باسمة وراد : نساء بلا أردية بيضاء
#الحوار_المتمدن
#باسمة_وراد إمرأة صامتة تجلس على كرسيٍّ عند أقرب زاوية من الباب تحمل متاعها كله في كيس، في انتظار مضى عليه أشهر طويلة، لا تغادره سوى عندما يغلبها النعاس لتؤخذ إلى سريرها، لتعاود الكرّة فجر اليوم التالي. انتزع منها أبناؤها بعد طلاق تعسفي.فتاة في السادسة عشرة من عمرها مجهولة النسب، لم تتوقف عن الضحك وإلقاء طرائف ملوّحة بذراعين عليهما آثار جروح قالت لنا الممرضة أنها نتيجة محاولاتها الانتحار، كانت تقيم سابقاً في دار أيتام. تركتنا الصبية لدقائق وعادت حاملة أوراق رسمت عليها صور، كلٌ منها لعائلة من أب وأم وأطفال بأفواه ضاحكة وفي كل صورة مدفأة. مُدرّسة رياضيات، تقضي ما يقارب العشرين ساعة تدور بين النزيلات والممرضات والأطباء تتحداهم بحلّ مسائل وألغاز، يعجز الجميع، فتفرج عن الحل الذي يدلّ على ذكاء فوق معدّل الشخص الطبيعي خارج المكان. "ثنائي القطبية" تشخيص حالتها يُصاب به غالباً الأذكياء والعباقرة وبشكل مفاجئ. شابة جميلة، متربعة على الكرسي غير مكترثة بكل من حولها، تنفث دخان سيجارتها نحو سقف الصالة، ملابسها تدل على أنها من عائلة ميسورة، أشارت إليّ بيدها بأن أجلس بقربها، أخذتني جانبا، سألتني بتوسُل هادئ: هل معك أي شي وسحبت مني حقيبة يدي، وفتحتها، معك أي شي؟ سيجارة ...؟ حبوب منّومة أي شي؟، أنا لا أنام، أرجوكِ ساعديني انا لستُ مجنونة، أجبتها هذه مصحة ليست للمجانين، انت هنا لكي تتخلصي من ... وقبل أن أكمل جملتي صفعتني على وجهي، تدخلت الممرضة وسحبتها إلى غرفتها بصعوبة لمقاومتها الشديدة مستنجدة بممرضة أخرى.لملمت صديقتي أوراقها وأختصرت المقابلات، غادرنا الصالة بمرافقة الممرضة إلى الباب الرئيسي الذي أُغلقَ بقوّة وخلفنا أصوات تستجدي الخروج.كان هذا يوماً رافقتُ فيه صديقتي لمقابلة نساء هُنّ العيّنة التي وقع عليها الاختيار لتكون موضوع التحقيق الصحفي الذي تعمل عليه حول نساء مقيمات في "مصحة نفسية".كنا قد وصلنا المبنى الذي يقع في واحدة من ضواحي المدينة، حالَهُ حال دور المسنين والسجون ودور الرعاية وما شابهها من أماكن يُنقل إليها من "يؤرقون" المدينة العاقلة بمسافة تبعد عن وسط المدينة ما يُقارب الساعة، اجتزنا فيها عالماً مجنوناً من السيارات تطلّب الأمر منها أكثر من مرّة إخراج نصف جسدها من نافذة السيّارة لتطمئن أن الشتائم التي أطلقتها قد وصلت إلى مسامع السائقين الذين تعمّدوا استفزازنا ولم يسلموا من لساني ايضاً. وصلنا المكان وتوجهنا إلى الصالة المخصصة لتناول الطعام التي سنقابل فيها النزيلات، توقعت أن أقابل نساء بمراييل أو أردية بيضاء كما تُصور الأفلام والمسلسلات، لكن ملابسهن كانت ملوّنة .في طريق العودة، تأملت الوجوه في الشوارع والسيّارات وعلى أبواب المحلّات، فتحتُ هاتفي، تفقدت صفحات "الفيس بوك"، مررت عن المنشورات المرفقة بالصور الشخصية المنتقاة بعناية، موسيقى، شعر، حِكم، مواعظ، نعي ، تهنئة، حروب، تظاهرات، ارتفاع أسعار، إعلانات ترّوج لكل شيء، عمليات التجميل، ملابس وأدوات كهربائية، ترويج لرحلات سياحية....!توجهنا إلى مقهى هادئ، على فنجانيّ قهوة صديقتي منهمكة في صياغة وتحرير تقريرها الصحفي عن المصحة الصغيرة، وأنا أتأمل عبرَ زجاج واجهة المقهى اللامع المصحة الكبيرة، المدينة الواسعة المكتظة "بالعُقلاء" الذين يرتدون أردية بيضاء، أو هكذا تخيّلتهم مستعيدة صور أولئك النساء بقصصهن وملابسهن الملوّنة.. ......
#نساء
#أردية
#بيضاء
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=761253
#الحوار_المتمدن
#باسمة_وراد إمرأة صامتة تجلس على كرسيٍّ عند أقرب زاوية من الباب تحمل متاعها كله في كيس، في انتظار مضى عليه أشهر طويلة، لا تغادره سوى عندما يغلبها النعاس لتؤخذ إلى سريرها، لتعاود الكرّة فجر اليوم التالي. انتزع منها أبناؤها بعد طلاق تعسفي.فتاة في السادسة عشرة من عمرها مجهولة النسب، لم تتوقف عن الضحك وإلقاء طرائف ملوّحة بذراعين عليهما آثار جروح قالت لنا الممرضة أنها نتيجة محاولاتها الانتحار، كانت تقيم سابقاً في دار أيتام. تركتنا الصبية لدقائق وعادت حاملة أوراق رسمت عليها صور، كلٌ منها لعائلة من أب وأم وأطفال بأفواه ضاحكة وفي كل صورة مدفأة. مُدرّسة رياضيات، تقضي ما يقارب العشرين ساعة تدور بين النزيلات والممرضات والأطباء تتحداهم بحلّ مسائل وألغاز، يعجز الجميع، فتفرج عن الحل الذي يدلّ على ذكاء فوق معدّل الشخص الطبيعي خارج المكان. "ثنائي القطبية" تشخيص حالتها يُصاب به غالباً الأذكياء والعباقرة وبشكل مفاجئ. شابة جميلة، متربعة على الكرسي غير مكترثة بكل من حولها، تنفث دخان سيجارتها نحو سقف الصالة، ملابسها تدل على أنها من عائلة ميسورة، أشارت إليّ بيدها بأن أجلس بقربها، أخذتني جانبا، سألتني بتوسُل هادئ: هل معك أي شي وسحبت مني حقيبة يدي، وفتحتها، معك أي شي؟ سيجارة ...؟ حبوب منّومة أي شي؟، أنا لا أنام، أرجوكِ ساعديني انا لستُ مجنونة، أجبتها هذه مصحة ليست للمجانين، انت هنا لكي تتخلصي من ... وقبل أن أكمل جملتي صفعتني على وجهي، تدخلت الممرضة وسحبتها إلى غرفتها بصعوبة لمقاومتها الشديدة مستنجدة بممرضة أخرى.لملمت صديقتي أوراقها وأختصرت المقابلات، غادرنا الصالة بمرافقة الممرضة إلى الباب الرئيسي الذي أُغلقَ بقوّة وخلفنا أصوات تستجدي الخروج.كان هذا يوماً رافقتُ فيه صديقتي لمقابلة نساء هُنّ العيّنة التي وقع عليها الاختيار لتكون موضوع التحقيق الصحفي الذي تعمل عليه حول نساء مقيمات في "مصحة نفسية".كنا قد وصلنا المبنى الذي يقع في واحدة من ضواحي المدينة، حالَهُ حال دور المسنين والسجون ودور الرعاية وما شابهها من أماكن يُنقل إليها من "يؤرقون" المدينة العاقلة بمسافة تبعد عن وسط المدينة ما يُقارب الساعة، اجتزنا فيها عالماً مجنوناً من السيارات تطلّب الأمر منها أكثر من مرّة إخراج نصف جسدها من نافذة السيّارة لتطمئن أن الشتائم التي أطلقتها قد وصلت إلى مسامع السائقين الذين تعمّدوا استفزازنا ولم يسلموا من لساني ايضاً. وصلنا المكان وتوجهنا إلى الصالة المخصصة لتناول الطعام التي سنقابل فيها النزيلات، توقعت أن أقابل نساء بمراييل أو أردية بيضاء كما تُصور الأفلام والمسلسلات، لكن ملابسهن كانت ملوّنة .في طريق العودة، تأملت الوجوه في الشوارع والسيّارات وعلى أبواب المحلّات، فتحتُ هاتفي، تفقدت صفحات "الفيس بوك"، مررت عن المنشورات المرفقة بالصور الشخصية المنتقاة بعناية، موسيقى، شعر، حِكم، مواعظ، نعي ، تهنئة، حروب، تظاهرات، ارتفاع أسعار، إعلانات ترّوج لكل شيء، عمليات التجميل، ملابس وأدوات كهربائية، ترويج لرحلات سياحية....!توجهنا إلى مقهى هادئ، على فنجانيّ قهوة صديقتي منهمكة في صياغة وتحرير تقريرها الصحفي عن المصحة الصغيرة، وأنا أتأمل عبرَ زجاج واجهة المقهى اللامع المصحة الكبيرة، المدينة الواسعة المكتظة "بالعُقلاء" الذين يرتدون أردية بيضاء، أو هكذا تخيّلتهم مستعيدة صور أولئك النساء بقصصهن وملابسهن الملوّنة.. ......
#نساء
#أردية
#بيضاء
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=761253
الحوار المتمدن
باسمة وراد - نساء بلا أردية بيضاء!
باسمة وراد : حين بكى جدّي العمرَ والبلاد
#الحوار_المتمدن
#باسمة_وراد بكى العُمرَ والبلادَ دَمعةً واحدة ومضى! مَن دلّني أنفه على أننا ننحدرُ من إحدى سلالات الشرق القديمة. بلغ عامه المائة، وجادت عليه الحياة ببضع سنين أخرى كانت حصَّتُنا. جَدّي ورّاد، إسمٌ حملهُ أو شربهُ من ماء العين التي وردتها أمه وولدته قُربها، تدبّرت أمرها كما لو أنها فرس، وملأت جرّتها وحملتهما سوية وعادت إلى البيت. أتذكر أوان سفره الأخير حين مضى بطوله الفارع وعظامه المكسوّة بالقليل، وسُمرة بشرته الخفيفة التي لوّحتها الشمس، وبأنفه المتعالي الذي كان يستهويني تأمله في زمنٍ كنتُ فيه أقلّبُ ما تيّسر من كتب التاريخ باحثة بشغف عن الدهشة. دّلني أنفه على أننا ننحدرُ من سُلالةٍ تحكي عنها تلك الكتب، أو هكذا خُيّلَ إليَ، ربما ما كان يضفيه حضوره الآتي من الزمن العتيق، الزمن الذي لم يترك منه شيئاً سوى "البارودة" التي حملها على كتفه جنديّاً شابّاً يتلقى الأوامر بالتركية نجا من الموت مراراً، في واحدة منها من سياط وصلت على جياد وقطارات "السفر برلك" أدمت ظهره العنيد، كان لو اعترفَ تحت وطأتها عن مكان رفيقٍ له هارب لمات شنقاً ولما وصلت إلينا اكياس اللوز المجفف، ولما تأملت أنفه طفلةً مأخوذة برائحة تبغ غليونه والعباءة التي كانت لا تنزاح عن كتفيه الشامختين سوى ساعات قليلة كان ينام فيها. في البلاد بقيَ وجدّتي هناك بعد أن غادر كل الأبناء، سكنا البيت العتيق على التلة العالية المطلة على السهل الواسع. واظب على زيارتنا في عمّان مرة كل عام أواخر الصيف، "آن الكرمُ يُعتصرُ" منتظراً بتأمل القادرين على الصبر، أن تجف الثمار التي زرعها وسياج الصبر حارس البيت المشيّد بالحجارة النابت من بين شقوقها العشب، ينتظر نضوج الحبات المعلقة عليه ثمراته بأشواكها ليقطف بكل ما أوتي من استشعار للدهشة التي كانت تسكننا ثمرة تعبه، ويصل حاملا إياها بأكياس من الخيش. لم يتمكن منه المرض، كان مجرّد كسرٍ بسيط أصاب ساقه فأقعده، وتمكن من روحه التي كانت تسير على قدمين واحدثت شرخاً فيها تسللت عبرها إشارات وتلويحات من سبقو. مات عن عمرٍ ناهز المائة عام بضع سنين بعيداً عن بيته، أذكر تلك الليلة جيداً، سبقتها عدة أيام كان مستلقياً في الغرفة شاهدته بأم عيني ينظر إلى الجدار الذي يقابله، رأيت معه وسمعت شريط حياته، صوته يعلو، يحكي مع الفرس التي كان يمتطيها، يعيد أسماء من ماتوا منذ عقود ويحاكيهم، يرطن ببعض الكلمات التركية والإنجليزية، كانت إشارات الوداع تامّة الوضوح، بدأ أفراد العائلة بالتوافد للسلام الأخير، يأتون ويذهبون، قضيت ساعات طويلة بجواره، كانت جدتي قد سكتت تماماً قبلهُ بعامين وتوقفت عن سرد الحكايات ورحلت، لكنها كانت ممن خاطبهم فيعيد صوتاً وصورة الماضي الذي عاشه. غائب تماماً عنا، وحاضر بقوة حضور اللحظة، وأنا المشدودة المندهشة الممسكة بيده كيّ لا يبتعد، وقبل غيابه التام بوقتٍ قليل أسند ظهره للحائط ووافقَ إرضاءً لي على مساعدته في الجلوس، جلس باعتدال، استيقظ من الحلم أو الحقيقة الماثلة فيه، كنت أتمنى أن أموت في بيتي لا هنا قال !! تأمل النافذة وذهب بعينيه بعيداً بعيداً، ضمّني إلى رائحته، بلل وجهي بقطرات ساخنة، كانت دموعه الأولى والأخيرة إذ بكى العُمر والبلاد دمعةً واحدة ومضى! ......
#جدّي
#العمرَ
#والبلاد
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=761469
#الحوار_المتمدن
#باسمة_وراد بكى العُمرَ والبلادَ دَمعةً واحدة ومضى! مَن دلّني أنفه على أننا ننحدرُ من إحدى سلالات الشرق القديمة. بلغ عامه المائة، وجادت عليه الحياة ببضع سنين أخرى كانت حصَّتُنا. جَدّي ورّاد، إسمٌ حملهُ أو شربهُ من ماء العين التي وردتها أمه وولدته قُربها، تدبّرت أمرها كما لو أنها فرس، وملأت جرّتها وحملتهما سوية وعادت إلى البيت. أتذكر أوان سفره الأخير حين مضى بطوله الفارع وعظامه المكسوّة بالقليل، وسُمرة بشرته الخفيفة التي لوّحتها الشمس، وبأنفه المتعالي الذي كان يستهويني تأمله في زمنٍ كنتُ فيه أقلّبُ ما تيّسر من كتب التاريخ باحثة بشغف عن الدهشة. دّلني أنفه على أننا ننحدرُ من سُلالةٍ تحكي عنها تلك الكتب، أو هكذا خُيّلَ إليَ، ربما ما كان يضفيه حضوره الآتي من الزمن العتيق، الزمن الذي لم يترك منه شيئاً سوى "البارودة" التي حملها على كتفه جنديّاً شابّاً يتلقى الأوامر بالتركية نجا من الموت مراراً، في واحدة منها من سياط وصلت على جياد وقطارات "السفر برلك" أدمت ظهره العنيد، كان لو اعترفَ تحت وطأتها عن مكان رفيقٍ له هارب لمات شنقاً ولما وصلت إلينا اكياس اللوز المجفف، ولما تأملت أنفه طفلةً مأخوذة برائحة تبغ غليونه والعباءة التي كانت لا تنزاح عن كتفيه الشامختين سوى ساعات قليلة كان ينام فيها. في البلاد بقيَ وجدّتي هناك بعد أن غادر كل الأبناء، سكنا البيت العتيق على التلة العالية المطلة على السهل الواسع. واظب على زيارتنا في عمّان مرة كل عام أواخر الصيف، "آن الكرمُ يُعتصرُ" منتظراً بتأمل القادرين على الصبر، أن تجف الثمار التي زرعها وسياج الصبر حارس البيت المشيّد بالحجارة النابت من بين شقوقها العشب، ينتظر نضوج الحبات المعلقة عليه ثمراته بأشواكها ليقطف بكل ما أوتي من استشعار للدهشة التي كانت تسكننا ثمرة تعبه، ويصل حاملا إياها بأكياس من الخيش. لم يتمكن منه المرض، كان مجرّد كسرٍ بسيط أصاب ساقه فأقعده، وتمكن من روحه التي كانت تسير على قدمين واحدثت شرخاً فيها تسللت عبرها إشارات وتلويحات من سبقو. مات عن عمرٍ ناهز المائة عام بضع سنين بعيداً عن بيته، أذكر تلك الليلة جيداً، سبقتها عدة أيام كان مستلقياً في الغرفة شاهدته بأم عيني ينظر إلى الجدار الذي يقابله، رأيت معه وسمعت شريط حياته، صوته يعلو، يحكي مع الفرس التي كان يمتطيها، يعيد أسماء من ماتوا منذ عقود ويحاكيهم، يرطن ببعض الكلمات التركية والإنجليزية، كانت إشارات الوداع تامّة الوضوح، بدأ أفراد العائلة بالتوافد للسلام الأخير، يأتون ويذهبون، قضيت ساعات طويلة بجواره، كانت جدتي قد سكتت تماماً قبلهُ بعامين وتوقفت عن سرد الحكايات ورحلت، لكنها كانت ممن خاطبهم فيعيد صوتاً وصورة الماضي الذي عاشه. غائب تماماً عنا، وحاضر بقوة حضور اللحظة، وأنا المشدودة المندهشة الممسكة بيده كيّ لا يبتعد، وقبل غيابه التام بوقتٍ قليل أسند ظهره للحائط ووافقَ إرضاءً لي على مساعدته في الجلوس، جلس باعتدال، استيقظ من الحلم أو الحقيقة الماثلة فيه، كنت أتمنى أن أموت في بيتي لا هنا قال !! تأمل النافذة وذهب بعينيه بعيداً بعيداً، ضمّني إلى رائحته، بلل وجهي بقطرات ساخنة، كانت دموعه الأولى والأخيرة إذ بكى العُمر والبلاد دمعةً واحدة ومضى! ......
#جدّي
#العمرَ
#والبلاد
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=761469
الحوار المتمدن
باسمة وراد - حين بكى جدّي العمرَ والبلاد
باسمة وراد : سجن الجفر... الجمر
#الحوار_المتمدن
#باسمة_وراد صحراء تنبسطُ ككفين كأنها تستجدي السماء شيئاً ما، مطراً يبلل جفافها، أو سرباً من طيور، كما تتطلّعُ أعيننا نحن المغادرين ساحة السجن نحوها استجداء أمل انقضاء الزمن على نحوٍ أسرع، لكنها، كانت سماء قاسية لامبالية، لا يحجب أزرقها غيمة ولا يرفرف في أفقها أيّ طير، تمتد أعلى أرض مغمورة بالرمال. حافلة واحدة تقل عائلات معتقلين سياسيين في "سجن الجفر الصحراوي" ، الذي سيهدم بعد سنوات، طاوياً في الذاكرة بعمق حكايات بعدد من أودعوا هناك وشركائهم في القصص على مرّ سنين طويلة، سجناً كان في منتصف القرن الماضي مشرع الأبواب على حيوانات ضارية متأهبة لالتهام من يفكر بالتحرر من الشِباك. لم يفكر أحد بالمجازفة أملاً بحريّة محفوفة حتماً بموت بوسيلة مريعة. بسبب بعد المسافة بين العاصمة حيث تسكن عائلات وأصدقاء وأحبة أسرى معتقل الجفر، كان يُرتّب بتوافق زيارة موعدها يوم جمعة، ينحشر في حافلة قديمة عجلاتها مؤهلة لنهب الرمل بسرعة نبضات قلوب الركاب وأغانيهم والأحاديث كل عن قصته المكررة كل زيارة باختلاف من يجاورك في المقعد. تنعطف الحافلة يساراً حيث اللافتة الدالّة نحو الطريق الرملية في الشارع المؤدي إلى مَعان المدينة الجنوبية التي على أطرافها تم تشييد المعتقل. لحظة الوصول هي لحظة التدافع عند الباب قبل أن يقرر السائق فتحه، تدافع مبعثه الأمل بالدخول أولا لمن يحالفه او يحالفها الحظ بدقائق إضافية في حساب مدة الزيارة المسموح بها. تتداخل الأصوات وتتقارب الأجساد لضيق المكان على طرفيّ شبك السجن ذي الفتحات الواسعة بما يكفي لمصافحة ونصف عناق لناظرٍ من مسافة للزائرين، كالحراس مثلاً، يمكن بسهولة معرفة صلة القربى بين المتقابلين، الأمهات دموع محبوسة، الأبناء نظرات دهشة وخوف وأسئلة مخنوقة، الحبيبات مضيئات بلهفة اللقاء وانتظار محكوم بالأمل، مشرقات بانعكاس لمعات العيون المنتظرة شهراً لتبادل رسائل حصيلة ثلاثين يوماً لكتابتها، ومونة أخرى قادمة تُعين بقرائتها مِراراً على انتظار يوم الإفراج بثقلٍ أقلّ وطأة. صافرة تعلن تجمد لحظة الوداع، لحظة يُترك وصفها جانباً، الزيارة انتهت!!. السائق في الحافلة من مسافة، يرقب خطوات تغوص في الرمل ببطء أجساد مثقلة بمشاعر مختلطة، الوداع المؤقت، الكلام الذي قيل على عجل، الرسائل المكتوبة على ورق كورق لف السجائر، الرغبة في اللاعودة، ليست ذاتها الأقدام التي انطلقت راكضة نحو باب السجن فور فتح باب الحافلة، والسماء ذاتها في كل زيارة قاسية لامبالية تظلل بأزرقها امتداد الرمل الحارق الذي تغوص فيه أقدام تاركة آثارها حتى أول هبة ريح تمحوها.... ! ......
#الجفر...
#الجمر
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=762775
#الحوار_المتمدن
#باسمة_وراد صحراء تنبسطُ ككفين كأنها تستجدي السماء شيئاً ما، مطراً يبلل جفافها، أو سرباً من طيور، كما تتطلّعُ أعيننا نحن المغادرين ساحة السجن نحوها استجداء أمل انقضاء الزمن على نحوٍ أسرع، لكنها، كانت سماء قاسية لامبالية، لا يحجب أزرقها غيمة ولا يرفرف في أفقها أيّ طير، تمتد أعلى أرض مغمورة بالرمال. حافلة واحدة تقل عائلات معتقلين سياسيين في "سجن الجفر الصحراوي" ، الذي سيهدم بعد سنوات، طاوياً في الذاكرة بعمق حكايات بعدد من أودعوا هناك وشركائهم في القصص على مرّ سنين طويلة، سجناً كان في منتصف القرن الماضي مشرع الأبواب على حيوانات ضارية متأهبة لالتهام من يفكر بالتحرر من الشِباك. لم يفكر أحد بالمجازفة أملاً بحريّة محفوفة حتماً بموت بوسيلة مريعة. بسبب بعد المسافة بين العاصمة حيث تسكن عائلات وأصدقاء وأحبة أسرى معتقل الجفر، كان يُرتّب بتوافق زيارة موعدها يوم جمعة، ينحشر في حافلة قديمة عجلاتها مؤهلة لنهب الرمل بسرعة نبضات قلوب الركاب وأغانيهم والأحاديث كل عن قصته المكررة كل زيارة باختلاف من يجاورك في المقعد. تنعطف الحافلة يساراً حيث اللافتة الدالّة نحو الطريق الرملية في الشارع المؤدي إلى مَعان المدينة الجنوبية التي على أطرافها تم تشييد المعتقل. لحظة الوصول هي لحظة التدافع عند الباب قبل أن يقرر السائق فتحه، تدافع مبعثه الأمل بالدخول أولا لمن يحالفه او يحالفها الحظ بدقائق إضافية في حساب مدة الزيارة المسموح بها. تتداخل الأصوات وتتقارب الأجساد لضيق المكان على طرفيّ شبك السجن ذي الفتحات الواسعة بما يكفي لمصافحة ونصف عناق لناظرٍ من مسافة للزائرين، كالحراس مثلاً، يمكن بسهولة معرفة صلة القربى بين المتقابلين، الأمهات دموع محبوسة، الأبناء نظرات دهشة وخوف وأسئلة مخنوقة، الحبيبات مضيئات بلهفة اللقاء وانتظار محكوم بالأمل، مشرقات بانعكاس لمعات العيون المنتظرة شهراً لتبادل رسائل حصيلة ثلاثين يوماً لكتابتها، ومونة أخرى قادمة تُعين بقرائتها مِراراً على انتظار يوم الإفراج بثقلٍ أقلّ وطأة. صافرة تعلن تجمد لحظة الوداع، لحظة يُترك وصفها جانباً، الزيارة انتهت!!. السائق في الحافلة من مسافة، يرقب خطوات تغوص في الرمل ببطء أجساد مثقلة بمشاعر مختلطة، الوداع المؤقت، الكلام الذي قيل على عجل، الرسائل المكتوبة على ورق كورق لف السجائر، الرغبة في اللاعودة، ليست ذاتها الأقدام التي انطلقت راكضة نحو باب السجن فور فتح باب الحافلة، والسماء ذاتها في كل زيارة قاسية لامبالية تظلل بأزرقها امتداد الرمل الحارق الذي تغوص فيه أقدام تاركة آثارها حتى أول هبة ريح تمحوها.... ! ......
#الجفر...
#الجمر
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=762775
الحوار المتمدن
باسمة وراد - سجن الجفر... الجمر!
باسمة وراد : حياةٌ ناقصةٌ حياةً.. موتٌ ناقصٌ موتاً
#الحوار_المتمدن
#باسمة_وراد حياةٌ ناقصةٌ حياةًموتٌ ناقصٌ موتاًبقلم: باسمة ورادتوقظها الرائحة المنبعثة من غرفته، صوت أنفاسه، تنظر إلى المنبّه فتجده صامتا على وشك الرنين، تُعدّل توقيته لليوم التالي، شهور طويلة تضبطه على الوقت الملائم لإيقاظه، وطيلة هذه الشهور تصحو قبل أن يملأ رنينه البيت.الوقت المتاح قبل أن توقظه تسقي فيه أزهار عبد الحميد أبو سرور أزهارها المزروعة في البيت، تلاطفها وتغدق عليها عنايتها.تفتح باب غرفته، مستغرقاً في نومٍ عميق، تعرف كيف تفتح الباب لنعاسه بقهوتها النفاذة الرائحة.تأخرت يا حبيبي، وكما كل الأمهات تداعب شعره متكئة على طرف سريره، هناك يشيع الحنان، فلا يتأفف، يسند ظهره للسرير، يزيح الخصلة المنسدلة على جبينها، يقبله.يتشاركان ركوة القهوة وحديثا.ترتب سريره بيدين تغرفان رائحة تملأ الكون، تغمر وجهها في وسادته، يلومها على ما عليه فعله، ترتيب غرفته، تدفعه مبتسمة لا عليك وتكمل ترتيب الفراش.يغادر البيت بكامل بهائه، ترنو عيناها نحو خطواته في الشارع إلى أن يغيب. تغلق الباب وتقطف الأزهار المتفتحة، تشكل باقة بلا تنسيق تضيف اليها ريحانا وأوراق زعتر خضراء.مشوار يومي اعتاد الجيران عليه. تسير نحو المقبرة، تجلس على حافة القبر المفتوح، ترتبه كما غرفته، حتى التراب تصفُّ ذراته، تسقيه وتلقي بالورد مكان رأسه.طقس يومي منذ ذلك اليوم الذي رفع رأسها بخبر عاجل، حين قرأت وعرفته من قميصه أنه دفّعهم ثمنها قَهرهم.والدها، جدّه، سبقه في بيروت، أعطته اسمه، عبد الحميد، سكنت بين شهيدين موجعين. رفع رأسها ثم أحناه بحزن أبدي، تشع مشاعر الفخر بالابن البطل، بطل كلمة تليق بمن سار متيقناً من طريقه، الحافظ لجغرافيتها حتى النقطة التي يخبره قلبه بأنك ستصيبني في صدرك هنا برصاصات، هناك في ذلك الشارع، يحدثه قلبه، سوف تؤلمني وتوقف نبضي، ستؤلم أمك وحبيبتك، يسير بيقين ويدب الرعب في "أمنهم وأمانهم" المحروس بالبنادق، يتفوق عليهم، يجهز على جبنهم، لا يسقط بل يرتقي.يمعنون في الانتقام، يستبدلون اسمه برقم في قائمة المحفوظة أجسادهم في برودة عالم اسمه ثلاجة موتى رقمه كذا وكذا...كل صباح ترتب سريره الدافيء، تشرب معه قهوتها وتكمل مهمتها في ترتيب حزنها الموغل في القبر المفتوح منذ أعوام انتظرت جسده لوداع يأخذ شكل النوم في تراب البلاد لتغلق عليه وتبقي على جرح قلبها مفتوحاً..... تراها واقفة في كل فعالية تطالب بالإفراج عن أجساد محتجزة، تحمل صورته، رأسها مرفوع فخراً وغضب واحتجاجا، ورأسها ينحني من ثقل الكرب واللوعة فينحني للألم. نظرة واحدة نحو عينيها تصلح عنوان يافطة تلف محيط الكرة الأرضية، مكتوب عليها بالدم الأحمر القاني:هنا في هذه البقعة يسكن حزن من أمهات، في بلد سيوله دماء ولغته صراخ، وصمته دموع، وعلى أطرافه قبور مفتوحة على مقربة من أجساد اشتاقت لدفء التراب المسبّل بأيديهن وأيديهم ودموعهن ودموعهم الحارقة، أهلهم! ......
#حياةٌ
#ناقصةٌ
#حياةً..
#موتٌ
#ناقصٌ
#موتاً
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=765977
#الحوار_المتمدن
#باسمة_وراد حياةٌ ناقصةٌ حياةًموتٌ ناقصٌ موتاًبقلم: باسمة ورادتوقظها الرائحة المنبعثة من غرفته، صوت أنفاسه، تنظر إلى المنبّه فتجده صامتا على وشك الرنين، تُعدّل توقيته لليوم التالي، شهور طويلة تضبطه على الوقت الملائم لإيقاظه، وطيلة هذه الشهور تصحو قبل أن يملأ رنينه البيت.الوقت المتاح قبل أن توقظه تسقي فيه أزهار عبد الحميد أبو سرور أزهارها المزروعة في البيت، تلاطفها وتغدق عليها عنايتها.تفتح باب غرفته، مستغرقاً في نومٍ عميق، تعرف كيف تفتح الباب لنعاسه بقهوتها النفاذة الرائحة.تأخرت يا حبيبي، وكما كل الأمهات تداعب شعره متكئة على طرف سريره، هناك يشيع الحنان، فلا يتأفف، يسند ظهره للسرير، يزيح الخصلة المنسدلة على جبينها، يقبله.يتشاركان ركوة القهوة وحديثا.ترتب سريره بيدين تغرفان رائحة تملأ الكون، تغمر وجهها في وسادته، يلومها على ما عليه فعله، ترتيب غرفته، تدفعه مبتسمة لا عليك وتكمل ترتيب الفراش.يغادر البيت بكامل بهائه، ترنو عيناها نحو خطواته في الشارع إلى أن يغيب. تغلق الباب وتقطف الأزهار المتفتحة، تشكل باقة بلا تنسيق تضيف اليها ريحانا وأوراق زعتر خضراء.مشوار يومي اعتاد الجيران عليه. تسير نحو المقبرة، تجلس على حافة القبر المفتوح، ترتبه كما غرفته، حتى التراب تصفُّ ذراته، تسقيه وتلقي بالورد مكان رأسه.طقس يومي منذ ذلك اليوم الذي رفع رأسها بخبر عاجل، حين قرأت وعرفته من قميصه أنه دفّعهم ثمنها قَهرهم.والدها، جدّه، سبقه في بيروت، أعطته اسمه، عبد الحميد، سكنت بين شهيدين موجعين. رفع رأسها ثم أحناه بحزن أبدي، تشع مشاعر الفخر بالابن البطل، بطل كلمة تليق بمن سار متيقناً من طريقه، الحافظ لجغرافيتها حتى النقطة التي يخبره قلبه بأنك ستصيبني في صدرك هنا برصاصات، هناك في ذلك الشارع، يحدثه قلبه، سوف تؤلمني وتوقف نبضي، ستؤلم أمك وحبيبتك، يسير بيقين ويدب الرعب في "أمنهم وأمانهم" المحروس بالبنادق، يتفوق عليهم، يجهز على جبنهم، لا يسقط بل يرتقي.يمعنون في الانتقام، يستبدلون اسمه برقم في قائمة المحفوظة أجسادهم في برودة عالم اسمه ثلاجة موتى رقمه كذا وكذا...كل صباح ترتب سريره الدافيء، تشرب معه قهوتها وتكمل مهمتها في ترتيب حزنها الموغل في القبر المفتوح منذ أعوام انتظرت جسده لوداع يأخذ شكل النوم في تراب البلاد لتغلق عليه وتبقي على جرح قلبها مفتوحاً..... تراها واقفة في كل فعالية تطالب بالإفراج عن أجساد محتجزة، تحمل صورته، رأسها مرفوع فخراً وغضب واحتجاجا، ورأسها ينحني من ثقل الكرب واللوعة فينحني للألم. نظرة واحدة نحو عينيها تصلح عنوان يافطة تلف محيط الكرة الأرضية، مكتوب عليها بالدم الأحمر القاني:هنا في هذه البقعة يسكن حزن من أمهات، في بلد سيوله دماء ولغته صراخ، وصمته دموع، وعلى أطرافه قبور مفتوحة على مقربة من أجساد اشتاقت لدفء التراب المسبّل بأيديهن وأيديهم ودموعهن ودموعهم الحارقة، أهلهم! ......
#حياةٌ
#ناقصةٌ
#حياةً..
#موتٌ
#ناقصٌ
#موتاً
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=765977
الحوار المتمدن
باسمة وراد - حياةٌ ناقصةٌ حياةً.. موتٌ ناقصٌ موتاً