جميلة شحادة : -الكراكي-، رواية مكتوبة بحسِّ شاعر
#الحوار_المتمدن
#جميلة_شحادة الكراكي، أو الغرنوق، كما يسمى في بعض البلدان، هو أكبر الطيور المهاجرة حجما. يهاجر شتاءً الى أفريقيا بحثا عن الدفء، فيمرّ في بحيرة طبريا ويستوطن بعضه البحيرة ومحيطها قبل أن يتابع هجرته، ثم يعود ويمرّ بها مرة أخرى قبل عودته الى موطنه الأصلي في الربيع. ولعل الروائي والقاص حسن حميد، لم يختر "الكراكي" اسما لروايته عبثا، فهو الفلسطيني المهجَّر؛ الذي ولد في بلدةٍ قضاء مدينة صفد، وهي ليست بالبعيدة عن بحيرة طبريا، ويعيش اليوم مع عائلته في سوريا، أراد أن يوصل رسالة أو ربما أكثر بعنونة روايته بالكراكي. حميد رغم أنه تعلّم في جامعة دمشق ويعمل ويعيش في الشام، يحنُّ الى وطنه فلسطين، فيكتب عن الأماكن فيها ويصفها حتى تلك التي لم ترها عيناه، ليقول لنا: أنه ما زال مرتبط بوطنه، ويأمل العودة اليه كما يعود الكراكي الى بلاده مهما طالت غيبته عنها.وقبل أن أتابع الكتابة عن رواية "الكراكي"، أعترف لكم أنني لست بدارسة للنقد الأدبي ولا أملك أدواته؛ لذا فأنا أتناول الرواية بحسب ذائقة قارئ يهوى قراءة الكلمة الجميلة، والفكرة العميقة. رواية "الكراكي" رواية غير تقليدية من حيث المبنى، فهي تتألف من وحدات سردية كبرى، تتبعها أخرى مشتقة منها ولكل منها عنوان. تحكي كل وِحْدة حكاية دون أن تُفقد وقائع كل حكاية صلاتها بالحكايات الأخرى، وهذا ليس غريبا لمَن يعرف أن المؤلف حسن حميد هو قاص ماهر، كتب القصص القصيرة وأبدع في كتابتها. ورواية "الكراكي" غير تقليدية لأنها رواية كُتبت بحسِّ شاعر؛ فجاءت لغتها شاعرية، غنية بالتعابير الرقيقة، والجميلة، والحوارات الرشيقة، حتى خالها القارئ قصيدة نثر رائعة. وكما أجاد مؤلف الرواية حميد وصف الطبيعة والمشاهد في روايته بلغة متينة وشاعرية، أجاد أيضا وصف التفاصيل؛ حيث راح يصف المشاهد بأدق التفاصيل في أكثر من موقع في الرواية. "والطريق إليها ملأى بالناس، والأشياء، والحيوانات التي تموج كأعواد الخيزران هنا وهناك. أرى بعض خدام الكنيسة يخالطون الناس، يشاركونهم الحديث، والطعام، والابتسام، والوقوف، والجلوس. أمشي وأمشي فلا أحس بأنني أتجه نحو الكنيسة لأنني أرى بأن المكان غريب، وأن الطريق ليست هي الطريق؛ ولكن ها هي ذي أشجار الكينا العالية التي تأخذني عادة إلى الكنيسة، وهاهم الناس مثل الطيور يحطون إلى جوارها، وها هي ذي أشجار الصفصاف مجتمعة إلى جوار بعضها بعضا كالغيوم.. حانية على السواقي التي ترفد ماء النهر، ها هي ذي عريشة الصلبان المجاورة للكنيسة، إذا أنا في الطريق المؤدية إلى الكنيسة" (ص 66). كما لم يغب عن بال المؤلف أن يسرد سلوكيات سكان منطقة بحيرة طبريا والقرى المجاورة لها، وأن يذكر الأطعمة والمأكولات الشعبية، وأسماء أدوات وأغراض استعملها سكان هذه المنطقة، والتي لم يعد بعضها يستعمل في يومنا هذا، فبتنا نعتبرها من تراثنا الفلسطيني. "وفوق أرض البيادر، وخلال أيام (القصل) تقفل حركة التنقل للشبان والشابات وتتحدد من البيادر إلى البيوت فقط، ويصير الطعام والشراب هناك أمام العرائش وفي داخلها، وتقوم الصبايا طوال النهار بصناعة الأطباق الصغيرة والكبيرة، والقفف والزنابيل الكبيرة والصغيرة، والمغمقانات الكبيرة والصغيرة، وتُرى أمام العرائش، وبداخلها القدور الكبيرة التي ملئت بالأصباغ وقد علتها سوق القمح الطويلة /القصل/ التي تنقع فيها أياما عدة كي تتشرب الألوان، وتُرى منذ الأيام الأولى ما صنعته أيدي الصبايا الحاذقات، وقد انتشرت تلك المصنوعات في اتكاءات حانية على جدران العرائش كي تجف تحت حرارة الشمس" (ص 96).ورواية "الكراكي" رواية غير تقليدية، لأن مؤلفها استطاع أن يجعل قا ......
#-الكراكي-،
#رواية
#مكتوبة
#بحسِّ
#شاعر
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=702048
#الحوار_المتمدن
#جميلة_شحادة الكراكي، أو الغرنوق، كما يسمى في بعض البلدان، هو أكبر الطيور المهاجرة حجما. يهاجر شتاءً الى أفريقيا بحثا عن الدفء، فيمرّ في بحيرة طبريا ويستوطن بعضه البحيرة ومحيطها قبل أن يتابع هجرته، ثم يعود ويمرّ بها مرة أخرى قبل عودته الى موطنه الأصلي في الربيع. ولعل الروائي والقاص حسن حميد، لم يختر "الكراكي" اسما لروايته عبثا، فهو الفلسطيني المهجَّر؛ الذي ولد في بلدةٍ قضاء مدينة صفد، وهي ليست بالبعيدة عن بحيرة طبريا، ويعيش اليوم مع عائلته في سوريا، أراد أن يوصل رسالة أو ربما أكثر بعنونة روايته بالكراكي. حميد رغم أنه تعلّم في جامعة دمشق ويعمل ويعيش في الشام، يحنُّ الى وطنه فلسطين، فيكتب عن الأماكن فيها ويصفها حتى تلك التي لم ترها عيناه، ليقول لنا: أنه ما زال مرتبط بوطنه، ويأمل العودة اليه كما يعود الكراكي الى بلاده مهما طالت غيبته عنها.وقبل أن أتابع الكتابة عن رواية "الكراكي"، أعترف لكم أنني لست بدارسة للنقد الأدبي ولا أملك أدواته؛ لذا فأنا أتناول الرواية بحسب ذائقة قارئ يهوى قراءة الكلمة الجميلة، والفكرة العميقة. رواية "الكراكي" رواية غير تقليدية من حيث المبنى، فهي تتألف من وحدات سردية كبرى، تتبعها أخرى مشتقة منها ولكل منها عنوان. تحكي كل وِحْدة حكاية دون أن تُفقد وقائع كل حكاية صلاتها بالحكايات الأخرى، وهذا ليس غريبا لمَن يعرف أن المؤلف حسن حميد هو قاص ماهر، كتب القصص القصيرة وأبدع في كتابتها. ورواية "الكراكي" غير تقليدية لأنها رواية كُتبت بحسِّ شاعر؛ فجاءت لغتها شاعرية، غنية بالتعابير الرقيقة، والجميلة، والحوارات الرشيقة، حتى خالها القارئ قصيدة نثر رائعة. وكما أجاد مؤلف الرواية حميد وصف الطبيعة والمشاهد في روايته بلغة متينة وشاعرية، أجاد أيضا وصف التفاصيل؛ حيث راح يصف المشاهد بأدق التفاصيل في أكثر من موقع في الرواية. "والطريق إليها ملأى بالناس، والأشياء، والحيوانات التي تموج كأعواد الخيزران هنا وهناك. أرى بعض خدام الكنيسة يخالطون الناس، يشاركونهم الحديث، والطعام، والابتسام، والوقوف، والجلوس. أمشي وأمشي فلا أحس بأنني أتجه نحو الكنيسة لأنني أرى بأن المكان غريب، وأن الطريق ليست هي الطريق؛ ولكن ها هي ذي أشجار الكينا العالية التي تأخذني عادة إلى الكنيسة، وهاهم الناس مثل الطيور يحطون إلى جوارها، وها هي ذي أشجار الصفصاف مجتمعة إلى جوار بعضها بعضا كالغيوم.. حانية على السواقي التي ترفد ماء النهر، ها هي ذي عريشة الصلبان المجاورة للكنيسة، إذا أنا في الطريق المؤدية إلى الكنيسة" (ص 66). كما لم يغب عن بال المؤلف أن يسرد سلوكيات سكان منطقة بحيرة طبريا والقرى المجاورة لها، وأن يذكر الأطعمة والمأكولات الشعبية، وأسماء أدوات وأغراض استعملها سكان هذه المنطقة، والتي لم يعد بعضها يستعمل في يومنا هذا، فبتنا نعتبرها من تراثنا الفلسطيني. "وفوق أرض البيادر، وخلال أيام (القصل) تقفل حركة التنقل للشبان والشابات وتتحدد من البيادر إلى البيوت فقط، ويصير الطعام والشراب هناك أمام العرائش وفي داخلها، وتقوم الصبايا طوال النهار بصناعة الأطباق الصغيرة والكبيرة، والقفف والزنابيل الكبيرة والصغيرة، والمغمقانات الكبيرة والصغيرة، وتُرى أمام العرائش، وبداخلها القدور الكبيرة التي ملئت بالأصباغ وقد علتها سوق القمح الطويلة /القصل/ التي تنقع فيها أياما عدة كي تتشرب الألوان، وتُرى منذ الأيام الأولى ما صنعته أيدي الصبايا الحاذقات، وقد انتشرت تلك المصنوعات في اتكاءات حانية على جدران العرائش كي تجف تحت حرارة الشمس" (ص 96).ورواية "الكراكي" رواية غير تقليدية، لأن مؤلفها استطاع أن يجعل قا ......
#-الكراكي-،
#رواية
#مكتوبة
#بحسِّ
#شاعر
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=702048
الحوار المتمدن
جميلة شحادة - -الكراكي-، رواية مكتوبة بحسِّ شاعر