منير المجيد : سپاگيتي
#الحوار_المتمدن
#منير_المجيد السپاگيتي أكتبها بدلاً من السباكيتي، كي أقترب، قدر الإمكان، من اللفظ الصحيح.أقنعني صديقي منذر بالذهاب إلى زيوريخ في سويسرا، في العطلة الصيفية لعام ١-;-٩-;-٧-;-٤-;-. «الذين يحملون بطاقة طلبة عالمية يجدون بسهولة عملاً. عندي معلومات كثيرة من أصدقاء كانوا هناك في الصيف الماضي». قال منذر، فاستدنت من وديعة (مالكة غرفتي في القصّاع) مبلغ خمسمائة ليرة، كانت كافية للبطاقة الطلّابيّة الرخيصة، على خطوط أليتاليا.توقفنا في مطار روما لمدة ساعتين، وكان من الطبيعي أن نتناول وجبة إيطالية، فوقع اختيارنا على السپاگيتي. في الواقع لم يكن في جيوبنا، منذر وأنا، إلّا القليل من الفرنكات السويسرية.في مطار زيوريخ أدخلوا منذر دون تفتيش، ووقف على مسافة وعلى وجهه علامة سخرية ماكرة، بينما انهمك رجلا الجمارك بتفتيش حقيبتي كالعقبان. من المُؤكّد لأنني شرق أوسطي السحنة، وليس أحمر الشعر والوجه مثل منذر.كان منذر قد تزوّد مسبقاً بعنوان فندق شباب (يوث هوستيل)، توجهنا إليه، وهناك دسّوا في أيدينا ورقة تعليمات صارمة، منها: يُمنع ممارسة الإتصال الجنسي منعاً باتاً داخل البناء. الفندق كان عبارة عن مهاجع بأسّرة مزدوجة مُشتركة للفتيات والفتيان معاً.صباح اليوم الثاني، وجدنا مكتب العمل، ووقفنا في صف طويل سمعنا منه لغات عديدة، وتعرّفنا على مجموعة من المكسيكيين. سجّلنا إسمينا وزوّدونا ببطاقات عالمية للطلبة، وطلبوا منّا أن نعود بعد يومين.في محطة القطارات الرئيسية (بانهوف) اشتريت كّراساً للرسم وبضع أقلام، لأنني تحمّست لرسم مشاهد من هذه المدينة النظيفة المتّسقة، ومتوقعاً أن أرسم پورتريات لبعض الناس، ثم تناولنا السپاگيتي في مطعم إيطالي. «ميت زاوس؟»، سألت المرأة المليئة التي لها عينا كلب لطيف، فقلنا لها «يا، دانكه».سنأكل السپاگيتي كل يوم في نفس المطعم طيلة إقامتنا في زيوريخ، لأنه كان أرخص وجبة في المدينة. في الأيام الأولى كنّا نأكله مع المرق (زاوس) وسلطة خضار، وحينما شحّت النقود ألغينا السلطة، وكنت أقول «ناين، دانكه» للمرق، لكنها، تلك المرأة المليئة، المليئة بكل ما في العالم من حنان، كانت تنظر حواليها وكأنّها تقوم بجنحة، ثم تصبّ المرق عليه تعاطفاً وشفقةً، حين ترانا نعّد الفرنكات القليلة.نذهب بعدها، بجولة منهكة، عابرين «بانهوفپلاتز» باتجاه بحيرة زيوريخ على الجانب الظليل المُشجر بكثافة من جادة الجنرال غويسان. أو إلى الجبال المحيطة بالمدينة، للإحساس بالنشوة، ورؤية الغابات المثقلة بالأشجار والنباتات، التي كانت السحب المُحمّلة بالرطوبة، على الدوام، تغلف قممها، وكان بمقدورنا لمسها وهي تتمسّح كجرو على جلودنا.كنت أحمل معي كُرّاسي وأقلام الرصاص، وحينما قاربت نقودنا على النفاذ، عرضتُ على بعض المارة رسم بورتريهاتهم. قلة منهم وافقوا، ولأني لم أستطع أن أطلب منهم مقابلاً مالياً، خجلاً على الأغلب، كانوا يأخذون رسوماتهم ويتشكرونني عشر مرات. من هؤلاء، فتاة شابة عرفت، بحدسها السويسري الدقيق، أننا كنّا في ورطة، فقالت أن لا مال لديها، لكنها ستكون سعيدة بتقديم وجبة عشاء في شقتها القريبة. حالاً، صار منذر يخطط لليلة حمراء في أحضان الفتاة، بينما طلبتُ منه أن يتصرف بتحضّر. في شقتها البسيطة التي كانت تشبه شقّة أيّة طالبة أو طالب في العالم، أحضرت لنا، من المطبخ، طبقاً كبيراً من السپاگيتي، تبادلنا النظرات، منذر وأنا، ابتسمنا، ثم انكببنا على تناول العشاء.لم يجدوا لنا عملاً في مكتب العمل بعد يومين، ولا بعد أسبوع. في تلك الأمسية، وقبل أن يُطفأ ضوء المهجع ......
#سپاگيتي
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=737068
#الحوار_المتمدن
#منير_المجيد السپاگيتي أكتبها بدلاً من السباكيتي، كي أقترب، قدر الإمكان، من اللفظ الصحيح.أقنعني صديقي منذر بالذهاب إلى زيوريخ في سويسرا، في العطلة الصيفية لعام ١-;-٩-;-٧-;-٤-;-. «الذين يحملون بطاقة طلبة عالمية يجدون بسهولة عملاً. عندي معلومات كثيرة من أصدقاء كانوا هناك في الصيف الماضي». قال منذر، فاستدنت من وديعة (مالكة غرفتي في القصّاع) مبلغ خمسمائة ليرة، كانت كافية للبطاقة الطلّابيّة الرخيصة، على خطوط أليتاليا.توقفنا في مطار روما لمدة ساعتين، وكان من الطبيعي أن نتناول وجبة إيطالية، فوقع اختيارنا على السپاگيتي. في الواقع لم يكن في جيوبنا، منذر وأنا، إلّا القليل من الفرنكات السويسرية.في مطار زيوريخ أدخلوا منذر دون تفتيش، ووقف على مسافة وعلى وجهه علامة سخرية ماكرة، بينما انهمك رجلا الجمارك بتفتيش حقيبتي كالعقبان. من المُؤكّد لأنني شرق أوسطي السحنة، وليس أحمر الشعر والوجه مثل منذر.كان منذر قد تزوّد مسبقاً بعنوان فندق شباب (يوث هوستيل)، توجهنا إليه، وهناك دسّوا في أيدينا ورقة تعليمات صارمة، منها: يُمنع ممارسة الإتصال الجنسي منعاً باتاً داخل البناء. الفندق كان عبارة عن مهاجع بأسّرة مزدوجة مُشتركة للفتيات والفتيان معاً.صباح اليوم الثاني، وجدنا مكتب العمل، ووقفنا في صف طويل سمعنا منه لغات عديدة، وتعرّفنا على مجموعة من المكسيكيين. سجّلنا إسمينا وزوّدونا ببطاقات عالمية للطلبة، وطلبوا منّا أن نعود بعد يومين.في محطة القطارات الرئيسية (بانهوف) اشتريت كّراساً للرسم وبضع أقلام، لأنني تحمّست لرسم مشاهد من هذه المدينة النظيفة المتّسقة، ومتوقعاً أن أرسم پورتريات لبعض الناس، ثم تناولنا السپاگيتي في مطعم إيطالي. «ميت زاوس؟»، سألت المرأة المليئة التي لها عينا كلب لطيف، فقلنا لها «يا، دانكه».سنأكل السپاگيتي كل يوم في نفس المطعم طيلة إقامتنا في زيوريخ، لأنه كان أرخص وجبة في المدينة. في الأيام الأولى كنّا نأكله مع المرق (زاوس) وسلطة خضار، وحينما شحّت النقود ألغينا السلطة، وكنت أقول «ناين، دانكه» للمرق، لكنها، تلك المرأة المليئة، المليئة بكل ما في العالم من حنان، كانت تنظر حواليها وكأنّها تقوم بجنحة، ثم تصبّ المرق عليه تعاطفاً وشفقةً، حين ترانا نعّد الفرنكات القليلة.نذهب بعدها، بجولة منهكة، عابرين «بانهوفپلاتز» باتجاه بحيرة زيوريخ على الجانب الظليل المُشجر بكثافة من جادة الجنرال غويسان. أو إلى الجبال المحيطة بالمدينة، للإحساس بالنشوة، ورؤية الغابات المثقلة بالأشجار والنباتات، التي كانت السحب المُحمّلة بالرطوبة، على الدوام، تغلف قممها، وكان بمقدورنا لمسها وهي تتمسّح كجرو على جلودنا.كنت أحمل معي كُرّاسي وأقلام الرصاص، وحينما قاربت نقودنا على النفاذ، عرضتُ على بعض المارة رسم بورتريهاتهم. قلة منهم وافقوا، ولأني لم أستطع أن أطلب منهم مقابلاً مالياً، خجلاً على الأغلب، كانوا يأخذون رسوماتهم ويتشكرونني عشر مرات. من هؤلاء، فتاة شابة عرفت، بحدسها السويسري الدقيق، أننا كنّا في ورطة، فقالت أن لا مال لديها، لكنها ستكون سعيدة بتقديم وجبة عشاء في شقتها القريبة. حالاً، صار منذر يخطط لليلة حمراء في أحضان الفتاة، بينما طلبتُ منه أن يتصرف بتحضّر. في شقتها البسيطة التي كانت تشبه شقّة أيّة طالبة أو طالب في العالم، أحضرت لنا، من المطبخ، طبقاً كبيراً من السپاگيتي، تبادلنا النظرات، منذر وأنا، ابتسمنا، ثم انكببنا على تناول العشاء.لم يجدوا لنا عملاً في مكتب العمل بعد يومين، ولا بعد أسبوع. في تلك الأمسية، وقبل أن يُطفأ ضوء المهجع ......
#سپاگيتي
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=737068
الحوار المتمدن
منير المجيد - سپاگيتي