الحوار المتمدن
3.18K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
عبد الرحيم التوراني : ضحك ملون بالبكاء
#الحوار_المتمدن
#عبد_الرحيم_التوراني (...)أما أحمد ميم، مدرس مادة الرسم في المركز التربوي الجهوي، فكان فنانا تشكيليا مبدعا، سبق له أن فاز بجائزة قيمة نظمتها مؤسسة مصرفية كبيرة. لكنه كان أقرب إلى المجذوب. ينعكس ذلك بجلاء في أعماله الفنية. لوحاته كلها عبارة عن أسنان بشرية متراصة. تصطك وتعض بعضها. أفواه فاغرة وضاحكة. كأنه يرسم ضحكاته الجنونية في جهات الليل وزوايا النهار.كان أحمد يصرف كامل راتبه في الأسبوع الأول من الشهر، ولا أعرف كيف كان يتقبل عيشته البئيسة في الأسابيع المتبقية.لما التقيت به أمام حانة "لونيفير" (الكون)، سارع أحمد إلى معانقتي. شد على يدي بحرارة زائدة. حتى ظننت أنه دخل حالة من حالاته غير العادية. أخافني بريق عينيه غير العادي مع تعتعة لسانه من الشرب.قال لي أحمد:- اليوم تأكدت من أنك مناضل كبير، أطلب منك الاعتذار لأني من زمن وأنا أشك في نضاليتك... ".وأتبع كلماته بضحكة طويلة.نظرت إليه باستغراب أو باستنكار، وربما شتمته بكلمة بذيئة ودفعته بيدي. كنت شاركت في اليوم السابق في المسيرة المليونية التي شهدتها الرباط في يوم الأحد 3 فبراير 1991تضامنا مع الشعب العراقي، وعدت في الغد إلى فضاءاتنا في "المعاريف" بمناشير كتبت عليها الشعارات القوية التي رفعت في الرباط. أحد تلك الشعارات كان ردا مباشرا على ما جاء في خطاب الملك قبل المسيرة بيوم.ظل أحمد زمنا، عندما يريد أن يصف أحدا بالرجولة يقول عنه: "عراقي"، رغم احتلال العراق وسقوط بغداد.ستمر الأيام تلو الأيام، اختفى فيها أحمد، لم أعد ألتقي به إلا لماما. قلَّ ارتيادي لفضاءاتنا المشتركة، إلى أن سمعت بنعيه ذات يوم غائم.أحزنني الخبر كثيرا. ذهبت إلى الزقاق الذي كان يسكن به الفقيد. وقفت أمام محل حلاقة نسائية. نظرت من خلف زجاج الصالون المضبب. كان مليئا بالبنات وبالسيدات. ترددت في السؤال عن صاحبة الصالون. كنت أريد منها أن تحدثني عن موت صديقي الرسام، كيف حصل؟صاحبة الصالون النسائي كانت هي مالكة الشقة التي يكتريها أحمد، تسكن في الشقة الأولى على الشمال بالطابق الأول من نفس المبنى. لا أعرف إن كانت العمارة كلها في ملكيتها. ما سمعته عنها هو عملها فترة طويلة بالمهجر في سويسرا. وكانت امرأة طيبة، تتغاضى عن تأخر أحمد في دفع واجب الكراء الشهري، بل إنها كانت تساعده وتجلب له الأكل لما تعرف إفلاسه وجوعه. وكان يناديها ب"أختي فلانة".لكني تراجعت إلى الخلف، ساورني خجل أن أقتحم حرمة نساء. مشيت إلى حدود شارع دانتون الذي يطل منه زقاق أحمد. أعادتني ضجة السيارات وزحام الشارع إلى وعيي. عدت لأقف على الطوار المقابل لصالون الحلاقة، رافعا رأسي صوب الطابق الثاني، كجاهلي يقف على طلل. كانت عيني على النافذة العريضة لشقة أحمد. كانت مغلقة. أردت أن أبكي. وبكيت. لم أعر أي اهتمام للمارة وللجيران. ولم ينتبه أحد لبكاء رجل مهندم على الطوار.فجأة بدأ مصراع النافذة ينفتح، ورأيت يدا نحيلة مليئة بالزغب تمتد لتمسك بجورب ملون كان منشورا على حبل خارج النافذة.صحت بأعلى صوتي:- أحماااااد. أحماااد.. وااا أحمد...أطل علي رأس أسود كثيف الشعر بلحية كثة. تظهر منه عينان تبرقان.لوحت له بيدي.عادت النافذة إلى وضعها المغلق. ومضيت.كان هو. لم يمت.لاحظت أن المارة انتبهوا إلي وأنا أمشي وحيدا وأكلم نفسي. كنت ألعن ابن الزنا ابن الكلب ولد العاهرة، من روج لإشاعة موت صديقي، أي متعة في مثل هذه السخافة يجدها. وفي نفس الوقت كنت سعيدا فرحا بكون الخبر زائفا. للأخبار الزائفة حسناتها لما تأتي أخبار ل ......
#ملون
#بالبكاء

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=683817