الحوار المتمدن
3.14K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
حامد تركي هيكل : سلسلة فنارات - ج2 - الحاج سعود الفالح
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل يشعر فاضل العطية بالملل فقد طالت مدة الحظر بسبب تفشي جائحة كورونا. تعوَّد فاضل العطية في هذا الوقت من كل سنة السفر الى الخارج لقضاء شطراً من العطلة الصيفية. أما هذا الصيف فيتعين عليه البقاء في بيته. حاول وضع خطة تتضمن قراءة عدد من الكتب، ومراجعة عدد من البحوث العلمية، ومشاهدة عدد من الأفلام السينمائية، فضلا عن حضور عدد من الندوات التي تقيمها مراكز البحوث العالمية عن بعد. كتب كل ذلك بقصاصات علّقها على الجدار خلف مكتبه، إطار من الخشب يحيط بلوح من الفلّين، ذلك الجدار الذي يضمُّ صورا، وقصاصات، وأجزاء مقطوعة من جرائد، وأجزاء من صفحات كان قد طبعها، ولون بعض الأسطر منها باللون الأصفر. ياله من جدار طلسمي.مرة أخرى نظر من نافذته الى الحديقة التي جفَّت. فالرطوبة التي احتفظت بها من فصل الشتاء الماضي والتي ساعدت على نمو أدغال بريّة فيها، قد تبخرت بفعل حرارة حزيران، ثم ها هو تموز يجهز على ما تبقى فيها من حياة ما زالت تقاوم. فتحولت الحديقة الى عيدان جافة. فكر لو أن عود ثقاب أو عقب سيجارة أُلقيَّ على الحديقة في يومٍ حار، ستحصل مصيبة. لن ينجو البيت من ذلك الحريق. وتخيَّل منظرا مرعبا هزّ كيانه. تخيل ألسنة النار وهي تتصاعد من حديقته المتوحشة لتعلق بالأبواب، يتكسر زجاج النوافذ، تعلق النيران بالستائر، تحترق كابلات الكهرباء، تنفجر قنينة الغاز في المطبخ، وتلك القنينة الاحتياطية الموضوعة في مرآب السيارة، وينفجر خزان وقود السيارة، أوه كارثة.حاول أن يطرد تلك الصورة من ذهنه، بحث في هاتفه النقّال، بحث في قائمة الاسماء عن اسم الفلاح الذي نسيه. جرَّب أن يبحث تحت اسم فلّاح، لا نتيجة، جرَّب أن يبحث تحت اسم حديقة، لا نتيجة، أخيرا اهتدى الى طريقة جيدة، إتصل بجاره يسأله عن الفلاح. ليـأتي لتنظيف الحديقة من الأدغال. جلس على الأريكة متعبا، وكأنه قد أطفأ حريقا للتو. حاول أن يستريح، بيد أن صورة ألسنة النار التي اشتعلت في خياله قبل قليل، قد أيقظت حريقا آخر في ذاكرته، حريقا حقيقيا قد حصل قبل نصف قرن. ما الذي جعل تلك الحادثة مرتسمة في ذهنه كل تلك السنين؟ هل لأنها أول حريق يشهده منذ أن كان في الثالثة عشرة من عمره؟ هل لأنه حريق هائل؟ أم لسبب آخر؟ إرتبطت ذكرى ذلك الحريق في أعماق ذاكرته بصورة رجل شيخ. شيخ ضخم الجثة، بدين، في أواخر أيامه. وبسبب بدانته كان لا يستطيع الحركة إلا بالكاد. كان يجلس أمام بيته قرب ذلك الجسر الذي يربط ضفتي نهر خضابوه، على حصير من البردي كل يوم. يرتدي دشداشة بيضاء، وكوفية بالأبيض والأسود، فوقها عقال سميك جدا ويضع عباءته الصوفية السوداء ملفوفة بجانبه، هي وعصاه الغليضة. وجهه المحمر، تعلوه ابتسامة دائما. كان ذلك هو الحاج سعود الفالح.القرية عبارة عن تجمع عشوائي من بيوت متداخلة لا تكاد تميّز لها حدودا. صرائف من القصب، غرف من الطين، سوابيط من جذوع النخل، أكداس من سعف النخيل اليابس مخزونة هنا وهناك من أجل استعمالها كحطب للتنانير التي تخبز فيها النساء الخبز مرتين أو ثلاث مرات باليوم. أكداس من الحشيش اليابس ( يبيس) علف للبقر في فصل الشتاء، قباب من أقراص روث الحيوانات المجفف بالشمس والذي يستخدم كوقود شتاءا، ولغرض عمل المداخن صيفا من أجل طرد البعوض القارص. مائة وخمسين مترا طولا بمائة متر عرضا تلك كانت أبعاد القرية وهي عبارة عن كتلة متصلة متكونة من أربعة مضائف طويلة مبنية من القصب والحصران وسعف النخيل اليالبس وجذوع النخيل، فضلا عن البيوت المتراصة المتداخلة مع حضائر البقر والغنم والدجاج، كتلة من المادة القابلة للاشتعال، تضم أربعة عائلات ممتدة كبيرة، ا ......
#سلسلة
#فنارات
#الحاج
#سعود
#الفالح

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=683435