الحوار المتمدن
3.19K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
ضيا اسكندر : لستُ جميلة يا ربّي، طيّب ما ذنبي؟
#الحوار_المتمدن
#ضيا_اسكندر كانت السماء تصهل بفجائعيّة من يُحتضَر، عندما داهم ظلام الليل الضيعة، يتخلّله وميض البرق المبهر، متناوباً مع هزيم الرعد الغاضب. وشآبيب المطر تسوط البيت الطيني بعنف أشبه بوقع آلاف السياط الناقمة. الأب مستلقٍ مغمض العينين، يبتهل إلى الله كي لا يدلف سقف البيت في هذا الجو&#64610-;- العاصف. وأولاده الخمسة يلتحفون أغطية الصوف وقد غطّوا رؤوسهم من شدة البرد. وأمّهم بين الفينة والأخرى تلقّم الوجاق بحطب السنديان والبلّوط. أمّا نظيرة كبيرة أخوتها، فإنها تستلقي على طرف الفرشة التي اختار أهلها أن تكون في هذا الركن المهمل قرب الباب، تلحُّ عليها مجموعة من الأسئلة في ليالي الشتاء الحزينة ككل&#64610-;- عام منذ أن وعت على هذه الدنيا. تستعرض من خلالها مسيرة حياتها المكتظّة بالإهمال والشقاء وتناجي خالقها بالقول: يا ربّ، دخيلك لا تؤاخذني. كل مرة أُسمِعُكَ ذات الموّال. أرجوك لا تضجر منّي. لِمَن أبثُّ شكواي، حيث لا شفيع ولا مجيب لي سواك؟! والله لولا شعوري بأني مظلومة ما فتحتُ فمي بحرف. طيب لماذا خلقتني هكذا!؟ ألهذه الدرجة أنت ساخطٌ عليّ؟! لم تتكرّم بمنحي ملمحٍ جمالي&#64607-;- واحد! فأنا حدباء بدينة، ذراعاي قصيرتان جداً، وكذلك الأمر ساقاي. شعري أجعد ملبَّد لا تدخل فيه حتى أسنان المشط الواسعة. أنفي ضخم وعيناي صغيرتان. وسُمرتي داكنة. لا رقبة لي؛ فرأسي يلتصق مباشرةً بنحري. كما أن صوتي خشن. وفوق كل ذلك، عرجاء إثر خلع ورك ولادي. لم أتابع تحصيلي العلمي في مدرسة القرية. فقد كان أقراني يعيّرونني بقباحتي، يقلّدون مشْيتي وصوتي ويُغيظونني يومياً بضحكاتهم الكاوية، يتردّدُ في صداها أكثر العبارات سخريةً واستهزاءً بشكلي. لذلك كرهتُ المدرسة وكل من يرتادها وقرّرتُ أن أتركها غير نادمة.. لم أعرف لعبةً واحدة من تلك التي يلعبنها البنات. فأنا مكروهة منبوذة منهنَّ جميعاً. لم أشارك بواجبٍ اجتماعي في كل مناسبات الضيعة طيلة حياتي، لا في أفراحها ولا في أتراحها. حتى أهلي يا ربّي ينفرون منّي. ولا يوفّروا ظرفاً ليُجهروا اشمئزازهم إلّا ويقذفونني بأقسى نصال الكلمات الجارحة. فأنا مثلاً لا أجرؤ على النظر في المرآة بوجودهم لئلّا يتهكّموا. فغدَوتُ أفضّلُ الموت على حياة الذلّ هذه. ولكي تبعدني أمي عن تعليقات أخوتي الاستفزازية، كلّفتني برعاية العنزات، وأنا طفلة لم أتجاوز الثامنة من عمري. أستيقظ من الصباح الباكر، أخوتي يتوجَّهون إلى المدرسة، وأنا إلى البراري الموحشة برفقة خمس عنزات وتيس. أعود عند الظهيرة لأرتاح ساعاتٍ ثلاث، ثم إلى البرّية مرةً أخرى حتى يذوي النهار ويدمي الغروبُ السماء.ومع مرور الأيام أصبحتُ أعشق مهنة الرعي، فهي تُشعرني بأهمية وجودي؛ وصرتُ صديقة الينابيع والطيور والوديان وزهور الطبيعة. كم كنت أنسى الزهرات التي أقطفها وأضعها خلف أذنيّ كما يفعلن بعض الصبايا. ولدى بلوغي مشارف الضيعة يضحك هازئاً على منظري أوّل من يراني. فأُسارعُ إلى نزع الزهور ورميها على الأرض وأنا أذوب خجلاً.. ولكن ما يسعدني يا ربّي، أن أهلي وبفضلي، صاروا يشربون الحليب ويأكلون الزبدة والجبنة والشنكليش. وعند ولادة حبيباتي العنزات وبيع سخلاتها، يشتري لنا أبي أهمَّ ما نحتاجه من أغراضٍ مؤجّلة. فطبيعة ضيعتنا بائسة جبلية حراجية ومداخيلها شحيحة.. فقد اعتمد أهلوها على استصلاح ما تيسَّر من مساحاتٍ مستويةٍ من أراضيها بواسطة قلع الصخور والأحجار منها، لتتحوَّل إلى حواكير صغيرة صالحة لزراعة التبغ وبعض أشجار الزيتون. أشدُّ ما يؤلمني يا ربّي هو فصل الشتاء؛ فكثيرةٌ هي الأيام التي لا أبرح فيها البيت بسبب غزارة الأمطار وسرعة الرياح. ......
#لستُ
#جميلة
#ربّي،
#طيّب
#ذنبي؟

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=715652