حامد تركي هيكل : لوحة گلگامش التي ستهزّ العالم
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل يبدو الضجيج المعهود للشارع من أصوات باعة قناني غاز الوقود و الخضروات وأبو العتيق اليوم أقلَّ من أيِّ وقت مضى. بل لا ضجيج أبداً.الصمت يخيّم على الشارع، فقد تم تمديد حظر التجوال. يجلس وليد الناصر في بيته منذ أشهر، لم يصل إلى مرسمه الذي يبعد عن بيته منذ أن أُعلن عن تفشي فايروس كورونا. وليد الناصر رسام تشكيلي يبلغ من العمر ستين عاما. لم ينجز الكثير، لكنه كان دائما يؤمن أن مشروعا عظيما سوف ينجزه في وقت ما، وسيرفع ذلك المشروع اسمه عاليا في الوسط الفني. وليد الناصر فنان معروف وقد اشترك بعدد من المعارض الفنيّة، ولديه معارض شخصيّة أيضا. لوحاته تُباع بأسعار جيدة، لديه أسلوب مُميَّز، وقد أنجز عبر مسيرته الفنيّة رغم الصعوبات الكثيرة التي اعترضتها أكثر مما حققه أقرانه. تملكته فكرةٌ منذ زمن بعيد، أو طموح، أو حلم. وهو أنه سيرسم ذات يوم لوحةً سيكون لها صدى واسع وسيُعرف بسببها عالميا. لوحة تعالج هموم الأنسان و معاناته.مرت السنون، وما زال ذلك الحلم يراوده، حتى قبل شهرين فقط، عندما تفشت كورونا، واضطر للبقاء في البيت. فقد نهض فجرا كعادته، ووجد أن فكرة اللوحة الحلم قد ارتسمت في مخيلته بوضوح، بكل ألوانها وتفاصيلها وحجمها. حتى أن اسمها كان موجودا أيضا، (گلگامش).منذ ذلك اليوم وفكرة لوحة (گلگامش) تسيطر عليه وتتضح معالمها أكثر فأكثر. بات يخططها بالقلم الرصاص على ورق، ويطور فكرتها وتفاصيلها ونسبها ومضامينها. لم يعد قادرا على التفكير بشيء آخر، فقد نسي مواعيد أكله ونومه، ونسي تلفونه بدون شحن، وانقطع عن العالم، وتوحّد كليا مع (گلگامش) اللوحة. منذ أن تفشت كورونا، وسمع وقرأ عن علاقتها بالجهاز التنفسي، اتخذ قرارا خطيرا ومفاجئا، قرارا طالما كان يرفض مناقشته، فقد أقلع عن التدخين. كان مدخنا شرها، وكان لا يعرف كيف يفكر ولا كيف يرسم من دون أن تكون السجارة قريبة منه. ولكنه قرّر أن يواجه المرض في حال تعرضَّ له برئتين قويتين، أو بأفضل ما يستطيع أن تكون عليه رئتيه. لا لشيء بل ليتمكن من تنفيذ حلمه. ولكن كيف له أن يرسم من دون تدخين؟ هذا سؤال ظل جوابه مؤجلا حتى ساعة وصوله إلى مرسمه، والتي لا يعلم متى ستكون. بدا وليد الناصر قلقا، وخائفا من أنه لن يتمكن من إنجاز (گلگامش). هل جاءت (گلگامش) بوقت غير مناسب؟ هل بقيت تعده بالمجيء طيلة عمره كله، ولكنها لم تأتِ إلّا متزامنة مع كورونا؟ هل ستمتد مدة الحظر؟ هل سيصيبه المرض ويموت من دون أن يعلم أحد بفكرة (گلگامش)؟ وحيدا، وقلقا، وخائفا، ومليئا بطاقة وبشحنة لم يكن بمقدوره كبتها دون أن يحولها إلى مساحات لونية بالزيت على القماش. كان يقضي الليل والنهارمع تلك الظنون والهواجس والعواطف والرؤى. كانت تتسلل إلى مخيلته بين الحين وإلّاخر صور قديمة قد تكون مرتبطة بالخوف، وبالقلق، و بالمشاريع التي لم تكتمل، والمشاريع التي لم تر النور. وأفكار أخرى مرتبطة بخسارة أشياء جميلة.تراءى له وجه تلك الصبيّة التي أحبَّها منذ أن كان حدثا. كان يراها كل يوم، وكانت تمنحه ابتسامة عريضة واعدة. سنوات دون أن يقول لها شيئا. لأنه كان يحلم بالرسم، وبالفن، وبمشروع عمل فني عظيم يرفعه إلى مستوى جواد سليم. مثل وليد الناصر هذا لا يمكنه أن يتوقف في بداية الطريق، كان عليه أن يمض. وقد نفذ صبر الصبيّة، ذات يوم قالت له (أحبك). ولكنه ابتسم خجلا وابتعد إلى إلّابد. تراءى له وجه رئيس العرفاء وهو يأمره بالتقدم، زخفا على بطنه وهو يحتضن بندقيته، كان عليه أن يتقدم بضع خطوات تحت جنح الليل، ليسحب زميله الجندي الذي سقط شهيدا للتو أمام الساتر الترابي. تقدم! صرخ به ......
#لوحة
#گلگامش
#التي
#ستهزّ
#العالم
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=682345
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل يبدو الضجيج المعهود للشارع من أصوات باعة قناني غاز الوقود و الخضروات وأبو العتيق اليوم أقلَّ من أيِّ وقت مضى. بل لا ضجيج أبداً.الصمت يخيّم على الشارع، فقد تم تمديد حظر التجوال. يجلس وليد الناصر في بيته منذ أشهر، لم يصل إلى مرسمه الذي يبعد عن بيته منذ أن أُعلن عن تفشي فايروس كورونا. وليد الناصر رسام تشكيلي يبلغ من العمر ستين عاما. لم ينجز الكثير، لكنه كان دائما يؤمن أن مشروعا عظيما سوف ينجزه في وقت ما، وسيرفع ذلك المشروع اسمه عاليا في الوسط الفني. وليد الناصر فنان معروف وقد اشترك بعدد من المعارض الفنيّة، ولديه معارض شخصيّة أيضا. لوحاته تُباع بأسعار جيدة، لديه أسلوب مُميَّز، وقد أنجز عبر مسيرته الفنيّة رغم الصعوبات الكثيرة التي اعترضتها أكثر مما حققه أقرانه. تملكته فكرةٌ منذ زمن بعيد، أو طموح، أو حلم. وهو أنه سيرسم ذات يوم لوحةً سيكون لها صدى واسع وسيُعرف بسببها عالميا. لوحة تعالج هموم الأنسان و معاناته.مرت السنون، وما زال ذلك الحلم يراوده، حتى قبل شهرين فقط، عندما تفشت كورونا، واضطر للبقاء في البيت. فقد نهض فجرا كعادته، ووجد أن فكرة اللوحة الحلم قد ارتسمت في مخيلته بوضوح، بكل ألوانها وتفاصيلها وحجمها. حتى أن اسمها كان موجودا أيضا، (گلگامش).منذ ذلك اليوم وفكرة لوحة (گلگامش) تسيطر عليه وتتضح معالمها أكثر فأكثر. بات يخططها بالقلم الرصاص على ورق، ويطور فكرتها وتفاصيلها ونسبها ومضامينها. لم يعد قادرا على التفكير بشيء آخر، فقد نسي مواعيد أكله ونومه، ونسي تلفونه بدون شحن، وانقطع عن العالم، وتوحّد كليا مع (گلگامش) اللوحة. منذ أن تفشت كورونا، وسمع وقرأ عن علاقتها بالجهاز التنفسي، اتخذ قرارا خطيرا ومفاجئا، قرارا طالما كان يرفض مناقشته، فقد أقلع عن التدخين. كان مدخنا شرها، وكان لا يعرف كيف يفكر ولا كيف يرسم من دون أن تكون السجارة قريبة منه. ولكنه قرّر أن يواجه المرض في حال تعرضَّ له برئتين قويتين، أو بأفضل ما يستطيع أن تكون عليه رئتيه. لا لشيء بل ليتمكن من تنفيذ حلمه. ولكن كيف له أن يرسم من دون تدخين؟ هذا سؤال ظل جوابه مؤجلا حتى ساعة وصوله إلى مرسمه، والتي لا يعلم متى ستكون. بدا وليد الناصر قلقا، وخائفا من أنه لن يتمكن من إنجاز (گلگامش). هل جاءت (گلگامش) بوقت غير مناسب؟ هل بقيت تعده بالمجيء طيلة عمره كله، ولكنها لم تأتِ إلّا متزامنة مع كورونا؟ هل ستمتد مدة الحظر؟ هل سيصيبه المرض ويموت من دون أن يعلم أحد بفكرة (گلگامش)؟ وحيدا، وقلقا، وخائفا، ومليئا بطاقة وبشحنة لم يكن بمقدوره كبتها دون أن يحولها إلى مساحات لونية بالزيت على القماش. كان يقضي الليل والنهارمع تلك الظنون والهواجس والعواطف والرؤى. كانت تتسلل إلى مخيلته بين الحين وإلّاخر صور قديمة قد تكون مرتبطة بالخوف، وبالقلق، و بالمشاريع التي لم تكتمل، والمشاريع التي لم تر النور. وأفكار أخرى مرتبطة بخسارة أشياء جميلة.تراءى له وجه تلك الصبيّة التي أحبَّها منذ أن كان حدثا. كان يراها كل يوم، وكانت تمنحه ابتسامة عريضة واعدة. سنوات دون أن يقول لها شيئا. لأنه كان يحلم بالرسم، وبالفن، وبمشروع عمل فني عظيم يرفعه إلى مستوى جواد سليم. مثل وليد الناصر هذا لا يمكنه أن يتوقف في بداية الطريق، كان عليه أن يمض. وقد نفذ صبر الصبيّة، ذات يوم قالت له (أحبك). ولكنه ابتسم خجلا وابتعد إلى إلّابد. تراءى له وجه رئيس العرفاء وهو يأمره بالتقدم، زخفا على بطنه وهو يحتضن بندقيته، كان عليه أن يتقدم بضع خطوات تحت جنح الليل، ليسحب زميله الجندي الذي سقط شهيدا للتو أمام الساتر الترابي. تقدم! صرخ به ......
#لوحة
#گلگامش
#التي
#ستهزّ
#العالم
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=682345
الحوار المتمدن
حامد تركي هيكل - لوحة گلگامش التي ستهزّ العالم