يوسف حمك : رحيل الثلج ، بالنسبة للصغار طعمه مرٌ كالعلقم .
#الحوار_المتمدن
#يوسف_حمك زائرٌ من السماء ، أبيض الثياب و الوجه و السيماء ، حلَّ علينا ضيفاً خفيف الروح ، ظريف الظل ، ليِّن المعشر بعد طول انتظارٍ .لبى نداء الطبيعة مستجيباً لرغبتها ، فصنع لها ثوباً ناصع البياض ، يناسب و كبر حجمها . غطى أسطح المنازل بردائه الفضفاض ، و بالطلاء الأبيض أخفى دكنة الأرض بالكامل . الأرصفة مدهونةٌ باللون الأغر ، و الشوارع وميضها لامعٌ ، و الطرقات طلاؤها تحول إلى براقٍ ناصعٍ . الكون كله بات مزهواً بارتداء ثوبه الأبيض . السيارات سواد عجلاتها مغيبٌ ، و تحت البياض مدفونٌ ، و فوقها أكوام الثلوج مكدسةٌ . بلورات الثلج في الفضاء متنافرةٌ متفرقةٌ ، رؤية تناثرها بالهواء محببةٌ ، و إليها تميل النفوس بودٍ . غير أن حبيباته تتعاضد فور وصولها إلى الأرض ، تتماسك متراكمةً كثيفةً . حتى المحاصيل الزراعية تحت أطباق أكوامها راقدةٌ ممددةٌ ، تستسلم مطمورةً في النهار ، مثلما في آخر هجيع الليل ، و في حالة سباتٍ عميقٍ ، ترضخ لقدرٍ محتمٍ عاجزةً على مواجهتها . و الغابات في الجوار ممتلئةٌ بحبيبات الثلج المكدسة . أغصان أشجارها مثقلةٌ بوطأة ألم وخزة صقيعها الصرصر . فالبرد ليس كما العادة ، كون الصقيع تحت رحمة عشر درجاتٍ ما دون الصفر ، و قد بلغ أقصى حالات برده . هواء الزفير الساخن المطرود من جوف الصدر إلى الخارج ، يشكل جليداً و زمهريراً فور ملامسة شعيرات الحواجب أعلى العين . و نسمة رياحٍ خفيفةٌ تلسع الوجوه المكشوفة قرصاً . الطرق و السكك الحديدية و الجسور أقفلتها الثلوج ، و الحافلات عن الحركة توقفت .حركة المرور ضمن المدينة منهكةٌ عويصة التنقل ، و وعورةٌ تناصب العبور . الشوارع موحشةٌ مقفرةٌ إلا من بعض المتدفقين ، ليلهوا بكتل الثلج الصغيرة أو التزلج . فللتزلج على سطح الثلوج متعةٌ ، لا يعرف إثارتها إلا عشاقه . و قلةٌ يغامرون الخروج مع الاستعانة بالهروات و العُصيِّ درءاً للسقوط أو الانزلاق . و أناسٌ أمام أبواب منازلهم يجرفون الثلوج بالرفوش و المجاريف الصغيرة ، مع رش الملح لمنع تشكل الجليد و سهولة ذوبان أكوام الثلج . فانزلاق أحد المارة أمام بيت أحدهم و إصابته بضررٍ ، يعرض صاحب المنزل للمسؤولية ، كما فرض الغرامة عليه أيضاً . و لتعطيل ما تبقى من النشاط بفعل جائحة كورونا في البلاد ، حتى مباراة الدوري الألماني قد توقفت بسبب تساقط الثلوج بكثافةٍ ، على أن يُحدد لها الموعد لاحقاً . كثيرةٌ هي لحظات الفرح التي يعيشها الأطفال . و لعل سحر اللقاء برؤية الثلج من أجمل تلك اللحظات ، و أكثرها بهجةً على قلوبهم الصغيرة و أوفرها متعةً . نعم قلوب الأطفال قد تكون صغيرة الحجم ، لكنها كثيرة الطرب ، وفيرة المرح ، و السعادة فيها بحجم الجبل . ساعاتٌ طويلةٌ من الترفيه المبهج ، و هم يلهون فوق سطح الثلوج في بحبوحة التسلية ، و هزةٌ من المسرة تثير نفوسهم طرباً . و في أعماقهم تشفي الفضول المحبب لممارسة اللعب بالثلج ، و التراشق بكراته الصغيرة ، كما صنع هيكل رجل الثلج ، و التمتع بالتزلج على أديم بياضه ، و كأنهم في يوم عيدٍ ودودٍ . هواياتٌ عريقةٌ مسليةٌ ، نقلها الصغار من الكبار على مر العصور ، و علاوةً على متعتها ، قد تكون ممارستها منشطةٌ للذهن ، محفزةٌ للعقل على التفكير المنفتح و الإبداع . متعةٌ و تسليةٌ بكل أمانٍ يمارسها الطفل على وجه الثلج الناعم ، و هواءٌ نقيٌّ يتنفسه ، كما احتفاظه بتفاصيل عالم الثلج المبهرة بالمرح و المذاق الطيب في ذاكرته لأمدٍ طويلٍ ، فاسترجاعها حين الكبر ......
#رحيل
#الثلج
#بالنسبة
#للصغار
#طعمه
#كالعلقم
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=708874
#الحوار_المتمدن
#يوسف_حمك زائرٌ من السماء ، أبيض الثياب و الوجه و السيماء ، حلَّ علينا ضيفاً خفيف الروح ، ظريف الظل ، ليِّن المعشر بعد طول انتظارٍ .لبى نداء الطبيعة مستجيباً لرغبتها ، فصنع لها ثوباً ناصع البياض ، يناسب و كبر حجمها . غطى أسطح المنازل بردائه الفضفاض ، و بالطلاء الأبيض أخفى دكنة الأرض بالكامل . الأرصفة مدهونةٌ باللون الأغر ، و الشوارع وميضها لامعٌ ، و الطرقات طلاؤها تحول إلى براقٍ ناصعٍ . الكون كله بات مزهواً بارتداء ثوبه الأبيض . السيارات سواد عجلاتها مغيبٌ ، و تحت البياض مدفونٌ ، و فوقها أكوام الثلوج مكدسةٌ . بلورات الثلج في الفضاء متنافرةٌ متفرقةٌ ، رؤية تناثرها بالهواء محببةٌ ، و إليها تميل النفوس بودٍ . غير أن حبيباته تتعاضد فور وصولها إلى الأرض ، تتماسك متراكمةً كثيفةً . حتى المحاصيل الزراعية تحت أطباق أكوامها راقدةٌ ممددةٌ ، تستسلم مطمورةً في النهار ، مثلما في آخر هجيع الليل ، و في حالة سباتٍ عميقٍ ، ترضخ لقدرٍ محتمٍ عاجزةً على مواجهتها . و الغابات في الجوار ممتلئةٌ بحبيبات الثلج المكدسة . أغصان أشجارها مثقلةٌ بوطأة ألم وخزة صقيعها الصرصر . فالبرد ليس كما العادة ، كون الصقيع تحت رحمة عشر درجاتٍ ما دون الصفر ، و قد بلغ أقصى حالات برده . هواء الزفير الساخن المطرود من جوف الصدر إلى الخارج ، يشكل جليداً و زمهريراً فور ملامسة شعيرات الحواجب أعلى العين . و نسمة رياحٍ خفيفةٌ تلسع الوجوه المكشوفة قرصاً . الطرق و السكك الحديدية و الجسور أقفلتها الثلوج ، و الحافلات عن الحركة توقفت .حركة المرور ضمن المدينة منهكةٌ عويصة التنقل ، و وعورةٌ تناصب العبور . الشوارع موحشةٌ مقفرةٌ إلا من بعض المتدفقين ، ليلهوا بكتل الثلج الصغيرة أو التزلج . فللتزلج على سطح الثلوج متعةٌ ، لا يعرف إثارتها إلا عشاقه . و قلةٌ يغامرون الخروج مع الاستعانة بالهروات و العُصيِّ درءاً للسقوط أو الانزلاق . و أناسٌ أمام أبواب منازلهم يجرفون الثلوج بالرفوش و المجاريف الصغيرة ، مع رش الملح لمنع تشكل الجليد و سهولة ذوبان أكوام الثلج . فانزلاق أحد المارة أمام بيت أحدهم و إصابته بضررٍ ، يعرض صاحب المنزل للمسؤولية ، كما فرض الغرامة عليه أيضاً . و لتعطيل ما تبقى من النشاط بفعل جائحة كورونا في البلاد ، حتى مباراة الدوري الألماني قد توقفت بسبب تساقط الثلوج بكثافةٍ ، على أن يُحدد لها الموعد لاحقاً . كثيرةٌ هي لحظات الفرح التي يعيشها الأطفال . و لعل سحر اللقاء برؤية الثلج من أجمل تلك اللحظات ، و أكثرها بهجةً على قلوبهم الصغيرة و أوفرها متعةً . نعم قلوب الأطفال قد تكون صغيرة الحجم ، لكنها كثيرة الطرب ، وفيرة المرح ، و السعادة فيها بحجم الجبل . ساعاتٌ طويلةٌ من الترفيه المبهج ، و هم يلهون فوق سطح الثلوج في بحبوحة التسلية ، و هزةٌ من المسرة تثير نفوسهم طرباً . و في أعماقهم تشفي الفضول المحبب لممارسة اللعب بالثلج ، و التراشق بكراته الصغيرة ، كما صنع هيكل رجل الثلج ، و التمتع بالتزلج على أديم بياضه ، و كأنهم في يوم عيدٍ ودودٍ . هواياتٌ عريقةٌ مسليةٌ ، نقلها الصغار من الكبار على مر العصور ، و علاوةً على متعتها ، قد تكون ممارستها منشطةٌ للذهن ، محفزةٌ للعقل على التفكير المنفتح و الإبداع . متعةٌ و تسليةٌ بكل أمانٍ يمارسها الطفل على وجه الثلج الناعم ، و هواءٌ نقيٌّ يتنفسه ، كما احتفاظه بتفاصيل عالم الثلج المبهرة بالمرح و المذاق الطيب في ذاكرته لأمدٍ طويلٍ ، فاسترجاعها حين الكبر ......
#رحيل
#الثلج
#بالنسبة
#للصغار
#طعمه
#كالعلقم
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=708874
الحوار المتمدن
يوسف حمك - رحيل الثلج ، بالنسبة للصغار طعمه مرٌ كالعلقم .