جيلان صلاح : ينبغي لنا أن نتكلم عن الضفدعة
#الحوار_المتمدن
#جيلان_صلاح لا يملك الكثيرون من أمثالنا سوى الكلام. الحكي والفضفضة من ركائز التطهر بالنسبة لنا معشر الكتاب.والآن حان وقت الكلام عن الضفدعة التي قتلتها كذباً باسم العلم وسعياً وراء الدرجات.وللقصة بداية.العداء بين طلبة ما تدعى بكليات القمة متأصل منذ أعطيت لتلك الكليات الهالة الأسطورية التي تجعل من يلتحق بها –ولو حتى بينه وبين نفسه- يشعر بسموه وتعاليه عن الآخرين. وللطب بصفة خاصة ذلك السحر الذي يغلفها ككلية عملية تجعل ممن يدخلها ساحراً، يكتشف قدس الأقداس؛ الموت، الجسد البشري، تعطيه نوع من المكانة المجتمعية التي لا يستحقها لمجرد كونه ذاكر أكثر من زملائه في مجزرة الثانوية العامة التي لا تتوقف ولن تتوقف طالما نحن نعيش تحت ظل مجتمع لا يتغير ويستلذ الثبات. ديناميكية الحياة في المجرة هي التي تحركه؛ فبالطبع أصبحت معظم إعلانات التليفزيون تمتلئ بالسيلفيز، وأصبحنا نرى كوميديا مبنية كلياً على كوميكس وميمز من السوشيال ميديا، لكن البشر هم أنفسهم، والذكورية هي نفسها، ربما تتخذ الفيمينزم وحقوق الحيوان والحجاب موضة عابرة، لكن يبقى التقييم الأخلاقي والنظرة الدونية لكل ما ليس رجلاً –مسلماً في الأغلب- وتبقى الخرافات والأساطير المتندرة على الماضي ويبقى دفن الآثام في التراب.تخرجت في كلية الصيدلة عام 2011، ولم يمر يوماً لم أفكر فيكِ عزيزتي الضفدعة.عام 2010، كان المشهد الأول الذي جعلني أشعر أنني ارتكبت خطأ ما، عندما انتهى درس التشريح –الحيواني طبعاً- وألقيت نظرة على دلو كبير وضعنا فيه ما تبقى من الضفادع التي قتلناها أنا وزملائي باسم العلم. لم نكن نقتلها بالمعني المفهوم، كنا نقوم بما يدعى التنخيع؛ عن طريق ثقب في مؤخرة رأس الضفدعة، نغرس إبرة التشريح ما بين العامود الفقري والمخ لتحطيم الحبل الشوكي. أي أنها تقريباً مشلولة، لكنها مازالت حية. أقنعتنا المعيدة أول يوم قمنا فيه بالتشريح أن الضفدعة هكذا لا تشعر بشيء، لقد دخلت في غيبوبة ثقيلة لن تفيق منها إلا على الجانب الآخر.عزيزتي الضفدعة، أعلم أن روحك تطاردني، مازالت الذكرى تؤلمني حتى الآن.أحياناً أسأل نفسي لماذا فعلت ما فعلت؟ لماذا اندمجت في التشريح حتى النخاع –حقاً؟ لماذا تعاملت وقتها أنا المحبة للحيوانات منذ طفولتي والتي لم تتربى يوماً على قسوة معاملتهم أو اعتبارهم كائنات دنيا كالسواد الأعظم من المصريين، مع الضفدعة فعلاً ككائن غير مهم؛ وجوده مثل عدمه؟ قتله بتلك الطريقة البربرية الوحشية مكرس لأتعلم أكثر عن الجسم البشري، كل هذا في سبيل العلم، معرفة تأثير دواء ما على عضلة القلب، معرفة العمليات الحيوية المشابهة لجسد الانسان. ما أهمية كل هذا أصلاً؟ وحقيقي، ما علاقة هذا بدراستي للصيدلة؟ وما علاقة تلك الحيوانات الصغيرة بما نفعل من تجارب حمقاء نحن نعلم جيداً أنها لن تجعل منا مخترعين أو عباقرة أو آلهة، وأننا حتى لو حاولنا الوصول بعلمنا المتأخر لبلاد النور التي يجب علينا بعد دراستنا الشاقة أن ندفع المزيد من الأموال للحصول على زمالتها أو دبلومتها أو أي من الشهادات المعادلة لها، فلن يكون قتلنا لمزيد من الفئران أو الضفادع مؤثر في مستقبلنا المهني. عزيزتي الضفدعة، للحديث بقية.لم أكتف بتشريح العينات التي كانت متوفرة لنا في الكلية. اشتريت ضفدعة لأشرحها على مهل في منزلي. كنت أريد التدرب للامتحان العملي النهائي. مازلت أذكركِ، ضفدعة صحراوية ضئيلة الحجم. اليوم وأنا أحدق في عيني كل حيوان أقابله، يخيل لي أنني أصل إلى روحه. لم تجردت من روحي بينما أنا أمسكك بين يدي؟ حتى الآن مازلت لا أفهم "أنا" طالبة الصيدلة؛ طوال دراستي للصيدلة ......
#ينبغي
#نتكلم
#الضفدعة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=734357
#الحوار_المتمدن
#جيلان_صلاح لا يملك الكثيرون من أمثالنا سوى الكلام. الحكي والفضفضة من ركائز التطهر بالنسبة لنا معشر الكتاب.والآن حان وقت الكلام عن الضفدعة التي قتلتها كذباً باسم العلم وسعياً وراء الدرجات.وللقصة بداية.العداء بين طلبة ما تدعى بكليات القمة متأصل منذ أعطيت لتلك الكليات الهالة الأسطورية التي تجعل من يلتحق بها –ولو حتى بينه وبين نفسه- يشعر بسموه وتعاليه عن الآخرين. وللطب بصفة خاصة ذلك السحر الذي يغلفها ككلية عملية تجعل ممن يدخلها ساحراً، يكتشف قدس الأقداس؛ الموت، الجسد البشري، تعطيه نوع من المكانة المجتمعية التي لا يستحقها لمجرد كونه ذاكر أكثر من زملائه في مجزرة الثانوية العامة التي لا تتوقف ولن تتوقف طالما نحن نعيش تحت ظل مجتمع لا يتغير ويستلذ الثبات. ديناميكية الحياة في المجرة هي التي تحركه؛ فبالطبع أصبحت معظم إعلانات التليفزيون تمتلئ بالسيلفيز، وأصبحنا نرى كوميديا مبنية كلياً على كوميكس وميمز من السوشيال ميديا، لكن البشر هم أنفسهم، والذكورية هي نفسها، ربما تتخذ الفيمينزم وحقوق الحيوان والحجاب موضة عابرة، لكن يبقى التقييم الأخلاقي والنظرة الدونية لكل ما ليس رجلاً –مسلماً في الأغلب- وتبقى الخرافات والأساطير المتندرة على الماضي ويبقى دفن الآثام في التراب.تخرجت في كلية الصيدلة عام 2011، ولم يمر يوماً لم أفكر فيكِ عزيزتي الضفدعة.عام 2010، كان المشهد الأول الذي جعلني أشعر أنني ارتكبت خطأ ما، عندما انتهى درس التشريح –الحيواني طبعاً- وألقيت نظرة على دلو كبير وضعنا فيه ما تبقى من الضفادع التي قتلناها أنا وزملائي باسم العلم. لم نكن نقتلها بالمعني المفهوم، كنا نقوم بما يدعى التنخيع؛ عن طريق ثقب في مؤخرة رأس الضفدعة، نغرس إبرة التشريح ما بين العامود الفقري والمخ لتحطيم الحبل الشوكي. أي أنها تقريباً مشلولة، لكنها مازالت حية. أقنعتنا المعيدة أول يوم قمنا فيه بالتشريح أن الضفدعة هكذا لا تشعر بشيء، لقد دخلت في غيبوبة ثقيلة لن تفيق منها إلا على الجانب الآخر.عزيزتي الضفدعة، أعلم أن روحك تطاردني، مازالت الذكرى تؤلمني حتى الآن.أحياناً أسأل نفسي لماذا فعلت ما فعلت؟ لماذا اندمجت في التشريح حتى النخاع –حقاً؟ لماذا تعاملت وقتها أنا المحبة للحيوانات منذ طفولتي والتي لم تتربى يوماً على قسوة معاملتهم أو اعتبارهم كائنات دنيا كالسواد الأعظم من المصريين، مع الضفدعة فعلاً ككائن غير مهم؛ وجوده مثل عدمه؟ قتله بتلك الطريقة البربرية الوحشية مكرس لأتعلم أكثر عن الجسم البشري، كل هذا في سبيل العلم، معرفة تأثير دواء ما على عضلة القلب، معرفة العمليات الحيوية المشابهة لجسد الانسان. ما أهمية كل هذا أصلاً؟ وحقيقي، ما علاقة هذا بدراستي للصيدلة؟ وما علاقة تلك الحيوانات الصغيرة بما نفعل من تجارب حمقاء نحن نعلم جيداً أنها لن تجعل منا مخترعين أو عباقرة أو آلهة، وأننا حتى لو حاولنا الوصول بعلمنا المتأخر لبلاد النور التي يجب علينا بعد دراستنا الشاقة أن ندفع المزيد من الأموال للحصول على زمالتها أو دبلومتها أو أي من الشهادات المعادلة لها، فلن يكون قتلنا لمزيد من الفئران أو الضفادع مؤثر في مستقبلنا المهني. عزيزتي الضفدعة، للحديث بقية.لم أكتف بتشريح العينات التي كانت متوفرة لنا في الكلية. اشتريت ضفدعة لأشرحها على مهل في منزلي. كنت أريد التدرب للامتحان العملي النهائي. مازلت أذكركِ، ضفدعة صحراوية ضئيلة الحجم. اليوم وأنا أحدق في عيني كل حيوان أقابله، يخيل لي أنني أصل إلى روحه. لم تجردت من روحي بينما أنا أمسكك بين يدي؟ حتى الآن مازلت لا أفهم "أنا" طالبة الصيدلة؛ طوال دراستي للصيدلة ......
#ينبغي
#نتكلم
#الضفدعة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=734357
الحوار المتمدن
جيلان صلاح - ينبغي لنا أن نتكلم عن الضفدعة