الحوار المتمدن
3.18K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
جلال الاسدي : جحلو … قصة قصيرة
#الحوار_المتمدن
#جلال_الاسدي الصيف في اواخر ايامه ، وقد شاخ وتَعِب ، ولانت قبضته ، ودنت نهايته ، واصبح الجو يميل الى الطراوة ، واقرب ما يكون الى البرودة خاصة في ساعات الصباح الاولى حيث تكون البرودة اشد واقسى .. يبدو شتاء ذاك العام منذ بداياته يُنذر ببرد شديد لا يرحم … !بيت صغير كأنه عش نملة .. يرقد امامه كلب عجوز قد وقف شعره من البرد .. تمد امرأة بيضاء طويلة رأسها من الباب ، وهي ترتدي اسود في اسود ، وتتلفت يسرة ويمنة ، وعندما سقط عليها ضوء النهار اضاء وجهها ، فبدا شاباً أبيضاً حلواً .. انها الارملة الشابة ام فلاح …كان الشارع خاويًا ، الا من قلة من المارة ، وقد كوّرهم البرد على أنفسهم ، وهم في طريقهم الى بيوتهم .. ورغم برودة الجو .. تقف أم فلاح من وراء الباب ، وكأنها تبحث عن شخص ما .. قد يكون ولدها .. ثم تهتف بصوت خجول ناعم :— جحلو .. جحلو … وهي تواصل التلفت ، والبحث عن شخص آخر غير جحلو .. على طريقة اياك اعني ، واسمعي يا جارة .. !ثم يعلو الصوت ويزداد حلاوة : — جحلو .. جحلو .. وينك …يسمع جحلو خليط الاصوات الغريب هذا الذي يشكل اسمه ، والذي اعتادته اذناه ، واعتادت موسيقاه ، ولا ندري هل هذا هو اسمه الحقيقي ام له اسم آخر غيره ؟! وكان في وقتها واقف يتبول على الحائط ، فيقطع بولته على الفور ، و يستجيب الى نداء امه مسروراً متهلل الوجه ، وابتسامة بريئة بلهاء تحتل وجهه …يأتي جحلو طائراً كالبرق ، رافعاً ذيل دشداشته من الامام ، يطقطق لها اذناه بنخوة اعتاد عليها مع الجيران ، فكيف اذا كانت لامه ؟ وقف أمامها بانتظار الاوامر ، ولم تكن هناك في الحقيقة أي اوامر .. يسألها عن حاجتها ، لكنها تتجاهله ، ويبدو انها لا تسمع صوته ، ولا تحس بوجوده اصلاً .. فلا تجيب … !تبدو هائمة مشغولة البال في عالم آخر من الخيال والاوهام .. تدور في رأسها دوامة من افكار متزاحمة ، وعواطف ورغبات محبوسة في قمقم .. تنتظر من يحررها ويطفئها ، ثم تعود الى بحثها ، وتحريك رأسها دون توقف يساراً ثم يميناً ، وتهتف كأنها تريد ان يصل صوتها الى اسماع شخص آخر ، ثم تعود مرة أخرى ، وتهتف وقد ارتعش صوتها : — جحلو .. جحلو .. وينك حبيبي … يستغرب جحلو من امه هذ التصرف ، فلم يسمعها تناديه بحبيبي من قبل ، فيرد مسروراً على الفور ، وهو يهرش مؤخرة رأسه : — ها .. ! انا هنا يا أمي واقف امامك ، ألا تريني ؟ لا تجيب .. عيناها مركزتان على بيت الجيران ، يكرر عليها السؤال بالحاح ، وهو يحوم حولها كذبابة سخيفة لحوحة كلما طردتها تعود ثانيةً ، ولا يلقى منها جواباً ايضاً كأنها لم تسمع السؤال ، ودون أي مبالاة لوجوده ، ولا كأنه واقف امامها كصنم من اصنام مكة .. !يخرج في تلك اللحظة جارهم الارمل نوري من بيته .. رجل وسيم .. له شارب رفيع .. طول في عرض .. مجَرِّب .. لم يتزوج إلا بعد أن عرك الحياة وشق غبارها ، لكن زوجته توفيت في وقت مبكر ، وتركته وحيداً .. يمر من امامهم ، وكأن النداء قد وصله ، فلبى النداء ، وهو يُسقط رأسه على صدره متظاهراً بالخجل ، ومراعاة الجيرة وحرمتها .. لكن هذا لم يمنعه من النظر اليها .. بركن احدى عينيه ، ثم تستقر نظراته عند وجهها الصبوح … وعندما تراه ام فلاح تشهق بطريقة مسرحية رخيصة ، وكأنها قد تفاجأت ، فتغطي وجهها ( بشيلتها ) مدارية خجلاً انثوياً مصطنعاً ، وتفلت من شفتيها نصف ابتسامة آسرة .. ! يا للنساء .. ! ويا لمكر النساء .. !وجحلو هذا هو ولدها الصغير ، واخر غرسة من المرحوم الذي غادر الدنيا قبل عامين ، وتركها مع اولادها الاثنين ، والحي على اي حال ابقى من الميت … <b ......
#جحلو
#قصيرة

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=733018