الحوار المتمدن
3.18K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
صفوت فوزى : والصبح إذا تنفس
#الحوار_المتمدن
#صفوت_فوزى والصبح إذا تنفّسصفوت فوزي ورأيتُني طفلًا هزيلًا أخضرَ العود، يغالبُ خوفَه، يتعلقُ بأهداب فرحةٍ ضنينةٍ تتوهجُ في داخلي. أنفَلِتُ من زمتة الحيطان الخانقة، أمسك بذيل جلبابي في أسناني وأقول يا فكيك، أتقافزُ فرحًا كجدي صغير، أتسمَّعُ وقعَ أقدامي هابطًا درجات السُّلَّم الحجري المتآكل. شرخة ضوء هزيل تشق عتامة بئر السلم. القطط الجرباء الجوّابة ماءت بوحشيةٍ وانفلتت هاربة، وأنا مروَّعٌ بفزَعِ الصغار، أسمع دقات قلبي تضربُ صدري كمقرعةٍ. أعدو في الحارات الضيقة الساكنة المعتمة في غبشة الفجر. أتفادى بِرَك الماء الصغيرة التي تجمعت من مطر الليل، والكلاب الهاجعة لصق الجدران، والفئران النشطة تطاردها عِرس دؤوبة متوفزةٌ. أراها فيرتجفُ بدني ويتداخل بعضي في بعضي وأواصل الجري. أتطلع إلى سماءٍ حليبيةِ اللونِ، والقمر ابن أربعة عشر يفرش ضَوءَه على البيوت النائمة، رمادية ومتربة. أعب ملءَ صدري من هواء الصبح النقي. قدماي طيعتان، وروحي في خفة طائر محلق. على سطح قريب يطير الحمام ويحط على القش والأفرع الجافة. أعبر الجسر الخشبي الضيق. أفرد ذراعاي تتأرجحان في الهواء. أوازن حركتي المندفعة إلى الأمام. أتلمس خطوات محسوبة حذرة على فلق النخيل الذي يهتز وينزل بي قليلًا. اهتزاز الفلق تحت قدمي له وقعٌ مرنٌ مطواع، يغمرني بنشوةٍ خفيفةٍ تصعد إلى القلب ممتزجةً برعب الوقوع في المصرف. تتصاعد منه الآن رائحة النتَن فتُفعِم رئتي بالعفن والعطن.ينفسح الطريقُ أمامي غامضًا، يكاد يكون خاليًا، تومض فيه ارتعاشات أضواء هزيلة تقاوم الانطفاء. أفرد ذراعيَّ على امتدادهما. أميل بجذعي يمينًا وشمالًا. أسابق الريح اللينة التي تهب الآن عبر فضاء الحقول. على البعد، ماكينة طحين "راغب" غبراء كالحة بجرمها الهائل، جاثمة على طرف الحقول الممتدة حولها، كجملٍ خرافيٍّ بَارِكٍ. قابعة هنا منذ خلق الله الأرض. تطير الغربان وتحط على سطحها المائل. أنظر إليها فيضطرب قلبي ويفارقني أماني. يطلُّ الفزعُ من مداميك بنائها القديم، وأركانها المعتمة. تنفث الدخانَ والبخارَ من مدخنتِها التي تطعن السماء. يأتيني صوت تكاتها رتيبًا منتظمًا، يهز الأرجاء في الصمت الجاثم الممتد، تك.. تك.. تك. بابها الحديدي الكبير، حين يُفتح، يئنُّ أنينًا صدئًا مفزعًا ينفذ إلى رأسي. ينبثق من أعماقي تحذير أمي المتكرر: لا تقترب من ماكينة الطحين، فإنها لكي يدور حجرها الكبير لا بدَّ أن يُراقَ عليه دمُ طفلٍ صغير. الحيرةُ والأسئلةُ المربكة التي تنهمر داخلي: لماذا لا يذبحون جديًا صغيرًا أو ماعزَ بدلًا من الطفل الصغير؟ تُرهِقُني الأسئلة المرة، وليس من مجيب. أعدو مسرعًا كعصفور مطارَد، ورعشة تعصف ببدني المتصلب. تلة مرتفعة على تخوم القرية، تتخللها فتحات بُنيت من الطوب اللبِن تبدو كعيون واسعة مبقورة. تهدمت أجزاءٌ منها، وتصدّع البعضُ الآخر، وبقي بعضُها شاهدًا على جبانات القرية القديمة، مراقد جُنوب الذين رحلوا وطوتهم الأزمنة. هجرها الأهالي منذ زمن بعيد، وصاروا يدفنون موتاهم في الجبانة الجديدة المبنية بالطوب الأحمر والأسمنت.همساتٌ وأقاويل كثيرةٌ تترددُ بين أهل القرية والقرى القريبة، عن كنوزٍ مخبوءةٍ تحت الجبانة القديمة وفي أقبيتها المعتمة الرطبة. أوانٍ فخارية مملوءةٌ بمشغولاتٍ ذهبيةٍ، وجرارٌ قديمةٌ تحوي تعاويذَ وتمائمَ تجلبُ السعدَ وتفك الضيقَ وتَهِبُ الولدَ للعاقر. كانوا ينبشون هذه الجبانات، وهم يقسمون بأغلظ الأيمان أن الحاج "سيد" لحاد القرية، عثر في إحداها على رقبة جمل من الذهب الخالص. باعها واشترى بثمنها فدادين كثيرة، وابتنى له بيتًا كبيرًا من الطوب ا ......
#والصبح
#تنفس

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=760512