جواد بولس : سيصير يومًا خليل عواودة ما يريد
#الحوار_المتمدن
#جواد_بولس وصلت إلى مكتب المدعي العسكري في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الاثنين الفائت. كنت على ميعاد معه لمناقشة ملف الأسير الإداري خليل عواودة، المحتجز في عيادة سجن الرملة بحالة صحية خطيرة للغاية. لم انتظر طويلًا عند مدخل المحكمة العسكرية في معسكر عوفر ؛ فما أن وقفت أمام الباب الخارجي، وقبل أن أصرخ على الحارس، سمعت طنين القفل الكهربائي المتواصل، الذي يشبه موسيقى المونيتور المزعجة حين يتوقف قلب المريض الموصول به، فدفعته وتقدمت نحو الحارس الذي كان ينتظرني وهو يشق بجسده الكبير الباب الحديدي ويرحب بي بحفاوة وباحترام. تساءل، مبديًا قلقًا، حول غيبتي الطويلة عن المحكمة؛ فطمأنته بعجالة، وشرحت له، ببضعة جمل مقتضبة، أنني مررت بأزمة صحية أجبرتني على الابتعاد قليلًا، وأخبرته أنني أحاول أن أجد مرفأ جديدًا يكون أكثر هدوءًا ووفاءً، ويقبلني، وأنا بكامل بياضي، لألقي على أرصفته معاطفي القديمة، وفي مياهه مرساتي الثقيلة. كان ينظر وفي عينيه بريق خافت، فقلت له: "ببساطة أريد الإنصراف عن عالمكم الرصاصي الكثيف، حيث يختبيء الموت تحت ألف قناع وعين، والقهر يمارس عهره بجنون يومي وعادي". لم أشعر أن الحارس فهم كل كلامي؛ لكنه بدا مرتاحًا وراضيًا، فأدخلني وتمنى لي يومًا جميلًا وناجحًا؛ شكرته على كل حال، فهو لا يعلم طبعًا أن دعوته، إن أصابت، ستعني عمليًا نجاحي بابطال أمر الاعتقال الاداري ضد الأسير خليل عواودة المضرب عن الطعام منذ خمسة وتسعين يومًا. مشيت ببطء وبتثاقل ممتثلًا لأوامر رئتي؛ فالشمس، هنا فوق فلسطين المحتلة، هي أيضًا في خدمة الاحتلال، وأشعتها مسلطة على رؤوسنا كمسلات من نار محفورة عليها رسائل غضب السماء وصور لأشباح هزيلة. كنت أقطع باحات المحكمة مطرقًا في ترابها، وكأنني لا أريد أن أتذكر كيف ريقت على أديمها دموع الأمهات الباكيات مصائر أكبادها، ولا كيف ديست أرواح الانسانية بسهولة فجة ومستفزة. كنت ألهث كفجر خريفي يحاول أن يهرب من ليل فاحم، وأتهيأ لمواجهة يومي. كان الطريق أطول بكثير مما ألفته خلال سني عملي في هذه المحكمة، ولكن رائحته بقيت كما كانت، حامضة كالقيء. كان النائب العام شابًا نحيفًا طويل القامة صارم القسمات، كما يليق بجندي يمثل احتلالًا عاتيًا. وقف باسطًا يده لتحيّتي، فسلمت عليه. كان يبتسم بمودة متأنية ومدروسة. عرض علي مشاركته بشرب فنحان قهوة مردفًا أنه تعرّف علي أول مرة قبل أكثر من خمسة وعشرين عامًا، حين كان جنديًا إداريًا يعمل في مكتب المدعي العسكري العام في وزارة الجيش في تل- أبيب، وكنت أتردد على المكتب لمناقشة بعض الملفات التي كنت موكلاً فيها وأتابعها. كانت مقدمته فاتحة مشجعة وايجابية. ثم انتقلنا بعدها للأهم، فسألني ماذا أريد؟ أجبته من دون تردد وبسرعة: "الافراج عن خليل عواودة"؛ وأضفت: "إنني على قناعة بعدم وجود سبب حقيقي لاعتقاله اداريًا، خاصة وأن قوات الأمن سجنته في البداية وحققت معه حول منشور، كان ألصقه على صفحته في الفيسبوك حيّى فيه انطلاقة الجبهة الشعبية، بالرغم من أنه لا ينتمي إليها ؛ بعد التحقيق معه أنزلت بحقه لائحة اتهام عزت له تهمة التحريض، ومعها طلب لتوقيفه. رفض القاضي العسكري توقيفه حسب طلب النيابة وأمر باطلاق سراحه. لم تطلقوا سراحه، بل قمتم ، كما في كثير من هذه الحالات العبثية، باصدار أمر اعتقال اداري بحقه لمدة ستة شهور، بذريعة أنه ناشط في حركة الجهاد الاسلامي. من المفروض أن تنتهي مدة هذا الأمر في السادس والعشرين من الشهر الجاري". سمعني باصغاء وأجاب باقتضاب: "أنت تعرف، من تجربتك الغنية والطويلة، أننا، نحن في النيابة العسكرية، لسنا الع ......
#سيصير
#يومًا
#خليل
#عواودة
#يريد
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=758796
#الحوار_المتمدن
#جواد_بولس وصلت إلى مكتب المدعي العسكري في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الاثنين الفائت. كنت على ميعاد معه لمناقشة ملف الأسير الإداري خليل عواودة، المحتجز في عيادة سجن الرملة بحالة صحية خطيرة للغاية. لم انتظر طويلًا عند مدخل المحكمة العسكرية في معسكر عوفر ؛ فما أن وقفت أمام الباب الخارجي، وقبل أن أصرخ على الحارس، سمعت طنين القفل الكهربائي المتواصل، الذي يشبه موسيقى المونيتور المزعجة حين يتوقف قلب المريض الموصول به، فدفعته وتقدمت نحو الحارس الذي كان ينتظرني وهو يشق بجسده الكبير الباب الحديدي ويرحب بي بحفاوة وباحترام. تساءل، مبديًا قلقًا، حول غيبتي الطويلة عن المحكمة؛ فطمأنته بعجالة، وشرحت له، ببضعة جمل مقتضبة، أنني مررت بأزمة صحية أجبرتني على الابتعاد قليلًا، وأخبرته أنني أحاول أن أجد مرفأ جديدًا يكون أكثر هدوءًا ووفاءً، ويقبلني، وأنا بكامل بياضي، لألقي على أرصفته معاطفي القديمة، وفي مياهه مرساتي الثقيلة. كان ينظر وفي عينيه بريق خافت، فقلت له: "ببساطة أريد الإنصراف عن عالمكم الرصاصي الكثيف، حيث يختبيء الموت تحت ألف قناع وعين، والقهر يمارس عهره بجنون يومي وعادي". لم أشعر أن الحارس فهم كل كلامي؛ لكنه بدا مرتاحًا وراضيًا، فأدخلني وتمنى لي يومًا جميلًا وناجحًا؛ شكرته على كل حال، فهو لا يعلم طبعًا أن دعوته، إن أصابت، ستعني عمليًا نجاحي بابطال أمر الاعتقال الاداري ضد الأسير خليل عواودة المضرب عن الطعام منذ خمسة وتسعين يومًا. مشيت ببطء وبتثاقل ممتثلًا لأوامر رئتي؛ فالشمس، هنا فوق فلسطين المحتلة، هي أيضًا في خدمة الاحتلال، وأشعتها مسلطة على رؤوسنا كمسلات من نار محفورة عليها رسائل غضب السماء وصور لأشباح هزيلة. كنت أقطع باحات المحكمة مطرقًا في ترابها، وكأنني لا أريد أن أتذكر كيف ريقت على أديمها دموع الأمهات الباكيات مصائر أكبادها، ولا كيف ديست أرواح الانسانية بسهولة فجة ومستفزة. كنت ألهث كفجر خريفي يحاول أن يهرب من ليل فاحم، وأتهيأ لمواجهة يومي. كان الطريق أطول بكثير مما ألفته خلال سني عملي في هذه المحكمة، ولكن رائحته بقيت كما كانت، حامضة كالقيء. كان النائب العام شابًا نحيفًا طويل القامة صارم القسمات، كما يليق بجندي يمثل احتلالًا عاتيًا. وقف باسطًا يده لتحيّتي، فسلمت عليه. كان يبتسم بمودة متأنية ومدروسة. عرض علي مشاركته بشرب فنحان قهوة مردفًا أنه تعرّف علي أول مرة قبل أكثر من خمسة وعشرين عامًا، حين كان جنديًا إداريًا يعمل في مكتب المدعي العسكري العام في وزارة الجيش في تل- أبيب، وكنت أتردد على المكتب لمناقشة بعض الملفات التي كنت موكلاً فيها وأتابعها. كانت مقدمته فاتحة مشجعة وايجابية. ثم انتقلنا بعدها للأهم، فسألني ماذا أريد؟ أجبته من دون تردد وبسرعة: "الافراج عن خليل عواودة"؛ وأضفت: "إنني على قناعة بعدم وجود سبب حقيقي لاعتقاله اداريًا، خاصة وأن قوات الأمن سجنته في البداية وحققت معه حول منشور، كان ألصقه على صفحته في الفيسبوك حيّى فيه انطلاقة الجبهة الشعبية، بالرغم من أنه لا ينتمي إليها ؛ بعد التحقيق معه أنزلت بحقه لائحة اتهام عزت له تهمة التحريض، ومعها طلب لتوقيفه. رفض القاضي العسكري توقيفه حسب طلب النيابة وأمر باطلاق سراحه. لم تطلقوا سراحه، بل قمتم ، كما في كثير من هذه الحالات العبثية، باصدار أمر اعتقال اداري بحقه لمدة ستة شهور، بذريعة أنه ناشط في حركة الجهاد الاسلامي. من المفروض أن تنتهي مدة هذا الأمر في السادس والعشرين من الشهر الجاري". سمعني باصغاء وأجاب باقتضاب: "أنت تعرف، من تجربتك الغنية والطويلة، أننا، نحن في النيابة العسكرية، لسنا الع ......
#سيصير
#يومًا
#خليل
#عواودة
#يريد
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=758796
الحوار المتمدن
جواد بولس - سيصير يومًا خليل عواودة ما يريد