زاهر رفاعية : رواية سالم من الجنوب الحلقة الثالثة
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية إنّ ما ينعكس منّا في الأجيال الّتي تلحق بنا, أننا نرى في عيونهم تلك السّعادة الصّافية بحقّ, بأمور لم تعد تعني لنا من شيء, بل وأشياء لا نفهم بأي وجه قد تعني لأحد, ولكنها بكل حال تعني لجيلاً لم يعد جيلنا كلّ شيء, و هذا بالضبط ما نعنى به من كل ذلك, هكذا كانت تدور رؤى سالم في اغماءه القصير.كان "سالم" على يقين, أنّ أهل قرى الجنوب يخشون من الّذي لا يخش ما يخشوه, ويحترمون من لا غلبة لهم عليه, وفي جميع الأحوال كان البعد عنهم يتناسب طرداً مع حرّية المرء ونقمتهم عليه, إلّا أنّ سالم برغم ذلك ارتضى لابنته ذاك الزواج, أمّا هي فقد تبدّت لأبيها في غمضه الغائم مفاخرة بفارسها الّذي أحبّته دون أن تجهد نفسها باعتياده, تهتك بذلك الفخر ستر جدّتها بل وكلّ انثى في الجنوب, تجاهر بكونها لا تنتمي إلى تلكنّ المنتميات إلى غير ذواتهنّ, تلكنّ اللواتي يتتبعن من ابنته رائحة إخلاص لأنوثتها, يبعث في نفوسهنّ قلقاً محموداً. رآها "سالم" في إغمائه وقد التقت من كانت تصوّر طلعته بصمتها الباسم, ذلك الذي سيحول بينها و بين قلقها على كينونتها, ذلك الذي سيحفظ لها وجودها على ما هي تحبّ أن تكون, رآها أباها وقد استسلمت بفخر لفارسها أجمل استسلام, والعجيب أنّ هذا قد تمثّل لـ"سالم" ولأول مرّة, حلّاً لا مشكلة ! وهو الذي عاش ما خلا له أن عاش, موقناً أن لا مشكل في الوجود يجاوز مشكل الكلب ورائحة سيّده, وبدلاً من ان تغادر الابنة بيت أبيها نحو بيت عنكبوت, رأى "سالم" في صفاء اغماءه أسداً تائهاً في البيداء يركع بين قدمي ابنته, وأنّ عشرون عاماً من عيش "سالم" قبل ميلاد طفلته, كان عيش دمية من دمى مسرح رجال القرية, أضحكوا كلّ من سمع حواريّاتهم, حتى غدا مسرحهم باعثاً للملل, وقد كان الوجود الباعث للملل آنذاك يحتسب من جملة الخطايا الوجوديّة اللامتناهية, الّتي ترمي بعبء وجودها على كاهل المرء دون يقين من عنده, كيف و متى تسببت بها لنفسه, أي ما كان يدعى في زمن آخر "القدر" إلّا أن أحداً لم يعد يؤمن به, فتمّ الغاء الاعتراف بالوجود الباعث للملل كخطيئة, و أصبحت قائمة الخطايا الوجودية مذ ذاك الحين لامتناهية إلّا واحدة, وقرر "سالم" المغمى, أن يطلق على مولوده من بين الخطايا اسم "فضيلة" وكانت فضيلةُ تلك جميلة و أيّما جمال, لكأنّها سرقت كلّ ما اشتملت عليه رفيقات وجودها الأزليّ من رونق العصيان, وتجمّلت به عند اشراقها الأوّل, فظنّها رجال المسرح "خطيئة" ووأد "سالم" حبّها في قلبه, كي لا يقول الرّجال أن سالماً قد أذعن لقلبه, كي لا يقولوا أنّ سالماً "أحبّها".لطالما كان الحبّ في قلب المرأة, مُلكاً غير قابل للإيداع في غير موضعه, لذا فالمأخذ على المغتصب كبير, لأنه احتلال ما لا سبيل لسرقته, وهذا ما أدركه "سالم" في غمضه, حينما رأى نفسه ينتزع حبّ "الشّاب الثريّ" من قلب ابنته انتزاعاً. وليت رؤى اغماءه انتهت هاهنا, لأفاق "سالم" عن طيب خاطر, ولما تجاهل رائحة الشيخوخة التي تنضح بها كفّ أمّه, (أفق يا ولدي, حين ستعتاد ابنتك عليه ستحبّه.. أفق يا ولدي يا سالم). إلّا أن "سالم" الأب فضّل الاغماء و رؤية أسدِ "فضيلة" قد استحال بين يديها فارساً, يحمل بيده عظمة كلب نافق, هوى بها على رأس المصرفيّ الشّاب, فأسقطه مضرّجاً بالخوف, وما أشبه لون الخوف بلون دماء "سالم" التي كانت تسيل منه على حصيّات ساحة الزّفاف, ومن علٍ ألقت "فضيلة" نظرة باردة على رأس المسجّى أمامها, حينما حطّ بقرب محاربها نسرٌ يمسك حمامة مضرّجة بدمها, راح يدفن جسدها في بطنه لقمة فلقمة, بينما راح الخوف الأحمر يتقطّر من عظمة الكلب في يد فارسها, فاندفعت "فضيل ......
#رواية
#سالم
#الجنوب
#الحلقة
#الثالثة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=724510
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية إنّ ما ينعكس منّا في الأجيال الّتي تلحق بنا, أننا نرى في عيونهم تلك السّعادة الصّافية بحقّ, بأمور لم تعد تعني لنا من شيء, بل وأشياء لا نفهم بأي وجه قد تعني لأحد, ولكنها بكل حال تعني لجيلاً لم يعد جيلنا كلّ شيء, و هذا بالضبط ما نعنى به من كل ذلك, هكذا كانت تدور رؤى سالم في اغماءه القصير.كان "سالم" على يقين, أنّ أهل قرى الجنوب يخشون من الّذي لا يخش ما يخشوه, ويحترمون من لا غلبة لهم عليه, وفي جميع الأحوال كان البعد عنهم يتناسب طرداً مع حرّية المرء ونقمتهم عليه, إلّا أنّ سالم برغم ذلك ارتضى لابنته ذاك الزواج, أمّا هي فقد تبدّت لأبيها في غمضه الغائم مفاخرة بفارسها الّذي أحبّته دون أن تجهد نفسها باعتياده, تهتك بذلك الفخر ستر جدّتها بل وكلّ انثى في الجنوب, تجاهر بكونها لا تنتمي إلى تلكنّ المنتميات إلى غير ذواتهنّ, تلكنّ اللواتي يتتبعن من ابنته رائحة إخلاص لأنوثتها, يبعث في نفوسهنّ قلقاً محموداً. رآها "سالم" في إغمائه وقد التقت من كانت تصوّر طلعته بصمتها الباسم, ذلك الذي سيحول بينها و بين قلقها على كينونتها, ذلك الذي سيحفظ لها وجودها على ما هي تحبّ أن تكون, رآها أباها وقد استسلمت بفخر لفارسها أجمل استسلام, والعجيب أنّ هذا قد تمثّل لـ"سالم" ولأول مرّة, حلّاً لا مشكلة ! وهو الذي عاش ما خلا له أن عاش, موقناً أن لا مشكل في الوجود يجاوز مشكل الكلب ورائحة سيّده, وبدلاً من ان تغادر الابنة بيت أبيها نحو بيت عنكبوت, رأى "سالم" في صفاء اغماءه أسداً تائهاً في البيداء يركع بين قدمي ابنته, وأنّ عشرون عاماً من عيش "سالم" قبل ميلاد طفلته, كان عيش دمية من دمى مسرح رجال القرية, أضحكوا كلّ من سمع حواريّاتهم, حتى غدا مسرحهم باعثاً للملل, وقد كان الوجود الباعث للملل آنذاك يحتسب من جملة الخطايا الوجوديّة اللامتناهية, الّتي ترمي بعبء وجودها على كاهل المرء دون يقين من عنده, كيف و متى تسببت بها لنفسه, أي ما كان يدعى في زمن آخر "القدر" إلّا أن أحداً لم يعد يؤمن به, فتمّ الغاء الاعتراف بالوجود الباعث للملل كخطيئة, و أصبحت قائمة الخطايا الوجودية مذ ذاك الحين لامتناهية إلّا واحدة, وقرر "سالم" المغمى, أن يطلق على مولوده من بين الخطايا اسم "فضيلة" وكانت فضيلةُ تلك جميلة و أيّما جمال, لكأنّها سرقت كلّ ما اشتملت عليه رفيقات وجودها الأزليّ من رونق العصيان, وتجمّلت به عند اشراقها الأوّل, فظنّها رجال المسرح "خطيئة" ووأد "سالم" حبّها في قلبه, كي لا يقول الرّجال أن سالماً قد أذعن لقلبه, كي لا يقولوا أنّ سالماً "أحبّها".لطالما كان الحبّ في قلب المرأة, مُلكاً غير قابل للإيداع في غير موضعه, لذا فالمأخذ على المغتصب كبير, لأنه احتلال ما لا سبيل لسرقته, وهذا ما أدركه "سالم" في غمضه, حينما رأى نفسه ينتزع حبّ "الشّاب الثريّ" من قلب ابنته انتزاعاً. وليت رؤى اغماءه انتهت هاهنا, لأفاق "سالم" عن طيب خاطر, ولما تجاهل رائحة الشيخوخة التي تنضح بها كفّ أمّه, (أفق يا ولدي, حين ستعتاد ابنتك عليه ستحبّه.. أفق يا ولدي يا سالم). إلّا أن "سالم" الأب فضّل الاغماء و رؤية أسدِ "فضيلة" قد استحال بين يديها فارساً, يحمل بيده عظمة كلب نافق, هوى بها على رأس المصرفيّ الشّاب, فأسقطه مضرّجاً بالخوف, وما أشبه لون الخوف بلون دماء "سالم" التي كانت تسيل منه على حصيّات ساحة الزّفاف, ومن علٍ ألقت "فضيلة" نظرة باردة على رأس المسجّى أمامها, حينما حطّ بقرب محاربها نسرٌ يمسك حمامة مضرّجة بدمها, راح يدفن جسدها في بطنه لقمة فلقمة, بينما راح الخوف الأحمر يتقطّر من عظمة الكلب في يد فارسها, فاندفعت "فضيل ......
#رواية
#سالم
#الجنوب
#الحلقة
#الثالثة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=724510
الحوار المتمدن
زاهر رفاعية - رواية (سالم من الجنوب) الحلقة الثالثة
زاهر رفاعية : رواية سالم من الجنوب الحلقة الرابعة
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية حين وصل مفوّض الشّرطة ساحة الرّقص, وصل وحده دون سلاح, فهو مفوّض العمدة لشؤون تصحيح الخطايا في قريتهم, وهذا التّفويض كان دوماً سلاح مفوّض الشرطة الأوحد لجعل كلمته هي كلمة الفصل في نزاعات أهل القرية, ومع أن لقرى الجنوب قاضٍ في محكمة هناك عند قمّة الجبل, إلّا أن تلك القمّة كانت ممتنعة الوصول, لأنّ الطّريق إليها يمرّ عبر الغابة الموحشة, التي يسودها حكم الوحوش الجائعة, كما أنّ أحذية أهل القرية البالية والّتي ورثها آباؤهم عن أجدادهم و أورثوها لهم, لم تكن لتضمن جفاف أقدامهم ريثما يعبرون المستنقعات الآسنة في طريقهم إلى القمّة العادلة تلك, لذلك فقد ارتضى أهل الجنوب دوماً كلمة المفوّض للبتّ فيما من شأنه أن يهدد التّواطؤ العام في القرية. ارتأى نصف حضور الزّفاف أنّ هراوة المصرفيّ الشاب، الّذي هوى بها فوق رأس عمّه دون قصد كما يدّعي, قد قوّضت التواطؤ الرّاقص بين أهل القرية, بينما نصف الحضور الآخر لم يخالفوهم في هذا, إلّا أنّهم طلبوا أخذ تبريرات الشّاب و اعتذاره بالحسبان لدى الحكم على فعلته. وفي غمرة خلافهم هذا رأوا المفوّض ينزل من عربة المستثمر الذي غاب منذ دقائق لإحضار مصحح الخطايا, حينها همدت أصواتهم كما همد جسد الخاطب في الحبالٍ الّتي أتوا بها من بيت سالم, وقد رمتها لهم زوجه من الشّرفة ليوثقوه بها, ولم يكن حين اعتلى المفوّض منصّة العروسين من صوت سوى صوت زوجة سالم تولول من الشّرفة و تصفع وجهها براحتيها, تؤازرها بالصّمت ابنتها, في ثوبها الّذي ما زادته المأساة إلّا بياضاً. هناك في طرف الحلبة, تحت جدار منزل أحدهم, أرخى سالم رأسه الدّامي فوق صدر أمّه, و الّذي لطالما اعتاد أن يرخيه هناك حين يدمى, غير غاضب ولا حزين, بل ساهماً في وجوه أهل قريته, الّتي لم يغادرها منذ يوم مولده الأوّل قبل ما ينيف عن بضع و خمسون عاماً من اليوم. هؤلاء القوم ما كان لسالم أن يتصوّر يوماً اغترابه عنهم, ليس إلى هذا الحدّ, و كأنّ الإغماء كان مولده الثّاني, فأحال الغمض "سالماً" طفلاً صغيراً يستعذب فضّ دمعه على عباءة أمّه. ومن فوق وجنتيه امتزجت ملوحة الدّمع بصفاء ما ينساب من رأسه, وقطرت من طرف ذقنه الدّماء الباكية, فاستقرّت من أمّه في الموضع الذي رأى أنّها قد دسّت تحته عظمة الكلب.كان لوجه المفوّض ملامح أمكنها أن تنزع الأفراح و تستعذب الأتراح, ولذا لم يدعُه "سالم" لحفل الزّفاف, و هذا ما تبدى في نظرات العتاب القاسية الّتي رمق بها المفوّض سالماً لحظة وصوله هناك, وبتلك النّظرات, شقّ طريقه بين الحشود, حتى وصل حيث يتمدد الخاطب وقد سحب ابن المستثمر إحدى حذائي الشّاب ودسّه في فمه, لأنّ المصرفيّ الشاب كان ما برح يسبّ و يلعن جميع من لم يصدّقوا حسن نيته في الرّقص مع عمّه, أمّا المفوّض فكان لامع الحذاء أسوده, ولم يكن حذاؤه كأحذية هؤلاء الفلاحين وارثي الأحذية البالية, بل كان حذاؤه أهلاً للثقة بجفاف باطنه, ولصاحبه أن يأمن منه على قدميه, فلا لدغ أفاعٍ ولا عفن مياه آسنة, ولا خوف من شقّ دروب الغابات, الّتي ما فتئ يحلم بذرعها, بغية خطو القمم الّتي يروم دوسها.بكعب هذا الحذاء راح المفوّض يداعب هراوة الشاب الملقاة أرضاً, وهو يتمعّنها بسخرية, ثم أمر الحضور بتحرير العريس من قيوده, فاستجاب له ابن سالم و حلّ قيود "المؤذي برقصه" تاركاً اياه ينتزع حذاءه بنفسه من بين أسنانه ويعيده إلى رجله.حين اعتلى مفوّض الشرطة منصّة العرس, توقّفت زوجة سالم عن لطم نفسها, و ابتلعت صرخاتها ليتمكّن الجمع من سماع ما سيقوله "لامع الحذاء" لكنها لم تغادر الشّرفة حيث تقف, فهي لم تسطع لبيتها تركاً, لأنّ سالم كان قد ......
#رواية
#سالم
#الجنوب
#الحلقة
#الرابعة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=724789
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية حين وصل مفوّض الشّرطة ساحة الرّقص, وصل وحده دون سلاح, فهو مفوّض العمدة لشؤون تصحيح الخطايا في قريتهم, وهذا التّفويض كان دوماً سلاح مفوّض الشرطة الأوحد لجعل كلمته هي كلمة الفصل في نزاعات أهل القرية, ومع أن لقرى الجنوب قاضٍ في محكمة هناك عند قمّة الجبل, إلّا أن تلك القمّة كانت ممتنعة الوصول, لأنّ الطّريق إليها يمرّ عبر الغابة الموحشة, التي يسودها حكم الوحوش الجائعة, كما أنّ أحذية أهل القرية البالية والّتي ورثها آباؤهم عن أجدادهم و أورثوها لهم, لم تكن لتضمن جفاف أقدامهم ريثما يعبرون المستنقعات الآسنة في طريقهم إلى القمّة العادلة تلك, لذلك فقد ارتضى أهل الجنوب دوماً كلمة المفوّض للبتّ فيما من شأنه أن يهدد التّواطؤ العام في القرية. ارتأى نصف حضور الزّفاف أنّ هراوة المصرفيّ الشاب، الّذي هوى بها فوق رأس عمّه دون قصد كما يدّعي, قد قوّضت التواطؤ الرّاقص بين أهل القرية, بينما نصف الحضور الآخر لم يخالفوهم في هذا, إلّا أنّهم طلبوا أخذ تبريرات الشّاب و اعتذاره بالحسبان لدى الحكم على فعلته. وفي غمرة خلافهم هذا رأوا المفوّض ينزل من عربة المستثمر الذي غاب منذ دقائق لإحضار مصحح الخطايا, حينها همدت أصواتهم كما همد جسد الخاطب في الحبالٍ الّتي أتوا بها من بيت سالم, وقد رمتها لهم زوجه من الشّرفة ليوثقوه بها, ولم يكن حين اعتلى المفوّض منصّة العروسين من صوت سوى صوت زوجة سالم تولول من الشّرفة و تصفع وجهها براحتيها, تؤازرها بالصّمت ابنتها, في ثوبها الّذي ما زادته المأساة إلّا بياضاً. هناك في طرف الحلبة, تحت جدار منزل أحدهم, أرخى سالم رأسه الدّامي فوق صدر أمّه, و الّذي لطالما اعتاد أن يرخيه هناك حين يدمى, غير غاضب ولا حزين, بل ساهماً في وجوه أهل قريته, الّتي لم يغادرها منذ يوم مولده الأوّل قبل ما ينيف عن بضع و خمسون عاماً من اليوم. هؤلاء القوم ما كان لسالم أن يتصوّر يوماً اغترابه عنهم, ليس إلى هذا الحدّ, و كأنّ الإغماء كان مولده الثّاني, فأحال الغمض "سالماً" طفلاً صغيراً يستعذب فضّ دمعه على عباءة أمّه. ومن فوق وجنتيه امتزجت ملوحة الدّمع بصفاء ما ينساب من رأسه, وقطرت من طرف ذقنه الدّماء الباكية, فاستقرّت من أمّه في الموضع الذي رأى أنّها قد دسّت تحته عظمة الكلب.كان لوجه المفوّض ملامح أمكنها أن تنزع الأفراح و تستعذب الأتراح, ولذا لم يدعُه "سالم" لحفل الزّفاف, و هذا ما تبدى في نظرات العتاب القاسية الّتي رمق بها المفوّض سالماً لحظة وصوله هناك, وبتلك النّظرات, شقّ طريقه بين الحشود, حتى وصل حيث يتمدد الخاطب وقد سحب ابن المستثمر إحدى حذائي الشّاب ودسّه في فمه, لأنّ المصرفيّ الشاب كان ما برح يسبّ و يلعن جميع من لم يصدّقوا حسن نيته في الرّقص مع عمّه, أمّا المفوّض فكان لامع الحذاء أسوده, ولم يكن حذاؤه كأحذية هؤلاء الفلاحين وارثي الأحذية البالية, بل كان حذاؤه أهلاً للثقة بجفاف باطنه, ولصاحبه أن يأمن منه على قدميه, فلا لدغ أفاعٍ ولا عفن مياه آسنة, ولا خوف من شقّ دروب الغابات, الّتي ما فتئ يحلم بذرعها, بغية خطو القمم الّتي يروم دوسها.بكعب هذا الحذاء راح المفوّض يداعب هراوة الشاب الملقاة أرضاً, وهو يتمعّنها بسخرية, ثم أمر الحضور بتحرير العريس من قيوده, فاستجاب له ابن سالم و حلّ قيود "المؤذي برقصه" تاركاً اياه ينتزع حذاءه بنفسه من بين أسنانه ويعيده إلى رجله.حين اعتلى مفوّض الشرطة منصّة العرس, توقّفت زوجة سالم عن لطم نفسها, و ابتلعت صرخاتها ليتمكّن الجمع من سماع ما سيقوله "لامع الحذاء" لكنها لم تغادر الشّرفة حيث تقف, فهي لم تسطع لبيتها تركاً, لأنّ سالم كان قد ......
#رواية
#سالم
#الجنوب
#الحلقة
#الرابعة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=724789
الحوار المتمدن
زاهر رفاعية - رواية (سالم من الجنوب) الحلقة الرابعة
زاهر رفاعية : رواية سالم من الجنوب الحلقة الخامسة
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية رأى المفوّض فيما يرى المغمى ديداناً تسبح في مقلتيه, فيما عبر الأفق ظلّ حمائم يقطع ضياء القمر, وحطّ فوق قمّة الجبل الّذي أذهب لون المساء خضرته وأبقى شموخه, حينها تناهى لسمع المفوّض قبل أن يغوص في صمته, آهة كآهة عاشقٍ ندت بفخر عن زوجة سالم, فاستعذب المفوّض وقع آهة الفخر كما استعذب من صهرها آهة القهر, وأحسّ المفوّض بثقل في رأسه وغصّة في قلبه الذّي لا مفاتح له, حيث لطالما جدّ فلم يجد عباءة امرأة يمسح بها دمعه الدّامي, لأنّه كان قد استنفذ جميع عباءاتهنّ بتلميع حذاءه الأسود. حتى في ذلك الغفو الحزين, ما فارقت رأس المفوّض صور من جدّ في اعتيادهم, فلم يجد في نفسه حبّاً لهم, فها هو العمدة قد استحال ذبابة تقف على المرآة, يرقب عن كثب انعكاس شيخوخة أوداجه, بدلاً من أن يجده المفوّض كما كان يأمله, وليّ انعكاس صورة كل رجل شرطة في الجنوب, وها هو الحاكم ابن الينابيع المتفجّرة, كما تبدّى للمفوّض في غمضه, يموت في عزلة على ضفاف محبّة أهل الجنوب, ويترك أعوانه المخلصين مع ديدانهم في هذا الاغماء المترامي الاستدارة, الذي تفوح منه رائحة الأسياد من كل ما ليس بكلبٍ, ولأنّ المفوّض كان مغمى, لم يتسنّ له أن يسمع همس "ابن سالم" في اذن "ابن الشّمالي" يخبره أنّ أٌذُن المفوّض الكبيرة تبدو فوّهة جيدة لتدريبات القنص بالبول. (إنّ قمّة الشجاعة أن تعترف بأنّك جبان!) حدّث مانع الأفراح بذلك نفسه, قبل أن يغوص في غمضه مغشياً.كان المفوّض معتاداً ما اعتاده "سالم" من قبلُ, ولم يفتأ يساءل نفسه حول الفعل المزمع, أصائبٌ يكون أم خاطئ؟ ولكنه أيضاً كان سالميّا في حكمه, فلم يشترط أن يكون فعله هذا أو ذاك, لذلك فقد أخذ يشتري كلّ شهر بمبلغ يعادل ضعف مرتبه -كمفوّض شرطة- صكوكاً لا تحمل أيّة أيمان بأيّة آلهة, يبيعه إيّاها المصرفيّ الأب بضمانة اسم الحاكم الّذي يزيّن رأسها بخطّ أسودٍ جميل, وحين ألمح له المصرفيّ الأب يوماً بخبث, أنّ مرتبه كمفوّض لا يكفي سوى لشراء نصف صكّ كل شهر, قهقه المفوّض متسائلاً إن كان المصرفيّ ينوي بيعه نصف الصكّ العلوي أم السفلي! ثم يقهقه الاثنان بتواطؤ غير معلن, فالمصرفي يعلم بتجارة المفوّض, بل قل من لم يكن يعلم أنّ المفوّض يشتري من كاهن القرية ماءً مباركا, يعود المفوّض فيبيعه للمستثمر الشماليّ بضعف ثمنه, حيث يقوم هذا الأخير بإضافة نقطة مباركة لكل دلو قار مستخرج, ليمنح القار اسوداداً كاسوداد الليالي بلا زفاف ولا قمر, ذلك أنّ أهل القرية كانوا دائمي التشكّي من أنّ سواد أزقتهم يبهت بسرعة, بسبب كثرة تجوال الشماليّ بمركبته في القرية, بينما وبعد معرفتهم بتجارة السّواد المباركة تلك, ازداد جمال لون أزقّتهم بناظريهم ضعف ما كان, وحققت تجارة السواد لكلّ من المفوّض و الكاهن أرباحاً لا بأس بها, كانا يشتريان بها المزيد و المزيد من صكوك عائلة المصرفيّين, إلّا أنّ الكاهن كان يشتري من صكوك الابن لا صكوك الأب, ذلك أنّ المصرفي الشاب المؤمن كان يزيّن طرفاها العلويين باسم الرّب مكتوباً بخطّ أسودٍ جميل.هذه التّجارة لم تزر ذاكرة المفوّض في ذلك الاغماء, لأنه لا مكان للذاكرة حين يعتلي الخيال مسرح الفهم, لذا فقد أخذت مخيلة المفوّض تمدّ رؤياه في لحظة غمضه تلك بنور بصيرة الاغماء, وأسبغت على تصوّرات المفوّض متانة تضاهي متانة حذاءه الأسود, لذلك انتعل المفوّض خياله وطار به فوق قرى الجنوب, الّتي بدت له من علٍ صغيرة و موحشة, كانعكاس ضوء بندقيّة الصّياد في عينيّ أرنبٍ برّي, فعافت نفسه التحليق فوقها, وشرع يطير نحو قمّة الجبل الشّامخ, وحام فوق سقف المحكمة المكسو ببعض زرق النّسو ......
#رواية
#سالم
#الجنوب
#الحلقة
#الخامسة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=725263
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية رأى المفوّض فيما يرى المغمى ديداناً تسبح في مقلتيه, فيما عبر الأفق ظلّ حمائم يقطع ضياء القمر, وحطّ فوق قمّة الجبل الّذي أذهب لون المساء خضرته وأبقى شموخه, حينها تناهى لسمع المفوّض قبل أن يغوص في صمته, آهة كآهة عاشقٍ ندت بفخر عن زوجة سالم, فاستعذب المفوّض وقع آهة الفخر كما استعذب من صهرها آهة القهر, وأحسّ المفوّض بثقل في رأسه وغصّة في قلبه الذّي لا مفاتح له, حيث لطالما جدّ فلم يجد عباءة امرأة يمسح بها دمعه الدّامي, لأنّه كان قد استنفذ جميع عباءاتهنّ بتلميع حذاءه الأسود. حتى في ذلك الغفو الحزين, ما فارقت رأس المفوّض صور من جدّ في اعتيادهم, فلم يجد في نفسه حبّاً لهم, فها هو العمدة قد استحال ذبابة تقف على المرآة, يرقب عن كثب انعكاس شيخوخة أوداجه, بدلاً من أن يجده المفوّض كما كان يأمله, وليّ انعكاس صورة كل رجل شرطة في الجنوب, وها هو الحاكم ابن الينابيع المتفجّرة, كما تبدّى للمفوّض في غمضه, يموت في عزلة على ضفاف محبّة أهل الجنوب, ويترك أعوانه المخلصين مع ديدانهم في هذا الاغماء المترامي الاستدارة, الذي تفوح منه رائحة الأسياد من كل ما ليس بكلبٍ, ولأنّ المفوّض كان مغمى, لم يتسنّ له أن يسمع همس "ابن سالم" في اذن "ابن الشّمالي" يخبره أنّ أٌذُن المفوّض الكبيرة تبدو فوّهة جيدة لتدريبات القنص بالبول. (إنّ قمّة الشجاعة أن تعترف بأنّك جبان!) حدّث مانع الأفراح بذلك نفسه, قبل أن يغوص في غمضه مغشياً.كان المفوّض معتاداً ما اعتاده "سالم" من قبلُ, ولم يفتأ يساءل نفسه حول الفعل المزمع, أصائبٌ يكون أم خاطئ؟ ولكنه أيضاً كان سالميّا في حكمه, فلم يشترط أن يكون فعله هذا أو ذاك, لذلك فقد أخذ يشتري كلّ شهر بمبلغ يعادل ضعف مرتبه -كمفوّض شرطة- صكوكاً لا تحمل أيّة أيمان بأيّة آلهة, يبيعه إيّاها المصرفيّ الأب بضمانة اسم الحاكم الّذي يزيّن رأسها بخطّ أسودٍ جميل, وحين ألمح له المصرفيّ الأب يوماً بخبث, أنّ مرتبه كمفوّض لا يكفي سوى لشراء نصف صكّ كل شهر, قهقه المفوّض متسائلاً إن كان المصرفيّ ينوي بيعه نصف الصكّ العلوي أم السفلي! ثم يقهقه الاثنان بتواطؤ غير معلن, فالمصرفي يعلم بتجارة المفوّض, بل قل من لم يكن يعلم أنّ المفوّض يشتري من كاهن القرية ماءً مباركا, يعود المفوّض فيبيعه للمستثمر الشماليّ بضعف ثمنه, حيث يقوم هذا الأخير بإضافة نقطة مباركة لكل دلو قار مستخرج, ليمنح القار اسوداداً كاسوداد الليالي بلا زفاف ولا قمر, ذلك أنّ أهل القرية كانوا دائمي التشكّي من أنّ سواد أزقتهم يبهت بسرعة, بسبب كثرة تجوال الشماليّ بمركبته في القرية, بينما وبعد معرفتهم بتجارة السّواد المباركة تلك, ازداد جمال لون أزقّتهم بناظريهم ضعف ما كان, وحققت تجارة السواد لكلّ من المفوّض و الكاهن أرباحاً لا بأس بها, كانا يشتريان بها المزيد و المزيد من صكوك عائلة المصرفيّين, إلّا أنّ الكاهن كان يشتري من صكوك الابن لا صكوك الأب, ذلك أنّ المصرفي الشاب المؤمن كان يزيّن طرفاها العلويين باسم الرّب مكتوباً بخطّ أسودٍ جميل.هذه التّجارة لم تزر ذاكرة المفوّض في ذلك الاغماء, لأنه لا مكان للذاكرة حين يعتلي الخيال مسرح الفهم, لذا فقد أخذت مخيلة المفوّض تمدّ رؤياه في لحظة غمضه تلك بنور بصيرة الاغماء, وأسبغت على تصوّرات المفوّض متانة تضاهي متانة حذاءه الأسود, لذلك انتعل المفوّض خياله وطار به فوق قرى الجنوب, الّتي بدت له من علٍ صغيرة و موحشة, كانعكاس ضوء بندقيّة الصّياد في عينيّ أرنبٍ برّي, فعافت نفسه التحليق فوقها, وشرع يطير نحو قمّة الجبل الشّامخ, وحام فوق سقف المحكمة المكسو ببعض زرق النّسو ......
#رواية
#سالم
#الجنوب
#الحلقة
#الخامسة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=725263
الحوار المتمدن
زاهر رفاعية - رواية (سالم من الجنوب) الحلقة الخامسة
زاهر رفاعية : رواية سالم من الجنوب الحلقة السادسة.
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية (لطالما كنت تعيش طوال حياتك كجرذ مختبئ ويلذّ لك هذا الدّور, ثم تفتح عينيك لحظة فتجد أنّ ليدك مخالب ولفمك أنياب, فتتبرّأ من نفسك و تبحث عن الجرذ داخلك, اعذرني يا "سالم" فهاك الجرذ لم يكن دوراً تتقن أداءه, بل إنّ سالماً لهو جرذ أصيل خلق لنفسه أسلحة, لم تخصصها الحياة لبني جنسه) هكذا كان سالم يحدّث نفسه بينما لا تزال يده تمسك الهراوة الّتي أهوى بها للتوّ فوق رأس المفوّض, في اللحظة الّتي أعقبت سقوط جسد الأخير أرضاً. أتراك شعرت مرّة أو مرّات بذاتك وهي توشك أن تتفكك, وأنّ اللحظة القادمة محالٌ أن تكون ملكك, بل مُلكاً لدمعة مرّة, تضنّ على أحدٍ أن يراها, ولكن يأبى اليأس إلّا أن يغريك بالاستسلام, فتسمح لدمعتك أن تنساب برضى منك خشية أن تغلبك عيناك و تفرضا عليك مهانة الهزيمة. هذا بالضبط ما حصل مع سالم بعد أن أخبر نفسه قصة الجرذ صاحب الأنياب. الأمر لم يعد شجاراً بين الشابّ وعمّه ليلة الزّفاف, والّذي يُقسِم الخاطب أنّ خبط هراوته على رأس عمّه كان صدفة ولم يتعمّد منه شيء, وأنّه قد انسجم مع عمّه في الرّقص تغمره السّعادة بزفافه من "ابنة سالم" هذا المساء, فلم يدر إلّا وقد أصابت هراوته رأس عمّه. لا لم يعد الأمر كذلك, فسيّان أكان صهره قد آذاه عامداً أم راقصاً, لن يتسنّى لهذا الجمع أن يعرف ذلك, لأنّ معرفة حقيقة ذلك لم تكن لتكشفها سوى الأيّام, وهذه الأخيرة لم يكن أحد يأمل بعيشها بعد أن فعل سالم فعلته وشجّ رأس المفوّض, فكأنه شجّ بتلك الهراوة رأس العمدة ومن خلفه الحاكم ابن الينابيع الآسنة. والآن لم يعد هناك ما يقال, فكل عتبٍ على سالم لا طائل منه, فحين سيصل الأمر للعمدة وما سيكون أسرعه من وصول, فإنّ أقل ما سيحصل لجميع سكّان قريتهم هو أن يستنكف الحاكم عن الحيلولة دون الخوازيق الشماليّة التي تترصّد أدبارهم, لذلك شارك جميع من كان هناك ابن قريتهم سالماً في صمته, بل ودموعه, في مشهد مهيب ,يبعث الخوف من عالمٍ يبكي فيه النّاس مصائرهم بصمت. - والآن.. ماذا؟شقّ سؤال المصرفيّ الشاب صمت الاحتضار, وكأنّ الدّهشة عدوّ الموت, و بالفعل كانت, فقد حرّك سؤاله شيئاً يكمن في دواخلهم, لم يتصوّروا يوماً أنّ هناك دائماً ثمّة شيئاً يُفعَل, ولذلك يبقى الأحياءُ أحياءً طالما يفعلوه, ودار برأس الجميع أنّ المراكب من خلفهم قد رحلت, فبصق سالم على رأس المفوّض, ولم يدرِ هو نفسه أيّ موهبة في القنص بالبصاق كانت لديه, ورمى حينها الهراوة من يده, ماسحاً فمه بكمّ رداءه, ثمّ التفت مخاطباً الوجوه الذاهلة (يا معشر أهلي و أبناء قريتي, ها أنتم ترون جزاء من يعيب على أهل قريتنا كيف يزوّجون بناتهم و أبنائهم, فمن كان منكم يا معشر أهل قرية الجنوب متبرّأً من كرامته, مستأنساً بما فاه به هذا البغل ذو الأوسمة, فليتبرّأ منّي لأنني منه براء, ومن كان منكم موافقاً على ما اقترفته يداي فليأتِ وليبصق على رأس المفوّض) , نهض الخاطب وكان حتى حينها لايزال يفترش الأرض, فكان أول الباصقين, فاختلط بصاقه بدماء فمه من أثر ركلة المفوّض, ثم تبعه أهل القرية عدا المصرفيّ الأب, أمّا المستثمر الشماليّ فأبى أن يبصق لأنّه عدّ بصاقهم على مفوّض شرطتهم مسألة جنوبيّة, ولكنه أعرب في لفتة كريمة عن تضامنه مع اللعاب الممطر على أمّ رأس المفوّض المغمى, بينما لم يقتنع "ابن المستثمر" بجنوبيّة المسألة لأنّه أراد أن يشارك "ابن سالم" التصويب بالبول على أذن المفوّض الكبيرة, لكنّ سالم اعترض على مقترح الصبيين, وعدّ ذلك قلّة أدب من الأولاد لمن هو أكبر منهم سنّاً, كما شرح للغلامين رمزيّة البصاق, فامتعض اليافعان وهزّا رأسيهما بالموافقة قب ......
#رواية
#سالم
#الجنوب
#الحلقة
#السادسة.
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=725449
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية (لطالما كنت تعيش طوال حياتك كجرذ مختبئ ويلذّ لك هذا الدّور, ثم تفتح عينيك لحظة فتجد أنّ ليدك مخالب ولفمك أنياب, فتتبرّأ من نفسك و تبحث عن الجرذ داخلك, اعذرني يا "سالم" فهاك الجرذ لم يكن دوراً تتقن أداءه, بل إنّ سالماً لهو جرذ أصيل خلق لنفسه أسلحة, لم تخصصها الحياة لبني جنسه) هكذا كان سالم يحدّث نفسه بينما لا تزال يده تمسك الهراوة الّتي أهوى بها للتوّ فوق رأس المفوّض, في اللحظة الّتي أعقبت سقوط جسد الأخير أرضاً. أتراك شعرت مرّة أو مرّات بذاتك وهي توشك أن تتفكك, وأنّ اللحظة القادمة محالٌ أن تكون ملكك, بل مُلكاً لدمعة مرّة, تضنّ على أحدٍ أن يراها, ولكن يأبى اليأس إلّا أن يغريك بالاستسلام, فتسمح لدمعتك أن تنساب برضى منك خشية أن تغلبك عيناك و تفرضا عليك مهانة الهزيمة. هذا بالضبط ما حصل مع سالم بعد أن أخبر نفسه قصة الجرذ صاحب الأنياب. الأمر لم يعد شجاراً بين الشابّ وعمّه ليلة الزّفاف, والّذي يُقسِم الخاطب أنّ خبط هراوته على رأس عمّه كان صدفة ولم يتعمّد منه شيء, وأنّه قد انسجم مع عمّه في الرّقص تغمره السّعادة بزفافه من "ابنة سالم" هذا المساء, فلم يدر إلّا وقد أصابت هراوته رأس عمّه. لا لم يعد الأمر كذلك, فسيّان أكان صهره قد آذاه عامداً أم راقصاً, لن يتسنّى لهذا الجمع أن يعرف ذلك, لأنّ معرفة حقيقة ذلك لم تكن لتكشفها سوى الأيّام, وهذه الأخيرة لم يكن أحد يأمل بعيشها بعد أن فعل سالم فعلته وشجّ رأس المفوّض, فكأنه شجّ بتلك الهراوة رأس العمدة ومن خلفه الحاكم ابن الينابيع الآسنة. والآن لم يعد هناك ما يقال, فكل عتبٍ على سالم لا طائل منه, فحين سيصل الأمر للعمدة وما سيكون أسرعه من وصول, فإنّ أقل ما سيحصل لجميع سكّان قريتهم هو أن يستنكف الحاكم عن الحيلولة دون الخوازيق الشماليّة التي تترصّد أدبارهم, لذلك شارك جميع من كان هناك ابن قريتهم سالماً في صمته, بل ودموعه, في مشهد مهيب ,يبعث الخوف من عالمٍ يبكي فيه النّاس مصائرهم بصمت. - والآن.. ماذا؟شقّ سؤال المصرفيّ الشاب صمت الاحتضار, وكأنّ الدّهشة عدوّ الموت, و بالفعل كانت, فقد حرّك سؤاله شيئاً يكمن في دواخلهم, لم يتصوّروا يوماً أنّ هناك دائماً ثمّة شيئاً يُفعَل, ولذلك يبقى الأحياءُ أحياءً طالما يفعلوه, ودار برأس الجميع أنّ المراكب من خلفهم قد رحلت, فبصق سالم على رأس المفوّض, ولم يدرِ هو نفسه أيّ موهبة في القنص بالبصاق كانت لديه, ورمى حينها الهراوة من يده, ماسحاً فمه بكمّ رداءه, ثمّ التفت مخاطباً الوجوه الذاهلة (يا معشر أهلي و أبناء قريتي, ها أنتم ترون جزاء من يعيب على أهل قريتنا كيف يزوّجون بناتهم و أبنائهم, فمن كان منكم يا معشر أهل قرية الجنوب متبرّأً من كرامته, مستأنساً بما فاه به هذا البغل ذو الأوسمة, فليتبرّأ منّي لأنني منه براء, ومن كان منكم موافقاً على ما اقترفته يداي فليأتِ وليبصق على رأس المفوّض) , نهض الخاطب وكان حتى حينها لايزال يفترش الأرض, فكان أول الباصقين, فاختلط بصاقه بدماء فمه من أثر ركلة المفوّض, ثم تبعه أهل القرية عدا المصرفيّ الأب, أمّا المستثمر الشماليّ فأبى أن يبصق لأنّه عدّ بصاقهم على مفوّض شرطتهم مسألة جنوبيّة, ولكنه أعرب في لفتة كريمة عن تضامنه مع اللعاب الممطر على أمّ رأس المفوّض المغمى, بينما لم يقتنع "ابن المستثمر" بجنوبيّة المسألة لأنّه أراد أن يشارك "ابن سالم" التصويب بالبول على أذن المفوّض الكبيرة, لكنّ سالم اعترض على مقترح الصبيين, وعدّ ذلك قلّة أدب من الأولاد لمن هو أكبر منهم سنّاً, كما شرح للغلامين رمزيّة البصاق, فامتعض اليافعان وهزّا رأسيهما بالموافقة قب ......
#رواية
#سالم
#الجنوب
#الحلقة
#السادسة.
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=725449
الحوار المتمدن
زاهر رفاعية - رواية (سالم من الجنوب) الحلقة السادسة.
زاهر رفاعية : رواية سالم من الجنوب الحلقة السابعة
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية ليس هناك من يكترث للحياة بلا ثمن, ولكن ما إن تكفّ الحياة عن الدّفع حتى يعيش المرء الحياةَ وكأنّه سبّة تمشي على قدمين. شتيمة الحياة تلك تمثّلت بشخص المتسوّل, كان رجلاً مطأطئ الرأس حاسره, تنسدل حول كتفيه شلالات شعره المائل للصفرة, أمّا لحيته فما زادتها أعوامه -الّتي لا يعلمها أحدٌ سواه- إلّا اقتراباً من سرّته, ورغم أنه لا يُعلم عنه الكثير, إلّا أنّ "أم سالم" الّتي مضى خمس وثمانون عاماً على مولدها, تجزم و تكرر أنّ هذا المتسوّل ليس إلّا الشقيّ الهارب, كان قد اختفى من قريتهم, بعد أن اتّهمه أهل القرية بجريمة قتل امرأة مع جنينها في عيادة القرية اليتيمة, حيث سرق الجاني دون أن يتنبّه أحد زجاجة الكحول وشربها مع أصدقاءه احتفالاً ببلوغه الثامنة عشر من العمر, وحين أتت المرأة لم يجد الطبيب ما يعقّم به تشقق جلد بطنها الحاد قبل ربطه بالضماد, فتعفّنت جروحها و تعفّن تحتهم بيت طفلها قبل أن تنتهي مسألة الأوراق و توافق حكومة الجنوب على إرسال زجاجة كحول بديلة. كل ذلك لم يكن بمقدور أحد آنذاك أن يثبت ضلوع الشقيّ فيه, لولا أنّ أمّه وجدت الزجاجة الفارغة بعد حين, كان قد أخفاها تحت حظيرة الخنازير, فأخذت أمّه الزجاجة من فورها لمفوّض الشّرطة آنذاك والّذي لم يكن سوى جدّ الطفل لأبيه, فقرر هذا الأخير وضع الحفيد في زنزانة مفوّضيّة الشرطة ريثما يجد له حذاءً متيناً ينتعله في طريق الصعود للمحكمة فوق القمّة, ولكن ذلك لم يمنع الجدّ من إرسال مفتاح الزنزانة للولد مع الأب خلال زيارته لابنه, فدسّه له أبوه في خبزة و ناوله إيّاها من نافذة الزنزانة الضيقة, وشاع بين أهل القرية لوقت طويل بعدها أنّ الشقي تسلل هارباً بعدما سرق المفاتيح من الحارس المخمور ولم يسمع عنه أحدٌ بعدها, حتى عاد فظهر بعد موت كل الشّهود في قضيته بزمن طويل, والذّين لم يكونوا سوى والديه وجدّه. أما المتسول فكان يتهمها بالخرف ويقسم على صحّة روايتها، ولكنّه لا يفتأ يقسم أنّه ابن الحارس المخمور الّذي أعدمه المفوّض رمياً بالرّصاص، ليس عقاباً لإهماله، وإنّما لأنّهم اتهموه بالتواطؤ مع الهارب لحساب الشّيطان، في حين لم يكونوا جادّين كثيراً في البحث عن هويّة ذلك الشيطان، المهم وفي نهاية المطاف أعدموا الحارس في صبيحة اليوم الّذي أخذت فيه زوجته طفلهما ابن العاشرة ورحلت بعيداً. هذا الدرويش كانت تفوح منه رائحة المستنقعات هذه الليلة, ولكنه مع ذلك لم يكن حاقداً على أهل قريته, بل جلس حزيناً قرب حافّة الجدول النتن وقد نسيه أهل القرية تماماً بعدما رموه هناك قبل ساعة من الآن. أما هو فقد خلع ملابسه و علقهم على غصن شجرة متدلٍ. حين رآهم تحت ضوء القمر يعودون وبين أيديهم رجلٌ مغمى ببذلة مفوّض شرطة, هبّ الدرويش عاري القفا مشدوه النّظرات, واختبأ خلف صخرة كان يسند ظهره عليها, وسمع بأذنيه ما سيتمنى أنّه لو لم يسمع, صوت ارتطام جسد المفوّض ذو الحذاء الأسطوري بالطحالب الطافية على سطح الجدول الرّاكد, قبلّ أن يقفل أهل القرية عائدين كلّ إلى بيته, بعد أن أعلن سالم تأجيل الرّقص حتى يتضح ما ستسير عليه الأمور. .رابط الحلقة الأولى:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712551.رابط الحلقة الثانية:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=713091.رابط الحلقة الثالثة:<a href="https://www.ahewar. ......
#رواية
#سالم
#الجنوب
#الحلقة
#السابعة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=726033
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية ليس هناك من يكترث للحياة بلا ثمن, ولكن ما إن تكفّ الحياة عن الدّفع حتى يعيش المرء الحياةَ وكأنّه سبّة تمشي على قدمين. شتيمة الحياة تلك تمثّلت بشخص المتسوّل, كان رجلاً مطأطئ الرأس حاسره, تنسدل حول كتفيه شلالات شعره المائل للصفرة, أمّا لحيته فما زادتها أعوامه -الّتي لا يعلمها أحدٌ سواه- إلّا اقتراباً من سرّته, ورغم أنه لا يُعلم عنه الكثير, إلّا أنّ "أم سالم" الّتي مضى خمس وثمانون عاماً على مولدها, تجزم و تكرر أنّ هذا المتسوّل ليس إلّا الشقيّ الهارب, كان قد اختفى من قريتهم, بعد أن اتّهمه أهل القرية بجريمة قتل امرأة مع جنينها في عيادة القرية اليتيمة, حيث سرق الجاني دون أن يتنبّه أحد زجاجة الكحول وشربها مع أصدقاءه احتفالاً ببلوغه الثامنة عشر من العمر, وحين أتت المرأة لم يجد الطبيب ما يعقّم به تشقق جلد بطنها الحاد قبل ربطه بالضماد, فتعفّنت جروحها و تعفّن تحتهم بيت طفلها قبل أن تنتهي مسألة الأوراق و توافق حكومة الجنوب على إرسال زجاجة كحول بديلة. كل ذلك لم يكن بمقدور أحد آنذاك أن يثبت ضلوع الشقيّ فيه, لولا أنّ أمّه وجدت الزجاجة الفارغة بعد حين, كان قد أخفاها تحت حظيرة الخنازير, فأخذت أمّه الزجاجة من فورها لمفوّض الشّرطة آنذاك والّذي لم يكن سوى جدّ الطفل لأبيه, فقرر هذا الأخير وضع الحفيد في زنزانة مفوّضيّة الشرطة ريثما يجد له حذاءً متيناً ينتعله في طريق الصعود للمحكمة فوق القمّة, ولكن ذلك لم يمنع الجدّ من إرسال مفتاح الزنزانة للولد مع الأب خلال زيارته لابنه, فدسّه له أبوه في خبزة و ناوله إيّاها من نافذة الزنزانة الضيقة, وشاع بين أهل القرية لوقت طويل بعدها أنّ الشقي تسلل هارباً بعدما سرق المفاتيح من الحارس المخمور ولم يسمع عنه أحدٌ بعدها, حتى عاد فظهر بعد موت كل الشّهود في قضيته بزمن طويل, والذّين لم يكونوا سوى والديه وجدّه. أما المتسول فكان يتهمها بالخرف ويقسم على صحّة روايتها، ولكنّه لا يفتأ يقسم أنّه ابن الحارس المخمور الّذي أعدمه المفوّض رمياً بالرّصاص، ليس عقاباً لإهماله، وإنّما لأنّهم اتهموه بالتواطؤ مع الهارب لحساب الشّيطان، في حين لم يكونوا جادّين كثيراً في البحث عن هويّة ذلك الشيطان، المهم وفي نهاية المطاف أعدموا الحارس في صبيحة اليوم الّذي أخذت فيه زوجته طفلهما ابن العاشرة ورحلت بعيداً. هذا الدرويش كانت تفوح منه رائحة المستنقعات هذه الليلة, ولكنه مع ذلك لم يكن حاقداً على أهل قريته, بل جلس حزيناً قرب حافّة الجدول النتن وقد نسيه أهل القرية تماماً بعدما رموه هناك قبل ساعة من الآن. أما هو فقد خلع ملابسه و علقهم على غصن شجرة متدلٍ. حين رآهم تحت ضوء القمر يعودون وبين أيديهم رجلٌ مغمى ببذلة مفوّض شرطة, هبّ الدرويش عاري القفا مشدوه النّظرات, واختبأ خلف صخرة كان يسند ظهره عليها, وسمع بأذنيه ما سيتمنى أنّه لو لم يسمع, صوت ارتطام جسد المفوّض ذو الحذاء الأسطوري بالطحالب الطافية على سطح الجدول الرّاكد, قبلّ أن يقفل أهل القرية عائدين كلّ إلى بيته, بعد أن أعلن سالم تأجيل الرّقص حتى يتضح ما ستسير عليه الأمور. .رابط الحلقة الأولى:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712551.رابط الحلقة الثانية:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=713091.رابط الحلقة الثالثة:<a href="https://www.ahewar. ......
#رواية
#سالم
#الجنوب
#الحلقة
#السابعة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=726033
الحوار المتمدن
الحوار المتمدن
الحوار المتمدن - الحوار المتمدن مؤسسة مجتمع مدني تطوعية غير حكومية وغير نفعية وغير ربحية
</b> تعنى بقضايا الثقافة والإعلام، و نشر الوعي السياسي والاجتماعي والثقافي الإنساني و التقدمي الحديث
</b> تعنى بقضايا الثقافة والإعلام، و نشر الوعي السياسي والاجتماعي والثقافي الإنساني و التقدمي الحديث
زاهر رفاعية : رواية سالم من الجنوب الحلقة الثامنة
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية مضى طريق العودة لساحة الرّقص بصمت لفّ الرّجلين في سيارة المستثمر، حين ترجّل الشيخ من السيارة لم يلحظ بادئ الأمر ذلك الرّجل المترع بالأوسمة، والممدد بإغماء فوق أرضيّة منصّة الزّفاف الخشبية. لكن حين رأى الدّم المتخثر على رأس "سالم", راح ينقل بصره بين شجّة رأس سالم و شجّة رأس المفوّض الذي صار دم رأس هذا الأخير أكثر لزوجة حين امتزج بما أمطره به أهل قرية سالم من بصاق, وقبل أن يشرح أحدٌ للشيخ ما جرى, هزّ كتفيه وقال (القصاص حقّ, كان من كان الجاني, وكما أرى يا سالم فالمفوّض قد آذى رأسك بمثل ما آذيت به رأسه) نفى سالم الأمر و أوضح لشيخ القرية أنّه هو فقط من أدمى رأس المفوّض, وحين همّ الشيخ بالسؤال عن شجّة رأس سالم, تابع سالم شرح الأسباب الّتي دفعته لشجّ رأس المفوّض حين حرّم عليهم الرّقص في زفاف أبنائهم وبناتهم, فوافق شيخهم على فعلة سالم دون أن يأتي هذا الأخير على ذكر السبب الذي أتى بالمفوّض إلى حيث زفاف ابنته, والذي هو انتظار مباركة الكاهن للمصرفي الأب بصاقه فوق رأس مفوّض الشرطة. ما إن انتهى الشيخ الجليل من مباركة هراوة "سالم" حتى اندفع المصرفيّ الأب وقد اجتمع في حلقه من اللعاب ما قذفته شفتاه فوق رأس المفوّض، بحقد وقرف لم يتعمّد المبالغة في ابراز أي منهما، ومع ذلك فقد تساءل الشيخ في سرّه عن أسباب ذلك.لم يدرِ العجوز أنّ المصرفيّ الأب وكونه أمين سرّ المفوّض, قد اكتشف من حسابات خزائنه, أنّ المفوّض قد اشترى صكوكاً بمبالغ تقارب ضعف ما أخبر المصرفيّ الابن أباه أنّ الشيخ الكاهن يودعها في خزينة الادّخار, ومن يدر لعلّ المفوّض كان حقاً يخلط في الزجاجة ماء البئر التّابع لمفوّضية الشرطة قبل إعادة بيعه للمستثمر, و لم يكن للمصرفيّ أن يلفت انتباه المستثمر لذلك, أولاً كيلا يفقد المستثمر الثقة بأمانة عائلة المصرفيّين على أسرار زبائنهم, وثانياً لأنّ المصرفيّ يعلم علم اليقين أنّ نجاح تلك التجارة كان يعتمد بلا ريب على توسّط المفوّض بين الشيخ و المستثمر, ولم يشأ المصرفيّ لبنك العائلة أن يخسر ثلاثة من أهمّ زبنه. على أيّة حال فالشيخ العجوز لم يبصق على رأس وكيل تجارته لأنّه تذرّع بشيخوخته وصعوبة ايصال اللعاب لرأس المفوّض، وقام بمباركة المصرفيّ الأب حين قام هذا الأخير بتكرار فعلته على أمّ رأس المفوّض بالإنابة عن الكاهن صاحب المياه المباركة. حدث كل ذلك وزوجة سالم ما زالت متسمّرة في مكانها فوق الشّرفة تحسب أنّها تحمي ابنتها في ساعاتها الاخيرة بمنزل "سالم", وكانت الابنة قد تركت الشّرفة ودلفت داخل الحجرة منذ بعض الوقت كما أخبرت به أمّها, لتتأمّل كحل عينيها الأسود في المرآة, ولكن ما إن عاد سالم للبيت بعد أن رمى المفوّض في المستنقع, وصعد الدرجات القليلة حتى دلف الباب مغلقاً إياه بكعب رجله, بينما هرعت زوجته في اللحظة ذاتها من الشرفة, حينها اكتشف الزّوجان أنّ نافذة البيت الخلفيّة كانت مفتوحة المصراعين, تطلّ على العبير الّذي خلّفه شعر ابنتهم في الفناء الخلفيّ. في تلك اللحظة تفكك كيان سالم للمرّة الثانية هذا المساء, وانسابت دمعته تزامناً مع صوت هدير مركبة المستثمر الّتي راحت تقلّ الشيخ في طريق العودة لسرير غرفته أسفل الصومعة, وأحسّ حينها سالم ما يشبه حكّةً في الشّعور تبدّت لزوجه من عينيه المغرورقين بدمعه, فمدّت ذراعيها كي تحتضن رأسه, ولكنّه فعل كما تعوّد أن يفعل, أخذ دموعه وذهب يبحث عن عباءة أمّه. .رابط الحلقة الأولى:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=71255 ......
#رواية
#سالم
#الجنوب
#الحلقة
#الثامنة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=726181
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية مضى طريق العودة لساحة الرّقص بصمت لفّ الرّجلين في سيارة المستثمر، حين ترجّل الشيخ من السيارة لم يلحظ بادئ الأمر ذلك الرّجل المترع بالأوسمة، والممدد بإغماء فوق أرضيّة منصّة الزّفاف الخشبية. لكن حين رأى الدّم المتخثر على رأس "سالم", راح ينقل بصره بين شجّة رأس سالم و شجّة رأس المفوّض الذي صار دم رأس هذا الأخير أكثر لزوجة حين امتزج بما أمطره به أهل قرية سالم من بصاق, وقبل أن يشرح أحدٌ للشيخ ما جرى, هزّ كتفيه وقال (القصاص حقّ, كان من كان الجاني, وكما أرى يا سالم فالمفوّض قد آذى رأسك بمثل ما آذيت به رأسه) نفى سالم الأمر و أوضح لشيخ القرية أنّه هو فقط من أدمى رأس المفوّض, وحين همّ الشيخ بالسؤال عن شجّة رأس سالم, تابع سالم شرح الأسباب الّتي دفعته لشجّ رأس المفوّض حين حرّم عليهم الرّقص في زفاف أبنائهم وبناتهم, فوافق شيخهم على فعلة سالم دون أن يأتي هذا الأخير على ذكر السبب الذي أتى بالمفوّض إلى حيث زفاف ابنته, والذي هو انتظار مباركة الكاهن للمصرفي الأب بصاقه فوق رأس مفوّض الشرطة. ما إن انتهى الشيخ الجليل من مباركة هراوة "سالم" حتى اندفع المصرفيّ الأب وقد اجتمع في حلقه من اللعاب ما قذفته شفتاه فوق رأس المفوّض، بحقد وقرف لم يتعمّد المبالغة في ابراز أي منهما، ومع ذلك فقد تساءل الشيخ في سرّه عن أسباب ذلك.لم يدرِ العجوز أنّ المصرفيّ الأب وكونه أمين سرّ المفوّض, قد اكتشف من حسابات خزائنه, أنّ المفوّض قد اشترى صكوكاً بمبالغ تقارب ضعف ما أخبر المصرفيّ الابن أباه أنّ الشيخ الكاهن يودعها في خزينة الادّخار, ومن يدر لعلّ المفوّض كان حقاً يخلط في الزجاجة ماء البئر التّابع لمفوّضية الشرطة قبل إعادة بيعه للمستثمر, و لم يكن للمصرفيّ أن يلفت انتباه المستثمر لذلك, أولاً كيلا يفقد المستثمر الثقة بأمانة عائلة المصرفيّين على أسرار زبائنهم, وثانياً لأنّ المصرفيّ يعلم علم اليقين أنّ نجاح تلك التجارة كان يعتمد بلا ريب على توسّط المفوّض بين الشيخ و المستثمر, ولم يشأ المصرفيّ لبنك العائلة أن يخسر ثلاثة من أهمّ زبنه. على أيّة حال فالشيخ العجوز لم يبصق على رأس وكيل تجارته لأنّه تذرّع بشيخوخته وصعوبة ايصال اللعاب لرأس المفوّض، وقام بمباركة المصرفيّ الأب حين قام هذا الأخير بتكرار فعلته على أمّ رأس المفوّض بالإنابة عن الكاهن صاحب المياه المباركة. حدث كل ذلك وزوجة سالم ما زالت متسمّرة في مكانها فوق الشّرفة تحسب أنّها تحمي ابنتها في ساعاتها الاخيرة بمنزل "سالم", وكانت الابنة قد تركت الشّرفة ودلفت داخل الحجرة منذ بعض الوقت كما أخبرت به أمّها, لتتأمّل كحل عينيها الأسود في المرآة, ولكن ما إن عاد سالم للبيت بعد أن رمى المفوّض في المستنقع, وصعد الدرجات القليلة حتى دلف الباب مغلقاً إياه بكعب رجله, بينما هرعت زوجته في اللحظة ذاتها من الشرفة, حينها اكتشف الزّوجان أنّ نافذة البيت الخلفيّة كانت مفتوحة المصراعين, تطلّ على العبير الّذي خلّفه شعر ابنتهم في الفناء الخلفيّ. في تلك اللحظة تفكك كيان سالم للمرّة الثانية هذا المساء, وانسابت دمعته تزامناً مع صوت هدير مركبة المستثمر الّتي راحت تقلّ الشيخ في طريق العودة لسرير غرفته أسفل الصومعة, وأحسّ حينها سالم ما يشبه حكّةً في الشّعور تبدّت لزوجه من عينيه المغرورقين بدمعه, فمدّت ذراعيها كي تحتضن رأسه, ولكنّه فعل كما تعوّد أن يفعل, أخذ دموعه وذهب يبحث عن عباءة أمّه. .رابط الحلقة الأولى:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=71255 ......
#رواية
#سالم
#الجنوب
#الحلقة
#الثامنة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=726181
الحوار المتمدن
ثائر زكي الزعزوع - في العراق الجديد لماذا يريد -عمر- أن يصير -همر-؟
زاهر رفاعية : رواية سالم من الجنوب الحلقة التاسعة
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية تفرّق أهل القرية كلّ إلى بيته بانتظار ما سيسفر عنه صحو المفوّض، بعد أن راحوا يتمنّون لأنفسهم عواقب أقلّ من توقعاتهم، ويروّحون عن بعضهم بتطمينات فارغة، حتى توصّل بعضهم إلى أنّ العمدة سيختصر المشكل ويأمر بعزل مفوّض شرطته ثم يرسل بآخر إلى قريتهم، و إذا ما أراد الاحتفاظ بمفوّضه، فليرسله للعمل في مفوّضية شرطة غير هاهنا. أما درويش القرية و بعد أن رحل القوم, رأى ماء المستنقع يتسلل عبر أنف وفم المفوّض الطّافي على ظهره, فهرع من فوره ونزل المياه الآسنة للمرّة الأولى بإرادته هذا المساء, حتى بلغت المياه منتصف فخذيه بينما غاصت قدماه في الوحل عند قاع المستنقع, حينها كانت يده قد بلغت حذاء المفوض وأمسكت به, ولكنّ الحذاء كان أملساً لكثرة ما قام صاحبه بمسحه وتلميعه, فانزلق من بين يديّ الدّرويش, وحين حاول صاحبنا سحب المفوّض من ياقة بذلته الرّسمية, تقطّع زرارها, وأخذت رجلا الدّرويش تغوصان أكثر فأكثر, حتى غدا من المتعذر سحب احداهنّ من بين براثن الطّين الغادر, ولكنّ الدرويش بقي متشبثاً بشاربيّ المفوّض كي يبقي فتحتي أنف الأخير وفمه فوق سطح الماء. تناهى حينها لسمع الدّرويش صوت وقع أقدام من مكان ليس ببعيد, تبعه سقوط شيء ما بدوّي ليس بالخافت, فظنّ بادئ الأمر أنّ خنزيراً بريّاً قد وقع في حفرة صيّاد, ولكنه عرف أنّه لم يكن صوت خنزير قط, فالخنزير لا صوت له حين يخور وحيداً دون أن يسمعه أحد. هذا الصوت بالذات لا يعتمد في وجوده على أغشية الطبل, بل على شغاف القلوب, صوتٍ كصوتِ ملاك مسكين قد تكسّر جناحاه, فأخذ يبكي بعذوبة بكاء أنثى. اعترت الدّرويش مسحة من الحياء جرّاء وقوفه عاري القفا يمسك رجلاً من شاربه في مستنقع مظلم وسط الغابة, لذلك آثر عدم الصّراخ طلباً للنّجدة, أضف لحيائه ذلك الأمل المستمدّ من التمنّي, أنّ غيبوبة المفوّض لن تطول كثيراً. هكذا سكن الدّرويش على تلك الحال, بينما راحت رجلاه تغوصان في الطّين ببطء وتبعثان في نفسه نشوة خفيّة.رابط الحلقة الأولى:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712551.رابط الحلقة الثانية:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=713091.رابط الحلقة الثالثة:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=724510رابط الحلقة الرابعة:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=724789رابط الحلقة الخامسة:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=725263رابط الحلقة السادسة:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=725449رابط الحلقة السابعة:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=726033رابط الحلقة الثامنة: <a href="https://www.ahewar.org/debat/show.art.as ......
#رواية
#سالم
#الجنوب
#الحلقة
#التاسعة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=726582
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية تفرّق أهل القرية كلّ إلى بيته بانتظار ما سيسفر عنه صحو المفوّض، بعد أن راحوا يتمنّون لأنفسهم عواقب أقلّ من توقعاتهم، ويروّحون عن بعضهم بتطمينات فارغة، حتى توصّل بعضهم إلى أنّ العمدة سيختصر المشكل ويأمر بعزل مفوّض شرطته ثم يرسل بآخر إلى قريتهم، و إذا ما أراد الاحتفاظ بمفوّضه، فليرسله للعمل في مفوّضية شرطة غير هاهنا. أما درويش القرية و بعد أن رحل القوم, رأى ماء المستنقع يتسلل عبر أنف وفم المفوّض الطّافي على ظهره, فهرع من فوره ونزل المياه الآسنة للمرّة الأولى بإرادته هذا المساء, حتى بلغت المياه منتصف فخذيه بينما غاصت قدماه في الوحل عند قاع المستنقع, حينها كانت يده قد بلغت حذاء المفوض وأمسكت به, ولكنّ الحذاء كان أملساً لكثرة ما قام صاحبه بمسحه وتلميعه, فانزلق من بين يديّ الدّرويش, وحين حاول صاحبنا سحب المفوّض من ياقة بذلته الرّسمية, تقطّع زرارها, وأخذت رجلا الدّرويش تغوصان أكثر فأكثر, حتى غدا من المتعذر سحب احداهنّ من بين براثن الطّين الغادر, ولكنّ الدرويش بقي متشبثاً بشاربيّ المفوّض كي يبقي فتحتي أنف الأخير وفمه فوق سطح الماء. تناهى حينها لسمع الدّرويش صوت وقع أقدام من مكان ليس ببعيد, تبعه سقوط شيء ما بدوّي ليس بالخافت, فظنّ بادئ الأمر أنّ خنزيراً بريّاً قد وقع في حفرة صيّاد, ولكنه عرف أنّه لم يكن صوت خنزير قط, فالخنزير لا صوت له حين يخور وحيداً دون أن يسمعه أحد. هذا الصوت بالذات لا يعتمد في وجوده على أغشية الطبل, بل على شغاف القلوب, صوتٍ كصوتِ ملاك مسكين قد تكسّر جناحاه, فأخذ يبكي بعذوبة بكاء أنثى. اعترت الدّرويش مسحة من الحياء جرّاء وقوفه عاري القفا يمسك رجلاً من شاربه في مستنقع مظلم وسط الغابة, لذلك آثر عدم الصّراخ طلباً للنّجدة, أضف لحيائه ذلك الأمل المستمدّ من التمنّي, أنّ غيبوبة المفوّض لن تطول كثيراً. هكذا سكن الدّرويش على تلك الحال, بينما راحت رجلاه تغوصان في الطّين ببطء وتبعثان في نفسه نشوة خفيّة.رابط الحلقة الأولى:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712551.رابط الحلقة الثانية:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=713091.رابط الحلقة الثالثة:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=724510رابط الحلقة الرابعة:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=724789رابط الحلقة الخامسة:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=725263رابط الحلقة السادسة:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=725449رابط الحلقة السابعة:https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=726033رابط الحلقة الثامنة: <a href="https://www.ahewar.org/debat/show.art.as ......
#رواية
#سالم
#الجنوب
#الحلقة
#التاسعة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=726582
الحوار المتمدن
الحوار المتمدن
الحوار المتمدن - الحوار المتمدن مؤسسة مجتمع مدني تطوعية غير حكومية وغير نفعية وغير ربحية
</b> تعنى بقضايا الثقافة والإعلام، و نشر الوعي السياسي والاجتماعي والثقافي الإنساني و التقدمي الحديث
</b> تعنى بقضايا الثقافة والإعلام، و نشر الوعي السياسي والاجتماعي والثقافي الإنساني و التقدمي الحديث
زاهر رفاعية : رواية سالم من الجنوب الحلقة العاشرة
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية كان سالم يذرف الدّمع كعادته, في تلك الغرفة الحقيرة الّتي منحها لأمّه في قبو منزله بعد أن زوّجت أختيه منذ خمس و عشرين عاماً وفي حفل زفاف واحد لرجلين يتقدّم أحدهما الآخر بثلاث سنوات -وقد كانا أخوين أيضاً, إن كان يعني لك معرفة ذلك- ومن ثمّ رحلتا مع الزّوجين بعيداً, حيث اعتادت الأختين هؤلاء الأخّين كما بشّرت به "أمّ سالم" ليلة زفافهنّ, ولكن حبّ رجالهنّ ظلّ بعيد المنال عن قلوبهنّ, فاستبدلنه بحبّ أطفالهنّ, تماماً كما أحبّت " أمّ سالم" أطفالها. ذرف "سالم" فوق عباءة أمّه الكثير من الدّمع الصّامت, قبل أن يقول لأمّه: (إنّها ابنتي يا أم) فأجابته أمّه بحنان بالغ وهي تمسح رأسه كما كانت تفعل حين كان "سالم" طفلاً يبكي من قرص النّحل لأذنه, وأعادت على مسمعه ما كان "سالم" قد سمعه هذا المساء من أمّه حتى كاد أن يملّ سماعه, "ستعتاد ابنتك عليه وستحبه صدقني يا وليدي" ولكن هذه المرّة كان لقولها وقعٌ مختلف, فأردف "سالم" أن لا يا أمّاه, لقد فات أوان الحب, لأن ابنتي رفضت تجربة الاعتياد, ولكن حبّاً باللّه يا أم قولي لي, هل أحببتِ أبي بعد أن ألفتِه؟ فتبسّمت أمّه ابتسامةً أنبأت سالماً أنّ أمّه لم تفهم مسألة هروب ابنته في ليلة زفافها, ثم أردفت بسمتها بإرخاء جفنيها, لكأنّها غطّت في سبات عميق. حين انسابت آخر دموع سالم على العباءة الحنون سمع أمّه تقول دون أن تفتح عينيها, أنّها قد فطِنت للحب وقد حسبته طوال سنيّها بجانب "أبي سالم" مجرّد اعتياد, إلّا أنّ الأوان كان قد فات لتخبر زوجها عن الحبّ المتكشّف, لأنّ نعش "أبي سالم" لحظتها تربّع أكتاف رجال القرية. لم يكن سالماً قد اعتاد خلق ابتسامات كاذبة على شفتيه فلم يمنح أمّه واحدة منها قبل أن يقف لينتعل حذاءه. حين أغلق خلفه الباب بهدوء, كانت أمّه تلعن في سرّها حمقاوات هذه الأيام, لأنّهن يتعجّلن حبّ الرّجل قبل حمله على الأكتاف. ......كانت الفتاة قد تعثّرت بثوبها حين قفزت من النّافذة دون أن يسمع أحد آهتها الصّامتة, ودون أن تثنيها دماء يديها الدّاميتين عن مسح أطراف الثّوب بالخضاب الأحمر. هناك في فناء بيتهم الخلفيّ تسلّقت "ابنة سالم" السور المنخفض ومن وراءه راحت تركض بين الأشجار الباسقة في الغابة, والّتي تمنح للجبل خضرته نهاراً وتضفي عليه مزيداً من الشّموخ ليلاً. حين لامست رجلا الابنة فناء منزلهم, كان سالم بصحبة أهل القرية يتشاورون حول ما ينبغي فعله بالمفوّض السابح بلعابهم . أما الآن وهي تذرف الدّمع فوق بساط الغابة العشبي من القهر, ها هو أباها سالم يذرف دموعه عند أمّه حيث اعتاد أن يذرفها, وليس عند زوجته كما لم يعتد. لذا ظلّت "زوجة سالم" مكتفية باعتياد وجود "سالم أبي أولادها" في سريرها كلّ يوم.. خرج "سالم" من عند أمّه هائماً على وجهه, ومشى بعيداً لكن ببطء فألفى نفسه يمشي إلى حيث ترك المتسوّل والمفوّض, في الوقت الّذي أرخى أول المساء سدوله, ولم تعكّر صفو اسوداده سوى ضوء أعواد الثقاب الّتي أنارت لسالم دربه, وحين وقف خلف الأجمة الّتي تحتجب خلفها المياه المرّة, سحب لفافة تبغ كانت معلّقة فوق أذنه ووضع مبسمها بين شفتيه, وحين أشعل عود ثقاب لأجلها, لمح في قدح ناره خصيتا رجل مستلقٍ على ظهره, عيناه مغمضتان بما يشبه الاغماء, وخيط دمٍ لا يشبه في لونه دم المفوّض, ينزل من جبينه حتى يلامس منبت لحيته, وعن يمين خصيتا المتسوّل المغمى, كان ثوب زفاف ابنة سالم قد استحال سواداً, وكأنّ هناك من اصطاد أوساخ المستنقع كلّه بثوبها. .رابط الحلقة الأولى:<a href="https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712551" ......
#رواية
#سالم
#الجنوب
#الحلقة
#العاشرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=727053
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية كان سالم يذرف الدّمع كعادته, في تلك الغرفة الحقيرة الّتي منحها لأمّه في قبو منزله بعد أن زوّجت أختيه منذ خمس و عشرين عاماً وفي حفل زفاف واحد لرجلين يتقدّم أحدهما الآخر بثلاث سنوات -وقد كانا أخوين أيضاً, إن كان يعني لك معرفة ذلك- ومن ثمّ رحلتا مع الزّوجين بعيداً, حيث اعتادت الأختين هؤلاء الأخّين كما بشّرت به "أمّ سالم" ليلة زفافهنّ, ولكن حبّ رجالهنّ ظلّ بعيد المنال عن قلوبهنّ, فاستبدلنه بحبّ أطفالهنّ, تماماً كما أحبّت " أمّ سالم" أطفالها. ذرف "سالم" فوق عباءة أمّه الكثير من الدّمع الصّامت, قبل أن يقول لأمّه: (إنّها ابنتي يا أم) فأجابته أمّه بحنان بالغ وهي تمسح رأسه كما كانت تفعل حين كان "سالم" طفلاً يبكي من قرص النّحل لأذنه, وأعادت على مسمعه ما كان "سالم" قد سمعه هذا المساء من أمّه حتى كاد أن يملّ سماعه, "ستعتاد ابنتك عليه وستحبه صدقني يا وليدي" ولكن هذه المرّة كان لقولها وقعٌ مختلف, فأردف "سالم" أن لا يا أمّاه, لقد فات أوان الحب, لأن ابنتي رفضت تجربة الاعتياد, ولكن حبّاً باللّه يا أم قولي لي, هل أحببتِ أبي بعد أن ألفتِه؟ فتبسّمت أمّه ابتسامةً أنبأت سالماً أنّ أمّه لم تفهم مسألة هروب ابنته في ليلة زفافها, ثم أردفت بسمتها بإرخاء جفنيها, لكأنّها غطّت في سبات عميق. حين انسابت آخر دموع سالم على العباءة الحنون سمع أمّه تقول دون أن تفتح عينيها, أنّها قد فطِنت للحب وقد حسبته طوال سنيّها بجانب "أبي سالم" مجرّد اعتياد, إلّا أنّ الأوان كان قد فات لتخبر زوجها عن الحبّ المتكشّف, لأنّ نعش "أبي سالم" لحظتها تربّع أكتاف رجال القرية. لم يكن سالماً قد اعتاد خلق ابتسامات كاذبة على شفتيه فلم يمنح أمّه واحدة منها قبل أن يقف لينتعل حذاءه. حين أغلق خلفه الباب بهدوء, كانت أمّه تلعن في سرّها حمقاوات هذه الأيام, لأنّهن يتعجّلن حبّ الرّجل قبل حمله على الأكتاف. ......كانت الفتاة قد تعثّرت بثوبها حين قفزت من النّافذة دون أن يسمع أحد آهتها الصّامتة, ودون أن تثنيها دماء يديها الدّاميتين عن مسح أطراف الثّوب بالخضاب الأحمر. هناك في فناء بيتهم الخلفيّ تسلّقت "ابنة سالم" السور المنخفض ومن وراءه راحت تركض بين الأشجار الباسقة في الغابة, والّتي تمنح للجبل خضرته نهاراً وتضفي عليه مزيداً من الشّموخ ليلاً. حين لامست رجلا الابنة فناء منزلهم, كان سالم بصحبة أهل القرية يتشاورون حول ما ينبغي فعله بالمفوّض السابح بلعابهم . أما الآن وهي تذرف الدّمع فوق بساط الغابة العشبي من القهر, ها هو أباها سالم يذرف دموعه عند أمّه حيث اعتاد أن يذرفها, وليس عند زوجته كما لم يعتد. لذا ظلّت "زوجة سالم" مكتفية باعتياد وجود "سالم أبي أولادها" في سريرها كلّ يوم.. خرج "سالم" من عند أمّه هائماً على وجهه, ومشى بعيداً لكن ببطء فألفى نفسه يمشي إلى حيث ترك المتسوّل والمفوّض, في الوقت الّذي أرخى أول المساء سدوله, ولم تعكّر صفو اسوداده سوى ضوء أعواد الثقاب الّتي أنارت لسالم دربه, وحين وقف خلف الأجمة الّتي تحتجب خلفها المياه المرّة, سحب لفافة تبغ كانت معلّقة فوق أذنه ووضع مبسمها بين شفتيه, وحين أشعل عود ثقاب لأجلها, لمح في قدح ناره خصيتا رجل مستلقٍ على ظهره, عيناه مغمضتان بما يشبه الاغماء, وخيط دمٍ لا يشبه في لونه دم المفوّض, ينزل من جبينه حتى يلامس منبت لحيته, وعن يمين خصيتا المتسوّل المغمى, كان ثوب زفاف ابنة سالم قد استحال سواداً, وكأنّ هناك من اصطاد أوساخ المستنقع كلّه بثوبها. .رابط الحلقة الأولى:<a href="https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712551" ......
#رواية
#سالم
#الجنوب
#الحلقة
#العاشرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=727053
الحوار المتمدن
زاهر رفاعية - رواية: سالم من الجنوب (1)
زاهر رفاعية : قواعد التقبّل الثلاثون
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية تقبّل أنك أنت ولست غيرك.تقبّل أنّك لم تختر أن تكون هنا. تقبّل أنّك متقلّب، لأنّك ببساطة مجرّد إنسان. تقبّل أنّ الربح قد يكون خسارة، وأنّ الخسارة قد تكون أعظم المكاسب. تقبّل أنّه ليس بوسعك سوى اختيار ما ترى أنه الأصلح ساعة الاختيار. تقبّل أنّ النتائج تأتي بعد الاختيار، وأنّه ليس بوسعك ألّا تختار. تقبّل أنّك بطل قصتك التي لست وحدك لا من يكتبها ولا من يرويها. تقبّل فكرة وجود أشياء غير مقبولة على الإطلاق في هذا العالم. تقبّل: لا تعني موقف السلب من المجريات، بل ألّا تقف كالجدار أمام الطوفان. تقبّل: لا تعني اللامبالاة بالنتائج، بل تعني عدم التعامي عن الاحتمالات. تقبّل تعني أن تسامح نفسك على خياراتك التي تسببت لك بالآلام.تقبّل أن غيرك اليوم سعيد. تقبّل أن غيرك اليوم حزين. تقبّل أنّ غيرك يومه صعب. تقبّل أن غيرك يومه جميل. تقبّل أنّ أيامك كأيام غيرك، تارة صعبة وتارة جميلة. تقبّل أنّ اليوم جميل، لتتقبّل أنّ الغد قد يكون صعب. تقبّل أنّ اليوم صعب، لترى إمكانيّة جمال الغد. تقبّل أنّك حزين لتتقبّل أنّك ستسعد. تقبّل أنّك سعيد، لتتذكّرها حين تحزن. تقبّل أنّك خائف، كي تجد من نفسك الشجاعة. تقبّل أنّك غاضب كي تمتلك غضبك. تقبّل أنّك أحياناً لا تستطيع فعل شيء. تقبّل أنّك أحياناً تستطيع فعل الكثير. تقبّل أنّك أحياناً لا يتوجّب عليك فعل شيء.تقبّل أنك أحياناً يتوجّب عليك فعل الكثير. تقبّل أنّك لا تعرف شيئاً. تقبّل أنّك تعرف الكثير. تقبّل أن البارحة قد رحل بلا عودة. تقبّل أن الغد قد لا يكون ملكك.وأخيراً...تقبّل/ي تحيّاتي. . الرّجاء الإشارة لموقع الحوار المتمدّن عند الاقتباس. ......
#قواعد
#التقبّل
#الثلاثون
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=729889
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية تقبّل أنك أنت ولست غيرك.تقبّل أنّك لم تختر أن تكون هنا. تقبّل أنّك متقلّب، لأنّك ببساطة مجرّد إنسان. تقبّل أنّ الربح قد يكون خسارة، وأنّ الخسارة قد تكون أعظم المكاسب. تقبّل أنّه ليس بوسعك سوى اختيار ما ترى أنه الأصلح ساعة الاختيار. تقبّل أنّ النتائج تأتي بعد الاختيار، وأنّه ليس بوسعك ألّا تختار. تقبّل أنّك بطل قصتك التي لست وحدك لا من يكتبها ولا من يرويها. تقبّل فكرة وجود أشياء غير مقبولة على الإطلاق في هذا العالم. تقبّل: لا تعني موقف السلب من المجريات، بل ألّا تقف كالجدار أمام الطوفان. تقبّل: لا تعني اللامبالاة بالنتائج، بل تعني عدم التعامي عن الاحتمالات. تقبّل تعني أن تسامح نفسك على خياراتك التي تسببت لك بالآلام.تقبّل أن غيرك اليوم سعيد. تقبّل أن غيرك اليوم حزين. تقبّل أنّ غيرك يومه صعب. تقبّل أن غيرك يومه جميل. تقبّل أنّ أيامك كأيام غيرك، تارة صعبة وتارة جميلة. تقبّل أنّ اليوم جميل، لتتقبّل أنّ الغد قد يكون صعب. تقبّل أنّ اليوم صعب، لترى إمكانيّة جمال الغد. تقبّل أنّك حزين لتتقبّل أنّك ستسعد. تقبّل أنّك سعيد، لتتذكّرها حين تحزن. تقبّل أنّك خائف، كي تجد من نفسك الشجاعة. تقبّل أنّك غاضب كي تمتلك غضبك. تقبّل أنّك أحياناً لا تستطيع فعل شيء. تقبّل أنّك أحياناً تستطيع فعل الكثير. تقبّل أنّك أحياناً لا يتوجّب عليك فعل شيء.تقبّل أنك أحياناً يتوجّب عليك فعل الكثير. تقبّل أنّك لا تعرف شيئاً. تقبّل أنّك تعرف الكثير. تقبّل أن البارحة قد رحل بلا عودة. تقبّل أن الغد قد لا يكون ملكك.وأخيراً...تقبّل/ي تحيّاتي. . الرّجاء الإشارة لموقع الحوار المتمدّن عند الاقتباس. ......
#قواعد
#التقبّل
#الثلاثون
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=729889
الحوار المتمدن
زاهر رفاعية - قواعد التقبّل الثلاثون
زاهر رفاعية : كان صديقي فاضلاً ولكنّهم أخونوه.
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية كان صديقي إنساناً فاضلاً حين ودّعته آخر مرّة، عندما عدت لزيارته وجدت خفافيش الظلام قد تمكّنوا من إنسانيّته وأحالوه تابعاً لتعاليمهم ونظرتهم الإجراميّة لهذا العالم. أحالوا صديقي وحشاً مع وقف التنفيذ لا آمن عليه أن يسير به الدرب بصحبة هؤلاء حيناً من الدهر حتى يتقدّم برأسي قرباناً لإلههم ونبيّهم وتعاليهم الفاسدة الموبوءة التي أقل ما يقال عنها أنها تقدس الإجرام وتعلي المجرمين منزلة الأنبياء. صديق العمر الذي ضاقت به الدنيا قليلاً وراعه الظلم الحاصل في هذا العالم فأخذه شيوخ النفاق هؤلاء وطلّاب السلطة والمال ليجنّدوه عقائدياً من أجل الدفاع عن مصالحهم حين سيحتاجون خدماته. هؤلاء المنافقون دعاة الإجرام راحوا يلقنون صديقي أوّل درس في منظومتهم المنحطّة أخلاقيّاً والتي أعرفها جيّداً لأنّني عشت الأعوام العشرين الأولى من حياتي بينهم بشخصهم وفكرهم، ليس فقط كتلميذ نجيب يرام له أن يصبح مجرماً في خدمتهم وأجره على الله في الآخرة، بل كنت بالفعل داعية ضلال وواحداً منهم مغبوناً فيهم وأروّج بكل إخلاص وببغائيّة لادعاءاتهم الكاذبة للفضيلة وحب الخير للناس. سألت صديقي كيف حصل له ما حصل وهو الذي أعرفه إنساناً رصيناً باحثاً عن الحق معتدّاً بعقله معتزّاً بأخلاقه، هو الذي عرفته على الدوام مدافعاً عن الإنسان وحقه في الحرية والكرامة والحياة, وذلك في وجه تعاليم شيوخ الجريمة هؤلاء؟ فأجاب صديقي بكليشيهات أعلمها أكثر من غيري فوالله ما سألته عن شيء إلّا وأجاب حرفاً فحرف كما حشا رأسي به هؤلاء الشيوخ حين حلّت عليّ لعنة وجودهم في طفولتي ومراهقتي، وكما حشوت أنا به رأس التلاميذ والمريدين في المسجد والمدرسة لسنوات، اتوب إلى ضميري من ذلك وأستغفر. تأكد لي أن صديقي حين ضاقت به الدنيا ولم تتحمّل حساسيّته قسوة مشاهد الظلم والجور في العالم، تسلل له واحد من خدم دعاة الإجرام ليملي على مسامعه سمفونيّة الكذب الإخواني وترقيعاتهم لنصوص الإجرام حيث يلبسون الحق بالباطل ويستميلون القلوب بالتلفيقات الجميلة التي يراد لها أن تخفي ساديّة نصوصهم التي يتكؤون عليها ولا يخجلون. وبما أنّ الغريق يتعلّق بقشّة فقد تعلّق صديقي بقشتهم فأغرقوه. لقد أوعز لصديقي شيطان الإخوان الذي أرسلوه إليه كي يضلّوه بأنّ خلاص العالم من الظلم مرتهن بالتمسّك بما أنزله الله على محمّد، وبما وصلنا عن محمّد من أقوال وأفعال! وحين ناقشت صديقي في تفاصيل السيرة والحديث طبعا مما تقشعرّ له أبدان الأسوياء، وما يشبه في بنيته وبنيانه الظلم الذي لم يتحمّله صديقي من العالم، راح صديقي يسرد ببغائيّة إخوانيّة كريهة مقززة مليئة بالكذب وتجميل النتن، كيف أنّ النص الإلهي متقدّم على وعينا به وإدراكنا لحكمة الخالق من وراءه, ولكن هو حتماً كله حكمة وإنصاف وخير بلا شك.... حتى حين كان مدار حديثنا حول تبادل السبايا بين محمّد والصحابة عقب الغزو المجرم للآمنين في ديارهم. سأصيغ لكم باقتضاب أهم النقاط التي وردت في حواريتنا لأبيّن لكم مدى عمق وجديّة عمليّة غسل الأدمغة التي يقوم بها هؤلاء الشيوخ بين الجالية المسلمة في أوروبا, وذلك في سبيل تجنيد الشباب لطاعتهم وخدمة مصالحهم. صديقي: لماذا يتم قسر الدستور العلماني على المواطنين في حين يتم سلب المسلمين الحق في فرض القرآن كدستور في الدولة؟ أنا: لأنّ الدستور العلماني يكفل للجميع.. جميع من يعيش تحته بغض النظر عن دينه وجنسه وعمره ولون بشرته ذات الحقوق والواجبات. وبالتالي فلو أنّ الدستور العلماني قد لا يعجب بعض القاطنين في الدولة إلا أن التقيّد به واجب لأنّه الضمانة الحصريّة للمساواة وعدم نزع إنسان ......
#صديقي
#فاضلاً
#ولكنّهم
#أخونوه.
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=730547
#الحوار_المتمدن
#زاهر_رفاعية كان صديقي إنساناً فاضلاً حين ودّعته آخر مرّة، عندما عدت لزيارته وجدت خفافيش الظلام قد تمكّنوا من إنسانيّته وأحالوه تابعاً لتعاليمهم ونظرتهم الإجراميّة لهذا العالم. أحالوا صديقي وحشاً مع وقف التنفيذ لا آمن عليه أن يسير به الدرب بصحبة هؤلاء حيناً من الدهر حتى يتقدّم برأسي قرباناً لإلههم ونبيّهم وتعاليهم الفاسدة الموبوءة التي أقل ما يقال عنها أنها تقدس الإجرام وتعلي المجرمين منزلة الأنبياء. صديق العمر الذي ضاقت به الدنيا قليلاً وراعه الظلم الحاصل في هذا العالم فأخذه شيوخ النفاق هؤلاء وطلّاب السلطة والمال ليجنّدوه عقائدياً من أجل الدفاع عن مصالحهم حين سيحتاجون خدماته. هؤلاء المنافقون دعاة الإجرام راحوا يلقنون صديقي أوّل درس في منظومتهم المنحطّة أخلاقيّاً والتي أعرفها جيّداً لأنّني عشت الأعوام العشرين الأولى من حياتي بينهم بشخصهم وفكرهم، ليس فقط كتلميذ نجيب يرام له أن يصبح مجرماً في خدمتهم وأجره على الله في الآخرة، بل كنت بالفعل داعية ضلال وواحداً منهم مغبوناً فيهم وأروّج بكل إخلاص وببغائيّة لادعاءاتهم الكاذبة للفضيلة وحب الخير للناس. سألت صديقي كيف حصل له ما حصل وهو الذي أعرفه إنساناً رصيناً باحثاً عن الحق معتدّاً بعقله معتزّاً بأخلاقه، هو الذي عرفته على الدوام مدافعاً عن الإنسان وحقه في الحرية والكرامة والحياة, وذلك في وجه تعاليم شيوخ الجريمة هؤلاء؟ فأجاب صديقي بكليشيهات أعلمها أكثر من غيري فوالله ما سألته عن شيء إلّا وأجاب حرفاً فحرف كما حشا رأسي به هؤلاء الشيوخ حين حلّت عليّ لعنة وجودهم في طفولتي ومراهقتي، وكما حشوت أنا به رأس التلاميذ والمريدين في المسجد والمدرسة لسنوات، اتوب إلى ضميري من ذلك وأستغفر. تأكد لي أن صديقي حين ضاقت به الدنيا ولم تتحمّل حساسيّته قسوة مشاهد الظلم والجور في العالم، تسلل له واحد من خدم دعاة الإجرام ليملي على مسامعه سمفونيّة الكذب الإخواني وترقيعاتهم لنصوص الإجرام حيث يلبسون الحق بالباطل ويستميلون القلوب بالتلفيقات الجميلة التي يراد لها أن تخفي ساديّة نصوصهم التي يتكؤون عليها ولا يخجلون. وبما أنّ الغريق يتعلّق بقشّة فقد تعلّق صديقي بقشتهم فأغرقوه. لقد أوعز لصديقي شيطان الإخوان الذي أرسلوه إليه كي يضلّوه بأنّ خلاص العالم من الظلم مرتهن بالتمسّك بما أنزله الله على محمّد، وبما وصلنا عن محمّد من أقوال وأفعال! وحين ناقشت صديقي في تفاصيل السيرة والحديث طبعا مما تقشعرّ له أبدان الأسوياء، وما يشبه في بنيته وبنيانه الظلم الذي لم يتحمّله صديقي من العالم، راح صديقي يسرد ببغائيّة إخوانيّة كريهة مقززة مليئة بالكذب وتجميل النتن، كيف أنّ النص الإلهي متقدّم على وعينا به وإدراكنا لحكمة الخالق من وراءه, ولكن هو حتماً كله حكمة وإنصاف وخير بلا شك.... حتى حين كان مدار حديثنا حول تبادل السبايا بين محمّد والصحابة عقب الغزو المجرم للآمنين في ديارهم. سأصيغ لكم باقتضاب أهم النقاط التي وردت في حواريتنا لأبيّن لكم مدى عمق وجديّة عمليّة غسل الأدمغة التي يقوم بها هؤلاء الشيوخ بين الجالية المسلمة في أوروبا, وذلك في سبيل تجنيد الشباب لطاعتهم وخدمة مصالحهم. صديقي: لماذا يتم قسر الدستور العلماني على المواطنين في حين يتم سلب المسلمين الحق في فرض القرآن كدستور في الدولة؟ أنا: لأنّ الدستور العلماني يكفل للجميع.. جميع من يعيش تحته بغض النظر عن دينه وجنسه وعمره ولون بشرته ذات الحقوق والواجبات. وبالتالي فلو أنّ الدستور العلماني قد لا يعجب بعض القاطنين في الدولة إلا أن التقيّد به واجب لأنّه الضمانة الحصريّة للمساواة وعدم نزع إنسان ......
#صديقي
#فاضلاً
#ولكنّهم
#أخونوه.
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=730547
الحوار المتمدن
زاهر رفاعية - كان صديقي فاضلاً ولكنّهم أخونوه.