فاروق عبد الحكيم دربالة : الطبيعة وجناية البشر
#الحوار_المتمدن
#فاروق_عبد_الحكيم_دربالة االطبيــعة وجناية البَشَــــــر " أحلى منظر يمكن أن تراه العين هو القباب البيض في الروابي الخضر" ، تسري هذه المقولة من قديم في أوساط الحكماء والمبدعين ومتذوقي الجمال والفن ، وقد رأيت في زياراتي لتونس ولمدينتي الرباط والدار البيضاء في المغرب كأنهم فطنوا إلى هذا المعنى ؛ فالبيوت والمباني يتم طلاؤها باللون الأبيض الرائق ، أما الأبواب والنوافذ فتأخذ ألوانها من الأزرق الهادي الذي يجمع بين زرقة السماء الصافية ومياه البحر الفيروزية ، ونجد ذلك أيضًا فى أثينا والجزائر وشاطئ جنوب أسبانيا ، وبعض المباني في تلك المدن يحوي القباب الجميلة ، ومن حولها المروج الخضراء أو المزارع والحدائق ، وكل ذلك ينشر الجمال ويريح العين ويسر القلب ، ويبعث على التأمل والبهجة ، ويحبه السياح الذين يقصدون هذه البلاد بأعداد معتبرة ، وقد رأيت كبار السن والمتقاعدين من أثرياء أوربا ونجوم السينما يشترون الفلل والبيوت الريفية الجميلة في الريف المغربي للإقامة الدائمة ، وقد أقمت بعض الأيام في فندق صغير مطلي بالأبيض في مدينة سوسة التونسية ، وكان من ثلاثة طوابق وبه بعض القباب ، وهو في غاية النظافة والتنسيق ، وقد عرفت أنه كان سجنًا ، وتم تحويله إلى فندق ، وهم في الاستقبال لا يزالون يسلمون النزلاء تلك المفاتيح الحدادي الكبيرة جدًا للغرف . إن الطبيعة هي أمنا الحانية المعطاء ، ونحن حين نحرم منها فإن ذلك يعد نوعًا من اليُتْم الحقيقي : فأشجار تطول ، وبراعم تثور ، وأزهار تميل ، وفراشات تزهو، ونحلات تجوس ، وطيور ترفرف ، وعبير يتضوَّع ، كلها تشكل مفردات الجمال في الطبيعة ، التي تمنح الوجدان عافية ، وتلهم الخاطر ، وتسهم في عزف سيمفونية الحياة البهية ، وقد تأملها العلماء ، واستلهمها الشعراء والأدباء ، فسكنت دواوين الشعر وصفحات القصص والروايات ، وعانقت الأقلام والأفلام بوهادها وجبالها ووديانها وبحارها وحقولها الوسيعة الممتدة ، وخيمت على حيوات البشر بسمائها وغيومها وظلال أشجارها وموفور بدائعها . ولقد أنطقتْ الطبيعة الألسنَ ، وحَرَّضَتْ الأقلام لتصويرها والبوح بمغانيها ، فانطلق شاعر العربية الأكبر المتنبي مفتونًا بالشِّعب الشجري قرب بوان في بلاد فارس وهو يلهج مصورًا : مَغَاني الشِّعْبِ طِيبًا في المَغَاني *** بمَنْزِلَةِ الرّبيعِ منَ الزّمَانِ وَلَكِنّ الفَتى العَرَبيَّ فِيهَا *** غَرِيبُ الوَجْهِ وَاليَدِ وَاللّسَانِ مَلاعِبُ جنّةٍ لَوْ سَارَ فِيهَا *** سُلَيْمَـــــانٌ لَسَــــــارَ بتَرْجُمَانِ طَبَتْ فُرْسَانَنَا وَالخَيلَ حتى *** خَشِيتُ وَإنْ كَرُمنَ من الحِرَانِ غَدَوْنَا تَنْفُضُ الأغْصَانُ فيهَا *** على أعْرافِهَا مِثْلَ الجُمَانِ فسِرْتُ وَقَدْ حَجَبنَ الشمسَ عني***وَجِئْنَ منَ الضّيَاءِ بمَا كَفَاني وَألْقَى الشّرْقُ مِنْهَا في ثِيَابي *** دَنَانِيرًا تَفِرّ مِنَ البَنَانِ لهَـــا ثَمَـــرٌ تُشِيرُ إلَيْكَ مِنْهُ *** بأشْرِبَــــةٍ وَقَفــْنَ بِــــلا أوَانِ وَأمْوَاهٌ تَصِلّ بهَا حَصَاهَا *** صَليلَ الحَلْيِ في أيدي الغَوَاني وكتب شوقي قصيدته في غابة بولونيا ، وتغنى حافظ إبراهيم بالنيل في قصيدته " النهر الخالد" ، ومن قبلهما وصف ابن خفاجة النهر والجبل ، ووصف البحتري الربيع وبركة المتوكل ، وكتب حنا مينه رواياته الباذخة عن البحر ، ......
#الطبيعة
#وجناية
#البشر
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=732821
#الحوار_المتمدن
#فاروق_عبد_الحكيم_دربالة االطبيــعة وجناية البَشَــــــر " أحلى منظر يمكن أن تراه العين هو القباب البيض في الروابي الخضر" ، تسري هذه المقولة من قديم في أوساط الحكماء والمبدعين ومتذوقي الجمال والفن ، وقد رأيت في زياراتي لتونس ولمدينتي الرباط والدار البيضاء في المغرب كأنهم فطنوا إلى هذا المعنى ؛ فالبيوت والمباني يتم طلاؤها باللون الأبيض الرائق ، أما الأبواب والنوافذ فتأخذ ألوانها من الأزرق الهادي الذي يجمع بين زرقة السماء الصافية ومياه البحر الفيروزية ، ونجد ذلك أيضًا فى أثينا والجزائر وشاطئ جنوب أسبانيا ، وبعض المباني في تلك المدن يحوي القباب الجميلة ، ومن حولها المروج الخضراء أو المزارع والحدائق ، وكل ذلك ينشر الجمال ويريح العين ويسر القلب ، ويبعث على التأمل والبهجة ، ويحبه السياح الذين يقصدون هذه البلاد بأعداد معتبرة ، وقد رأيت كبار السن والمتقاعدين من أثرياء أوربا ونجوم السينما يشترون الفلل والبيوت الريفية الجميلة في الريف المغربي للإقامة الدائمة ، وقد أقمت بعض الأيام في فندق صغير مطلي بالأبيض في مدينة سوسة التونسية ، وكان من ثلاثة طوابق وبه بعض القباب ، وهو في غاية النظافة والتنسيق ، وقد عرفت أنه كان سجنًا ، وتم تحويله إلى فندق ، وهم في الاستقبال لا يزالون يسلمون النزلاء تلك المفاتيح الحدادي الكبيرة جدًا للغرف . إن الطبيعة هي أمنا الحانية المعطاء ، ونحن حين نحرم منها فإن ذلك يعد نوعًا من اليُتْم الحقيقي : فأشجار تطول ، وبراعم تثور ، وأزهار تميل ، وفراشات تزهو، ونحلات تجوس ، وطيور ترفرف ، وعبير يتضوَّع ، كلها تشكل مفردات الجمال في الطبيعة ، التي تمنح الوجدان عافية ، وتلهم الخاطر ، وتسهم في عزف سيمفونية الحياة البهية ، وقد تأملها العلماء ، واستلهمها الشعراء والأدباء ، فسكنت دواوين الشعر وصفحات القصص والروايات ، وعانقت الأقلام والأفلام بوهادها وجبالها ووديانها وبحارها وحقولها الوسيعة الممتدة ، وخيمت على حيوات البشر بسمائها وغيومها وظلال أشجارها وموفور بدائعها . ولقد أنطقتْ الطبيعة الألسنَ ، وحَرَّضَتْ الأقلام لتصويرها والبوح بمغانيها ، فانطلق شاعر العربية الأكبر المتنبي مفتونًا بالشِّعب الشجري قرب بوان في بلاد فارس وهو يلهج مصورًا : مَغَاني الشِّعْبِ طِيبًا في المَغَاني *** بمَنْزِلَةِ الرّبيعِ منَ الزّمَانِ وَلَكِنّ الفَتى العَرَبيَّ فِيهَا *** غَرِيبُ الوَجْهِ وَاليَدِ وَاللّسَانِ مَلاعِبُ جنّةٍ لَوْ سَارَ فِيهَا *** سُلَيْمَـــــانٌ لَسَــــــارَ بتَرْجُمَانِ طَبَتْ فُرْسَانَنَا وَالخَيلَ حتى *** خَشِيتُ وَإنْ كَرُمنَ من الحِرَانِ غَدَوْنَا تَنْفُضُ الأغْصَانُ فيهَا *** على أعْرافِهَا مِثْلَ الجُمَانِ فسِرْتُ وَقَدْ حَجَبنَ الشمسَ عني***وَجِئْنَ منَ الضّيَاءِ بمَا كَفَاني وَألْقَى الشّرْقُ مِنْهَا في ثِيَابي *** دَنَانِيرًا تَفِرّ مِنَ البَنَانِ لهَـــا ثَمَـــرٌ تُشِيرُ إلَيْكَ مِنْهُ *** بأشْرِبَــــةٍ وَقَفــْنَ بِــــلا أوَانِ وَأمْوَاهٌ تَصِلّ بهَا حَصَاهَا *** صَليلَ الحَلْيِ في أيدي الغَوَاني وكتب شوقي قصيدته في غابة بولونيا ، وتغنى حافظ إبراهيم بالنيل في قصيدته " النهر الخالد" ، ومن قبلهما وصف ابن خفاجة النهر والجبل ، ووصف البحتري الربيع وبركة المتوكل ، وكتب حنا مينه رواياته الباذخة عن البحر ، ......
#الطبيعة
#وجناية
#البشر
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=732821
الحوار المتمدن
فاروق عبد الحكيم دربالة - الطبيعة وجناية البشر