مختار سعد شحاته : النزلة
#الحوار_المتمدن
#مختار_سعد_شحاته كعادتي؛ وقفت على باب قريتي، فإذا جاء المدخنون قالوا: يا رجل، منذ زمن مرّ ولم تكن هنا!!على باب قريتي سكنتُ… في انتظار فرصتي التي كلما فاض النيل خيرًا، اخضرّت الأرضُ حولي بها، وسألني الفلاحون:- ما الذي يحمل ابن الصيادين على انتظار ماء النيل، والبحر واسع هناك؟! الفلاحون الذين جربوا ماء النيل لا يعرفون عن ملوحة البحر، ولا عن غدر الموج في ليل الشتاء فوق فلوكة وحيدة تواجه الريح في أبواب البحيرة. الفلاحون لا يعرفون طعم السمك، ومن لا يعرف الأسماك، يحمل ذاكرة متخمة بسوء المعاملات، والغيرة من الأولاد الذين تزينوا يوم العودة من بحيرتهم. الفلاحون لم يكونوا أبدًا الاستثناء حين ينحرف الطمع... على باب قريتي كان "الجميل"، ينصب خيمة إلى جوار سيارته الجديدة التي أحضرها من العراق، تحمل ألوانها ريح النخيل في البصرة، ولون الفرات الطيب المفروش في أرضية السيارة، حيث تمددت جثة جلجامش في الكرسي الأخير... وحده؛ صلى عمُّ "الجميل" صلاة الميت على جثث الذين شيعوهم "عند الوصول" قبل دفنها... عاش الجميلُ رافضًا أن يحمل أبناء الموسرين والفلاحين ويقول؛ إن النساء إذا نزلت إلى ماء البحر المالح طاب جمار النخيل، وصار مدخل القرية أكثر نورًا بالجمال... كان "الجميل" اسمًا. ويا سعد من سمى، تفوح الحكمةُ من بين الكلام كلما جلس في المساء على مدخل القرية يودع الشمس التي عبرت للتو نهر النيل... يُشعل لها سيجارته الأخيرة، ويضحك: - يا شمسُ، كيف تحمرّ وجنتاك كلما يغازلك صيادٌ صغيرٌ في المساء؟ وكيف لا يشربُ الناسُ النبيذَ الأحمر؟ وكيف يمكن للناس التي تمر على سيارتي أن تقاوم رغبتها في سرقة تمر النخلة المزروعة فوق قبر جلجامش في الكرسي الأخير؟! على مدخل قريتي، انحنى النيل، ليستريح، فما استراح... رغم أنه جالسٌ في المكان المخصص للعائدين والمتعبين من طول المسافات... دخن النرجيلة النحاسية مستمتعًا بصوت "الكركرات" التي قطعت صمت الدخول، ثُم قال: يا أيها الجالس على مدخل قريتك في المساء والليل، لا تنام!! الأرض يا صيادُ لا يملكها إلا اللئامُ، على الدوام، لا تنام!!فما بين البحر والنيل، قصةٌ اسمها "النزلة"، كانت ولا تزال، لا تنام!! كلما دخل الناس في أحداثها عاشوا، ومن عاش فيها لا يموت ولا ينام. ......
#النزلة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=699040
#الحوار_المتمدن
#مختار_سعد_شحاته كعادتي؛ وقفت على باب قريتي، فإذا جاء المدخنون قالوا: يا رجل، منذ زمن مرّ ولم تكن هنا!!على باب قريتي سكنتُ… في انتظار فرصتي التي كلما فاض النيل خيرًا، اخضرّت الأرضُ حولي بها، وسألني الفلاحون:- ما الذي يحمل ابن الصيادين على انتظار ماء النيل، والبحر واسع هناك؟! الفلاحون الذين جربوا ماء النيل لا يعرفون عن ملوحة البحر، ولا عن غدر الموج في ليل الشتاء فوق فلوكة وحيدة تواجه الريح في أبواب البحيرة. الفلاحون لا يعرفون طعم السمك، ومن لا يعرف الأسماك، يحمل ذاكرة متخمة بسوء المعاملات، والغيرة من الأولاد الذين تزينوا يوم العودة من بحيرتهم. الفلاحون لم يكونوا أبدًا الاستثناء حين ينحرف الطمع... على باب قريتي كان "الجميل"، ينصب خيمة إلى جوار سيارته الجديدة التي أحضرها من العراق، تحمل ألوانها ريح النخيل في البصرة، ولون الفرات الطيب المفروش في أرضية السيارة، حيث تمددت جثة جلجامش في الكرسي الأخير... وحده؛ صلى عمُّ "الجميل" صلاة الميت على جثث الذين شيعوهم "عند الوصول" قبل دفنها... عاش الجميلُ رافضًا أن يحمل أبناء الموسرين والفلاحين ويقول؛ إن النساء إذا نزلت إلى ماء البحر المالح طاب جمار النخيل، وصار مدخل القرية أكثر نورًا بالجمال... كان "الجميل" اسمًا. ويا سعد من سمى، تفوح الحكمةُ من بين الكلام كلما جلس في المساء على مدخل القرية يودع الشمس التي عبرت للتو نهر النيل... يُشعل لها سيجارته الأخيرة، ويضحك: - يا شمسُ، كيف تحمرّ وجنتاك كلما يغازلك صيادٌ صغيرٌ في المساء؟ وكيف لا يشربُ الناسُ النبيذَ الأحمر؟ وكيف يمكن للناس التي تمر على سيارتي أن تقاوم رغبتها في سرقة تمر النخلة المزروعة فوق قبر جلجامش في الكرسي الأخير؟! على مدخل قريتي، انحنى النيل، ليستريح، فما استراح... رغم أنه جالسٌ في المكان المخصص للعائدين والمتعبين من طول المسافات... دخن النرجيلة النحاسية مستمتعًا بصوت "الكركرات" التي قطعت صمت الدخول، ثُم قال: يا أيها الجالس على مدخل قريتك في المساء والليل، لا تنام!! الأرض يا صيادُ لا يملكها إلا اللئامُ، على الدوام، لا تنام!!فما بين البحر والنيل، قصةٌ اسمها "النزلة"، كانت ولا تزال، لا تنام!! كلما دخل الناس في أحداثها عاشوا، ومن عاش فيها لا يموت ولا ينام. ......
#النزلة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=699040
الحوار المتمدن
مختار سعد شحاته - النزلة