حامد تركي هيكل : هو الذي رأى كل شيء _الجزء الرابع
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل إختفاء المسلّةالساعة الواحدة ظهرا يشعر الشابان أنهما قد وُضعا على حين غفلة أمام امتحان غريب. فقد شغلهما هذا الغريب الغامض عن مخاوفهما وآلامهما السابقة، تلك التي دفعتهما الى اللجوء الى القاع باحثين عن السلام فيه. لايريد عماد أن يتذكر خسارته لبسمة، يريد أن يهرب منها، بسمة الفتاة التي أحبّها، والتي فقدها بلحظة غاشمة، لا يريد أن يتذكر. ويريد حسن أن ينسى تلك الصدمات التي لاحقته، والتي جعلت العالم يبدو مزيفاً بعينه، فلا يستطيع أن يرى سوى نسخته المغشوشة. ها هما اليوم يواجهان سؤالاً جديداً هو :من عسىاه أن يكون هذا الرجل ؟ هل هو الدكتور منعم أستاذ الفلسفة ؟ أم هو سلمان، أم هو أبو فيصل الذي فقد أولاده؟ أم هو مجرد مجنون آخر لفظته مطحنة الحياة القاسية، وساقته الأقدار ليكون بينهما؟ يشعر عماد مع هذا بالطمأنينة، ذلك لأنه واثق من أن المساعدة ستأتي لحل اللغز من الناس المهتمين قريباً. فقد أرسل الرسائل للأصدقاء القدامى الذين لم يعد يتذكرهم عدا أن أسماءهم بقيت محفوظة في ذاكرة الهاتف خاصته، وقد أُرسل رسائل للاصدقاء الجدد من مجتمع القاع، وسينقل ذلك الشبح الذي لابد أن يكون قد استمع لحديث الرجل الغامض الى صاحب الجلد الشفاف ربما، أو لأيٍّ كان كل تلك التفاصيل. سيتكفل الآخرون بحلّ اللغز. يشعر عماد أن وظيفته تحولت الى مضيف فقط، هو مثل عامل خدمة في فندق ليس الا. أما التفسير فسيضطلع به الآخرون. أما حسن فرغم أنه ظل صامتاً طوال الوقت السابق الا أنه بدأ يراجع نفسه، وبدأ يشكُّ في خياراته الأخيرة في الانخراط بعالم القاع! فهذا الرجل إن كان صادقاً فيما يقول، كان حسن يفكر، فهو قد مرَّ بظروف أصعب من تلك التي مرَّ بها، ومع هذا فقد ظلَّ متمسكاً بدور يريد أن ينهض به وهو أن يكتب عن مشاهداته. واذا كان الرجل الغامض كاذباً فيما يقول، أو اذا كان مجنوناً، فهو وان كان كذلك الا أنه ظلَّ يحمل همّاً عاماً، لم ينسحب منه، ولم يهرب منه. ولهذا يشعر حسن أن قراره في مغادرة مجتمع السطح العفن بدا له قراراً انهزامياً. وإكتشف حسن أيضاً أنه ما زال قادراً على التفكير! الفضول ربما هو الذي دعاهما الى الاحتفاظ بالرجل ورعايته. فأصبح شغلهما الشاغل. يرعيانه كما لوكان أباً لهما. نظّفاه، وأطعماه. وتركا من أجله وبسببه بسطتَهما اليوم. فلم يصعدا الى الرصيف القريب من خيمتهما ليفرشا الخردة التي اعتادا على عرضها وبيعها كل يوم. أما هو، فقد كان رجلاً يهذي. اختلطت برأسه الصور. وتوهّم أنهما ملاكان يستقبلانه بعد موته، ثم ظنَّ أنهما محققان مستعدان لتعذيبه من أجل انتزاع اعترافات منه. في هذه اللحظة، وبحدود الساعة الواحدة ظهراً، وقد مضت ساعات لوجود الرجل الغامض في الخيمة بعد أن وجده الشابان فاقد الوعي، بدأ الرجل مرة أخرى يتمتم بصوت خفيض. حاولا معرفة ما يريد أن يقول. يعتقد هذه المرة أنه ضيف على صحفيين يريدان أن يعرفا منه الذي حصل. كمن يهذي، يودُّ أن يسجّل أفكاره ورؤاه ومشاهداته. يشعر أنه رجلٌ مهم، شخصية مميزة، خبير بشؤون مدينته. يعتقد أن الصحفيين يحرصان على معرفة تفاصيل لا يعلم بها الا هو، فقد توهمَّ أنه هو الوحيد الذي رأى كل شيء. - لنسأله لِمَ حصل كل ذلك، ما رأيك؟ قال حسن.- نعم، نعم، ولابد من تسجيل كل كلمة يقولها. لابد أن نشارك الآخرين بهذه المعلومات فقد تكون مهمة، من يدري! قال عماد.- تماما. قال حسن- هل لك أن تقول لنا لماذا حصل الذي حصل لمدينتك؟ قال حسن موجهاً السؤال للرجل. رفع رأسه وإتَّكأ على مرفقه، سحب جسده قليلا للأعلى، وبدأ يسرد:- كان لدى الناس أوقات فراغ كثيرة للاستمتاع بالعروض المسرحية التي ......
#الذي
#_الجزء
#الرابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=703265
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل إختفاء المسلّةالساعة الواحدة ظهرا يشعر الشابان أنهما قد وُضعا على حين غفلة أمام امتحان غريب. فقد شغلهما هذا الغريب الغامض عن مخاوفهما وآلامهما السابقة، تلك التي دفعتهما الى اللجوء الى القاع باحثين عن السلام فيه. لايريد عماد أن يتذكر خسارته لبسمة، يريد أن يهرب منها، بسمة الفتاة التي أحبّها، والتي فقدها بلحظة غاشمة، لا يريد أن يتذكر. ويريد حسن أن ينسى تلك الصدمات التي لاحقته، والتي جعلت العالم يبدو مزيفاً بعينه، فلا يستطيع أن يرى سوى نسخته المغشوشة. ها هما اليوم يواجهان سؤالاً جديداً هو :من عسىاه أن يكون هذا الرجل ؟ هل هو الدكتور منعم أستاذ الفلسفة ؟ أم هو سلمان، أم هو أبو فيصل الذي فقد أولاده؟ أم هو مجرد مجنون آخر لفظته مطحنة الحياة القاسية، وساقته الأقدار ليكون بينهما؟ يشعر عماد مع هذا بالطمأنينة، ذلك لأنه واثق من أن المساعدة ستأتي لحل اللغز من الناس المهتمين قريباً. فقد أرسل الرسائل للأصدقاء القدامى الذين لم يعد يتذكرهم عدا أن أسماءهم بقيت محفوظة في ذاكرة الهاتف خاصته، وقد أُرسل رسائل للاصدقاء الجدد من مجتمع القاع، وسينقل ذلك الشبح الذي لابد أن يكون قد استمع لحديث الرجل الغامض الى صاحب الجلد الشفاف ربما، أو لأيٍّ كان كل تلك التفاصيل. سيتكفل الآخرون بحلّ اللغز. يشعر عماد أن وظيفته تحولت الى مضيف فقط، هو مثل عامل خدمة في فندق ليس الا. أما التفسير فسيضطلع به الآخرون. أما حسن فرغم أنه ظل صامتاً طوال الوقت السابق الا أنه بدأ يراجع نفسه، وبدأ يشكُّ في خياراته الأخيرة في الانخراط بعالم القاع! فهذا الرجل إن كان صادقاً فيما يقول، كان حسن يفكر، فهو قد مرَّ بظروف أصعب من تلك التي مرَّ بها، ومع هذا فقد ظلَّ متمسكاً بدور يريد أن ينهض به وهو أن يكتب عن مشاهداته. واذا كان الرجل الغامض كاذباً فيما يقول، أو اذا كان مجنوناً، فهو وان كان كذلك الا أنه ظلَّ يحمل همّاً عاماً، لم ينسحب منه، ولم يهرب منه. ولهذا يشعر حسن أن قراره في مغادرة مجتمع السطح العفن بدا له قراراً انهزامياً. وإكتشف حسن أيضاً أنه ما زال قادراً على التفكير! الفضول ربما هو الذي دعاهما الى الاحتفاظ بالرجل ورعايته. فأصبح شغلهما الشاغل. يرعيانه كما لوكان أباً لهما. نظّفاه، وأطعماه. وتركا من أجله وبسببه بسطتَهما اليوم. فلم يصعدا الى الرصيف القريب من خيمتهما ليفرشا الخردة التي اعتادا على عرضها وبيعها كل يوم. أما هو، فقد كان رجلاً يهذي. اختلطت برأسه الصور. وتوهّم أنهما ملاكان يستقبلانه بعد موته، ثم ظنَّ أنهما محققان مستعدان لتعذيبه من أجل انتزاع اعترافات منه. في هذه اللحظة، وبحدود الساعة الواحدة ظهراً، وقد مضت ساعات لوجود الرجل الغامض في الخيمة بعد أن وجده الشابان فاقد الوعي، بدأ الرجل مرة أخرى يتمتم بصوت خفيض. حاولا معرفة ما يريد أن يقول. يعتقد هذه المرة أنه ضيف على صحفيين يريدان أن يعرفا منه الذي حصل. كمن يهذي، يودُّ أن يسجّل أفكاره ورؤاه ومشاهداته. يشعر أنه رجلٌ مهم، شخصية مميزة، خبير بشؤون مدينته. يعتقد أن الصحفيين يحرصان على معرفة تفاصيل لا يعلم بها الا هو، فقد توهمَّ أنه هو الوحيد الذي رأى كل شيء. - لنسأله لِمَ حصل كل ذلك، ما رأيك؟ قال حسن.- نعم، نعم، ولابد من تسجيل كل كلمة يقولها. لابد أن نشارك الآخرين بهذه المعلومات فقد تكون مهمة، من يدري! قال عماد.- تماما. قال حسن- هل لك أن تقول لنا لماذا حصل الذي حصل لمدينتك؟ قال حسن موجهاً السؤال للرجل. رفع رأسه وإتَّكأ على مرفقه، سحب جسده قليلا للأعلى، وبدأ يسرد:- كان لدى الناس أوقات فراغ كثيرة للاستمتاع بالعروض المسرحية التي ......
#الذي
#_الجزء
#الرابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=703265
الحوار المتمدن
حامد تركي هيكل - هو الذي رأى كل شيء _الجزء الرابع
حامد تركي هيكل : هو الذي رأى كل شيء _الجزء الخامس
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل البيارقالساعة الخامسة مساءًيبدو أن المجنونين الصغيرين عماد وحسن يشعران بالراحة والإطمئنان على طريقة سير الأمور حتى الآن. اذ يبدو أن وضع الرجل الغريب مستقر. كانت تلك الكلمات التي قالها الرجل الغامض سواء تلك التي تحدث بها عن نفسه، أو تلك التي بيَّن فيها وصفاً كاملاً ومسهباً عن المدينة التي جاء منها، أو تلك الجلسة الغريبة التي نجحا في تسجيل ما قاله أثنائها عن الظروف والأسباب التي أدى في النهاية الى تقسيم المدينة الى أربعة مثلثات، كانت كل تلك الكلمات والتفصيلات عبارة عن قطع من أحجية يصعب على عماد وحسن حلُّها، أو ربما لا يستطيع أحدٌ أن يكوّن منها فكرة عن هذا الرجل. غموض أُضيف على طبقات الغموض المتعددة التي تخيّم على عقليّ هذين الشابين الصغيرين المسكونين بالألم والاحباط. من هو؟ وعن أية مدينة يتحدث؟ وما هي تلك الأحداث التي جرت لمواطنيه؟ هل هي مجرد خيالاته، كونه رجل مجنون؟ أم أنها خيالاتهما باعتبارهما شابان مجنونان طالما تخيّلا أشياءً وأحداثاً! أم أنها رسائل مشفّرة من مصدر ما يُراد من ورائها قصد ما؟ الرسائل النصيّة التي أرسلها عماد الى أصدقائه القدامى والجُدد في المجتمعين المنفصلين اللذين لا يعلم أحدهما بالآخر قد أحدثت ضجّةً هنا، وهزَّةً هناك. ففي مجتمع السطح حيث يكون الناس عادة مشغولين بحياتهم الرتيبة، يظهرون وكأنهم أفراد يسيرون وهم نائمين، لا يلتفتون للإشارات التي تظهر لهم، ولا ينتبهون للعلامات التي تعترض طريقهم، ولا للومضات التي تلمعُ في آفاقهم مثل شهب ما إن تتوهج بين الفينة والفينة حتى تختفي، بل يمضون وكأن شيئاً لا يحدث لهم، وكأن القوة الوحيدة التي تسيّرُهم هي تلك التي تستحثُّ خطاهم نحو حاجاتهم الغريزية، أو تلك التي تحكمُ سلوكياتهم الجمعيّة الروتينية. يمضون متبلديّ المشاعر، مخدّريّ الحواس. لم تسترعِ رسائل عماد إلّا انتباه عددٍ محدودٍ من الرجال والنساء في مجتمع السطح، مجموعة باتت تنتظر حصول أمر ما، فقد تجمعت لديها أرهاصات، وتيقنت من وجود عدد من الدلائل، كلها تشير الى اقتراب حصول حدث ما، سيكون له صدى، حدث يغير رتابة الحياة اليومية في الكوكب الى الأبد! لذلك وجدتْ تلك المجموعة في الرسائل التي أرسلها عماد ما يثيرُ انتباهَها، فتداولتْها، واجتمعتْ لمناقشتها، ووجدتْ فيها أموراً تستحق التوقف عندها. كانت تلك مجموعة من الشباب المهتمّين بالمسرح والشعر والرسم، مجموعة التفّتْ حول ناقد مسرحي مخضرم، لا يحمل شهادة أكاديمية، ولكنه رجل عاش منذ أن كان شاباً فتيّاً في أجواء المسرح، فتشرَّب حبَّه في روحه وقلبه وعقله. رجل عاصر المسرح ردحاً طويلاً، ولم تشغله عن المسرح مشاغلُ أخرى. يعرفه المهتمون بالفنّ، يلتفّون حوله، وينهلون من واسع علمه، وعظيم معرفته، لا يفارقونه أبداً، يستشيرونه، ويطلعونه على أفكارهم وأعمالهم، فيسعدُ هو بكل ذلك. ليس له عائلة يعيش معها، ولا عمل ينشغل به، وليس له همٌّ في الحياة غير المسرح. لا يعرفه الشباب الا بكنيته، وكنيته بينهم "الشايب". يقال أن الشايب عندما كان شاباً كان يبيت ليله تحت خشبة المسرح، يقرأ النصوص، وقيل أنه كان يحتفظ بمكتبة ضخمة هناك. وقيل أنهم شاهدوه ليلاً وهو يمثّل وحده على خشبة المسرح في الظلام. وقيل أن رجال إدارة المسرح طردوه غير مرة لأنهم أيقنوا أنه مجنون. كان ذلك منذ زمن بعيد. بالرغم من مرور ساعات معدودة على تلك الرسائل التي أرسلها عماد، إلّا أن ذلك الوقت كان كافياً بالنسبة لمجموعة الشايب ومريديه كي يستحوذ عليهم موضوع الرجل الغامض وما قاله. فقد رأوا فيه أموراً لم يلحظها غيرهم. فاجتمعوا بسببه، وناقشوا قضيته، وت ......
#الذي
#_الجزء
#الخامس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=703718
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل البيارقالساعة الخامسة مساءًيبدو أن المجنونين الصغيرين عماد وحسن يشعران بالراحة والإطمئنان على طريقة سير الأمور حتى الآن. اذ يبدو أن وضع الرجل الغريب مستقر. كانت تلك الكلمات التي قالها الرجل الغامض سواء تلك التي تحدث بها عن نفسه، أو تلك التي بيَّن فيها وصفاً كاملاً ومسهباً عن المدينة التي جاء منها، أو تلك الجلسة الغريبة التي نجحا في تسجيل ما قاله أثنائها عن الظروف والأسباب التي أدى في النهاية الى تقسيم المدينة الى أربعة مثلثات، كانت كل تلك الكلمات والتفصيلات عبارة عن قطع من أحجية يصعب على عماد وحسن حلُّها، أو ربما لا يستطيع أحدٌ أن يكوّن منها فكرة عن هذا الرجل. غموض أُضيف على طبقات الغموض المتعددة التي تخيّم على عقليّ هذين الشابين الصغيرين المسكونين بالألم والاحباط. من هو؟ وعن أية مدينة يتحدث؟ وما هي تلك الأحداث التي جرت لمواطنيه؟ هل هي مجرد خيالاته، كونه رجل مجنون؟ أم أنها خيالاتهما باعتبارهما شابان مجنونان طالما تخيّلا أشياءً وأحداثاً! أم أنها رسائل مشفّرة من مصدر ما يُراد من ورائها قصد ما؟ الرسائل النصيّة التي أرسلها عماد الى أصدقائه القدامى والجُدد في المجتمعين المنفصلين اللذين لا يعلم أحدهما بالآخر قد أحدثت ضجّةً هنا، وهزَّةً هناك. ففي مجتمع السطح حيث يكون الناس عادة مشغولين بحياتهم الرتيبة، يظهرون وكأنهم أفراد يسيرون وهم نائمين، لا يلتفتون للإشارات التي تظهر لهم، ولا ينتبهون للعلامات التي تعترض طريقهم، ولا للومضات التي تلمعُ في آفاقهم مثل شهب ما إن تتوهج بين الفينة والفينة حتى تختفي، بل يمضون وكأن شيئاً لا يحدث لهم، وكأن القوة الوحيدة التي تسيّرُهم هي تلك التي تستحثُّ خطاهم نحو حاجاتهم الغريزية، أو تلك التي تحكمُ سلوكياتهم الجمعيّة الروتينية. يمضون متبلديّ المشاعر، مخدّريّ الحواس. لم تسترعِ رسائل عماد إلّا انتباه عددٍ محدودٍ من الرجال والنساء في مجتمع السطح، مجموعة باتت تنتظر حصول أمر ما، فقد تجمعت لديها أرهاصات، وتيقنت من وجود عدد من الدلائل، كلها تشير الى اقتراب حصول حدث ما، سيكون له صدى، حدث يغير رتابة الحياة اليومية في الكوكب الى الأبد! لذلك وجدتْ تلك المجموعة في الرسائل التي أرسلها عماد ما يثيرُ انتباهَها، فتداولتْها، واجتمعتْ لمناقشتها، ووجدتْ فيها أموراً تستحق التوقف عندها. كانت تلك مجموعة من الشباب المهتمّين بالمسرح والشعر والرسم، مجموعة التفّتْ حول ناقد مسرحي مخضرم، لا يحمل شهادة أكاديمية، ولكنه رجل عاش منذ أن كان شاباً فتيّاً في أجواء المسرح، فتشرَّب حبَّه في روحه وقلبه وعقله. رجل عاصر المسرح ردحاً طويلاً، ولم تشغله عن المسرح مشاغلُ أخرى. يعرفه المهتمون بالفنّ، يلتفّون حوله، وينهلون من واسع علمه، وعظيم معرفته، لا يفارقونه أبداً، يستشيرونه، ويطلعونه على أفكارهم وأعمالهم، فيسعدُ هو بكل ذلك. ليس له عائلة يعيش معها، ولا عمل ينشغل به، وليس له همٌّ في الحياة غير المسرح. لا يعرفه الشباب الا بكنيته، وكنيته بينهم "الشايب". يقال أن الشايب عندما كان شاباً كان يبيت ليله تحت خشبة المسرح، يقرأ النصوص، وقيل أنه كان يحتفظ بمكتبة ضخمة هناك. وقيل أنهم شاهدوه ليلاً وهو يمثّل وحده على خشبة المسرح في الظلام. وقيل أن رجال إدارة المسرح طردوه غير مرة لأنهم أيقنوا أنه مجنون. كان ذلك منذ زمن بعيد. بالرغم من مرور ساعات معدودة على تلك الرسائل التي أرسلها عماد، إلّا أن ذلك الوقت كان كافياً بالنسبة لمجموعة الشايب ومريديه كي يستحوذ عليهم موضوع الرجل الغامض وما قاله. فقد رأوا فيه أموراً لم يلحظها غيرهم. فاجتمعوا بسببه، وناقشوا قضيته، وت ......
#الذي
#_الجزء
#الخامس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=703718
الحوار المتمدن
حامد تركي هيكل - هو الذي رأى كل شيء _الجزء الخامس
حامد تركي هيكل : هو الذي رأى كل شيء _الجزء السادس
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل أساطير ونبوءاتالساعة التاسعة مساءفي ساعات المساء الأخيرة شهدت الحديقة حركة غيرعادية. فبدلاً عن أن تبدأ بالسبات كما يحصل كلّ ليلة من ليالي الشتاء الباردة، تجمّع عدد من الناس قرب خيمة المجنونين، وراحوا ينصبون خيمة لهم. يبدو أنهم قرروا المبيت هنا. كان أولئك هم جماعة الشايب، ذلك المهووس بالمسرح، ومريدوه من الفنانين غريبي الأطوار، وهم ثلة من رجال السطح. أما الآخرون الذين تجمعوا قرب الخيمة، فقد كانوا خليطاً من متسولين ومحبطين ومجانين ومدمنين وهم لفيف من رجال ، وفدوا الى الحديقة من أماكن مختلفة من وسط المدينة، جلسوا تحت الأشجار، تلحفَّ بعضهم بأسماله وأغطية بالية متسخة، وراح يتصنع النوم. لقد صار الأمر جنونياً تماماً، هكذا فكر عماد. وكذلك راح يفكر حسن بالطريقة نفسها. فقد اختلطت الأمور عليهما تماماً. فقد ألفا الهلوسات التي كانت تجتاحهما، وتعودا على الأوهام والخيالات التي طالما عصفت برأسيهما، خاصة أثناء الليالي. ألف عماد الأحلام التي كان يراها وقد غادرت قلوب اصحابها الميتين قبل أوانهم كحمامات فزعة تائهة تحوم، والتي راحت تبحث لها عن مأوى بعد أن خطفت يد الموت القاسية التي لا ترحم أصحابها فجأة وهم يسيرون، وهم يعودون من مدارسهم، أو وهم يعودون من لقاء أحبّتهم. واعتاد حسن رؤية نسخ مشوهة ظلّيّة من كل مشهد واقعي أمامه. نسخ مغشوشة، كأن الواقع أصبح بنظره طبقات متوازية متشابهة ومختلفة في الوقت نفسه. ولهذا لم يعودا متأكدين ما اذا كان الذي سمعاه من هذا الرجل واقعاً أم خيالاً، فمن المؤكد أنه كان يتحدث عن مدينة ليس لها وجود. قطعاً، لا يمكن أن تكون هناك مدينة بمثل هذه المواصفات. ولكن الشيء غير المؤكد أيضا هو هل أن هذا الرجل موجود فعلاً في خيمتهما يفتعل القصص والأكاذيب، أم أنه لا وجود له إلا في عالميهما الخياليين؟ أم أنه موجود في خيال عماد ويقصُّه على حسن، أم أنه من اختلاق حسن ويصدّع به رأس عماد؟ كلّ شيء ممكن. ولكن ما قصة هؤلاء المجانين الذين تجمعوا حول خيمتهما لمراقبة الاحداث؟ لماذا قدموا؟ هل لهم علاقة بهذا الرجل؟ أم أن أحدا لم يتجمع، أم أنهم تجمعوا لسبب آخر لا علاقة له بقصة هذا الرجل الغامض؟ حاول عماد التأكد من أنه كان قد أرسل المقاطع الصوتية لأحدهم أم أنه تخيّل ذلك أيضاً، ولكنه عندما حاول التحقق من هذه وجد هاتفه مطفئاً تماماً.من جانب آخر يبدو أن الناس العاديين لم يلحظوا شيئاً، فقد استمرت حركتهم كما هي دون أن يلتفتوا الى ما استجدَّ من تجمع غريب في حديقة الأمة. في هذه الأثناء قال عماد للرجل الغامض:- أخبرنا المزيد رجاءً لنعرف ما الذي جرى، وما هي قصة تلك الرموز والحيوانات؟أما الرجل الغريب فيظنُّ نفسه هذه المرة كما لوأنه ضيف على برنامج تلفزيوني يجيب على أسئلة الصحفيين. قال: - تسألني لم اختار الكبار تلك الرموز ليضعوها في بيارقهم دون غيرها. أنا أقول لك، لم يكن ذلك عملاً اعتباطيا. بل لأن هذه الرموز كانت متجذرة في إسطورة قديمة. إسطورة كان الناس يعرفونها، وكانوا يحفظونها عن ظهر قلب. يقال أنها كانت مكتوبة على المسلّة التي يقال أنها كانت موجودة في مكان ما قبل أن تختفي بظروف غامضة. تردد في أرجاء المثلث الجنوبي أن سكان مثلث آخر قد سرقوها، وأنهم قد دفنوها في مكان ما تحت الأرض، وأنهم لازالوا عاكفين على إزالة نقوشها الأصلية واستبدالها بنقوش مزيّفة أخرى، نقوش تمجّد مثلثهم دون غيره! يعتقدون أنهم سينجحون بفعلتهم هذه! مستحيل أن يحصل هذا، قال أحدهم. ولكنني سمعت الناس في كل مثلث وهم يتّهمون أصحاب مثلث آخر بسرقة المسلّة. كان ذلك منذ وقت بعيد قبل أن يبدأ الجميع با ......
#الذي
#_الجزء
#السادس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=703873
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل أساطير ونبوءاتالساعة التاسعة مساءفي ساعات المساء الأخيرة شهدت الحديقة حركة غيرعادية. فبدلاً عن أن تبدأ بالسبات كما يحصل كلّ ليلة من ليالي الشتاء الباردة، تجمّع عدد من الناس قرب خيمة المجنونين، وراحوا ينصبون خيمة لهم. يبدو أنهم قرروا المبيت هنا. كان أولئك هم جماعة الشايب، ذلك المهووس بالمسرح، ومريدوه من الفنانين غريبي الأطوار، وهم ثلة من رجال السطح. أما الآخرون الذين تجمعوا قرب الخيمة، فقد كانوا خليطاً من متسولين ومحبطين ومجانين ومدمنين وهم لفيف من رجال ، وفدوا الى الحديقة من أماكن مختلفة من وسط المدينة، جلسوا تحت الأشجار، تلحفَّ بعضهم بأسماله وأغطية بالية متسخة، وراح يتصنع النوم. لقد صار الأمر جنونياً تماماً، هكذا فكر عماد. وكذلك راح يفكر حسن بالطريقة نفسها. فقد اختلطت الأمور عليهما تماماً. فقد ألفا الهلوسات التي كانت تجتاحهما، وتعودا على الأوهام والخيالات التي طالما عصفت برأسيهما، خاصة أثناء الليالي. ألف عماد الأحلام التي كان يراها وقد غادرت قلوب اصحابها الميتين قبل أوانهم كحمامات فزعة تائهة تحوم، والتي راحت تبحث لها عن مأوى بعد أن خطفت يد الموت القاسية التي لا ترحم أصحابها فجأة وهم يسيرون، وهم يعودون من مدارسهم، أو وهم يعودون من لقاء أحبّتهم. واعتاد حسن رؤية نسخ مشوهة ظلّيّة من كل مشهد واقعي أمامه. نسخ مغشوشة، كأن الواقع أصبح بنظره طبقات متوازية متشابهة ومختلفة في الوقت نفسه. ولهذا لم يعودا متأكدين ما اذا كان الذي سمعاه من هذا الرجل واقعاً أم خيالاً، فمن المؤكد أنه كان يتحدث عن مدينة ليس لها وجود. قطعاً، لا يمكن أن تكون هناك مدينة بمثل هذه المواصفات. ولكن الشيء غير المؤكد أيضا هو هل أن هذا الرجل موجود فعلاً في خيمتهما يفتعل القصص والأكاذيب، أم أنه لا وجود له إلا في عالميهما الخياليين؟ أم أنه موجود في خيال عماد ويقصُّه على حسن، أم أنه من اختلاق حسن ويصدّع به رأس عماد؟ كلّ شيء ممكن. ولكن ما قصة هؤلاء المجانين الذين تجمعوا حول خيمتهما لمراقبة الاحداث؟ لماذا قدموا؟ هل لهم علاقة بهذا الرجل؟ أم أن أحدا لم يتجمع، أم أنهم تجمعوا لسبب آخر لا علاقة له بقصة هذا الرجل الغامض؟ حاول عماد التأكد من أنه كان قد أرسل المقاطع الصوتية لأحدهم أم أنه تخيّل ذلك أيضاً، ولكنه عندما حاول التحقق من هذه وجد هاتفه مطفئاً تماماً.من جانب آخر يبدو أن الناس العاديين لم يلحظوا شيئاً، فقد استمرت حركتهم كما هي دون أن يلتفتوا الى ما استجدَّ من تجمع غريب في حديقة الأمة. في هذه الأثناء قال عماد للرجل الغامض:- أخبرنا المزيد رجاءً لنعرف ما الذي جرى، وما هي قصة تلك الرموز والحيوانات؟أما الرجل الغريب فيظنُّ نفسه هذه المرة كما لوأنه ضيف على برنامج تلفزيوني يجيب على أسئلة الصحفيين. قال: - تسألني لم اختار الكبار تلك الرموز ليضعوها في بيارقهم دون غيرها. أنا أقول لك، لم يكن ذلك عملاً اعتباطيا. بل لأن هذه الرموز كانت متجذرة في إسطورة قديمة. إسطورة كان الناس يعرفونها، وكانوا يحفظونها عن ظهر قلب. يقال أنها كانت مكتوبة على المسلّة التي يقال أنها كانت موجودة في مكان ما قبل أن تختفي بظروف غامضة. تردد في أرجاء المثلث الجنوبي أن سكان مثلث آخر قد سرقوها، وأنهم قد دفنوها في مكان ما تحت الأرض، وأنهم لازالوا عاكفين على إزالة نقوشها الأصلية واستبدالها بنقوش مزيّفة أخرى، نقوش تمجّد مثلثهم دون غيره! يعتقدون أنهم سينجحون بفعلتهم هذه! مستحيل أن يحصل هذا، قال أحدهم. ولكنني سمعت الناس في كل مثلث وهم يتّهمون أصحاب مثلث آخر بسرقة المسلّة. كان ذلك منذ وقت بعيد قبل أن يبدأ الجميع با ......
#الذي
#_الجزء
#السادس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=703873
الحوار المتمدن
حامد تركي هيكل - هو الذي رأى كل شيء _الجزء السادس
حامد تركي هيكل : هو الذي رأى كل شيء _الجزء السابع
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل الحربالساعة الخامسة صباحالم ينم المجنونان الصغيران الا سويعات معدودة منذ انتهاء الجلسة السابقة التي دامت حتى منتصف الليل، لم يتبادلا أي كلام بعدها، ولم يعلما السبب الكامن وراء صمتهما ذلك، كانا يستمعان كل تلك المدة الى رجل مهووس، تسكنه قصة غريبة ربما سمعها ذات يوم، أو ربما شاهدها بفلم، أو ربما قرأها. أم أنهما لم يعودا متأكدين من حقيقة هذا الذي سمعاه. فتركا الأمر لتقييم الأصدقاء، وردات أفعالهم حين يشاهدون ويسمعون. فقد بدا لعماد أنه كان قد أرسل مقاطع تسجيلية الى كل الأصدقاء في المرات السابقة، وقد لاحظ ان هناك من الذين توافدوا الى الحديقة مؤخرا من كان يستمع بحرص شديد لما كان الرجل المجنون يرويه، أو هكذا خُيَّل له على الأقل، وتراءى له أيضا أن بعضهم ربما كان يصوّر بهاتفه المحمول ما كان يجري. نام الصديقان المتعبان ليلتهما دون أن يتبادلا حديثا مع بعضهما.بغداد مثل قطعة موسيقية، سيمفونيّة فريدة، بامكانك أن تغمض عينيك وتنسى كل شيء، وتستمتع بالاصوات والنغمات وهي تحكي قصة مدينة ليس لها مثيل، مدينة عتيقة، حيّة، متجددة، مدينة يصعب فهمها، ويصعب هضمها، ويصعب نسيانها. فجراً وكعادتها دوماً، يكسر سكونَها دعاءُ المساجد التي تصحو، رويداً رويداً، يبدأ الدعاء من أحد الجوامع البعيدة، صوت خافت لايكاد يسمع، ثم يعلو، ويعلو، ويزداد، وتضجُّ السماء والأرض بالتلاوات، متداخلة، تعلو وتهبط مثل موسيقى كونية، فتوقظ النائمين، وتسلب الكرى من الغافين. ثم تخفت تلك الأصوات ليحل محلها أصوات الحركة المبكرة، حركة السيارات والباعة وأصحاب العربات التي يبيع أصحابها كل شيء، ثم يعلو نفير السيارات، وصفير شرطة المرور، ثم أصوات المتشاجرين، وتذمّر المتذمرين، يتخلل تلك الفوضى بين الحين والآخر أذان المساجد، وقرع أجراس الكنائس، مثل تبادل الأدوار بين الروح والجسد، تسمع أصوات الجوامع والكنائس مرة، ثم أصوات الصراخ والسعي والضجيج مرة. ثم تهدأ وتيرة الأصوات قليلاً، فتسمع زغاريد من مكان ما، ودفوف، ثم عود، وناي، ثم تسمع غناء المطربين، والعاشقين، وهم يندبون حظهم العاثر! ثم تنام بغداد رويداً رويداً، ما تلبث حتى تصحو من جديد لتعيد تلك الجلبة دورتها الأبدية، وتلك الموسيقى عزفها المتكرر. الرجال من مجتمع السطح غريبو الأطوار من المسرحيين والرسامين الذين لا يهتمون كثيرا لهندامهم تكاثروا في الليلة السابقة على يمين خيمة المجنونين المتذبذبين عماد وحسن، فبنوا لهم ما يشبه الخيام، ملاجيء تقيهم البرد كي يستطيعوا الاستمرار بالنقاش الذي بدأ، ويبدو أنه لن يتوقف! أما المتسولون والمجذوبون فقد تجمعوا على يسار خيمة عماد وحسن، وراحوا يحملقون بالفراغ صامتين. أو ربما تصدر عن بعضهم بين الحين والآخر هلوسات غير مفهومة، وهمهمات لا تعني شيئاً! أو ربما هي لا تعني شيئا لنا، ولكنّها ربما تكون مفهومة عندهم. يتواصلون من خلالها، أو ربما يتواصلون مع كائنات أخرى، أشباح، أرواح يرونها هم ولا نراها نحن. هل يعنيهم وجودُ هذا الرجل؟ هل يمثل وجوده شيئاً مهما لهم؟ اكتشف المجانين أن شيئاً خاطئاً كان يحصل منذ مدة، تناقض ربما أو شيء من هذا القبيل، اذ يصعب عليهم وصف الاشياء، ويصعب عليهم التعبير عنها. والخطأ الجوهري الذي تفاجأ مجتمع القاع باكتشافه، العيب الكبير الذي عرفوا بوجوده بينهم مؤخراً وبعد مناقشات مستفيضة حول قصة هذا الرجل الغامض، هو أنهم كانوا يكلّفون أنفسهم فوق طاقتها. فالجنون هو بالحقيقة ممارسة أو إختيار فردي، هكذا اعتقدوا، ينسحب الفرد بموجبه ويتقوقع في عزلته، يتخلى عن كل شيء، فيصير ببساطة مجنوناً. بيد أن مجانين وسط بغداد اكتشفو ......
#الذي
#_الجزء
#السابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=704088
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل الحربالساعة الخامسة صباحالم ينم المجنونان الصغيران الا سويعات معدودة منذ انتهاء الجلسة السابقة التي دامت حتى منتصف الليل، لم يتبادلا أي كلام بعدها، ولم يعلما السبب الكامن وراء صمتهما ذلك، كانا يستمعان كل تلك المدة الى رجل مهووس، تسكنه قصة غريبة ربما سمعها ذات يوم، أو ربما شاهدها بفلم، أو ربما قرأها. أم أنهما لم يعودا متأكدين من حقيقة هذا الذي سمعاه. فتركا الأمر لتقييم الأصدقاء، وردات أفعالهم حين يشاهدون ويسمعون. فقد بدا لعماد أنه كان قد أرسل مقاطع تسجيلية الى كل الأصدقاء في المرات السابقة، وقد لاحظ ان هناك من الذين توافدوا الى الحديقة مؤخرا من كان يستمع بحرص شديد لما كان الرجل المجنون يرويه، أو هكذا خُيَّل له على الأقل، وتراءى له أيضا أن بعضهم ربما كان يصوّر بهاتفه المحمول ما كان يجري. نام الصديقان المتعبان ليلتهما دون أن يتبادلا حديثا مع بعضهما.بغداد مثل قطعة موسيقية، سيمفونيّة فريدة، بامكانك أن تغمض عينيك وتنسى كل شيء، وتستمتع بالاصوات والنغمات وهي تحكي قصة مدينة ليس لها مثيل، مدينة عتيقة، حيّة، متجددة، مدينة يصعب فهمها، ويصعب هضمها، ويصعب نسيانها. فجراً وكعادتها دوماً، يكسر سكونَها دعاءُ المساجد التي تصحو، رويداً رويداً، يبدأ الدعاء من أحد الجوامع البعيدة، صوت خافت لايكاد يسمع، ثم يعلو، ويعلو، ويزداد، وتضجُّ السماء والأرض بالتلاوات، متداخلة، تعلو وتهبط مثل موسيقى كونية، فتوقظ النائمين، وتسلب الكرى من الغافين. ثم تخفت تلك الأصوات ليحل محلها أصوات الحركة المبكرة، حركة السيارات والباعة وأصحاب العربات التي يبيع أصحابها كل شيء، ثم يعلو نفير السيارات، وصفير شرطة المرور، ثم أصوات المتشاجرين، وتذمّر المتذمرين، يتخلل تلك الفوضى بين الحين والآخر أذان المساجد، وقرع أجراس الكنائس، مثل تبادل الأدوار بين الروح والجسد، تسمع أصوات الجوامع والكنائس مرة، ثم أصوات الصراخ والسعي والضجيج مرة. ثم تهدأ وتيرة الأصوات قليلاً، فتسمع زغاريد من مكان ما، ودفوف، ثم عود، وناي، ثم تسمع غناء المطربين، والعاشقين، وهم يندبون حظهم العاثر! ثم تنام بغداد رويداً رويداً، ما تلبث حتى تصحو من جديد لتعيد تلك الجلبة دورتها الأبدية، وتلك الموسيقى عزفها المتكرر. الرجال من مجتمع السطح غريبو الأطوار من المسرحيين والرسامين الذين لا يهتمون كثيرا لهندامهم تكاثروا في الليلة السابقة على يمين خيمة المجنونين المتذبذبين عماد وحسن، فبنوا لهم ما يشبه الخيام، ملاجيء تقيهم البرد كي يستطيعوا الاستمرار بالنقاش الذي بدأ، ويبدو أنه لن يتوقف! أما المتسولون والمجذوبون فقد تجمعوا على يسار خيمة عماد وحسن، وراحوا يحملقون بالفراغ صامتين. أو ربما تصدر عن بعضهم بين الحين والآخر هلوسات غير مفهومة، وهمهمات لا تعني شيئاً! أو ربما هي لا تعني شيئا لنا، ولكنّها ربما تكون مفهومة عندهم. يتواصلون من خلالها، أو ربما يتواصلون مع كائنات أخرى، أشباح، أرواح يرونها هم ولا نراها نحن. هل يعنيهم وجودُ هذا الرجل؟ هل يمثل وجوده شيئاً مهما لهم؟ اكتشف المجانين أن شيئاً خاطئاً كان يحصل منذ مدة، تناقض ربما أو شيء من هذا القبيل، اذ يصعب عليهم وصف الاشياء، ويصعب عليهم التعبير عنها. والخطأ الجوهري الذي تفاجأ مجتمع القاع باكتشافه، العيب الكبير الذي عرفوا بوجوده بينهم مؤخراً وبعد مناقشات مستفيضة حول قصة هذا الرجل الغامض، هو أنهم كانوا يكلّفون أنفسهم فوق طاقتها. فالجنون هو بالحقيقة ممارسة أو إختيار فردي، هكذا اعتقدوا، ينسحب الفرد بموجبه ويتقوقع في عزلته، يتخلى عن كل شيء، فيصير ببساطة مجنوناً. بيد أن مجانين وسط بغداد اكتشفو ......
#الذي
#_الجزء
#السابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=704088
الحوار المتمدن
حامد تركي هيكل - هو الذي رأى كل شيء _الجزء السابع
حامد تركي هيكل : هو الذي رأى كل شيء _الجزء الثامن
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل الساعة الخامسة مساءًالرنينمثل طفلين تعودا على الاستماع الى قصص ما قبل النوم، مثل طفلين تعودا قراءة قصص المغامرات في المجلات، مثل طفلين اعتادا على سماع الحكايات الملفتة للنظر، اعتاد الشابان عماد وحسن على الاستماع لسرد هذا الرجل الغامض الذي وُجد قبل ساعات فقط فاقد الوعي قرب خيمتهما. أصبح للشابين المجنونين قصة تختلف عن كل ما سبق لهما أن خاضاه من قصص. وتوهّما قبل ساعات أن شهرة قد أصبحت لهما من خلال المقاطع الصوتية والرسائل التي خُيّل لهما أنهما كانا قد بعثا بها لكل اصدقائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.أصبح لهما مهمة جديدة، هكذا توهّما، مهمة لم تكن بالحسبان. إذ صارا كمضيفين لرجل غريب يحكي قصة جنون أغرب من الخيال، صارا مثل صحفيين ينقلان على الهواء مباشرة ما كان يجري في خيمتهما من أحداث، وما كانت تُنسج هناك من أكاذيب، وما كان يروي لهما الرجل المخبول من أباطيل. ضاقا ذرعاً بهذه الأحداث، فأرادا نقلها الى الناس. أن تحتفظ بالفكرة داخل رأسك يعني أن تعالجها، أن تقلّبها، أن تحلَّ إشكالاتها، وأن تجد الأجوبة عن اسئلتها، ولكن كيف لك ذلك؟ والفكرة أكبر منك! خاصة اذا كنت مجنوناً، لابد لك أن تناولها، أن ترسلها الى الآخرين وتستريح، وتنتظر ما سيقولون. أما أنت فتجلس مستريحاً منتظراً. لم يدر بمخيلتهما أن تصير خيمتهما محطَّ اهتمام الجميع، حتى أن مراسلي القنوات التلفزيونية بدأوا يترددون عليها لالتقاط صور لذلك الرجل الذي ذاع صيته في الأرجاء، وأصبح حديث الناس، فضلا عن تجمهر الفنانين يقودهم ذلك المسرحي المخضرم المعروف بالشايب، والمجانين الآخرين الذين تواجد عدد منهم بشكل ملفت وغير مسبوق في الحديقة. كانت صورة الرجل تتقلب أمامهما في الساعات التي مضت. فمن رجل مجهول، الى رجل مجنون يهذي، الى رجل مهووس بالقصص والروايات والأفلام، الى رجل يحكي عن قضية مهمة. لم يكن اشراكهما للآخرين بهذه القصة التي بدأت منذ يومين ناجماً عن حب للشهرة والظهور أساساً، ولكنهما لضعف تجربتهما، اعتقدا أن الآخرين ربما يكونون أقدر منهما على فهم حقيقة الرجل. طلبا من أصدقائهما المساعدة لا غير. أو هكذا تخيّلا الأمر، ثم وبشكل سريع وغير متوقع صارا مقتنعين أنهما قد ضاعا مجدداً، بل فقدا خيمتهما التي كانت تؤيهما. فقد زحف المجانين من كل صوب اليها، ومدّوا رؤوسهم داخلها، وأزاح الجمهور المأخوذ بحكاية الرجل الغامض المجنونين الصغيرين منها، احذر، تنحَّ جانبا، من فضلك، ماذا تعمل هنا؟ قف هناك! وهكذا وجدا نفسيهما في الصفوف الخلفية ينظران الى خيمتهما التي لم تعد لهما. بل أنهما بعد دقيقتين فقدا بعضهما. ما عاد عماد يعلم الى أي جهة تم دفع حسن، ولا يعلم حسن أين قُذف بعماد!لم يكن متوقعاً في عقليهما الصغيرين المريضين أن يزحف الناس الى خيمتهما مأخوذين، لم يكن متخيلاً أن يكون وجود الرجل في خيمتهما سبباً لطردهما منها من قبل أناس غريبي الأطوار، قساة، عيونهم لا ترى، وأيديهم تبعد بقسوة الشابين الى الخلف كخرقتين لا أهمية لهما، تماماً مثلما تم إبعاد أمتعتهما البسيطة.توارى عماد وحسن وسط جمهور مضطرب، وصارت خيمتهما هناك على مبعدة منهما نهباً لعيون الجميع، بل لم تعد هي، صارت شيئاً آخر، فمن مكان يحتويهما، وينتشلهما من الفضاء العام وشخوصه. صارت مكانا مفتوحاً تشرأب الرؤوس اليه، وتتفرسه العيون، لم تعد خيمتهما تلك المنزوية بين الأشجار، المختفية بانخفاض أرض الحديقة، المستترة بظل جدار الرصيف المرتفع، المتوارية بالظلام، المنخفضة، الواطئة، التي كانت بالكاد ترتفع عن الأرض بضعة أقدام. لقد رفعت من مكانها الأول ونُصبت على الرصيف ال ......
#الذي
#_الجزء
#الثامن
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=704493
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل الساعة الخامسة مساءًالرنينمثل طفلين تعودا على الاستماع الى قصص ما قبل النوم، مثل طفلين تعودا قراءة قصص المغامرات في المجلات، مثل طفلين اعتادا على سماع الحكايات الملفتة للنظر، اعتاد الشابان عماد وحسن على الاستماع لسرد هذا الرجل الغامض الذي وُجد قبل ساعات فقط فاقد الوعي قرب خيمتهما. أصبح للشابين المجنونين قصة تختلف عن كل ما سبق لهما أن خاضاه من قصص. وتوهّما قبل ساعات أن شهرة قد أصبحت لهما من خلال المقاطع الصوتية والرسائل التي خُيّل لهما أنهما كانا قد بعثا بها لكل اصدقائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.أصبح لهما مهمة جديدة، هكذا توهّما، مهمة لم تكن بالحسبان. إذ صارا كمضيفين لرجل غريب يحكي قصة جنون أغرب من الخيال، صارا مثل صحفيين ينقلان على الهواء مباشرة ما كان يجري في خيمتهما من أحداث، وما كانت تُنسج هناك من أكاذيب، وما كان يروي لهما الرجل المخبول من أباطيل. ضاقا ذرعاً بهذه الأحداث، فأرادا نقلها الى الناس. أن تحتفظ بالفكرة داخل رأسك يعني أن تعالجها، أن تقلّبها، أن تحلَّ إشكالاتها، وأن تجد الأجوبة عن اسئلتها، ولكن كيف لك ذلك؟ والفكرة أكبر منك! خاصة اذا كنت مجنوناً، لابد لك أن تناولها، أن ترسلها الى الآخرين وتستريح، وتنتظر ما سيقولون. أما أنت فتجلس مستريحاً منتظراً. لم يدر بمخيلتهما أن تصير خيمتهما محطَّ اهتمام الجميع، حتى أن مراسلي القنوات التلفزيونية بدأوا يترددون عليها لالتقاط صور لذلك الرجل الذي ذاع صيته في الأرجاء، وأصبح حديث الناس، فضلا عن تجمهر الفنانين يقودهم ذلك المسرحي المخضرم المعروف بالشايب، والمجانين الآخرين الذين تواجد عدد منهم بشكل ملفت وغير مسبوق في الحديقة. كانت صورة الرجل تتقلب أمامهما في الساعات التي مضت. فمن رجل مجهول، الى رجل مجنون يهذي، الى رجل مهووس بالقصص والروايات والأفلام، الى رجل يحكي عن قضية مهمة. لم يكن اشراكهما للآخرين بهذه القصة التي بدأت منذ يومين ناجماً عن حب للشهرة والظهور أساساً، ولكنهما لضعف تجربتهما، اعتقدا أن الآخرين ربما يكونون أقدر منهما على فهم حقيقة الرجل. طلبا من أصدقائهما المساعدة لا غير. أو هكذا تخيّلا الأمر، ثم وبشكل سريع وغير متوقع صارا مقتنعين أنهما قد ضاعا مجدداً، بل فقدا خيمتهما التي كانت تؤيهما. فقد زحف المجانين من كل صوب اليها، ومدّوا رؤوسهم داخلها، وأزاح الجمهور المأخوذ بحكاية الرجل الغامض المجنونين الصغيرين منها، احذر، تنحَّ جانبا، من فضلك، ماذا تعمل هنا؟ قف هناك! وهكذا وجدا نفسيهما في الصفوف الخلفية ينظران الى خيمتهما التي لم تعد لهما. بل أنهما بعد دقيقتين فقدا بعضهما. ما عاد عماد يعلم الى أي جهة تم دفع حسن، ولا يعلم حسن أين قُذف بعماد!لم يكن متوقعاً في عقليهما الصغيرين المريضين أن يزحف الناس الى خيمتهما مأخوذين، لم يكن متخيلاً أن يكون وجود الرجل في خيمتهما سبباً لطردهما منها من قبل أناس غريبي الأطوار، قساة، عيونهم لا ترى، وأيديهم تبعد بقسوة الشابين الى الخلف كخرقتين لا أهمية لهما، تماماً مثلما تم إبعاد أمتعتهما البسيطة.توارى عماد وحسن وسط جمهور مضطرب، وصارت خيمتهما هناك على مبعدة منهما نهباً لعيون الجميع، بل لم تعد هي، صارت شيئاً آخر، فمن مكان يحتويهما، وينتشلهما من الفضاء العام وشخوصه. صارت مكانا مفتوحاً تشرأب الرؤوس اليه، وتتفرسه العيون، لم تعد خيمتهما تلك المنزوية بين الأشجار، المختفية بانخفاض أرض الحديقة، المستترة بظل جدار الرصيف المرتفع، المتوارية بالظلام، المنخفضة، الواطئة، التي كانت بالكاد ترتفع عن الأرض بضعة أقدام. لقد رفعت من مكانها الأول ونُصبت على الرصيف ال ......
#الذي
#_الجزء
#الثامن
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=704493
الحوار المتمدن
حامد تركي هيكل - هو الذي رأى كل شيء _الجزء الثامن
حامد تركي هيكل : هو الذي رأى كل شيء _الجزء التاسع والأخير
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل النوارسالساعة العاشرة مساءحدث تغير كبير في طبيعة الجمهور المتجمّع حول الخيمة في الساعات الأخيرة. كان هناك المجنونان الصغيران عماد وحسن يستنطقان الرجل الغامض، ثم توافد لفيف من مجتمع السطح ممثل بالفنانين، فنصبوا لهم خيمة الى جهة اليمين، وتهافت مجانين وغريبو الأطوار، فتناثروا الى جهة اليسار. أما الآن فقد إجتذب الحدث أعداداً كبيرة من الناس، فأبعدتِ الشابين، وابتلعتِ الفنانين والمجذوبين، واختلط الحابل بالنابل.انتظر الناس ما سيقوله الرجل الغامض في المرة القادمة. فبعد أن طاف المتحمسون حول الخيمة حاملين الرجل على أكتافهم قبل ساعات، وبعد أن تعبوا، أو ربما بعد أن تعب، أعادوه الى سريره، وأسدلوا عليه خيمته، فنام. ثم ظلّوا يراقبونه. تناوبوا على مراقبته. أما الذين كانوا في الحديقة، وعلى الرصيف، وفي عموم الساحة، بل الذين كانوا يراقبون شاشات التلفزيون، وأولئك الذين كانوا يراقبون هواتفهم بانتظار أن تصلهم رسالة جديدة من أصدقائهم تنبئهم عنه، فقد بَدَوْا مندمجين مع قصته، مشدودين لسيناريوهاتها. وهو ما شجّعهم لتخيّل ما سيقول. أطلق الجميعُ العنانَ لخيالاتهم لتصور النهاية. لا بل أن البعض آمن إيمانا قاطعاً أنه يعلم ما سيقوله الرجلُ الغامض في اللقاء القادم الذي لابد أن يكون حاسماً. كان الجميع مشغولاً بتلك القصة، فقد انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع سجّلها بعض الحاضرين للرجل وهو يقف رافعا ذراعيه، هاتفاً بأعلى صوته المبحوح. وصلت التسجيلات الى كل الأماكن، وشاهدها الكثيرون، بل أن تلك المقاطع قد ظهرت في بعض القنوات التلفزيونية المحليّة. ظهر فيها الرجل وهو يخطب بالجماهير فيما أُضيفت موسيقى الى التسجيل. ورغم أن الصوت لم يكن واضحاً بما فيه الكفاية، ورغم رداءة الموسيقى التي أُضيفت، الا أن المشهد بدا مؤثراً لكل من شاهده تلك الليلة.أخبار كاذبة انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصوّرة بعناية، مقاطع تبدو وكأنها مشاهد من أفلام، مشاهد مفبركة تتضمن رجلاً بملابس غريبة، بدلة عمل بيضاء عليها قميص فضفاض ونطاق من قماش بلون مائل للحمرة. وهو يقف على منصة، ويتلو مقاطع عجيبة مما جادت به قرائح الناس. فأحد تلك المقاطع يظهر فيها رجل يذكر مواعظ أو ما شابه ذلك! بينما كانت إحدى القنوات التلفزيونية تعرض تقريراً مزيّفاً أعدّه مراسلُها، يزعم فيه أنه ينقل الكلمة التي ألقاها الرجل الغامض قبل ساعات. فيما شدَّ التقرير انتباه جميع العوائل التي شاهدته في البيوت والمقاهي والمطاعم، وتناقلته قنوات أخرى مشيرة الى مصدر التقرير التزاما منها باخلاق المهنة! كان ذلك التقرير يعرض رجلاً يقدم للناس نصائح بضرورة التزام الهدوء، والتأكد من غلق الأبواب الخارجية قبل النوم!توقعات في خيمة فسيحة تعود لمجموعة الشايب من هواة المسرح، واساتذة الفن، بدأ عدد منهم يرتجل ما سيقوله الرجل الغامض في المرة القادمة. أمام جمهور من المتفرجين الواقفين حول مساحة خالية كأنها خشبة مسرح، وبعضهم كان جالسا مفترشا الأرض. كان الشايب يقول تلك الليلة: بغض النظر عمّا سيقول هو أو لا يقول. يمكن إستثمار هذا الحدث لاطلاق العنان للخيال، خيالنا يعبر عن رؤيتنا، خيالنا يرسم الصورة التي نريدها أن تكون. لذلك فما ينتجه خيالنا من توقعات للأحداث ليس شيئا تافهاً، بل هو جزء مهم من الحدث ذاته، نحن نعيد بناء الحدث، لذلك لا بأس لنتخيَّل ما سيقول الرجل ، لنتخيَّل فحسب. قال الشايب مشجعاً الشباب لارتجال نص درامي. وقف شاب، وبصوت جهوري مؤثر راح يقول: من بين الأنقاض ، ومن تحت الرماد. كانت العزيمة التي خُيّل للبعض أنها قد أ ......
#الذي
#_الجزء
#التاسع
#والأخير
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=704848
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل النوارسالساعة العاشرة مساءحدث تغير كبير في طبيعة الجمهور المتجمّع حول الخيمة في الساعات الأخيرة. كان هناك المجنونان الصغيران عماد وحسن يستنطقان الرجل الغامض، ثم توافد لفيف من مجتمع السطح ممثل بالفنانين، فنصبوا لهم خيمة الى جهة اليمين، وتهافت مجانين وغريبو الأطوار، فتناثروا الى جهة اليسار. أما الآن فقد إجتذب الحدث أعداداً كبيرة من الناس، فأبعدتِ الشابين، وابتلعتِ الفنانين والمجذوبين، واختلط الحابل بالنابل.انتظر الناس ما سيقوله الرجل الغامض في المرة القادمة. فبعد أن طاف المتحمسون حول الخيمة حاملين الرجل على أكتافهم قبل ساعات، وبعد أن تعبوا، أو ربما بعد أن تعب، أعادوه الى سريره، وأسدلوا عليه خيمته، فنام. ثم ظلّوا يراقبونه. تناوبوا على مراقبته. أما الذين كانوا في الحديقة، وعلى الرصيف، وفي عموم الساحة، بل الذين كانوا يراقبون شاشات التلفزيون، وأولئك الذين كانوا يراقبون هواتفهم بانتظار أن تصلهم رسالة جديدة من أصدقائهم تنبئهم عنه، فقد بَدَوْا مندمجين مع قصته، مشدودين لسيناريوهاتها. وهو ما شجّعهم لتخيّل ما سيقول. أطلق الجميعُ العنانَ لخيالاتهم لتصور النهاية. لا بل أن البعض آمن إيمانا قاطعاً أنه يعلم ما سيقوله الرجلُ الغامض في اللقاء القادم الذي لابد أن يكون حاسماً. كان الجميع مشغولاً بتلك القصة، فقد انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع سجّلها بعض الحاضرين للرجل وهو يقف رافعا ذراعيه، هاتفاً بأعلى صوته المبحوح. وصلت التسجيلات الى كل الأماكن، وشاهدها الكثيرون، بل أن تلك المقاطع قد ظهرت في بعض القنوات التلفزيونية المحليّة. ظهر فيها الرجل وهو يخطب بالجماهير فيما أُضيفت موسيقى الى التسجيل. ورغم أن الصوت لم يكن واضحاً بما فيه الكفاية، ورغم رداءة الموسيقى التي أُضيفت، الا أن المشهد بدا مؤثراً لكل من شاهده تلك الليلة.أخبار كاذبة انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصوّرة بعناية، مقاطع تبدو وكأنها مشاهد من أفلام، مشاهد مفبركة تتضمن رجلاً بملابس غريبة، بدلة عمل بيضاء عليها قميص فضفاض ونطاق من قماش بلون مائل للحمرة. وهو يقف على منصة، ويتلو مقاطع عجيبة مما جادت به قرائح الناس. فأحد تلك المقاطع يظهر فيها رجل يذكر مواعظ أو ما شابه ذلك! بينما كانت إحدى القنوات التلفزيونية تعرض تقريراً مزيّفاً أعدّه مراسلُها، يزعم فيه أنه ينقل الكلمة التي ألقاها الرجل الغامض قبل ساعات. فيما شدَّ التقرير انتباه جميع العوائل التي شاهدته في البيوت والمقاهي والمطاعم، وتناقلته قنوات أخرى مشيرة الى مصدر التقرير التزاما منها باخلاق المهنة! كان ذلك التقرير يعرض رجلاً يقدم للناس نصائح بضرورة التزام الهدوء، والتأكد من غلق الأبواب الخارجية قبل النوم!توقعات في خيمة فسيحة تعود لمجموعة الشايب من هواة المسرح، واساتذة الفن، بدأ عدد منهم يرتجل ما سيقوله الرجل الغامض في المرة القادمة. أمام جمهور من المتفرجين الواقفين حول مساحة خالية كأنها خشبة مسرح، وبعضهم كان جالسا مفترشا الأرض. كان الشايب يقول تلك الليلة: بغض النظر عمّا سيقول هو أو لا يقول. يمكن إستثمار هذا الحدث لاطلاق العنان للخيال، خيالنا يعبر عن رؤيتنا، خيالنا يرسم الصورة التي نريدها أن تكون. لذلك فما ينتجه خيالنا من توقعات للأحداث ليس شيئا تافهاً، بل هو جزء مهم من الحدث ذاته، نحن نعيد بناء الحدث، لذلك لا بأس لنتخيَّل ما سيقول الرجل ، لنتخيَّل فحسب. قال الشايب مشجعاً الشباب لارتجال نص درامي. وقف شاب، وبصوت جهوري مؤثر راح يقول: من بين الأنقاض ، ومن تحت الرماد. كانت العزيمة التي خُيّل للبعض أنها قد أ ......
#الذي
#_الجزء
#التاسع
#والأخير
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=704848
الحوار المتمدن
حامد تركي هيكل - هو الذي رأى كل شيء _الجزء التاسع والأخير
حامد تركي هيكل : خيالات
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل الساعة الحادية عشر ليلاً، تجلس س وحيدة في غرفة المعيشة تشاهد التلفاز، بعد أن انسحب كل أفراد العائلة الى غرفهم. نشرات الاخبار ليس فيها ما يسرّ. كلّ الأخبار تدور حول الجائحة، عدد الصابات،عدد الوفيات، إجراءات الحظر، لقاحات جديدة، تحول الفايروس، أعراض جديدة. تشعر بالاشمئزاز. تطفيء التلفاز وتنسحب هي الأخرى الى غرفتها أيضاً.هي طالبة في كلية الطب السنة الخامسة. لقد تعبت من أجل الحصول على معدل يؤهلها دخول هذه الكلية قبل خمس سنوات. ولشدّما كانت فرحتها وفرحة والديها كبيرة بحصولها على مقعد لدراسة الطب. ولكنها الان تعتقد أن هذا لم يكن يستحق كل ذلك العناء. هي الآن تتمنى لو أنها درست الفن التشكيلي. س في العشرين من عمرها، وبالتحديد فهي ستحتفل بعيد ميلادها الثالث والعشرين بعد شهرين من الآن. ذكية، وجميلة، ومرهفة الحس، ولديها طموح كبير في أن تكون طبية ناجحة. الا أن ما حلَّ بالعالم بعد أن اجتاحه فايروس كوفيد -19 ربما غيَّر نظرتها قليلاً. فقد بدى لها الطبُّ عاجزاً عن مجابهة أصغر فايرس. فضلاًعن أن مهنتها المستقبلية بدت لها مصحوبة بالألم والفقدان أكثر مما تستطيع احتماله. هكذا فكرت. قبل نحوِعشرين سنةعندما كانت س طفلة، راودت المخاوفُ أمَها عليها. فقد ظنت أن ابنتها الصغيرة البالغة من العمر ثلاث سنوات ربما تعاني من مرض عقلي أو نفسي ما. فقد لاحظتها تلعب وحيدة في غرفتها، وتبقى على تلك الحالة ساعات دون أن تملّ. كانت تسمعها تكلم نفسها. وعندما زاد قلقها راقبتها أكثر، فوجدتها وكأنها تلعب مع طفل آخر. تحدّثه، وتضحك، وتناقش معه مواضيع عديدة. عندها لم تجد الأم بداً من سؤال ابنتها. كانت الأم مترددة، وخائفة، ولا تعلم ما الذي ستكتشفه. ولكنها استجمعت قواها، وبهدوء، وبريق ناشف، وقلب خافق بشدة سألتها: مع من تتحدثين حبيبتي؟ ولكن الطفلة أجابت بسرعة وبلا تردد: مع صديقتي. - صديقتك! ومن تكون صديقتك هذه؟ استمر الحوار بهدوء. وعلمت الأم أن طفلتها تتخيّل فتاةً شفافةً! جميلة، ترتدي ثوبا من نور، ثوباً يشع بألوان بهيجة لامعة مثل الألوان التي تنعكس من الهرم الزجاجي الموضوع على الطاولة في غرفة الجلوس عندما يسقط عليه ضوء الشمس. وهي لا تحتاج للأبواب لتدخل وتخرج. بل تدخل من ألجدران أو أحيانا من السقف! وهي تحبُّها حباً جماً، ولا تصبر على غيابها. وعندما تحضر فهي تجيب عن كل اسئلتها، وليس كما يفعل الأهل، إذ غالباً ما يتهربون من الإجابة عن الاسئلة! هكذا أذن.استشارت الأم أطباءً، وتحدثت مع زوجها ومع أمها أيضاً، ولكن الجميع أكّدوا لها أن ذلك طبيعي جداً، وأن الطفلة سرعان ما ستنسى هذا الخيال وهذا اللعب عندما تلتحق بالروضة. بشكل أو بآخر أحسّت الطفلة الذكية بقلق أهلها وارتباكهم، ولذلك طلبت من صديقتها الشفافة عدم الحضور، ولكنهما، هي وصديقتها الشفافة، اتفقتا على تقليل الزيارات فقط، وتقليل زمن الزيارة، لأن ذلك ضروري، كما قالت الشفافة.وبمرور السنين، بدا للأهل وكأن ابنتهما قد تجاوزت هذه الحالة تماما، وغدت فتاة طبيعية، فتاة ذكية، بل خارقة الذكاء. أفكار الأمهل كانت تلك الشفافة التي تراها ابنتي حقيقة؟ كانت الأم تفكر. هل هي كيان مادي؟ ولكن، أنى لها أن تكون كذلك وهي ضوء؟ ألوان، تنفذ عبر الجدران، ولا يراها أحد؟هل هي مخلوق من عالم آخر؟ من يدري؟ ثم ألا يتعارض ذلك مع كلِّ شيء؟ العلم، الدين، العقل. يا ألهي! كانت في حيرة.أخيراً أستقر رأي الأم على أن هذه الشفافة التي تراها ابنتها الموهوبة هي محض خيال. فللطفلة قدرات عقلية خلاقة، هي تستطيع أن تجسّد أفكارها بالشكل الذي يحلو ......
#خيالات
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712562
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل الساعة الحادية عشر ليلاً، تجلس س وحيدة في غرفة المعيشة تشاهد التلفاز، بعد أن انسحب كل أفراد العائلة الى غرفهم. نشرات الاخبار ليس فيها ما يسرّ. كلّ الأخبار تدور حول الجائحة، عدد الصابات،عدد الوفيات، إجراءات الحظر، لقاحات جديدة، تحول الفايروس، أعراض جديدة. تشعر بالاشمئزاز. تطفيء التلفاز وتنسحب هي الأخرى الى غرفتها أيضاً.هي طالبة في كلية الطب السنة الخامسة. لقد تعبت من أجل الحصول على معدل يؤهلها دخول هذه الكلية قبل خمس سنوات. ولشدّما كانت فرحتها وفرحة والديها كبيرة بحصولها على مقعد لدراسة الطب. ولكنها الان تعتقد أن هذا لم يكن يستحق كل ذلك العناء. هي الآن تتمنى لو أنها درست الفن التشكيلي. س في العشرين من عمرها، وبالتحديد فهي ستحتفل بعيد ميلادها الثالث والعشرين بعد شهرين من الآن. ذكية، وجميلة، ومرهفة الحس، ولديها طموح كبير في أن تكون طبية ناجحة. الا أن ما حلَّ بالعالم بعد أن اجتاحه فايروس كوفيد -19 ربما غيَّر نظرتها قليلاً. فقد بدى لها الطبُّ عاجزاً عن مجابهة أصغر فايرس. فضلاًعن أن مهنتها المستقبلية بدت لها مصحوبة بالألم والفقدان أكثر مما تستطيع احتماله. هكذا فكرت. قبل نحوِعشرين سنةعندما كانت س طفلة، راودت المخاوفُ أمَها عليها. فقد ظنت أن ابنتها الصغيرة البالغة من العمر ثلاث سنوات ربما تعاني من مرض عقلي أو نفسي ما. فقد لاحظتها تلعب وحيدة في غرفتها، وتبقى على تلك الحالة ساعات دون أن تملّ. كانت تسمعها تكلم نفسها. وعندما زاد قلقها راقبتها أكثر، فوجدتها وكأنها تلعب مع طفل آخر. تحدّثه، وتضحك، وتناقش معه مواضيع عديدة. عندها لم تجد الأم بداً من سؤال ابنتها. كانت الأم مترددة، وخائفة، ولا تعلم ما الذي ستكتشفه. ولكنها استجمعت قواها، وبهدوء، وبريق ناشف، وقلب خافق بشدة سألتها: مع من تتحدثين حبيبتي؟ ولكن الطفلة أجابت بسرعة وبلا تردد: مع صديقتي. - صديقتك! ومن تكون صديقتك هذه؟ استمر الحوار بهدوء. وعلمت الأم أن طفلتها تتخيّل فتاةً شفافةً! جميلة، ترتدي ثوبا من نور، ثوباً يشع بألوان بهيجة لامعة مثل الألوان التي تنعكس من الهرم الزجاجي الموضوع على الطاولة في غرفة الجلوس عندما يسقط عليه ضوء الشمس. وهي لا تحتاج للأبواب لتدخل وتخرج. بل تدخل من ألجدران أو أحيانا من السقف! وهي تحبُّها حباً جماً، ولا تصبر على غيابها. وعندما تحضر فهي تجيب عن كل اسئلتها، وليس كما يفعل الأهل، إذ غالباً ما يتهربون من الإجابة عن الاسئلة! هكذا أذن.استشارت الأم أطباءً، وتحدثت مع زوجها ومع أمها أيضاً، ولكن الجميع أكّدوا لها أن ذلك طبيعي جداً، وأن الطفلة سرعان ما ستنسى هذا الخيال وهذا اللعب عندما تلتحق بالروضة. بشكل أو بآخر أحسّت الطفلة الذكية بقلق أهلها وارتباكهم، ولذلك طلبت من صديقتها الشفافة عدم الحضور، ولكنهما، هي وصديقتها الشفافة، اتفقتا على تقليل الزيارات فقط، وتقليل زمن الزيارة، لأن ذلك ضروري، كما قالت الشفافة.وبمرور السنين، بدا للأهل وكأن ابنتهما قد تجاوزت هذه الحالة تماما، وغدت فتاة طبيعية، فتاة ذكية، بل خارقة الذكاء. أفكار الأمهل كانت تلك الشفافة التي تراها ابنتي حقيقة؟ كانت الأم تفكر. هل هي كيان مادي؟ ولكن، أنى لها أن تكون كذلك وهي ضوء؟ ألوان، تنفذ عبر الجدران، ولا يراها أحد؟هل هي مخلوق من عالم آخر؟ من يدري؟ ثم ألا يتعارض ذلك مع كلِّ شيء؟ العلم، الدين، العقل. يا ألهي! كانت في حيرة.أخيراً أستقر رأي الأم على أن هذه الشفافة التي تراها ابنتها الموهوبة هي محض خيال. فللطفلة قدرات عقلية خلاقة، هي تستطيع أن تجسّد أفكارها بالشكل الذي يحلو ......
#خيالات
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712562
الحوار المتمدن
حامد تركي هيكل - خيالات
حامد تركي هيكل : كاميرات ثلاث -الجزء الأول
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل كان بينه وبين التصوير حبٌ من جانب واحد على ما بدى له. حبٌ لم يتكلل بالنجاح رغم تعدد محاولات التودد والتقرب والتضحيات. فعلى مدى سنوات كان يحبُّ أن يكون مصوّرا فوتوغرافياً. ولا يعرف هو لماذا أحبَّ التصوير. ولكن ظروفاً قاهرة حالت بينه وبين تحقيق حلمه. حتى أنه بات مقتنعاً أنه لم يُخلق للتصوير، وأن الكاميرا تأبى أن تكون الى جانبه. فأقلع عن فكرة التصوير. وله مع الكاميرات وعشقها قصصٌ ثلاث.الكاميرا الأولىكان في الثالثة عشرة من عمره، عندما تملكته رغبة عارمة في الحصول على كاميرا.لا يتذكر الآن بعد مرور نصف قرن كيف تسللت الفكرة الى رأسه. ربما سمع عنها، ربما شاع في القرية حينها كلام عن كاميرات. ولكنه متأكد أن تلك الفكرة لم يكن سببها أنه شاهد واحدة. ففي تلك القرية الوادعة، تلك القرية الجميلة التي تغفو على نهر خضابو، والتي خرجت للتو من محنة الفيضان الكبير عام 1969 الذي أتى على كل شيء، لم يكن أحد يمتلك كاميرا، بالتأكيد. ولكن الفكرة التي قضّت مضجعه وألجأته الى التفكير الجدي لامتلاك كاميرا ربما كانت بسبب تلك الكاميرا الصندوقية العجيبة التي تلتقط الصور الشمسية. حيث تطلب دخوله إمتحان البكلوريا للصف السادس الابتدائي أن يجلب لادارة المدرسة صورة شمسية لتسلمه بدورها بطاقة. ومن دون تلك البطاقة لم يكن بمقدوره دخول قاعة الامتحان المهيبة. جلس على كرسي حديدي أمام حائط، خلفه ستارة سوداء معلقة بمسمارين، وأمامه ذلك الصندوق الخشبي العجيب المرتكز على ثلاث أرجل، يتدلى من خلف الصندوق كمٌّ أسود طويل من قماش ثقيل كأنه اقتطع من سروال رجل عملاق. كان المصور يمارس حركات مريبة لا يعرفها أحد. فكان يطلُّ مرةً بعين واحدة من فتحةٍ جانبيةٍ ناتئة ليرى ما يجري في قلب ذلك الصندوق، ومرةً كان يمد يده من خلال الكمّ الأسود ليعالج أشياء لا يعلمها إلّا هو في أحشاء ذلك الصندوق. أما هو فكان عليه أن يجلس متسمّراً على ذلك الكرسي الحديدي المؤلم، ينظر الى عين الصندوق مدة من الزمن. وبشكل سحري يخرج المصور من قلب الصندوق بعد طقوس يمارسها بصمت شريطاً مبللاً، يجففه تحت أشعة الشمس، ثم يقطّعه بمقصّ، ثم يضع القطع بكيس ورقيّ، تفضل عمي، هاي هيه صورك.أيمكن أن تكون هذه الحادثة هي من زرع بذرة الميل لامتلاك كاميرا في قلبه؟ أم تلك الأحاديث التي راجت في القرية وانتشرت كانتشار النار في الهشيم عن عباس حمد؟ هو لم يرَ عباس حمد، ولا يعرفه. ولكنه سمع عنه أنه كان يجلب الاشياء ويبيعها. وكان أهل القرية يكلفونه بشراء الأشياء العجيبة، فيجلبها لهم. وسمع أيضاً، ربما، أن عباس حمد قد قال أن سعر الكاميرا في أربد ثلاثمائة فلس. عباس حمد كان جندياً مكلفاً، وكانت وحدته قد نقلت الى الأردن واستقرت في مدينة أربد بعد حرب حزيران.المشكلة التي كانت تواجهه هي في الكيفية التي سيحصل بها على المبلغ المطلوب، وهو مبلغ ليس ياليسير، ذلك لأن أكبر مبلغ كان قد أمسكه بيده حتى تلك اللحظة هو الدرهم (خمسون فلساً) الذي كان يستلمه من والده كل صباح، والذي كان يدفع منه للسيد سلمان عشرين فلساً للذهاب ومثلها للإياب كأجرة ركوب باصه المتهالك من أجل الذهاب الى المدرسة. أما العشرة الباقية فكان يشتري بها لفّة لبلبي. أما اذا رغب بشراء قنينة بيبسي كولا باردة، أو قنينة سينالكو، فكان عليه أن يوفر العشرة يومين لشراءها، لأن ثمنها عشرين فلساً. لم يكن أمامه الا أن يتحايل على أمه، التي لم يكن أقناعها بالأمر الصعب، رغم أنه يعلم أنها لا تمتلك المبلغ، ولكنه يعلم أيضاً أنها لن تردَّ له طلباً، ولن تعييها الوسيلة. فقد تلجأ لبيع بطّة لأم قويدر، التي تك ......
#كاميرات
#ثلاث
#-الجزء
#الأول
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712683
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل كان بينه وبين التصوير حبٌ من جانب واحد على ما بدى له. حبٌ لم يتكلل بالنجاح رغم تعدد محاولات التودد والتقرب والتضحيات. فعلى مدى سنوات كان يحبُّ أن يكون مصوّرا فوتوغرافياً. ولا يعرف هو لماذا أحبَّ التصوير. ولكن ظروفاً قاهرة حالت بينه وبين تحقيق حلمه. حتى أنه بات مقتنعاً أنه لم يُخلق للتصوير، وأن الكاميرا تأبى أن تكون الى جانبه. فأقلع عن فكرة التصوير. وله مع الكاميرات وعشقها قصصٌ ثلاث.الكاميرا الأولىكان في الثالثة عشرة من عمره، عندما تملكته رغبة عارمة في الحصول على كاميرا.لا يتذكر الآن بعد مرور نصف قرن كيف تسللت الفكرة الى رأسه. ربما سمع عنها، ربما شاع في القرية حينها كلام عن كاميرات. ولكنه متأكد أن تلك الفكرة لم يكن سببها أنه شاهد واحدة. ففي تلك القرية الوادعة، تلك القرية الجميلة التي تغفو على نهر خضابو، والتي خرجت للتو من محنة الفيضان الكبير عام 1969 الذي أتى على كل شيء، لم يكن أحد يمتلك كاميرا، بالتأكيد. ولكن الفكرة التي قضّت مضجعه وألجأته الى التفكير الجدي لامتلاك كاميرا ربما كانت بسبب تلك الكاميرا الصندوقية العجيبة التي تلتقط الصور الشمسية. حيث تطلب دخوله إمتحان البكلوريا للصف السادس الابتدائي أن يجلب لادارة المدرسة صورة شمسية لتسلمه بدورها بطاقة. ومن دون تلك البطاقة لم يكن بمقدوره دخول قاعة الامتحان المهيبة. جلس على كرسي حديدي أمام حائط، خلفه ستارة سوداء معلقة بمسمارين، وأمامه ذلك الصندوق الخشبي العجيب المرتكز على ثلاث أرجل، يتدلى من خلف الصندوق كمٌّ أسود طويل من قماش ثقيل كأنه اقتطع من سروال رجل عملاق. كان المصور يمارس حركات مريبة لا يعرفها أحد. فكان يطلُّ مرةً بعين واحدة من فتحةٍ جانبيةٍ ناتئة ليرى ما يجري في قلب ذلك الصندوق، ومرةً كان يمد يده من خلال الكمّ الأسود ليعالج أشياء لا يعلمها إلّا هو في أحشاء ذلك الصندوق. أما هو فكان عليه أن يجلس متسمّراً على ذلك الكرسي الحديدي المؤلم، ينظر الى عين الصندوق مدة من الزمن. وبشكل سحري يخرج المصور من قلب الصندوق بعد طقوس يمارسها بصمت شريطاً مبللاً، يجففه تحت أشعة الشمس، ثم يقطّعه بمقصّ، ثم يضع القطع بكيس ورقيّ، تفضل عمي، هاي هيه صورك.أيمكن أن تكون هذه الحادثة هي من زرع بذرة الميل لامتلاك كاميرا في قلبه؟ أم تلك الأحاديث التي راجت في القرية وانتشرت كانتشار النار في الهشيم عن عباس حمد؟ هو لم يرَ عباس حمد، ولا يعرفه. ولكنه سمع عنه أنه كان يجلب الاشياء ويبيعها. وكان أهل القرية يكلفونه بشراء الأشياء العجيبة، فيجلبها لهم. وسمع أيضاً، ربما، أن عباس حمد قد قال أن سعر الكاميرا في أربد ثلاثمائة فلس. عباس حمد كان جندياً مكلفاً، وكانت وحدته قد نقلت الى الأردن واستقرت في مدينة أربد بعد حرب حزيران.المشكلة التي كانت تواجهه هي في الكيفية التي سيحصل بها على المبلغ المطلوب، وهو مبلغ ليس ياليسير، ذلك لأن أكبر مبلغ كان قد أمسكه بيده حتى تلك اللحظة هو الدرهم (خمسون فلساً) الذي كان يستلمه من والده كل صباح، والذي كان يدفع منه للسيد سلمان عشرين فلساً للذهاب ومثلها للإياب كأجرة ركوب باصه المتهالك من أجل الذهاب الى المدرسة. أما العشرة الباقية فكان يشتري بها لفّة لبلبي. أما اذا رغب بشراء قنينة بيبسي كولا باردة، أو قنينة سينالكو، فكان عليه أن يوفر العشرة يومين لشراءها، لأن ثمنها عشرين فلساً. لم يكن أمامه الا أن يتحايل على أمه، التي لم يكن أقناعها بالأمر الصعب، رغم أنه يعلم أنها لا تمتلك المبلغ، ولكنه يعلم أيضاً أنها لن تردَّ له طلباً، ولن تعييها الوسيلة. فقد تلجأ لبيع بطّة لأم قويدر، التي تك ......
#كاميرات
#ثلاث
#-الجزء
#الأول
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712683
الحوار المتمدن
حامد تركي هيكل - كاميرات ثلاث -الجزء الأول
حامد تركي هيكل : كاميرات ثلاث -الجزء الثاني
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل الكاميرا الثانية القطار الصاعد في صيف العام ١-;-٩-;-٧-;-٦-;- ظنَّ الناس إن فاضل العطيّة يمرِّ بأسّعد أيامه. واعتقدوا أنه الآن يطير من الفرح. فقد حقّقَ حلمَه، وحصل على معدلٍ عالٍ جداً يمكّنه من دخول أيَّ كليّةٍ يريد. ففي ذلك الزمان كانت فئة التسعينات في امتحان البكلوريا للفرع العلمي نادرة جداً.ولكن فاضل لم يكن كذلك. فقد شعر أن ذلك المعدل العالي صار قيداً عليه. ذلك لأن عليه أن يختار بين الطبِّ والهندسة. ولن يتمكن من ولوج عالم التصوير الفوتوغرافي، حلمه القديم، ولا المسرح، حلمه الثاني. وسيتعيَّن عليه أن ينسى سحر الصور، وينسى بريخت وشيكيسبير للأبد.هل يستسلم؟ هل يترك تذوّق الجمال ليغرق بالمعادلات والأرقام؟ أم هل يغادر تشريح الروح لينغمس بتشريح الجسد؟ كيف له أن يخرج من هذا المأزق؟ولكنه فكّر، لابد من وجود وسيلة، لابد من وجود حلٍ وسط. وقد وجد الحلّ بدراسة العمارة. فملأ الاستمارات، وما إن ظهرت نتائج القبول حتى ركب قطار الساعة الخامسة الصاعد الى بغداد.في كلية الهندسة ظنَّ أن في القسم المعماري ثمة مجال واسع للفن. وهو مع هذا قسم من أقسام الهندسة. التفافٌ رائع على تقاليد المجتمع. وفي القسم المعماري ثمة كورس اسمه التصوير الفوتوغرافي. يا إلهي! كيف اجتمعت الأشياء الجميلة في مكانٍ واحد دفعة واحدة. اللهم لك الحمد. كان على طلبة المراحل الأولية مغادرة بناية القسم المعماري والتوجه الى قسم الهندسة الكيمياوية لحضور درس في مختبر التصوير الفوتوغرافي. وأجمل ما في الكليّة التوغلُ في فضاءاتها الفسيحة، والسياحة في الأقسام الأخرى. فحضور درس ورشة الحدادة والنجارة هو انطلاقةٌ في الفضاء الرحب. وولوج المرسم الحرّ تحرر ٌمن الروتين. وحضور درس الرياضة هو السعادة بعينها. والتوغل في دهاليز بناية الحاسبة أو حضور درس المساحة في قسم المساحة مغامرةٌ واكتشافُ تخوم بعيدة. وكلُّ ذلك يُشعر الطالب بالانتماء للكلية ومن بعدها المدينة ومن ثم الوطن. كم أتمنى على القائمين على التدريس اليوم أن يمنحوا الطلبة فرصة التجوال في أقسام كلياتهم ومختبراتها، يأخذون الدروس في أقسام أخرى لا أن يأتي إليهم الاساتذة من أقسامهم. يمنحونهم فرصة السياحة والانطلاق بدل أن يحجرونهم سنوات عدّة في حجرات اعتادوها، وممرات ألفوها. فذلك يخلق فيهم السعادة، ويزرع في نفوسهم الحريّة والانطلاق، أما الركودُ فيشيع في قلوبهم الدعة والخمول.حديقة الجمال حضور درس الرسم اليدوي ودرس التصوير الفوتوغرافي في قسم الهندسة الكيمياوية هو شيءٌ خاص، وتجربةٌ مفعمةٌ بالجمال والتوتر. فالمكان فريدٌ من نوعه حقاً. فأنت حين تجتاز الفضاء الوسطي المفتوح الذي تحيط به أبنية الهندسة المدنية والمكتبة المركزية وقسم هندسة الريّ وبناية الدراسات العليا، وتسير بخط مستقيم فتعبر الشارع الذي تقع عليه مختبرات قسم الميكانيك، تواجهك بناية حديثة جداً، ومتقشفة جداً. تعبرُ ممراً يسقفه طابق تماماً كما لو كنت تتمشى في مبنى مدرسة الباوهاوس في ديساو الذي صممه جروبيوس! لتصل الى حديقة وسطية مترفة وهادئة جداً. حديقة تحيط بها أبنية الكيمياوي والنفط، ونادي الأساتذة والجدار الخلفي المصمت لنادي الطلبة. تحيط بها مماشي مبلطة ثم سياج من الآس بارتفاع الخصر، وثمة شجرة برتقال تتوسط بساطاً أخضراً من الثيّل، ويوجد في هذه الحديقة المشمسة دوماً مصطبتان خشبيتان مصبوغتان بلون أخضر للجلوس.هل يعود احساس فاضل المفعم بالجمال حين يلج هذه الحديقة لذلك الاحتواء الفريد من نوعه الذي توفره هذه الحديقة؟ أم أن ذلك الاحساس مردّهُ ال ......
#كاميرات
#ثلاث
#-الجزء
#الثاني
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=713559
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل الكاميرا الثانية القطار الصاعد في صيف العام ١-;-٩-;-٧-;-٦-;- ظنَّ الناس إن فاضل العطيّة يمرِّ بأسّعد أيامه. واعتقدوا أنه الآن يطير من الفرح. فقد حقّقَ حلمَه، وحصل على معدلٍ عالٍ جداً يمكّنه من دخول أيَّ كليّةٍ يريد. ففي ذلك الزمان كانت فئة التسعينات في امتحان البكلوريا للفرع العلمي نادرة جداً.ولكن فاضل لم يكن كذلك. فقد شعر أن ذلك المعدل العالي صار قيداً عليه. ذلك لأن عليه أن يختار بين الطبِّ والهندسة. ولن يتمكن من ولوج عالم التصوير الفوتوغرافي، حلمه القديم، ولا المسرح، حلمه الثاني. وسيتعيَّن عليه أن ينسى سحر الصور، وينسى بريخت وشيكيسبير للأبد.هل يستسلم؟ هل يترك تذوّق الجمال ليغرق بالمعادلات والأرقام؟ أم هل يغادر تشريح الروح لينغمس بتشريح الجسد؟ كيف له أن يخرج من هذا المأزق؟ولكنه فكّر، لابد من وجود وسيلة، لابد من وجود حلٍ وسط. وقد وجد الحلّ بدراسة العمارة. فملأ الاستمارات، وما إن ظهرت نتائج القبول حتى ركب قطار الساعة الخامسة الصاعد الى بغداد.في كلية الهندسة ظنَّ أن في القسم المعماري ثمة مجال واسع للفن. وهو مع هذا قسم من أقسام الهندسة. التفافٌ رائع على تقاليد المجتمع. وفي القسم المعماري ثمة كورس اسمه التصوير الفوتوغرافي. يا إلهي! كيف اجتمعت الأشياء الجميلة في مكانٍ واحد دفعة واحدة. اللهم لك الحمد. كان على طلبة المراحل الأولية مغادرة بناية القسم المعماري والتوجه الى قسم الهندسة الكيمياوية لحضور درس في مختبر التصوير الفوتوغرافي. وأجمل ما في الكليّة التوغلُ في فضاءاتها الفسيحة، والسياحة في الأقسام الأخرى. فحضور درس ورشة الحدادة والنجارة هو انطلاقةٌ في الفضاء الرحب. وولوج المرسم الحرّ تحرر ٌمن الروتين. وحضور درس الرياضة هو السعادة بعينها. والتوغل في دهاليز بناية الحاسبة أو حضور درس المساحة في قسم المساحة مغامرةٌ واكتشافُ تخوم بعيدة. وكلُّ ذلك يُشعر الطالب بالانتماء للكلية ومن بعدها المدينة ومن ثم الوطن. كم أتمنى على القائمين على التدريس اليوم أن يمنحوا الطلبة فرصة التجوال في أقسام كلياتهم ومختبراتها، يأخذون الدروس في أقسام أخرى لا أن يأتي إليهم الاساتذة من أقسامهم. يمنحونهم فرصة السياحة والانطلاق بدل أن يحجرونهم سنوات عدّة في حجرات اعتادوها، وممرات ألفوها. فذلك يخلق فيهم السعادة، ويزرع في نفوسهم الحريّة والانطلاق، أما الركودُ فيشيع في قلوبهم الدعة والخمول.حديقة الجمال حضور درس الرسم اليدوي ودرس التصوير الفوتوغرافي في قسم الهندسة الكيمياوية هو شيءٌ خاص، وتجربةٌ مفعمةٌ بالجمال والتوتر. فالمكان فريدٌ من نوعه حقاً. فأنت حين تجتاز الفضاء الوسطي المفتوح الذي تحيط به أبنية الهندسة المدنية والمكتبة المركزية وقسم هندسة الريّ وبناية الدراسات العليا، وتسير بخط مستقيم فتعبر الشارع الذي تقع عليه مختبرات قسم الميكانيك، تواجهك بناية حديثة جداً، ومتقشفة جداً. تعبرُ ممراً يسقفه طابق تماماً كما لو كنت تتمشى في مبنى مدرسة الباوهاوس في ديساو الذي صممه جروبيوس! لتصل الى حديقة وسطية مترفة وهادئة جداً. حديقة تحيط بها أبنية الكيمياوي والنفط، ونادي الأساتذة والجدار الخلفي المصمت لنادي الطلبة. تحيط بها مماشي مبلطة ثم سياج من الآس بارتفاع الخصر، وثمة شجرة برتقال تتوسط بساطاً أخضراً من الثيّل، ويوجد في هذه الحديقة المشمسة دوماً مصطبتان خشبيتان مصبوغتان بلون أخضر للجلوس.هل يعود احساس فاضل المفعم بالجمال حين يلج هذه الحديقة لذلك الاحتواء الفريد من نوعه الذي توفره هذه الحديقة؟ أم أن ذلك الاحساس مردّهُ ال ......
#كاميرات
#ثلاث
#-الجزء
#الثاني
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=713559
الحوار المتمدن
حامد تركي هيكل - كاميرات ثلاث -الجزء الثاني
حامد تركي هيكل : كاميرات ثلاث -الجزء الثالث
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل الكاميرا الثالثة في العام 1979عندما كان يضيق صدره، ويرغب باستنشاق هواء نقيّ، عندما تزعجه الزحمة وتشتاق روحه للخلوة، عندما يشعر أنه بحاجة الى العودة الى مونولوجه الداخلي الخاص والذي اعتاده منذ أن كان يجلس هناك وحيداً على السدّة يتطلع الى فضاء الشطّ الواسع الممتدّ أمامه، ذلك الفضاء الصامت الرحب، ذلك الفضاء الأليف الذي لايملّه أبداً، أو منذ أن كان يتكيء على جذع نخلةٍ ويسيحُ روحيّاً بين أعمدة ذلك المعبد الفسيح التي تمتد أروقتُه بكلِّ الاتجاهات حتى تزدحم وتتقارب وتغلق المشهدَ أمام عينيه، هناك في غابة النخيل. عندما يشعر فاضل العطية بكل ذلك الاختناق لا يكون بمقدوره سوى أن يفتح باب الغرفة ليخرج الى الشرفة.الرغبة بالتصوير كم تمنى أن يكون له متسع من الوقت ليأخذ كاميرته ويجول في بغداد يمارس هوايته القديمة التي لم تتحقق. ولكن كيف له ذلك وهذه الواجبات التي لا تنتهي؟ والمشاريع التي لا يكفي الوقتُ المتاح لإتمامها؟ وكم تمنى أن يكون حرّاً ليصّور ما يشاء متى يشاء، لا تضايقه عيون الحرّاس والمراقبين، ولا تطارده الممنوعات، التصوير ممنوع! كان قد اشترى كاميرته الثالثة من الشركة الأفريقية لتجارة الأجهزة الدقيقة. وهي كاميرا جديدة، وصغيرة نسبياً، لونها أسود، ولها عدسة يميل لونها الى الأزرق، ماركة "زينت" روسية، وضعت داخل صندوق صغير، مع كتيِّب إرشادات صغير جداً. لم يجرّبها بعد، كان يتحيَّن الفرصة حالما يفرغ من التقديمات التي لا تنتهي. ولكنه عندما يجد أن لديه يوماَ أو بعض يوم، لا يجد في نفسه رغبةً للخروج، ولا في جسمه طاقةً للمشيّ، فيخمد نائماً معوِّضاً ما فاته من النوم لأيام خلتّ. لذلك ظلَّتِ الكاميرا في صندوقها في الرفّ الأعلى لخزانة الملابس الحديدية.غرفة القسم الداخلي الغرفة التي يعيش فيها يتقاسمها مع خمسة طلبة آخرين. ستةُ أسرّة، وستُ خزانات حديدية ذات لون رصاصي غامق. كل خزانة منها ذات مصراعين، حين يفتح أحدهما يهتزُّ، يقرقعُ، ويصدرُ هديراً أو رعداً مزعجاً يوقظ من كان نائماً. وثمةَ ستُ مناضد صغيرة، يضعُ عليها الطلبة الذين تتطلب واجباتهم رسماً ألواحاً خشبية بيضاء كبيرة. الغرفةُ هي واحدة من غرف عديدة متماثلة على جانبي ممر طويل، غرفته تطلُّ على الشارع، فيما تطلُّ الغرف المقابلة على الحدائق الداخلية للمبنى.لا توفر الشرفة الخصوصية المطلوبة ولا الهدوء المرجو، ولا توفر الإطلالة الجيدة على فضاء بكر أو حديقة غنّاء. هي شريط ممتد متصل تنفتحُ عليه كل الغرف المجاورة. شريط بعرض متر ونصف. تنغرز وسطه الأعمدة الهيكلية ذات اللون الرصاصي الغامق والملمس الخشن، يسيجها سياج حديدي بارتفاع الخصر من أنابيب مصبوغة هي الأخرى باللون الرصاصي أيضاً. هذا المبنى الحداثي الجميل، المتقشف جداً، المختزل، الغني بفضاءاته المنسابة، والذي يدهشك لأول مرة باختلافه عن كل المباني التي ألفتها، سيتحول فقره الجمالي المتقع الى كابوس يقطّع الأنفاس حين تقيم فيه سنوات عدة، فتنزع روحك للهروب الى غنى التفاصيل، وسحر الجدران الطابوقية الهشّة، ورقة المواد الخشبية التي تعبق منها رائحة العتق الممزوجة بعطر الصاج.الشارع المقابل تقع غرفته في الطابق الأول، والحديقة التي تفصل مبنى دار الطلبة هذا عن السياج بعرض بضعة أمتار في هذا الجانب، لذلك يبدو الشارع الموازي للمبنى والممتدُّ من التقاطع الذي يبدأ منه شارع الكفاح الى ساحة باب المعظم يبدو ملاصقاً للشرفة. ومن موقعه في الشرفة كان باستطاعته رؤية محلّات بيع المواد الإنشائية التي تحتلُّ واجهة الشارع المقابلة لدار الطلبة. حيث تعرض تلك ......
#كاميرات
#ثلاث
#-الجزء
#الثالث
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=714076
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل الكاميرا الثالثة في العام 1979عندما كان يضيق صدره، ويرغب باستنشاق هواء نقيّ، عندما تزعجه الزحمة وتشتاق روحه للخلوة، عندما يشعر أنه بحاجة الى العودة الى مونولوجه الداخلي الخاص والذي اعتاده منذ أن كان يجلس هناك وحيداً على السدّة يتطلع الى فضاء الشطّ الواسع الممتدّ أمامه، ذلك الفضاء الصامت الرحب، ذلك الفضاء الأليف الذي لايملّه أبداً، أو منذ أن كان يتكيء على جذع نخلةٍ ويسيحُ روحيّاً بين أعمدة ذلك المعبد الفسيح التي تمتد أروقتُه بكلِّ الاتجاهات حتى تزدحم وتتقارب وتغلق المشهدَ أمام عينيه، هناك في غابة النخيل. عندما يشعر فاضل العطية بكل ذلك الاختناق لا يكون بمقدوره سوى أن يفتح باب الغرفة ليخرج الى الشرفة.الرغبة بالتصوير كم تمنى أن يكون له متسع من الوقت ليأخذ كاميرته ويجول في بغداد يمارس هوايته القديمة التي لم تتحقق. ولكن كيف له ذلك وهذه الواجبات التي لا تنتهي؟ والمشاريع التي لا يكفي الوقتُ المتاح لإتمامها؟ وكم تمنى أن يكون حرّاً ليصّور ما يشاء متى يشاء، لا تضايقه عيون الحرّاس والمراقبين، ولا تطارده الممنوعات، التصوير ممنوع! كان قد اشترى كاميرته الثالثة من الشركة الأفريقية لتجارة الأجهزة الدقيقة. وهي كاميرا جديدة، وصغيرة نسبياً، لونها أسود، ولها عدسة يميل لونها الى الأزرق، ماركة "زينت" روسية، وضعت داخل صندوق صغير، مع كتيِّب إرشادات صغير جداً. لم يجرّبها بعد، كان يتحيَّن الفرصة حالما يفرغ من التقديمات التي لا تنتهي. ولكنه عندما يجد أن لديه يوماَ أو بعض يوم، لا يجد في نفسه رغبةً للخروج، ولا في جسمه طاقةً للمشيّ، فيخمد نائماً معوِّضاً ما فاته من النوم لأيام خلتّ. لذلك ظلَّتِ الكاميرا في صندوقها في الرفّ الأعلى لخزانة الملابس الحديدية.غرفة القسم الداخلي الغرفة التي يعيش فيها يتقاسمها مع خمسة طلبة آخرين. ستةُ أسرّة، وستُ خزانات حديدية ذات لون رصاصي غامق. كل خزانة منها ذات مصراعين، حين يفتح أحدهما يهتزُّ، يقرقعُ، ويصدرُ هديراً أو رعداً مزعجاً يوقظ من كان نائماً. وثمةَ ستُ مناضد صغيرة، يضعُ عليها الطلبة الذين تتطلب واجباتهم رسماً ألواحاً خشبية بيضاء كبيرة. الغرفةُ هي واحدة من غرف عديدة متماثلة على جانبي ممر طويل، غرفته تطلُّ على الشارع، فيما تطلُّ الغرف المقابلة على الحدائق الداخلية للمبنى.لا توفر الشرفة الخصوصية المطلوبة ولا الهدوء المرجو، ولا توفر الإطلالة الجيدة على فضاء بكر أو حديقة غنّاء. هي شريط ممتد متصل تنفتحُ عليه كل الغرف المجاورة. شريط بعرض متر ونصف. تنغرز وسطه الأعمدة الهيكلية ذات اللون الرصاصي الغامق والملمس الخشن، يسيجها سياج حديدي بارتفاع الخصر من أنابيب مصبوغة هي الأخرى باللون الرصاصي أيضاً. هذا المبنى الحداثي الجميل، المتقشف جداً، المختزل، الغني بفضاءاته المنسابة، والذي يدهشك لأول مرة باختلافه عن كل المباني التي ألفتها، سيتحول فقره الجمالي المتقع الى كابوس يقطّع الأنفاس حين تقيم فيه سنوات عدة، فتنزع روحك للهروب الى غنى التفاصيل، وسحر الجدران الطابوقية الهشّة، ورقة المواد الخشبية التي تعبق منها رائحة العتق الممزوجة بعطر الصاج.الشارع المقابل تقع غرفته في الطابق الأول، والحديقة التي تفصل مبنى دار الطلبة هذا عن السياج بعرض بضعة أمتار في هذا الجانب، لذلك يبدو الشارع الموازي للمبنى والممتدُّ من التقاطع الذي يبدأ منه شارع الكفاح الى ساحة باب المعظم يبدو ملاصقاً للشرفة. ومن موقعه في الشرفة كان باستطاعته رؤية محلّات بيع المواد الإنشائية التي تحتلُّ واجهة الشارع المقابلة لدار الطلبة. حيث تعرض تلك ......
#كاميرات
#ثلاث
#-الجزء
#الثالث
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=714076
الحوار المتمدن
حامد تركي هيكل - كاميرات ثلاث -الجزء الثالث
حامد تركي هيكل : حكاية سعيد الورّاق
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل العام 2010 منذ ان أُحيل سعيد الورّاق الى التقاعد قبل خمس سنوات، أو ربما عشر سنوات، أو خمس عشرة سنة، لم يعد متأكداً تماماً، واظب على الحضور الى مقهى سلمان كلَّ صباح، وكلَّ مساء. يجلس على التخت الذي وُضع على الرصيف، تحت شجرة التوت المعمّرة، في شارع الكرادة داخل. يرشف استكان شاي، وينظر الى المارّة الذين لا يعنيه أمرهم. كلَّ يوم، يأتي الى المقهى بعد تناول الافطار وحيداً أو مع من يصادف وجودُه ضيفاً عنده من أقربائه الذين يسكنون مدينة الحلّة، والذين كثيراً ما يترددون على بغداد للعلاج أو لأسباب أخرى، فهم لا يجدون أفضل من بيت العازب سعيد مكاناً لإقامتهم، فهو مفتوح للجميع دائماً. بعد أن يجلب بعض المشتريات من أجل غداء الضيوف من السوق القريب من بيته، كالخضروات واللحم وما شابه، يجرجر جسمه الذاوي، ويجلس على تخت المقهى، ليترك لهم أمر اعداد الغداء كيفما شاءوا، أما إن لم يكن لديه ضيوف فهو لا يشغل باله بموضوع وجبات الطعام، يكفيه أن يأكل لفة فلافل من باسم الخِبِل، أو شيش معلاگ من شكّوري الكبابجي، هذا يكفي . كل يوم يجلس على تخته المعتاد حتى صار جزءً من المشهد اليومي لهذا الجزء من شارع الكرادة داخل. رجلٌ نحيف متداعي، يرتدي أيام الصيف قميصاً فضفاضاً لونه سمائي، وبنطال أسود، يضع على رأسه عرقجيناً أبيضاً، ويلبس نعلا من الجلد مفتوحاً أسود اللون . أما في الشتاء فلا يكاد يظهر منه سوى معطفه الرماديّ و سدارة وحذاء وبنطال أسودان. لايهتم كثيراً لحلاقة شعروجهه. من ينظر اليه يشعر إنه أمام رجل حزين، أو محبط. وسواء كان الوقت صيفاً أم شتاءً، لا يتذكر أحدٌ أنه رآه من دون سحابة الدخان التي تلفّه، ذلك لانه كان يدخن باستمرار، يشعل سجارته التالية من السابقة بيده المرتجفة دون الحاجة الى عود ثقاب أو قدّاحة!يدهشه تغير المكان بسرعة مذهلة، عمارات جديدة، سيارات جديدة، أناس جدد لا يعرفهم، ولا يعرفونه. أغاني جديدة تتردد، وحتى أشعار حزن دينية جديدة. يفكر ما الذي جرى للمكان؟ ما الذي جرى للناس؟ ما الذي جرى له؟ كل يوم منذ أن تقاعد سعيد كان يفكر بصديقه حقّي عبد الحسن الذي عمل معه في شعبة الذاتية، وصديقه خلف الذي كان يجلس معه هنا ذاك الذي كان يعمل في قسم الصيانة التابعة لدائرة الكهرباء، وزهر الدين أبو حدبة الذي كان مسّاحاً بدائرة الطابو. كانوا يلتقون هنا عصر كلّ يوم يلعبون الدومنه ويشربون الشاي، وقد تعاهدوا على اللقاء هنا بعد التقاعد كل يوم، ولكنّهم اختفوا، جميعهم اختفوا. أما ضيوفه الذين يتوافدون الى بيته ويذهبون، فهو لا يشعر برغبة بالتعرف اليهم، أو الاستماع الى حكاياتهم. هم غرباء عنه رغم أنهم اقرباؤه. لهم عالمهم الخاص، وهمومهم الخاصة التي لا يشعر برغبةٍ للولوج فيها. لذلك كان يقضي الساعات في تذكّرها هيَ، كان يصبِّ جامَ غضبه عليها، تلك المرأة التي طالما كرهها. تعجّب من مقدار الغضب الذي خلّفتْه تلك المرأة في روحه طوال تلك السنوات، تعجّب من مقدار الكراهية التي زرعتها ونمّتها في قلبه. يا لها من امرأة قاسية، ومكروهة. ترى كيف كانت ستكون حياته لو أنه لم يعرفها؟ كان يتسائل!العام 1979 يكرهها فحسب، لا إحساس يفوق كرهه لها، لا مشاعر أخرى يمكنها أن تطغى على كراهيته لها، تلك الموظفة التي ناصبته العداء منذ اليوم الأول لهما معاً في دائرة الشؤون الثقافية. لا يعلم هل أحسّت أن عليها أن تنافسه وأن تتفوق عليه دون غيره! هل لأنهما التحقا بالعمل في اليوم ذاته؟ كانت محظوظة أكثر منه، وكانت جميلة جداً، وسعيدة جداً، وكانت مُقدمة عليه في كل شيء. نسَّبَها المديرُ ......
#حكاية
#سعيد
#الورّاق
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=715063
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل العام 2010 منذ ان أُحيل سعيد الورّاق الى التقاعد قبل خمس سنوات، أو ربما عشر سنوات، أو خمس عشرة سنة، لم يعد متأكداً تماماً، واظب على الحضور الى مقهى سلمان كلَّ صباح، وكلَّ مساء. يجلس على التخت الذي وُضع على الرصيف، تحت شجرة التوت المعمّرة، في شارع الكرادة داخل. يرشف استكان شاي، وينظر الى المارّة الذين لا يعنيه أمرهم. كلَّ يوم، يأتي الى المقهى بعد تناول الافطار وحيداً أو مع من يصادف وجودُه ضيفاً عنده من أقربائه الذين يسكنون مدينة الحلّة، والذين كثيراً ما يترددون على بغداد للعلاج أو لأسباب أخرى، فهم لا يجدون أفضل من بيت العازب سعيد مكاناً لإقامتهم، فهو مفتوح للجميع دائماً. بعد أن يجلب بعض المشتريات من أجل غداء الضيوف من السوق القريب من بيته، كالخضروات واللحم وما شابه، يجرجر جسمه الذاوي، ويجلس على تخت المقهى، ليترك لهم أمر اعداد الغداء كيفما شاءوا، أما إن لم يكن لديه ضيوف فهو لا يشغل باله بموضوع وجبات الطعام، يكفيه أن يأكل لفة فلافل من باسم الخِبِل، أو شيش معلاگ من شكّوري الكبابجي، هذا يكفي . كل يوم يجلس على تخته المعتاد حتى صار جزءً من المشهد اليومي لهذا الجزء من شارع الكرادة داخل. رجلٌ نحيف متداعي، يرتدي أيام الصيف قميصاً فضفاضاً لونه سمائي، وبنطال أسود، يضع على رأسه عرقجيناً أبيضاً، ويلبس نعلا من الجلد مفتوحاً أسود اللون . أما في الشتاء فلا يكاد يظهر منه سوى معطفه الرماديّ و سدارة وحذاء وبنطال أسودان. لايهتم كثيراً لحلاقة شعروجهه. من ينظر اليه يشعر إنه أمام رجل حزين، أو محبط. وسواء كان الوقت صيفاً أم شتاءً، لا يتذكر أحدٌ أنه رآه من دون سحابة الدخان التي تلفّه، ذلك لانه كان يدخن باستمرار، يشعل سجارته التالية من السابقة بيده المرتجفة دون الحاجة الى عود ثقاب أو قدّاحة!يدهشه تغير المكان بسرعة مذهلة، عمارات جديدة، سيارات جديدة، أناس جدد لا يعرفهم، ولا يعرفونه. أغاني جديدة تتردد، وحتى أشعار حزن دينية جديدة. يفكر ما الذي جرى للمكان؟ ما الذي جرى للناس؟ ما الذي جرى له؟ كل يوم منذ أن تقاعد سعيد كان يفكر بصديقه حقّي عبد الحسن الذي عمل معه في شعبة الذاتية، وصديقه خلف الذي كان يجلس معه هنا ذاك الذي كان يعمل في قسم الصيانة التابعة لدائرة الكهرباء، وزهر الدين أبو حدبة الذي كان مسّاحاً بدائرة الطابو. كانوا يلتقون هنا عصر كلّ يوم يلعبون الدومنه ويشربون الشاي، وقد تعاهدوا على اللقاء هنا بعد التقاعد كل يوم، ولكنّهم اختفوا، جميعهم اختفوا. أما ضيوفه الذين يتوافدون الى بيته ويذهبون، فهو لا يشعر برغبة بالتعرف اليهم، أو الاستماع الى حكاياتهم. هم غرباء عنه رغم أنهم اقرباؤه. لهم عالمهم الخاص، وهمومهم الخاصة التي لا يشعر برغبةٍ للولوج فيها. لذلك كان يقضي الساعات في تذكّرها هيَ، كان يصبِّ جامَ غضبه عليها، تلك المرأة التي طالما كرهها. تعجّب من مقدار الغضب الذي خلّفتْه تلك المرأة في روحه طوال تلك السنوات، تعجّب من مقدار الكراهية التي زرعتها ونمّتها في قلبه. يا لها من امرأة قاسية، ومكروهة. ترى كيف كانت ستكون حياته لو أنه لم يعرفها؟ كان يتسائل!العام 1979 يكرهها فحسب، لا إحساس يفوق كرهه لها، لا مشاعر أخرى يمكنها أن تطغى على كراهيته لها، تلك الموظفة التي ناصبته العداء منذ اليوم الأول لهما معاً في دائرة الشؤون الثقافية. لا يعلم هل أحسّت أن عليها أن تنافسه وأن تتفوق عليه دون غيره! هل لأنهما التحقا بالعمل في اليوم ذاته؟ كانت محظوظة أكثر منه، وكانت جميلة جداً، وسعيدة جداً، وكانت مُقدمة عليه في كل شيء. نسَّبَها المديرُ ......
#حكاية
#سعيد
#الورّاق
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=715063
الحوار المتمدن
حامد تركي هيكل - حكاية سعيد الورّاق