راتب شعبو : تعودت أن أحب كاسترو
#الحوار_المتمدن
#راتب_شعبو تعودت أن أحب كاسترو، تماماً كما تعودت أن أكره الاستعمار. كان ذلك بمثابة المشاعر البديهية. وفي الحب ينسحب العقل إلى الزاوية البعيدة، ويصبح متواطئاً مع الحب من زاويته تلك. المشاعر تغلب على العقل، هكذا يكون الحال في الغالب. الآن، حين أسترجع ذاتي وأمتحن مشاعري البعيدة، أجد أن كاسترو حاز بالفعل على ما يتطلبه الإعجاب، فقد كان "كل ما يجب أن يكونه الثائر" حسب قول هنري ريستون رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية في الفترة بين 1951-1964. استطاع أن يقف ضد الطغيان الأمريكي، وأن يلهم الكثير من الثوار حول العالم. كثيراً ما ينهزم الثائر، وفي هزيمته يضمن لنفسه نصراً أخلاقياً يتغذى على قيمة تمرد الضعيف، فكيف إذا انتصر وصمد الثائر كما كاسترو؟ كيف إذا استطاع أن يبقى منتصباً، على ضعفه، مثل كوبا؟يثير التعاطف أن تجد بلداً صغيراً ككوبا محاصراً من امبراطورية بحجم أميريكا. ويثير الإعجاب أن تقاوم كوبا هذا الحصار وأن تعمل في السياسة الخارجية كل ما يغيظ العملاق الأمريكي، وأن تمد يدها الفقيرة إلى كل حركات التحرر وإلى كل الدول التي تعتبرها معادية لأميريكا المتغطرسة والمعتدية. ولكن ليس قليلاً أن يغيب وراء هذا التعاطف والإعجاب السؤال عن "الوضع الداخلي" في مثل هذه البلدان، والسؤال عن معنى "الزعيم المؤبد". غالباً ما يغيب "الحصار الداخلي" وراء ضجة "الحصار الخارجي" الذي يتحول إلى ركيزة قوية لتعزيز الحصار الأول وقبوله وتشريعه. القضايا الكبرى تلتهم القضايا الصغرى وتطمسها، وإذا كان يمكن قبول هذا تحت اسم الضرورات، فمن غير المقبول أن تتحول الضرورات من أمر عابر إلى أمر مقيم. عندئذ تتحول القضايا الكبرى إلى مجرد كلام يشبه شواهد القبور.أمام قضية كبرى، مثل تحدي الحصار الأمريكي، القريب الشبه من ممانعة هذه الأيام عندنا، تتحول حياة الكوبيين إلى تفاصيل مهملة. وبذلك يتحول استمرار أمثال كاسترو في الحكم إلى قضية بحد ذاتها، قضية طاردة لكل أنواع الاحتجاج أو السؤال أو حتى التأمل. مواجهة أميريكا تتطلب وجود الزعيم، واستمراره يتطلب التضحية بالقضايا الصغرى مثل حقوق الإنسان وحرية التعبير ..الخ. أليس لدينا ما يشبه ذلك اليوم، على بعد المسافة والزمن؟حين تمكنت "الثورة" الكوبية من الاستمرار ومن إنتاج العناصر المحلية والعالمية الكفيلة بديمومتها، تحولت إلى حالة "مؤسساتية"، وانضوت في عالم مؤسس على الظلم والتفاوت، وباتت جزءاً من جمود هذا العالم وعطالته. ليس في هذا أي عجب، وليس في هذا أي انتقاص من قيمة الحرب الثورية التي باشرها الكوبيون ضد حكومة باتيستا الذي كان بمثابة الوكيل المحلي للأمريكان. لكن في هذا محل للتساؤل عن الديمومة الثورية وعن الجدوى. الثورة التي حققت مكاسب للكوبيين في مجال التعليم والصحة وتحسين الدخل، تحولت إلى نظام صلب ينتج التمايزات القائمة على الولاء ويكرسها، كما تحول الثائر الكبير إلى دكتاتور. وقد خبرت معظم شعوب العالم الثالث، بلحمها ودمها، هذا التحول الفظيع من ثوار حركات التحرر إلى ديكتاتوريي "الدول الوطنية".حاز كاسترو على مجد واسع، وقد كانت مادة هذا المجد تصبح مع الوقت شخصية أكثر منها كوبية. اضمحلت كوبا وراء ضخامة كاسترو، مثلما تسربت أرواح وأعمار كوبيين كثر خلف راية "الثورة"، بمن فيهم بعض أبرز قادتها، ليس لمصلحة الثورة بل لمصلحة "سلطة" الثورة.مع الوقت، ولاسيما بعد أن تفكك الاتحاد السوفييتي الذي أوشك أن يشعل حرباً نووية من أجل كوبا، فيما عرف بأزمة الصواريخ في تشرين الأول/أكتوبر 1962، باتت كوبا كأنها قطعة من الماضي. وبات كاسترو ثورياً تاريخياً ناضباً، أو علامة فارقة، يتهافت نجو ......
#تعودت
#كاسترو
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=715050
#الحوار_المتمدن
#راتب_شعبو تعودت أن أحب كاسترو، تماماً كما تعودت أن أكره الاستعمار. كان ذلك بمثابة المشاعر البديهية. وفي الحب ينسحب العقل إلى الزاوية البعيدة، ويصبح متواطئاً مع الحب من زاويته تلك. المشاعر تغلب على العقل، هكذا يكون الحال في الغالب. الآن، حين أسترجع ذاتي وأمتحن مشاعري البعيدة، أجد أن كاسترو حاز بالفعل على ما يتطلبه الإعجاب، فقد كان "كل ما يجب أن يكونه الثائر" حسب قول هنري ريستون رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية في الفترة بين 1951-1964. استطاع أن يقف ضد الطغيان الأمريكي، وأن يلهم الكثير من الثوار حول العالم. كثيراً ما ينهزم الثائر، وفي هزيمته يضمن لنفسه نصراً أخلاقياً يتغذى على قيمة تمرد الضعيف، فكيف إذا انتصر وصمد الثائر كما كاسترو؟ كيف إذا استطاع أن يبقى منتصباً، على ضعفه، مثل كوبا؟يثير التعاطف أن تجد بلداً صغيراً ككوبا محاصراً من امبراطورية بحجم أميريكا. ويثير الإعجاب أن تقاوم كوبا هذا الحصار وأن تعمل في السياسة الخارجية كل ما يغيظ العملاق الأمريكي، وأن تمد يدها الفقيرة إلى كل حركات التحرر وإلى كل الدول التي تعتبرها معادية لأميريكا المتغطرسة والمعتدية. ولكن ليس قليلاً أن يغيب وراء هذا التعاطف والإعجاب السؤال عن "الوضع الداخلي" في مثل هذه البلدان، والسؤال عن معنى "الزعيم المؤبد". غالباً ما يغيب "الحصار الداخلي" وراء ضجة "الحصار الخارجي" الذي يتحول إلى ركيزة قوية لتعزيز الحصار الأول وقبوله وتشريعه. القضايا الكبرى تلتهم القضايا الصغرى وتطمسها، وإذا كان يمكن قبول هذا تحت اسم الضرورات، فمن غير المقبول أن تتحول الضرورات من أمر عابر إلى أمر مقيم. عندئذ تتحول القضايا الكبرى إلى مجرد كلام يشبه شواهد القبور.أمام قضية كبرى، مثل تحدي الحصار الأمريكي، القريب الشبه من ممانعة هذه الأيام عندنا، تتحول حياة الكوبيين إلى تفاصيل مهملة. وبذلك يتحول استمرار أمثال كاسترو في الحكم إلى قضية بحد ذاتها، قضية طاردة لكل أنواع الاحتجاج أو السؤال أو حتى التأمل. مواجهة أميريكا تتطلب وجود الزعيم، واستمراره يتطلب التضحية بالقضايا الصغرى مثل حقوق الإنسان وحرية التعبير ..الخ. أليس لدينا ما يشبه ذلك اليوم، على بعد المسافة والزمن؟حين تمكنت "الثورة" الكوبية من الاستمرار ومن إنتاج العناصر المحلية والعالمية الكفيلة بديمومتها، تحولت إلى حالة "مؤسساتية"، وانضوت في عالم مؤسس على الظلم والتفاوت، وباتت جزءاً من جمود هذا العالم وعطالته. ليس في هذا أي عجب، وليس في هذا أي انتقاص من قيمة الحرب الثورية التي باشرها الكوبيون ضد حكومة باتيستا الذي كان بمثابة الوكيل المحلي للأمريكان. لكن في هذا محل للتساؤل عن الديمومة الثورية وعن الجدوى. الثورة التي حققت مكاسب للكوبيين في مجال التعليم والصحة وتحسين الدخل، تحولت إلى نظام صلب ينتج التمايزات القائمة على الولاء ويكرسها، كما تحول الثائر الكبير إلى دكتاتور. وقد خبرت معظم شعوب العالم الثالث، بلحمها ودمها، هذا التحول الفظيع من ثوار حركات التحرر إلى ديكتاتوريي "الدول الوطنية".حاز كاسترو على مجد واسع، وقد كانت مادة هذا المجد تصبح مع الوقت شخصية أكثر منها كوبية. اضمحلت كوبا وراء ضخامة كاسترو، مثلما تسربت أرواح وأعمار كوبيين كثر خلف راية "الثورة"، بمن فيهم بعض أبرز قادتها، ليس لمصلحة الثورة بل لمصلحة "سلطة" الثورة.مع الوقت، ولاسيما بعد أن تفكك الاتحاد السوفييتي الذي أوشك أن يشعل حرباً نووية من أجل كوبا، فيما عرف بأزمة الصواريخ في تشرين الأول/أكتوبر 1962، باتت كوبا كأنها قطعة من الماضي. وبات كاسترو ثورياً تاريخياً ناضباً، أو علامة فارقة، يتهافت نجو ......
#تعودت
#كاسترو
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=715050
الحوار المتمدن
راتب شعبو - تعودت أن أحب كاسترو