الحوار المتمدن
3.19K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
ضيا اسكندر : مُتْ قاعداً
#الحوار_المتمدن
#ضيا_اسكندر أعرفه منذ أكثر من ثلاثين عاماً. فقد خدمنا معاً بذات الشركة التي كنت أعمل فيها قبل أن نُحال كلانا على التقاعد. لقد كان وما زال رمزاً للطيبة والنزاهة والتسامح والرزانة والفكر الجريء المتّقد. لدى اتصالي به هاتفياً منذ أيام بعد انقطاع دام عدة أشهر، أجاب بصوتٍ واهنٍ أنه مريض وفي أيامه الأخيرة. وأنه يرغب بلقائي ووداعي قبل مغادرته هذه الدنيا. شعرتُ كمن تلقّى صفعة مباغتة. أحسستُ بأن عالمي يرتجّ وينذر بانهيارٍ مروّع. أغلقتُ الهاتف وسارعتُ بالسفر إلى قريته التي لا تبعد كثيراً عن المدينة.لحظة وصولي إلى بيته الذي سبق وزرته مرات عديدة، حيث كان يدعو زملاءه بين الحين والآخر لوليمته الشهيرة التي كان يعتزُّ بها «رأس عجل مسلوق مع البرغل». لفت انتباهي ذبول نباتات الزينة التي كانت مزروعة بحديقة بيته الصغيرة والتي كان يهتم بها ويفتخر بجمالها. هذا المشهد اعتبرته علامة شؤمٍ وريبة. تردّدتُ قبل قرع الباب متسائلاً بيني وبين نفسي: «كيف سأسلّم عليه؟ هل أعانقه وأقبّله كما أفعل عادةً كلما التقينا، ولو كان غيابنا لا يتعدّى الأسبوعين؟ أم أكتفي بالتلويح بيدي عن بعد التزاماً بالتدابير الوقائية من وباء كورونا الذي نصحت بها منظمة الصحة العالمية؟»ما إن هممتُ بقرع بابه حتى انفتح فجأةً وطلّت منه زوجته مرحّبةً بقدومي. لدى دخولي الصالون حيث يرقد صديقي على فرشة ممدودة على الأرض قرب مدفأة الحطب المشتعلة. رفع يده من تحت البطانية محيّياً وهو يبتسم بوجهه الوديع وقد ضمر إلى درجة مخيفة. كان يعتمر قبعة صوف تغطي كامل رأسه حتى الحاجبين اللذين تساقط الشعر عنهما إضافةً لأهداب رموش عينيه. خلعتُ حذائي عند العتبة وهرعتُ لمصافحته. إلّا أنه أومأ براحة كفّه معرباً عن حرصه على سلامتي من انتقال العدوى. قلت له «"السرطان" لا يعدي يا صديقي!» واكتفيت بملامسة كفّه النحيلة المرتخية وجلست إلى جانبه. أول عبارة قالها بعد أن عبَّر عن فرحته بلقائي وهو يعدّل وضعية قبّعته:- كما ترى يا صديقي، ها هي المصائب تتْرى! وتأبى أن تحضر دفعةً واحدة. أجبته مهوّناً عليه الأمر:- لعلّها نعمة وليست نقمة. فلو جاءت دفعة واحدة لعجزنا عن مواجهتها.هزَّ رأسه ببطء مخالفاً رأيي وقال:- لو عرفت أنني سأُصاب بهذا المرض الخبيث بعد إصابتي بالجلطة، لرفضتُ إجراء عملية القلب المفتوح التي أهدرتُ بسببها ما تقاضيته من مكافأة نهاية الخدمة بعد تقاعدي. إذ ما إن تماثلتُ للشفاء، حتى جاءني هذا السرطان اللعين ليفتكَ بكبدي.. والمصيبة أنني لا أملك أرضاً لأبيعها ولا رصيداً في البنوك للعلاج.. وراتبي التافه كما تعلم يتبخّر في أقلّ من أسبوع. والله صرتُ أخجل من الناس من طلب الدَّين.. آه، كم أتمنى المسارعة بالرحيل يا صديقي!الحقيقة كنت في أقصى حالات التحمّل وأنا أستمع إليه. وضبطتُ أعصابي بجهودٍ ضارية لأمنع عينيّ من التعبير عن حالة الحزن التي استبدّت بي. قلت له مواسياً محاولاً مواراة قلقي عليه:- وكّلْ أمرك لله يا رجل. العلم يتقدّم بخطواتٍ متسارعة. وكل يوم نسمع عن خبرٍ طبّي جديد. وكن على ثقة من أن العلماء شغلهم الشاغل هذا المرض. وهناك أخبار طيبة بهذا الصدد تثلج الصدور. وما علينا إلّا التريّث والانتظار.أومأ متفهماً بما ينمُّ عن لباقته أكثر من اقتناعه. وأجاب بصوتٍ يكسره التأثر:- لم يعد لديّ المزيد من الوقت للانتظار. لقد سبق السيف العذل. فقد أكملتُ كافة الجرعات الكيماوية دون أية جدوى. (توقّف عن الكلام لحظات وتابع) سأطلب منك معروفاً أرجو أن تعدني بتلبيته.قلت متلهّفاً:- حبيب الروح أنت تأمر! اطلبْ ما شئت. واعتبرْهُ ماثلاً ......
ُتْ
#قاعداً

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=711597