الحوار المتمدن
3.18K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
طارق الطوزي : الطاغوت
#الحوار_المتمدن
#طارق_الطوزي يرتفع رأسي برفق عن المصحف، لتحلّق عيني تتأمل زخرفة اللغو التافه على جنبات هذا المسجد القديم، كلّ شيء هنا ينتمي لمعاني الجهالة الطاغية؛ تلك التشكلات الغريبة المجرّدة تغلّف الجدران فتسرق منا طمأنينة الانسجام مع الله. كان علينا أن نعيد رسم ملامح هذا المكان لولي دافع التقيّة الساذج يستطلع رضا الجموع التائهة في لجج الكفر. على كلّ حال، يبقى مكمني هنا خير مأوى لي قبل موعدي الأخير.دلف الشيخ بجثته الممتلئة إلى المسجد بتأنّ ووقّار، جلس في مكانه المعتاد، تابع انتظامنا حوله في صمت قبل أن يتلفظ، بلين، كلمات متنافرة هادئة، لينفجر، بعدها، فجأة، ساخطا، يرجم بعبارات بليغة فخمة بدع وبغي عوالم الجهل. كانت حركته تتبدى مضطربة حادّة ووجهه ينطق غضباً. تلبستني الحماسة فارتعشت أطرافي تتوق الانفلات إلى سطوة الفعل الأسمى. لوّح بيديه القلقتين في عنف، مواصلا حديثه ما بين اللين والقسوة وهو يرصد بصبر وتأنّ كبائر الأمّة. داخل امتلاء عباراته المتوهجة وحركته المتّقدة عانقت نفسي ذكرى البدء، صرت أمتدّ، أحلّق غير آبه بمستقرّي. إني أنبعث من وحي ذكره.كنت أصرخ مع صرخات الشيخ، وأزمجر بصوت قاس شديد، وأهدّد متى ما هدّد الشيخ. إني أنتفي تحت وطأة ألفاظه الثائرة وأشهد اكتمالنا القديم. استبطنني شعور مدهش، استهواني، بأني أتصل بحقيقة أصلنا العظيم. الله أكبر! أنا كمن يندفع بقوّة مبهمة نحو قمم الكيان الأول، أسترجع تفاصيله الضائعة، فتمتلئ روحي ضياء وطهرا…عندما سمعت كلماته لأول مرّة، سابقا، لم أكن مخلصا لنفسي فلم أدرك عمق معاني الشيخ. حينها كان قد انتهى بي المطاف، بعد سنوات من الدراسة في التاريخ، إلى التخصّص في الحفريات الأثرية. زاحمني الشيخ في حوار عنيد حول معارفي، فنبهني بفطنة إلى أشياء أظهرت لي مدى ضلالي عن الحق. المسألة برمّتها سهلة، ولا تبدو غريبة، لكنها كانت حينئذ غائبة عني رغم وضوحها: ما كنت أعتقده بهرجة فكريّة تنبع عن روح يقظة تكشف زمنا آخر عبر فهم الأحافير واللقيّات لم يكن سوى نبش للقبور، كانت اللعنة تتزين لي فكرا وعلما. وما كنت غارقا فيه من مباحث عن مناهج المعارف في التاريخ، كانت مجرد لغو وثرثرة بلا جدوى، فحقيقة التاريخ تتلخّص في شخص ناقله إذ لا تاريخ خارج حديث الشيوخ؛ فهم حفظة الدين وهم أهل العدل. هكذا هي الحقيقة ببساطتها ولم تكن تحتاج مني كل ذاك الإسراف في السؤال والتفكير.عادة ما أتخذ مسلكا حذقا في تفسير تأثير الشيخ على الجماعة، كالقول: «إن اللّه قد هدى الشيخ إلى مفاتيح القلوب، فبكلمات قليلة يتدبّرها بحكمة وبراعة يحرّك فينا سواكن مستبطنة هي أعلى من قدرتنا على مقاومتها». ولهذا أكرّر، عادة، الحديث عن البساطة والسهولة التي تغلّف أفكار الشيخ، هي من الخفة ما يجعلها دافعا نحو أي فعل مهما كانت صعوبته أو قسوته. نحن في النهاية لا نهتم لما يسوّقه البعض من براهين أو دلائل وثنية قائمة على تماسك مموّه لتفسير العالم، لأن العالم كلّه بمعانيه وأسراره يكمن في متن الكتاب والسنة ولكنه يغرب عنّا في متاهات اللغة؛ ولهذا نحن ندرك الدقائق الباهرة لإرثنا المقدس عبر لفظ الشيخ، فقط، كقارئ متمكن بعادات اللغة القديمة. لا وجود لحاضر أو ماض، بل لا وجود لخبر أو فعل أو شعور إلّا وهو تحت ظلّ تفسير الشيخ.عندما تلبّسني قلق مربك مردّه وشم يسكن في لؤم جسد أمي، نبهتها بحزم قلت لها: «عليك إزالته فهو حرام!». أصدقكم القول، لقد حاولَتْ بشتى الطرق رفعه ولكنها لم تنجح. وبرغم هذا، وبرغم إسعاف الشيخ لي بفتوى تناسب هذا الوضع، لم أستطع التخلّص من استفزاز تلك العلامات المحرجة التي توحي بامتداد شي ......
#الطاغوت

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=745416