الحوار المتمدن
3.07K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
فاطمة ناعوت : القلمُ الباركر …. الذي علّمني نُصرةَ المظلوم
#الحوار_المتمدن
#فاطمة_ناعوت Facebook: @NaootOfficialفي طفولتنا، كُنّا نكتب بالقلم الرصاص، الذي يسمحُ بالمحو بالأستيكة، دون اللجوء إلى "الشطب" الذي يُشوِّه الصفحات. أخطاؤنا الكتابية كانت أغزرَ من جسارة "القلم الحبر" الذي كان مسموحًا به فقط "للكبار" الذين تجاوزونا ووصلوا إلى "الصفّ الرابع". كُنّا نحن الصغار، ننظرُ إلى أولئك "الكبار" بتشوّف وإكبارٍ وإجلال. إذْ نعلمُ أن في حقائبهم المدرسية يسكنُ "قلمٌ" واثقُ الخُطوةِ يمشي على السطور ملكًا، دون "عكاز الممحاة"، التي تُلازمُ أمثالنا، ممن تتعثّرُ أصابعُهم فيما يخطّون الحروفَ والكلمات. لهذا كنتُ أنظرُ إلى شقيقي في الصف الرابع، باعتباره إلهًا إغريقيًّا، يمسك القلم الحبر ويكتبُ الواجب، دون وجود ممحاة إلى جواره. كنتُ في نهاية الصف الأول حينما قررتُ حرقَ المراحل وشراء "قلم حبر". اِدّخرتُ من مصروفي، واشتريت قلمًا، مازلتُ أذكرُ تفاصيل شكله حتى الآن. كان من البلاستيك الشفاف وله قاعدة برتقالية أنيقة، في نهايتها زرٌّ نضغطُ عليه فيبرزُ السِّنُّ الموشّى بالحبر الأزرق، ثم نضعطُ ثانيةً، فيدخلُ السِّنُّ غمدَه وينام. كان "اختراعًا" مدهشًا بالنسبة لي، اشتريتُه بعشرين قرشًا؛ وهو مبلغٌ ضخم يساوي مصروفي في عدّة أيام، حرمتُ نفسي خلالها من الشيبس واللبان ومجلة ميكي، وغيرها من ملذّات الحياة. عدتُ إلى البيت أحملُه كمَن يحملُ كنزًا نفيسًا يساوي ثروات العالم. وشعرتُ بأنني أعيشُ لحظة مفصلية في تاريخي. فحياتي بعد حيازتي القلم، تختلفُ جذريًّا عمّا قبلها. اليومَ سأكتبُ كما يكتبُ الكبارُ، دون أن أمحو. اليومَ صارت كتاباتي "خالدة"، ليس بوسع أحد محوها ببمحاة. في غمرة نشوتي، ذهبتُ إلى غُرفة شقيقي لكي "أستعرض" أمامه كنزي الصغير، وأنا أظنُّ أنني بهذا قد صرتُ كبيرةً مثله؛ أنالُ من الحقوق ما ليس مسموحًا به في "عهد القلم الرصاص". وهنا بدأت المعركة. راقَ القلمُ لشقيقي فخطفه مني، زاعمًا أنه أحقُّ به، كوني صغيرةً على القلم الحبر، ومنحني "قلم رصاص" بالمقابل! بكيتُ وصرختُ وقاتلتُ من أجل كنزي، ولم ينصفني أحدٌ! أجمعَ أفرادُ الأسرة: أمي، أبي، المربية، على أن القلم لا يناسبني، وعليّ أن أهديه لشقيقي الأكبر. شعرتُ بالقهر والظلم والمهانة. ركضتُ وأدرتُ قرصَ التليفون الأسود وكلّمتُ "خالو أسامة". وهو الخالُ والأبُ والصديقُ الذي كان ومازال، أحنَّ القلوب في عالمي، حفظه الله. صرختُ في التليفون: “خالو أسامة تعال بسرعة أنا في مصيبة!!” وحكيت له عن مأساتي. وجاء خالي على الفور ونظر إلى القلم محلّ النزاع في يد شقيقي. ابتسم خالي وقال لي: "هو ده القلم اللي مزعلة نفسك علشانه؟!!" ثم أخرج من جيب معطفه علبة جلدية زرقاء، فتحها فشعَّ منها بريقٌ خاطف. بالعُلبة قلمٌ ذهبيّ أنيقٌ. قال لي خالي: (سيبي له القلم، ده رخيص ومايسويش. حبوبتي الجميلة "فافي" تستحق قلم باركر!) قالها بفخر وثقة مَن يوقنُ أن المشكلة انتهت برضاء جميع الأطراف. لكنه ذُهل حين رفضتُ القلمَ "الباركر" بحسم وكبرياء، وتمسكتُ بقلمي البرتقالي الذي حلمتُ به أيامًا وليالي في فاترينة المكتبة، وتعذّبتُ حتى اقتنيته. هنا، قال شقيقي: (خلاص يا خالو هاديها قلمها، وآخد أنا الباركر.) رفض خالي وأخذني إلى غرفتي، وظل يحاول إقناعي بأن هذا "الباكر" يكافئ ألفَ قلمٍ من ذاك الذي أقاتلُ من أجله. لكن دموعي لم تتوقف وتمسكتُ بموقفي. واضطّر خالي الجميل للرضوخ أمام عِنادي، فأعطى القلمَ الذهبيَّ لشقيقي "الذكي"، وعاد لي قلمي البلاستيكي. قد ترون تصرفي أحمقَ، إذْ ضحّيتُ بالثمين من أجل الرخيص. ولكنني أراها مسألة تمسك بالحقّ، مهما كان بسيطًا، وعدم قبول البديل، ......
#القلمُ
#الباركر
#الذي
#علّمني
ُصرةَ
#المظلوم

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=690122