ياسين الحاج صالح : تسييس التروما وسياسة المعنى
#الحوار_المتمدن
#ياسين_الحاج_صالح في التجربة السورية وغيرها، الجروح والرضات النفسية أقل ظهوراً من إصابات الأجساد، لكن أوسع انتشاراً وقلما تعالج. تنظر هذه السطور في سبل تعامل معافى مع هذا الجروح، تخرجها من مكنونات النفس الخفية إلى عالم السياسة، تسيِّسها كفعل مقاومة واعتناء بالنفس. أول ما يلزم لتسييس التروما هو إدراك الصفة السياسية لتروماتنا أو جروحنا النفسية. جروحنا سياسية من حيث السبب، ومن حيث المسبب، ومن حيث كوننا نحن المجروحين سياسيين بصورة ما. سياسيون دون رغبتنا، وربما رغماً عنا، لكننا سياسيون بلا مهرب. السياسة التي لم يهتم بها أكثرنا اهتمت بنا كلنا. ونحن هنا اليوم نتكلم على تسييس جروحنا النفسية بفعل اهتمامها المؤسف. وما نتطلع إليه هو سياسة غير جارحة.نجد السياسة في تجاربنا الجارحة، وليس في النظام الذي تنحل السياسة لديه في التعذيب والقتل كشرط حياة ودوام له، ولا عند الإسلاميين الذين تنحل السياسة لديهم في الدين، في صورة مجروحة ومريضة منه، وليس لدى المعارضة الرسمية التي خسرت استقلالها ونجحت في أن تلغي نفسها سياسياً. لا نجد السياسة حيث يجري البحث عن السياسة، نجدها حيث لا يجري البحث: في مجال المعنى، أو بالتحديد في العلاقة بين المعاناة والمعنى. تسيسس الجرح بهذا المعنى هو تسييس المعاناة، هو التعبير عنها والكشف عن معناها.يتضمن التسييس تبين الصفة العامة لجروح النفوس. ليست جروحنا نتاج أزمات نفسية تخصنا كأفراد، وإنما هي نتاج أوضاع سياسية جارحة ومؤذية، لحق أذاها ملايين السوريين بصورة مختلفة. العنوان العريض لهذه الأوضاع هم الحكم الأسدي في بلدنا. وحدة المعنى والمعاناة هي ما تتيح امتلاك مجتمع المعاناة لتجربته، وتحول دون فرض معان خارجية على التجربة من جهة، ودون الحاجة إلى اقتراض معاناة من الغير. في جيل سبق، جيلي، فعلنا الشيئين معاً: اقترضنا معان ومعاناة من غيرنا. لكن في جيلي كذلك أخذنا نقاوم ذلك، وأخذنا نطور معاني أوثق صلة بضروب المعاناة المعاشة في بلدنا. اليوم لدينا فائض من المعاناة، وينبغي لسياستنا أن تعتني بتوليد معان فائضة منها.وبقدر ما إن المعنى الصحيح للصراع هو ما يتصل بالمعاناة الفعلية، وليس باستيراد معان من الماضي، فإن في سياسة المعنى ما ينازع مسعى الاسلاميين لامتلاك صراعنا. علاقة المعاناة- المعنى ليست مباشرة. يساعدنا أن نعرف كيف مثّل غيرنا معاناتهم، كيف ولدوا المعاني. غيرنا ممن مضوا وغيرنا من المعاصرين. هذا جانب معرفي- تشكيلي من سياسة المعنى، ضاع بقدر كبير من سياساتنا من عقود. وهو يطل على ما يسمى التراث، المتاح البشري من طرق تمثيل الواقع.قبل هذا الجانب المعرفي، هناك جانب التعبير، ترجمة التجارب إلى أفكار، أو الكلوم إلى كلمات. التمثيل هو العملية الفكرية التي توحد الجانبين التعبيري والتشكيلي. خسرنا معركة التمثيل السياسي التي نتكون فيها كمواطنين، لكن نستطيع تمثيل تجاربنا، تحويلها إلى أفكار ومعان وصور، تبني قضية لنا وتخاطب غيرنا. نتكون كقوة سياسية محتملة حين نولد المعاني من تجاربنا. حين نتكون كذوات لها معنى، تنظر في تجارب الفقد والاقتلاع والتغييب واللجوء والخسارة، وتعمل من أجل أوضاع متحررة منها. إنتاج المعنى عملية سياسية وصراعية. فمن عملوا على تحطيمنا يعملون على تحطيم معنانا، وعلى رواية القصة على نحو ينكر أن لنا قضية. وبالعكس، نحن نعمل على رواية قصة معاناتنا وعنائنا على نحو يظهر النظام كقوة شر أنانية، غير وطنية، وبلا قضية عامة، أي بنزع المعنى عنه. الصراع من أجل المعنى هو أحد أوجه تمثيل الذات. وليس في سياسة المعنى ما يت ......
#تسييس
#التروما
#وسياسة
#المعنى
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=700506
#الحوار_المتمدن
#ياسين_الحاج_صالح في التجربة السورية وغيرها، الجروح والرضات النفسية أقل ظهوراً من إصابات الأجساد، لكن أوسع انتشاراً وقلما تعالج. تنظر هذه السطور في سبل تعامل معافى مع هذا الجروح، تخرجها من مكنونات النفس الخفية إلى عالم السياسة، تسيِّسها كفعل مقاومة واعتناء بالنفس. أول ما يلزم لتسييس التروما هو إدراك الصفة السياسية لتروماتنا أو جروحنا النفسية. جروحنا سياسية من حيث السبب، ومن حيث المسبب، ومن حيث كوننا نحن المجروحين سياسيين بصورة ما. سياسيون دون رغبتنا، وربما رغماً عنا، لكننا سياسيون بلا مهرب. السياسة التي لم يهتم بها أكثرنا اهتمت بنا كلنا. ونحن هنا اليوم نتكلم على تسييس جروحنا النفسية بفعل اهتمامها المؤسف. وما نتطلع إليه هو سياسة غير جارحة.نجد السياسة في تجاربنا الجارحة، وليس في النظام الذي تنحل السياسة لديه في التعذيب والقتل كشرط حياة ودوام له، ولا عند الإسلاميين الذين تنحل السياسة لديهم في الدين، في صورة مجروحة ومريضة منه، وليس لدى المعارضة الرسمية التي خسرت استقلالها ونجحت في أن تلغي نفسها سياسياً. لا نجد السياسة حيث يجري البحث عن السياسة، نجدها حيث لا يجري البحث: في مجال المعنى، أو بالتحديد في العلاقة بين المعاناة والمعنى. تسيسس الجرح بهذا المعنى هو تسييس المعاناة، هو التعبير عنها والكشف عن معناها.يتضمن التسييس تبين الصفة العامة لجروح النفوس. ليست جروحنا نتاج أزمات نفسية تخصنا كأفراد، وإنما هي نتاج أوضاع سياسية جارحة ومؤذية، لحق أذاها ملايين السوريين بصورة مختلفة. العنوان العريض لهذه الأوضاع هم الحكم الأسدي في بلدنا. وحدة المعنى والمعاناة هي ما تتيح امتلاك مجتمع المعاناة لتجربته، وتحول دون فرض معان خارجية على التجربة من جهة، ودون الحاجة إلى اقتراض معاناة من الغير. في جيل سبق، جيلي، فعلنا الشيئين معاً: اقترضنا معان ومعاناة من غيرنا. لكن في جيلي كذلك أخذنا نقاوم ذلك، وأخذنا نطور معاني أوثق صلة بضروب المعاناة المعاشة في بلدنا. اليوم لدينا فائض من المعاناة، وينبغي لسياستنا أن تعتني بتوليد معان فائضة منها.وبقدر ما إن المعنى الصحيح للصراع هو ما يتصل بالمعاناة الفعلية، وليس باستيراد معان من الماضي، فإن في سياسة المعنى ما ينازع مسعى الاسلاميين لامتلاك صراعنا. علاقة المعاناة- المعنى ليست مباشرة. يساعدنا أن نعرف كيف مثّل غيرنا معاناتهم، كيف ولدوا المعاني. غيرنا ممن مضوا وغيرنا من المعاصرين. هذا جانب معرفي- تشكيلي من سياسة المعنى، ضاع بقدر كبير من سياساتنا من عقود. وهو يطل على ما يسمى التراث، المتاح البشري من طرق تمثيل الواقع.قبل هذا الجانب المعرفي، هناك جانب التعبير، ترجمة التجارب إلى أفكار، أو الكلوم إلى كلمات. التمثيل هو العملية الفكرية التي توحد الجانبين التعبيري والتشكيلي. خسرنا معركة التمثيل السياسي التي نتكون فيها كمواطنين، لكن نستطيع تمثيل تجاربنا، تحويلها إلى أفكار ومعان وصور، تبني قضية لنا وتخاطب غيرنا. نتكون كقوة سياسية محتملة حين نولد المعاني من تجاربنا. حين نتكون كذوات لها معنى، تنظر في تجارب الفقد والاقتلاع والتغييب واللجوء والخسارة، وتعمل من أجل أوضاع متحررة منها. إنتاج المعنى عملية سياسية وصراعية. فمن عملوا على تحطيمنا يعملون على تحطيم معنانا، وعلى رواية القصة على نحو ينكر أن لنا قضية. وبالعكس، نحن نعمل على رواية قصة معاناتنا وعنائنا على نحو يظهر النظام كقوة شر أنانية، غير وطنية، وبلا قضية عامة، أي بنزع المعنى عنه. الصراع من أجل المعنى هو أحد أوجه تمثيل الذات. وليس في سياسة المعنى ما يت ......
#تسييس
#التروما
#وسياسة
#المعنى
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=700506
الحوار المتمدن
ياسين الحاج صالح - تسييس التروما وسياسة المعنى