الحوار المتمدن
3.19K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
سعود سالم : التمرد على الكلمات المتشيئة
#الحوار_المتمدن
#سعود_سالم "للإحتفال بالآلة وتمجيد العمل، على الإنسان أن يكون خارج المصنع وليس داخله. " فيليمير خليبنيكوف.الشاعر أو الفنان عموما، هو الإنسان الذي يرفض إستعمال اللغة، بمعنى اللغة في وظيفتها المتعلقة بالتواصل ونقل الدلالة من إنسان إلى آخر، بل يستعمل اللغة كمساحة جغرافية، كأرض أو كإقليم تدور فيه معركة الحياة. إنه يسكن اللغة ويتنفس اللغة ولا يستطيع أن ينفصل عن الكلمات. إنه كله لغة، جسدا وعقلا، لحما ودما وفكرا وخيالا. وكل تفاصيل حياته تصبح مادة لغوية وغذاء لخياله الكانيبالي، أدنى حادثة مرت به منذ بداية الحياة تتخذ أهمية في السرد العام للأسطورة التي يشيدها كبرج بابل طابقا بعد طابق، وفصلا بعد فصل. فالشاعر هو من يخلق حياته وتفاصيلها بالكلمات، ويشيد قصورا من المعاني والعلاقات، بواسطة اللغة، حيث الكلمات هي أحجار البناء، وحيث الخيال هو الخارطة الوحيدة المفتوحة أمامه على طاولة عمله. مملكة الشاعر إذا هي عالم المعنى وليس عالم الدلالة، لا يهمه وضوح الكلمات ودلالاتها المتعارف عليها. الشاعر هو أشبه بملاك ضائع هائم في فضاء اللغة وكأنه جاء إلى هذا العالم من أجل مهمة مقدسة وحيدة ألا وهي البحث عن "المعنى" الحقيقي للكلمات؛ المعنى الذي ضاع في زخم الحياة الروتينية اليومية ووجعل إستعمال اللغة حكرا للدلالة على الأشياء والكائنات المحيطة بالإنسان. وهدف الشعر والفن عموما ما هو إلا تفجير تركيب اللغة والكلمة من الداخل لكي تتحرر من القيود التي تشدها للواقع المادي - الأرضي وتصحو من غيبوبة الاستعمال والتكرار. جوناثان سويفت Jonathan Swift، في روايته الكبيرة رحلات جوليفر Gulliver s Travels، أراد أن يسخر من العلم والعلماء وكل الذين يدعون العقلانية، فجعل جوليفر في رحلته الثالثة يجد نفسه في جزيرة صغيرة معلقة في الهواء Laputa ويسكنها نخبة من العلماء يتحكمون في أمور البلاد التي يطيرون فوقها من السماء والتي تسمى Balnibarbi. وقد ألتقى في هذه البلاد بمجموعة من الأكادميين الذين لديهم مشروع لخلق لغة عالمية يتفاهم بها الجميع ولا مجال فيها للخطأ لما تدل عليه الكلمات، فكانو يتجولون محملين بعشرات الأدوات والأشياء المختلفة من أواني وأجهزة ومستلزمات الحياة، وكانت هذه الأشياء تحل محل الكلمات، فإذا أراد شخص ما أن يقول كلمة صحن أو كأس مثلا ما عليه إلا أن يخرج من جرابه صحنا أو كأسا حقيقيا يريه للمستمع. وهذه العلاقة المباشرة والآلية بين الكلمات ودلالاتها هو ما ثار ضده الشعر والفن، بمحاولة إستكشاف عالم ماوراء العقل وما وراء الدلالة، ما يسميه الشاعر الروسي خليبنيكوف Velimir Khlebnikov بمقولة transmentale أو "زاووم - zaoum" حيث تتخذ الأصوات قوة سحرية مأثرة تأثيرا مباشرا في ذهن الشاعر والمتلقي على السواء، وهو ما نجده عند سويفت في الأسماء الغريبة التي يعطيها لشخصيات وأماكن روايته مثل بروبدنغناغ Brobdingnag، لابوتا Laputa، بالنباربي Balnibarbi وغلوبدوبدريب Glubbdubdrib أو بلاد هويهنهنمس Houyhnhnms. العمل الفني والإبداع الشعري، يُفهم على أنه المسافة القصوى بين الوتر الأداتي للفكر وبين محور الحياة الحقيقية للمبدع، وكهروب بعيدا عن الذات المادية الغارقة في هويتها الإجتماعية والإدارية اليومية. لتمجيد الإنسان والإحتفال بالحياة، على الشاعر أن يتقشر من قوقعته البشرية ويأخذ عصا الأنبياء ويلبس أقنعة وجوه الآلهة ويتكلم بلسان الجنيات. وهذا ما حاول القيام به خليبنيكوف في عمله المسرحي الضخم زانغيزي Zanghézi، حيث الشخصية الأساسية هو Cankara Zanghézi بطل أسطوري يتكلم لغة الطيور ولغة الآلهة، لغة ما وراء الادراك ولغة ال ......
#التمرد
#الكلمات
#المتشيئة

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=692978