب عن الحس الصحفي، الحاضر على الدوام، كما انشغاله الروائي، وهو ما يُترجَم فضولاً ومراقبة لالتقاط أي معلومة أو ملاحظة وأي نأمة في حركة الناس وكلامهم من حوله. بهذا المعنى يتحوّل كل شيء يقع تحت عينيه أو يتناهى إلى سمعه، إلى مادة صالحة للكتابة، كل شيء قابل لأن يُروى، دون مفارقة النظرة النقدية ونبرة السخط في المواقف التي تستدعي ذلك، سواء ما يتعلق في التفاصيل الدقيقة أو القضايا الكبيرة، وهو يواكب السير المضطرب المتوجس للحياة من حوله، في خضم الفوضى التي أعقبت سقوط النظام في 2003، الذي كشف بدوره عن سقوط الكثير من "الثوابت" التي لم تكن سوى قشور تُواري القبح الكامن الذي لم يكن يَقمع انفلاته،على ما يبدو، سوى الخوف. وما أن انكشف غطاء هذا الخوف، حتى انطلق معلناً عن نفسه بأبشع وأعتى الصور وأكثرها إجراماً. وهو ما يتقاطع والبعد الرمزي الذي أضفاه الكاتب، على حدث رافق تنصيب فيصل الأول ملكاً على العراق وكأن هذا الحدث ـ المفارقة الذي صنعته المصادفة، ظاهرياً، كما يكشف عنه سياق الحكاية، لم يكن سوى إشارة قدَرية لواقع البلاد، حاضراً ومستقبلاً، يقول الجزائري: "منذ البداية لم يكن الملك فيصل الأول مقتنعاً بالبلاد التي سيحكمها، ليست هذه بلاد في نظره، إنما مجموعة أوهام. وقد صحّت هواجسه، ففي أول اجتماعاته مع الناس دخلت جاموسة هائجة من باب القلعة في الميدان وأثارت الفوضى والاضطراب إلى أن تمكنت الشرطة من قتلها .." ويستطرد مشخّصاً جذر العلة المستعصية، في ما يبدو، على العلاج: "هذه الجاموسة موجودة داخل كل عراقي.. شخصية غير مستقرة ولن تستقر...". بالوحشية والانفلات الغرائزي تجسدت صورة هذه الجاموسة، وواحد من أمثلتها، المتأخرة، هو القطعان المسلّحة وما شابهها، بوصفها تجسيداً مريعاً لتدمير الحياة المدنية العراقية، على وجه الخصوص، دون اقتصار هذا التدمير على ما هو معنوي، ليستحيل البلد إلى حطام، كما عكسته المرآة المقلوبة لنرسيس العراقي، في نسخته الشائهة، المفتون بصورة الخراب والقبح. إن زهير الجزائري الباحث، أبداً، عن الأمكنة المطمئنة، السادرة في أبدية خاصة بها والمتوارية فيما وراء ضباب الزمن ودخان الحروب وعنف التحوّلات السياسية والاجتماعية، يمعن أكثر فأكثر في البحث عن أمكنته الغائبة، بوصفها معادلاً للمكان الراهن المضطرب. وفي بحثه عن الروح الضائعة للمكان، لا يبدو للطرف النقيض أو حتى الأجيال اللاحقة، المتآلفة والغناء الفج، حسب إشارته، سوى نموذج للرومنسي المسكون بهاجس الماضي. وهو حين يصف في الفصل المعنون "ساحة الفردوس" جلوسه وصديقيه، إبراهيم زاير وحسين حسن، أواخر الستينات، في تلك الساحة التي تحتضن نصب الجندي المجهول، وظهو ......
#زهير
#الجزائري
#ضباب
#الأمكنة-:
#نشدان
#أبدية
#المكان
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=708289
الحوار المتمدن
باسم المرعبي - زهير الجزائري -في ضباب الأمكنة-: نشدان أبدية المكان