يعقوب زامل الربيعي : تخوم الآماد قصة قصيرة
#الحوار_المتمدن
#يعقوب_زامل_الربيعي تخوم الآماد!قصة قصيرة................فكر بالحق الذي يجعله أن يتذوق الآن السيجارة التي بين اصبعيه، بل أن يمضغ تبغها، كما لو إن لها طعم شواء، والتي غدت بين اصابعه، كما شريحة لحم ضان مشوية عليه أن يأخذها قطعاً متلاحقة دون سكين أو شوكة، مع قدح نبيذ أحمر. مضت ثلاثة أسابيع بلا تبغ. تساءل من غير يخدش بلعومه بحرف غريب: " ما رأيك وأنا في مدينة لا تدخن منذ ثلاثة اسابيع "؟!بحثت عنه بنظرها. ألتفت إليها، كان خداها ملتهبين. وكان ينتظر فيما، وبطرف قدماه كان يرسم دوائرا على السجادة. وقبل ان تختفي الدوائر تماما، هزت رأسها في حزن. قالت : ــ " الصبر شيء مضجر "قالت ذلك بصوت خفيض وبطيء. لكنه شد على يدها ليقول:ــ أنا اعرض نفسي على نفسي!وكان يكره ذلك الشخير الذي يأتيه من مكان غير معلوم، كأن الحرّ يجتذبه من صدر مُتيبس. تنهد وهو يمرّ يده المبتلة بالحمى على صدره، وكان الهواء يرشح عرقا، لذا اشارت عليه أن يختار غرفة أخرى للعيش والكتابة والنوم.عند زجاج النافذة، وقفت عيناها تتابع بمرج الرؤوس المارة، الذين يحاذون بعضهم البعض بلطف غير منظور، أو الذين يتدافعون بالمؤخرات طلباً للطريق. وعند منضدة الكتابة حين جلس خلفها، أشار لثقب في جدار خلفه:ــ " هذا الثقب، ومن شدة الجفاف، كأنه كان ينظر إليَّ من كل الجهات ".أحيانا كان تأتيه أصوات موسيقي عذبة، وأصوات لا تخلو من ترنح، وكان حسبه غطسة واحدة، يجعله يتحمل الشخير القبيح المتطاير من أنف وفم صاحب العربة، لينام دون أن يكترث بشيء.الهدير الأصم، القادم من ناحية أذنيه، يثير جزعه. فكر: " يبدو أن لا شيء يجف في هذه الناحية القحبة ". وكان ثمة رجال يركضون بثيابهم السوداء المنقوعة بالعرق. قال أحدهم : ــ لنجلس للحظات ثم نعاود الركض.وحده من يقف تحت الشمس. وحده يسمع أغنية كريهة. وحده من يعاني من عرق جسده. وكان يسير ببطء وحذر لأن الحشود تخيفه. فهو غالبا ما كان يشعر بضرورة الحصول على واقيات أصيلة تقيه من خطورة الاصطدام بالصيحات المتوحشة الخائفة، وبأولائك الذين يتدافعون بلا عيون.فكر أن يفعل شيئا يجعله يتصرف تصرفاً معقولا، لكنه سرعان ما تلاشى انطباعه، لحظة سقط الحرّ أكثر من ذي قبل. كما تعذر عليه أن ينظر للسماء التي كانت يغطيها الغبار الاحمر.اسبلت جفونها على عينين شبه مبتلتين. قالت " لِمَ عليك أن تنتظر قدوم العربة؟ ".لم يجبها. أكتفى يمضغ دخان سيجارته، وقت كان يلصق جبينه بزجاج النافذة الوحيد. *في عام 1905كان والدي قد جاء للحياة. الشيء المؤكد، كما نحن تماما، لم يختر وثيقة وجوده، ولم يستحسن مساره الصعب في حياته. كل ما كان يفعله أنه ولد وعليه أن يتجاوز محنة وجوده.منذ وجدت بعده بعدة أعوام، قام بتبني طفله الذي أودعه تسعة اشهر في رحمها، التي هي أمي. والذي هو، أنا، وديعته.كنت اتذكره دائما وهو في صوته، كان كلامه كمن يضبط العاصفة. حنجرة مستعدة للسعال. وقت كانت أمي لا تأخذ حشرجته على محمل الجد. فهو عندما يكلمها بصوته الاجش، تغمض عينييها المطليّتين بلون الابنوس، لتستلهم رائحة صوته. هكذا كنت اتخيلها انها تحب التنبؤات، تلك التي اخذتها أنا عنها.يوم كان ما يزال يتحرك في علبته، رأيت رجلا غير مألوف البتة ينزل من عربة قديمة جدا، يجرها حصانين مستهلكين جدا، يتجه صوب أبي. لم يتحرك أبي عندما أسبل الرجل عينيّ أبي بيدٍ خشنة، لم يفتح أبي عينيه حتى حين كان الرجل يحمل أبي المسجى داخل العربة. مُذ ذلك اليوم ولأعوام طويلة، عندما كانت العربة ......
#تخوم
#الآماد
#قصيرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=676638
#الحوار_المتمدن
#يعقوب_زامل_الربيعي تخوم الآماد!قصة قصيرة................فكر بالحق الذي يجعله أن يتذوق الآن السيجارة التي بين اصبعيه، بل أن يمضغ تبغها، كما لو إن لها طعم شواء، والتي غدت بين اصابعه، كما شريحة لحم ضان مشوية عليه أن يأخذها قطعاً متلاحقة دون سكين أو شوكة، مع قدح نبيذ أحمر. مضت ثلاثة أسابيع بلا تبغ. تساءل من غير يخدش بلعومه بحرف غريب: " ما رأيك وأنا في مدينة لا تدخن منذ ثلاثة اسابيع "؟!بحثت عنه بنظرها. ألتفت إليها، كان خداها ملتهبين. وكان ينتظر فيما، وبطرف قدماه كان يرسم دوائرا على السجادة. وقبل ان تختفي الدوائر تماما، هزت رأسها في حزن. قالت : ــ " الصبر شيء مضجر "قالت ذلك بصوت خفيض وبطيء. لكنه شد على يدها ليقول:ــ أنا اعرض نفسي على نفسي!وكان يكره ذلك الشخير الذي يأتيه من مكان غير معلوم، كأن الحرّ يجتذبه من صدر مُتيبس. تنهد وهو يمرّ يده المبتلة بالحمى على صدره، وكان الهواء يرشح عرقا، لذا اشارت عليه أن يختار غرفة أخرى للعيش والكتابة والنوم.عند زجاج النافذة، وقفت عيناها تتابع بمرج الرؤوس المارة، الذين يحاذون بعضهم البعض بلطف غير منظور، أو الذين يتدافعون بالمؤخرات طلباً للطريق. وعند منضدة الكتابة حين جلس خلفها، أشار لثقب في جدار خلفه:ــ " هذا الثقب، ومن شدة الجفاف، كأنه كان ينظر إليَّ من كل الجهات ".أحيانا كان تأتيه أصوات موسيقي عذبة، وأصوات لا تخلو من ترنح، وكان حسبه غطسة واحدة، يجعله يتحمل الشخير القبيح المتطاير من أنف وفم صاحب العربة، لينام دون أن يكترث بشيء.الهدير الأصم، القادم من ناحية أذنيه، يثير جزعه. فكر: " يبدو أن لا شيء يجف في هذه الناحية القحبة ". وكان ثمة رجال يركضون بثيابهم السوداء المنقوعة بالعرق. قال أحدهم : ــ لنجلس للحظات ثم نعاود الركض.وحده من يقف تحت الشمس. وحده يسمع أغنية كريهة. وحده من يعاني من عرق جسده. وكان يسير ببطء وحذر لأن الحشود تخيفه. فهو غالبا ما كان يشعر بضرورة الحصول على واقيات أصيلة تقيه من خطورة الاصطدام بالصيحات المتوحشة الخائفة، وبأولائك الذين يتدافعون بلا عيون.فكر أن يفعل شيئا يجعله يتصرف تصرفاً معقولا، لكنه سرعان ما تلاشى انطباعه، لحظة سقط الحرّ أكثر من ذي قبل. كما تعذر عليه أن ينظر للسماء التي كانت يغطيها الغبار الاحمر.اسبلت جفونها على عينين شبه مبتلتين. قالت " لِمَ عليك أن تنتظر قدوم العربة؟ ".لم يجبها. أكتفى يمضغ دخان سيجارته، وقت كان يلصق جبينه بزجاج النافذة الوحيد. *في عام 1905كان والدي قد جاء للحياة. الشيء المؤكد، كما نحن تماما، لم يختر وثيقة وجوده، ولم يستحسن مساره الصعب في حياته. كل ما كان يفعله أنه ولد وعليه أن يتجاوز محنة وجوده.منذ وجدت بعده بعدة أعوام، قام بتبني طفله الذي أودعه تسعة اشهر في رحمها، التي هي أمي. والذي هو، أنا، وديعته.كنت اتذكره دائما وهو في صوته، كان كلامه كمن يضبط العاصفة. حنجرة مستعدة للسعال. وقت كانت أمي لا تأخذ حشرجته على محمل الجد. فهو عندما يكلمها بصوته الاجش، تغمض عينييها المطليّتين بلون الابنوس، لتستلهم رائحة صوته. هكذا كنت اتخيلها انها تحب التنبؤات، تلك التي اخذتها أنا عنها.يوم كان ما يزال يتحرك في علبته، رأيت رجلا غير مألوف البتة ينزل من عربة قديمة جدا، يجرها حصانين مستهلكين جدا، يتجه صوب أبي. لم يتحرك أبي عندما أسبل الرجل عينيّ أبي بيدٍ خشنة، لم يفتح أبي عينيه حتى حين كان الرجل يحمل أبي المسجى داخل العربة. مُذ ذلك اليوم ولأعوام طويلة، عندما كانت العربة ......
#تخوم
#الآماد
#قصيرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=676638
الحوار المتمدن
يعقوب زامل الربيعي - تخوم الآماد! قصة قصيرة