ابتسام الحاج زكي : جدتي وتنور الطين
#الحوار_المتمدن
#ابتسام_الحاج_زكي كعادتها استفاقت من نومها المتقطع ، والزاخر بالأحلام العابرة للأزمان ، فبين أمس تولّی وراهن ينشب أظفارة في يوميات صادرتها تبجحات تدَّعي الحنو الممسك للخيزرانة ، والملوّح بها كلما حاول الراهن مدّ عنقه انفلاتا من وصاية تستمد بقائها من تنويمة أيام مصادرة ، شعرت بقشعريرة ما أن لسعت جسدها المتغضّن برودة خريف ثائر من دونية تجيد الفصول الثلاثة تصويبها نحوه , ليزداد تجهمّا وعدائية وإن كان الندّ عجوزا نبذت لعبة التحدي منذ سنين أتت على الأخضر واليابس ، ردّدت في سرّها وبطفولة " باردة کلش " توضأت وعيناها تدور في ثنايا بيتها القديم ، وكأنها تتفحص محتوياته خوفا من السرقة ، فحياة التمدن لم تمح من بالها ذلك العراء الذي كانوا يعيشونة في جنوب خلفوّه خلف خطوات تبحث عن بحبوحة لعيش تمنوّه کریما، الجنوب ذلك السحر الذي ظل خياله يلاحقهم وأنفاسه ترافقهم أنّى اتجهت بهم صروف الدهر ، توجهت صوب التنور الحديدي لتتأكد من غطائه كانت تصرُّ على التعامل معه وكأنه ذلك التنور الذي كانت تتفنن في نحته ومن ثم تشييده ليشيع فيما بعد لقب ( صوغة أم التنانير ) محتفظة بنسخة متآكلة منه فالله وحده يعلم ما تخفية الأيام " كان ردّها على محاولات إزالته بحجة شغله لحيّز من مساحة بيتهم الصغير مذكِّرة بتلك العودة الصاغرة والمعتذرة للتنور العتيد التي تلت الحرب الأخيرة : وكيف أن منزلهم كان يضجُّ بالنسوة الباحثات عن بديل لتنانير حديدية أضحت محض سلعة فائضة عن الحاجة لشحّة وقودها ، فالتقهقر إلى الوراء شعار ترفعه الحروب دوما ، وكأن تنور الطين قدرنا الذي لا فرار منه ، خطواتها بدأت تثّاقل يوما بعد آخر منكمشة من برودة داهمتها من دون حساب " اشششششششاه اشششششششاه " كانت تتمتم بذلك وأن لم یکن البرد بحجم هذا الارتجاف المزعوم. الرتابة والإيقاع البطيء خيّما على حياة الإيغال في وحشة الغياب لأحبة تباينت أسباب غيابهم ، بين ميتة طبيعية وبین میتات مبتكرة ، وبين من ابتعدت بهم هموم الحياة عن وطن يتخلى بكرم عن أبنائه البررة وجدت نفسها في حجرة قديمة كانت بمثابة منزل صغير يحوي مطبخها الصغير المتكون من طباخ يعود لسنين خاوية وأوان قديمة استهلكتها الأيام لتبعثرها على محمل صغير يتكون من ثلاثة رفوف صدئة ، مطبخها الصغير هذا كان يقرب من المكان الذي افترشته لنومها وبالجهة المجاورة وضعت ثلاجتها الصغيرة التي تعود لحقبة ابتعدت كثيرا عن ذاكرتها . تناولت إفطارها المعتاد ، استکان الشاي والبيضة المسلوقة ورغيف خبز مدّخر.عيشها في الحجرة جعلها تنعم بشيء من الهدوء، خلا حاجتها إلى الحمام الذي ظلت تعاني من بعده النسبي ولا سيما والوهن يدّب نحو خطواتها التعبة ، لتجد صعوبة في الوصول إليه ما اضطّرها إلى الاستعانة ببديل بدائي يسعفها في لحظات تخونها فيها قدماها ومرات كثيرة عضلات مثانة أضعفتها الشيخوخة وتبعاتها، كانت تعيش ألم الوحدة على الرغم من أحفاد قذفت بهم قسوة الغياب القسري لإيقاع حياة لا يقوون فيه على النظر مجرد النظر لمن حولهم عدّت العدّة للخروج . عباءة لوّحت الشمس لونها وبقايا کیس طحين جعلت منه (علاگة السوك ) وبضع نقود أحكمتها بكيسها المتدلي حول صدرها المحتفظة به من أيامها الخوالي، وأخذت تسحب قدميها فجسدها المتكوِّر أصبح خائرا ولا يجد من يحمل أعبائه إلا هاتين القدمين هاهي ذي تقف قبالة الشارع ترقب سيارة تقلّها إلى السوق ... اليوم هو الموعد الأسبوعي للتسوق ، فشراء السمكة واللحم لا يمكن الاعتماد فيهما على الآخرين ، لذا لا بدَّ من قيامها بالمهمّة بنفسها وأن بدت شاقة فهي أقدر على الموازنة بين ما ادّخر من نقود ، وب ......
#جدتي
#وتنور
#الطين
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=738072
#الحوار_المتمدن
#ابتسام_الحاج_زكي كعادتها استفاقت من نومها المتقطع ، والزاخر بالأحلام العابرة للأزمان ، فبين أمس تولّی وراهن ينشب أظفارة في يوميات صادرتها تبجحات تدَّعي الحنو الممسك للخيزرانة ، والملوّح بها كلما حاول الراهن مدّ عنقه انفلاتا من وصاية تستمد بقائها من تنويمة أيام مصادرة ، شعرت بقشعريرة ما أن لسعت جسدها المتغضّن برودة خريف ثائر من دونية تجيد الفصول الثلاثة تصويبها نحوه , ليزداد تجهمّا وعدائية وإن كان الندّ عجوزا نبذت لعبة التحدي منذ سنين أتت على الأخضر واليابس ، ردّدت في سرّها وبطفولة " باردة کلش " توضأت وعيناها تدور في ثنايا بيتها القديم ، وكأنها تتفحص محتوياته خوفا من السرقة ، فحياة التمدن لم تمح من بالها ذلك العراء الذي كانوا يعيشونة في جنوب خلفوّه خلف خطوات تبحث عن بحبوحة لعيش تمنوّه کریما، الجنوب ذلك السحر الذي ظل خياله يلاحقهم وأنفاسه ترافقهم أنّى اتجهت بهم صروف الدهر ، توجهت صوب التنور الحديدي لتتأكد من غطائه كانت تصرُّ على التعامل معه وكأنه ذلك التنور الذي كانت تتفنن في نحته ومن ثم تشييده ليشيع فيما بعد لقب ( صوغة أم التنانير ) محتفظة بنسخة متآكلة منه فالله وحده يعلم ما تخفية الأيام " كان ردّها على محاولات إزالته بحجة شغله لحيّز من مساحة بيتهم الصغير مذكِّرة بتلك العودة الصاغرة والمعتذرة للتنور العتيد التي تلت الحرب الأخيرة : وكيف أن منزلهم كان يضجُّ بالنسوة الباحثات عن بديل لتنانير حديدية أضحت محض سلعة فائضة عن الحاجة لشحّة وقودها ، فالتقهقر إلى الوراء شعار ترفعه الحروب دوما ، وكأن تنور الطين قدرنا الذي لا فرار منه ، خطواتها بدأت تثّاقل يوما بعد آخر منكمشة من برودة داهمتها من دون حساب " اشششششششاه اشششششششاه " كانت تتمتم بذلك وأن لم یکن البرد بحجم هذا الارتجاف المزعوم. الرتابة والإيقاع البطيء خيّما على حياة الإيغال في وحشة الغياب لأحبة تباينت أسباب غيابهم ، بين ميتة طبيعية وبین میتات مبتكرة ، وبين من ابتعدت بهم هموم الحياة عن وطن يتخلى بكرم عن أبنائه البررة وجدت نفسها في حجرة قديمة كانت بمثابة منزل صغير يحوي مطبخها الصغير المتكون من طباخ يعود لسنين خاوية وأوان قديمة استهلكتها الأيام لتبعثرها على محمل صغير يتكون من ثلاثة رفوف صدئة ، مطبخها الصغير هذا كان يقرب من المكان الذي افترشته لنومها وبالجهة المجاورة وضعت ثلاجتها الصغيرة التي تعود لحقبة ابتعدت كثيرا عن ذاكرتها . تناولت إفطارها المعتاد ، استکان الشاي والبيضة المسلوقة ورغيف خبز مدّخر.عيشها في الحجرة جعلها تنعم بشيء من الهدوء، خلا حاجتها إلى الحمام الذي ظلت تعاني من بعده النسبي ولا سيما والوهن يدّب نحو خطواتها التعبة ، لتجد صعوبة في الوصول إليه ما اضطّرها إلى الاستعانة ببديل بدائي يسعفها في لحظات تخونها فيها قدماها ومرات كثيرة عضلات مثانة أضعفتها الشيخوخة وتبعاتها، كانت تعيش ألم الوحدة على الرغم من أحفاد قذفت بهم قسوة الغياب القسري لإيقاع حياة لا يقوون فيه على النظر مجرد النظر لمن حولهم عدّت العدّة للخروج . عباءة لوّحت الشمس لونها وبقايا کیس طحين جعلت منه (علاگة السوك ) وبضع نقود أحكمتها بكيسها المتدلي حول صدرها المحتفظة به من أيامها الخوالي، وأخذت تسحب قدميها فجسدها المتكوِّر أصبح خائرا ولا يجد من يحمل أعبائه إلا هاتين القدمين هاهي ذي تقف قبالة الشارع ترقب سيارة تقلّها إلى السوق ... اليوم هو الموعد الأسبوعي للتسوق ، فشراء السمكة واللحم لا يمكن الاعتماد فيهما على الآخرين ، لذا لا بدَّ من قيامها بالمهمّة بنفسها وأن بدت شاقة فهي أقدر على الموازنة بين ما ادّخر من نقود ، وب ......
#جدتي
#وتنور
#الطين
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=738072
الحوار المتمدن
ابتسام الحاج زكي - جدتي وتنور الطين