عبير فتحوني : الانسحاب
#الحوار_المتمدن
#عبير_فتحوني صالون مهترئ وجسد هزيليختبئ وسط جلبابه،يصنع ركنا مريحا براحة يدهو يلوح هائما بين جنبات مخيلتهترطمه اطلال أحلام الماضي البعيد و يدفنه ببطء قاتل فتاتها .مطولا تحت رحمة هده النظرات لا يفكر بشيء جديد فلا وقت هنا للوقت ، كالمحكوم بالإعدام لا وقت له لتخيل المستقبل ، الا بعض شذرات الماضي التي لا تكف عن زيارته كل ما انفرد وحيدا بنفسه.في السبعين من عمره، يتكور داخل جلبابه يجلس القرفصاء في الزاوية ويترقب شبح المارة من على الشرفات، كالأرواح الهائمة هو يهيم في اللاجديد، هنا في المنفى، هنا في البيت...في السبعين من عمري. محارب قديم، زوج قديم الطراز، وصديق لأربعة رفاق، لا غذا لي، ولا ترغب الالهة في التوضيح، سوى فيروس لعين يقطع طريق العابرين، لا أدين للحياة بشيءغير ثياب محارب قديم،كنت قد ورثتها لأبنائي بعد سن العشرين..مازلت اخلد في الذاكرة تفاصيل حلم مضى، حتى قاطعتني نظرات الشفقة من زوجتي وهي تتحسس جيوبها، تريد ان توصل لي شيئا شامخا لا تصله الكلمات، فلم تجد له سوى الايماءات، فلا تجهدي نفسك يا زوجتي في التعبير. انهيت حفلة التنكر هذه، ناولت قفتي من على الدرج العلوي بعد ان ذكرني الالم برفيق ظهري القديم -السياتيك- وبعض آلام المفاصل وضعف البصر والسمع وحصى الكلى، والبروستاتا والمزيد..كانت هذه حمولتي من عقود في الخدمة العسكرية الى جانب علب السردين...ناولت القفة، وسرت الى السوق متكئا على عكازي ومحفظتي ويدلني ظلي على الطريق. فعلى من يتكئ المرء في هذا الزمن. لا جوع في روحي انا أنتظر آذان الغروب، و إني لأرى في السوق عكس ما كان يصفه المذيع، ومن سيفسر ايديولوجية الجوع لكل هؤلاء المتجمهرين حول حبات البطاطس سيدي الوزير؟ من سيشرح ايديولوجية الجوع لكل هؤلاء الآباء، لأبنائهم في الطابور.لا راية بيضاء في السوق، فمن يستسلم للجوع؟قاطع تأملي البوليس- ورقة السماح بالخروج، سيدي؟ - ها هي، يا ابن! لقد كنت في السوق- حسنا! لكن لا تطل في الخروج، فالفيروس قاتل وأخشى تذكيرك بأنك مستهدفه القريب- طأطأة رأسي في تفهم. آذن لي بالرحيل إذن .............................................. اعود للبيت منهك القوى، ألهت الكلمات، أزيل القناع أتنفس بحرية، هل لي أن أنزع القناع من على رأسي، اشعر بضيق في الكلمات و الافكار المتصدئة تخنقني. اتبع إجراءات السالمة قبل الجلوس ، فلا ضرر في المحاولة و لو كنت غريق. ومع انقضاء أول ساعات الظهيرة ،و اعلان الشمس رحيلها فتلوح بآخر أشعتها تلويحة وداع، ويأذن لنا المؤذن بالإفطار بعد احساس طويل بالمساكين، حين نستدير حول الطاولة فهنا سكينتي ومسكني، هنا مرسى سلامي وألفتي والهدوء الذي صان ثورتي، حينما اثور للمرة الأولى وتعتريني رعشة المناهضة، ارغب فقط أن اصير خالدا هاهنا، أن أغرق في الرتابة، أن يلتهمني الروتين أن أتوه في هذه الحلقة، لسبعين عاما الماضية ولسبعين عاما اخرى... ................................................................... و كنت قد لازلت اقتعد ركن الصالون المقابل للشرفة، أحاول تخطي الحاضر باستحضار ما مضى؛ حتى يقطع سكوني هذا، القرع في البابــــــ. فهمت زوجتي بالفتح - من الطارق؟- مرحبا! يا سيدتي هل انت والدة عماد؟- عجلت بجوابه، بلى هل حدت له أي مكروه ؟- لا اعرف ما سأقول سيدي، لقد ظهرت بعض الحالات في صفوفهم و قد ثم إخضاعهم للفحص، وتبين انه مصاب...عم صم ......
#الانسحاب
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=681167
#الحوار_المتمدن
#عبير_فتحوني صالون مهترئ وجسد هزيليختبئ وسط جلبابه،يصنع ركنا مريحا براحة يدهو يلوح هائما بين جنبات مخيلتهترطمه اطلال أحلام الماضي البعيد و يدفنه ببطء قاتل فتاتها .مطولا تحت رحمة هده النظرات لا يفكر بشيء جديد فلا وقت هنا للوقت ، كالمحكوم بالإعدام لا وقت له لتخيل المستقبل ، الا بعض شذرات الماضي التي لا تكف عن زيارته كل ما انفرد وحيدا بنفسه.في السبعين من عمره، يتكور داخل جلبابه يجلس القرفصاء في الزاوية ويترقب شبح المارة من على الشرفات، كالأرواح الهائمة هو يهيم في اللاجديد، هنا في المنفى، هنا في البيت...في السبعين من عمري. محارب قديم، زوج قديم الطراز، وصديق لأربعة رفاق، لا غذا لي، ولا ترغب الالهة في التوضيح، سوى فيروس لعين يقطع طريق العابرين، لا أدين للحياة بشيءغير ثياب محارب قديم،كنت قد ورثتها لأبنائي بعد سن العشرين..مازلت اخلد في الذاكرة تفاصيل حلم مضى، حتى قاطعتني نظرات الشفقة من زوجتي وهي تتحسس جيوبها، تريد ان توصل لي شيئا شامخا لا تصله الكلمات، فلم تجد له سوى الايماءات، فلا تجهدي نفسك يا زوجتي في التعبير. انهيت حفلة التنكر هذه، ناولت قفتي من على الدرج العلوي بعد ان ذكرني الالم برفيق ظهري القديم -السياتيك- وبعض آلام المفاصل وضعف البصر والسمع وحصى الكلى، والبروستاتا والمزيد..كانت هذه حمولتي من عقود في الخدمة العسكرية الى جانب علب السردين...ناولت القفة، وسرت الى السوق متكئا على عكازي ومحفظتي ويدلني ظلي على الطريق. فعلى من يتكئ المرء في هذا الزمن. لا جوع في روحي انا أنتظر آذان الغروب، و إني لأرى في السوق عكس ما كان يصفه المذيع، ومن سيفسر ايديولوجية الجوع لكل هؤلاء المتجمهرين حول حبات البطاطس سيدي الوزير؟ من سيشرح ايديولوجية الجوع لكل هؤلاء الآباء، لأبنائهم في الطابور.لا راية بيضاء في السوق، فمن يستسلم للجوع؟قاطع تأملي البوليس- ورقة السماح بالخروج، سيدي؟ - ها هي، يا ابن! لقد كنت في السوق- حسنا! لكن لا تطل في الخروج، فالفيروس قاتل وأخشى تذكيرك بأنك مستهدفه القريب- طأطأة رأسي في تفهم. آذن لي بالرحيل إذن .............................................. اعود للبيت منهك القوى، ألهت الكلمات، أزيل القناع أتنفس بحرية، هل لي أن أنزع القناع من على رأسي، اشعر بضيق في الكلمات و الافكار المتصدئة تخنقني. اتبع إجراءات السالمة قبل الجلوس ، فلا ضرر في المحاولة و لو كنت غريق. ومع انقضاء أول ساعات الظهيرة ،و اعلان الشمس رحيلها فتلوح بآخر أشعتها تلويحة وداع، ويأذن لنا المؤذن بالإفطار بعد احساس طويل بالمساكين، حين نستدير حول الطاولة فهنا سكينتي ومسكني، هنا مرسى سلامي وألفتي والهدوء الذي صان ثورتي، حينما اثور للمرة الأولى وتعتريني رعشة المناهضة، ارغب فقط أن اصير خالدا هاهنا، أن أغرق في الرتابة، أن يلتهمني الروتين أن أتوه في هذه الحلقة، لسبعين عاما الماضية ولسبعين عاما اخرى... ................................................................... و كنت قد لازلت اقتعد ركن الصالون المقابل للشرفة، أحاول تخطي الحاضر باستحضار ما مضى؛ حتى يقطع سكوني هذا، القرع في البابــــــ. فهمت زوجتي بالفتح - من الطارق؟- مرحبا! يا سيدتي هل انت والدة عماد؟- عجلت بجوابه، بلى هل حدت له أي مكروه ؟- لا اعرف ما سأقول سيدي، لقد ظهرت بعض الحالات في صفوفهم و قد ثم إخضاعهم للفحص، وتبين انه مصاب...عم صم ......
#الانسحاب
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=681167
الحوار المتمدن
عبير فتحوني - الانسحاب