الحوار المتمدن
3.07K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
حبيب لكناسي : أمواج متلاطمة
#الحوار_المتمدن
#حبيب_لكناسي لم يضع نصب عينيه أن تسوقه أحلامه ليتعلق قلبه بامرأة ما قط، فشروده الدائم يحجب عنه كل الأطياف، وتفكيره أضحى في صراع دائم مع تقلبات أحاسيس جميلة مهما كانت درجة تراشقها بين ثنايا تأملاته وسهاده المتكرر. ولكنه في لحظاته تلك، و هو ينظر إلى مرآته المغبرة و المعلقة خلف الباب مباشرة، فجوة تفصله بين عالمين متصارعين، بين ذواته الحالمة المطمئنة وذاته الثائرة المستفزة. فكلما اقترب منها يلقى نظرة خاطفة على ذلك الطيف الذي يسكنه، مثل متلصص يسترق النظر قبل بدء عملية نشل صبيانية. ها هو أخيرا يتفطن إلى ذلك الشيب الذي بدأ يغزو شعره الخفيف والمحادي لصلعته اللامعة، لقد بدت له مقلتاه غائرتين براقتين مثل عيني قط متشرد في ركن داج بعد أن دب الجرب إلى جسده الهزيل، إنهما تحملان من التيه الشيء الكثير، بدتا عميقتين بشكل ملحوظ حتى أن اليسرى منهما يغشاها ضباب كثيف بين الفينة و الأخرى، ما يجعله لا يفارق نظارتيه اللتان يربطهما بحزام مطاطي حتى في استلقاءاته المتكررة طلبا لراحة مسروقة. وتلك الأسنان المتباعدة التي تزين فمه الصائم عن الكلام إلا من أنات و همهمات متفرقة، لا تكاد تحمل من البياض إلا اليسير منه، أصبحت اللقمة في فمه تتعرض إلى ما لا نهاية له من القطع و التمزيق الممل قبل أن تستقر في غياهب النسيان. ها هو الآن ينهض بتثاقل واضح و يجلس بسرعة كجثة هوت من عل، وكم يمني النفس في لحظات شروده تلك أن تكون بجانبه امرأة يرتاح لها و ترتاح له، يستند إليها وتستند إليه، يتقاسم معها لحظاته الأخيرة من عمره الرتيب، يحدثها و تحدثه، يتبادلان الشوق المنبعث من تحث رماد النسيان، البارحة فقط كلمها من وراء حجاب:- أألقاك مجددا هناك؟- نعم يا ملهمتي، وهل يتوقف الموج عن مداعبة الشاطئ&#7502-;- بين الفينة و الأخرى، وفي أوقات يشتد فيها حر الشاطئ المجاور لبيت أحلامه المتكسرة، تسوقه خطاه المتثاقلة إلى المكان عينه، قرب أجراف تشرئب إلى الموج في غضب حانق، هناك يقتنص لنفسه هنيهات تدغدغ غيابه المتكرر، ويتسارع شريط عمره كالبرق في ليلة عاصفة. يظل قابعا ينتظرها دهرا، وبعد أن يشبع منه الزوار جيئة وذهابا، يجلس قبالة الأمواج المتلاطمة، بعد أن يغرز قصبته الشاحبة عميقا تحت الرمل المبلل، تلك القصبة الخيزرانية التي تشبهه في انحناءته وسحنته المائلة إلى اللون البني القاتم. في جيبه العلوي مذياع بصغير متآكل الجنبات،يحيط به سلك صدئ، هو كل ما تبقى له من والديه المتوفيين منذ مدة قصيرة، وقد تسمر مؤشره على القناة ذاتها منذ أمد بعيد. يجلس على كرسيه الخشبي الصغير المتهالك ، يخرج كراسته وقلمه الرصاصي ليكتب أشياءه المعهودة. الأوراق تعبث بها نسائم البحر الباردة و القلم يتراقص بين أنامله في مد وجزر. رسم وجهها قبالة وجهه، بدا له شعرها يتطاير بفعل النسائم التي ترسلها أمواج البحر بين الفينة و الأخرى، مد سبابته ومررها على شفتيها، أراد أن يقبلها لكن شعوره باهتزاز القصبة نبهه إلى أن أعينا تترصده في حركاته وسكناته تلك، أمسك بقصبته المتجمدة يتفقد اهتزازها الخفيف، تلك القصبة التي تعب من مداعبتها ولفها لتستقيم كما كانت في أيام شبابه، لم يقو على جذبها أو بالأحرى لم تكن الأسماك هدفه الأول، بل ذلك الاهتزاز الذي يشعره بالنشوة و الحياة. يعرفه الجميع هنا، خاصة من يدأبون على المجيء إلى هذا الشاطئ في مثل هذا الوقت من كل أسبوع، أناس مثله يبحثون عن الخلوة والهدوء، لا يكلمونه ولا يكلمهم، يراقبهم و يراقبونه منذ زمن بعيد، يبادلهم ابتسامته المصطنعة وتغدو تلك النظرة الحزينة بادية للعيان. هو بدوره يعرفهم واخدا تلو الآخر وإن لم ي ......
#أمواج
#متلاطمة

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=741497