الحوار المتمدن
3.07K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
سلام عبود : ديك الزمن الجميل نص تسجيليّ
#الحوار_المتمدن
#سلام_عبود لم يلتفت إلى الخلف. سار الأستاذ رياض، مدرّس اللغة الإنجليزيّة في ثانوية عليّ الغربيّ، وهو يقاوم بشدّة الرغبة الملحّة في الالتفات إلى الخلف. ولم يفعل ذلك إلاّ بعد أن تأكّد أنّ بناية مقرّ الحزب في عليّ الغربيّ، التي غادرها منذ دقائق، غرقت تماماً في الظلام، وأنّها لم تعد تُرى من هذه المسافة البعيدة.التفت الأستاذ رياض إلى الخلف مرّة ثانية على عجل، ثمّ تلاها بالتفاتة ثالثة ورابعة خاطفتين. لا أحد يمشي خلفه. اطمأنّ قلبه، وانعطفت به قدماه في اتجاه الجسر. عبر جسر المدينة الرجراج، الطويل، واقترب من بناية دار الضيافة، من دون أن يستعيد وعيه تماماً. كلّ ما يشعر به الآن هو أنّه مخلوق بلا جسد، يسير، كالغبار، محمولاً على موجة هوائيّة جارفة، وأنّه قادم توًّا من عالم آخر، غير قابل للوصف، وأنّه قبل أن يعود إلى بيتهم في حاجة ماسة إلى مقابلة شخص ما، صديق ما، أحد ما، لكي يحسّ ويتأكّد أنّه طليق حقًّا، وأنّ الكابوس المرعب انقضى فعلاً، وأنّه الآن يمشي على قدميه، حرًّا.الطريق من بناية مقرّ الحزب حتّى دار الضيافة يعمّها ظلام الليل وبرودة أوائل الربيع، ورائحة المطر العالقة في الهواء. كتلة متماسكة من الصمت والعتمة والرطوبة تجعله يشعر أنّه لم يزل أسيراً في قبضة الرعب، الذي عاشه قبل دقائق.لن أعود إلى البيت وأنا على هذه الحال. فكّر بعقل مشوش، وهو يحاول أن يحسم أمره. يجب أن يختار واحداً من أمرين: أن يبدّد قلقه أوّلاً بسبب ما جرى له، أو أن يذهب إلى البيت، لكي يُطمئِن أمّه وأخاه منير. فمن المؤكّد أنّهما قلقان عليه بسبب غيابه. فهو لم يتأخر يوماً عن العودة إلى البيت عقب انتهاء الدوام الرسميّ. اقترب أكثر من بناية دار الضيافة. رأى كتلة البيت الغارقة في الظلام، تنتصب مثل كومة هائلة من السخام. هنا يسكن زملاؤه المدرّسون القادمون من خارج المدينة، متّخذين من الدار العتيقة، الواقعة خارج المدينة، مسكناً لهم. فجأة استيقظت حواسّه كلّها. التقطت أذناه صوتاً طليقاً لديك يصيح. صوتٌ حرّ، مزهوّ برنينه، تخترق نغماته الطويلة حلكة المساء. أغمض عينيه وراح ينصت إلى صدى الصوت المتردّد في مخيلته والسابح في الفضاء المظلم الرطب. صوت يشبه زغرودة تطلقها أفواه فرحة ولكن في مأتم، فتمزّق طقوس الموت وتشيع الارتباك. نسي كابوسه ولبث يتعقّب صوت الديك. هل يُعقل أن يصيح الديك الآن، والساعة لم تتجاوز التاسعة مساء! هل هذا من أثر الكابوس؟ فكّر وهو يشكّ في صدق حواسّه. لكنّ الصوت المنغّم تكرّر مجدّداً بالزهو ذاته، فشقّ جدار العتمة واخترق أحاسيسه المشوّشة، وجعله يصدّق أنّ ما يسمعه ليس بقيّة أو تتمّة لمشاهد الكابوس، التي عاشها قبل دقائق، وأنّ ما يحدث جزء من الواقع.الواقع! أيّ واقع؟ وهل ما يحدث هنا له علاقة بالواقع؟دخل البناية العتيقة المكوّنة من ثلاث غرف مغبّرة، متآكلة، مليئة بالحشرات والأوساخ، فألفى زملاءه المدرّسين، غارقين بنشوة طاغية من الصخب العبثيّ.سكارى! فكّر رياض. اليوم هو الخميس والجو ينذر بالمطر، وقد جلسوا جميعهم في البناية، متّخذين من إحدى الغرفتين الأماميتين مجلساً للسكر. وضعوا قوارير العرق والمقبّلات على الأرض وتحلّقوا حولها جميعاً. حتّى الذين لا يشربون العرق يشاركون في التهام المقبّلات والثرثرة بصخب. جميعهم هنا، عدا محسن وعباس وقرطاس. اعتزل الثلاثة في غرفة البيت الثالثة، الواقعة في ركن البيت الخلفيّ، ولبثوا طوال الوقت يتهامسون بغضب وحقد دفين. ومن حين إلى آخر، يخرج أحدهم من معتزله ويعود سريعاً إلى الغرفة، وهو يحاول تجنّب الاصطدام أو الاحتكاك بزملائه العابثين، الكفرة.اخترق ......
#الزمن
#الجميل
#تسجيليّ

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=684675