ياسين الحاج صالح : الحتمية الطائفية و«تدمير وطن» السوريين: ملاحظات على كتاب نيقولاوس فان دام
#الحوار_المتمدن
#ياسين_الحاج_صالح قرأتُ متأخراً جداً كتاب نيقولاوس فان دام، تدمير وطن، الحرب الأهلية في سورية، وهذه ملاحظات تنصب أساساً على منهجه.ليس تقديرُ فان دام أن الحرب ودمار سورية حتميان خطّاً أساسياً في كتابه فقط، وإنما هو ما يقوم عليه معمار الكتاب ككل، وما يقوله ويعود إليه الكاتب والدبلوماسي الهولندي. حتمية فان دام، مثل كل الحتميات، لا تترك مجالاً للسياسة ولا حتى لتسوية مجحفة، وهو بين جازم ومتردد في قول ذلك. الرجل يفسر السياسة بالحتمية التي سأقول للتو إنها حتمية طائفية، بدل أن يفسر الحتمية بالسياسة بتكوين نظام وبنية مصالح متطرفة في لا عدالتها وفي حصريتها، قامت على القمع والسجن والتعذيب طوال عقود، وحصرت محكوميها والبلد في أوضاع مستحيلة، تنذرهم بالدمار إن اعترضوا. رغم ذلك، ظهرت بعد الثورة أصوات وتفضيلات أخرى في مراتب النظام بالذات، من أمثال فاروق الشرع وعلي حبيب، وربما آصف شوكت وهشام اختيار وغيرهم من ضباط «خلية الأزمة». ونعلم ما هو مصير هؤلاء: بين الإقامة الجبرية والاغتيال. حتميةُ الدمار تظهر على هذا النحو مصنوعة من خيارات سياسية لم تكن اضطرارية بحال. فلا الشرع ولا علي حبيب ولا آصف شوكت معارضون للنظام أو عاملون على قلبه. حين يصر فان دام على حتمية الحرب والدمار السوري بعد الثورة، فإنه أقرب إلى اعتبار الأقوى والأكثر حرية، النظام، مضطراً لا يملك خيارات أخرى، فيما سيبدو طيف معارضي النظام الأضعف والمشتت، مُختاراً وحراً، ويقع عليه إثبات عبء عدم المسؤولية عن الدمار. هذا قلبٌ للواقع كامنٌ في مقدمات الرجل ذاتها، وهي مقدمات الخبير الغربي النمطي في شؤون الشرق الأوسط، حيث تتمازج النزعة الدولتية التي تفضّل الدولة في كل حال، حتى لو كانت حكماً إبادياً، على المجتمع، مع الثقافوية التي تنفر بمقادير متفاوتة من مجتمعات مسلمة أو تجد صعوبة كبيرة في التعاطف معها. تتواتر في كتاب فان دام عبارات السنّة كذا والعلويون كذا... الرجل يفترض أن الخيارات السياسية متأصلة في المنابت الأهلية. حجر الأساس لحتميته يكمن هنا، في افتراض تأصّل الخيارات السياسية المتنازعة في المنابت الأهلية المختلفة، أو يجري التفكير في هذه الأخيرة كأطر انتماء دائمية (Primordial) تحدد خيارات الفاعلين السياسية. هذا يقود إلى إنكار التعدد داخل المجموعات الأهلية أو التقليل من أثره السياسي، وإلى اعتبار ذلك طبيعياً بالنظر إلى بنية المجموعات والمجتمع السوري، وليس إلى أي سياسات تمييزية اعتمدت وترسخت خلال عقود. بعبارة أخرى، الرجل الذي كان ألَّفَ كتاباً مفيداً عن الصراع على السلطة في سورية، وسلَّطَ فيه أضواء مبكرة نسبياً على المنازعات والتجاذبات الطائفية في الجيش وحزب البعث والدولة، هو نفسه اليوم الذي يخرج الدولة وسياساتها من المسؤولية عن اتخاذ الصراع شكلاً طائفياً، وهذا بعد عقود من التطييف أو صنع الطوائف، لا يعقل أنه لم يكن على علم بها. لن نجد في كتاب فان دام شيئاً عن المعارضة السياسية في أيام حافظ الأسد، وعن الاعتقالات والتعذيب وتحطيم المعارضة السياسية الديمقراطية والعلمانية. وكأن هذا لا أثر له على تطييف المجتمع السوري. هذا للقول إن الطوائف التي صارت وحدات سياسية أو اقتربت من ذلك صُنعت بطرق مختلفة، منها تحطيمُ أي بدائل، ومنها تمييزٌ وامتيازاتٌ متنوعة، وتجتمع كلها على نظرة الدولة إلى محكوميها بعيون تُعرِّفُهم بمنابتهم الأهلية. أين تنظر إليهم بهذه العيون؟ في كل مكان: في الجيش، في المخابرات، في الإيفاد الخارجي، في كواليس وسائل الإعلام، وفي بعض الأحيان في الشارع. لم يكن صعباً على فان دام أن يعرف أن الجيش مثلاً مفرخة للمشاعر الطائفية، بفعل ......
#الحتمية
#الطائفية
#و«تدمير
#وطن»
#السوريين:
#ملاحظات
#كتاب
#نيقولاوس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=683374
#الحوار_المتمدن
#ياسين_الحاج_صالح قرأتُ متأخراً جداً كتاب نيقولاوس فان دام، تدمير وطن، الحرب الأهلية في سورية، وهذه ملاحظات تنصب أساساً على منهجه.ليس تقديرُ فان دام أن الحرب ودمار سورية حتميان خطّاً أساسياً في كتابه فقط، وإنما هو ما يقوم عليه معمار الكتاب ككل، وما يقوله ويعود إليه الكاتب والدبلوماسي الهولندي. حتمية فان دام، مثل كل الحتميات، لا تترك مجالاً للسياسة ولا حتى لتسوية مجحفة، وهو بين جازم ومتردد في قول ذلك. الرجل يفسر السياسة بالحتمية التي سأقول للتو إنها حتمية طائفية، بدل أن يفسر الحتمية بالسياسة بتكوين نظام وبنية مصالح متطرفة في لا عدالتها وفي حصريتها، قامت على القمع والسجن والتعذيب طوال عقود، وحصرت محكوميها والبلد في أوضاع مستحيلة، تنذرهم بالدمار إن اعترضوا. رغم ذلك، ظهرت بعد الثورة أصوات وتفضيلات أخرى في مراتب النظام بالذات، من أمثال فاروق الشرع وعلي حبيب، وربما آصف شوكت وهشام اختيار وغيرهم من ضباط «خلية الأزمة». ونعلم ما هو مصير هؤلاء: بين الإقامة الجبرية والاغتيال. حتميةُ الدمار تظهر على هذا النحو مصنوعة من خيارات سياسية لم تكن اضطرارية بحال. فلا الشرع ولا علي حبيب ولا آصف شوكت معارضون للنظام أو عاملون على قلبه. حين يصر فان دام على حتمية الحرب والدمار السوري بعد الثورة، فإنه أقرب إلى اعتبار الأقوى والأكثر حرية، النظام، مضطراً لا يملك خيارات أخرى، فيما سيبدو طيف معارضي النظام الأضعف والمشتت، مُختاراً وحراً، ويقع عليه إثبات عبء عدم المسؤولية عن الدمار. هذا قلبٌ للواقع كامنٌ في مقدمات الرجل ذاتها، وهي مقدمات الخبير الغربي النمطي في شؤون الشرق الأوسط، حيث تتمازج النزعة الدولتية التي تفضّل الدولة في كل حال، حتى لو كانت حكماً إبادياً، على المجتمع، مع الثقافوية التي تنفر بمقادير متفاوتة من مجتمعات مسلمة أو تجد صعوبة كبيرة في التعاطف معها. تتواتر في كتاب فان دام عبارات السنّة كذا والعلويون كذا... الرجل يفترض أن الخيارات السياسية متأصلة في المنابت الأهلية. حجر الأساس لحتميته يكمن هنا، في افتراض تأصّل الخيارات السياسية المتنازعة في المنابت الأهلية المختلفة، أو يجري التفكير في هذه الأخيرة كأطر انتماء دائمية (Primordial) تحدد خيارات الفاعلين السياسية. هذا يقود إلى إنكار التعدد داخل المجموعات الأهلية أو التقليل من أثره السياسي، وإلى اعتبار ذلك طبيعياً بالنظر إلى بنية المجموعات والمجتمع السوري، وليس إلى أي سياسات تمييزية اعتمدت وترسخت خلال عقود. بعبارة أخرى، الرجل الذي كان ألَّفَ كتاباً مفيداً عن الصراع على السلطة في سورية، وسلَّطَ فيه أضواء مبكرة نسبياً على المنازعات والتجاذبات الطائفية في الجيش وحزب البعث والدولة، هو نفسه اليوم الذي يخرج الدولة وسياساتها من المسؤولية عن اتخاذ الصراع شكلاً طائفياً، وهذا بعد عقود من التطييف أو صنع الطوائف، لا يعقل أنه لم يكن على علم بها. لن نجد في كتاب فان دام شيئاً عن المعارضة السياسية في أيام حافظ الأسد، وعن الاعتقالات والتعذيب وتحطيم المعارضة السياسية الديمقراطية والعلمانية. وكأن هذا لا أثر له على تطييف المجتمع السوري. هذا للقول إن الطوائف التي صارت وحدات سياسية أو اقتربت من ذلك صُنعت بطرق مختلفة، منها تحطيمُ أي بدائل، ومنها تمييزٌ وامتيازاتٌ متنوعة، وتجتمع كلها على نظرة الدولة إلى محكوميها بعيون تُعرِّفُهم بمنابتهم الأهلية. أين تنظر إليهم بهذه العيون؟ في كل مكان: في الجيش، في المخابرات، في الإيفاد الخارجي، في كواليس وسائل الإعلام، وفي بعض الأحيان في الشارع. لم يكن صعباً على فان دام أن يعرف أن الجيش مثلاً مفرخة للمشاعر الطائفية، بفعل ......
#الحتمية
#الطائفية
#و«تدمير
#وطن»
#السوريين:
#ملاحظات
#كتاب
#نيقولاوس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=683374
الحوار المتمدن
ياسين الحاج صالح - الحتمية الطائفية و«تدمير وطن» السوريين: ملاحظات على كتاب نيقولاوس فان دام