دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثالث
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الأيام السابقة لانطلاق المحمل الشريف، إتسمت بالهدوء وباستمرار الطقس الربيعيّ الجميل في آنٍ معاً. وكان الباشا قبل دخوله إلى المدينة ( وذلك في موكب أقل هيبةٍ من موكبه الأول )، قد سرّحَ الجيوشَ المحتشدة لنصرته على الإنكشاريين. إذ عمد هؤلاء الأخيرين، المتحصنون في القلعة، إلى التخلّي عن المتسلّم السابق تنفيذاً للإتفاق المعقود بوساطة الأعيان وبضمانة حضرة شيخ الإسلام. المتسلّم، أخذ جماعته وإتجه معهم إلى ناحية جبل لبنان ولم يعُد يظهر لهم أثر. لكنهم في طريقهم، عمدوا إلى نهب وسلب بعض قرى برّ الشام كي يشفوا غليلهم. الباشا بدَوره، وكان كما علمنا يتحرّق للانتقام من خصمه، فإنه إكتفى بالتنفيس عن غضبه بعدد من المحكومين بالإعدام، الذين قطعت رؤوسهم في حضرته. كذلك أمرَ بكبس دار المتسلّم، لمصادرة كل ما تحتويه؛ وكان من الموجودات أرزاقُ الخلق، المنتشلة عقبَ طوفان نهر بردى. لكن لم يُدعَ أحد من المتضررين لأخذ شيء من تلك الأشياء المُصادَرة، ما فاقمَ من النقمة على الباشا بين العموم. يتعيّنُ القول، أنني دُعيت لمرافقة المحمل الشريف لأداء مناسك الحج. حضرةُ شيخ الإسلام، هوَ مَن طلبَ مني ذلك بعدما علم أنني لم أكمل آخر الفرائض برغم أن سنّي قاربت الثلاثين. أعربَ كذلك عن استعداده لتكفل مصاريف الحج لصديقنا برو، لولا أنّ هذا أبدى زهده بالأمر. برو، ألحّ عليّ في المقابل أن أتراجع عن مرافقتي للمحمل الشريف. تذكّرت عندئذٍ ما جرى على لسانه، بشأن مصير شيخ الإسلام، وأنه متواشجٌ مع نبوءةٍ محتملة عن مخاطر طريق الحج. فلما طلبتُ منه إجلاء العتمة عن الموضوع، فإنه أجابني بنبرته الساخرة: " ألن تمدّني، كوسيلة للاستخارة، بخصلةٍ من شَعرك؟! ". هكذا كان صديقي؛ من الصعب أن تُدرك ما لو كان جاداً أم هازلاً حتى في أحرج الأوقات. كذلك كان أمره، لما سألته غبَّ عودته من لقاء السلطانة، عما تم الحديث بينهما. كان قد آبَ يومئذٍ من ناحية الحرملك بخطىً متعثرة، كما لو أُسقيَ خمراً، شاردَ الفكر متبلبلاً. إكتفى إذاك بالقول، مومئاً إلى ناحية الأزهار المغروسة على نسق واحد على جانبيّ الممشى: " إنها تفوقُ فتنةَ ورود الربيع؛ بشرةٌ نقية وناصعة كالحرير، عينان لؤلؤتان، شعرٌ بلون الكستناء، وجيدُ غزال ". أدهشني أيضاً، احتفاظه بعدُ بصرّة الحرير، المحتوية خصلة من شَعر السلطانة، وذلك عندما أنهى كلامه بإخراجها وشمّها وتقبيلها. " النبي كيكي "، ربما شعرَ بالحب لأول مرة في حياته. لكنه شعورٌ ثقيل الوطأة، ولا غرو، قمينٌ بأن يسحق صاحبه سحقاً لو وصل خبره لأولي الأمر. لقد وقعتُ بنفسي في التجربة، ولو أن قصتي لم تلفّها عتمةُ الغموض والألغاز. كان ذلك قبل وفاة والدي ببضعة أعوام، وكنتُ أرافقه إلى المدرسة الشامية الكبرى. كنتُ عائداً في أحد الأيام من دروسي، تاركاً أبي يواصل نقاش أحد المسائل مع تلاميذه، لما رأيتني أتوه عن طريقي المعتاد. في آخر دربٍ ضيّق، تفطّنتُ إلى أنه يُفضي إلى الطريق الصحيح، كان ثمة منزل بصدر المكان، يتشكّل تحته قنطرة معتمة. قبيل وصولي إلى القنطرة ببضع خطوات، إذا بفتاة تظهرُ في مشربية تلك الحجرة، وما لبثت أن أنحنت قليلاً كي ينهمر شعرها إلى جانب وجهها. لم تكن، بالطبع، بفتنة السلطانة؛ وكان وصف صديقي لها صحيحاً لأنه مسندودٌ من روايات أخرى ـ لكنها كانت جميلة حقاً. في تلك الليلة، جفاني الوسنُ إلى ساعة متأخرة بسبب هيمنة صورة الفتاة. لما تكرر ظهور الفتاة في اليوم التالي وبنفس توقيت عودتي من المدرسة، لم أعدم الجرأة للإشارة لها بوضع الإصبع على عيني ومن ثم على فمي؛ أي أنني أريد مشاهدتها عن قرب والتحدث معها. بيد أنها مخا ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الثالث
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=701439
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الأيام السابقة لانطلاق المحمل الشريف، إتسمت بالهدوء وباستمرار الطقس الربيعيّ الجميل في آنٍ معاً. وكان الباشا قبل دخوله إلى المدينة ( وذلك في موكب أقل هيبةٍ من موكبه الأول )، قد سرّحَ الجيوشَ المحتشدة لنصرته على الإنكشاريين. إذ عمد هؤلاء الأخيرين، المتحصنون في القلعة، إلى التخلّي عن المتسلّم السابق تنفيذاً للإتفاق المعقود بوساطة الأعيان وبضمانة حضرة شيخ الإسلام. المتسلّم، أخذ جماعته وإتجه معهم إلى ناحية جبل لبنان ولم يعُد يظهر لهم أثر. لكنهم في طريقهم، عمدوا إلى نهب وسلب بعض قرى برّ الشام كي يشفوا غليلهم. الباشا بدَوره، وكان كما علمنا يتحرّق للانتقام من خصمه، فإنه إكتفى بالتنفيس عن غضبه بعدد من المحكومين بالإعدام، الذين قطعت رؤوسهم في حضرته. كذلك أمرَ بكبس دار المتسلّم، لمصادرة كل ما تحتويه؛ وكان من الموجودات أرزاقُ الخلق، المنتشلة عقبَ طوفان نهر بردى. لكن لم يُدعَ أحد من المتضررين لأخذ شيء من تلك الأشياء المُصادَرة، ما فاقمَ من النقمة على الباشا بين العموم. يتعيّنُ القول، أنني دُعيت لمرافقة المحمل الشريف لأداء مناسك الحج. حضرةُ شيخ الإسلام، هوَ مَن طلبَ مني ذلك بعدما علم أنني لم أكمل آخر الفرائض برغم أن سنّي قاربت الثلاثين. أعربَ كذلك عن استعداده لتكفل مصاريف الحج لصديقنا برو، لولا أنّ هذا أبدى زهده بالأمر. برو، ألحّ عليّ في المقابل أن أتراجع عن مرافقتي للمحمل الشريف. تذكّرت عندئذٍ ما جرى على لسانه، بشأن مصير شيخ الإسلام، وأنه متواشجٌ مع نبوءةٍ محتملة عن مخاطر طريق الحج. فلما طلبتُ منه إجلاء العتمة عن الموضوع، فإنه أجابني بنبرته الساخرة: " ألن تمدّني، كوسيلة للاستخارة، بخصلةٍ من شَعرك؟! ". هكذا كان صديقي؛ من الصعب أن تُدرك ما لو كان جاداً أم هازلاً حتى في أحرج الأوقات. كذلك كان أمره، لما سألته غبَّ عودته من لقاء السلطانة، عما تم الحديث بينهما. كان قد آبَ يومئذٍ من ناحية الحرملك بخطىً متعثرة، كما لو أُسقيَ خمراً، شاردَ الفكر متبلبلاً. إكتفى إذاك بالقول، مومئاً إلى ناحية الأزهار المغروسة على نسق واحد على جانبيّ الممشى: " إنها تفوقُ فتنةَ ورود الربيع؛ بشرةٌ نقية وناصعة كالحرير، عينان لؤلؤتان، شعرٌ بلون الكستناء، وجيدُ غزال ". أدهشني أيضاً، احتفاظه بعدُ بصرّة الحرير، المحتوية خصلة من شَعر السلطانة، وذلك عندما أنهى كلامه بإخراجها وشمّها وتقبيلها. " النبي كيكي "، ربما شعرَ بالحب لأول مرة في حياته. لكنه شعورٌ ثقيل الوطأة، ولا غرو، قمينٌ بأن يسحق صاحبه سحقاً لو وصل خبره لأولي الأمر. لقد وقعتُ بنفسي في التجربة، ولو أن قصتي لم تلفّها عتمةُ الغموض والألغاز. كان ذلك قبل وفاة والدي ببضعة أعوام، وكنتُ أرافقه إلى المدرسة الشامية الكبرى. كنتُ عائداً في أحد الأيام من دروسي، تاركاً أبي يواصل نقاش أحد المسائل مع تلاميذه، لما رأيتني أتوه عن طريقي المعتاد. في آخر دربٍ ضيّق، تفطّنتُ إلى أنه يُفضي إلى الطريق الصحيح، كان ثمة منزل بصدر المكان، يتشكّل تحته قنطرة معتمة. قبيل وصولي إلى القنطرة ببضع خطوات، إذا بفتاة تظهرُ في مشربية تلك الحجرة، وما لبثت أن أنحنت قليلاً كي ينهمر شعرها إلى جانب وجهها. لم تكن، بالطبع، بفتنة السلطانة؛ وكان وصف صديقي لها صحيحاً لأنه مسندودٌ من روايات أخرى ـ لكنها كانت جميلة حقاً. في تلك الليلة، جفاني الوسنُ إلى ساعة متأخرة بسبب هيمنة صورة الفتاة. لما تكرر ظهور الفتاة في اليوم التالي وبنفس توقيت عودتي من المدرسة، لم أعدم الجرأة للإشارة لها بوضع الإصبع على عيني ومن ثم على فمي؛ أي أنني أريد مشاهدتها عن قرب والتحدث معها. بيد أنها مخا ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الثالث
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=701439
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثالث
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج الرابع
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1وسارت قافلة المحمل الشريف في الطريق الطويل، المفضي إلى أرض الحجاز، وكان من المؤمل أن ترتاح في عدة محطات مسكونة قبل بلوغ الصحراء. وما دمنا على الطريق، الآهل بالبلدات، كان القرويون يخرجون في كل مرةٍ للفرجة، منبهرين بمشهد الموكب المهيب والإيقاع المنتظم لفرقة قارعي الطبول. كنتُ أراهم من فوق الهودج، كأنني أسبح فوق رؤوسهم. مع مرور الوقت، أضحيتُ معتاداً على سير الدابة، ولم أعُد أتمسّك بركابها في رُعب عندما تتمايل، على حين فجأة، بحَسَب تعرجات الطريق. إلى أن وصلنا إلى أول استراحة، حظونا بها، وكانت في آخر منطقة بحوران؛ المعروفة ب " أسكي شام " باللفظ العثماني [ أي بصرى الشام ـ ملاحظة المحقق ]. كان الوقتُ عند الأصيل، لما مررنا بقلعة البلدة ومن ثم حطينا الرحال بالقرب من أسوارها السمراء، التي حدّقت بنا من خلال فرجات أبراجها. وظهر القمر بشكل مبكر، ليرمقنا بدوره بنظرته الباسمة. قبل شروعي بتناول الطعام، رأيتُ بعض رفاق الرحلة يتوجهون إلى مدخل القلعة. فتركتُ ما بيدي، لكي يُتاح لي مشاهدة هذه الآبدة قبل أن يحل الظلام. هكذا ولجتُ خِلَل بوابة القلعة، القائمة على عدد من الأعمدة ذات التيجان. لينفتح لي على الأثر مشهدُ المسرح الهائل الحجم، المنتهية مدرجاته بالرواق، المرتكز أيضاً على الأعمدة. ثمة تحت لوحة رخامية، عثرتُ على صديقي برو وكان برفقة الطواشي حكيم. كان يتأمل في الكتابات الغامضة، المنقوشة في الرخام، قخاطبته من الخلف: " لعلك تتمكن من ترجمة هذه النقوش، أنتَ مَن يُجيد لغاتٍ عدة؟ "" إنها كتابة باللغة اللاتينية، التي كان يفهمها غالبية أهل المشرق مثلما هيَ العربية الآنَ "، تعهّد حكيمُ الإجابة عندما إحتفظ الآخرُ بالصمت. بقينا هناك تحت ظلال صف أعمدة الرواق، نتأمل عظمة المكان، الذي بدأ الظلام يزحف على موجوداته. عدنا باتجاه المدخل، سائرين تحت الأقواس المنحوتة، التي أنعكس عليها ضوء القمر لترتسم على الأرضية الرخامية تحت أقدامنا. ومن ظلام الفناء إلى نور الخارج، دلفنا ثلاثتنا بخطى سريعة كي نصيب شيئاً من الطعام قبل تحرك القافلة. قلتُ لهما مودّعاً: " إلى اللقاء في المحطة القادمة ". الصحراء، تغدو حقيقة ملموسة بمجرد وداع أرض حوران الخصبة واستقبال بيداء شرقي نهر الأردن، لتتحول مستقبلاً إلى رؤى في اليقظة وكوابيس في الأحلام. أول مرة، حظوتُ فيها برؤية البادية، عندما كنتُ طفلاً أرافق ركبَ الأسرة عند الهجرة من كردستان إلى الشام. لكن ذلك الطريق القفر، الممتد بين الموصل وحلب، كان حافلاً بالقرى والبلدات، التي تعيش على الزراعة والرعي بفضل الأنهار وفروعها المتعددة. لم أحظ وقتئذٍ برؤية مدينة الموصل، لكنني عوّضت ذلك بالحلول في مدينة حلب، المبهرة برفعة عمارتها وغنى ساكنيها. هكذا كان شعوري أيضاً عند المرور بمدينتي حماة وحمص، اللتين يُعزى رخاؤهما لنهر العاصي، القادم من سفوح جبل لبنان. عظمة الشام، وكانت محط رحالنا أخيراً، ما كان يُدانيها أيّ من الحواضر؛ ويُقال أنها لا تُقارن سوى بالأستانة والقاهرة. هذا حكيم، يتكلم عن تينك المدينتين، العظيمتين، وذلك لدى حلولنا على أطراف بلدة معان: " المحمل الشريف، القادم من الأستانة، يحمل صررَ المال إلى أشراف الحجاز كي توزع على المحتاجين وأيضاً للعناية بتجديد الكعبة المشرفة والمسجد النبوي بالمدينة. ثم محمل شريف آخر، ينطلق في نفس الفترة تقريباً من القاهرة، وهوَ يحمل كسوة الكعبة من قماشٍ شهير، تصنعه نساؤها منذ الأزمنة القديمة "" أنتَ أيضاً من مصر، أليسَ صحيحاً؟ "، سألتُ الطواشي مُستدلاً بغرابة لهجته ولون بشرته. ظهرت ابتسامةٌ مريرة على فمه ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الرابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=701758
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1وسارت قافلة المحمل الشريف في الطريق الطويل، المفضي إلى أرض الحجاز، وكان من المؤمل أن ترتاح في عدة محطات مسكونة قبل بلوغ الصحراء. وما دمنا على الطريق، الآهل بالبلدات، كان القرويون يخرجون في كل مرةٍ للفرجة، منبهرين بمشهد الموكب المهيب والإيقاع المنتظم لفرقة قارعي الطبول. كنتُ أراهم من فوق الهودج، كأنني أسبح فوق رؤوسهم. مع مرور الوقت، أضحيتُ معتاداً على سير الدابة، ولم أعُد أتمسّك بركابها في رُعب عندما تتمايل، على حين فجأة، بحَسَب تعرجات الطريق. إلى أن وصلنا إلى أول استراحة، حظونا بها، وكانت في آخر منطقة بحوران؛ المعروفة ب " أسكي شام " باللفظ العثماني [ أي بصرى الشام ـ ملاحظة المحقق ]. كان الوقتُ عند الأصيل، لما مررنا بقلعة البلدة ومن ثم حطينا الرحال بالقرب من أسوارها السمراء، التي حدّقت بنا من خلال فرجات أبراجها. وظهر القمر بشكل مبكر، ليرمقنا بدوره بنظرته الباسمة. قبل شروعي بتناول الطعام، رأيتُ بعض رفاق الرحلة يتوجهون إلى مدخل القلعة. فتركتُ ما بيدي، لكي يُتاح لي مشاهدة هذه الآبدة قبل أن يحل الظلام. هكذا ولجتُ خِلَل بوابة القلعة، القائمة على عدد من الأعمدة ذات التيجان. لينفتح لي على الأثر مشهدُ المسرح الهائل الحجم، المنتهية مدرجاته بالرواق، المرتكز أيضاً على الأعمدة. ثمة تحت لوحة رخامية، عثرتُ على صديقي برو وكان برفقة الطواشي حكيم. كان يتأمل في الكتابات الغامضة، المنقوشة في الرخام، قخاطبته من الخلف: " لعلك تتمكن من ترجمة هذه النقوش، أنتَ مَن يُجيد لغاتٍ عدة؟ "" إنها كتابة باللغة اللاتينية، التي كان يفهمها غالبية أهل المشرق مثلما هيَ العربية الآنَ "، تعهّد حكيمُ الإجابة عندما إحتفظ الآخرُ بالصمت. بقينا هناك تحت ظلال صف أعمدة الرواق، نتأمل عظمة المكان، الذي بدأ الظلام يزحف على موجوداته. عدنا باتجاه المدخل، سائرين تحت الأقواس المنحوتة، التي أنعكس عليها ضوء القمر لترتسم على الأرضية الرخامية تحت أقدامنا. ومن ظلام الفناء إلى نور الخارج، دلفنا ثلاثتنا بخطى سريعة كي نصيب شيئاً من الطعام قبل تحرك القافلة. قلتُ لهما مودّعاً: " إلى اللقاء في المحطة القادمة ". الصحراء، تغدو حقيقة ملموسة بمجرد وداع أرض حوران الخصبة واستقبال بيداء شرقي نهر الأردن، لتتحول مستقبلاً إلى رؤى في اليقظة وكوابيس في الأحلام. أول مرة، حظوتُ فيها برؤية البادية، عندما كنتُ طفلاً أرافق ركبَ الأسرة عند الهجرة من كردستان إلى الشام. لكن ذلك الطريق القفر، الممتد بين الموصل وحلب، كان حافلاً بالقرى والبلدات، التي تعيش على الزراعة والرعي بفضل الأنهار وفروعها المتعددة. لم أحظ وقتئذٍ برؤية مدينة الموصل، لكنني عوّضت ذلك بالحلول في مدينة حلب، المبهرة برفعة عمارتها وغنى ساكنيها. هكذا كان شعوري أيضاً عند المرور بمدينتي حماة وحمص، اللتين يُعزى رخاؤهما لنهر العاصي، القادم من سفوح جبل لبنان. عظمة الشام، وكانت محط رحالنا أخيراً، ما كان يُدانيها أيّ من الحواضر؛ ويُقال أنها لا تُقارن سوى بالأستانة والقاهرة. هذا حكيم، يتكلم عن تينك المدينتين، العظيمتين، وذلك لدى حلولنا على أطراف بلدة معان: " المحمل الشريف، القادم من الأستانة، يحمل صررَ المال إلى أشراف الحجاز كي توزع على المحتاجين وأيضاً للعناية بتجديد الكعبة المشرفة والمسجد النبوي بالمدينة. ثم محمل شريف آخر، ينطلق في نفس الفترة تقريباً من القاهرة، وهوَ يحمل كسوة الكعبة من قماشٍ شهير، تصنعه نساؤها منذ الأزمنة القديمة "" أنتَ أيضاً من مصر، أليسَ صحيحاً؟ "، سألتُ الطواشي مُستدلاً بغرابة لهجته ولون بشرته. ظهرت ابتسامةٌ مريرة على فمه ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الرابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=701758
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج الرابع
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج الخامس
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1لم يكن من المتوقّع وصولُ خبر هجوم الأعراب على المحمل الشريف بسرعة إلى حاضرة السلطنة، كون البريد من الحجاز يتأخر كثيراً. لكن الخبرَ وصلَ، بطريقةٍ ما، إلى دمشق الشام وذلك قبل أيام من عودتنا إليها ضمن موكب الوالي. وقعَ الخبرُ كالصاعقة على المدينة، بالأخص تفاصيل السلب والاستباحة، التي تم اللوك بها والزيادة عليها من لدُن أعوان سعدو باشا؛ وكان هؤلاء يعوّلون على إعادته لمنصبه، لاستعادة نفوذهم. تأججت على الأثر مشاعرُ السخط والغضب في نفوس الأهالي، فعبّروا عنها بالخروج إلى الدروب والأسواق لشتم مورلي باشا والترحّم على أيام سلفه. النقمة على الباشا، كانت أكبر بين قادة الانكشارية في قلعة المدينة، بسبب مصرع رفيقهم آمر قلعة تبوك ضمن الملابسات المعلومة. فما لبثت الاضطرابات أن بدأت في دمشق، بتحريضٍ من تلك الأطراف، الناقمة على الوالي. كون هذا الأخير ما زال في طريق الإياب، فإنّ المشاغبين إتجهوا إلى السرايا، أين يقيم المتسلّم الذي ينوب عن الباشا في إدارة البلد. لما علموا بهروب الرجل، استهدفوا هذه المرة حارات النصارى واليهود، بدَعوى أن ساكنيها فرحوا وشمتوا بما حصل للمحمل الشريف على يد أعراب الحجاز.الأمور كانت على هذه الحال، عندما دخلنا محروسة الشام ضمنَ موكب الوالي. هذا، خطط للوصول إلى المدينة في ساعة متأخرة من الليل، عقبَ سماعه بحال الفوضى والاضطراب فيها خلال الأيام الأخيرة. وكان قد علمَ أيضاً، أن المتسلّم عجز عن تأمين الأمن في البلد وتركها هارباً إلى جهةٍ مجهولة. عقبَ دخول الباشا إلى قصره، أسرع بارسال كتبٍ إلى قادة الوجاقات، لمحاولة استمالتهم إلى صفه بمواجهة الخصم المشترك؛ الانكشارية. هذا ما علمته من الطواشي، وكان قد حضر إليّ في مساء اليوم التالي صُحبة صديقنا برو. أتى حكيم كي يودّعني، كونه توقّعَ عودة مولاته إلى تخت السلطنة عن طريق البحر في يوم الغد أو بعده على أرجح تقدير. " لن ينتفع الباشا بشيءٍ من هذا التدبير، لأن مصيره سيتحدد هناك في الباب العالي "، علّقتُ على معلومة حكيم. أيّدني هوَ الرأيَ، وزادَ بأن السلطان ربما يأمر بقطع رأسه. ثم عرّجنا على معلومة أخرى، تتحدث عن احتمال تورّط الوالي السابق بأمر هجوم الأعراب على قافلة الحج علاوة على أصابعه فيما تشهده الشامُ من الاضطرابات والفوضى. في المقابل، بقيَ برو ملتزماً بالصمت وعلى عينيه غشاوة شفافة من الأسى. كان واضحاً حزنه، غبَّ سماعه عزم السلطانة العودة إلى مسقط رأسها؛ برغم أنّ ذلك أمرٌ بديهيّ ومتوقّع. ما أسرعَ أن حَوّل مجرى الحديث، بسؤاله الطواشيّ: " ألم تُعرب لك مولاتك عن رغبتها بلقائي، على الأقل من أجل الاستخارة في شأن سفرها بحراً إلى الأستانة؟ "" لا، لم تفعل ذلك. إنها لم تكد ترتاح مما كابدته في خلال رحلة الصحراء، المشئومة "، ردّ حكيم. قال برو، وكانت نظرته هذه المرة تأتلق ببارقة الأمل: " لعلها لا تسافر قريباً، لحين استعادتها نفسها ". عندئذٍ، تلاقت أعيننا أنا والطواشي بنظرةٍ باسمة. تركناه على ذلك الرجاء، وعُدنا للمداولة فيما تشهده البلد من أحداث. على حين فجأة، تذكّرتُ صديقي باسيل، وذلك على خلفيّة خبر الهجوم الأخير على حي النصارى. خادمي، سبقَ أن أعلمني بأن ذلك الحي ما فتأ محاصراً من قبل الزرب وبعض الجهلة المتزمتين. فاقترحتُ على برو الذهابَ لاحضار صديقنا، بالنظر لتأثيره المعلوم على العامّة. تحرّك على الأثر حكيم من مجلسه، وما عتمَ أن قال بأن وقت عودته إلى القصر قد أزفت. ودّعته بالعناق والتمنيات بالسفر الآمن، فيما ظل برو مطرقاً برأسه. قال صديقنا لهذا الأخير: " سأخبرُ مولاتنا، ولا ريب، ما لو شاءت ال ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الخامس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=702095
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1لم يكن من المتوقّع وصولُ خبر هجوم الأعراب على المحمل الشريف بسرعة إلى حاضرة السلطنة، كون البريد من الحجاز يتأخر كثيراً. لكن الخبرَ وصلَ، بطريقةٍ ما، إلى دمشق الشام وذلك قبل أيام من عودتنا إليها ضمن موكب الوالي. وقعَ الخبرُ كالصاعقة على المدينة، بالأخص تفاصيل السلب والاستباحة، التي تم اللوك بها والزيادة عليها من لدُن أعوان سعدو باشا؛ وكان هؤلاء يعوّلون على إعادته لمنصبه، لاستعادة نفوذهم. تأججت على الأثر مشاعرُ السخط والغضب في نفوس الأهالي، فعبّروا عنها بالخروج إلى الدروب والأسواق لشتم مورلي باشا والترحّم على أيام سلفه. النقمة على الباشا، كانت أكبر بين قادة الانكشارية في قلعة المدينة، بسبب مصرع رفيقهم آمر قلعة تبوك ضمن الملابسات المعلومة. فما لبثت الاضطرابات أن بدأت في دمشق، بتحريضٍ من تلك الأطراف، الناقمة على الوالي. كون هذا الأخير ما زال في طريق الإياب، فإنّ المشاغبين إتجهوا إلى السرايا، أين يقيم المتسلّم الذي ينوب عن الباشا في إدارة البلد. لما علموا بهروب الرجل، استهدفوا هذه المرة حارات النصارى واليهود، بدَعوى أن ساكنيها فرحوا وشمتوا بما حصل للمحمل الشريف على يد أعراب الحجاز.الأمور كانت على هذه الحال، عندما دخلنا محروسة الشام ضمنَ موكب الوالي. هذا، خطط للوصول إلى المدينة في ساعة متأخرة من الليل، عقبَ سماعه بحال الفوضى والاضطراب فيها خلال الأيام الأخيرة. وكان قد علمَ أيضاً، أن المتسلّم عجز عن تأمين الأمن في البلد وتركها هارباً إلى جهةٍ مجهولة. عقبَ دخول الباشا إلى قصره، أسرع بارسال كتبٍ إلى قادة الوجاقات، لمحاولة استمالتهم إلى صفه بمواجهة الخصم المشترك؛ الانكشارية. هذا ما علمته من الطواشي، وكان قد حضر إليّ في مساء اليوم التالي صُحبة صديقنا برو. أتى حكيم كي يودّعني، كونه توقّعَ عودة مولاته إلى تخت السلطنة عن طريق البحر في يوم الغد أو بعده على أرجح تقدير. " لن ينتفع الباشا بشيءٍ من هذا التدبير، لأن مصيره سيتحدد هناك في الباب العالي "، علّقتُ على معلومة حكيم. أيّدني هوَ الرأيَ، وزادَ بأن السلطان ربما يأمر بقطع رأسه. ثم عرّجنا على معلومة أخرى، تتحدث عن احتمال تورّط الوالي السابق بأمر هجوم الأعراب على قافلة الحج علاوة على أصابعه فيما تشهده الشامُ من الاضطرابات والفوضى. في المقابل، بقيَ برو ملتزماً بالصمت وعلى عينيه غشاوة شفافة من الأسى. كان واضحاً حزنه، غبَّ سماعه عزم السلطانة العودة إلى مسقط رأسها؛ برغم أنّ ذلك أمرٌ بديهيّ ومتوقّع. ما أسرعَ أن حَوّل مجرى الحديث، بسؤاله الطواشيّ: " ألم تُعرب لك مولاتك عن رغبتها بلقائي، على الأقل من أجل الاستخارة في شأن سفرها بحراً إلى الأستانة؟ "" لا، لم تفعل ذلك. إنها لم تكد ترتاح مما كابدته في خلال رحلة الصحراء، المشئومة "، ردّ حكيم. قال برو، وكانت نظرته هذه المرة تأتلق ببارقة الأمل: " لعلها لا تسافر قريباً، لحين استعادتها نفسها ". عندئذٍ، تلاقت أعيننا أنا والطواشي بنظرةٍ باسمة. تركناه على ذلك الرجاء، وعُدنا للمداولة فيما تشهده البلد من أحداث. على حين فجأة، تذكّرتُ صديقي باسيل، وذلك على خلفيّة خبر الهجوم الأخير على حي النصارى. خادمي، سبقَ أن أعلمني بأن ذلك الحي ما فتأ محاصراً من قبل الزرب وبعض الجهلة المتزمتين. فاقترحتُ على برو الذهابَ لاحضار صديقنا، بالنظر لتأثيره المعلوم على العامّة. تحرّك على الأثر حكيم من مجلسه، وما عتمَ أن قال بأن وقت عودته إلى القصر قد أزفت. ودّعته بالعناق والتمنيات بالسفر الآمن، فيما ظل برو مطرقاً برأسه. قال صديقنا لهذا الأخير: " سأخبرُ مولاتنا، ولا ريب، ما لو شاءت ال ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الخامس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=702095
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج الخامس
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج السادس
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1 شمسُ الصيف اللاسعة، جعلت الأشجارَ تلوحُ سقيمةً ومتهدلة الأغصان. لكن الحرارة المرتفعة لم تمنع الخلقَ من التجمهر على طول الطرقات، المفضية إلى سرايا الدولة. كنا في اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك، الموافق للعاشر من ذي الحجة. موكبٌ كبير، يتألّف من مختلف الطرق الصوفية، كان يسير باتجاه قصر الوالي، بخرقه الملونة وطبوله ومزاميره، فيما الرايات تخفق فوق رؤوس أفراده العارية وأسمالهم الخَلِقة. في مقدمة الموكب، مشى عددٌ من حاملي مجامر الند والبخور، يطلقون نداءً يحيّ رب العالمين، فيُردد صداه بقية الموكب. النداءُ، المترافق مع طرق الطبول والدفوف وألحان المزامير، جعل الحماسة تدبّ في الخلق المتجمهرين، بالأخص حينَ عمد بعضُ الصوفيين إلى عرض قواهم الخارقة؛ من قبيل الدوس على الجمر المشتعل بالأقدام الحافية أو بغرز السيخ في الخصر ليخرج من الجنب. هذه المواكب المحتفلة، كانت تلاقي استهجانَ المتزمتين، لكنهم اعتادوا عليها منذ عهد أسعد باشا. خَلَفُهُ على رأس الولاية، مورلي باشا، لعله شجّع هذا العام احتفالَ العيد بطريقة صاخبة كي يُلهي الأهالي عن ذكر واقعة المحمل الشريف. لقد فكّرتُ بأسى يومئذٍ، أنني كنتُ الآنَ مع الحجّاج، أطوف حول الكعبة المشرّفة، لولا إعتراض قافلتنا من قبل الأعراب. إذاً مضى نحو شهر على عودتنا من منتصف الطريق إلى الحجاز، وكان شهراً حافلاً بالأقاويل على لسان الجميع، المترقبين خبراً مهماً من جانب الأستانة. أخيراً حضرَ الصدرُ الأعظم، المدعو شتجي باشا الدياربكرلي، يجر في أذياله جيشاً جراراً. كونه جعل حلب مكانَ تجمّعٍ للعساكر، القادمة من مختلف الولايات، فإنه وليَ على المدينة لفترة قصيرة. في الأثناء، قدم وفدٌ من ناحية شاه العجم، للتفاوض حول سبايا فارسيات كن قد وقعن بالأسر أثناء قيام الصدر الأعظم بحملة في أطراف البلاد العراقية. ثمانية فيلة، كانوا من بين الهدايا، التي أحضرها الأعاجمُ معهم وذلك على سبيل الصداقة وتسهيل الأمور. لاحقاً، عندما تحرّك شتجي باشا باتجاه الشام، جعل الفيلة في مقدمة موكبه. وما لبثت هذه الحيوانات الغريبة أن ظهرت في موكب العيد، وكان أهالي الشام يرونها للمرة الأولى. كانت فيلة مدربة، يأمرها الرجال الأعاجمُ المتولون شئونها بمد خراطيمها كي يصافحها الأطفالُ، الذين جاؤوا مع آبائهم للاحتفال بالعيد ومشاهدة الموكب.سألتُ باسيل، الذي جاء إلى منزلي كي يهنئني بالعيد: " هل حصلت تجاوزاتٌ من قبل العسكر، المرافق للوزير؟ ". كنت في هذا اليوم معفياً من الخدمة في الديوان، وبالأمس شاركتُ مع زملائي بتهنئة الوالي. كوني مسئولاً عن المراسلات، علمتُ قبل الجميع بخبر قدوم شتجي باشا إلى المدينة بهدف التحضير لحملة تأديب الأعراب. القوات، المجلوبة مع الوزير، كان غالبيتها يتألف من السباهية [ أي الفرسان ـ ملاحظة المدقق ]، وهؤلاء معروفون بالميل إلى الاعتداء على الحريم والسلب والنهب.قال لي باسيل، رداً على سؤالي: " لم يقترب عسكر الوزير من حينا، وربما سبقَ وشدّدَ عليهم بالتزام الانضباط وعدم التعرّض للناس حتى لو كانوا من النصارى واليهود والمتاولة ". لقد لاحظتُ بنفسي ذلك الانضباط، حينَ ذهبتُ صباحاً لمشاهدة موكب الاحتفال بالعيد. لكن صديقي النصرانيّ لم يجرؤ على الذهاب، كذلك لم أرَ أحداً من أبناء ملّته في مكان سير الموكب. مع أنني وغيري من المسلمين، نهرع أحياناً لمشاهدة مواكب النصارى في أعيادهم، وكان يُسمح بها لو وصل فرمان بذلك من جهة الباب العالي. هذا الأخير، كان سماحه مشروطاً بحُسن علاقته مع الدولة الأوروبية، المعتبرة حامية لطائفة معينة من النصارى. هكذا كنتَ ترى الم ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#السادس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=702424
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1 شمسُ الصيف اللاسعة، جعلت الأشجارَ تلوحُ سقيمةً ومتهدلة الأغصان. لكن الحرارة المرتفعة لم تمنع الخلقَ من التجمهر على طول الطرقات، المفضية إلى سرايا الدولة. كنا في اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك، الموافق للعاشر من ذي الحجة. موكبٌ كبير، يتألّف من مختلف الطرق الصوفية، كان يسير باتجاه قصر الوالي، بخرقه الملونة وطبوله ومزاميره، فيما الرايات تخفق فوق رؤوس أفراده العارية وأسمالهم الخَلِقة. في مقدمة الموكب، مشى عددٌ من حاملي مجامر الند والبخور، يطلقون نداءً يحيّ رب العالمين، فيُردد صداه بقية الموكب. النداءُ، المترافق مع طرق الطبول والدفوف وألحان المزامير، جعل الحماسة تدبّ في الخلق المتجمهرين، بالأخص حينَ عمد بعضُ الصوفيين إلى عرض قواهم الخارقة؛ من قبيل الدوس على الجمر المشتعل بالأقدام الحافية أو بغرز السيخ في الخصر ليخرج من الجنب. هذه المواكب المحتفلة، كانت تلاقي استهجانَ المتزمتين، لكنهم اعتادوا عليها منذ عهد أسعد باشا. خَلَفُهُ على رأس الولاية، مورلي باشا، لعله شجّع هذا العام احتفالَ العيد بطريقة صاخبة كي يُلهي الأهالي عن ذكر واقعة المحمل الشريف. لقد فكّرتُ بأسى يومئذٍ، أنني كنتُ الآنَ مع الحجّاج، أطوف حول الكعبة المشرّفة، لولا إعتراض قافلتنا من قبل الأعراب. إذاً مضى نحو شهر على عودتنا من منتصف الطريق إلى الحجاز، وكان شهراً حافلاً بالأقاويل على لسان الجميع، المترقبين خبراً مهماً من جانب الأستانة. أخيراً حضرَ الصدرُ الأعظم، المدعو شتجي باشا الدياربكرلي، يجر في أذياله جيشاً جراراً. كونه جعل حلب مكانَ تجمّعٍ للعساكر، القادمة من مختلف الولايات، فإنه وليَ على المدينة لفترة قصيرة. في الأثناء، قدم وفدٌ من ناحية شاه العجم، للتفاوض حول سبايا فارسيات كن قد وقعن بالأسر أثناء قيام الصدر الأعظم بحملة في أطراف البلاد العراقية. ثمانية فيلة، كانوا من بين الهدايا، التي أحضرها الأعاجمُ معهم وذلك على سبيل الصداقة وتسهيل الأمور. لاحقاً، عندما تحرّك شتجي باشا باتجاه الشام، جعل الفيلة في مقدمة موكبه. وما لبثت هذه الحيوانات الغريبة أن ظهرت في موكب العيد، وكان أهالي الشام يرونها للمرة الأولى. كانت فيلة مدربة، يأمرها الرجال الأعاجمُ المتولون شئونها بمد خراطيمها كي يصافحها الأطفالُ، الذين جاؤوا مع آبائهم للاحتفال بالعيد ومشاهدة الموكب.سألتُ باسيل، الذي جاء إلى منزلي كي يهنئني بالعيد: " هل حصلت تجاوزاتٌ من قبل العسكر، المرافق للوزير؟ ". كنت في هذا اليوم معفياً من الخدمة في الديوان، وبالأمس شاركتُ مع زملائي بتهنئة الوالي. كوني مسئولاً عن المراسلات، علمتُ قبل الجميع بخبر قدوم شتجي باشا إلى المدينة بهدف التحضير لحملة تأديب الأعراب. القوات، المجلوبة مع الوزير، كان غالبيتها يتألف من السباهية [ أي الفرسان ـ ملاحظة المدقق ]، وهؤلاء معروفون بالميل إلى الاعتداء على الحريم والسلب والنهب.قال لي باسيل، رداً على سؤالي: " لم يقترب عسكر الوزير من حينا، وربما سبقَ وشدّدَ عليهم بالتزام الانضباط وعدم التعرّض للناس حتى لو كانوا من النصارى واليهود والمتاولة ". لقد لاحظتُ بنفسي ذلك الانضباط، حينَ ذهبتُ صباحاً لمشاهدة موكب الاحتفال بالعيد. لكن صديقي النصرانيّ لم يجرؤ على الذهاب، كذلك لم أرَ أحداً من أبناء ملّته في مكان سير الموكب. مع أنني وغيري من المسلمين، نهرع أحياناً لمشاهدة مواكب النصارى في أعيادهم، وكان يُسمح بها لو وصل فرمان بذلك من جهة الباب العالي. هذا الأخير، كان سماحه مشروطاً بحُسن علاقته مع الدولة الأوروبية، المعتبرة حامية لطائفة معينة من النصارى. هكذا كنتَ ترى الم ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#السادس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=702424
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج السادس
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج السابع
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الخالقُ، شاءَ أن أُختبرَ في الصيف بشهود مذبحة الأعراب على يد شتجي باشا، وكان هؤلاء قد قاموا في ربيع العام نفسه بمذبحة للحجّاج أثناء قطع طريق المحمل الشريف. ما لم يكن بالحسبان، أن أكون شاهداً على مذبحة جديدة؛ لكنّ مرتكبها، بقيَ مجهولاً وطليقاً. مبتدأ الأمر، كان في أواخر خريف ذلك العام المشئوم، لما تداول الخلقُ أقاويلَ عن جثة شابٍ وجدت طافية في فرع نهر بردى، المار بجانب أسوار القلعة. وكان واضحاً أنّ الشاب طُعن بأداة حادّة، خنجر أو مدية. كان من الممكن أن يكون ذلك خبراً عابراً، لولا أنّ مزيداً من جثث الشبان ستُكتشف في أوقات مختلفة من الخريف وبنفس الطريقة. جميعهم تقريباً كانوا من عائلات مُعتَبرة، تقيم في المدينة القديمة، ولم يكونوا متزوجين. كوني أعملُ في الديوان، حضرتُ أكثر من مرة مداولاتِ الباشا بشأن أولئك الضحايا. الاجراءُ العمليّ الوحيد، المتخذ من قبل السلطات، كان الأمر بعدم خروج أحد ليلاً دونَ سراج. أقتصرَ الأمرُ على المدينة القديمة، بافتراض أن القتلى تعرضوا أيضاً للسرقة. ولأن القاتلَ يسرحُ مطمئناً في عتمة المدينة، فإنني ولا غرو صرتُ أكثر حذراً عندما أتجه لزيارة صديقي برو في حي القيمرية. يتعيّن أيضاً القول، أنني لم أعُد أدعى لحضور مجلس الأشراف في منزل كبير ذلك الحي، وذلك بسبب حساسية وظيفتي. آخر مناسبة جمعتني بالأشراف، لما حضروا إلى القصر كي يهنئوا الوالي بعيد الأضحى المبارك. كذلك، شاهدتهم عن بُعد في أوان توديعهم لحملة شتجي باشا؛ وكنتُ، مثلما تعلمون، من جملة حاشيته. لقد سبقَ وتركتُ قائدَ الحملة في الحجاز، وكان يتهيأ للعودة إلى دمشق مسبوقاً ببشائر النصر. لكن تصرف عسكره لدى وصوله إلى المدينة، كان شائناً، ولم يختلف كثيراً عما فعله البدو بالحجاج رجالاً ونساءً. قيل في تفسير ذلك، أنّ السباهية كانوا يأملون بالحصول على الغنائم عقبَ الانتصار في المعركة. وإذا بالمهزومين كانوا قد احتاطوا للأمر، بان نقلوا الغالي والنفيس إلى أماكن بعيدة في أعماق الصحراء. برغم ما تعرض له أسرى الأعراب من تعذيب، لم يقرّوا سوى على بعض أموالهم وذهبهم، المسلوب أساساً من حجّاج المحمل الشريف. على أي حال، لم يبقَ العسكرُ سوى فترة قصيرة في دمشق، ثم رافقَ الوزيرَ حينَ عاد إلى الأناضول. مضيتُ ذاتَ مساء للقاء ربيب الأحاجي، وكان برفقتي صديقنا النصرانيّ. الخادم، بمجرد علمه بنيّتي الذهاب إلى المدينة القديمة، ذهبَ من تلقاء نفسه لإحضار كرّوسة [ أي عربة مشدودة بالخيل ـ ملاحظة المحقق ]. فوجئتُ بتصرفه، ولا غرو، لكنني ركبت مع ذلك. لما أراد باسيل أن ياخذ مكانه بالقرب مني، إذا بالحوذيّ يأمره بالنزول قائلاً: " لا يُمكنني حملَ شخصٍ نصرانيّ، لأنه مخالف للتعليمات ". استنكرتُ كلامَ الرجل، وذكّرته بأن أوامر المنع تخص امتطاء الخيل لا العربات. رد الحوذيّ ببساطة: " لا فرقَ، لأنّ الخيلَ هي التي تقود العربات! ". صاح به خادمي: " يا هذا، إن من تتكلم معه هوَ من أركان ديوان الوالي ". أمام إصرار الحوذيّ، نزلتُ من عربته وقمتُ بصرفه. عاد خادمي هذه المرة وهوَ يحملُ قنديلاً مُناراً، فسلّمني إياه، مُذكّراً بقانون آخر من لدُن الوالي.لعلني تكلمتُ من قبل عن وضع أهل الكتاب، والفرمانات القاضية بتمييز ملابسهم بألوان خاصة. لكنهم مُنعوا أيضاً من ركوب الخيل، وكان بمقدورهم فقط استخدام الحمير والبغال في التنقل. لكي يُحط من قدرهم أكثر، كان لزاماً عليهم أن يجعلوا بوابات منازلهم واطئة كي يحنوا رؤوسهم عند الدخول والخروج؛ وكذلك الأمر بشأن بوابات الكنائس والأديرة. لقد حصلَ موقفٌ ذات مرة، كان طريفاً ومحزناً في آنٍ معا ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#السابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=703553
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الخالقُ، شاءَ أن أُختبرَ في الصيف بشهود مذبحة الأعراب على يد شتجي باشا، وكان هؤلاء قد قاموا في ربيع العام نفسه بمذبحة للحجّاج أثناء قطع طريق المحمل الشريف. ما لم يكن بالحسبان، أن أكون شاهداً على مذبحة جديدة؛ لكنّ مرتكبها، بقيَ مجهولاً وطليقاً. مبتدأ الأمر، كان في أواخر خريف ذلك العام المشئوم، لما تداول الخلقُ أقاويلَ عن جثة شابٍ وجدت طافية في فرع نهر بردى، المار بجانب أسوار القلعة. وكان واضحاً أنّ الشاب طُعن بأداة حادّة، خنجر أو مدية. كان من الممكن أن يكون ذلك خبراً عابراً، لولا أنّ مزيداً من جثث الشبان ستُكتشف في أوقات مختلفة من الخريف وبنفس الطريقة. جميعهم تقريباً كانوا من عائلات مُعتَبرة، تقيم في المدينة القديمة، ولم يكونوا متزوجين. كوني أعملُ في الديوان، حضرتُ أكثر من مرة مداولاتِ الباشا بشأن أولئك الضحايا. الاجراءُ العمليّ الوحيد، المتخذ من قبل السلطات، كان الأمر بعدم خروج أحد ليلاً دونَ سراج. أقتصرَ الأمرُ على المدينة القديمة، بافتراض أن القتلى تعرضوا أيضاً للسرقة. ولأن القاتلَ يسرحُ مطمئناً في عتمة المدينة، فإنني ولا غرو صرتُ أكثر حذراً عندما أتجه لزيارة صديقي برو في حي القيمرية. يتعيّن أيضاً القول، أنني لم أعُد أدعى لحضور مجلس الأشراف في منزل كبير ذلك الحي، وذلك بسبب حساسية وظيفتي. آخر مناسبة جمعتني بالأشراف، لما حضروا إلى القصر كي يهنئوا الوالي بعيد الأضحى المبارك. كذلك، شاهدتهم عن بُعد في أوان توديعهم لحملة شتجي باشا؛ وكنتُ، مثلما تعلمون، من جملة حاشيته. لقد سبقَ وتركتُ قائدَ الحملة في الحجاز، وكان يتهيأ للعودة إلى دمشق مسبوقاً ببشائر النصر. لكن تصرف عسكره لدى وصوله إلى المدينة، كان شائناً، ولم يختلف كثيراً عما فعله البدو بالحجاج رجالاً ونساءً. قيل في تفسير ذلك، أنّ السباهية كانوا يأملون بالحصول على الغنائم عقبَ الانتصار في المعركة. وإذا بالمهزومين كانوا قد احتاطوا للأمر، بان نقلوا الغالي والنفيس إلى أماكن بعيدة في أعماق الصحراء. برغم ما تعرض له أسرى الأعراب من تعذيب، لم يقرّوا سوى على بعض أموالهم وذهبهم، المسلوب أساساً من حجّاج المحمل الشريف. على أي حال، لم يبقَ العسكرُ سوى فترة قصيرة في دمشق، ثم رافقَ الوزيرَ حينَ عاد إلى الأناضول. مضيتُ ذاتَ مساء للقاء ربيب الأحاجي، وكان برفقتي صديقنا النصرانيّ. الخادم، بمجرد علمه بنيّتي الذهاب إلى المدينة القديمة، ذهبَ من تلقاء نفسه لإحضار كرّوسة [ أي عربة مشدودة بالخيل ـ ملاحظة المحقق ]. فوجئتُ بتصرفه، ولا غرو، لكنني ركبت مع ذلك. لما أراد باسيل أن ياخذ مكانه بالقرب مني، إذا بالحوذيّ يأمره بالنزول قائلاً: " لا يُمكنني حملَ شخصٍ نصرانيّ، لأنه مخالف للتعليمات ". استنكرتُ كلامَ الرجل، وذكّرته بأن أوامر المنع تخص امتطاء الخيل لا العربات. رد الحوذيّ ببساطة: " لا فرقَ، لأنّ الخيلَ هي التي تقود العربات! ". صاح به خادمي: " يا هذا، إن من تتكلم معه هوَ من أركان ديوان الوالي ". أمام إصرار الحوذيّ، نزلتُ من عربته وقمتُ بصرفه. عاد خادمي هذه المرة وهوَ يحملُ قنديلاً مُناراً، فسلّمني إياه، مُذكّراً بقانون آخر من لدُن الوالي.لعلني تكلمتُ من قبل عن وضع أهل الكتاب، والفرمانات القاضية بتمييز ملابسهم بألوان خاصة. لكنهم مُنعوا أيضاً من ركوب الخيل، وكان بمقدورهم فقط استخدام الحمير والبغال في التنقل. لكي يُحط من قدرهم أكثر، كان لزاماً عليهم أن يجعلوا بوابات منازلهم واطئة كي يحنوا رؤوسهم عند الدخول والخروج؛ وكذلك الأمر بشأن بوابات الكنائس والأديرة. لقد حصلَ موقفٌ ذات مرة، كان طريفاً ومحزناً في آنٍ معا ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#السابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=703553
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج السابع
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثامن
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1غروب الشمس، كان من اللحظات السعيدة عند الولد حكيم. إنه يعني الخلود إلى الراحة، عقبَ نهارٍ من الكدّ في الحقول والزرائب؛ نهار، يستهله عادةً الأهلُ مع أولى لمسات الفجر على موجودات المكان. عندئذٍ، كان يمكنه أيضاً رؤية زوارق الصيد، العائدة مع غلالها عبرَ مياه النيل، التي كانت ما تفتأ مذهّبة بفعل أشعة الشمس. بدَورهم، يرجع الرعاةُ مع القطيع، ليتسلمه منهم المشرفون على الرائب وذلك بعدما يقومون بعدّ المواشي. إنه يقوم أحياناً بمهمّة الراعي لأغنام المنزل، وكانت تسرّه عمليةُ حشرها في الزريبة، لكي تقضي الليل مستلقية على مفارش التبن ذات الرائحة الحرّيفة. هكذا كان يُختتم النهار في هذه القرية، المتمددة على الشريط الأخضر للبساتين والنخيل، العاقدة صداقة أزلية مع كلّ من النهر والصحراء. آنذاك، كان حكيم في العاشرة من عُمره؛ صبياً صحيح البنية، لونه النحاسيّ مستمدّ من والدته النوبية. حتى ذلك الوقت، كان وحيد الأسرة، وذلك بسبب رحيل عدد من الأخوة بأمراض الطفولة. لكنه لما عاد إلى القرية شاباً، غبَّ انتزاعه منها قسراً، وجد أن والديه رزقا بولد كان في صحة جيدة بحيث ملأ فراغ حياتهما. انتزاعه من القرية، جدَّ عندما مرّ منها ذت يوم موكبٌ على جانب من الفخامة، يحملُ أعياناً من القاهرة ـ كما سيعلمُ لاحقاً. كانوا قد حضروا في مركب كبير، لقضاء الوقت في الصيد والنزهة. لسوء حظ الصبيّ، أنه كان في ذلك النهار وحيداً، يضربُ على غير هُدى عند ضفاف النهر، كما هيَ عادته حينَ يكون بلا عمل يشغل به وقته. انتبه لنظرة أحد أولئك الأعيان، ومن ثم إشارة إلى الخدم سددت نحوه، ما جعله يركن للفرار باتجاه المنزل. لكن الخدم لحقوا به سريعاً وأمسكوه، ليعيدوه إلى سيّدهم. ما جرى بعدئذٍ كان فظيعاً، وسيظل راسخاً في أعماق حكيم: ثمة عند ضفة النهر، كشفوا عن خصيتيه ثم لفوا حولهما وتداً رفيعاً. الألم الهائل، جعله يسقط مغشياً عليه. لما أفاقَ، كان المركبُ يمخر صفحة المياه، المنعكس عليها ذيولُ أشعة الشمس.الأعوام العشرة التالية، لم يكن فيها أحداثٌ على جانب من الأهمية. لكن حكيم حظيَ بالعيش في قصر معتبر بمركز الولاية، وأول ما فعلوه معه أنهم ألحقوه بالدراسة مع أولاد الباشا. لاحقاً، عندما انتقل سيّده إلى الأستانة كي يدخل في ديوان السلطان، كان حكيم ما زال في خدمة الحريم. بقيَ كذلك ثلاثة أعوام أخرى، لحين سقوط رأس الباشا بسيف الجلّاد. على الأثر، نُقل هذه المرة إلى خدمة حريم الباب العالي، وهنالك تعرّفَ على بيهان سلطانة. هذه، برغم أنها تصغر حكيم ببضعة أعوام، كانت قد أضحت زوجةً للمرة الثالثة. أقام مع خاصّتها في قصر اللؤلؤ، المتصل مع قصر السلطان من خلال الحدائق والممرات السرية. عليه كان أن يتعلم استخدام تلك الممرات، وذلك في مهماتٍ متعددة الأغراض، متوافقة مع سبب تصميمها. لكن أجواء القصور كانت كلها على ذات الخطورة، مفعمة بالدسائس والحيل والمخططات الدموية. إنه نجيَ مراراً من المهالك، نتيجة صلته القوية بشقيقة سلطان الكون، الأثيرة، التي أسبغت عليه حمايتها. مع مبتدأ قصتنا، وجد حكيمُ نفسه ضمن حاشية السلطانة بيهان عندما قررت أداء فريضة الحج. كمألوف عادتها عندما تفضي إلى الطواشي بمكونات نفسها، اعترفت له وقتئذٍ أنّ ضميرها مثقلٌ بالذنوب. ولم يكن في حاجةٍ لمعرفة طبيعة ذنوبها، لأنه تورط أيضاً بها نتيجة دسائس أفضت أحياناً لازهاق أرواح بريئة. أحد أزواج السلطانة، كان من أولئك الضحايا، وكانت قد محضته منذ البداية الكراهية والنفور حتى أنها أشهرت عليه خنجراً في ليلة الدخلة. بيد أنها، في المقابل، كانت تعدّ نفسها ضحيةً أيضاً. لقد عجّلوا ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الثامن
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=704671
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1غروب الشمس، كان من اللحظات السعيدة عند الولد حكيم. إنه يعني الخلود إلى الراحة، عقبَ نهارٍ من الكدّ في الحقول والزرائب؛ نهار، يستهله عادةً الأهلُ مع أولى لمسات الفجر على موجودات المكان. عندئذٍ، كان يمكنه أيضاً رؤية زوارق الصيد، العائدة مع غلالها عبرَ مياه النيل، التي كانت ما تفتأ مذهّبة بفعل أشعة الشمس. بدَورهم، يرجع الرعاةُ مع القطيع، ليتسلمه منهم المشرفون على الرائب وذلك بعدما يقومون بعدّ المواشي. إنه يقوم أحياناً بمهمّة الراعي لأغنام المنزل، وكانت تسرّه عمليةُ حشرها في الزريبة، لكي تقضي الليل مستلقية على مفارش التبن ذات الرائحة الحرّيفة. هكذا كان يُختتم النهار في هذه القرية، المتمددة على الشريط الأخضر للبساتين والنخيل، العاقدة صداقة أزلية مع كلّ من النهر والصحراء. آنذاك، كان حكيم في العاشرة من عُمره؛ صبياً صحيح البنية، لونه النحاسيّ مستمدّ من والدته النوبية. حتى ذلك الوقت، كان وحيد الأسرة، وذلك بسبب رحيل عدد من الأخوة بأمراض الطفولة. لكنه لما عاد إلى القرية شاباً، غبَّ انتزاعه منها قسراً، وجد أن والديه رزقا بولد كان في صحة جيدة بحيث ملأ فراغ حياتهما. انتزاعه من القرية، جدَّ عندما مرّ منها ذت يوم موكبٌ على جانب من الفخامة، يحملُ أعياناً من القاهرة ـ كما سيعلمُ لاحقاً. كانوا قد حضروا في مركب كبير، لقضاء الوقت في الصيد والنزهة. لسوء حظ الصبيّ، أنه كان في ذلك النهار وحيداً، يضربُ على غير هُدى عند ضفاف النهر، كما هيَ عادته حينَ يكون بلا عمل يشغل به وقته. انتبه لنظرة أحد أولئك الأعيان، ومن ثم إشارة إلى الخدم سددت نحوه، ما جعله يركن للفرار باتجاه المنزل. لكن الخدم لحقوا به سريعاً وأمسكوه، ليعيدوه إلى سيّدهم. ما جرى بعدئذٍ كان فظيعاً، وسيظل راسخاً في أعماق حكيم: ثمة عند ضفة النهر، كشفوا عن خصيتيه ثم لفوا حولهما وتداً رفيعاً. الألم الهائل، جعله يسقط مغشياً عليه. لما أفاقَ، كان المركبُ يمخر صفحة المياه، المنعكس عليها ذيولُ أشعة الشمس.الأعوام العشرة التالية، لم يكن فيها أحداثٌ على جانب من الأهمية. لكن حكيم حظيَ بالعيش في قصر معتبر بمركز الولاية، وأول ما فعلوه معه أنهم ألحقوه بالدراسة مع أولاد الباشا. لاحقاً، عندما انتقل سيّده إلى الأستانة كي يدخل في ديوان السلطان، كان حكيم ما زال في خدمة الحريم. بقيَ كذلك ثلاثة أعوام أخرى، لحين سقوط رأس الباشا بسيف الجلّاد. على الأثر، نُقل هذه المرة إلى خدمة حريم الباب العالي، وهنالك تعرّفَ على بيهان سلطانة. هذه، برغم أنها تصغر حكيم ببضعة أعوام، كانت قد أضحت زوجةً للمرة الثالثة. أقام مع خاصّتها في قصر اللؤلؤ، المتصل مع قصر السلطان من خلال الحدائق والممرات السرية. عليه كان أن يتعلم استخدام تلك الممرات، وذلك في مهماتٍ متعددة الأغراض، متوافقة مع سبب تصميمها. لكن أجواء القصور كانت كلها على ذات الخطورة، مفعمة بالدسائس والحيل والمخططات الدموية. إنه نجيَ مراراً من المهالك، نتيجة صلته القوية بشقيقة سلطان الكون، الأثيرة، التي أسبغت عليه حمايتها. مع مبتدأ قصتنا، وجد حكيمُ نفسه ضمن حاشية السلطانة بيهان عندما قررت أداء فريضة الحج. كمألوف عادتها عندما تفضي إلى الطواشي بمكونات نفسها، اعترفت له وقتئذٍ أنّ ضميرها مثقلٌ بالذنوب. ولم يكن في حاجةٍ لمعرفة طبيعة ذنوبها، لأنه تورط أيضاً بها نتيجة دسائس أفضت أحياناً لازهاق أرواح بريئة. أحد أزواج السلطانة، كان من أولئك الضحايا، وكانت قد محضته منذ البداية الكراهية والنفور حتى أنها أشهرت عليه خنجراً في ليلة الدخلة. بيد أنها، في المقابل، كانت تعدّ نفسها ضحيةً أيضاً. لقد عجّلوا ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الثامن
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=704671
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثامن
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج التاسع
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1أكان الطواشي الراحلُ قد أفرغَ خزانةَ أسراره بين يديّ ربيب الأحاجي، الذي أخذ على عاتقه مهمّة المحقق على غرار بطل القصص، المؤلّفة في بلاد الفرنجة؟ لعلني كنتُ نادماً، لأنني لم أشارك بالتحقيق في تلك الليلة الحاسمة؛ ما فوّتَ عليّ معرفة سرّ السلطانة، المتكنّم عليه ولا شك عاشقها العملاقُ. لكنني لم أصرّ عليه بشأن ذلك الموضوع، خشيةَ أن يعدّني مثل خادمي، المأثور عنه الفضول واللجاجة. هنالك أيضاً مسألة أخرى، ولو أنها هامشية، أثارت انتباهي عقبَ سماعي إعترافات الطواشي على لسان مَن حقق معه، ألا وهيَ مسألة تأثير الأدب على الإنسان بحيث يُمكن أن يحدد مسار حياته ومصيره. وأعني تلك القصص، آنفة الذكر، وكان حكيم قد قرأها فيما مضى واستلهم من خلالها شخصية القاتل، الساعي ليلاً للإيقاع بالضحايا البريئة؛ كونه هوَ بالذات اعتبر نفسه ضحيةً مذ أن كان طفلاً لا عهد له بمظالم العالم، الكائن خارج قريته. وبلغ بي الاهتمام بالموضوع، أنني ناقشته مع باسيل، وكان حضر إلى منزلي مساءً عقبَ مرور يومين على كشفنا شخصية القاتل. بالطبع، جاء كي يستعلم ما لو كان الطواشي قد إعترفَ قبل موته بجرائمه. أهملتُ عندئذٍ ذكر العديد من التفاصيل، المتعلقة بالسلطانة، وذلك بناءً على نصيحة سابقة من صديقنا العاشق. قال لي باسيل، غبَّ فراغي من السرد: " لا يُعقل أن يقتل المرءُ شباناً أبرياء، بزعم أنه كان بنفسه ضحيةً بريئة، إلا لو كان في عقله لوثة. ثم إنه تعرّضَ لعملية إخصاء، ولم يُحكم بالموت مثلما فعل هوَ مع أولئك الشبان ". في قرار أعماقي، كنتُ ألوم ذاتي لأنني أخفيتُ عنه الخيط الرئيسي للأحداث، المتصل مع السلطانة. لكنها كانت رغبة صديقنا برو، وأنا وافقته على مضض. علّقتُ على كلام باسيل، بالقول: " ونحنُ بدَورنا حكمنا عليه بالموت، جزاء جرائمه ". ثم انتقلت لذلك الموضوع، الذي كان يشغل بالي: " عدا عن باعث القتل، الموسوم ـ وأنتَ لم تجده منطقياً ـ ثمة دافعٌ آخر، ذكرته أنا في سياق سردي لإعترافاته. إنه وقع تحتَ تأثير قراءته لعدد من القصص، المكتوبة بلغة البنادقة، وموضوعاتها تتمحور حول قاتل يرتكبُ عدد من الجرائم، لأسباب مختلفة في كل قصّةٍ ".قاطعني الضيفُ قائلاً: " هذا أيضاً، مبررٌ لا يقل إعتباطاً. وإلا فإن المفترض بكل من يقرأ قصة من ذلك النوع، أنه سيغدو بالضرورة قاتلاً. وأزيدك علماً، بأنني سبقَ وأطلعتُ على كتبٍ تتعرّض بالحديث عن الآداب في الدول الأوروبية؛ أو ما تسمونها بدول الإفرنجة الكفّار "، تبسّمَ عندئذٍ، ثم تابع: " هكذا كتب، تصنّفُ هناك في خانة تُدعى النقد الأدبيّ، وهيَ تبحث في أأنواع الكتابة وأغراضها. لن أسهب في الموضوع، بل أكتفي بالتنويه إلى أنّ الفن القصصي، إجمالاً، يهتم بتهذيب النفس البشرية من خلال تقديم حبكة تعتمد على الواقع ولو كانت من خيال مؤلّفها. فالقصة المتكفّلة عرض جريمة قتل، وهيَ ما تهمنا هنا، تنتهي دائماً بكشف المجرم وتقديمه إلى العدالة أو جعله يقع في شرّ أعماله "" ولكن العدالة، المتمثلة بالجندرمة، نجدها في القصة تتخلى عن مهامها لشخص المحقق، الذي يتولى التقصّي وتعقّب القاتل لحين لحظة الإيقاع به؟ "" نعم، وهذا الشخص يُسمى بطل القصة في ذلك النوع الأدبيّ، وهوَ مَن يشد القارئ ضمن ملابساتٍ تتسم بالإثارة حتى تحل عقدة الحبكة بكشف المجرم. فأن يكون المحقق من عامة الناس، وليسَ تابعاً للهيئة الرسمية، يجعله أكثر قبولاً واستساغة عند القارئ "" نحن الثلاثة، قمنا بهكذا مهمّة بعدما عجز أولو الأمر عن القيام بواجبهم. أليسَ صحيحاً؟ "، قلتها في شيءٍ من التباهي المُظهَّر بالدعابة. أجابني باسيل ضاحكاً: ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#التاسع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=705352
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1أكان الطواشي الراحلُ قد أفرغَ خزانةَ أسراره بين يديّ ربيب الأحاجي، الذي أخذ على عاتقه مهمّة المحقق على غرار بطل القصص، المؤلّفة في بلاد الفرنجة؟ لعلني كنتُ نادماً، لأنني لم أشارك بالتحقيق في تلك الليلة الحاسمة؛ ما فوّتَ عليّ معرفة سرّ السلطانة، المتكنّم عليه ولا شك عاشقها العملاقُ. لكنني لم أصرّ عليه بشأن ذلك الموضوع، خشيةَ أن يعدّني مثل خادمي، المأثور عنه الفضول واللجاجة. هنالك أيضاً مسألة أخرى، ولو أنها هامشية، أثارت انتباهي عقبَ سماعي إعترافات الطواشي على لسان مَن حقق معه، ألا وهيَ مسألة تأثير الأدب على الإنسان بحيث يُمكن أن يحدد مسار حياته ومصيره. وأعني تلك القصص، آنفة الذكر، وكان حكيم قد قرأها فيما مضى واستلهم من خلالها شخصية القاتل، الساعي ليلاً للإيقاع بالضحايا البريئة؛ كونه هوَ بالذات اعتبر نفسه ضحيةً مذ أن كان طفلاً لا عهد له بمظالم العالم، الكائن خارج قريته. وبلغ بي الاهتمام بالموضوع، أنني ناقشته مع باسيل، وكان حضر إلى منزلي مساءً عقبَ مرور يومين على كشفنا شخصية القاتل. بالطبع، جاء كي يستعلم ما لو كان الطواشي قد إعترفَ قبل موته بجرائمه. أهملتُ عندئذٍ ذكر العديد من التفاصيل، المتعلقة بالسلطانة، وذلك بناءً على نصيحة سابقة من صديقنا العاشق. قال لي باسيل، غبَّ فراغي من السرد: " لا يُعقل أن يقتل المرءُ شباناً أبرياء، بزعم أنه كان بنفسه ضحيةً بريئة، إلا لو كان في عقله لوثة. ثم إنه تعرّضَ لعملية إخصاء، ولم يُحكم بالموت مثلما فعل هوَ مع أولئك الشبان ". في قرار أعماقي، كنتُ ألوم ذاتي لأنني أخفيتُ عنه الخيط الرئيسي للأحداث، المتصل مع السلطانة. لكنها كانت رغبة صديقنا برو، وأنا وافقته على مضض. علّقتُ على كلام باسيل، بالقول: " ونحنُ بدَورنا حكمنا عليه بالموت، جزاء جرائمه ". ثم انتقلت لذلك الموضوع، الذي كان يشغل بالي: " عدا عن باعث القتل، الموسوم ـ وأنتَ لم تجده منطقياً ـ ثمة دافعٌ آخر، ذكرته أنا في سياق سردي لإعترافاته. إنه وقع تحتَ تأثير قراءته لعدد من القصص، المكتوبة بلغة البنادقة، وموضوعاتها تتمحور حول قاتل يرتكبُ عدد من الجرائم، لأسباب مختلفة في كل قصّةٍ ".قاطعني الضيفُ قائلاً: " هذا أيضاً، مبررٌ لا يقل إعتباطاً. وإلا فإن المفترض بكل من يقرأ قصة من ذلك النوع، أنه سيغدو بالضرورة قاتلاً. وأزيدك علماً، بأنني سبقَ وأطلعتُ على كتبٍ تتعرّض بالحديث عن الآداب في الدول الأوروبية؛ أو ما تسمونها بدول الإفرنجة الكفّار "، تبسّمَ عندئذٍ، ثم تابع: " هكذا كتب، تصنّفُ هناك في خانة تُدعى النقد الأدبيّ، وهيَ تبحث في أأنواع الكتابة وأغراضها. لن أسهب في الموضوع، بل أكتفي بالتنويه إلى أنّ الفن القصصي، إجمالاً، يهتم بتهذيب النفس البشرية من خلال تقديم حبكة تعتمد على الواقع ولو كانت من خيال مؤلّفها. فالقصة المتكفّلة عرض جريمة قتل، وهيَ ما تهمنا هنا، تنتهي دائماً بكشف المجرم وتقديمه إلى العدالة أو جعله يقع في شرّ أعماله "" ولكن العدالة، المتمثلة بالجندرمة، نجدها في القصة تتخلى عن مهامها لشخص المحقق، الذي يتولى التقصّي وتعقّب القاتل لحين لحظة الإيقاع به؟ "" نعم، وهذا الشخص يُسمى بطل القصة في ذلك النوع الأدبيّ، وهوَ مَن يشد القارئ ضمن ملابساتٍ تتسم بالإثارة حتى تحل عقدة الحبكة بكشف المجرم. فأن يكون المحقق من عامة الناس، وليسَ تابعاً للهيئة الرسمية، يجعله أكثر قبولاً واستساغة عند القارئ "" نحن الثلاثة، قمنا بهكذا مهمّة بعدما عجز أولو الأمر عن القيام بواجبهم. أليسَ صحيحاً؟ "، قلتها في شيءٍ من التباهي المُظهَّر بالدعابة. أجابني باسيل ضاحكاً: ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#التاسع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=705352
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج التاسع
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج العاشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1برغم ما يحيطها من الجواري، علاوة على الوجود الدائم للطواشي، فإن بيهان سلطانة كانت تشعر بالوحدة والوحشة في هذه البيداء، الشبيهة بسرابٍ لا نهائيّ، مشئوم. أساساً، كانت فكرتها أن تسافر إلى الحجاز بحراً، كونها سمعت عما يكابده الحاج في خلال الطريق من مشاق وأخطار. لكن شقيقها، سلطان الكون، حَمَلها على تغيير رأيها، بالنظر إلى أن البحر لم يعُد مأموناً، وذلك عقبَ تنامي قوة الكفّار؛ بالأخص الأسطولين البرتغاليّ والإسبانيّ، عدا عن سفن القراصنة. سُمح لها، حَسْب، بركوب السفينة إلى بيروت على أن تنضمّ إلى المحمل الشريف في دمشق. عند وصولها إلى الولاية السورية، كانت تظنّ أنها سترى لأول مرة العربَ، الذين تعرّفت إلى أشكالهم ولباسهم من خلال منمنمات متقنة، زيّنت صفحاتِ الكتب، المهداة إليها من لدُن قنصل البندقية. حقّ لها أن تُدهشَ على أثر جولةٍ في سوق بيروت، لما لحظت أن السكانَ رجالاً ونساءً يتمتعون بالوسامة والأناقة كأندادهم الفرنجة. هذا تأكّدت منه أكثر في الشام الشريف، وكانت إلى ذلك مدينةً جديرةً بما أشتهرت به حينَ شُبّهت بالفردوس السماويّ: ما لم يكن يدورُ في خلدها قط، أنها ستضطر إلى المكوث في هذه المدينة، عقبَ عودتها من الحجاز، لكي تضحي قرينةً لواليها؛ لمن كان المُتسبّب بما حل بقافلة الحج من نهب وسلب وسبي واستباحة.علاماتُ المصير المفجع للقافلة، عليها كان أن ترتسم على سحنة الوالي، المتسنّم أيضاً وظيفةَ أمير الحج. ذلك ما عاينته بيهان سلطانة، غبَّ حضور قائد حامية مدينة تبوك كي يُنذر الباشا بوجود تحركات مريبة لقبيلة حرب، المعروفة بتاريخها في قطع طريق الحاج. بيد أنّ الباشا لم ينصت لنصيحة القائد، بضرورة مفاوضة زعيم القبيلة المارقة، والتي تنتهي عادةً بتقديم رشوةٍ مُجزية له. هذه المعلومة الأخيرة، لم تصل لسمع السلطانة سوى في قلعة تبوك، عندما أطلق الأعرابُ سراحها بعد أيام ثلاثة من الأسر. مع أنّ أمير القافلة دأبَ على أخذ مشورتها في خلال الرحلة، بالأخص عندما أخبرها بقراره سلك الطريق المُحاذي للبحر بهدف تجنّب الإحتكاك بقبائل المنطقة، الكائنة إلى الجنوب من تبوك. هكذا ابتعدوا عن المدينة بمسافة يوم، لما حط بهم الرحال في واحةٍ فسيحة، حافلة بالأشجار والنباتات والحيوانات البرية والطيور، المُدينة حيواتها لوجود عين ماء، تتفجّرُ بالمعين العذب والبارد. لقد مروا قبلاً، ولا شك، بواحاتٍ عدّة، لكن أياً منها ما كان بجمال وثراء هذا المكان، المذكّر المسافرين بالفردوس، الذي غادروه في مبتدأ الرحلة. هنالك في الواحة، تحت ظلال أيكة من النخيل، عادوا ونصبوا خيمة السلطانة، وكانت هيَ الأخرى مصممة بحيث تشعر مَن تحل فيها أنها في حجرة نومها بالقصر: لن يقّدر لها، هذه المرة، الرقادُ في سلامٍ ودِعَة وسط الطبيعة الخلّابة والوادعة. كانوا معتادين على النوم نهاراً والمسير ليلاً، للتخفيف من مشاق الرحلة تحت شمس الصحراء الحارقة. وإنما في مستهل ذلك الفجر الجميل، إختارَ الأعرابُ ساعةَ الهجوم على القافلة، المستغرق جلّ أفرادها في النوم. " المعسكر داهمه البدو، وعليكِ ألا تغادري الخيمة من أجل سلامتك "، خاطبها الطواشي غبَّ افاقتها من النوم على أصوات إطلاق النار وصرخات المهاجمين. ثم أعقبَ حكيم، بأن نصحها بالتمدد هيَ وجواريها الثلاث على الأرضية، المفروشة بالزرابي، بهدف الحماية من الطلقات. ولم تعُد مرة أخرى ترى خادمها المخلص، لحين خلاصها من الأسر. هنالك، في قلعة تبوك، قصّت عليه بالتفصيل واقعة الاستباحة والسبي، المعقّبة انهيار مقاومة المدافعين عن المعسكر. قبل ذلك، سمعت أولاً بأول عما يفعله الأعرابُ بن ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#العاشر
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=706121
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1برغم ما يحيطها من الجواري، علاوة على الوجود الدائم للطواشي، فإن بيهان سلطانة كانت تشعر بالوحدة والوحشة في هذه البيداء، الشبيهة بسرابٍ لا نهائيّ، مشئوم. أساساً، كانت فكرتها أن تسافر إلى الحجاز بحراً، كونها سمعت عما يكابده الحاج في خلال الطريق من مشاق وأخطار. لكن شقيقها، سلطان الكون، حَمَلها على تغيير رأيها، بالنظر إلى أن البحر لم يعُد مأموناً، وذلك عقبَ تنامي قوة الكفّار؛ بالأخص الأسطولين البرتغاليّ والإسبانيّ، عدا عن سفن القراصنة. سُمح لها، حَسْب، بركوب السفينة إلى بيروت على أن تنضمّ إلى المحمل الشريف في دمشق. عند وصولها إلى الولاية السورية، كانت تظنّ أنها سترى لأول مرة العربَ، الذين تعرّفت إلى أشكالهم ولباسهم من خلال منمنمات متقنة، زيّنت صفحاتِ الكتب، المهداة إليها من لدُن قنصل البندقية. حقّ لها أن تُدهشَ على أثر جولةٍ في سوق بيروت، لما لحظت أن السكانَ رجالاً ونساءً يتمتعون بالوسامة والأناقة كأندادهم الفرنجة. هذا تأكّدت منه أكثر في الشام الشريف، وكانت إلى ذلك مدينةً جديرةً بما أشتهرت به حينَ شُبّهت بالفردوس السماويّ: ما لم يكن يدورُ في خلدها قط، أنها ستضطر إلى المكوث في هذه المدينة، عقبَ عودتها من الحجاز، لكي تضحي قرينةً لواليها؛ لمن كان المُتسبّب بما حل بقافلة الحج من نهب وسلب وسبي واستباحة.علاماتُ المصير المفجع للقافلة، عليها كان أن ترتسم على سحنة الوالي، المتسنّم أيضاً وظيفةَ أمير الحج. ذلك ما عاينته بيهان سلطانة، غبَّ حضور قائد حامية مدينة تبوك كي يُنذر الباشا بوجود تحركات مريبة لقبيلة حرب، المعروفة بتاريخها في قطع طريق الحاج. بيد أنّ الباشا لم ينصت لنصيحة القائد، بضرورة مفاوضة زعيم القبيلة المارقة، والتي تنتهي عادةً بتقديم رشوةٍ مُجزية له. هذه المعلومة الأخيرة، لم تصل لسمع السلطانة سوى في قلعة تبوك، عندما أطلق الأعرابُ سراحها بعد أيام ثلاثة من الأسر. مع أنّ أمير القافلة دأبَ على أخذ مشورتها في خلال الرحلة، بالأخص عندما أخبرها بقراره سلك الطريق المُحاذي للبحر بهدف تجنّب الإحتكاك بقبائل المنطقة، الكائنة إلى الجنوب من تبوك. هكذا ابتعدوا عن المدينة بمسافة يوم، لما حط بهم الرحال في واحةٍ فسيحة، حافلة بالأشجار والنباتات والحيوانات البرية والطيور، المُدينة حيواتها لوجود عين ماء، تتفجّرُ بالمعين العذب والبارد. لقد مروا قبلاً، ولا شك، بواحاتٍ عدّة، لكن أياً منها ما كان بجمال وثراء هذا المكان، المذكّر المسافرين بالفردوس، الذي غادروه في مبتدأ الرحلة. هنالك في الواحة، تحت ظلال أيكة من النخيل، عادوا ونصبوا خيمة السلطانة، وكانت هيَ الأخرى مصممة بحيث تشعر مَن تحل فيها أنها في حجرة نومها بالقصر: لن يقّدر لها، هذه المرة، الرقادُ في سلامٍ ودِعَة وسط الطبيعة الخلّابة والوادعة. كانوا معتادين على النوم نهاراً والمسير ليلاً، للتخفيف من مشاق الرحلة تحت شمس الصحراء الحارقة. وإنما في مستهل ذلك الفجر الجميل، إختارَ الأعرابُ ساعةَ الهجوم على القافلة، المستغرق جلّ أفرادها في النوم. " المعسكر داهمه البدو، وعليكِ ألا تغادري الخيمة من أجل سلامتك "، خاطبها الطواشي غبَّ افاقتها من النوم على أصوات إطلاق النار وصرخات المهاجمين. ثم أعقبَ حكيم، بأن نصحها بالتمدد هيَ وجواريها الثلاث على الأرضية، المفروشة بالزرابي، بهدف الحماية من الطلقات. ولم تعُد مرة أخرى ترى خادمها المخلص، لحين خلاصها من الأسر. هنالك، في قلعة تبوك، قصّت عليه بالتفصيل واقعة الاستباحة والسبي، المعقّبة انهيار مقاومة المدافعين عن المعسكر. قبل ذلك، سمعت أولاً بأول عما يفعله الأعرابُ بن ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#العاشر
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=706121
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج العاشر
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج الحادي عشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الأيام الأخيرة من ذلك الصيف، الشاهد على حلول الطاعون في الشام، كانت على الوتيرة نفسها من الحر؛ وكأنما لتساعد في تفشي الوباء. برغم خطر العدوى، كنتُ قد بادرتُ إلى دفن صديقي برو في حديقة داره. هكذا تجاورَ مع الطواشي القاتل، الذي قُتل بدَوره على يديه. عندما عدتُ للمنزل، وأعلمتُ خادمي بما حلّ بالرجل، فإنه هتفَ مرتاعاً: " رباه، كيفَ فعلتَ ذلك دونَ أن تحسب حساباً لحياتك؟ ". بقيَ في اليوميين التاليين يرمقني في حذر، كما لو كان يود رؤية علامات على احتمال إصابتي بالوباء. في اليوم الثالث، جاء دوري كي أنتبه لاصفراره وللاعياء الملازم حركاته. عند ذلك، هجستُ بأنه حمل العدوى معه من السوق. فما لبثَ مع اضطراد سوء صحته، أن أكّد مخاوفي: " أريدك منك يا سيّدي أن تأخذني إلى البيمارستان، طالما أنني لم أفقد الوعي بعدُ "، فاه بهذه الكلمات الأخيرة. كنتُ أعرف ما ينتظره في ذلك المكان، الأشبه بالمحشر، لكنني عملتُ برغبته. بعد عودتي إلى الدار بنفس العربة المشدودة بالخيل، عرفتُ أيضاً أنني بتّ وحيداً تماماً. في دجى الحزن والقنوط، الذي رأيتني أخوضُ فيه غبَّ فراق أصدقائي، ظهرَ بصيصُ فرحٍ وأمل. حالة حب، عليها كان أن تتلبّسني من جديد وعلى حين فجأة. لعلني نوهتُ فيما سلف، أنني أوصدتُ قلبي عقبَ رحيل زوجتي الحبيبة وكانت في ميعة الصبا. منذئذٍ شغلتُ وقتي نهاراً بالعمل، ومساءً في القراءة والكتابة. لكنني أحياناً كنتُ أدع قدميّ تمضيان إلى حارة أسرتها، كي أرسل نظري نحو نافذة حجرة منزلها، أينَ كانت تنتظرُ عودتي من دروسي في المدرسة الشامية. خادمي، كان آنذاك يعبّر كل مرة عن شفقته على تمسّكي بالزهد الجسديّ. كأن يقول لي: " لو أنك عزفتَ عن الزواج، فعليك على الأقل شراء جارية من السوق تؤنس معها وحدة لياليك ". ولقد فكّرتُ بكلام الخادم الراحل فيما بعد، عندما وضعَ المقدورُ جاريةً في طريق حياتي. ربيبُ الأحاجي، كان على معرفة بالجارية عفّت، وذلك قبل ظهور موضوع اختفاء طفلة السلطانة. كونه حمّالاً في السوق، فإنها اعتادت أحياناً أن تعهد إليه نقل ما تتبضّعه من حاجيات إلى مطبخ القصر. إلى أن كانت ليلة القبض على القاتل، وإنتزاع إعترافاته. من ضمن ما فاه به الطواشي، كان موضوع إختفاء الطفلة. فأفضى بسرّ الجارية عفّت، وكان قد توصّل إليه من خلال تحرياته المعلومة. الغريب، أنه طلبَ من آسره إبلاغ السلطانة بالأمر كي تحاول بطريقةٍ ما إستعادة ابنتها. لما سُئل لِمَ لم يفعل ذلك بنفسه، فإنه أجاب: " كنتُ أتحيّن الوقتَ المناسب، لكي لا تفسد الأمرَ بلهفتها وحماستها ". وهوَ ذا ربيبُ الأحاجي، ذات يوم، يأخذ الجارية عفّت، على غرّة، عندما كانا في الطريق من السوق. أخبرها بمعرفته سرّ الطفلة، وأين تأويها، وأنه يعتبر نفسه مسئولاً عن حمايتها بعد اختفاء أثر الطواشي. برغم ما أحدثه كلامه من بلبلة في نفسها، إلا أنها كانت امرأة تتسم بالمراس ورباطة الجأش. إلى ذلك، كانت مثل الآخرين تؤمن بما حُبيَ به " النبي كيكي " من كرامات. من ناحية أخرى، سبقَ للطواشي أن وضعها أمام اختبار مماثل. خاطبت الرجلَ المبارك بجسارة: " لو كنتَ حريصاً على الطفلة، كما تقول، فما عليك إلا أن تدعها وشأنها ". توقّفَ قليلاً، وراحَ يحدجها بنظرة متمعنة. بعدئذٍ هزّ رأسه، موافقاً على كلامها. ثم أضافَ وهوَ يتحرك: " حرصتُ على التأكّد من معلومةٍ، باحَ بها الطواشي قبل فقدان أثره. كما أنني أرغبُ باسباغ حمايتي على ابنة إنسانة، غالية عليّ، وذلك في غياب الطواشي ". أفرخَ روعُ الجارية عندئذٍ، فبادرت إلى شكر الرجل. في خلال الطريق، كلمته عن الأسرة الصديقة، الموجودة الطفلة في رع ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الحادي
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=706654
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الأيام الأخيرة من ذلك الصيف، الشاهد على حلول الطاعون في الشام، كانت على الوتيرة نفسها من الحر؛ وكأنما لتساعد في تفشي الوباء. برغم خطر العدوى، كنتُ قد بادرتُ إلى دفن صديقي برو في حديقة داره. هكذا تجاورَ مع الطواشي القاتل، الذي قُتل بدَوره على يديه. عندما عدتُ للمنزل، وأعلمتُ خادمي بما حلّ بالرجل، فإنه هتفَ مرتاعاً: " رباه، كيفَ فعلتَ ذلك دونَ أن تحسب حساباً لحياتك؟ ". بقيَ في اليوميين التاليين يرمقني في حذر، كما لو كان يود رؤية علامات على احتمال إصابتي بالوباء. في اليوم الثالث، جاء دوري كي أنتبه لاصفراره وللاعياء الملازم حركاته. عند ذلك، هجستُ بأنه حمل العدوى معه من السوق. فما لبثَ مع اضطراد سوء صحته، أن أكّد مخاوفي: " أريدك منك يا سيّدي أن تأخذني إلى البيمارستان، طالما أنني لم أفقد الوعي بعدُ "، فاه بهذه الكلمات الأخيرة. كنتُ أعرف ما ينتظره في ذلك المكان، الأشبه بالمحشر، لكنني عملتُ برغبته. بعد عودتي إلى الدار بنفس العربة المشدودة بالخيل، عرفتُ أيضاً أنني بتّ وحيداً تماماً. في دجى الحزن والقنوط، الذي رأيتني أخوضُ فيه غبَّ فراق أصدقائي، ظهرَ بصيصُ فرحٍ وأمل. حالة حب، عليها كان أن تتلبّسني من جديد وعلى حين فجأة. لعلني نوهتُ فيما سلف، أنني أوصدتُ قلبي عقبَ رحيل زوجتي الحبيبة وكانت في ميعة الصبا. منذئذٍ شغلتُ وقتي نهاراً بالعمل، ومساءً في القراءة والكتابة. لكنني أحياناً كنتُ أدع قدميّ تمضيان إلى حارة أسرتها، كي أرسل نظري نحو نافذة حجرة منزلها، أينَ كانت تنتظرُ عودتي من دروسي في المدرسة الشامية. خادمي، كان آنذاك يعبّر كل مرة عن شفقته على تمسّكي بالزهد الجسديّ. كأن يقول لي: " لو أنك عزفتَ عن الزواج، فعليك على الأقل شراء جارية من السوق تؤنس معها وحدة لياليك ". ولقد فكّرتُ بكلام الخادم الراحل فيما بعد، عندما وضعَ المقدورُ جاريةً في طريق حياتي. ربيبُ الأحاجي، كان على معرفة بالجارية عفّت، وذلك قبل ظهور موضوع اختفاء طفلة السلطانة. كونه حمّالاً في السوق، فإنها اعتادت أحياناً أن تعهد إليه نقل ما تتبضّعه من حاجيات إلى مطبخ القصر. إلى أن كانت ليلة القبض على القاتل، وإنتزاع إعترافاته. من ضمن ما فاه به الطواشي، كان موضوع إختفاء الطفلة. فأفضى بسرّ الجارية عفّت، وكان قد توصّل إليه من خلال تحرياته المعلومة. الغريب، أنه طلبَ من آسره إبلاغ السلطانة بالأمر كي تحاول بطريقةٍ ما إستعادة ابنتها. لما سُئل لِمَ لم يفعل ذلك بنفسه، فإنه أجاب: " كنتُ أتحيّن الوقتَ المناسب، لكي لا تفسد الأمرَ بلهفتها وحماستها ". وهوَ ذا ربيبُ الأحاجي، ذات يوم، يأخذ الجارية عفّت، على غرّة، عندما كانا في الطريق من السوق. أخبرها بمعرفته سرّ الطفلة، وأين تأويها، وأنه يعتبر نفسه مسئولاً عن حمايتها بعد اختفاء أثر الطواشي. برغم ما أحدثه كلامه من بلبلة في نفسها، إلا أنها كانت امرأة تتسم بالمراس ورباطة الجأش. إلى ذلك، كانت مثل الآخرين تؤمن بما حُبيَ به " النبي كيكي " من كرامات. من ناحية أخرى، سبقَ للطواشي أن وضعها أمام اختبار مماثل. خاطبت الرجلَ المبارك بجسارة: " لو كنتَ حريصاً على الطفلة، كما تقول، فما عليك إلا أن تدعها وشأنها ". توقّفَ قليلاً، وراحَ يحدجها بنظرة متمعنة. بعدئذٍ هزّ رأسه، موافقاً على كلامها. ثم أضافَ وهوَ يتحرك: " حرصتُ على التأكّد من معلومةٍ، باحَ بها الطواشي قبل فقدان أثره. كما أنني أرغبُ باسباغ حمايتي على ابنة إنسانة، غالية عليّ، وذلك في غياب الطواشي ". أفرخَ روعُ الجارية عندئذٍ، فبادرت إلى شكر الرجل. في خلال الطريق، كلمته عن الأسرة الصديقة، الموجودة الطفلة في رع ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الحادي
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=706654
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج الحادي عشر
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثاني عشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1عقدٌ من الأعوام مرّ، خلّفَ في رأسي الكثيرَ من الشَعر الأبيض. ولن ألجأ للاستعارة الممجوجة، التي تشبّه الشَعر الأبيض بالثلج؛ لأنّ الشيبَ لا يذوب أبداً. امرأتي، وكانت تصغرني بقليل، لم يستطع الشيب إفساد حُسنها؛ بما أنها تصبغه بالحناء ذات اللون الأرجوانيّ. وهيَ، في هذه الحالة، استبعدت أيّ استعارة. ينبغي الاشارة أيضاً، إلى أننا في خلال تلك الأعوام رزقنا بغلامين آخرين، وكانا بصحة جيدة مثل ابننا البكر. كَوليزار، إكتمل رونقُ جمالها، وأضحت تقريباً في نفس السنّ، التي اقترنت فيها والدتها الراحلة بأول أزواجها. ما زالت تجهلُ أنها ليست ابنتنا، وكنا نودّ إعلامها بالحقيقة عندما ينضج تفكيرها بحيث لا يُسبب لها ذلك صدمة تهز كيانها. لكننا برغم ما اتصفت به الفتاة من تعقل ورزانة وذكاء، كنا نؤجّل مفاتحتها بالموضوع. واصلتُ التدريسَ لأجيال متتابعة من التلامذة، وبعضهم أضحى في وظائف مرموقة. في المقابل، لم أوفّق بتعويضَ أصدقاء الزمن الآفل بأصدقاءٍ جدد. لعل مشاعر العشق، الممتلئة بها روحي مذ تعرّفي على أم أولادي، أزاحت جانباً تلك الحاجة. ومن نفس الينبوع، ولا شك، رُفدت روحي أيضاً بمشاعر الأبوّة. أعتدتُ على الركون إلى صحُبة مكتبتي، آن أكون في المنزل وبالأخص ليلاً. كون امرأتي من بيئة متحضّرة بالأساس ( وأعني نشأتها في إحدى الجزر اليونانية )، فإنها شغفت كذلك بالقراءة وشاركتني في مناقشة أفكار معيّنة، كنا نستمدها غالباً من الكتب إن كانت أدبية أو فلسفية أو فقهية. وهيَ ذي كَوليزار، تنشأ على نفس المنوال، مولّهة بالقراءة والمجادلة. ولم يكن ذلك بالغريب، نحنُ مَن نعلم مدى اهتمام والدتها الراحلة بالقصص، المؤلّفة من لدُن الكتّاب الفرنجة. علاقتي مع غالب آغا، لم تنقطع في خلال تلك السنين، بالنظر لاستمرار عمل امرأتي في مطبخ القصر. كنا نلتقي بين حين وآخر، نتبادل الأحاديث الملائمة لشخصين عركا الحياة وخرجا منها بتجارب كبيرة. كان العجوز يود التقاعد من عمله كقيّم القصر، لكن أولي الأمر لم يستغنوا عن خدمته بما أن صحته جيدة وذاكرته متقدة. كان إلى ذلك مصدر الأخبار بالنسبة إليّ، بعدما كنتُ أنا في السابق أول المطلعين عليها بوصفي مسئولاً عن مراسلات الباشا. وهوَ ذا يأتيني بمعلومة جديدة، عندما رافقَ امرأتي بالكرّوسة إلى منزلنا. عقبَ جلوسه على الأريكة في حجرة الضيافة، وكان يمسحُ العرَقَ بمنديل في الجو الربيعي الحار، بادرَ إلى القول: " بلغني أن الولاية ستذهب إلى محمد باشا، ابن أخي المرحوم سعدو باشا، بعدما تمتع بها أوسمان باشا لمدة اثنتي عشرة عاماً. وهيَ مدة، كافية لكي يحرّض بعضهم البابَ العالي على مصادرة أملاك الرجل كمألوف العادة ". ابتسمتُ لطريقة لفظه اسم أسعد باشا، المشتهر بها أهالي الشام. بل إن الإنكشارية، الذين كانوا الأعداء الألداء لذلك الوالي الراحل، أشاعوا عليه في حياته تسميةً أكثر تحقيراً؛ " سعدية باشا ". علّقتُ على كلام الضيف، بالقول متنهّداً: " إذاً من الممكن أن نشهدَ فترةً من الاضطرابات، كون الإنكشارية لن تنظر بعين الرضا لذهاب المنصب إلى قريب عدوهم السابق؟ "" نعم، والمناسبة قد تكونُ أيضاً فرصةً لتصفية الحسابات بين الوجاقات والأورطات "" الحق يقال، أن الشامَ عاشت تقريباً في أمان طوال فترة ولاية أوسمان باشا، كما أنه نادراً ما تدخل بشئون الولايات المجاورة "" عليّ أيّ حال، لو كان الوالي الجديد متصفاً بقوة شخصيّة عمّه الراحل، وميله لتحقيق العدل، كان ذلك بركة على المدينة وأهلها "، خلصَ العجوز إلى هذا الرأي. وافقته بهزة من الرأس، ثم تحولتُ بالحديث إلى مجرى آخر. كانت امرأتي ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الثاني
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=707242
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1عقدٌ من الأعوام مرّ، خلّفَ في رأسي الكثيرَ من الشَعر الأبيض. ولن ألجأ للاستعارة الممجوجة، التي تشبّه الشَعر الأبيض بالثلج؛ لأنّ الشيبَ لا يذوب أبداً. امرأتي، وكانت تصغرني بقليل، لم يستطع الشيب إفساد حُسنها؛ بما أنها تصبغه بالحناء ذات اللون الأرجوانيّ. وهيَ، في هذه الحالة، استبعدت أيّ استعارة. ينبغي الاشارة أيضاً، إلى أننا في خلال تلك الأعوام رزقنا بغلامين آخرين، وكانا بصحة جيدة مثل ابننا البكر. كَوليزار، إكتمل رونقُ جمالها، وأضحت تقريباً في نفس السنّ، التي اقترنت فيها والدتها الراحلة بأول أزواجها. ما زالت تجهلُ أنها ليست ابنتنا، وكنا نودّ إعلامها بالحقيقة عندما ينضج تفكيرها بحيث لا يُسبب لها ذلك صدمة تهز كيانها. لكننا برغم ما اتصفت به الفتاة من تعقل ورزانة وذكاء، كنا نؤجّل مفاتحتها بالموضوع. واصلتُ التدريسَ لأجيال متتابعة من التلامذة، وبعضهم أضحى في وظائف مرموقة. في المقابل، لم أوفّق بتعويضَ أصدقاء الزمن الآفل بأصدقاءٍ جدد. لعل مشاعر العشق، الممتلئة بها روحي مذ تعرّفي على أم أولادي، أزاحت جانباً تلك الحاجة. ومن نفس الينبوع، ولا شك، رُفدت روحي أيضاً بمشاعر الأبوّة. أعتدتُ على الركون إلى صحُبة مكتبتي، آن أكون في المنزل وبالأخص ليلاً. كون امرأتي من بيئة متحضّرة بالأساس ( وأعني نشأتها في إحدى الجزر اليونانية )، فإنها شغفت كذلك بالقراءة وشاركتني في مناقشة أفكار معيّنة، كنا نستمدها غالباً من الكتب إن كانت أدبية أو فلسفية أو فقهية. وهيَ ذي كَوليزار، تنشأ على نفس المنوال، مولّهة بالقراءة والمجادلة. ولم يكن ذلك بالغريب، نحنُ مَن نعلم مدى اهتمام والدتها الراحلة بالقصص، المؤلّفة من لدُن الكتّاب الفرنجة. علاقتي مع غالب آغا، لم تنقطع في خلال تلك السنين، بالنظر لاستمرار عمل امرأتي في مطبخ القصر. كنا نلتقي بين حين وآخر، نتبادل الأحاديث الملائمة لشخصين عركا الحياة وخرجا منها بتجارب كبيرة. كان العجوز يود التقاعد من عمله كقيّم القصر، لكن أولي الأمر لم يستغنوا عن خدمته بما أن صحته جيدة وذاكرته متقدة. كان إلى ذلك مصدر الأخبار بالنسبة إليّ، بعدما كنتُ أنا في السابق أول المطلعين عليها بوصفي مسئولاً عن مراسلات الباشا. وهوَ ذا يأتيني بمعلومة جديدة، عندما رافقَ امرأتي بالكرّوسة إلى منزلنا. عقبَ جلوسه على الأريكة في حجرة الضيافة، وكان يمسحُ العرَقَ بمنديل في الجو الربيعي الحار، بادرَ إلى القول: " بلغني أن الولاية ستذهب إلى محمد باشا، ابن أخي المرحوم سعدو باشا، بعدما تمتع بها أوسمان باشا لمدة اثنتي عشرة عاماً. وهيَ مدة، كافية لكي يحرّض بعضهم البابَ العالي على مصادرة أملاك الرجل كمألوف العادة ". ابتسمتُ لطريقة لفظه اسم أسعد باشا، المشتهر بها أهالي الشام. بل إن الإنكشارية، الذين كانوا الأعداء الألداء لذلك الوالي الراحل، أشاعوا عليه في حياته تسميةً أكثر تحقيراً؛ " سعدية باشا ". علّقتُ على كلام الضيف، بالقول متنهّداً: " إذاً من الممكن أن نشهدَ فترةً من الاضطرابات، كون الإنكشارية لن تنظر بعين الرضا لذهاب المنصب إلى قريب عدوهم السابق؟ "" نعم، والمناسبة قد تكونُ أيضاً فرصةً لتصفية الحسابات بين الوجاقات والأورطات "" الحق يقال، أن الشامَ عاشت تقريباً في أمان طوال فترة ولاية أوسمان باشا، كما أنه نادراً ما تدخل بشئون الولايات المجاورة "" عليّ أيّ حال، لو كان الوالي الجديد متصفاً بقوة شخصيّة عمّه الراحل، وميله لتحقيق العدل، كان ذلك بركة على المدينة وأهلها "، خلصَ العجوز إلى هذا الرأي. وافقته بهزة من الرأس، ثم تحولتُ بالحديث إلى مجرى آخر. كانت امرأتي ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الثاني
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=707242
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثاني عشر
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: الخاتمة
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري لعله الخجل، مَن جعلني أهملُ ذكرَ حيازتي لمنزل صديقي الراحل، ربيب الأحاجي، بصفة الوريث الشرعيّ. لقد قام المرحومُ بهذا الإجراء قبيل وفاته، وبدون أن يستشيرني أو حتى يلمّح للموضوع. وإنه زعيم حي القيمرية، مَن فاجأني بموضوع الميراث في تلك الليلة، الشاهدة على حريق سوق ساروجة، الذي أتى على منزلي. لم يكن من حقي عدم قبول هدية صديقي الراحل، طالما أنه كان وحيداً في هذه الدنيا. وأتكهّنُ أنه فعل ذلك، موقناً بسعيي لتحقيق أمنيته في رعاية ابنة محبوبته. وربما أنّ علاماتٍ ما، استمدّها من النجوم، حدّثته عن حريقٍ سيلتهم منزلي ويدفعني للسكنى في منزله. في هذه الحالة، سيكون مطمئناً إلى أن جزءً من روحه سيبقى هنالك؛ في منزله، المحتضنة حديقته جثمانه: لكنّ كَوليزار، لسوء الحظ، سيقى مصيرها مجهولاً لفترة طويلة من الزمن، ولن تظهر سوى بعد رحيلنا عن الشام بسنوات. قرار الهجرة، إذاً، هوَ الفكرة المداعبة ذهني في خلال الاجتماع الأخير مع الأعيان، المعقّب احتدام الصراع بين الوالي الجديد والإنكشارية. ولم تصبح الفكرة ضرورةً ملحّة، إلا عندما تخلصتُ من السجن والتنكيل بفضل قيّم القصر. إذاك، وجدتُ أن بقائي في دمشق على جانبٍ كبير من الخطورة، طالما أنّ الباشا عدّني من أعوان الوالي السابق ومن الممكن أن يأمر بالقبض عليّ ثانيةً وقتما شاء. إلى ذلك، وبسبب النكبات المتوالية، التي حلّت على المدينة، فإنها أضحت في عينيّ مكاناً مشئوماً، يسعى فيه ملاك الموت، وليسَ فردوساً شبيهاً بمثيله السماويّ. كنتُ بحاجةٍ إلى مستقر آمن، يتيحُ لي إمكانية العيش؛ العمل نهاراً في التدريس والتفرّغ مساءً للكتابة. فكّرتُ، أولاً، بالعودة إلى مسقط رأسي في كردستان. لولا أنّ عائقاً كان يحول دون ذلك، وهوَ موضوع اللغة. حقاً إن اللغة العربية تعدّ مقدّسة للمسلمين بعامّة، لكن مجال التدريس بها يبقى محدوداً وذا نفع قليل من الناحية المادية في تلك البلاد الجبلية، النائية بنفسها عن أسباب المدنية والحضارة. عندئذٍ تذكّرتُ أرضَ الحجاز، وما زُعم أنها منبتُ أسرتنا الشريفة. " كانت أمنيتكِ أن نحظى بإمكانية الحج معاً، أليسَ صحيحاً؟ "، قلتُ لامرأتي لما أختمرت فكرة الهجرة في رأسي. هزّت رأسها علامة على الموافقة، متسائلةً بدَورها وبشيء من الدهشة: " لكن الحج يحتاج لوفرة من المال، وأنت صرفت الكثير منه على ترميم منزلنا الجديد. كذلك لدينا ثلاثة أولاد، فأينَ سنضعهم في غيابنا؟ "" لقد فكّرتُ بالمسألتين كلتاهما، ذلك أننا لن نعود إلى دمشق "" لا أفهم ما تعنيه؟ "، قالتها وقد اتسعت عيناها بمزيدٍ من الدهشة. لجأتُ عند ذلك إلى الكلامَ دونما مواربة، عارضاً الفكرة على خلفيّة ما عانيناه في الفترة الأخيرة. لأصل إلى القول: " سأحظى بسهولة بفرصة التدريس في المدينة المنورة، وفي وسعنا شراء مسكن معتبر هناك وذلك ببيع دارينا هنا "" الأولاد ألفوا مسقط رأسهم، وما فيه من سحر الطبيعة وفخامة العمران؛ فكيف سيتقبلون العيشَ في صحراء قاحلة؟ "" المدينة المنورة، وإن لم تكن تضاهي الشامَ بالعمران، إلا أنها حظيت بالعناية على مر القرون حتى أضحت حاضرة كبيرة. والإنسان يعتاد على التلاؤم مع المكان، بله لو كان في سنّ حدثة كحال أولادنا "" وماذا عن كَوليزار؟ هل نتركها لمصيرها التعس؟ "" سأظل على اتصال مع مَن تعّهدوا لي أمرَ البحث عنها، وذلك من خلال المراسلة "، أجبتها بنبرة مُطَمئنة. أخيراً سألتني عن موعد السفر وطريقته، إن كانت براً بمرافقة المحمل الشريف. وكنتُ قد فكّرتُ أيضاً بذلك، فقلت لها: " بل بحراً، لكي نجنّب الأولادَ وعثاء خوض وعورة الصحراء "" مع أنهم سيع ......
#مدخل
#الرعب:
#الخاتمة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=707766
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري لعله الخجل، مَن جعلني أهملُ ذكرَ حيازتي لمنزل صديقي الراحل، ربيب الأحاجي، بصفة الوريث الشرعيّ. لقد قام المرحومُ بهذا الإجراء قبيل وفاته، وبدون أن يستشيرني أو حتى يلمّح للموضوع. وإنه زعيم حي القيمرية، مَن فاجأني بموضوع الميراث في تلك الليلة، الشاهدة على حريق سوق ساروجة، الذي أتى على منزلي. لم يكن من حقي عدم قبول هدية صديقي الراحل، طالما أنه كان وحيداً في هذه الدنيا. وأتكهّنُ أنه فعل ذلك، موقناً بسعيي لتحقيق أمنيته في رعاية ابنة محبوبته. وربما أنّ علاماتٍ ما، استمدّها من النجوم، حدّثته عن حريقٍ سيلتهم منزلي ويدفعني للسكنى في منزله. في هذه الحالة، سيكون مطمئناً إلى أن جزءً من روحه سيبقى هنالك؛ في منزله، المحتضنة حديقته جثمانه: لكنّ كَوليزار، لسوء الحظ، سيقى مصيرها مجهولاً لفترة طويلة من الزمن، ولن تظهر سوى بعد رحيلنا عن الشام بسنوات. قرار الهجرة، إذاً، هوَ الفكرة المداعبة ذهني في خلال الاجتماع الأخير مع الأعيان، المعقّب احتدام الصراع بين الوالي الجديد والإنكشارية. ولم تصبح الفكرة ضرورةً ملحّة، إلا عندما تخلصتُ من السجن والتنكيل بفضل قيّم القصر. إذاك، وجدتُ أن بقائي في دمشق على جانبٍ كبير من الخطورة، طالما أنّ الباشا عدّني من أعوان الوالي السابق ومن الممكن أن يأمر بالقبض عليّ ثانيةً وقتما شاء. إلى ذلك، وبسبب النكبات المتوالية، التي حلّت على المدينة، فإنها أضحت في عينيّ مكاناً مشئوماً، يسعى فيه ملاك الموت، وليسَ فردوساً شبيهاً بمثيله السماويّ. كنتُ بحاجةٍ إلى مستقر آمن، يتيحُ لي إمكانية العيش؛ العمل نهاراً في التدريس والتفرّغ مساءً للكتابة. فكّرتُ، أولاً، بالعودة إلى مسقط رأسي في كردستان. لولا أنّ عائقاً كان يحول دون ذلك، وهوَ موضوع اللغة. حقاً إن اللغة العربية تعدّ مقدّسة للمسلمين بعامّة، لكن مجال التدريس بها يبقى محدوداً وذا نفع قليل من الناحية المادية في تلك البلاد الجبلية، النائية بنفسها عن أسباب المدنية والحضارة. عندئذٍ تذكّرتُ أرضَ الحجاز، وما زُعم أنها منبتُ أسرتنا الشريفة. " كانت أمنيتكِ أن نحظى بإمكانية الحج معاً، أليسَ صحيحاً؟ "، قلتُ لامرأتي لما أختمرت فكرة الهجرة في رأسي. هزّت رأسها علامة على الموافقة، متسائلةً بدَورها وبشيء من الدهشة: " لكن الحج يحتاج لوفرة من المال، وأنت صرفت الكثير منه على ترميم منزلنا الجديد. كذلك لدينا ثلاثة أولاد، فأينَ سنضعهم في غيابنا؟ "" لقد فكّرتُ بالمسألتين كلتاهما، ذلك أننا لن نعود إلى دمشق "" لا أفهم ما تعنيه؟ "، قالتها وقد اتسعت عيناها بمزيدٍ من الدهشة. لجأتُ عند ذلك إلى الكلامَ دونما مواربة، عارضاً الفكرة على خلفيّة ما عانيناه في الفترة الأخيرة. لأصل إلى القول: " سأحظى بسهولة بفرصة التدريس في المدينة المنورة، وفي وسعنا شراء مسكن معتبر هناك وذلك ببيع دارينا هنا "" الأولاد ألفوا مسقط رأسهم، وما فيه من سحر الطبيعة وفخامة العمران؛ فكيف سيتقبلون العيشَ في صحراء قاحلة؟ "" المدينة المنورة، وإن لم تكن تضاهي الشامَ بالعمران، إلا أنها حظيت بالعناية على مر القرون حتى أضحت حاضرة كبيرة. والإنسان يعتاد على التلاؤم مع المكان، بله لو كان في سنّ حدثة كحال أولادنا "" وماذا عن كَوليزار؟ هل نتركها لمصيرها التعس؟ "" سأظل على اتصال مع مَن تعّهدوا لي أمرَ البحث عنها، وذلك من خلال المراسلة "، أجبتها بنبرة مُطَمئنة. أخيراً سألتني عن موعد السفر وطريقته، إن كانت براً بمرافقة المحمل الشريف. وكنتُ قد فكّرتُ أيضاً بذلك، فقلت لها: " بل بحراً، لكي نجنّب الأولادَ وعثاء خوض وعورة الصحراء "" مع أنهم سيع ......
#مدخل
#الرعب:
#الخاتمة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=707766
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: الخاتمة
دلور ميقري : كما رواه شاهد عيان: تقديم
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري في نحو العام، المختتم به العقد الثاني من نهاية الألفية المنصرمة، اقتنيتُ كتاباً بعنوان " عشرة أعوام في المشرق "، لرحالة فرنسيّ يُدعى الماركيز إلياس ديبوربون، قام بترجمته أستاذٌ في الجامعة الأمريكية ببيروت من أصل دمشقيّ. في ذلك الوقت، كنتُ مهووساً ليسَ بقراءة كتب تاريخية عن الشام، حَسْب، بل وأيضاً بنقل معلوماتٍ مكثفة منها إلى دفترٍ ما لبثَ أن امتلأ؛ لأفتح من ثمّ دفتراً آخر. الدفتران كلاهما، حملتهما معي في حقيبة صغيرة ضمّت كتباً أثيرة على قلبي، وذلك عندما سافرتُ إلى السويد في نفس الفترة الزمنية، المذكورة آنفاً، مروراً بأثينا وأمستردام. ولكن، ماذا كان وراء اهتمامي بالمصادر، المتعلقة بمدينتي ومسقط رأسي؟ هل كان في نيّتي الاعتماد عليها، لتأليف كتابٍ ما؛ تاريخيّ أو أدبيّ؟ في حقيقة الحال، أنني نفسي لم أكن وقتئذٍ على دراية محددة بهدف جمع تلك الأبحاث، أو كنتُ مشوشاً وحائراً في طريقةٍ أستخدمها بها. إلى أن وقعت عيني في جامعة مدينة أوبسالا السويدية ( أينَ استقر بي المقام )، على مخطوطٍ حملَ عنوان " حاشيَة العامّية "، يعود لأواسط القرن التاسع عشر ومن تأليف مدوّن دمشقيّ. بلغ فيّ الافتتان بالمخطوط، أنني صورته بدلاً عن نقل معلومات منه ـ كما كان دأبي في السابق. عقبَ قيامي بتحقيق الكتاب وتهذيب لغته، توصلتُ إلى نشره، وكنا قد أضحينا في الألفية الجديدة. مصادفة سعيدة، أوصلتني فيما بعد لاقتناء مخطوط جديد، لاحَ كأنما أحداثه كانت مقدّمة لأحداث المخطوط الأول، وبالطبع من تأليف مدوّن آخر. هذا الكتاب الأخير، وصل أيضاً ليد القارئ بعدما قمتُ بتحقيقه ونشره تحت عنوان " مدخل إلى عصر الرعب ". كتاب " عشرة أعوام في المشرق "، كان في جملة تلك الكتب، التي حملتها معي من دمشق عندما كنتُ في طريق الهجرة إلى السويد، وذلك في ربيع عام 1988. مؤخراً، عدتُ لقراءة الكتاب، مدفوعاً هذه المرة بمواصلة مشروعي في نشر المخطوطات، المتعلقة بتاريخ الشام. عندئذٍ، انتبهتُ إلى أنّ ذلك الكتاب الذي يتحدث عن فترة زمنية معيّنة، يتضمّنُ إشارةً من المحقق عن إحتمال وجود مخطوط آخر للمؤلف، آثرَ كتابته باللغة العربية؛ وكان يُجيدها قبل حضوره إلى الولاية السورية في العقد الأخير من القرن الثامن عشر. كون مكتبة جامعة أوبسالا، تحتوي على كنز كبير من المخطوطات العربية، لم يكن مني إلا التدقيق من جديد في أرشيفها علّني أوفق بالاهتداء إلى المدوّنة المذكورة. عقبَ بحثٍ وتدقيق، تيقنتُ من أن المخطوطة غير موجودة. بنصيحة من أستاذ جامعيّ سوريّ، ربطتني به صداقة، عمدتُ إلى وضع اسم المخطوط المطلوب في كمبيوتر المكتبة، لكي يكشف ما لو كان مقتنىً في مكتبة ما حول العالم. وليتصوّر القارئ مدى خيبتي، وفرحتي في آنٍ معاً، لما حصلتُ على معلومةٍ تفيد بوجود المخطوط في مكتبة الأرشيف العثماني بأسطنبول، وكان تحت عنوان " شاهد عيان على أحداث دمشق ولبنان ". كون كلا الجامعتين، السويدية والتركية، على صلة وثيقة، فلم أعدم وسيلةً لحصولي على نسخة ميكروفيلم من المخطوط دونَ أن أتجشّم عناءَ السفر إلى عاصمة سلاطين بني عثمان.مثلما كان المأمولُ، فإنّ مخطوط الماركيز إلياس ديبوربون يُغطّي فترة إقامته في دمشق، وذلك في العقد الأخير من القرن الثامن عشر ـ كما سبقت إليه الإشارة. لكنه سجلٌّ دُوّنَ بشكل تفصيليّ لم يفعله الرجلُ في كتابه الآخر، الذي كان بمثابة مؤلَّفٍ في أدب الرحلات أكثر منه مؤلَّفاً تاريخياً. لحُسن الحظ، فوق ذلك، أن المخطوطَ كُتبَ بخط كبير وواضح دونَ أن يتأثّر بملاحظات وحواشٍ، مسجّلة باليد من قبل دارسٍ ما في زمنٍ أحدث ولا شك. كون المؤلّف أجنبياً، لم يخلُ ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#تقديم
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=708492
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري في نحو العام، المختتم به العقد الثاني من نهاية الألفية المنصرمة، اقتنيتُ كتاباً بعنوان " عشرة أعوام في المشرق "، لرحالة فرنسيّ يُدعى الماركيز إلياس ديبوربون، قام بترجمته أستاذٌ في الجامعة الأمريكية ببيروت من أصل دمشقيّ. في ذلك الوقت، كنتُ مهووساً ليسَ بقراءة كتب تاريخية عن الشام، حَسْب، بل وأيضاً بنقل معلوماتٍ مكثفة منها إلى دفترٍ ما لبثَ أن امتلأ؛ لأفتح من ثمّ دفتراً آخر. الدفتران كلاهما، حملتهما معي في حقيبة صغيرة ضمّت كتباً أثيرة على قلبي، وذلك عندما سافرتُ إلى السويد في نفس الفترة الزمنية، المذكورة آنفاً، مروراً بأثينا وأمستردام. ولكن، ماذا كان وراء اهتمامي بالمصادر، المتعلقة بمدينتي ومسقط رأسي؟ هل كان في نيّتي الاعتماد عليها، لتأليف كتابٍ ما؛ تاريخيّ أو أدبيّ؟ في حقيقة الحال، أنني نفسي لم أكن وقتئذٍ على دراية محددة بهدف جمع تلك الأبحاث، أو كنتُ مشوشاً وحائراً في طريقةٍ أستخدمها بها. إلى أن وقعت عيني في جامعة مدينة أوبسالا السويدية ( أينَ استقر بي المقام )، على مخطوطٍ حملَ عنوان " حاشيَة العامّية "، يعود لأواسط القرن التاسع عشر ومن تأليف مدوّن دمشقيّ. بلغ فيّ الافتتان بالمخطوط، أنني صورته بدلاً عن نقل معلومات منه ـ كما كان دأبي في السابق. عقبَ قيامي بتحقيق الكتاب وتهذيب لغته، توصلتُ إلى نشره، وكنا قد أضحينا في الألفية الجديدة. مصادفة سعيدة، أوصلتني فيما بعد لاقتناء مخطوط جديد، لاحَ كأنما أحداثه كانت مقدّمة لأحداث المخطوط الأول، وبالطبع من تأليف مدوّن آخر. هذا الكتاب الأخير، وصل أيضاً ليد القارئ بعدما قمتُ بتحقيقه ونشره تحت عنوان " مدخل إلى عصر الرعب ". كتاب " عشرة أعوام في المشرق "، كان في جملة تلك الكتب، التي حملتها معي من دمشق عندما كنتُ في طريق الهجرة إلى السويد، وذلك في ربيع عام 1988. مؤخراً، عدتُ لقراءة الكتاب، مدفوعاً هذه المرة بمواصلة مشروعي في نشر المخطوطات، المتعلقة بتاريخ الشام. عندئذٍ، انتبهتُ إلى أنّ ذلك الكتاب الذي يتحدث عن فترة زمنية معيّنة، يتضمّنُ إشارةً من المحقق عن إحتمال وجود مخطوط آخر للمؤلف، آثرَ كتابته باللغة العربية؛ وكان يُجيدها قبل حضوره إلى الولاية السورية في العقد الأخير من القرن الثامن عشر. كون مكتبة جامعة أوبسالا، تحتوي على كنز كبير من المخطوطات العربية، لم يكن مني إلا التدقيق من جديد في أرشيفها علّني أوفق بالاهتداء إلى المدوّنة المذكورة. عقبَ بحثٍ وتدقيق، تيقنتُ من أن المخطوطة غير موجودة. بنصيحة من أستاذ جامعيّ سوريّ، ربطتني به صداقة، عمدتُ إلى وضع اسم المخطوط المطلوب في كمبيوتر المكتبة، لكي يكشف ما لو كان مقتنىً في مكتبة ما حول العالم. وليتصوّر القارئ مدى خيبتي، وفرحتي في آنٍ معاً، لما حصلتُ على معلومةٍ تفيد بوجود المخطوط في مكتبة الأرشيف العثماني بأسطنبول، وكان تحت عنوان " شاهد عيان على أحداث دمشق ولبنان ". كون كلا الجامعتين، السويدية والتركية، على صلة وثيقة، فلم أعدم وسيلةً لحصولي على نسخة ميكروفيلم من المخطوط دونَ أن أتجشّم عناءَ السفر إلى عاصمة سلاطين بني عثمان.مثلما كان المأمولُ، فإنّ مخطوط الماركيز إلياس ديبوربون يُغطّي فترة إقامته في دمشق، وذلك في العقد الأخير من القرن الثامن عشر ـ كما سبقت إليه الإشارة. لكنه سجلٌّ دُوّنَ بشكل تفصيليّ لم يفعله الرجلُ في كتابه الآخر، الذي كان بمثابة مؤلَّفٍ في أدب الرحلات أكثر منه مؤلَّفاً تاريخياً. لحُسن الحظ، فوق ذلك، أن المخطوطَ كُتبَ بخط كبير وواضح دونَ أن يتأثّر بملاحظات وحواشٍ، مسجّلة باليد من قبل دارسٍ ما في زمنٍ أحدث ولا شك. كون المؤلّف أجنبياً، لم يخلُ ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#تقديم
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=708492
الحوار المتمدن
دلور ميقري - كما رواه شاهد عيان: تقديم
دلور ميقري : كما رواه شاهد عيان: مفتتح
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري باسم الاب والابن والروح القدس، باسم الإله الواحد الأبديّ السرمديّ.ولدتُ قبل ستين سنة في قصر والدي، المركيز المنحدر من سلالة بوربون؛ وهوَ القصرُ الكائن في مزرعة بشرق باريس، لها إطلالة على نهر السين، المتجه غرباً ليصب في مياه المحيط. من ذلك المكان الجميل، خرجتُ مُجبراً وأنا في سنّ الخمسين تقريباً، عام 1789، وذلك إبّان الثورة الفرنسية، التي غيّرت النظام القديم إلى غير رجعة أبداً. نزحتُ أولاً إلى البندقية، مسقط رأس المرحومة والدتي، وبعد إقامة قصيرة فيها راودتني فكرة السفر إلى الشرق، علّني أستمد من حكمته وسحره عوناً لروحي الضائعة وذهني المنهك. الآن، أمسكُ الريشةَ قبل أن تصابَ يدي برعشة الشيخوخة، قبل أن تذوي ذاكرتي، مستعملاً اللغة العربية لأول مرة. كنتُ أعرف هذه اللغة منذ فتوّتي، كوني درستها مع اللاتينية على يد أستاذ أحضره والدي للقصر. بهذه اللغة، أسجّلُ أحداثاً شهدتها في شبابي بمدينة دمشق، وكنتُ قد حللت فيها في أواخر ذلك العام، الشاهد على مغادرتي موطني. بلى، كانت أحداثاً خطيرة ومستطيرة، كما لو أنها صورة مصغّرة عما جرى في مسقط رأسي عقبَ الثورة. بل إنني سمعتُ بأذني، أكثر من مرة، كلمة " الجمهورية " وهيَ تتردد على ألسنة بعض العوام حينَ ثاروا مع غيرهم من الدمشقيين على أعوان الوالي السابق، الظالم الغشوم. وإنها الأحداث، المختتمة إقامتي في لؤلؤة المشرق بعدما أمضيتُ فيها عقداً من الأعوام، لأعود من جديد إلى القارة العجوز كي أستقر في مدينة البندقية بشكل نهائيّ. شعورٌ مُغرٍ لإنسان مثلي ـ نجيَ من تحت ركام الزلازل، المسماة ثورات ـ أن يتخذَ صفةَ المؤرخ، المسجّل كلمة كلمة ما شهده بعينيه. ولعلني أشبهُ الراوي أكثر؛ وأعني ذلك الرجل الطريف، المدعو ب " الحكواتي "، الذي تعرفه مقاهي الشام وهوَ يجلسُ على سدّة عالية وبيده مجلدٌ كبير يقرأ منه بصوت عال عن ملاحم بطولية، شبيهة ببعض قصص " ألف ليلة وليلة "، المعروفة لدينا في الغرب، مستعملاً أحياناً اللهجة المحلية. وقد تعلمت الدارجة الدمشقية أيضاً، ووجدتها أسهل من العربية الكلاسيكية. إلى ذلك، ضافرَ من شعوري، الموصوف آنفاً، ما كنتُ أحسّ به من وحدة وأنا بلا أهل وأصدقاء مقربين في المنفى الإيطاليّ. في هذا الصدد، عليّ الإشارة إلى أنني فقدتُ الاتصال بأسرتي لمدة طويلة. إذ بقيت الأسرة في باريس، وكانت مكوّنة من امرأتي وأولاد ثلاثة كنتُ قد تركتهم وأكبرهم كان في العشرين من عُمره. لقد علمتُ أن عائلتي قدمت إلى البندقية، عاماً عقبَ مغادرتي لها متجهاً إلى الشرق. لكنّ الأسرة فضّلت فيما بعد الانتقال إلى لندن، أينَ استقر عددٌ كبير من مواطنينا، الموالين للملكية. منذ عودتي من دمشق، تسنّى لي زيارة العائلة عدة مرات لحين رحيل امرأتي عن العالم. لكن أولادي لم ينقطعوا بعدئذٍ عن القدوم إلى البندقية، بهدف الاطمئنان عليّ. من ناحية أخرى، شاء لي القدَرُ أن أحظى بحبيبة في مكان لم أتوقعه البتة؛ في مدينة دمشق، المعدّة من أكثر الحواضر الإسلامية محافظةً. القارئ، بهذه الحالة، سيعلمُ أنني أعني امرأةً مسلمة. لقد كدّتُ من أجلها أن أتحوّل عن ديني، لولا أن إيماني المسيحيّ نفسه باتَ بتلك الآونة مشكوكاً فيه! في المقابل، تداخلت في إيماني عقيدةُ التقمّص، المنتشرة بين الطوائف الهرطوقية في تلك البلاد المسلمة. وإنها عقيدة، فرضت نفسها عليّ بشدّة على خلفية واقعة تعرّفي بالحبيبة الدمشقية. لكأنما هذه المرأة قد تقمصتها روحُ امرأة أخرى، كانت تربطني بها علاقة عشق في موطني الأول. " غالينا " الروسية، كانت أرملة أحد الملاكين المقيمين في الجوار، وكان الرجلُ أيضاً من طبق ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#مفتتح
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=708619
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري باسم الاب والابن والروح القدس، باسم الإله الواحد الأبديّ السرمديّ.ولدتُ قبل ستين سنة في قصر والدي، المركيز المنحدر من سلالة بوربون؛ وهوَ القصرُ الكائن في مزرعة بشرق باريس، لها إطلالة على نهر السين، المتجه غرباً ليصب في مياه المحيط. من ذلك المكان الجميل، خرجتُ مُجبراً وأنا في سنّ الخمسين تقريباً، عام 1789، وذلك إبّان الثورة الفرنسية، التي غيّرت النظام القديم إلى غير رجعة أبداً. نزحتُ أولاً إلى البندقية، مسقط رأس المرحومة والدتي، وبعد إقامة قصيرة فيها راودتني فكرة السفر إلى الشرق، علّني أستمد من حكمته وسحره عوناً لروحي الضائعة وذهني المنهك. الآن، أمسكُ الريشةَ قبل أن تصابَ يدي برعشة الشيخوخة، قبل أن تذوي ذاكرتي، مستعملاً اللغة العربية لأول مرة. كنتُ أعرف هذه اللغة منذ فتوّتي، كوني درستها مع اللاتينية على يد أستاذ أحضره والدي للقصر. بهذه اللغة، أسجّلُ أحداثاً شهدتها في شبابي بمدينة دمشق، وكنتُ قد حللت فيها في أواخر ذلك العام، الشاهد على مغادرتي موطني. بلى، كانت أحداثاً خطيرة ومستطيرة، كما لو أنها صورة مصغّرة عما جرى في مسقط رأسي عقبَ الثورة. بل إنني سمعتُ بأذني، أكثر من مرة، كلمة " الجمهورية " وهيَ تتردد على ألسنة بعض العوام حينَ ثاروا مع غيرهم من الدمشقيين على أعوان الوالي السابق، الظالم الغشوم. وإنها الأحداث، المختتمة إقامتي في لؤلؤة المشرق بعدما أمضيتُ فيها عقداً من الأعوام، لأعود من جديد إلى القارة العجوز كي أستقر في مدينة البندقية بشكل نهائيّ. شعورٌ مُغرٍ لإنسان مثلي ـ نجيَ من تحت ركام الزلازل، المسماة ثورات ـ أن يتخذَ صفةَ المؤرخ، المسجّل كلمة كلمة ما شهده بعينيه. ولعلني أشبهُ الراوي أكثر؛ وأعني ذلك الرجل الطريف، المدعو ب " الحكواتي "، الذي تعرفه مقاهي الشام وهوَ يجلسُ على سدّة عالية وبيده مجلدٌ كبير يقرأ منه بصوت عال عن ملاحم بطولية، شبيهة ببعض قصص " ألف ليلة وليلة "، المعروفة لدينا في الغرب، مستعملاً أحياناً اللهجة المحلية. وقد تعلمت الدارجة الدمشقية أيضاً، ووجدتها أسهل من العربية الكلاسيكية. إلى ذلك، ضافرَ من شعوري، الموصوف آنفاً، ما كنتُ أحسّ به من وحدة وأنا بلا أهل وأصدقاء مقربين في المنفى الإيطاليّ. في هذا الصدد، عليّ الإشارة إلى أنني فقدتُ الاتصال بأسرتي لمدة طويلة. إذ بقيت الأسرة في باريس، وكانت مكوّنة من امرأتي وأولاد ثلاثة كنتُ قد تركتهم وأكبرهم كان في العشرين من عُمره. لقد علمتُ أن عائلتي قدمت إلى البندقية، عاماً عقبَ مغادرتي لها متجهاً إلى الشرق. لكنّ الأسرة فضّلت فيما بعد الانتقال إلى لندن، أينَ استقر عددٌ كبير من مواطنينا، الموالين للملكية. منذ عودتي من دمشق، تسنّى لي زيارة العائلة عدة مرات لحين رحيل امرأتي عن العالم. لكن أولادي لم ينقطعوا بعدئذٍ عن القدوم إلى البندقية، بهدف الاطمئنان عليّ. من ناحية أخرى، شاء لي القدَرُ أن أحظى بحبيبة في مكان لم أتوقعه البتة؛ في مدينة دمشق، المعدّة من أكثر الحواضر الإسلامية محافظةً. القارئ، بهذه الحالة، سيعلمُ أنني أعني امرأةً مسلمة. لقد كدّتُ من أجلها أن أتحوّل عن ديني، لولا أن إيماني المسيحيّ نفسه باتَ بتلك الآونة مشكوكاً فيه! في المقابل، تداخلت في إيماني عقيدةُ التقمّص، المنتشرة بين الطوائف الهرطوقية في تلك البلاد المسلمة. وإنها عقيدة، فرضت نفسها عليّ بشدّة على خلفية واقعة تعرّفي بالحبيبة الدمشقية. لكأنما هذه المرأة قد تقمصتها روحُ امرأة أخرى، كانت تربطني بها علاقة عشق في موطني الأول. " غالينا " الروسية، كانت أرملة أحد الملاكين المقيمين في الجوار، وكان الرجلُ أيضاً من طبق ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#مفتتح
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=708619
الحوار المتمدن
دلور ميقري - كما رواه شاهد عيان: مفتتح
دلور ميقري : كما رواه شاهد عيان: الباب الأول
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1" درّةُ المَشرق، ونورُهُ المُشرق المُونق "هذا ما رددته في نفسي، آنَ ألقيتُ نظرة شاملة على منظر المدينة. ولكنها كانت كلمات " ابن بطوطة "، الرحّالة المغربيّ من القرن الرابع عشر الميلاديّ. لقد انبهر بمشهد دمشق، مثلي سواءً بسواء، لما تأمّله من علو إحدى صخور جبل قاسيون.لكنني كنتُ أشرف على الندينة، وأنا أقفُ على سطح الخان العظيم، المُعَّرف باسم بانيه، " أسعد باشا "؛ وهوَ أشهر الولاة من آل " العظم "، الذين حكموا الشام منذ منتصف هذا القرن. لقد استأجرتُ حجرةً حَسَنة في الخان، بمبلغ غرش عثمانيّ واحد، بما في ذلك وجبات الطعام. توصّلتُ لمعرفة الخان، بفضل موظف خطير الشأن في القسطنطينية، التي كانت أولى محطاتي في المشرق. هذا الموظف، الدمشقيّ المنشأ، المنتسب لديوان الباب العالي، أمدّني أيضاً برسالة توصية، على أن أبرزها لو وقعتُ في مأزقٍ ما مع السلطات في الولاية السورية. كوني لم أحتج بعدُ للرسالة، فإنني سأعمد لوصف الخان؛ ولو بأكثر العبارات إيجازاً.قبل كل شيء، عليّ التنويه بفترة إقامتي في إمارة البندقية، الذاخرة بعمارةٍ تعود إلى عصر النهضة الإيطاليّ. لذلك انتبهت إلى عمارة الخان الدمشقيّ، وأنها شبيهة، إلى حدّ ما، بما عاينته من عمارة في بلد المنفى الأول ذاك. ملاحظاتي الأخرى، سيدينُ بعضها لقراءاتي التالية في تاريخ دمشق، وأيضاً بمعلوماتٍ حصلتُ عليها من قبل أصدقاء من ساكني المدينة. بيد أنّ الخان، في المقابل، لم يكن بعظمة أقرانه من العمائر الإيطالية. على أنه يشبهها لناحية الارتفاع المتوسط في البناء، بمقابل العرض الوافر. كذلك فإن واجهة الخان من طراز عمارة القرون الوسطى، الإسلامية؛ أيْ الأيوبية ـ المملوكية. والواجهة مندمجة في مستوى البناء ككل، تتوسطها بوابة مهيبة، بينما تنفتح من الجدران على الخارج محلاتٌ تجارية متنوعة. البوابة، المنحوتة من خشب الجوز، مصفّحة بألواح معدنية، ومثقوبة بمسامير، لتغدو على شكل خلايا النحل. بينما جبينُ الواجهة من الرخام، زيّنَ ببذخ بالمنحوتات والزخارف الهندسية، وتوّجَ بلوحة مكتوب فيها بالعربية اسم الخان وتاريخ الانتهاء من تشييده. من خلال البوابة، يَلِجُ رجلٌ غريب، مثلي، إلى الأقسام الداخلية وقد امتلأ، سلفاً، بعظمة المكان. أدخلُ إذاً من خلال دهليزٍ مزدوج، متصل مع الرواق بسقف ذي نقوشٍ متنوعة. أعبرُ الدهليزَ، لأجد نفسي أمام درجٍ يصل إلى الدور الثاني، أين قباب الرواق. من الأعلى، يُمكن الاطلالة على باحة الخان، المرخّمة الأرضية، والمربعة الشكل، المنفتحُ أيضاً من جدرانها عددٌ من المتاجر، واجهاتها مزخرفة على طريقة الأرابيسك. الفناء، تتوسطه بركة مرمرية، مثمّنة الشكل، تبدو من علٍ كأنها عينٌ سيكلوبية. لعل الأصالة الدمشقية تبرز أكثر في الجدران، المكسوة بالمداميك الحجرية؛ وهيَ من فوق لتحت بالحجر البازاتيّ ثم الحجر الكلسيّ، الضارب للصفرة. صُرْحُ الخان، عبارة عن قبة عظيمة، يحيطها ثماني قباب صغيرة ذات عقود على هيئة متوالية بين الشكل المربع والدائريّ. ذلك الصرح، المحمول على أربع أعمدة ضخمة، ذكّرني هذه المرة بقبة بولس وبطرس في الفاتيكان، المشادة من لدُن الفنان العبقريّ " مايكل آنج ". مما له مغزاه في تلك المقارنات، أن كاتب سطور هذه التذكرة، الذي تجري في عروقه الدماء الإيطالية، كان آنذاك يموّه نفسه بملابس أهل البلد؛ وذلك أيضاً بنصيحة من أحد الأصدقاء: شكلي ومظهري الخارجيّ، لم يكونا في حقيقة الحال ليميزاني عن الشوام، المتّسمين عموماً بلونهم الأبيض وشعرهم الفاتح وقسماتهم الدقيقة إلى رشاقة في البدن ورقة في الطبيعة. ذلك الصديق، صاحب النصيحة، تع ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#الباب
#الأول
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=708965
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1" درّةُ المَشرق، ونورُهُ المُشرق المُونق "هذا ما رددته في نفسي، آنَ ألقيتُ نظرة شاملة على منظر المدينة. ولكنها كانت كلمات " ابن بطوطة "، الرحّالة المغربيّ من القرن الرابع عشر الميلاديّ. لقد انبهر بمشهد دمشق، مثلي سواءً بسواء، لما تأمّله من علو إحدى صخور جبل قاسيون.لكنني كنتُ أشرف على الندينة، وأنا أقفُ على سطح الخان العظيم، المُعَّرف باسم بانيه، " أسعد باشا "؛ وهوَ أشهر الولاة من آل " العظم "، الذين حكموا الشام منذ منتصف هذا القرن. لقد استأجرتُ حجرةً حَسَنة في الخان، بمبلغ غرش عثمانيّ واحد، بما في ذلك وجبات الطعام. توصّلتُ لمعرفة الخان، بفضل موظف خطير الشأن في القسطنطينية، التي كانت أولى محطاتي في المشرق. هذا الموظف، الدمشقيّ المنشأ، المنتسب لديوان الباب العالي، أمدّني أيضاً برسالة توصية، على أن أبرزها لو وقعتُ في مأزقٍ ما مع السلطات في الولاية السورية. كوني لم أحتج بعدُ للرسالة، فإنني سأعمد لوصف الخان؛ ولو بأكثر العبارات إيجازاً.قبل كل شيء، عليّ التنويه بفترة إقامتي في إمارة البندقية، الذاخرة بعمارةٍ تعود إلى عصر النهضة الإيطاليّ. لذلك انتبهت إلى عمارة الخان الدمشقيّ، وأنها شبيهة، إلى حدّ ما، بما عاينته من عمارة في بلد المنفى الأول ذاك. ملاحظاتي الأخرى، سيدينُ بعضها لقراءاتي التالية في تاريخ دمشق، وأيضاً بمعلوماتٍ حصلتُ عليها من قبل أصدقاء من ساكني المدينة. بيد أنّ الخان، في المقابل، لم يكن بعظمة أقرانه من العمائر الإيطالية. على أنه يشبهها لناحية الارتفاع المتوسط في البناء، بمقابل العرض الوافر. كذلك فإن واجهة الخان من طراز عمارة القرون الوسطى، الإسلامية؛ أيْ الأيوبية ـ المملوكية. والواجهة مندمجة في مستوى البناء ككل، تتوسطها بوابة مهيبة، بينما تنفتح من الجدران على الخارج محلاتٌ تجارية متنوعة. البوابة، المنحوتة من خشب الجوز، مصفّحة بألواح معدنية، ومثقوبة بمسامير، لتغدو على شكل خلايا النحل. بينما جبينُ الواجهة من الرخام، زيّنَ ببذخ بالمنحوتات والزخارف الهندسية، وتوّجَ بلوحة مكتوب فيها بالعربية اسم الخان وتاريخ الانتهاء من تشييده. من خلال البوابة، يَلِجُ رجلٌ غريب، مثلي، إلى الأقسام الداخلية وقد امتلأ، سلفاً، بعظمة المكان. أدخلُ إذاً من خلال دهليزٍ مزدوج، متصل مع الرواق بسقف ذي نقوشٍ متنوعة. أعبرُ الدهليزَ، لأجد نفسي أمام درجٍ يصل إلى الدور الثاني، أين قباب الرواق. من الأعلى، يُمكن الاطلالة على باحة الخان، المرخّمة الأرضية، والمربعة الشكل، المنفتحُ أيضاً من جدرانها عددٌ من المتاجر، واجهاتها مزخرفة على طريقة الأرابيسك. الفناء، تتوسطه بركة مرمرية، مثمّنة الشكل، تبدو من علٍ كأنها عينٌ سيكلوبية. لعل الأصالة الدمشقية تبرز أكثر في الجدران، المكسوة بالمداميك الحجرية؛ وهيَ من فوق لتحت بالحجر البازاتيّ ثم الحجر الكلسيّ، الضارب للصفرة. صُرْحُ الخان، عبارة عن قبة عظيمة، يحيطها ثماني قباب صغيرة ذات عقود على هيئة متوالية بين الشكل المربع والدائريّ. ذلك الصرح، المحمول على أربع أعمدة ضخمة، ذكّرني هذه المرة بقبة بولس وبطرس في الفاتيكان، المشادة من لدُن الفنان العبقريّ " مايكل آنج ". مما له مغزاه في تلك المقارنات، أن كاتب سطور هذه التذكرة، الذي تجري في عروقه الدماء الإيطالية، كان آنذاك يموّه نفسه بملابس أهل البلد؛ وذلك أيضاً بنصيحة من أحد الأصدقاء: شكلي ومظهري الخارجيّ، لم يكونا في حقيقة الحال ليميزاني عن الشوام، المتّسمين عموماً بلونهم الأبيض وشعرهم الفاتح وقسماتهم الدقيقة إلى رشاقة في البدن ورقة في الطبيعة. ذلك الصديق، صاحب النصيحة، تع ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#الباب
#الأول
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=708965
الحوار المتمدن
دلور ميقري - كما رواه شاهد عيان: الباب الأول
دلور ميقري : كما رواه شاهد عيان: الباب الثاني
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1كنتُ أفكّر، أنّ من سخرية القدَر أن أنجو بجلدي من أولئك الثوار في باريس، المجدّفين في أمور الدين، لكي أقع في مدينةٍ إسلامية محافظة، تَصِمُ النصارى بكونهم كفاراً. وها أنا ذا أعيشُ بين ظهراني هؤلاء المحافظين، بشرائي منزلاً في حي القيمرية داخل دمشق القديمة. حتى تكتمل المفارقة، سأعلمُ سلفاً أن صاحبَ البيت الأصليّ كان دَعيّ نبوّة أو ربما عُرف بقدرته على التنبؤ. بدا البيتُ كما لو أنّ أصحابه غادروه قبل ساعة، وليسَ مهجوراً منذ عقود طويلة. إذ أهتم الجيرانُ بنظافة المنزل، وكانوا يسقون بانتظام حديقته. فعلوا ذلك، إيماناً منهم بالرجل المبارك، المدفون تحت ظلال الأشجار المثمرة؛ وكان قد اشتهر بالمعجزات والكرامات في حياته ومماته على حدّ سواء. كان البيت صغيراً، مكّوناً من حجرة نوم واحدة على شكل القنطرة، فيما حجرة أخرى استعملت كمطبخ. وكان يفصل بين الحجرتين رواق، يُشبه أيضاً القنطرة. لقد خضع المنزل لعملية ترميم شاملة، تعهّدها المشتري الأخير أو سلفه. كان هذا بالضبط ما رغبتُ فيه، أنا مَن كنتُ مصاباً برهاب الحجرات الكثيرة ذات الممرات المذكّرة بالمتاهة، التي كانت تشكّل قصرَ الأسرة الباريسيّ. هنا في هذا البيت الصغير، فكّرتُ في نفسي، لو كان ثمة شبحٌ فإن مجال حركته تبقى محدودة. مع أن إيمانيّ المسيحيّ بعيدٌ عما يُبشّر به الخوارنة، إلا أنني أعتقدتُ دوماً بالسحر والقوى الخفيّة، وبالتقمّص. لم تكن عبثية، إشارتي إلى الشبح، طالما أنّ الجيران أكّدوا رؤيته وهوَ يتنقل بين الحجرات والحديقة. بالطبع، معلوماتي استقيتها من السيّد خليل لا من البائع، الذي كان يود التخلّص من المنزل ولو عن طريق بيعه بثمن زهيد. " كون المنزل مهجوراً منذ ثلاثة عقود تقريباً، فلا بد أن الشبحَ أصحى مُسنّاً "، قلتُ لخليل بنبرة تهكّم بعدما تمت عملية البيع. كنت قد رغبتُ بجعل عقد البيع باسمه، لكنه لم يوافق. وكانت حجته أن البائع ليسَ من سكان القيمرية، وبالتالي ليسَ مهماً لو عرف حقيقة شخصي. هذا الأخير، تخلّى لي بكرم عن أثاث المنزل وكان ما يفتأ جيداً وسليماً. لم يمكث السيّد خليل طويلاً عقبَ الانتهاء من عملية نقل الملكية، لكنه أبلغني بعودته إليّ في مساء الخميس القادم مع بقية الأصدقاء: " وعلى فكرة، سيبدأ صيام رمضان في يوم الجمعة "، أضافَ مبتسماً مع شيء من الحَرَج. خرجتُ معه على الأثر، وكان في نيّتي أن أتناول الغداء في المطعم ومن ثم شراء بعض الحاجيات من السوق. توادعتُ معه عند باب الدار، ثم مضى كلّ منا في طريقه. إذاك تذكّرتُ كيسَ أغراضي، وكان ما يفتأ في حجرتي بالخان، ما جعلني أقصد ذلك المكان أولاً. برجوعي إلى المنزل، أخرجتُ من الكيس كتبي الأثيرة، ووضعتها في خزانة جميلة كانت مركونة عند حائط حجرة النوم. عندئذٍ انتبهتُ لوجود أوراق، حال لونها إلى الاصفرار، وكان عليها رموزٌ فلكية غريبة. فكّرتُ أنها لا بدّ وتعود للرجل المبارك، ولعلها لم تمسّ مذ فترة رحيله عن العالم. عندما حلّ الليل، عمدتُ إلى توزيع عدد من الشموع المشتعلة في الرواق، بينما أنيرت حجرة النوم بقنديل كبير: هكذا سأواجه الشبحَ، قلتُ في نفسي، لو جازفَ بالخروج من القبر أو من الكثافة!أعتقد أنّ نومي كان هادئاً لحين مجيء الفجر، حيث أفقتُ على حركة غريبة. أصختُ السمعَ وأنا بين اليقظة والمنام، إلى أن تيقنتُ بأنه عصفورٌ يتنقل بين الرواق والمطبخ المفتوح على الحديقة. بقيتُ أتقلّب في فراشي ساعة أخرى، لأتيقن هذه المرة باستحالة عودتي إلى النوم. نهضتُ على الأثر لأغتسل في الحمّام، لأفاجأ عندما لم أجد ماءً في البرميل الصغير، الموضوع هناك. كنتُ واثقاً من امتلاء الب ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#الباب
#الثاني
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=709357
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1كنتُ أفكّر، أنّ من سخرية القدَر أن أنجو بجلدي من أولئك الثوار في باريس، المجدّفين في أمور الدين، لكي أقع في مدينةٍ إسلامية محافظة، تَصِمُ النصارى بكونهم كفاراً. وها أنا ذا أعيشُ بين ظهراني هؤلاء المحافظين، بشرائي منزلاً في حي القيمرية داخل دمشق القديمة. حتى تكتمل المفارقة، سأعلمُ سلفاً أن صاحبَ البيت الأصليّ كان دَعيّ نبوّة أو ربما عُرف بقدرته على التنبؤ. بدا البيتُ كما لو أنّ أصحابه غادروه قبل ساعة، وليسَ مهجوراً منذ عقود طويلة. إذ أهتم الجيرانُ بنظافة المنزل، وكانوا يسقون بانتظام حديقته. فعلوا ذلك، إيماناً منهم بالرجل المبارك، المدفون تحت ظلال الأشجار المثمرة؛ وكان قد اشتهر بالمعجزات والكرامات في حياته ومماته على حدّ سواء. كان البيت صغيراً، مكّوناً من حجرة نوم واحدة على شكل القنطرة، فيما حجرة أخرى استعملت كمطبخ. وكان يفصل بين الحجرتين رواق، يُشبه أيضاً القنطرة. لقد خضع المنزل لعملية ترميم شاملة، تعهّدها المشتري الأخير أو سلفه. كان هذا بالضبط ما رغبتُ فيه، أنا مَن كنتُ مصاباً برهاب الحجرات الكثيرة ذات الممرات المذكّرة بالمتاهة، التي كانت تشكّل قصرَ الأسرة الباريسيّ. هنا في هذا البيت الصغير، فكّرتُ في نفسي، لو كان ثمة شبحٌ فإن مجال حركته تبقى محدودة. مع أن إيمانيّ المسيحيّ بعيدٌ عما يُبشّر به الخوارنة، إلا أنني أعتقدتُ دوماً بالسحر والقوى الخفيّة، وبالتقمّص. لم تكن عبثية، إشارتي إلى الشبح، طالما أنّ الجيران أكّدوا رؤيته وهوَ يتنقل بين الحجرات والحديقة. بالطبع، معلوماتي استقيتها من السيّد خليل لا من البائع، الذي كان يود التخلّص من المنزل ولو عن طريق بيعه بثمن زهيد. " كون المنزل مهجوراً منذ ثلاثة عقود تقريباً، فلا بد أن الشبحَ أصحى مُسنّاً "، قلتُ لخليل بنبرة تهكّم بعدما تمت عملية البيع. كنت قد رغبتُ بجعل عقد البيع باسمه، لكنه لم يوافق. وكانت حجته أن البائع ليسَ من سكان القيمرية، وبالتالي ليسَ مهماً لو عرف حقيقة شخصي. هذا الأخير، تخلّى لي بكرم عن أثاث المنزل وكان ما يفتأ جيداً وسليماً. لم يمكث السيّد خليل طويلاً عقبَ الانتهاء من عملية نقل الملكية، لكنه أبلغني بعودته إليّ في مساء الخميس القادم مع بقية الأصدقاء: " وعلى فكرة، سيبدأ صيام رمضان في يوم الجمعة "، أضافَ مبتسماً مع شيء من الحَرَج. خرجتُ معه على الأثر، وكان في نيّتي أن أتناول الغداء في المطعم ومن ثم شراء بعض الحاجيات من السوق. توادعتُ معه عند باب الدار، ثم مضى كلّ منا في طريقه. إذاك تذكّرتُ كيسَ أغراضي، وكان ما يفتأ في حجرتي بالخان، ما جعلني أقصد ذلك المكان أولاً. برجوعي إلى المنزل، أخرجتُ من الكيس كتبي الأثيرة، ووضعتها في خزانة جميلة كانت مركونة عند حائط حجرة النوم. عندئذٍ انتبهتُ لوجود أوراق، حال لونها إلى الاصفرار، وكان عليها رموزٌ فلكية غريبة. فكّرتُ أنها لا بدّ وتعود للرجل المبارك، ولعلها لم تمسّ مذ فترة رحيله عن العالم. عندما حلّ الليل، عمدتُ إلى توزيع عدد من الشموع المشتعلة في الرواق، بينما أنيرت حجرة النوم بقنديل كبير: هكذا سأواجه الشبحَ، قلتُ في نفسي، لو جازفَ بالخروج من القبر أو من الكثافة!أعتقد أنّ نومي كان هادئاً لحين مجيء الفجر، حيث أفقتُ على حركة غريبة. أصختُ السمعَ وأنا بين اليقظة والمنام، إلى أن تيقنتُ بأنه عصفورٌ يتنقل بين الرواق والمطبخ المفتوح على الحديقة. بقيتُ أتقلّب في فراشي ساعة أخرى، لأتيقن هذه المرة باستحالة عودتي إلى النوم. نهضتُ على الأثر لأغتسل في الحمّام، لأفاجأ عندما لم أجد ماءً في البرميل الصغير، الموضوع هناك. كنتُ واثقاً من امتلاء الب ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#الباب
#الثاني
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=709357
الحوار المتمدن
دلور ميقري - كما رواه شاهد عيان: الباب الثاني
دلور ميقري : كما رواه شاهد عيان: الباب الثالث
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1مثل تعاقب الفصول، أكررُ أيامي بانتظام وعلى نسقٍ واحد. لكن أكثر من مفاجأة، علّمت على يومي الآفل. كذلك رحتُ أفكّر، لما أفقت صباحاً في موعد مشترك مع طيور الحديقة. شدوها الشجيّ، جاء إليّ في فراشي كأنه يدعوني إلى النهوض وترك الأفكار جانباً. لم ألبّ الدعوة فوراً، وذلك بسبب هيمنة ذكرى امرأة النافذة: يا لها من مصادفة غريبة، فكّرتُ، أن ألقاها أول مرة وأنا راكبٌ الكروسة، ومرة أخرى عندما كانت هي من تركب كروستها. وأدركتُ أنها عربتها الخاصة، بالنظر إلى هيئة الحوذي. أما شبهها بذلك الرسم، المصوّر الطفلة، فإنني تأكّدتُ منه تقريباً حالما عدت إلى الدار. لكنها كانت شبيهة، فوق ذلك، بعشيقتي الروسية. ماذا يعني هذا كله، سوى أنني بمواجهة لعبة القدَر؟نهضتُ أخيراً، بينما السؤال ما يني يحلّق فوق رأسي بحيث سلوتُ أمرَ " الشبح " ومقالبه اليومية. بيد أنه كان حاضراً، ولا غرو، بالنظر إلى كونه صاحب الرسم. في هذه الحالة، فكّرتُ مجدداً، لا بد أن ثمة وشيجة تربط الرجل بامرأة النافذة. وذلك الآمر، المنتمي لصنف المرتزقة كما تبيّنَ من ملابسه؟ أهو زوجها، أم أنه والدها؛ لو فكّرنا بفارق السن بينهما؟ لقد كان في مثلي سنّي، فكّرتُ متنهداً، وكانت له شراستي عندما كان النحسُ يضع أمامي فلاحاً بليداً وهمجياً! في هذه الحالة، بالوسع التفكير في عقيدة التقمّص أكثر منها لعبة القدَر. تناولتُ فطوري في الحديقة، وكانت هيَ أول مرة أفعل ذلك. فما لبثت الطيور أن شاركتني الطعام، بانهمارها عليّ من الأشجار كما الثمار الناضجة. وكنتُ حينئذٍ أجلس في ظل شجرة توت أبيض، وقد نضجت ثمارها فعلاً بفضل شمس الربيع المتأخر. عقبَ فراغي من الأكل، فرشتُ السماط تحت الشجرة، ثم قمت بهز جذعها بقوة؛ لتتساقط الثمار كالمطر. حملتُ غلّة الثمار ثم اتجهت إلى البئر، لكي أغسلها. يتعين القول، أن الماء في دمشق نظيفٌ وعذب سواءَ أكان من جوف الأرض أو من الأنهار. التهمتُ كمية كبيرة من ثمار التوت اللذيذة، ثم رميت الباقي إلى الطيور. خطر ببالي بعدئذٍ الذهابَ إلى حي القنوات المجاور، علّني أحظى برؤية سيّدة النافذة. ولكن لماذا أدعوها بهكذا استعارة، مع أنني عرفتُ اسمها؟ بلى، إن صاحبَ الرسم قد وضع بأحرف صغيرة اسمَ الطفلة، وتمكنتُ بالأمس من الانتباه إليه؛ " كَوليزار ". وإنه اسمٌ جميل، له رنينٌ باريسيّ في سمعي. بل إنه يشبه أيضاً اسمَ الكنار، الطائر البديع، الذي امتلكت منه فيما مضى عدداً كبيراً في قصري. ولقد أطلقتُ طيوري جميعاً، آنَ صممتُ على الهرب من البلد إلى المنفى. أما عشيقتي الروسية، فإن جنسيتها الأصلية سهّلت عليها الحصول على أذن بمغادرة فرنسا. ولعلها الآنَ في أحد المنتجعات الصحية في ألمانيا، أينَ دأبت على التواجد هناك في السابق بسبب مرض الربو.خرجتُ من المنزل وأنا أحاول طرد ذكرى عشيقتي، لتحل بمحلها صورة كَوليزار. أسعدني ترديد الاسم في داخلي، برغم أنني غير متيقن بعدُ تماماً من أنها صاحبة الرسم الطفوليّ. أسلمتُ نفسي إلى متعة التجوال، لأكتشف المزيد من فتنة المدينة القديمة. مع ذلك، بقيَ الذهنُ متعلقاً بصورة معذبة القلب، فلم أتمكن من حفظ الأماكن، التي أوصلتني إليها قدماي. ربما أكملتُ دورة كاملة حول المسجد الكبير، لأمرّ خِلَلها من أمام المدارس، الثاوي تحت قبابها جثامينُ عدد من القادة العظام؛ نظير الشقيقين صلاح الدين والملك العادل والسلطان المملوكي المرعب، بيبرس. شعرتُ على الأثر بالجوع، لأتناول غدائي من ثم في مطعمي المختار. شربت الشاي هنالك أيضاً، وكان في فكري أن أتابع جولتي لتقودني إلى ذلك المنزل، أين تسكن معذبتي. المفردة الأخيرة، كأنني ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#الباب
#الثالث
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=709750
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1مثل تعاقب الفصول، أكررُ أيامي بانتظام وعلى نسقٍ واحد. لكن أكثر من مفاجأة، علّمت على يومي الآفل. كذلك رحتُ أفكّر، لما أفقت صباحاً في موعد مشترك مع طيور الحديقة. شدوها الشجيّ، جاء إليّ في فراشي كأنه يدعوني إلى النهوض وترك الأفكار جانباً. لم ألبّ الدعوة فوراً، وذلك بسبب هيمنة ذكرى امرأة النافذة: يا لها من مصادفة غريبة، فكّرتُ، أن ألقاها أول مرة وأنا راكبٌ الكروسة، ومرة أخرى عندما كانت هي من تركب كروستها. وأدركتُ أنها عربتها الخاصة، بالنظر إلى هيئة الحوذي. أما شبهها بذلك الرسم، المصوّر الطفلة، فإنني تأكّدتُ منه تقريباً حالما عدت إلى الدار. لكنها كانت شبيهة، فوق ذلك، بعشيقتي الروسية. ماذا يعني هذا كله، سوى أنني بمواجهة لعبة القدَر؟نهضتُ أخيراً، بينما السؤال ما يني يحلّق فوق رأسي بحيث سلوتُ أمرَ " الشبح " ومقالبه اليومية. بيد أنه كان حاضراً، ولا غرو، بالنظر إلى كونه صاحب الرسم. في هذه الحالة، فكّرتُ مجدداً، لا بد أن ثمة وشيجة تربط الرجل بامرأة النافذة. وذلك الآمر، المنتمي لصنف المرتزقة كما تبيّنَ من ملابسه؟ أهو زوجها، أم أنه والدها؛ لو فكّرنا بفارق السن بينهما؟ لقد كان في مثلي سنّي، فكّرتُ متنهداً، وكانت له شراستي عندما كان النحسُ يضع أمامي فلاحاً بليداً وهمجياً! في هذه الحالة، بالوسع التفكير في عقيدة التقمّص أكثر منها لعبة القدَر. تناولتُ فطوري في الحديقة، وكانت هيَ أول مرة أفعل ذلك. فما لبثت الطيور أن شاركتني الطعام، بانهمارها عليّ من الأشجار كما الثمار الناضجة. وكنتُ حينئذٍ أجلس في ظل شجرة توت أبيض، وقد نضجت ثمارها فعلاً بفضل شمس الربيع المتأخر. عقبَ فراغي من الأكل، فرشتُ السماط تحت الشجرة، ثم قمت بهز جذعها بقوة؛ لتتساقط الثمار كالمطر. حملتُ غلّة الثمار ثم اتجهت إلى البئر، لكي أغسلها. يتعين القول، أن الماء في دمشق نظيفٌ وعذب سواءَ أكان من جوف الأرض أو من الأنهار. التهمتُ كمية كبيرة من ثمار التوت اللذيذة، ثم رميت الباقي إلى الطيور. خطر ببالي بعدئذٍ الذهابَ إلى حي القنوات المجاور، علّني أحظى برؤية سيّدة النافذة. ولكن لماذا أدعوها بهكذا استعارة، مع أنني عرفتُ اسمها؟ بلى، إن صاحبَ الرسم قد وضع بأحرف صغيرة اسمَ الطفلة، وتمكنتُ بالأمس من الانتباه إليه؛ " كَوليزار ". وإنه اسمٌ جميل، له رنينٌ باريسيّ في سمعي. بل إنه يشبه أيضاً اسمَ الكنار، الطائر البديع، الذي امتلكت منه فيما مضى عدداً كبيراً في قصري. ولقد أطلقتُ طيوري جميعاً، آنَ صممتُ على الهرب من البلد إلى المنفى. أما عشيقتي الروسية، فإن جنسيتها الأصلية سهّلت عليها الحصول على أذن بمغادرة فرنسا. ولعلها الآنَ في أحد المنتجعات الصحية في ألمانيا، أينَ دأبت على التواجد هناك في السابق بسبب مرض الربو.خرجتُ من المنزل وأنا أحاول طرد ذكرى عشيقتي، لتحل بمحلها صورة كَوليزار. أسعدني ترديد الاسم في داخلي، برغم أنني غير متيقن بعدُ تماماً من أنها صاحبة الرسم الطفوليّ. أسلمتُ نفسي إلى متعة التجوال، لأكتشف المزيد من فتنة المدينة القديمة. مع ذلك، بقيَ الذهنُ متعلقاً بصورة معذبة القلب، فلم أتمكن من حفظ الأماكن، التي أوصلتني إليها قدماي. ربما أكملتُ دورة كاملة حول المسجد الكبير، لأمرّ خِلَلها من أمام المدارس، الثاوي تحت قبابها جثامينُ عدد من القادة العظام؛ نظير الشقيقين صلاح الدين والملك العادل والسلطان المملوكي المرعب، بيبرس. شعرتُ على الأثر بالجوع، لأتناول غدائي من ثم في مطعمي المختار. شربت الشاي هنالك أيضاً، وكان في فكري أن أتابع جولتي لتقودني إلى ذلك المنزل، أين تسكن معذبتي. المفردة الأخيرة، كأنني ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#الباب
#الثالث
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=709750
الحوار المتمدن
دلور ميقري - كما رواه شاهد عيان: الباب الثالث
دلور ميقري : كما رواه شاهد عيان: الباب الرابع
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1فاضت نفسي حنقاً، لشكّي بأنّ كَوليزار كانت تمتنع عمداً عن الظهور في خلال الأيام العشرة المنصرمة. هذا ما استشفّ من رؤيتي لنافذتها المضاءة، الدالّة على وجودها في المنزل. لعل رأسي، المثقل بالخمر، رسخّ فيّ هكذا اعتقاد. وإنه الشراب المسكر، مَن دفعني على الأثر للأتيان بحركة طائشة وخطرة: انحنيتُ على الأرض، بحثاً عن حجر صغير، مستهدٍ بنور المشعل، المثبت في أحد جانبيّ جدار القنطرة. لما عثرتُ على الحجر المناسب، قذفته باتجاه النافذة، ليحدث في اصطدامه بخشب المشربية صوتاً عكّر السكونَ.كنتُ على مبعدة خطوة من القنطرة، مقرراً أن أجتازها والاختفاء في عتمتها ما لو ظهرَ من وراء النافذة شخصٌ ما، غير كَوليزار. لكن مضى الوقتُ بطيئاً، ممضاً، دونَ أن يتغيّر المشهد هنالك في الأعلى. في الأثناء، ارتسمَ النورُ تباعاً في نوافذ بعض الدور المجاورة. لأول وهلة، توهمتُ أنه صوتُ الحجر مَن أيقظ أولئك الجيران. إلى أن خرقَ الصمتَ دويّ عميقٌ، بعيدٌ، شبيه بإيقاع الطبل. عندئذٍ فهمتُ، أنه صوتُ طبلة رجلٍ يُدعى " المسحّر "، يتولى إيقاظ الصائمين كي يتناولوا آخر وجبة طعام قبل موعد أذان الفجر. وإنما في هذه اللحظة، انتبهتُ لشبح امرأة، استقامَ وراء النافذة المعنية. لقد كانت هيَ، فما لبثت أن أسقطت شيئاً باتجاه موقفي. أنحنيت مرة أخرى إلى الأرض، لأتناول منديلاً ضَمّ رقعةً من الورق. بقيتُ لحظةً، أملاً في رؤية صاحبة الرسالة، لكنها لم تُظهر نفسها. كون صدى طبلة المسحّر أضحى قريباً، فإنني غادرتُ مكاني عابراً القنطرة. فكّرتُ في نفسي، وأنا قابضٌ على المنديل: " لو أن الرسالة تبلغني بموعدٍ آنيّ، لما كان ثمة ضرورة لكتابتها؛ لكانت صاحبتها قد نزلت في الحال كي تلقاني، مثلما جرى آخر مرة ".وصلتُ إلى منزلي، في وقتٍ كانت فيه بعضُ نوافذ الجيران مضاءة. بعدما أنرتُ بدَوري القنديلَ الكبير، الكائن في حجرة النوم، عكفتُ على الورقة بعدما شممتُ بعمق رائحة الحبيبة، المبثوثة في المنديل. في أوروبا، تَنقش المرأةُ أولَ حرفٍ من اسمها على منديلها، لكن هكذا تقليد يبدو أنه غير معروفٍ في الشرق. كانت رسالةً، إذاً، مسجّلة بخط جميل وبأحرف كبيرة بالكاد أتسعت لها الورقة الصغيرة: " بعد أيام، سيسافر رجلي مع المحمل الشريف إلى الحج، وحتى ذلك الوقت لا أريدك أن تمر من أمام منزلي ". أسفتُ لخلو ذيل الرسالة من اسم مرسلتها، مع أن هذا كان دليلاً على الحرص واليقظة. من ناحيتي، رأيتُ أن أفضل مكان لحفظ الرسالة هوَ حزمةُ أوراق " الشبح "، أينَ استللت منها فيما مضى رسمَ الطفلة. بينما المنديلُ بقيَ بيدي لما أويت إلى الفراش، وما لبثتُ أن دسسته تحت الوسادة كي يكون حارساً دائماً لمنامي.صباحُ اليوم التالي، حملَ إليّ مفاجأةً من نوع آخر. أفقتُ متأخراً، ولا غرو، كون رأسي أُثقِلَ بالخمر في الليلة البارحة. عوضاً عن سماع زقزقة العصافير، تناهي إليّ صوتٌ غريب، شبيهٌ إلى حدّ ما بصدى طبلة المسحّر. رائحةٌ حرّيفة، ما أسرع أن فَغَمَت أنفي، لأتيقنَ من ثم أنه المطرُ، يتساقط في هذا النهار من الربيع المتأخّر. لاحقاً، عندما رأيتُه مفتوحاً، بابَ المطبخ المفضي إلى الحديقة، فإنني تساءتُ بشكّ ما لو غفلتُ بالأمس عن إغلاقه بالرتاج. لم يكن غريباً، والحالة هذه، أن أُهُرع إلى حزمة الأوراق، الموجودة في الخزانة، لكي أتأكّد من بقاء الرسالة في طيّها. أفرخَ روعي على الأثر، فاتجهت إلى الحمّام لأغتسل. معدتي الفارغة، من أثر الخمر ولا ريب، جعلتني أحضّر فطوراً سخياً. كنتُ أتهيأ للخروج من المنزل فورَ توقف المطر، كون مطبخي أفتقدَ للخضار واللحوم والخبز. مع إشراق الشمس، رأيتني ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#الباب
#الرابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=710152
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1فاضت نفسي حنقاً، لشكّي بأنّ كَوليزار كانت تمتنع عمداً عن الظهور في خلال الأيام العشرة المنصرمة. هذا ما استشفّ من رؤيتي لنافذتها المضاءة، الدالّة على وجودها في المنزل. لعل رأسي، المثقل بالخمر، رسخّ فيّ هكذا اعتقاد. وإنه الشراب المسكر، مَن دفعني على الأثر للأتيان بحركة طائشة وخطرة: انحنيتُ على الأرض، بحثاً عن حجر صغير، مستهدٍ بنور المشعل، المثبت في أحد جانبيّ جدار القنطرة. لما عثرتُ على الحجر المناسب، قذفته باتجاه النافذة، ليحدث في اصطدامه بخشب المشربية صوتاً عكّر السكونَ.كنتُ على مبعدة خطوة من القنطرة، مقرراً أن أجتازها والاختفاء في عتمتها ما لو ظهرَ من وراء النافذة شخصٌ ما، غير كَوليزار. لكن مضى الوقتُ بطيئاً، ممضاً، دونَ أن يتغيّر المشهد هنالك في الأعلى. في الأثناء، ارتسمَ النورُ تباعاً في نوافذ بعض الدور المجاورة. لأول وهلة، توهمتُ أنه صوتُ الحجر مَن أيقظ أولئك الجيران. إلى أن خرقَ الصمتَ دويّ عميقٌ، بعيدٌ، شبيه بإيقاع الطبل. عندئذٍ فهمتُ، أنه صوتُ طبلة رجلٍ يُدعى " المسحّر "، يتولى إيقاظ الصائمين كي يتناولوا آخر وجبة طعام قبل موعد أذان الفجر. وإنما في هذه اللحظة، انتبهتُ لشبح امرأة، استقامَ وراء النافذة المعنية. لقد كانت هيَ، فما لبثت أن أسقطت شيئاً باتجاه موقفي. أنحنيت مرة أخرى إلى الأرض، لأتناول منديلاً ضَمّ رقعةً من الورق. بقيتُ لحظةً، أملاً في رؤية صاحبة الرسالة، لكنها لم تُظهر نفسها. كون صدى طبلة المسحّر أضحى قريباً، فإنني غادرتُ مكاني عابراً القنطرة. فكّرتُ في نفسي، وأنا قابضٌ على المنديل: " لو أن الرسالة تبلغني بموعدٍ آنيّ، لما كان ثمة ضرورة لكتابتها؛ لكانت صاحبتها قد نزلت في الحال كي تلقاني، مثلما جرى آخر مرة ".وصلتُ إلى منزلي، في وقتٍ كانت فيه بعضُ نوافذ الجيران مضاءة. بعدما أنرتُ بدَوري القنديلَ الكبير، الكائن في حجرة النوم، عكفتُ على الورقة بعدما شممتُ بعمق رائحة الحبيبة، المبثوثة في المنديل. في أوروبا، تَنقش المرأةُ أولَ حرفٍ من اسمها على منديلها، لكن هكذا تقليد يبدو أنه غير معروفٍ في الشرق. كانت رسالةً، إذاً، مسجّلة بخط جميل وبأحرف كبيرة بالكاد أتسعت لها الورقة الصغيرة: " بعد أيام، سيسافر رجلي مع المحمل الشريف إلى الحج، وحتى ذلك الوقت لا أريدك أن تمر من أمام منزلي ". أسفتُ لخلو ذيل الرسالة من اسم مرسلتها، مع أن هذا كان دليلاً على الحرص واليقظة. من ناحيتي، رأيتُ أن أفضل مكان لحفظ الرسالة هوَ حزمةُ أوراق " الشبح "، أينَ استللت منها فيما مضى رسمَ الطفلة. بينما المنديلُ بقيَ بيدي لما أويت إلى الفراش، وما لبثتُ أن دسسته تحت الوسادة كي يكون حارساً دائماً لمنامي.صباحُ اليوم التالي، حملَ إليّ مفاجأةً من نوع آخر. أفقتُ متأخراً، ولا غرو، كون رأسي أُثقِلَ بالخمر في الليلة البارحة. عوضاً عن سماع زقزقة العصافير، تناهي إليّ صوتٌ غريب، شبيهٌ إلى حدّ ما بصدى طبلة المسحّر. رائحةٌ حرّيفة، ما أسرع أن فَغَمَت أنفي، لأتيقنَ من ثم أنه المطرُ، يتساقط في هذا النهار من الربيع المتأخّر. لاحقاً، عندما رأيتُه مفتوحاً، بابَ المطبخ المفضي إلى الحديقة، فإنني تساءتُ بشكّ ما لو غفلتُ بالأمس عن إغلاقه بالرتاج. لم يكن غريباً، والحالة هذه، أن أُهُرع إلى حزمة الأوراق، الموجودة في الخزانة، لكي أتأكّد من بقاء الرسالة في طيّها. أفرخَ روعي على الأثر، فاتجهت إلى الحمّام لأغتسل. معدتي الفارغة، من أثر الخمر ولا ريب، جعلتني أحضّر فطوراً سخياً. كنتُ أتهيأ للخروج من المنزل فورَ توقف المطر، كون مطبخي أفتقدَ للخضار واللحوم والخبز. مع إشراق الشمس، رأيتني ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#الباب
#الرابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=710152
الحوار المتمدن
دلور ميقري - كما رواه شاهد عيان: الباب الرابع
دلور ميقري : كما رواه شاهد عيان: الباب الخامس
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1لاحَ أن الجميعَ كانوا يتحينون فرصةَ غياب الوالي، لكي ينقضوا على بعضهم البعض في مشهدٍ أشبه بحفل مصاصي دماء. هذا ما فكّرتُ فيه، عقبَ سماعي أولاً بأول أخبارَ المعركة، التي أندلعت مساءً في وقتٍ كنتُ فيه وعشيقتي نتهيأ لممارسة الحب. فيما يلي، سأحاولُ بدقّة المؤرخ، وموضوعيته، نقلَ صورة موجزة عن صراعٍ دامٍ، دامَ لمدة ثلاثة أيام وانتهى بنتيجة لا غالب ولا مغلوب ـ كغالبية صراعات العسكر والأصناف في هذه المدينة.هذا الحدث الجديد، كان على خلفيّة زحف والي عكا باتجاه دمشق، بهدف الاستيلاء عليها ومن ثم محاولة الحصول من الأستانة على فرمان يُجيز له الاحتفاظ بها. عادةً، وفي مثل هذه الأحوال، كان البابُ العالي يشترط على الغاصب أن يدفع ضعفيّ ما يترتب على الولاية لخزينة الدولة. " الجزّار "، صاحبُ اللقب المشنوع والمرعب، كان الآنَ يناور مع قواته على حدود الولاية الشامية، تاركاً عسكره يستبيح قرى الإمارة اللبنانية. حاكم الإمارة، لم يكتفِ بحشد جيش كبير لمواجهة عدوّه التقليديّ، وإنما لجأ أيضاً لمحاولة استرضائه عن طريق الرشاوى والهدايا. متسلّم الشام ( نائب الوالي )، راودته نفس الفكرة. فعمد إلى استدعاء أعيان المدينة وتجارها الأغنياء، فطلب منهم جمع مبلغ ألفيّ كيس كي تدفع كرشوة لوالي عكا من أجل رده عن الشام. هؤلاء الأعيان، ردوا بلطف على المتسلم، واعدين إياه بتأمين المبلغ خلال ثلاثة أيام. لكنهم بمجرد خروجهم من السرايا، هُرعوا إلى القلعة للاستنجاد بآمري الإنكشارية؛ كون هؤلاء الأخيرين، خصومَ المتسلّم وسيّده الوالي. بحَسَب مألوف عادتهم، أطلق الإنكشاريون بضعَ قذائف باتجاه السرايا، وذلك إيذاناً بالمعركة أو ربما على سبيل التحذير منها. من ناحيته، وحالما وصلت الرسالة النارية إلى المتسلّم، طلبَ إليه زعماءَ أصناف المرتزقة لحشدهم ضد القلعة. المتسلّم، ويُدعى " هاشم آغا "، قال لأولئك الزعماء: " رفضَ الأعيانُ والتجار دفعَ الأتاوة المطلوبة، معتمدين على دعم القلعة. فعليكم استباحة دورهم ونهب ما تجدونه من مال ومتاع حتى يدفعهم الفقر لبيع ملابسهم، ليتمكنوا من شراء الطعام! ". لكنها كانت فرصة لأصناف المرتزقة، للهجوم أيضاً على دور الإنكشارية، الكائنة أغلبها في حي سوق ساروجة. إحتياطاً، كان الحيُ قد أخليَ منذ الصباح من النساء والأطفال، الذين لاذوا بحرم المسجد الأمويّ. مع ذلك، وقعت حوادث عديدة في أثناء المعارك، أنتهكت فيها الحريمُ من لدُن أولئك العسكر. كان ردّ الإنكشارية عنيفاً، بأن وجهوا فوهاتِ مدافعهم هذه المرة باتجاه العمارة والميدان، وهما حيّان في خارج الأسوار تقطنه غالباً عائلات الأصناف. ثم انتقلت المواجهات إلى حارات الشاغور والعقيبة وباب سريجة، وكانت بين كرّ وفرّ.في أثناء ذلك، تحالفت القابيقول مع اليرلية ضد الأصناف؛ أضحت الانكشارية قوة موحدة، علاوة على امتلاكها المدافع في القلعة. القذائف، أوقعت الحرائق في أسواق الجديد والدرويشية والأروام، أدت إلى اتلاف حوالي ثلاثمائة متجراَ. بسبب تفوق الانكشارية من ناحية القوة النارية، أمرَ المتسلمُ بإحضار أفضل سكّاب في المدينة، بهدف صنع مدفع ضخم، يمكّنه من هدم أجزاء من واجهة القلعة بغية اقتحامها. السكّاب، كان من المغاربة، الذين جندوا في فرقة مرتزقة، تُدعى " الهوارة ". لكنّ الرجلَ ما لبثَ أن عميَ، بسبب توهّج الحديد المذاب ووقوع ذراته في عينيه. فتولى مساعده إكمال سكب المدفع، إلى أن انتهى وتمّ تبريده. بعدئذٍ جر المدفع إلى الحديقة، الكائنة على طرف مسجد " دنكز "، وصوبت فوهته نحو القلعة. القذائف الأولى، أدت الى انهيار بضعة أذرع من السور في جهة سوق السرو ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#الباب
#الخامس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=710714
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1لاحَ أن الجميعَ كانوا يتحينون فرصةَ غياب الوالي، لكي ينقضوا على بعضهم البعض في مشهدٍ أشبه بحفل مصاصي دماء. هذا ما فكّرتُ فيه، عقبَ سماعي أولاً بأول أخبارَ المعركة، التي أندلعت مساءً في وقتٍ كنتُ فيه وعشيقتي نتهيأ لممارسة الحب. فيما يلي، سأحاولُ بدقّة المؤرخ، وموضوعيته، نقلَ صورة موجزة عن صراعٍ دامٍ، دامَ لمدة ثلاثة أيام وانتهى بنتيجة لا غالب ولا مغلوب ـ كغالبية صراعات العسكر والأصناف في هذه المدينة.هذا الحدث الجديد، كان على خلفيّة زحف والي عكا باتجاه دمشق، بهدف الاستيلاء عليها ومن ثم محاولة الحصول من الأستانة على فرمان يُجيز له الاحتفاظ بها. عادةً، وفي مثل هذه الأحوال، كان البابُ العالي يشترط على الغاصب أن يدفع ضعفيّ ما يترتب على الولاية لخزينة الدولة. " الجزّار "، صاحبُ اللقب المشنوع والمرعب، كان الآنَ يناور مع قواته على حدود الولاية الشامية، تاركاً عسكره يستبيح قرى الإمارة اللبنانية. حاكم الإمارة، لم يكتفِ بحشد جيش كبير لمواجهة عدوّه التقليديّ، وإنما لجأ أيضاً لمحاولة استرضائه عن طريق الرشاوى والهدايا. متسلّم الشام ( نائب الوالي )، راودته نفس الفكرة. فعمد إلى استدعاء أعيان المدينة وتجارها الأغنياء، فطلب منهم جمع مبلغ ألفيّ كيس كي تدفع كرشوة لوالي عكا من أجل رده عن الشام. هؤلاء الأعيان، ردوا بلطف على المتسلم، واعدين إياه بتأمين المبلغ خلال ثلاثة أيام. لكنهم بمجرد خروجهم من السرايا، هُرعوا إلى القلعة للاستنجاد بآمري الإنكشارية؛ كون هؤلاء الأخيرين، خصومَ المتسلّم وسيّده الوالي. بحَسَب مألوف عادتهم، أطلق الإنكشاريون بضعَ قذائف باتجاه السرايا، وذلك إيذاناً بالمعركة أو ربما على سبيل التحذير منها. من ناحيته، وحالما وصلت الرسالة النارية إلى المتسلّم، طلبَ إليه زعماءَ أصناف المرتزقة لحشدهم ضد القلعة. المتسلّم، ويُدعى " هاشم آغا "، قال لأولئك الزعماء: " رفضَ الأعيانُ والتجار دفعَ الأتاوة المطلوبة، معتمدين على دعم القلعة. فعليكم استباحة دورهم ونهب ما تجدونه من مال ومتاع حتى يدفعهم الفقر لبيع ملابسهم، ليتمكنوا من شراء الطعام! ". لكنها كانت فرصة لأصناف المرتزقة، للهجوم أيضاً على دور الإنكشارية، الكائنة أغلبها في حي سوق ساروجة. إحتياطاً، كان الحيُ قد أخليَ منذ الصباح من النساء والأطفال، الذين لاذوا بحرم المسجد الأمويّ. مع ذلك، وقعت حوادث عديدة في أثناء المعارك، أنتهكت فيها الحريمُ من لدُن أولئك العسكر. كان ردّ الإنكشارية عنيفاً، بأن وجهوا فوهاتِ مدافعهم هذه المرة باتجاه العمارة والميدان، وهما حيّان في خارج الأسوار تقطنه غالباً عائلات الأصناف. ثم انتقلت المواجهات إلى حارات الشاغور والعقيبة وباب سريجة، وكانت بين كرّ وفرّ.في أثناء ذلك، تحالفت القابيقول مع اليرلية ضد الأصناف؛ أضحت الانكشارية قوة موحدة، علاوة على امتلاكها المدافع في القلعة. القذائف، أوقعت الحرائق في أسواق الجديد والدرويشية والأروام، أدت إلى اتلاف حوالي ثلاثمائة متجراَ. بسبب تفوق الانكشارية من ناحية القوة النارية، أمرَ المتسلمُ بإحضار أفضل سكّاب في المدينة، بهدف صنع مدفع ضخم، يمكّنه من هدم أجزاء من واجهة القلعة بغية اقتحامها. السكّاب، كان من المغاربة، الذين جندوا في فرقة مرتزقة، تُدعى " الهوارة ". لكنّ الرجلَ ما لبثَ أن عميَ، بسبب توهّج الحديد المذاب ووقوع ذراته في عينيه. فتولى مساعده إكمال سكب المدفع، إلى أن انتهى وتمّ تبريده. بعدئذٍ جر المدفع إلى الحديقة، الكائنة على طرف مسجد " دنكز "، وصوبت فوهته نحو القلعة. القذائف الأولى، أدت الى انهيار بضعة أذرع من السور في جهة سوق السرو ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#الباب
#الخامس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=710714
الحوار المتمدن
دلور ميقري - كما رواه شاهد عيان: الباب الخامس
دلور ميقري : كما رواه شاهد عيان: الباب السادس
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1بعد عودتي من مهمتي في الإمارة اللبنانية، التي كُرّست للتحدث أمام المجمع الكنسيّ، وجدتُ الدارَ مكتومةَ الأنفاس والزرع في الحديقة على حال من الإملاق بسبب جفاف التربة. أدركتُ عندئذٍ أن الخادمَ ترك المسكنَ عقبَ سفري مباشرةً، لأمرٍ ربما يتعلق بالتطيّر من " الشبح ". ملهوجاً ومذعوراً بدَوري، هُرعت لتفقد الصندوق الحديديّ، المكتنز المال والمجوهرات، وكان مخفياً في الحديقة تحت طبقة من التراب والتبن. أفرخ روعي على الأثر، لما وجدتُ الصندوقَ غير ممسوسٍ. كان الوقتُ عند الأصيل، فما لبثتُ أن شرعتُ بسقي الزرع ومن ثم تهوية الحجرات. بعد ذلك، فكّرتُ بأمر العشاء. وكنتُ قد أصبتُ شيئاً من الطعام، أثناء وقوفنا في بلدة شتورة، لتناول الغداء في استراحة الخان. إلا أنني كنتُ في غاية الارهاق نتيجة السفر، فاستلقيتُ على سريري وسرعان ما صرتُ أهوّم.بقيتُ نائماً إلى ساعة مبكرة من الفجر، لأفيق على صوت التذكير، المنبعث من منارة المسجد المجاور. كانت العتمة شديدة، وبالكاد عثرتُ على طريقي إلى القنديل الكبير، الموضوع في المشكاة. غبَّ جلوسي في النور، داعبت خيالي فكرةٌ جريئة؛ وهيَ أن أسرع إلى منزل الحبيبة تحت جنح الظلام؛ أنا من برحَ فيّ الشوق، فتركني أيضاً في حال من الإملاق. لكنني طردتُ الفكرة الطائشة من رأسي، واستبدلتها بمراجعة أوراقٍ تضمنتْ انطباعاتي عن الرحلة اللبنانية، كتبتها أولاً بأول لدى مكوثي في تلك البلاد. هكذا بزغ نورُ الفجر في الحجرة، فيما كنتُ غارقاً بالقراءة وتدوين ملاحظات على هوامش الأوراق. كوني لم يُتح لي العشاء بالأمس، دفعني الشعورُ بالجوع إلى القيام إلى المطبخ وإعداد الفطور. وجدت ثمة كسراً من الخبز، فبللتها ثم وضعتها على نار الموقد، وكنتُ قد أشعلته لسلق البيض. غبَّ ملء البطن، إذا بالنعاس يدهمني، ولم يدعني حتى وضعت رأسي من جديد على الوسادة. في هذه المرة، أفقتُ مع أذان الظهر وكانت الشمسُ قد غمرت جانباً من الرواق والمطبخ. مع أنني نلتُ قسطاً وافراً من النوم، بالأمس واليوم، رأيتني أتكاسل في النهوض من الفراش. لم يزحزحني عن كسلي، سوى حضورُ الخادم غير المتوقّع. لما نهضتُ ولاقيته بنظرةٍ عابسة، تلوّنت سحنته السمراء بحمرة الخجل. قال لي، بعدما هنأني بالرجوع بالسلامة: " أدركُ أنك غاضبٌ مني، كوني تركتُ الدارَ برغم تشديدك عليّ قبل السفر على ضرورة المكوث فيها لحين عودتك. لكنني كنتُ أواظب على الحضور نهاراً "" نعم، بدليل أنّ الحديقة كادت أن تجف والحجرات مخنوقة! "، أوقفت كلامه بهذه الجملة الحانقة والساخرة. فدافع عن نفسه، بالقول: " السببُ أن الوقتَ في عز الصيف، وليسَ الاهمال. أقسم لك على ذلك "" حسنٌ، سأذهب الآنَ إلى المقهى وعندما أعود أريد أن أرى الدارَ تلمع نظافةً "" وماذا عن الغداء، ونحن في منتصف النهار؟ "" سأتغدى في المطعم، بينما عليك أنت شراء ما يلزم المطبخ من السوق "، قلتها ثم نقدته بعض المال مع توصيته بجلب أنواع معيّنة من اللحوم والخضار. كنتُ أتوقّعُ حضورَ الأصدقاء على السهرة، بمجرد علمهم بعودتي عن طريق جان. هكذا خرجتُ إلى الزقاق، محتمياً من لهيب الشمس بأفياء الجدران، المنهمر على بعضها خصلُ عرائش الياسمين والمجنونة. العمارات العالية، كمنائر المسجد الأمويّ وأبراج القلعة، كانت تتطاول من وراء الجدران، وأبعد في سستوى الأفق، لاحت الجبالُ تحت أشعة الشمس ـ كما لو كانت حواشٍ من الضباب. المدينةُ القديمة، تفتقد للحدائق العامة؛ مع أنها تستعيض عنها بالغوطة، فضلاً عن جنائن المنازل. فكرتي هذه، تواءمت مع استعادتي لجولاتي الباريسية في ربوع حدائق قصريّ اللوفر وفرساي، وكا ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#الباب
#السادس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=711955
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1بعد عودتي من مهمتي في الإمارة اللبنانية، التي كُرّست للتحدث أمام المجمع الكنسيّ، وجدتُ الدارَ مكتومةَ الأنفاس والزرع في الحديقة على حال من الإملاق بسبب جفاف التربة. أدركتُ عندئذٍ أن الخادمَ ترك المسكنَ عقبَ سفري مباشرةً، لأمرٍ ربما يتعلق بالتطيّر من " الشبح ". ملهوجاً ومذعوراً بدَوري، هُرعت لتفقد الصندوق الحديديّ، المكتنز المال والمجوهرات، وكان مخفياً في الحديقة تحت طبقة من التراب والتبن. أفرخ روعي على الأثر، لما وجدتُ الصندوقَ غير ممسوسٍ. كان الوقتُ عند الأصيل، فما لبثتُ أن شرعتُ بسقي الزرع ومن ثم تهوية الحجرات. بعد ذلك، فكّرتُ بأمر العشاء. وكنتُ قد أصبتُ شيئاً من الطعام، أثناء وقوفنا في بلدة شتورة، لتناول الغداء في استراحة الخان. إلا أنني كنتُ في غاية الارهاق نتيجة السفر، فاستلقيتُ على سريري وسرعان ما صرتُ أهوّم.بقيتُ نائماً إلى ساعة مبكرة من الفجر، لأفيق على صوت التذكير، المنبعث من منارة المسجد المجاور. كانت العتمة شديدة، وبالكاد عثرتُ على طريقي إلى القنديل الكبير، الموضوع في المشكاة. غبَّ جلوسي في النور، داعبت خيالي فكرةٌ جريئة؛ وهيَ أن أسرع إلى منزل الحبيبة تحت جنح الظلام؛ أنا من برحَ فيّ الشوق، فتركني أيضاً في حال من الإملاق. لكنني طردتُ الفكرة الطائشة من رأسي، واستبدلتها بمراجعة أوراقٍ تضمنتْ انطباعاتي عن الرحلة اللبنانية، كتبتها أولاً بأول لدى مكوثي في تلك البلاد. هكذا بزغ نورُ الفجر في الحجرة، فيما كنتُ غارقاً بالقراءة وتدوين ملاحظات على هوامش الأوراق. كوني لم يُتح لي العشاء بالأمس، دفعني الشعورُ بالجوع إلى القيام إلى المطبخ وإعداد الفطور. وجدت ثمة كسراً من الخبز، فبللتها ثم وضعتها على نار الموقد، وكنتُ قد أشعلته لسلق البيض. غبَّ ملء البطن، إذا بالنعاس يدهمني، ولم يدعني حتى وضعت رأسي من جديد على الوسادة. في هذه المرة، أفقتُ مع أذان الظهر وكانت الشمسُ قد غمرت جانباً من الرواق والمطبخ. مع أنني نلتُ قسطاً وافراً من النوم، بالأمس واليوم، رأيتني أتكاسل في النهوض من الفراش. لم يزحزحني عن كسلي، سوى حضورُ الخادم غير المتوقّع. لما نهضتُ ولاقيته بنظرةٍ عابسة، تلوّنت سحنته السمراء بحمرة الخجل. قال لي، بعدما هنأني بالرجوع بالسلامة: " أدركُ أنك غاضبٌ مني، كوني تركتُ الدارَ برغم تشديدك عليّ قبل السفر على ضرورة المكوث فيها لحين عودتك. لكنني كنتُ أواظب على الحضور نهاراً "" نعم، بدليل أنّ الحديقة كادت أن تجف والحجرات مخنوقة! "، أوقفت كلامه بهذه الجملة الحانقة والساخرة. فدافع عن نفسه، بالقول: " السببُ أن الوقتَ في عز الصيف، وليسَ الاهمال. أقسم لك على ذلك "" حسنٌ، سأذهب الآنَ إلى المقهى وعندما أعود أريد أن أرى الدارَ تلمع نظافةً "" وماذا عن الغداء، ونحن في منتصف النهار؟ "" سأتغدى في المطعم، بينما عليك أنت شراء ما يلزم المطبخ من السوق "، قلتها ثم نقدته بعض المال مع توصيته بجلب أنواع معيّنة من اللحوم والخضار. كنتُ أتوقّعُ حضورَ الأصدقاء على السهرة، بمجرد علمهم بعودتي عن طريق جان. هكذا خرجتُ إلى الزقاق، محتمياً من لهيب الشمس بأفياء الجدران، المنهمر على بعضها خصلُ عرائش الياسمين والمجنونة. العمارات العالية، كمنائر المسجد الأمويّ وأبراج القلعة، كانت تتطاول من وراء الجدران، وأبعد في سستوى الأفق، لاحت الجبالُ تحت أشعة الشمس ـ كما لو كانت حواشٍ من الضباب. المدينةُ القديمة، تفتقد للحدائق العامة؛ مع أنها تستعيض عنها بالغوطة، فضلاً عن جنائن المنازل. فكرتي هذه، تواءمت مع استعادتي لجولاتي الباريسية في ربوع حدائق قصريّ اللوفر وفرساي، وكا ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#الباب
#السادس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=711955
الحوار المتمدن
دلور ميقري - كما رواه شاهد عيان: الباب السادس
دلور ميقري : كما رواه شاهد عيان: الباب السابع
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1سقوط المطر في شهر أيلول/ سبتمبر، كان شيئاً مألوفاً في الشام. في نهار أحد أيام ذلك الشهر، كنتُ في مكاني المعتاد بالمقهى حينَ تجهّم وجهُ السماء بالسحب الرمادية، وما لبثت الأمطار أن بدأت تصب مع أصوات قصف الرعد ولمعان البرق. لحُسن الحظ، أنني عدتُ إلى داري في الوقت المناسب؛ وإلا ربما كنتُ من ضحايا الفيضان، الذي أعقبَ طوفان نهر بردى بفروعه العديدة. بقيتُ محبوساً في البيت مع خادمي لثلاثة أيام، كنا نغتذي خلالها بخزين المؤن. في اليوم الرابع، وكانت الشمسُ قد أشرقت، أرسلتُ خادمي كي يتقصّى ما جرى في المدينة وأيضاً لشراء الخبز. رجع بعد بضع ساعات، خاوي الوفاض بسبب استمرار إغلاق الأفران. لكنه أتى بأخبار طازجة عما جرى في الأيام الثلاثة الأخيرة، ومنها أن خان الدالاتية جرفه الفيضان وغرّقَ العديد ممن كانوا فيه. كَوليزار، استغلت فرصة الفوضى، المعقّبة الطوفان، فأتت إلى داري برفقة وصيفتها. كان قد مضى نحو الشهر منذ آخر مرة، التقينا فيها؛ وكان برحَ فيّ الجوى في غضون ذلك، حدّ التفكير بتنحية الحذر جانباً والهروع إلى منزلها. سُعدت بمرأى بطنها، المتكّور بالحمل، وبادرتُ أولاً لمداعبته عندما اختلينا في حجرة النوم. قالت لي، أنها تتوقّع مجيء طفلنا في بداية العام القادم. ثم أضافت باسمةً: " يبدو صبياً، ما لو أخذنا ركلاته في عين الاعتبار "" وأتمنى أن يأتي صورة منكِ، ليسَ في الجمال حَسْب، بل أيضاً بالذكاء وقوة الشخصية "، قلتها بحرارة. ثم استدركتُ، بسؤالٍ كان على لساني مذ وقت عودة رجلها من الحج: " كيفَ استقبل زوجك خبرَ حملك، وهل لحظتِ أيّ شك اعتوره؟ "" لم يشك بشيء، وإنما عبّرَ عن فرحته "، ردت بالقول. ثم أضفت مسحة من الحزن على صوتها، لما أضافت دونَ أن تنظر بعينيّ: " وهذا حزّ في قلبي، فحمّلني وزرَ عذاب الضمير. كأنما القدَرُ أراد أن أعيدَ سيرة أمي، وربما أدفعُ مثلها ثمنَ خطيئتي بالموت مبكراً "" أنا لي رأي آخر، وهوَ أنك كنتِ ضحية مذ أن رأيتِ نورَ الحياة. ولا يُمكن اعتبار علاقتنا خيانةً زوجية، بالنسبة لك، كون رجلك استحوذ عليك أساساً بطريقة غير شرعية "، قلت لها فيما أجمع وجهها بكفيّ وأنظر في عينيها. آبت إلى الابتسام، وقد أراحتها كلماتي برغم أنها سمعتها مني أكثر من مرة فيما مضى. بعد ذلك جئنا على سيرة الأوضاع العامة، وكنتُ أعرف أنّ رجلها يُفضي إليها ببعض الأسرار كونه يثق فيها ويرغب أيضاً بأخذ آرائها الحصيفة والحكيمة. قالت رداً على سؤال، بشأن مطامع الجزّار: " يلوح أنّ ولاية أوزون باشا، آيلة إلى الأفول، ولعلنا نشهد مزيداً من الاضطرابات في الفترة المقبلة ". في بداية شهر شباط/ فبراير، وضعت كَوليزار مولوداً، أُعطيَ اسم " أحمد "، وكانت الأمور في المدينة ما تفتأ هادئة. كنتُ أتحيّن الفرصَ لرؤية الطفل، لما شبّ حريق هائل في دمشق التهم عدداً من الأسواق والقيساريات والأماكن السكنية. لم تسجّل إصابات بشرية، لكن الخسائر المادية كانت فادحة. قيل أنّ ما سلم من الحريق ضبطه الوالي، هذا غير ما نهبته العساكر والمرتزقة. على ذلك، اشتدت النقمة على الباشا بين الأهالي وكانوا يدعون عليه بصوتٍ عال في الأماكن العامة. ثم هجم الطاعون بحلول الربيع، وكانت الاستعدادات جارية على قدم وساق لسير المحمل الشريف. إلا أن الوباء انحصر في الريف، ولم ينتقل إلى مدينة دمشق. ثم إذا بالقبجي يحضر من الأستانة عن طريق بيروت، حاملاً معه فرمان السلطان بنيابة الجزّار على دمشق مع جعله أميراً للحج. قبل مسير هذا الأخير على رأس المحمل الشريف، عيَّنَ متسلّماً من قبله على المدينة، يُدعى " كُرد طه "؛ وهذا كان آمرَ قوات ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#الباب
#السابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712725
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1سقوط المطر في شهر أيلول/ سبتمبر، كان شيئاً مألوفاً في الشام. في نهار أحد أيام ذلك الشهر، كنتُ في مكاني المعتاد بالمقهى حينَ تجهّم وجهُ السماء بالسحب الرمادية، وما لبثت الأمطار أن بدأت تصب مع أصوات قصف الرعد ولمعان البرق. لحُسن الحظ، أنني عدتُ إلى داري في الوقت المناسب؛ وإلا ربما كنتُ من ضحايا الفيضان، الذي أعقبَ طوفان نهر بردى بفروعه العديدة. بقيتُ محبوساً في البيت مع خادمي لثلاثة أيام، كنا نغتذي خلالها بخزين المؤن. في اليوم الرابع، وكانت الشمسُ قد أشرقت، أرسلتُ خادمي كي يتقصّى ما جرى في المدينة وأيضاً لشراء الخبز. رجع بعد بضع ساعات، خاوي الوفاض بسبب استمرار إغلاق الأفران. لكنه أتى بأخبار طازجة عما جرى في الأيام الثلاثة الأخيرة، ومنها أن خان الدالاتية جرفه الفيضان وغرّقَ العديد ممن كانوا فيه. كَوليزار، استغلت فرصة الفوضى، المعقّبة الطوفان، فأتت إلى داري برفقة وصيفتها. كان قد مضى نحو الشهر منذ آخر مرة، التقينا فيها؛ وكان برحَ فيّ الجوى في غضون ذلك، حدّ التفكير بتنحية الحذر جانباً والهروع إلى منزلها. سُعدت بمرأى بطنها، المتكّور بالحمل، وبادرتُ أولاً لمداعبته عندما اختلينا في حجرة النوم. قالت لي، أنها تتوقّع مجيء طفلنا في بداية العام القادم. ثم أضافت باسمةً: " يبدو صبياً، ما لو أخذنا ركلاته في عين الاعتبار "" وأتمنى أن يأتي صورة منكِ، ليسَ في الجمال حَسْب، بل أيضاً بالذكاء وقوة الشخصية "، قلتها بحرارة. ثم استدركتُ، بسؤالٍ كان على لساني مذ وقت عودة رجلها من الحج: " كيفَ استقبل زوجك خبرَ حملك، وهل لحظتِ أيّ شك اعتوره؟ "" لم يشك بشيء، وإنما عبّرَ عن فرحته "، ردت بالقول. ثم أضفت مسحة من الحزن على صوتها، لما أضافت دونَ أن تنظر بعينيّ: " وهذا حزّ في قلبي، فحمّلني وزرَ عذاب الضمير. كأنما القدَرُ أراد أن أعيدَ سيرة أمي، وربما أدفعُ مثلها ثمنَ خطيئتي بالموت مبكراً "" أنا لي رأي آخر، وهوَ أنك كنتِ ضحية مذ أن رأيتِ نورَ الحياة. ولا يُمكن اعتبار علاقتنا خيانةً زوجية، بالنسبة لك، كون رجلك استحوذ عليك أساساً بطريقة غير شرعية "، قلت لها فيما أجمع وجهها بكفيّ وأنظر في عينيها. آبت إلى الابتسام، وقد أراحتها كلماتي برغم أنها سمعتها مني أكثر من مرة فيما مضى. بعد ذلك جئنا على سيرة الأوضاع العامة، وكنتُ أعرف أنّ رجلها يُفضي إليها ببعض الأسرار كونه يثق فيها ويرغب أيضاً بأخذ آرائها الحصيفة والحكيمة. قالت رداً على سؤال، بشأن مطامع الجزّار: " يلوح أنّ ولاية أوزون باشا، آيلة إلى الأفول، ولعلنا نشهد مزيداً من الاضطرابات في الفترة المقبلة ". في بداية شهر شباط/ فبراير، وضعت كَوليزار مولوداً، أُعطيَ اسم " أحمد "، وكانت الأمور في المدينة ما تفتأ هادئة. كنتُ أتحيّن الفرصَ لرؤية الطفل، لما شبّ حريق هائل في دمشق التهم عدداً من الأسواق والقيساريات والأماكن السكنية. لم تسجّل إصابات بشرية، لكن الخسائر المادية كانت فادحة. قيل أنّ ما سلم من الحريق ضبطه الوالي، هذا غير ما نهبته العساكر والمرتزقة. على ذلك، اشتدت النقمة على الباشا بين الأهالي وكانوا يدعون عليه بصوتٍ عال في الأماكن العامة. ثم هجم الطاعون بحلول الربيع، وكانت الاستعدادات جارية على قدم وساق لسير المحمل الشريف. إلا أن الوباء انحصر في الريف، ولم ينتقل إلى مدينة دمشق. ثم إذا بالقبجي يحضر من الأستانة عن طريق بيروت، حاملاً معه فرمان السلطان بنيابة الجزّار على دمشق مع جعله أميراً للحج. قبل مسير هذا الأخير على رأس المحمل الشريف، عيَّنَ متسلّماً من قبله على المدينة، يُدعى " كُرد طه "؛ وهذا كان آمرَ قوات ......
#رواه
#شاهد
#عيان:
#الباب
#السابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712725
الحوار المتمدن
دلور ميقري - كما رواه شاهد عيان: الباب السابع