محمد فرحات : سعد والهلباوي -2-
#الحوار_المتمدن
#محمد_فرحات كتبه، محمد فرحات يفكر الهلباوي عميقا فيما كان وما سيكون، يفكر بعيدا عن أي اعتبار سوى نجاته وخلاصه الفردي، وماذا فعلت له الجموع التي هتفت معه ضد الطغيان، أين هي تلك الجموع الآن؟ أين تبخرت في لحظة عين، يكتب الهلباوي عريضة استرحام للسير محمد سلطان باشا، نعم سيذكرك بلا ريب فهو كان من رفاق الثورة يوما، ثم، باع الثورة وباع عرابي، وأنعمت عليه الملكة فيكتوريا بلقب سير، وأنعم عليه الخديوي بعشرة آلاف جنيه ذهبي، وبرئاسة مجلس شورى النواب، حتما سيذكرك سلطان باشا سيذكرك، فهل سينساك الجميع؟لم ينسه سير محمد سلطان، بل ويعينه كاتبا في المجلس، يتدرج الهلباوي في المناصب، ليصبح رئيسا لكتاب المجلس براتب شهري قدره أربعين جنيها .لم يجد الهلباوي ذاته في حياة الموظفين، فكثر شغبه و جداله وتمرده، فيفصل من المجلس، فيرفع قضية تعويض ويترافع هو عن نفسه لتهتز قاعة المحكمة بصوته الجهوري، وتنصاع لمنطقه المحكم وتقضي له بتعويض كبير، ليجد الهلباوي نفسه أخيرا في ساحات المحاكم، ويحترف المحاماة وهو بعد في الثامنة والعشرين من عمره .وكانت مهنة المحاماة في ذاك الزمن مساوية لمهنة مزور منمق!، وفي نفس العام 1886 يحترف سعد زغلول- الذي نجا من محاكمات الثورة العرابية بفضل علاقاته القوية- المحاماة، ليقابل سعد الهلباوي في ساحات المحاكم، وتتجدد المنافسة مع غريمه اللدود، لـتتصارع أقدارهما بلا هوادة، وكأن مصير سعد والهلباوي يتشابك كلاهما بفعل قدر لا يغفل عنهما، يحلو له أن يشاهد هذا الصراع الذي لا يهدأ ولا يفتر.يقول سعد زغلول لاحقا "إني اشتغلت بالمحاماة متنكرا عن أهلي وأصحابي، وكلما سألني سائل: هل صرت محاميا؟أقول: معاذ الله أن أكون كقوم خاسرين."يستأجر الهلباوي غرفة بطنطا، لتصبح مكتبا له، لتأخذه حمى العمل المستعرة، لا يكل الهلباوي ولا يمل ليجوب مدن مصر، يجلجل بصوته في ساحات محاكمها ما بين القضايا الجنائية والمدنية والشرعية لا يخسر قضية واحدة، يفوق الهلباوي سعدا في عالم المحاماة ليصبح في فترة قياسية محام مصر الأول.هل تهدأ المنافسة بين الرجلين، يقر سعد زغلول بهزيمته، ولكنه يبحث عن باب آخر للمجد، ليس في ساحات المحاكم هذه المرة ولا في الصحافة، لا ولا في السياسة، بل في قصور هوانم مصر و بشواتها، تحديدا قصر الأميرة نازلي فاضل، تتردد الإشاعات بغرام الأميرة المتقد بهذا الفلاح الأسمر ممشوق القامة، ثم تتوسط لسبب ما لدى مصطفى فهمي باشا، ليتزوج سعد زغلول بكريمته صفية هانم، لم يكن لمصطفى باشا فهمي- رئيس وزراء مصر التركي الأصل- ليقبل بهذه الزيجة لولا تدخل الأميرة نازلي، يتزوج سعد من صفية .ماذا سيفعل الهلباوي حيال هذه الضربة، يحاول هو الآخر الارتباط بإحدى الهوانم، ولكنه لم يفلح هذه المرة بوجهه الصارم وجديته الشديدة ومنطقه القوي، لا تحتمل هانم ذلك، فضلا عن أصله الفلاحي المتواضع، وقبل ذلك كله من أين له بوساطة أميرة مثل نازلي هانم فاضل؟!لا بأس يا هلباوي، إن لم تتح أميرة، فوصيفة متاحة، وليكن، فليتزوج من تركية أو شركسية، فجارية بيضاء متاحة من قصر الأميرة فاطمة بنت الخديوي المخلوع إسماعيل، يتزوجها الهلباوي ويعود بها إلى طنطا .لا تتعجب من هذا المسار البرجماتي الصارخ، ولكن هذا الجيل كان ابنا شرعيا لثورة مهزومة، مغتصبة، مذبوحة، كان أيضا جيلا مهزوما، مغتصبا، مذبوحا.يقول المرحوم صلاح عيسى "ذلك أن الجراح التي عانتها الأمة بهزيمة الثورة، كانت تطرح نفسها على الجيل، وبدا لمعظم عناصره وخاصة المثقفين أن شيئا لا يمكن أن يصلح ما أفسده الدهر، وإذن ......
#والهلباوي
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=675698
#الحوار_المتمدن
#محمد_فرحات كتبه، محمد فرحات يفكر الهلباوي عميقا فيما كان وما سيكون، يفكر بعيدا عن أي اعتبار سوى نجاته وخلاصه الفردي، وماذا فعلت له الجموع التي هتفت معه ضد الطغيان، أين هي تلك الجموع الآن؟ أين تبخرت في لحظة عين، يكتب الهلباوي عريضة استرحام للسير محمد سلطان باشا، نعم سيذكرك بلا ريب فهو كان من رفاق الثورة يوما، ثم، باع الثورة وباع عرابي، وأنعمت عليه الملكة فيكتوريا بلقب سير، وأنعم عليه الخديوي بعشرة آلاف جنيه ذهبي، وبرئاسة مجلس شورى النواب، حتما سيذكرك سلطان باشا سيذكرك، فهل سينساك الجميع؟لم ينسه سير محمد سلطان، بل ويعينه كاتبا في المجلس، يتدرج الهلباوي في المناصب، ليصبح رئيسا لكتاب المجلس براتب شهري قدره أربعين جنيها .لم يجد الهلباوي ذاته في حياة الموظفين، فكثر شغبه و جداله وتمرده، فيفصل من المجلس، فيرفع قضية تعويض ويترافع هو عن نفسه لتهتز قاعة المحكمة بصوته الجهوري، وتنصاع لمنطقه المحكم وتقضي له بتعويض كبير، ليجد الهلباوي نفسه أخيرا في ساحات المحاكم، ويحترف المحاماة وهو بعد في الثامنة والعشرين من عمره .وكانت مهنة المحاماة في ذاك الزمن مساوية لمهنة مزور منمق!، وفي نفس العام 1886 يحترف سعد زغلول- الذي نجا من محاكمات الثورة العرابية بفضل علاقاته القوية- المحاماة، ليقابل سعد الهلباوي في ساحات المحاكم، وتتجدد المنافسة مع غريمه اللدود، لـتتصارع أقدارهما بلا هوادة، وكأن مصير سعد والهلباوي يتشابك كلاهما بفعل قدر لا يغفل عنهما، يحلو له أن يشاهد هذا الصراع الذي لا يهدأ ولا يفتر.يقول سعد زغلول لاحقا "إني اشتغلت بالمحاماة متنكرا عن أهلي وأصحابي، وكلما سألني سائل: هل صرت محاميا؟أقول: معاذ الله أن أكون كقوم خاسرين."يستأجر الهلباوي غرفة بطنطا، لتصبح مكتبا له، لتأخذه حمى العمل المستعرة، لا يكل الهلباوي ولا يمل ليجوب مدن مصر، يجلجل بصوته في ساحات محاكمها ما بين القضايا الجنائية والمدنية والشرعية لا يخسر قضية واحدة، يفوق الهلباوي سعدا في عالم المحاماة ليصبح في فترة قياسية محام مصر الأول.هل تهدأ المنافسة بين الرجلين، يقر سعد زغلول بهزيمته، ولكنه يبحث عن باب آخر للمجد، ليس في ساحات المحاكم هذه المرة ولا في الصحافة، لا ولا في السياسة، بل في قصور هوانم مصر و بشواتها، تحديدا قصر الأميرة نازلي فاضل، تتردد الإشاعات بغرام الأميرة المتقد بهذا الفلاح الأسمر ممشوق القامة، ثم تتوسط لسبب ما لدى مصطفى فهمي باشا، ليتزوج سعد زغلول بكريمته صفية هانم، لم يكن لمصطفى باشا فهمي- رئيس وزراء مصر التركي الأصل- ليقبل بهذه الزيجة لولا تدخل الأميرة نازلي، يتزوج سعد من صفية .ماذا سيفعل الهلباوي حيال هذه الضربة، يحاول هو الآخر الارتباط بإحدى الهوانم، ولكنه لم يفلح هذه المرة بوجهه الصارم وجديته الشديدة ومنطقه القوي، لا تحتمل هانم ذلك، فضلا عن أصله الفلاحي المتواضع، وقبل ذلك كله من أين له بوساطة أميرة مثل نازلي هانم فاضل؟!لا بأس يا هلباوي، إن لم تتح أميرة، فوصيفة متاحة، وليكن، فليتزوج من تركية أو شركسية، فجارية بيضاء متاحة من قصر الأميرة فاطمة بنت الخديوي المخلوع إسماعيل، يتزوجها الهلباوي ويعود بها إلى طنطا .لا تتعجب من هذا المسار البرجماتي الصارخ، ولكن هذا الجيل كان ابنا شرعيا لثورة مهزومة، مغتصبة، مذبوحة، كان أيضا جيلا مهزوما، مغتصبا، مذبوحا.يقول المرحوم صلاح عيسى "ذلك أن الجراح التي عانتها الأمة بهزيمة الثورة، كانت تطرح نفسها على الجيل، وبدا لمعظم عناصره وخاصة المثقفين أن شيئا لا يمكن أن يصلح ما أفسده الدهر، وإذن ......
#والهلباوي
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=675698
الحوار المتمدن
محمد فرحات - سعد والهلباوي -2-