جواد بولس : عندما تذكر الشاعر بيروته
#الحوار_المتمدن
#جواد_بولس وتبقى بيروت ذاكرة للوجع؛ وآب، شهر الرماد السماوي، يعود فتنقر اسراب جراده على عتباتنا، ويصحّينا من نسياننا العقيم، كي نبحر، على موج دموعنا، نحو ذلك "المنسيّ بين فراشتين" ونغرق من جديد في "السؤال عن الحقيقة".صدمتنا بيروت مرّة أخرى، وكذّبت، برعونة ربّة لا ترحم، سراب السذّج وليلك المتفائلين؛ وعرّت، للمرة الألف، شمم الشقائق على سفوح صنين. لقد أعادت "خيمتنا"، في ليلها الأحمر الدامي، للشرق معناه التليد، وذكّرَتنا كيف يولد الغفاة من خراب وكيف الى خراب يعودون.قد لا يصحّ، ونحن نقف على فوّهات شهقاتنا، إلا الصمت والدعاء في محاريب العجز، وألا نفقد عقولنا أو ايماننا بمن على كل شيء قدير، كما كان يؤمن الراكعون بخشوع في المعابد القريبة من مرفأ الدم، قبل انشطار القمر فوق سماء بيروت الشقية. ولكن بعض الحقيقة لا يضير؛ فلبنان لم يولد ولم يعش ككيان سيادي سليم؛ ولم يكن ذات يوم دولة طبيعية، ولا كان يشبه باقي دول العالم الفاشلة. لقد هندسه رعاة العالم في القرن المنصرم، كما يعرف جميع أهله، ليكون مجرد "قوقعة" تشارك معظم طوائفه الدينية في بناء فسيفساء درعها الخارجي، ويعيش في داخلها "مواطفون" ** ، لا مواطنون، كما ينبغي في عصر الدول الحديثة.لا أعدّ نفسي خبيرًا بتاريخ لبنان، لكنني لا اعتقد انّ تشخيص مأساته بحاجة الى دربة خبراء أو الى دراسات علماء في السياسة وأخواتها.لم تُتَح لنا، نحن فلسطينيي الداخل، زيارة لبنان إلا مؤخرًا وفي حالات استثنائية جدًّا، لم تعُد متاحة الآن، كتلك التي سنحت لنا قبل ثلاثة اعوام، حين سُمحت لبعض المجموعات الصغيرة زيارته، ومنها مجموعتنا المؤلفة من سبعة أزواج أصدقاء، وذلك تحت عنوان الحجيج أو السياحة الدينية !لم نصدّق أننا في مطار بيروت. ما زلت أشعر كيف زجرت قلبي وهو يحاول أن يطل من بين أضلعي. كنت أسمع دقاته ولا أنظر نحو هدف محدد، ولا حتى صوب وجوه رفاقي، فعشت في لحظة سرمدية، عطّلت فيها حواسي خوفًا من أن أكتشف انني أعيش حلمًا زهريًا. إنتصف ليل بيروت ونحن على شرفتها؛ فأنهينا معاملات الدخول وركبنا الحافلة وصمت المجموعة ما انفك طاغيًا، وأعيننا تحتضن ليلها بهدوء يليق "بست الدنيا" ؛ وكل منا يستحضر لبنانه؛ فخاصتي كان من أرز ووعد وأماني خبأتُها لعقود في خوابينا وكدّستها في أناشيدنا عقودًا من جلنار، واسراب يمام.لا أعرف متى سيسمح لي قلبي أن أنبش أمامكم أحلى وشوشات بشرّي/ جبران، أو بحة نايات "أرز الرب"، أو غنجات "زحلة" وهمهمات المجد في "بعلبك".سأعود، ربما، بعد استيعاب الغصة الحالية، كي انثر على أرصفة ما تبقى من عمر ، نجومًا كنا قطفناها من "شخروب" بسكنتا، وكي أضوع أزكى العطور من "بساتين الجون" ومن "دير القمر".لكنني، والمقام اليوم مقام الدهشة والحسرة، ساحدثكم كيف كانت خاصرتي تنزف كلما انتقلنا من حاضرة لبنانية الى حاضرة ثانية ؛ فكل طائفة أو حزب سياسي حصّن مناطق نفوذه وحاصرها بأعلامه وبصور قادته وشهدائه، حتى بات لبنان الذي جئناه ليس اكثر من "هدايا بالعلب" أو آهات تندفها مواويل ابن ضيعة "نيحا" فتطير لتصير "قطعة من سما"، أو تستريح أهازيج فيروزية "تحت جفنات العنب".لن يخطيء الزائر، مهما كان مدنفا بحب لبنان، ومسحورًا بطبيعته وبجمال بقاعه و"شوفه"، ذلك الواقع المر المستفز ؛ فكل منطقة جغرافية ما زالت تخضع لوال أو لزعيم، وهذا عنده وعند عائلته وطائفته ميليشيا جاهزة للدفاع عنه وعن حاضرته؛ بينما يتواجد جيش لبنان بكسل على بعض الحواجز العسكرية المقامة على مفارق الطرقات الرئيسية، وفي مواقع تفصل عمليًا بي ......
#عندما
#تذكر
#الشاعر
#بيروته
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=687506
#الحوار_المتمدن
#جواد_بولس وتبقى بيروت ذاكرة للوجع؛ وآب، شهر الرماد السماوي، يعود فتنقر اسراب جراده على عتباتنا، ويصحّينا من نسياننا العقيم، كي نبحر، على موج دموعنا، نحو ذلك "المنسيّ بين فراشتين" ونغرق من جديد في "السؤال عن الحقيقة".صدمتنا بيروت مرّة أخرى، وكذّبت، برعونة ربّة لا ترحم، سراب السذّج وليلك المتفائلين؛ وعرّت، للمرة الألف، شمم الشقائق على سفوح صنين. لقد أعادت "خيمتنا"، في ليلها الأحمر الدامي، للشرق معناه التليد، وذكّرَتنا كيف يولد الغفاة من خراب وكيف الى خراب يعودون.قد لا يصحّ، ونحن نقف على فوّهات شهقاتنا، إلا الصمت والدعاء في محاريب العجز، وألا نفقد عقولنا أو ايماننا بمن على كل شيء قدير، كما كان يؤمن الراكعون بخشوع في المعابد القريبة من مرفأ الدم، قبل انشطار القمر فوق سماء بيروت الشقية. ولكن بعض الحقيقة لا يضير؛ فلبنان لم يولد ولم يعش ككيان سيادي سليم؛ ولم يكن ذات يوم دولة طبيعية، ولا كان يشبه باقي دول العالم الفاشلة. لقد هندسه رعاة العالم في القرن المنصرم، كما يعرف جميع أهله، ليكون مجرد "قوقعة" تشارك معظم طوائفه الدينية في بناء فسيفساء درعها الخارجي، ويعيش في داخلها "مواطفون" ** ، لا مواطنون، كما ينبغي في عصر الدول الحديثة.لا أعدّ نفسي خبيرًا بتاريخ لبنان، لكنني لا اعتقد انّ تشخيص مأساته بحاجة الى دربة خبراء أو الى دراسات علماء في السياسة وأخواتها.لم تُتَح لنا، نحن فلسطينيي الداخل، زيارة لبنان إلا مؤخرًا وفي حالات استثنائية جدًّا، لم تعُد متاحة الآن، كتلك التي سنحت لنا قبل ثلاثة اعوام، حين سُمحت لبعض المجموعات الصغيرة زيارته، ومنها مجموعتنا المؤلفة من سبعة أزواج أصدقاء، وذلك تحت عنوان الحجيج أو السياحة الدينية !لم نصدّق أننا في مطار بيروت. ما زلت أشعر كيف زجرت قلبي وهو يحاول أن يطل من بين أضلعي. كنت أسمع دقاته ولا أنظر نحو هدف محدد، ولا حتى صوب وجوه رفاقي، فعشت في لحظة سرمدية، عطّلت فيها حواسي خوفًا من أن أكتشف انني أعيش حلمًا زهريًا. إنتصف ليل بيروت ونحن على شرفتها؛ فأنهينا معاملات الدخول وركبنا الحافلة وصمت المجموعة ما انفك طاغيًا، وأعيننا تحتضن ليلها بهدوء يليق "بست الدنيا" ؛ وكل منا يستحضر لبنانه؛ فخاصتي كان من أرز ووعد وأماني خبأتُها لعقود في خوابينا وكدّستها في أناشيدنا عقودًا من جلنار، واسراب يمام.لا أعرف متى سيسمح لي قلبي أن أنبش أمامكم أحلى وشوشات بشرّي/ جبران، أو بحة نايات "أرز الرب"، أو غنجات "زحلة" وهمهمات المجد في "بعلبك".سأعود، ربما، بعد استيعاب الغصة الحالية، كي انثر على أرصفة ما تبقى من عمر ، نجومًا كنا قطفناها من "شخروب" بسكنتا، وكي أضوع أزكى العطور من "بساتين الجون" ومن "دير القمر".لكنني، والمقام اليوم مقام الدهشة والحسرة، ساحدثكم كيف كانت خاصرتي تنزف كلما انتقلنا من حاضرة لبنانية الى حاضرة ثانية ؛ فكل طائفة أو حزب سياسي حصّن مناطق نفوذه وحاصرها بأعلامه وبصور قادته وشهدائه، حتى بات لبنان الذي جئناه ليس اكثر من "هدايا بالعلب" أو آهات تندفها مواويل ابن ضيعة "نيحا" فتطير لتصير "قطعة من سما"، أو تستريح أهازيج فيروزية "تحت جفنات العنب".لن يخطيء الزائر، مهما كان مدنفا بحب لبنان، ومسحورًا بطبيعته وبجمال بقاعه و"شوفه"، ذلك الواقع المر المستفز ؛ فكل منطقة جغرافية ما زالت تخضع لوال أو لزعيم، وهذا عنده وعند عائلته وطائفته ميليشيا جاهزة للدفاع عنه وعن حاضرته؛ بينما يتواجد جيش لبنان بكسل على بعض الحواجز العسكرية المقامة على مفارق الطرقات الرئيسية، وفي مواقع تفصل عمليًا بي ......
#عندما
#تذكر
#الشاعر
#بيروته
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=687506
الحوار المتمدن
جواد بولس - عندما تذكر الشاعر بيروته