احمد جمعة : خلف الأسوار الناعسة
#الحوار_المتمدن
#احمد_جمعة من رواية "شاي مع ماريو فيتالي"خيَّم الظلام على منزل أحمد القرمزي المَهجور بمدينةِ المحرق في الديار البعيدة، أبعد من الغربّة ذاتها، بدت أرض الوطن من نافذةِ طائرة على وشَك الهبوط مماثِلة لسَطحِ مجرَّة مهجورَة كمّا هو حال المنزل الصامِت عند ناصيّة المدينة الغارِقة في رهبَة مسكونة بالهجوع..."تمَّ بمرسومٍ حكومي، تعيين بسام داوود الأسود! مستشارًا برتبةِ وزير، ومنحهُ وسام الدولة من الدرجة الممتازة، مكافأةً له على خدماتهِ الجليلة للوطن"كان ذلك عنوان خبر تصَدّر صفحات جرائد الوطن المُتشابِهة، بعد ساعات من احتفال العالم بتجاوُز كارثة المجرَّة المنكوبَة، وعلى الجانب الآخر من الكرَة الأرضية نشرَت صحيفة الجارديان البريطانية، مقالًا لأحمد القرمزي بعنوان:"العالم ينجو هذه المرَّة"... بعد ساعات مشحُونة بالارتباك وإثر تضاءُل خيوط الضوء البرتقالي من أفق الديار، انتشَرت فئاتٌ من الأهالي، غالبيتها تحت سنّ الثلاثين، ومعظمهم من الشباب، قلة من الفتيات، بين شوارع وطرق المدن والقرى، شهدت مدينة المحرق وضواحيها، عند الساعة التاسعة مساءً، حركة مُتدَرِّجة، راح يختبر فيها السكان حالة المناخ، في البدء تسلَّلوا من عتباتِ المنازل إلى الطرق القريبة، ثم بادروا إلى التوَسُّع بالتفشي حول المحلات والمطاعم التي بدأت تفتح أبوابها وتُبادر بتقديم الخدمات تدريجيًا. بعض الأهالي أغلقوا نوافذ سياراتهم وراحوا يتجولون، مكتفين بالتفَرُّج ورؤية الأفق وتحسّس الطقس الذي بدأ يتحسَن ببطءٍ وأخذ معه درجة الحرارة إلى حد الانخفاض وإن ظلَّت رائحة الغبار وبصماتها طاغيّة على كلِّ شيءٍ جامِد لا يتحرك...كانت أشجار النخيل المصفوفة على طول الشوارع، قد غمرَها الغبار عن بكرة أبيها وحوَّلها إلى أشكالٍ تجريديّة، وبدأت السيارات تنزلق على الإسفلت الذي طمرَتهُ طبقات الأتربّة، وتحوَّلت الشوارع الرئيسية المكشوفة إلى شوارعٍ صحراوية.تأمَّل الناس حوْلهم وتساءلوا عن أي قوة خدماتية يسَعها أن تنهض بتدبير الخروج من هذا الوضع الذي يُشبه انقلاب سطح الأرض إلى ما يُشبه كرة من رماد، كلّ شيء يتحرك، تلوَّن بلونِ الغبار، الطيور والأشجار والقطط والكلاب، والسواحل والسفن الجاثِمة عند المرافئ وحتى مياه البحر، اصْطبغَت بلونِ الغبار وتعكَّرَت، وأضْحت كأنَّها مستقنعٌ كبير امتلأ بالأتربّة...لم تتحرك حتى الساعة أيّ جهة رسمية لتبدأ بإزالة الآثار، فقد تركَت صدمة الانفجار الكونيّ تداعياتها على هيئة شلَّل أصاب آلة الدولة وجمَّد حركتها. بدأ بعض الأهالي بمبادَرة ذاتيّة في إزالة الأتربّة عن سياراتهم وواجِّهات منازلهم، وبعضهم راح يرْشَح المياه على الأرض ظنًا منهُ أنَّهُ يُبَرِّدها، فزادَ الطِّين بَلَّة، حين حولها إلى رقعَة من الوحل، تغوص فيها السيارات ويَخْبط فيها الأطفال.عند ناصيّة ساحل قلعَة عراد شهَد طرفها البحري حشودًا من الأهالي الذين خرجوا يتأمَّلون صورة قمر شاحِب، بدا قرْصهُ الأحْمر يتميَّز لأوَّلِ مرَّة منذ تشَنَّج المناخ ولفظَ أنفاسهُ الساخِطة، فاخْتلطَت صورة القمر عن الشمس... التوَجُّس كان المُسيطر على الشارع البحريني، حدث ما حدث وانتهى ولا شيء يُفسِر ما جرى. تلاحقت الأحداث وانتهت إلى ما انتهت إليه وظلَّ العالم لغزًا مُحيِّرًا. تداوَلَ بعض المُطَلعين مقال أحمد القرمزي، بغموضٍ لعلمهم بما يمثِّلهُ من رمزٍ للغالبية التي تعْرِف عنهُ الكثير منذ غادر الديار، كانت مقالاته وتغريداتهُ التي تطال المسكوت عنه، محْوَر الأحاديث السريّة لإدراكهم بحَظْرِ كلّ ما يصدر عنهُ، وشيئًا فشيئًا، بدأت تتسربّ كتاباتهِ وتنتشِر بعد ساع ......
#الأسوار
#الناعسة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=766486
#الحوار_المتمدن
#احمد_جمعة من رواية "شاي مع ماريو فيتالي"خيَّم الظلام على منزل أحمد القرمزي المَهجور بمدينةِ المحرق في الديار البعيدة، أبعد من الغربّة ذاتها، بدت أرض الوطن من نافذةِ طائرة على وشَك الهبوط مماثِلة لسَطحِ مجرَّة مهجورَة كمّا هو حال المنزل الصامِت عند ناصيّة المدينة الغارِقة في رهبَة مسكونة بالهجوع..."تمَّ بمرسومٍ حكومي، تعيين بسام داوود الأسود! مستشارًا برتبةِ وزير، ومنحهُ وسام الدولة من الدرجة الممتازة، مكافأةً له على خدماتهِ الجليلة للوطن"كان ذلك عنوان خبر تصَدّر صفحات جرائد الوطن المُتشابِهة، بعد ساعات من احتفال العالم بتجاوُز كارثة المجرَّة المنكوبَة، وعلى الجانب الآخر من الكرَة الأرضية نشرَت صحيفة الجارديان البريطانية، مقالًا لأحمد القرمزي بعنوان:"العالم ينجو هذه المرَّة"... بعد ساعات مشحُونة بالارتباك وإثر تضاءُل خيوط الضوء البرتقالي من أفق الديار، انتشَرت فئاتٌ من الأهالي، غالبيتها تحت سنّ الثلاثين، ومعظمهم من الشباب، قلة من الفتيات، بين شوارع وطرق المدن والقرى، شهدت مدينة المحرق وضواحيها، عند الساعة التاسعة مساءً، حركة مُتدَرِّجة، راح يختبر فيها السكان حالة المناخ، في البدء تسلَّلوا من عتباتِ المنازل إلى الطرق القريبة، ثم بادروا إلى التوَسُّع بالتفشي حول المحلات والمطاعم التي بدأت تفتح أبوابها وتُبادر بتقديم الخدمات تدريجيًا. بعض الأهالي أغلقوا نوافذ سياراتهم وراحوا يتجولون، مكتفين بالتفَرُّج ورؤية الأفق وتحسّس الطقس الذي بدأ يتحسَن ببطءٍ وأخذ معه درجة الحرارة إلى حد الانخفاض وإن ظلَّت رائحة الغبار وبصماتها طاغيّة على كلِّ شيءٍ جامِد لا يتحرك...كانت أشجار النخيل المصفوفة على طول الشوارع، قد غمرَها الغبار عن بكرة أبيها وحوَّلها إلى أشكالٍ تجريديّة، وبدأت السيارات تنزلق على الإسفلت الذي طمرَتهُ طبقات الأتربّة، وتحوَّلت الشوارع الرئيسية المكشوفة إلى شوارعٍ صحراوية.تأمَّل الناس حوْلهم وتساءلوا عن أي قوة خدماتية يسَعها أن تنهض بتدبير الخروج من هذا الوضع الذي يُشبه انقلاب سطح الأرض إلى ما يُشبه كرة من رماد، كلّ شيء يتحرك، تلوَّن بلونِ الغبار، الطيور والأشجار والقطط والكلاب، والسواحل والسفن الجاثِمة عند المرافئ وحتى مياه البحر، اصْطبغَت بلونِ الغبار وتعكَّرَت، وأضْحت كأنَّها مستقنعٌ كبير امتلأ بالأتربّة...لم تتحرك حتى الساعة أيّ جهة رسمية لتبدأ بإزالة الآثار، فقد تركَت صدمة الانفجار الكونيّ تداعياتها على هيئة شلَّل أصاب آلة الدولة وجمَّد حركتها. بدأ بعض الأهالي بمبادَرة ذاتيّة في إزالة الأتربّة عن سياراتهم وواجِّهات منازلهم، وبعضهم راح يرْشَح المياه على الأرض ظنًا منهُ أنَّهُ يُبَرِّدها، فزادَ الطِّين بَلَّة، حين حولها إلى رقعَة من الوحل، تغوص فيها السيارات ويَخْبط فيها الأطفال.عند ناصيّة ساحل قلعَة عراد شهَد طرفها البحري حشودًا من الأهالي الذين خرجوا يتأمَّلون صورة قمر شاحِب، بدا قرْصهُ الأحْمر يتميَّز لأوَّلِ مرَّة منذ تشَنَّج المناخ ولفظَ أنفاسهُ الساخِطة، فاخْتلطَت صورة القمر عن الشمس... التوَجُّس كان المُسيطر على الشارع البحريني، حدث ما حدث وانتهى ولا شيء يُفسِر ما جرى. تلاحقت الأحداث وانتهت إلى ما انتهت إليه وظلَّ العالم لغزًا مُحيِّرًا. تداوَلَ بعض المُطَلعين مقال أحمد القرمزي، بغموضٍ لعلمهم بما يمثِّلهُ من رمزٍ للغالبية التي تعْرِف عنهُ الكثير منذ غادر الديار، كانت مقالاته وتغريداتهُ التي تطال المسكوت عنه، محْوَر الأحاديث السريّة لإدراكهم بحَظْرِ كلّ ما يصدر عنهُ، وشيئًا فشيئًا، بدأت تتسربّ كتاباتهِ وتنتشِر بعد ساع ......
#الأسوار
#الناعسة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=766486
الحوار المتمدن
احمد جمعة - خلف الأسوار الناعسة