منير المجيد : دليلي احتار
#الحوار_المتمدن
#منير_المجيد لا يمكن الإبتعاد بسهولة عن الغوص في أعمال وحياة سيّدة الغناء، وما أُحيط بها من أحداث وشخوص. ففي كلّ موضوع أتصّوره الأخير في السلسلة، أرى نفسي، بعد ساعات من فضّه عني، غارقاً في أغنية جديدة، أرغب في البحث فيها.الأمر مُثير على نحو خاص، لأنّه مرتبط بالتاريخ أيضاً. لا أقصد تاريخ السيّدة لوحده، بل كل من دار في فلكها، صعوداً حتّى تاريخ البلد والمنظقة بأسرها.لكل أغنية خلفية وقصّة، ورغم أن أغنية اليوم لا ترتبط على نحو مُباشر بخصام شخصي بين رامي ومُلهمته، إلّا أنّه واصل حيوي في سلسلة تجليات شاعرنا.التاريخ أمسية ١-;- كانون الأول ١-;-٩-;-٥-;-٥-;- في مسرح حديقة الأزبكية. جمهور أمّ كلثوم يحتلّ مقاعده المُرقّمة. لكن، هم يختلفون عمّا كان قبل ثورة الضبّاط الأحرار.رجال البلاط ذوي التغذية الجيّدة الممتلئين كخزانة، المُرتدين بزّات سوداء وكأنّهم طيور بطريق، الحاملين لنياشين مُلوّنة ثقيلة، والسيّدات المُتبرّجات بوجوههنّ الجادّة الآمرة وحليهن الكثيرة، أُستبدلوا بجنرالات يحملون نجوماً وطيوراً على أكتافهم وعلى صدورهم أوسمة لا نعرف كيف أحرزوها، أجسامهم نحيلة قويّة موتورة العضلات مدبوغة بلون برونز الثكنات.ما تبقى من جمهور لم يتغيّر، حتّى هؤلاء الذين تعودّنا عليهم يصرخون بما يشبه الصلاة «عَظَمَةَ على عَظَمَةَ». صحيح أن العديد من الجنرالات وضّبوا بزّاتهم العسكرية في خزائن الثياب، وعلى رأسهم النقيب جمال، لكن العديد غيرهم كان يرتديها تفاخراً طاووسياً في مُناسبات كهذه، ليبقى تقليداً مارسه بضراوة الكثير من جنرالات المنطقة.جلس أحمد رامي على مقعده رقم ثمانية، وبدا غريباً وسط سيل من بزّات الكاكي، قابلاً بزواج محبوبته المؤخّر من الدكتور الحفناوي الرجل الظلّ، تاركاً أحزانه في شجن طفرات مخيّلته الشعرية، ومُعاناة «ما بين بعدك وشوقي إليك، وبين قربك وخوفي عليك، دليلي احتار وحيّرني» وشكوكه دون أحكام مُسبقة.وعلى المسرح حمل القصبجي عوده مُحتلّاً كرسيّه الخشبي الإزدرائي، تماماً خلف السيّدة، وظلّ في هذه الوضعية إلى مماته عام ١-;-٩-;-٦-;-٦-;-، ثمّ تركت السيّدة، تكريماً له، كرسيّه شاغراً لمدّة عامين.كان عبد الناصر قد تجاوز محاولة اغتياله، وانتصر في الأزمة التي نشبت بينه وبين أول رئيس للجمهورية المصرية الجنرال «محمد نجيب». عبد الناصر لاحق قيادات الإخوان المسلمين، بينما كان الرئيس نجيب يُفضّل الهدوء والتعقّل وفسح المجال أمام الحريّات، التي تقلّصت على نحو جدّي. نظام القهر والإضطهاد كان يتبرعم وينضج ليُغطي مساحة تمتدّ على قارّتين.من الدلتا والصعيد والجنوب توضّح للمصريين من هو الحاكم الفعلي. في أمر يتكرّر الآن في السعودية.تلك الأمسية، كانت قبل ستة أشهر من تقلّد عبد الناصر، وعلى نحو لا يدعو للشكّ، منصب الرئيس (٢-;-٥-;- حزيران ١-;-٩-;-٥-;-٦-;-). حيث كانت جماهير السيّدة الغفيرة التي غطّت جغرافية امتدّت من تطوان إلى البصرة، بانتظار إعلان مُذيع رايو القاهرة بدء السهرة «وانفرجت الستارة الآن، وحيّا الحاضرون أمّ كلثوم….».في تلك الفترة كانت سيّدة الغناء العربي منهمكة في تشكيل نواة امبراطوريتها الخاصّة، لتُصبح سيّدة أعمال أيضاً. ففرقتها الموسيقية تحمل إسمها، وهناك جيش من العاملين والمُنسّقين لحفلاتها في وخارج مصر.لم تحقّق شخصية، في العصور الحديثة، شعبيّة ساحقة كما فعلت أمّ كلثوم. عشقها وتمايل على حبال صوتها الملولك والأمراء والبرجوازيون وعمّال السكك الحديدية، والموظّفون، والمعلمون، والقّوادون، وسيّدات المن ......
#دليلي
#احتار
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=735602
#الحوار_المتمدن
#منير_المجيد لا يمكن الإبتعاد بسهولة عن الغوص في أعمال وحياة سيّدة الغناء، وما أُحيط بها من أحداث وشخوص. ففي كلّ موضوع أتصّوره الأخير في السلسلة، أرى نفسي، بعد ساعات من فضّه عني، غارقاً في أغنية جديدة، أرغب في البحث فيها.الأمر مُثير على نحو خاص، لأنّه مرتبط بالتاريخ أيضاً. لا أقصد تاريخ السيّدة لوحده، بل كل من دار في فلكها، صعوداً حتّى تاريخ البلد والمنظقة بأسرها.لكل أغنية خلفية وقصّة، ورغم أن أغنية اليوم لا ترتبط على نحو مُباشر بخصام شخصي بين رامي ومُلهمته، إلّا أنّه واصل حيوي في سلسلة تجليات شاعرنا.التاريخ أمسية ١-;- كانون الأول ١-;-٩-;-٥-;-٥-;- في مسرح حديقة الأزبكية. جمهور أمّ كلثوم يحتلّ مقاعده المُرقّمة. لكن، هم يختلفون عمّا كان قبل ثورة الضبّاط الأحرار.رجال البلاط ذوي التغذية الجيّدة الممتلئين كخزانة، المُرتدين بزّات سوداء وكأنّهم طيور بطريق، الحاملين لنياشين مُلوّنة ثقيلة، والسيّدات المُتبرّجات بوجوههنّ الجادّة الآمرة وحليهن الكثيرة، أُستبدلوا بجنرالات يحملون نجوماً وطيوراً على أكتافهم وعلى صدورهم أوسمة لا نعرف كيف أحرزوها، أجسامهم نحيلة قويّة موتورة العضلات مدبوغة بلون برونز الثكنات.ما تبقى من جمهور لم يتغيّر، حتّى هؤلاء الذين تعودّنا عليهم يصرخون بما يشبه الصلاة «عَظَمَةَ على عَظَمَةَ». صحيح أن العديد من الجنرالات وضّبوا بزّاتهم العسكرية في خزائن الثياب، وعلى رأسهم النقيب جمال، لكن العديد غيرهم كان يرتديها تفاخراً طاووسياً في مُناسبات كهذه، ليبقى تقليداً مارسه بضراوة الكثير من جنرالات المنطقة.جلس أحمد رامي على مقعده رقم ثمانية، وبدا غريباً وسط سيل من بزّات الكاكي، قابلاً بزواج محبوبته المؤخّر من الدكتور الحفناوي الرجل الظلّ، تاركاً أحزانه في شجن طفرات مخيّلته الشعرية، ومُعاناة «ما بين بعدك وشوقي إليك، وبين قربك وخوفي عليك، دليلي احتار وحيّرني» وشكوكه دون أحكام مُسبقة.وعلى المسرح حمل القصبجي عوده مُحتلّاً كرسيّه الخشبي الإزدرائي، تماماً خلف السيّدة، وظلّ في هذه الوضعية إلى مماته عام ١-;-٩-;-٦-;-٦-;-، ثمّ تركت السيّدة، تكريماً له، كرسيّه شاغراً لمدّة عامين.كان عبد الناصر قد تجاوز محاولة اغتياله، وانتصر في الأزمة التي نشبت بينه وبين أول رئيس للجمهورية المصرية الجنرال «محمد نجيب». عبد الناصر لاحق قيادات الإخوان المسلمين، بينما كان الرئيس نجيب يُفضّل الهدوء والتعقّل وفسح المجال أمام الحريّات، التي تقلّصت على نحو جدّي. نظام القهر والإضطهاد كان يتبرعم وينضج ليُغطي مساحة تمتدّ على قارّتين.من الدلتا والصعيد والجنوب توضّح للمصريين من هو الحاكم الفعلي. في أمر يتكرّر الآن في السعودية.تلك الأمسية، كانت قبل ستة أشهر من تقلّد عبد الناصر، وعلى نحو لا يدعو للشكّ، منصب الرئيس (٢-;-٥-;- حزيران ١-;-٩-;-٥-;-٦-;-). حيث كانت جماهير السيّدة الغفيرة التي غطّت جغرافية امتدّت من تطوان إلى البصرة، بانتظار إعلان مُذيع رايو القاهرة بدء السهرة «وانفرجت الستارة الآن، وحيّا الحاضرون أمّ كلثوم….».في تلك الفترة كانت سيّدة الغناء العربي منهمكة في تشكيل نواة امبراطوريتها الخاصّة، لتُصبح سيّدة أعمال أيضاً. ففرقتها الموسيقية تحمل إسمها، وهناك جيش من العاملين والمُنسّقين لحفلاتها في وخارج مصر.لم تحقّق شخصية، في العصور الحديثة، شعبيّة ساحقة كما فعلت أمّ كلثوم. عشقها وتمايل على حبال صوتها الملولك والأمراء والبرجوازيون وعمّال السكك الحديدية، والموظّفون، والمعلمون، والقّوادون، وسيّدات المن ......
#دليلي
#احتار
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=735602
الحوار المتمدن
منير المجيد - دليلي احتار