صابر ملوكه : أشباح في محطه القطار
#الحوار_المتمدن
#صابر_ملوكه مرت الدقائق متباطئة و تأخر القطار عن موعده. توترت أعصابه وهو يوزع نظراته بين ساعة القطار المغطاة بالتراب وبين الفتاة الجالسة جواره. تظاهر بالهدوء متلفتا حوله. الانتباه إلى التفاصيل يقتل الوقت. المحطة تموج بالبشر والغبار يتصدر المشهد.الصحراء تظل صحراء رغم المباني الشاهقة والشجيرات المتناثرة على جانبي الخط الحديدي.لمح شرطي القطار في مقدمة المحطة في الزي التقليدي لرجال الأمن محاولاً فرض هيبته. في الحقيقه لا يلاحظه أحد. وجهه يسكنه القلق ويخلو من الملامح ولكن الهراوة التي في يده تعطية إحساسا بالتفوقلم يعد يتذكر سبب دخوله عالم الشرطة. ودار بفكره" بالأحرى ليس هناك سبب لكل ما يعيشه اليوم. كل مايذكره إن والده قرر إلحاقه بالشرطة. لم يقاوم ولم يعترض ومن يومها لم يقرر شيئا لنفسه مثله مثل غيره من البشر.عدم إمتلاكه لحد أدنى من الأحلام انتهي به إلى الشرطةعاش بلا طموح ولا هدف و لم يعرف يوما وجهته. يري المئات يرحلون أمامه كل يوم الى وجهتهم وبقي هو عالقا هنا.سمع صوتا موسيقيا ينبعث من مذياع صغير يحمله رجل عجوز يحتضن صرة ملابسه ويقبع فوق الرصيفتصاعد صوت أم كلثوم "آه ... كم أخشى غدي هذا وأرجوه اقترابا.. كنت أستدنيه لكن هبته لما أهابا...... هكذا أحتمل العمر نعيما وعذابا"تعود به الأغنية إلى سنوات جميلة ولت. يتبخر العمر وتبقى الأغنية.على بعد خطوات منه يقف رجل في منتصف الخمسينيات. ذو قامة قصيرة وملامح سمراء يستند إلى العمود الحديدي الذي يتوسط الرصيف كإنه يخشي السقوط يريد فقط أن يصل إلى جهته دون أن يعوقه شيء.الإحباطات التي مر بها منذ شبابه كانت كافية لتلقيه جانباكل ما يحلم به الآن هو أن يركب القطار ويعود إلى غرفته ليستسلم إلى غفوته بعد نهار شاقرغم أنه كغيره من أبناء جيله عشق عبدالناصر وتوحد مع القائد في شبابه. إلا أنه ترك كل شيء بعد الهزيمة و لم يعد يتابع الأخبار تتغير أسماء الوزراء ولا يتغير شيءأصبح كل همه أن يحصل على قوته وأن يحتفظ لنفسه بمساحة خاصة لا يسمح لأحد باختراقهاالخوف من الخيبات كان هاجسه ومرارة الهزيمة لم تفارق روحه.على المقعد الحديدي ما زالت الفتاه جالسة.نظراتها حائرة و بدت وكأنها تبحث عن مخرجمنذ دخولها الجامعة وهي تصارع الفقر. أحبت زميلا لها ولكنه تركها الى فتاة ثرية. أبيها يريد أن يزوجها لكهل ثري لا تحبه. تتخيل نفسها معه في غرفة مغلقة فتفزعها هذه الصورة.يراودها كابوس واحد يتكرر كل ليلة" تمشي في غرفة مظلمة لا متناهية، تخلو من الجدران والأبواب والنوافذ" تستيقظ قبل أن تسقط في هوة سحيقة. موعد الزفاف يقتربو هي تختزن الدموع في عينيها الجميلتان وتفكر في الهرب........القطار يعلن عن وصوله في صخب. الرجل الأسمر قصير القامة يتنفس الصعداء. الفتاة تبدو غير مكترثة فمصيرها ينتظرها على الجانب الاخر. الشرطي ينظر للركاب في حسرة متمنيا لو أنه ركب القطار مثلهم. يتمنى لو عرف وجهته.العجوز لم يقم من مكانه وكأنه التصق بالرصيف و يواصل الاستماع إلى أم كلثوم "أغدا تشرق أضواؤك في ليل عيوني.. آه من فرحة أحلامي.. ومن خوف ظنوني". ......
#أشباح
#محطه
#القطار
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=764108
#الحوار_المتمدن
#صابر_ملوكه مرت الدقائق متباطئة و تأخر القطار عن موعده. توترت أعصابه وهو يوزع نظراته بين ساعة القطار المغطاة بالتراب وبين الفتاة الجالسة جواره. تظاهر بالهدوء متلفتا حوله. الانتباه إلى التفاصيل يقتل الوقت. المحطة تموج بالبشر والغبار يتصدر المشهد.الصحراء تظل صحراء رغم المباني الشاهقة والشجيرات المتناثرة على جانبي الخط الحديدي.لمح شرطي القطار في مقدمة المحطة في الزي التقليدي لرجال الأمن محاولاً فرض هيبته. في الحقيقه لا يلاحظه أحد. وجهه يسكنه القلق ويخلو من الملامح ولكن الهراوة التي في يده تعطية إحساسا بالتفوقلم يعد يتذكر سبب دخوله عالم الشرطة. ودار بفكره" بالأحرى ليس هناك سبب لكل ما يعيشه اليوم. كل مايذكره إن والده قرر إلحاقه بالشرطة. لم يقاوم ولم يعترض ومن يومها لم يقرر شيئا لنفسه مثله مثل غيره من البشر.عدم إمتلاكه لحد أدنى من الأحلام انتهي به إلى الشرطةعاش بلا طموح ولا هدف و لم يعرف يوما وجهته. يري المئات يرحلون أمامه كل يوم الى وجهتهم وبقي هو عالقا هنا.سمع صوتا موسيقيا ينبعث من مذياع صغير يحمله رجل عجوز يحتضن صرة ملابسه ويقبع فوق الرصيفتصاعد صوت أم كلثوم "آه ... كم أخشى غدي هذا وأرجوه اقترابا.. كنت أستدنيه لكن هبته لما أهابا...... هكذا أحتمل العمر نعيما وعذابا"تعود به الأغنية إلى سنوات جميلة ولت. يتبخر العمر وتبقى الأغنية.على بعد خطوات منه يقف رجل في منتصف الخمسينيات. ذو قامة قصيرة وملامح سمراء يستند إلى العمود الحديدي الذي يتوسط الرصيف كإنه يخشي السقوط يريد فقط أن يصل إلى جهته دون أن يعوقه شيء.الإحباطات التي مر بها منذ شبابه كانت كافية لتلقيه جانباكل ما يحلم به الآن هو أن يركب القطار ويعود إلى غرفته ليستسلم إلى غفوته بعد نهار شاقرغم أنه كغيره من أبناء جيله عشق عبدالناصر وتوحد مع القائد في شبابه. إلا أنه ترك كل شيء بعد الهزيمة و لم يعد يتابع الأخبار تتغير أسماء الوزراء ولا يتغير شيءأصبح كل همه أن يحصل على قوته وأن يحتفظ لنفسه بمساحة خاصة لا يسمح لأحد باختراقهاالخوف من الخيبات كان هاجسه ومرارة الهزيمة لم تفارق روحه.على المقعد الحديدي ما زالت الفتاه جالسة.نظراتها حائرة و بدت وكأنها تبحث عن مخرجمنذ دخولها الجامعة وهي تصارع الفقر. أحبت زميلا لها ولكنه تركها الى فتاة ثرية. أبيها يريد أن يزوجها لكهل ثري لا تحبه. تتخيل نفسها معه في غرفة مغلقة فتفزعها هذه الصورة.يراودها كابوس واحد يتكرر كل ليلة" تمشي في غرفة مظلمة لا متناهية، تخلو من الجدران والأبواب والنوافذ" تستيقظ قبل أن تسقط في هوة سحيقة. موعد الزفاف يقتربو هي تختزن الدموع في عينيها الجميلتان وتفكر في الهرب........القطار يعلن عن وصوله في صخب. الرجل الأسمر قصير القامة يتنفس الصعداء. الفتاة تبدو غير مكترثة فمصيرها ينتظرها على الجانب الاخر. الشرطي ينظر للركاب في حسرة متمنيا لو أنه ركب القطار مثلهم. يتمنى لو عرف وجهته.العجوز لم يقم من مكانه وكأنه التصق بالرصيف و يواصل الاستماع إلى أم كلثوم "أغدا تشرق أضواؤك في ليل عيوني.. آه من فرحة أحلامي.. ومن خوف ظنوني". ......
#أشباح
#محطه
#القطار
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=764108
الحوار المتمدن
صابر ملوكه - أشباح في محطه القطار