الحوار المتمدن
3.19K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
جواد بولس : محمود درويش الحاضر بين صفورية وسيدني
#الحوار_المتمدن
#جواد_بولس لم أكن أشعر أنه، ومع كل اطلالة يوم جديد، كان ينحت حروف جداريته على مرايا أرواحنا، ويحرق كل صباح ريشة من جناحيه ليقترب من الحقيقة، "وليكمل رحلته الأولى إلى المعاني". في مثل هذه الأيام، قبل ثلاثة عشر عامًا، تيقّن محمود درويش انه "يمتلك ما يكفي من الماضي وينقصه غد"، فقرر أن "يسلّ من عدمه وجوده"، وهو الذي قال للموت : "أيها الموت انتظرني خارج الأرض ، انتظرني في بلادك، ريثما أنهي حديثًا عابرًا مع ما تبقى من حياتي قرب خيمتك". لا أجمل من أن تقرأ محمود درويش في كل فصول السنة؛ فلأشعاره رائحة الأمل المتجدد، وطعم فريد لحنين شفيف، يصيبك بلذة آسرة وأنت على حافة الصهيل، فتشفى من غصتك وتدخل إلى "ليلك المشتهى".عاش محمود درويش حياته الشخصية وفق طقوس يومية صارمة حافظ عليها كي يحمي " أرض قصيدته الخضراء"، لكنّه خرج قليلًا عن عاداته حين زاد في سنواته الأخيرة من زياراته الى الجليل، وكأنه كان يحاول أن يستعيد توازن مكوّني مسيرته الأبديين: البيت والطريق.كنت محظوظًا لأنني رافقته في معظم تلك الزيارات الجليلية؛ لكنني نادم لأنني لم انتبه، ساعتها، إلى أنه كان يأخذني، بذكائه الصامت والجميل، إلى منابع روحه الأولى؛ فيمشي كغزال مرتبك على رصيف ميناء عكا ليضوّع مسكه الخالد على حجارة أسوارها الذهبية؛ ويقف كنسر ملحميّ على شرفة الكرمل ليضاحك المدى بعفوية عاشق سرمدي؛ ثم يسألني أين سنأكل اليوم؟ ومن سنزور ممن بقوا حرّاسًا للذاكرة وللملح ؟أذكر يومًا وصلنا فيه الى الناصرة قبل ظهيرة تموزية هادئة. دخلنا الى قاعة مطعم "الجنينة" وجلسنا، وحيديْن في المكان، حول طاولة مستديرة كبيرة. انتبه، بعد دقائق قليلة، صاحب المطعم لوجودنا؛ ثم اكتشف فجأةً أننا لسنا مجرد زبونين جائعين، فأبدى علامات فرح مضطرب عندما تحقق أن ضيفه هو محمود درويش. اندفع نحو طاولتنا محييًا، ثم بدأ يحث عماله على تجهيز الطاولة، وأخذ يحرك يديه بعصبية واضحة، وفي نفس الوقت يمطر علينا عبارات الترحاب والتأهيل والسرور. نظرت نحو محمود، فكان لون وجهه كلون الحرج، أحمر؛ فرددت على مضيفنا وشكرته حاسمًا بأننا سنشرب عنده القهوة فقط، لأننا تناولنا وجبة الافطار مسبقًا والوقت ليس وقت غذاء. لم يقتنع صاحبنا في البداية، لكننا نجحنا، بعد مفاوضات عسيرة معه، على ارضائه بأن نشرب القهوة وأن نأكل معها، من صنع يديه، صحني كنافة نصراوية. سعد محمود حين شعر بشعبيته، بعد سنوات من الغياب، وبدت على وجهه علامات رضا وراحة.ثم سألني كعادته وببراءة كنت أفهم كنهها: من تقترح أن نزور اليوم في الناصرة ؟ لم يكن سؤاله غريبًا عني، ولم أجد صعوبة في إقناعه بأول اسمين ذكرتهما؛ فقررنا أن نتصل بالشاعر طه محمد علي، ابو نزار ، واعلامه عن نيتنا بلقائه.كان صوت أبو نزار في الهاتف صاخبًا كرياح "صفورية"، وعميقًا مثل حزنها ؛ فاخبرته أن محمودًا موجود في الناصرة وانه ينوي زيارته، اذا كان ذلك ممكنًا بالنسبة له. سمعت صمته يتنفس بثقل ، ثم، بعد هنيهة، انهال على أذني سائلًا: اين أنتما الآن ؟ فأخبرته "اننا عند ابو ماهر بالجنينة"، لكنه أعاد السؤال عدة مرات، حتى صرخ، بعدها، مناديًا على ابنه، نزار، وطلب منه الذهاب فورًا الى المطعم كي يصطحبنا الى بيتهم في حي بير الأمير . حاولت أن أفهمه أننا سنأتي لوحدنا، لكنه لم يسمعني وأغلق الهاتف. لم ننتظر. تحركنا باتجاه الحي وسألنا عن بيت ابي نزار، فوصلنا ساحته الرحبة وصعدنا درجًا في نهايته باب مفتوح على مصراعيه، فدخلنا وأنا أنادي من الخارج على أبي نزار.كان يجلس الى طاولة صغيرة في المطبخ، وكانت أم نزار بجانبه. كان ظه ......
#محمود
#درويش
#الحاضر
#صفورية
#وسيدني

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=727380