الحوار المتمدن
3.07K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
علي باقر خيرالله : في رثاء الفراسة
#الحوار_المتمدن
#علي_باقر_خيرالله قيلَّ عن الفراسة انها الاستدلال بالأمور الظَّاهرة على الأمور الخفيَّة(1) , وبمعنى ابسط انها معرفة امور تخفى عن المرء من خلال الامور الظاهرة او الواضحة للعيان , ومثله ما حكي أن أبا العلاء المعري كان يتعصب للمتنبي فحضر يوما مجلس الشريف المرتضى فجرى ذكر أبي الطيب فهضم المرتضى من جانبه – اي انه لم يرتح لذكره - فقال أبو العلاء لو لم يكن له من الشعر إلا قوله "لك يا منازل في القلوب منازل " لكفاه – اي انه لو اكتفى بهذا الشطر فقط , فقد كفاه هذا من الشاعرية العالية - فغضب المرتضى وأمر به فسحب وأخرج وبعد إخراجه قال المرتضى هل تدرون ما عنى بذكر البيت فقالوا لا والله فقال عنى به قول أبي الطيب في القصيدة – نفس القصيدة التي ذكر ابو العلاء منها الشطر الذي قاله - :( وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ ... فهي الشهادة لي بأني كاملُ )(2) , وفي هذا الموقف تتجلى لنا الفراسة في اوضح معانيها , فموجه الاهانة استخدم اسلوب المواربة واراد من ذلك توجيه اهانة تتخفى خلف كلامٍ يتضح من ظاهرة انهُ عادي , اما من وُجهت اليه الاهانة فقد استعان بفراسته لكشف هذا النية المخفية في طيات الكلام , وعند قراءة الكثير من كتب المحكيات والمرويات يتبين لنا ان هذه المواقف كثيرة , وقد خصصت لها الكثير من كتب الادب القديمة والحديثة باباً كاملاً لذلك , فيحق لنا اذاَ ان نتساءل كيف ان هذه الصفة اخذت بالتناقص في شخصية انسان ما بعد الحداثة , حتى كادت تنعدم , وان اي شخصٍ يشترك معي في استخدام اساليب الاستعارة والتشبيه في كلامه مع الآخرين يتجلى له هذا الأمر بوضوح .اننا نحنُ اليوم , نستخدمُ الحروفَ والكلماتِ كأنها مادة قابلة للنفاذ , فيكتفي واحدنا باستخدامِ أقل قدرٍ ممكنٍ منها , فإنسان اليوم هو ليس سطحياً قدر كونه نابذاً للعمق , فيكفيك ان تقول ان فلانة "hot" كي تعبرَّ انها مثيرة للشهوة , لها خصرٌ نحيف , ومؤخرة بارزة , متناسياً ان اثارة الشهوة هو نمطٌ يختلفُ باختلافِ طبيعة المُثار , فلو تم استبدال كلمة "hot" بتوصيف ادق عن شخصية انسانة لها من الصفات الشخصية كذا وكذا , ولها من الصفات الجسدية كذا , لكانَ المتلقي قادراً على تكوين صورة شبه متكاملة لما وصفه المتحدث .وبما ان نظرتنا اصبحت نظرة احادية الجانب , المهمُ ما نراهُ نحن , وما نراهُ نحن هو المعيار , فلم يعد المتحدث بحاجة الى ايضاح ما يتحدث عنه بتفاصيلٍ ادق , بل اصبح لزاماً عند الكثيرين هو اختصار الاختصار .و حتى من يعول عليهم ممن يمتلكون ذوقاً ادبياً او مقدرة على القراءة , تراهم يتركونَّ قروناً من الابداع اللامتناهي متجهين نحوَ "واتباد" , فاغلبا يهمه ما يحدث , لا يهمهُ كيفَ يحدث .وبهذا حتى امثالُ و توصيفات الأمس , لم تعد ذاتَ معنى في وقتنا الحالي , فعاشق اليوم لم يعد ذلك الانسان الذي يتغنى بالقصائد الطويلة , والكلامِ المتوسع بالتوصيف , بل أصبح يكتفي بالاشتهاء تعبيراً عن الرغبة , وبالتعلقِ دليلاً على المحبة .وتبقى كلمةُ (لكن) , ملازمةً لمن يشك , وانا منهم .لكن هل ان انسان اليوم لم يعد بحاجةٍ الى الفراسة حقاً ؟ يحملُ الجواب من وجهة نظري , جانبين , الجانبُ الاولُ انهُ نعم , فالتعاملاتُ اليومية للإنسان الحديث لا تحتاج الى ذلك , فهو يطلبُ طعامه من تطبيقٍ على الهاتف ولا يحتاجُ الى التواصلِ مع نادلٍ في مطعم , و مشبعٌ جنسياً الى حدٍ كبير من دون ادنى تواصلٍ ايضاً , فهو يرى على الشاشةِ اجساداً تلبي جميعَ رغباتهِ , فكأنهُ يختارُ منها ما يناسبُ ذوقه , دون الحاجة لانتظار ردٍ او موافقة .اما على الجانبِ الآخر , فنحن , اي الجيل الذي فتح عيناهُ ......
#رثاء
#الفراسة

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=764683