عبد العزيز الحيدر : نجم البحر نازلا للمدينة
#الحوار_المتمدن
#عبد_العزيز_الحيدر ليسَ عليكَ سوى الالتفافَ على نفسِكَأذرعِكَ الهشةِ...أذرعكَ التي لا تعرفُ الحبَ .. كمْ أحتضنتْ حبيباتٍ من غبارَ الوهمِلمْ تكُ العجلةَ تتوقفْكمْ جردتَ هياكلاً من فساتينْأيها المنتفخُ من الملحِ ....من المياهَ الغارقةِ في الوهمِأيها المنبعجُ في المرايا المقعرةِوالذكرياتِ الممزقةَ الأغلفةِأيها القعريَ المهملِلا تحاولَ صعودَ المركبِ...عمالُ النظافةِ قبلَ غيرهِمْ سيدفعونكَبمكانسِهمُ الغليظةِ ....المكانسَ الموروثةِ من عصورَ الفايكنغِسيدفعونكَ ثانيةً الى البحرِلا تحاولْ تسلقَ واجهاتِ المعارضِما هنَ سوى – مانيكاناتٍ- جبسيه ...أيديهنَ مثلَ أيديكَ هشةٌ...مركبه..هنَ أجزاءٌ مهملةٌ من روايةَ السوقِالروايةُ المرعبةعن البقرَ الذي غزى الشوارعَ الرئيسيةِ والحديقةَ الوحيدةَ اللعينةَ المتعلقةِ بالذاكره.....لا تمدَ بأرجلكَ...أو أذرعكَ...الى بواباتِ البناياتِ الشاهقةِ ....هي حصةُ المرموقين...المرموقين جداًوالذين يعالجون على الدوام من الأمراض الزهرية....المزمنة منها وتحت السريرية....البنايات الشاهقة بحاجة الى أنفاس طويلة...لا تهلع...قلوب صلبة ......
#البحر
#نازلا
#للمدينة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=675968
#الحوار_المتمدن
#عبد_العزيز_الحيدر ليسَ عليكَ سوى الالتفافَ على نفسِكَأذرعِكَ الهشةِ...أذرعكَ التي لا تعرفُ الحبَ .. كمْ أحتضنتْ حبيباتٍ من غبارَ الوهمِلمْ تكُ العجلةَ تتوقفْكمْ جردتَ هياكلاً من فساتينْأيها المنتفخُ من الملحِ ....من المياهَ الغارقةِ في الوهمِأيها المنبعجُ في المرايا المقعرةِوالذكرياتِ الممزقةَ الأغلفةِأيها القعريَ المهملِلا تحاولَ صعودَ المركبِ...عمالُ النظافةِ قبلَ غيرهِمْ سيدفعونكَبمكانسِهمُ الغليظةِ ....المكانسَ الموروثةِ من عصورَ الفايكنغِسيدفعونكَ ثانيةً الى البحرِلا تحاولْ تسلقَ واجهاتِ المعارضِما هنَ سوى – مانيكاناتٍ- جبسيه ...أيديهنَ مثلَ أيديكَ هشةٌ...مركبه..هنَ أجزاءٌ مهملةٌ من روايةَ السوقِالروايةُ المرعبةعن البقرَ الذي غزى الشوارعَ الرئيسيةِ والحديقةَ الوحيدةَ اللعينةَ المتعلقةِ بالذاكره.....لا تمدَ بأرجلكَ...أو أذرعكَ...الى بواباتِ البناياتِ الشاهقةِ ....هي حصةُ المرموقين...المرموقين جداًوالذين يعالجون على الدوام من الأمراض الزهرية....المزمنة منها وتحت السريرية....البنايات الشاهقة بحاجة الى أنفاس طويلة...لا تهلع...قلوب صلبة ......
#البحر
#نازلا
#للمدينة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=675968
الحوار المتمدن
عبد العزيز الحيدر - نجم البحر نازلا للمدينة
محمود شقير : ظل آخر للمدينة 9
#الحوار_المتمدن
#محمود_شقير سأدخلها بعد انتهاء مراسم التهنئة. سأعود إلى تفقد الأماكن التي غبت عنها زمناً، وسأرى كم تغيرت الأماكن وكم تغيرت أنا أيضاً! أقف ذات صباح ربيعي أمام فندق الميريديان، أرنو إلى شرفاته المطلة على الشارع، ثمة نساء ورجال يشربون قهوة الصباح. أتذكر بعض الفنادق التي نزلت فيها. تومض في ذهني بعض أطياف المنفى: لحظات المتعة والصفاء حيناً ولحظات الإحساس بالغربة وعزلة الروح حيناً آخر (أتذكر صباحاً رائقاً حيث تطيب رياضة المشي في شارع الحبيب بورقيبة في تونس. أتذكر رحلة صباحية في الحافلة من الدار البيضاء إلى الرباط). أقترب من مبنى تفصل بابه العريض عن الرصيف، بضع درجات صقيلة. كان فيما مضى مقراً لجريدة "الجهاد" التي أصبح اسمها فيما بعد "القدس". بدءاً من عام 1965 حتى عام 1967 ترددت على هذا المكان دون انقطاع، لأكتب في المساء كلاماً يظهر مذيلاً باسمي على صفحة الجريدة في الصباح، فيعمني فرح وسرور. كانت للكتابة بهجة طاغية آنذاك. وكنت أتلقى فيضاً من الكتابات الشابة، أنشرها لكاتبات وكتّاب أصبح لهم شأنهم في سنوات لاحقة. سأبحث عن أي أثر يدل عليّ عند مدخل الجريدة، فلا أجد.إذاً، ها هي ذي أولى الخسارات تطل برأسها. أتهيّبُ من دخول المبنى، لأنني لست متيقناً مما إذا كان ثمة أحد من زملائي القدامى ما زالت له علاقة به (سأدخل هذا المبنى فيما بعد لنشر إعلان، ولن أجد أحداً يعرفني، أقول لموظف الإعلانات الشاب، لعله يخفف من تجهمه قليلاً: عملت هنا قبل ثلاثين عاماً، ثم أشرت إلى مكتب لا يبعد عن مكتبه سوى بضعة أمتار. فلا يرفع رأسه عن أوراقه، يتلفظ بكلمات باهتة: يا سيدي حيّاك الله. ثم يتلفع بصمت بارد كما لو أنه يرسل لي تحذيراً مبطناً للكفّ عن الكلام). أمضي نحو شارع صلاح الدين.أجيل الطرف في البنايات: مبنى المحكمة الذي ما زال يحتفظ ببعض رصانته. على مدخله يقف حرّاس مسلحون. مبنى المحافظة الذي لطالما دخلته في زمن مضى لزيارة بعض الأصدقاء من العاملين فيه. الآن، تحتله من أوله إلى آخره وزارة العدل الإسرائيلية. دار سينما الحمراء التي كانت تبهرني بواجهتها الزجاجية العريضة وبالملصقات الملونة التي تنم عن عوالم ذات سحر خاص (أول دار للسينما أدخلها عام 1954 لمشاهدة فيلم اسمه "سنوحي" المصري، وأنا في الثالثة عشرة من عمري)، الدار مهجورة الآن، تخيم على واجهتها الزجاجية قتامة من ورق قديم وغبار، وهي مغلقة منذ ابتدأت الانتفاضة، مثلها في ذلك مثل كل دور السينما في مختلف مدن البلاد (كأننا نعاقب أنفسنا!). أذهب نحو المزيد من التفاصيل.نحو اليمين، يتفرع شارع عمرو بن العاص، وفيه فندق السان جورج. وفيه أيضاً مقهى ومطعم مؤلف من طابقين، وتحته قبو فسيح استخدم لسنوات عدة مقراً لصحيفة الفجر التي نشرتُ فيها مقالات موقعة باسم مستعار. ولن أدخل المقهى، ولن أسأل صاحب المقهى، إن كان ما زال يذكر المدرّسين الأربعة الذين اعتادوا القدوم إلى مقهاه، بعد انتهاء دوامهم المسائي، في مدرسة دار الأيتام الإسلامية الثانوية. قد يتشكك في كلامي إذا قلت له إن أحد هؤلاء المدرسين، هو فتحي الشقاقي الذي هجر التدريس، وسافر إلى مصر لدراسة الطب، ثم عاد إلى القدس، وعمل طبيباً في مستشفى أوغستا فيكتوريا (المطّلع) حتى لحظة اعتقاله، ثم إبعاده إلى خارج الوطن، واظب على المجيء إلى هذا المكان، يتساءل ويحاور دون تعصب، ثم يسهم في تأسيس منظمة الجهاد الإسلامي، ويضطلع بدور المسؤول الأول فيها.كان لفتحي حضور مريح بين زملائه المدرسين، وقد دارت بيني وبينه طوال عام 1971 حوارات سياسية وفكرية متشعبة. اختلفنا حول كثير من القضايا، لكن علاقتنا ال ......
#للمدينة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=684293
#الحوار_المتمدن
#محمود_شقير سأدخلها بعد انتهاء مراسم التهنئة. سأعود إلى تفقد الأماكن التي غبت عنها زمناً، وسأرى كم تغيرت الأماكن وكم تغيرت أنا أيضاً! أقف ذات صباح ربيعي أمام فندق الميريديان، أرنو إلى شرفاته المطلة على الشارع، ثمة نساء ورجال يشربون قهوة الصباح. أتذكر بعض الفنادق التي نزلت فيها. تومض في ذهني بعض أطياف المنفى: لحظات المتعة والصفاء حيناً ولحظات الإحساس بالغربة وعزلة الروح حيناً آخر (أتذكر صباحاً رائقاً حيث تطيب رياضة المشي في شارع الحبيب بورقيبة في تونس. أتذكر رحلة صباحية في الحافلة من الدار البيضاء إلى الرباط). أقترب من مبنى تفصل بابه العريض عن الرصيف، بضع درجات صقيلة. كان فيما مضى مقراً لجريدة "الجهاد" التي أصبح اسمها فيما بعد "القدس". بدءاً من عام 1965 حتى عام 1967 ترددت على هذا المكان دون انقطاع، لأكتب في المساء كلاماً يظهر مذيلاً باسمي على صفحة الجريدة في الصباح، فيعمني فرح وسرور. كانت للكتابة بهجة طاغية آنذاك. وكنت أتلقى فيضاً من الكتابات الشابة، أنشرها لكاتبات وكتّاب أصبح لهم شأنهم في سنوات لاحقة. سأبحث عن أي أثر يدل عليّ عند مدخل الجريدة، فلا أجد.إذاً، ها هي ذي أولى الخسارات تطل برأسها. أتهيّبُ من دخول المبنى، لأنني لست متيقناً مما إذا كان ثمة أحد من زملائي القدامى ما زالت له علاقة به (سأدخل هذا المبنى فيما بعد لنشر إعلان، ولن أجد أحداً يعرفني، أقول لموظف الإعلانات الشاب، لعله يخفف من تجهمه قليلاً: عملت هنا قبل ثلاثين عاماً، ثم أشرت إلى مكتب لا يبعد عن مكتبه سوى بضعة أمتار. فلا يرفع رأسه عن أوراقه، يتلفظ بكلمات باهتة: يا سيدي حيّاك الله. ثم يتلفع بصمت بارد كما لو أنه يرسل لي تحذيراً مبطناً للكفّ عن الكلام). أمضي نحو شارع صلاح الدين.أجيل الطرف في البنايات: مبنى المحكمة الذي ما زال يحتفظ ببعض رصانته. على مدخله يقف حرّاس مسلحون. مبنى المحافظة الذي لطالما دخلته في زمن مضى لزيارة بعض الأصدقاء من العاملين فيه. الآن، تحتله من أوله إلى آخره وزارة العدل الإسرائيلية. دار سينما الحمراء التي كانت تبهرني بواجهتها الزجاجية العريضة وبالملصقات الملونة التي تنم عن عوالم ذات سحر خاص (أول دار للسينما أدخلها عام 1954 لمشاهدة فيلم اسمه "سنوحي" المصري، وأنا في الثالثة عشرة من عمري)، الدار مهجورة الآن، تخيم على واجهتها الزجاجية قتامة من ورق قديم وغبار، وهي مغلقة منذ ابتدأت الانتفاضة، مثلها في ذلك مثل كل دور السينما في مختلف مدن البلاد (كأننا نعاقب أنفسنا!). أذهب نحو المزيد من التفاصيل.نحو اليمين، يتفرع شارع عمرو بن العاص، وفيه فندق السان جورج. وفيه أيضاً مقهى ومطعم مؤلف من طابقين، وتحته قبو فسيح استخدم لسنوات عدة مقراً لصحيفة الفجر التي نشرتُ فيها مقالات موقعة باسم مستعار. ولن أدخل المقهى، ولن أسأل صاحب المقهى، إن كان ما زال يذكر المدرّسين الأربعة الذين اعتادوا القدوم إلى مقهاه، بعد انتهاء دوامهم المسائي، في مدرسة دار الأيتام الإسلامية الثانوية. قد يتشكك في كلامي إذا قلت له إن أحد هؤلاء المدرسين، هو فتحي الشقاقي الذي هجر التدريس، وسافر إلى مصر لدراسة الطب، ثم عاد إلى القدس، وعمل طبيباً في مستشفى أوغستا فيكتوريا (المطّلع) حتى لحظة اعتقاله، ثم إبعاده إلى خارج الوطن، واظب على المجيء إلى هذا المكان، يتساءل ويحاور دون تعصب، ثم يسهم في تأسيس منظمة الجهاد الإسلامي، ويضطلع بدور المسؤول الأول فيها.كان لفتحي حضور مريح بين زملائه المدرسين، وقد دارت بيني وبينه طوال عام 1971 حوارات سياسية وفكرية متشعبة. اختلفنا حول كثير من القضايا، لكن علاقتنا ال ......
#للمدينة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=684293
الحوار المتمدن
محمود شقير - ظل آخر للمدينة 9
محمود شقير : ظل آخر للمدينة 15
#الحوار_المتمدن
#محمود_شقير كانت زيارة مسجدي الصخرة والحرم مع الأهل في غاية الأهمية بالنسبة لي. أذهب أحياناً مع أمي. يدفعني الارتفاع الشاهق لقبة الصخرة إلى مزيد من التحديق في الآيات القرآنية المكتوبة بخط أنيق على الجدران، أطيل النظر في الزجاج الملون للشبابيك. وفي الحرم الشريف يتكرر الأمر نفسه، فثمة شبابيك كثيرة بزجاج ملون، فأشعر بسكينة غامرة، وفي بعض الحالات، كنت أذهب مع أبي إلى الحرم، أغالب نعاساً ملحاً ثم أنام، فيما هو منكب على قراءة القرآن. أما الاحتفالات في ساحة الحرم الشريف، التي كانت تقام في شهر نيسان من كل عام، احتفاء بموسم النبي موسى، فما زلت أذكر بعض تفاصيلها. تحتشد جموع من الخلق في الساحة، تمارس الدبكة والغناء، ثم تمشي في موكب نحو مقام النبي موسى، ومعها الأعلام (تلح علي الآن صورة تلك المرأة الشقية! ولم أكن أعرف لماذا يجري اضطهاد النساء آنذاك. على الطريق المؤدية إلى ساحة الحرم، بالقرب من باب سوق القطانين، رأيتها. كانت تخفض رأسها باكية، والدم يسيل من فمها ويبلل بلاط الطريق، بعد أن ضربها زوجها بقبضة يده لسبب لا أعلمه. تألمت لهذا المشهد. كان زوجها يواصل تهديدها، وهي تنكمش على نفسها وتواصل البكاء. سمعت أمي تعبر عن استيائها منه ببعض الشتائم، تدخلت نسوة أخريات لحماية المرأة من بطش الزوج، ثم واصلنا، أمي وأنا، طريقنا نحو الحرم). كنا نعود من المدينة ومعنا حلاوة "النبي بركة"، فلا نكف عن التهام ما يتاح لنا منها، لأنها كانت شهية المذاق، تعوضنا عما فاتنا من أطايب الطعام في تلك السنوات العجاف. ***بعد حلول النكبة، أصبح جدي لأبي يميل إلى العزلة والانطواء. كان في أيام شبابه، مثلما يروي عنه الناس، شديد البأس، مرهوب الجانب، كثير التعلق بمتاع الدنيا. فأصبحت غايته بعد ذلك كله، التفرغ لعبادة الله (بعد دخولي المدرسة، لاحظ جدي أنني أكتب بيدي اليسرى، ولم يرقه ذلك. أحضر خيطاً من القنب، حشر يدي اليسرى داخل كيس من قماش، ثم لفّ الخيط فوق يدي وربطه بإحكام، وقال لي: عليك أن تكون من أصحاب اليمين. لكنني كنت أغافله، أفك الخيط، وأكتب بيدي اليسرى، وهكذا كبرت، وبقيت من أصحاب الشمال). كان يقضي وقته وهو يقرأ القرآن بصوت عال يملأ الأسماع، أو وهو يقرأ في كتاب آخر، عن عذاب النار، ويروي لمن يأتيه زائراً بعض ما قرأه في ذلك الكتاب. أستمع بين الحين والآخر إلى نتف مما يرويه. يقول إن قيام المرأة بالزغردة في أية مناسبة حرام، وسوف تأتي يوم القيامة وفي طرف لسانها ثعبان. ويتحدث عن عقارب في جهنم، الواحدة منها بحجم الجمل، وعن أفاع مخيفة يسلطها الله على الكفار من أهل النار.ولم تكن حكايات جدي هي وحدها التي تثير المخاوف في نفسي، فقد روعتني قبلها أحداث كثيرة، لعل أبرزها تلك الحرب التي كانت تقترب منا، حاملة معها الموت والتشتت والدمار. ذات مساء، كنت أتناول طعام العشاء أنا وأبي (لم يكن مسموحاً للنساء أن يجلسن معنا لتناول الطعام، ولم أكن أعرف سبب ذلك)، وفجأة انفجرت بالقرب من بيتنا قنبلة قادمة من مكان ما. كان لدويها وقع مذهل في نفوسنا. فلم نكمل عشاءنا، ورحنا نلوذ بغرفة أخرى ليست لها نوافذ من جهة الغرب، خشية أن تنفجر قنبلة أخرى، فتهلكنا. وكان لحكايات جدتي لأمي تأثيرها المفزع أيضاً. كانت تأتي للإقامة في بيتنا عدة أشهر كل عام (إنها امرأة بسيطة تتحلى بطيبة مفرطة، وقد أحببتها كثيراً. بكت في أحد الأعياد لأنني لم أبادر إلى تهنئتها بالعيد، ولم أقبّل يدها. تألمت وأنا أراها تبكي، ولم يكن موقفي مقصوداً، ولا أدري الآن، كيف حُلَّ بيني وبينها ذاك الإشكال. وكنت أنام إلى جوارها في الليل، تسر ......
#للمدينة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=687563
#الحوار_المتمدن
#محمود_شقير كانت زيارة مسجدي الصخرة والحرم مع الأهل في غاية الأهمية بالنسبة لي. أذهب أحياناً مع أمي. يدفعني الارتفاع الشاهق لقبة الصخرة إلى مزيد من التحديق في الآيات القرآنية المكتوبة بخط أنيق على الجدران، أطيل النظر في الزجاج الملون للشبابيك. وفي الحرم الشريف يتكرر الأمر نفسه، فثمة شبابيك كثيرة بزجاج ملون، فأشعر بسكينة غامرة، وفي بعض الحالات، كنت أذهب مع أبي إلى الحرم، أغالب نعاساً ملحاً ثم أنام، فيما هو منكب على قراءة القرآن. أما الاحتفالات في ساحة الحرم الشريف، التي كانت تقام في شهر نيسان من كل عام، احتفاء بموسم النبي موسى، فما زلت أذكر بعض تفاصيلها. تحتشد جموع من الخلق في الساحة، تمارس الدبكة والغناء، ثم تمشي في موكب نحو مقام النبي موسى، ومعها الأعلام (تلح علي الآن صورة تلك المرأة الشقية! ولم أكن أعرف لماذا يجري اضطهاد النساء آنذاك. على الطريق المؤدية إلى ساحة الحرم، بالقرب من باب سوق القطانين، رأيتها. كانت تخفض رأسها باكية، والدم يسيل من فمها ويبلل بلاط الطريق، بعد أن ضربها زوجها بقبضة يده لسبب لا أعلمه. تألمت لهذا المشهد. كان زوجها يواصل تهديدها، وهي تنكمش على نفسها وتواصل البكاء. سمعت أمي تعبر عن استيائها منه ببعض الشتائم، تدخلت نسوة أخريات لحماية المرأة من بطش الزوج، ثم واصلنا، أمي وأنا، طريقنا نحو الحرم). كنا نعود من المدينة ومعنا حلاوة "النبي بركة"، فلا نكف عن التهام ما يتاح لنا منها، لأنها كانت شهية المذاق، تعوضنا عما فاتنا من أطايب الطعام في تلك السنوات العجاف. ***بعد حلول النكبة، أصبح جدي لأبي يميل إلى العزلة والانطواء. كان في أيام شبابه، مثلما يروي عنه الناس، شديد البأس، مرهوب الجانب، كثير التعلق بمتاع الدنيا. فأصبحت غايته بعد ذلك كله، التفرغ لعبادة الله (بعد دخولي المدرسة، لاحظ جدي أنني أكتب بيدي اليسرى، ولم يرقه ذلك. أحضر خيطاً من القنب، حشر يدي اليسرى داخل كيس من قماش، ثم لفّ الخيط فوق يدي وربطه بإحكام، وقال لي: عليك أن تكون من أصحاب اليمين. لكنني كنت أغافله، أفك الخيط، وأكتب بيدي اليسرى، وهكذا كبرت، وبقيت من أصحاب الشمال). كان يقضي وقته وهو يقرأ القرآن بصوت عال يملأ الأسماع، أو وهو يقرأ في كتاب آخر، عن عذاب النار، ويروي لمن يأتيه زائراً بعض ما قرأه في ذلك الكتاب. أستمع بين الحين والآخر إلى نتف مما يرويه. يقول إن قيام المرأة بالزغردة في أية مناسبة حرام، وسوف تأتي يوم القيامة وفي طرف لسانها ثعبان. ويتحدث عن عقارب في جهنم، الواحدة منها بحجم الجمل، وعن أفاع مخيفة يسلطها الله على الكفار من أهل النار.ولم تكن حكايات جدي هي وحدها التي تثير المخاوف في نفسي، فقد روعتني قبلها أحداث كثيرة، لعل أبرزها تلك الحرب التي كانت تقترب منا، حاملة معها الموت والتشتت والدمار. ذات مساء، كنت أتناول طعام العشاء أنا وأبي (لم يكن مسموحاً للنساء أن يجلسن معنا لتناول الطعام، ولم أكن أعرف سبب ذلك)، وفجأة انفجرت بالقرب من بيتنا قنبلة قادمة من مكان ما. كان لدويها وقع مذهل في نفوسنا. فلم نكمل عشاءنا، ورحنا نلوذ بغرفة أخرى ليست لها نوافذ من جهة الغرب، خشية أن تنفجر قنبلة أخرى، فتهلكنا. وكان لحكايات جدتي لأمي تأثيرها المفزع أيضاً. كانت تأتي للإقامة في بيتنا عدة أشهر كل عام (إنها امرأة بسيطة تتحلى بطيبة مفرطة، وقد أحببتها كثيراً. بكت في أحد الأعياد لأنني لم أبادر إلى تهنئتها بالعيد، ولم أقبّل يدها. تألمت وأنا أراها تبكي، ولم يكن موقفي مقصوداً، ولا أدري الآن، كيف حُلَّ بيني وبينها ذاك الإشكال. وكنت أنام إلى جوارها في الليل، تسر ......
#للمدينة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=687563
الحوار المتمدن
محمود شقير - ظل آخر للمدينة 15
محمود شقير : ظل آخر للمدينة 34
#الحوار_المتمدن
#محمود_شقير كانت لدي رغبة في السفر إلى مصر للدراسة في إحدى جامعاتها (مصر حيث عبد الناصر هناك وحيث ممثلو السينما المصرية وممثلاتها الجميلات، والروائيون وكتاب القصة القصيرة الذين أصبحت من المعجبين بكتاباتهم)، ولم تسمح لي أحوال أبي المادية بذلك. قدمت طلباً للحصول على وظيفة، ولم تواجهني أية تعقيدات في ذلك. صدر قرار بتعييني مدرّساً في مدرسة قرية خربثا بني حارث. ذهبت إليها وعملت فيها أربع سنوات (سوف أعمل في مهنة التدريس سنوات طويلة، أحقق نجاحاً فيها، ومع ذلك لا يفارقني الخوف من الإخفاق، سوف تكون نماذج بعض المدرسين الذين درّسوني حاضرة في ذهني، أقتدي بالمعلمين الناجحين، أحرص على علاقات طيبة مع الطلبة. سوف يسكنني الرعب من معاناة بعض المدرسين: مدرس التاريخ في المدرسة الرشيدية، كانت حصته مليئة بالفوضى، لا أحد من الطلاب يصغي إليه، والصف يبدو مثل منحلة، وأحياناً يضطر مدير المدرسة إلى قرع باب الصف، والدخول إلى الحصة، لمعرفة أسباب هذا الضجيج. تنقلب سحنة المدرس من شدة الحرج، يهدر بصوت أجش، متوعداً الطلبة المشاغبين بعد خروج المدير، ولكن دون جدوى. مدرس الرياضيات النحيف ذو الصوت الرفيع، يعلق له الطلبة ذيلا طويلاً من ورق فيما هو يتجول بين المقاعد، دون أن يشعر بذلك، ودون أن يعرف سبباً للضحكات الساخرة والتلميحات الخبيثة، ثم يتمادون أكثر، فيرشقون الحبر الأزرق السائل من أقلامهم على ملابسه. وسوف تكون نماذج بعض المدرسين الذين عملوا معي في مدارس مختلفة، حاضرة في ذهني: ذلك المدرس الذي كان يرتدي بدلة مترهلة، ما إن يقترب من ملعب المدرسة، حتى يتجمع من حوله الطلبة، بعضهم يشاغله بأسئلة سخيفة، فيما يقوم بعضهم الآخر بملء جيوبه بالحصى، يدخل مبنى المدرسة، ثم ينتبه إلى ما يثقل جيوبه، فيقوم بتفريغها لكي تمتلئ بالحصى من جديد، فيما هو متجه عبر الملعب إلى بيته بعد انتهاء الدوام. ذلك المدرس الذي كان يستفزه أحد الطلبة عن قصد، يشتبك المدرس معه قاصداً معاقبته، يتدخل طلبة آخرون، بحجة فض الاشتباك بين المدرس وزميلهم الطالب، يتعقد الاشتباك، فلا يدري المدرس فيما إذا كان الطلبة يقومون بفض الاشتباك، أم إنهم يمعنون في محاصرته وجره من زاوية إلى أخرى في غرفة الصف، وهو مرتبك حائر لا يعرف ماذا يفعل أو ماذا يقول!). كانت الوظيفة سبباً محفزاً لأسرتي لكي تلح علي بضرورة التفكير في الزواج، فهي مدخل إلى الاستقرار وتحصيل دخل ثابت. ولم أكن كارهاً لذلك. ربما خطر ببالي في فترة ما تأجيل هذا الأمر إلى حين الانتهاء من دراستي الجامعية في مصر. وحينما شعرت بأن ذهابي إلى مصر لم يعد ممكناً، وجدت أنه لا داعي لتأجيل فكرة الزواج، وبخاصة أن الغالبية العظمى من أبناء جيلي في ذلك الزمن كانوا يتزوجون في سن مبكرة، ما يعني أنني سأبقى مدرساً طوال حياتي، وأنني سأبني أسرة مثل غيري من صغار الموظفين. ولم يكن ذلك سيئاً بالنسبة لي في لحظة معينة، بل إنني كنت أرسم لنفسي أحلاماً وردية في ظل حياة اجتماعية هادئة، يزيدها هدوءاً دخل ثابت وتطلعات بسيطة مشتقة من وعي بسيط وعلاقات اجتماعية عادية (تعرفت إلى فتاة قروية نحيلة، دعوتها ذات مرة لكي تذهب معي إلى القدس، وافقت بعد أن اختلقت حيلة ما تبرر لأهلها هذا الذهاب. مشت إلى جواري بثوبها الفلاحي المطرز بخيوط حمراء وزرقاء وخضراء. كانت مثل حمامة وديعة وكنت مسكوناً بالخجل. جلسنا في كافتيريا اكسبرس خضر في أول طلعة حارة النصارى، ولم يكن في الصالة أحد سوانا، شربنا عصير البرتقال ودار بيننا حوار حميم لم يتكرر مثله كثيراً بسبب صعوبات اللقاء. ثم تعرفت إلى فتاة من المدينة. كانت متوسطة الجمال، ولها نهدان ضامران. ......
#للمدينة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=720237
#الحوار_المتمدن
#محمود_شقير كانت لدي رغبة في السفر إلى مصر للدراسة في إحدى جامعاتها (مصر حيث عبد الناصر هناك وحيث ممثلو السينما المصرية وممثلاتها الجميلات، والروائيون وكتاب القصة القصيرة الذين أصبحت من المعجبين بكتاباتهم)، ولم تسمح لي أحوال أبي المادية بذلك. قدمت طلباً للحصول على وظيفة، ولم تواجهني أية تعقيدات في ذلك. صدر قرار بتعييني مدرّساً في مدرسة قرية خربثا بني حارث. ذهبت إليها وعملت فيها أربع سنوات (سوف أعمل في مهنة التدريس سنوات طويلة، أحقق نجاحاً فيها، ومع ذلك لا يفارقني الخوف من الإخفاق، سوف تكون نماذج بعض المدرسين الذين درّسوني حاضرة في ذهني، أقتدي بالمعلمين الناجحين، أحرص على علاقات طيبة مع الطلبة. سوف يسكنني الرعب من معاناة بعض المدرسين: مدرس التاريخ في المدرسة الرشيدية، كانت حصته مليئة بالفوضى، لا أحد من الطلاب يصغي إليه، والصف يبدو مثل منحلة، وأحياناً يضطر مدير المدرسة إلى قرع باب الصف، والدخول إلى الحصة، لمعرفة أسباب هذا الضجيج. تنقلب سحنة المدرس من شدة الحرج، يهدر بصوت أجش، متوعداً الطلبة المشاغبين بعد خروج المدير، ولكن دون جدوى. مدرس الرياضيات النحيف ذو الصوت الرفيع، يعلق له الطلبة ذيلا طويلاً من ورق فيما هو يتجول بين المقاعد، دون أن يشعر بذلك، ودون أن يعرف سبباً للضحكات الساخرة والتلميحات الخبيثة، ثم يتمادون أكثر، فيرشقون الحبر الأزرق السائل من أقلامهم على ملابسه. وسوف تكون نماذج بعض المدرسين الذين عملوا معي في مدارس مختلفة، حاضرة في ذهني: ذلك المدرس الذي كان يرتدي بدلة مترهلة، ما إن يقترب من ملعب المدرسة، حتى يتجمع من حوله الطلبة، بعضهم يشاغله بأسئلة سخيفة، فيما يقوم بعضهم الآخر بملء جيوبه بالحصى، يدخل مبنى المدرسة، ثم ينتبه إلى ما يثقل جيوبه، فيقوم بتفريغها لكي تمتلئ بالحصى من جديد، فيما هو متجه عبر الملعب إلى بيته بعد انتهاء الدوام. ذلك المدرس الذي كان يستفزه أحد الطلبة عن قصد، يشتبك المدرس معه قاصداً معاقبته، يتدخل طلبة آخرون، بحجة فض الاشتباك بين المدرس وزميلهم الطالب، يتعقد الاشتباك، فلا يدري المدرس فيما إذا كان الطلبة يقومون بفض الاشتباك، أم إنهم يمعنون في محاصرته وجره من زاوية إلى أخرى في غرفة الصف، وهو مرتبك حائر لا يعرف ماذا يفعل أو ماذا يقول!). كانت الوظيفة سبباً محفزاً لأسرتي لكي تلح علي بضرورة التفكير في الزواج، فهي مدخل إلى الاستقرار وتحصيل دخل ثابت. ولم أكن كارهاً لذلك. ربما خطر ببالي في فترة ما تأجيل هذا الأمر إلى حين الانتهاء من دراستي الجامعية في مصر. وحينما شعرت بأن ذهابي إلى مصر لم يعد ممكناً، وجدت أنه لا داعي لتأجيل فكرة الزواج، وبخاصة أن الغالبية العظمى من أبناء جيلي في ذلك الزمن كانوا يتزوجون في سن مبكرة، ما يعني أنني سأبقى مدرساً طوال حياتي، وأنني سأبني أسرة مثل غيري من صغار الموظفين. ولم يكن ذلك سيئاً بالنسبة لي في لحظة معينة، بل إنني كنت أرسم لنفسي أحلاماً وردية في ظل حياة اجتماعية هادئة، يزيدها هدوءاً دخل ثابت وتطلعات بسيطة مشتقة من وعي بسيط وعلاقات اجتماعية عادية (تعرفت إلى فتاة قروية نحيلة، دعوتها ذات مرة لكي تذهب معي إلى القدس، وافقت بعد أن اختلقت حيلة ما تبرر لأهلها هذا الذهاب. مشت إلى جواري بثوبها الفلاحي المطرز بخيوط حمراء وزرقاء وخضراء. كانت مثل حمامة وديعة وكنت مسكوناً بالخجل. جلسنا في كافتيريا اكسبرس خضر في أول طلعة حارة النصارى، ولم يكن في الصالة أحد سوانا، شربنا عصير البرتقال ودار بيننا حوار حميم لم يتكرر مثله كثيراً بسبب صعوبات اللقاء. ثم تعرفت إلى فتاة من المدينة. كانت متوسطة الجمال، ولها نهدان ضامران. ......
#للمدينة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=720237
الحوار المتمدن
محمود شقير - ظل آخر للمدينة 34
محمود شقير : ظل آخر للمدينة 47
#الحوار_المتمدن
#محمود_شقير عند اقتراب الفجر، جاء ضابط المخابرات الذي اعتقلني، وقد أرهقني الوقوف طوال ساعات في مواجهة السور. طلب مني أن أتبعه، كان طويلاً نحيفاً وعلى وجهه براءة لا تؤهله لمثل هذه المهنة اللئيمة، خصوصاً حينما لاحظت أنه يراقبني بحذر، ونحن نسير جنباً إلى جنب نحو سجن المسكوبية القريب. لم أكن متيقناً من حقيقة مشاعره تجاهي، هل كان يراقبني بطرف عينه خوفاً من أن أهرب؟ فيتحمل المسؤولية عن ذلك، أم إن نحافتي المفرطة التي كانت تفوق نحافته حدّة، كانت تشعره بالإشفاق علي مما سأكابده لاحقاً في السجن على أيدي السجانين والمحققين؟ أو لعله لم يكن مقتنعاً بأن شخصاً في مثل نحافتي، يمكن أن يكون خطراً على أمن إسرائيل، إلى الحد الذي يضطره إلى الابتعاد عن زوجته وأطفاله والانشغال بأمر اعتقالي كل هذا الوقت، لا أدري بالضبط. لكنني مضيت إلى جانبه، لا أسمع سوى طرقات أحذيتنا على إسفلت الشارع الصاعد من مكاتب التحقيق إلى الساحة الخارجية لسجن المسكوبية، الذي يقع على تخوم القدس الشرقية. كنت أسير في ذلك الفجر الصيفي الهادئ، وحيداً إلى جانب ذلك الضابط الإسرائيلي الذي يأخذني إلى السجن. والقدس تنام الآن في سكون الفجر، وستصحو بعد قليل من نومها، فتعرف أنني لم أعد قادراً على التجوال في شوارعها وأزقتها، فتضيف إلى أحزانها المتراكمة حزناً جديداً. أسير صامتاً، متهيباً مما تبيته لي الأيام القادمة، ويسير الضابط صامتاً. نقترب من ساحة المسكوبية، التي لم تكن سجناً في الأصل، بل: "مؤسسة معدة لاستقبال الزوار الروس في الأعياد والمواسم، يديرها رهبان وراهبات من الروس أنفسهم، يحيط ببنائها الفخم وكنيستها الكبرى حدائق وكروم زيتون على التلال والأودية، يتألف من مجموع ذلك مناظر رائعة يرى منها جبل الطور والأبنية التاريخية البارزة بقببها ومآذنها وقواعد أجراسها، مما يضمن لكل زائر راحته وانشراحه مهما كان مثقلاً بالأتعاب فكراً وجسماً" وذلك كما يصفها مصطفى مراد الدباغ في كتابه "بلادنا فلسطين". الآن لا وجود لحدائق حول المكان. ولم أر سوى بناية قديمة متجهمة، تعلو السور المحيط بها شبكة من الأسلاك الشائكة.انفتح الباب، فألفيتني بين حشد من رجال الشرطة. جردوني من بطاقة هويتي، ومن نقودي التي كانت في جيبي، ومن ساعة يدي، ورباط حذائي، وحزامي، ثم اقتادوني عبر ممر طويل إلى حيث توجد زنزانة انفرادية، مضاءة ليل نهار، "مما يضمن لكل زائر راحته وانشراحه"، فلم أذق فيها طعم النوم ليلتين متواصلتين، بسبب قوة الضوء المنبعث من سقفها، وبسبب القلق الذي يتنامى في القلب كلما طال الانتظار. *** حينما تعرفت عليها، في ذلك المكتب قرب شارع يافا، حدثتها عما كابدته في السجن. لم أكن من الراغبين في اصطناع البطولات. كنت واضحاً منذ اللحظة الأولى. قلت إن ما كابدته لا يساوي عشر معشار ما كابده غيري من المعتقلين، خصوصاً أولئك الذين كانت توجه لهم تهم المشاركة في العمل المسلح ضد الاحتلال. وضعت في زنزانة لا يزيد طولها عن 90 سنتيمتراً، ولا يزيد عرضها عن 80 سنتيمتراً، في سجن صرفند العسكري. لم يكن ما واجهته أثناء ذلك على أيدي المحققين شيئاً يذكر، إذا ما قيس بما واجهه ذلك المعتقل الذي لم أعرف عنه شيئاً، سوى صراخه الرهيب الذي كان يطلقه دون توقيت معلوم. يأتي المحققون إليه في أية ساعة يشاؤون، يبدأون حفلتهم المفزعة معه، فيبدأ صراخه الذي يثير الرعب في النفوس. رويت لتميمة كل شيء. كانت تحب أن تسمي نفسها "تمام" لكي يكون اسمها مألوفاً لدي. تميمة تتألم لما ألمّ بي من أذى، أخبره ......
#للمدينة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=753729
#الحوار_المتمدن
#محمود_شقير عند اقتراب الفجر، جاء ضابط المخابرات الذي اعتقلني، وقد أرهقني الوقوف طوال ساعات في مواجهة السور. طلب مني أن أتبعه، كان طويلاً نحيفاً وعلى وجهه براءة لا تؤهله لمثل هذه المهنة اللئيمة، خصوصاً حينما لاحظت أنه يراقبني بحذر، ونحن نسير جنباً إلى جنب نحو سجن المسكوبية القريب. لم أكن متيقناً من حقيقة مشاعره تجاهي، هل كان يراقبني بطرف عينه خوفاً من أن أهرب؟ فيتحمل المسؤولية عن ذلك، أم إن نحافتي المفرطة التي كانت تفوق نحافته حدّة، كانت تشعره بالإشفاق علي مما سأكابده لاحقاً في السجن على أيدي السجانين والمحققين؟ أو لعله لم يكن مقتنعاً بأن شخصاً في مثل نحافتي، يمكن أن يكون خطراً على أمن إسرائيل، إلى الحد الذي يضطره إلى الابتعاد عن زوجته وأطفاله والانشغال بأمر اعتقالي كل هذا الوقت، لا أدري بالضبط. لكنني مضيت إلى جانبه، لا أسمع سوى طرقات أحذيتنا على إسفلت الشارع الصاعد من مكاتب التحقيق إلى الساحة الخارجية لسجن المسكوبية، الذي يقع على تخوم القدس الشرقية. كنت أسير في ذلك الفجر الصيفي الهادئ، وحيداً إلى جانب ذلك الضابط الإسرائيلي الذي يأخذني إلى السجن. والقدس تنام الآن في سكون الفجر، وستصحو بعد قليل من نومها، فتعرف أنني لم أعد قادراً على التجوال في شوارعها وأزقتها، فتضيف إلى أحزانها المتراكمة حزناً جديداً. أسير صامتاً، متهيباً مما تبيته لي الأيام القادمة، ويسير الضابط صامتاً. نقترب من ساحة المسكوبية، التي لم تكن سجناً في الأصل، بل: "مؤسسة معدة لاستقبال الزوار الروس في الأعياد والمواسم، يديرها رهبان وراهبات من الروس أنفسهم، يحيط ببنائها الفخم وكنيستها الكبرى حدائق وكروم زيتون على التلال والأودية، يتألف من مجموع ذلك مناظر رائعة يرى منها جبل الطور والأبنية التاريخية البارزة بقببها ومآذنها وقواعد أجراسها، مما يضمن لكل زائر راحته وانشراحه مهما كان مثقلاً بالأتعاب فكراً وجسماً" وذلك كما يصفها مصطفى مراد الدباغ في كتابه "بلادنا فلسطين". الآن لا وجود لحدائق حول المكان. ولم أر سوى بناية قديمة متجهمة، تعلو السور المحيط بها شبكة من الأسلاك الشائكة.انفتح الباب، فألفيتني بين حشد من رجال الشرطة. جردوني من بطاقة هويتي، ومن نقودي التي كانت في جيبي، ومن ساعة يدي، ورباط حذائي، وحزامي، ثم اقتادوني عبر ممر طويل إلى حيث توجد زنزانة انفرادية، مضاءة ليل نهار، "مما يضمن لكل زائر راحته وانشراحه"، فلم أذق فيها طعم النوم ليلتين متواصلتين، بسبب قوة الضوء المنبعث من سقفها، وبسبب القلق الذي يتنامى في القلب كلما طال الانتظار. *** حينما تعرفت عليها، في ذلك المكتب قرب شارع يافا، حدثتها عما كابدته في السجن. لم أكن من الراغبين في اصطناع البطولات. كنت واضحاً منذ اللحظة الأولى. قلت إن ما كابدته لا يساوي عشر معشار ما كابده غيري من المعتقلين، خصوصاً أولئك الذين كانت توجه لهم تهم المشاركة في العمل المسلح ضد الاحتلال. وضعت في زنزانة لا يزيد طولها عن 90 سنتيمتراً، ولا يزيد عرضها عن 80 سنتيمتراً، في سجن صرفند العسكري. لم يكن ما واجهته أثناء ذلك على أيدي المحققين شيئاً يذكر، إذا ما قيس بما واجهه ذلك المعتقل الذي لم أعرف عنه شيئاً، سوى صراخه الرهيب الذي كان يطلقه دون توقيت معلوم. يأتي المحققون إليه في أية ساعة يشاؤون، يبدأون حفلتهم المفزعة معه، فيبدأ صراخه الذي يثير الرعب في النفوس. رويت لتميمة كل شيء. كانت تحب أن تسمي نفسها "تمام" لكي يكون اسمها مألوفاً لدي. تميمة تتألم لما ألمّ بي من أذى، أخبره ......
#للمدينة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=753729
الحوار المتمدن
محمود شقير - ظل آخر للمدينة 47
محمود شقير : ظل آخر للمدينة 51
#الحوار_المتمدن
#محمود_شقير يمكن استشفاف بعض ملامح الحالة الراهنة في القدس الشرقية، من مقاهيها التي أغلقت أو التي ما زالت في طريقها نحو الإغلاق. يمكن أيضاً، ونحن نتتبع أحوال المقاهي، الإلماح إلى الثقافة التي تخيم على فضاء المدينة، وتدلل على ما استجد فيها من تطورات سلبية وأوضاع. لتوضيح ذلك، لا بد من التحدث عن مقاهي القدس قبل هزيمة حزيران (يونيو) 1967، لأن ذلك يلقي الضوء على الوضع الذي آلت إليه هذه المقاهي بعد اثنتين وأربعين سنة من الاحتلال. التحدث عن المقاهي يعيد إلى الذاكرة، أيام ازدهار النشاط السياسي في المدينة، وخصوصاً أواسط الخمسينيات من القرن الماضي، حيث اعتاد نشطاء الأحزاب الجلوس في المقاهي والترويج للسياسات التي تتبناها أحزابهم. وجرت الاستفادة في الوقت نفسه من المقاهي التي تتسع لعدد كبير من الناس (مقهى «زعترة» داخل باب العامود مثلاً) لعقد الاجتماعات الحاشدة للمرشحين لانتخابات البرلمان الأردني، حينما كانت الضفة الغربية جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية آنذاك. ولدى تبلور حركة أدبية مرتبطة بظهور مجلة «الأفق الجديد» المقدسية، خلال النصف الأول من ستينيات القرن الماضي، شهد بعض مقاهي القدس حضوراً لمثقفين وأدباء من أبناء المدينة ومن خارجها، اتخذوا من هذه المقاهي أماكن لجلوسهم ولحواراتهم، سائرين في ذلك على النهج الذي سار عليه كتاب عرب وأجانب، كانت لهم مقاهيهم المختارة في مدن مثل بيروت والقاهرة ومدريد وبراغ. غير أن هذا الحضور لم يلبث أن اضمحل مع إغلاق المجلة ووقوع هزيمة حزيران. قبل الهزيمة، كانت المقاهي تشكل مع النوادي ودور السينما والمكتبات والفنادق والمطاعم، مظهراً من مظاهر النزوع المدني المرافق لنهوض الطبقة الوسطى، وما يستتبع ذلك من ميل إلى الترفيه عن النفس والتسلية، ومن علاقات اجتماعية منفتحة، وتواصل مع الأصدقاء وقضاء وقت ممتع معهم، حيث يمكن لهؤلاء الأصدقاء - إن لم يذهبوا إلى السينما أو إلى المطعم - قضاء وقت في المقهى للعب الورق، ولتدخين التمباك الذي يوضع على رؤوس النراجيل وفوقه جمرات النار، في أوقات ما بعد العصر وحتى ساعات ما بعد المساء. وأما في ساعات النهار، فالمقهى لم يكن يخلو من زبائن دائمين من الشيوخ المتقاعدين، الذين لا يطيقون البقاء في البيوت، وما يعنيه ذلك من رتابة وضجر. ولم يكن المقهى يخلو من قرويين قادمين إلى المدينة للصلاة في مسجدها الأقصى، أو للتسوق أو لبيع الخضار والفواكه ومنتجات الماشية من جبن وحليب وألبان. ولم يكن يخلو كذلك من شباب عاطلين من العمل، ومن معلمين وموظفين من أبناء الطبقة الوسطى الخارجين من دوامهم اليومي، أو ممن يقضون بعض أوقات إجازاتهم الصيفية أو غير الصيفية في المقاهي، التي لا تكلفهم سوى القليل من النفقات. تميزت مقاهي القدس آنذاك، وخصوصاً تلك الواقعة في أسواق البلدة القديمة، بطاولاتها القصيرة الأرجل التي تتساوق في القصر، مع كراسي القش التي تصطف حول الطاولات، وبأجهزة المذياع التي تبث الأغاني ونشرات الأخبار، وبالعاملين فيها من النادلين ذوي الأصوات الممطوطة المنغمة، التي كانت تعطي المقاهي نكهة ذات وقع خاص. والمحظوظون من زبائن المقاهي هم أولئك الذين كانوا يسبقون غيرهم إلى الجلوس في الفسحات المكشوفة المتاخمة للأسواق، حيث تطيب لهم مراقبة الخلق الذين هم في غدوّ ورواح. وخلال السنوات الست عشرة الماضية، أي منذ بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإقامة الحواجز حول القدس، ومن ثم ببناء جدار الفصل، أخذت مظاهر الاضمحلال تعتري شتى مناحي الحياة في المدينة. وقد تفاقمت هذه المظاهر وازداد خطرها مع إخفاق السلطة الوطنية الف ......
#للمدينة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=766167
#الحوار_المتمدن
#محمود_شقير يمكن استشفاف بعض ملامح الحالة الراهنة في القدس الشرقية، من مقاهيها التي أغلقت أو التي ما زالت في طريقها نحو الإغلاق. يمكن أيضاً، ونحن نتتبع أحوال المقاهي، الإلماح إلى الثقافة التي تخيم على فضاء المدينة، وتدلل على ما استجد فيها من تطورات سلبية وأوضاع. لتوضيح ذلك، لا بد من التحدث عن مقاهي القدس قبل هزيمة حزيران (يونيو) 1967، لأن ذلك يلقي الضوء على الوضع الذي آلت إليه هذه المقاهي بعد اثنتين وأربعين سنة من الاحتلال. التحدث عن المقاهي يعيد إلى الذاكرة، أيام ازدهار النشاط السياسي في المدينة، وخصوصاً أواسط الخمسينيات من القرن الماضي، حيث اعتاد نشطاء الأحزاب الجلوس في المقاهي والترويج للسياسات التي تتبناها أحزابهم. وجرت الاستفادة في الوقت نفسه من المقاهي التي تتسع لعدد كبير من الناس (مقهى «زعترة» داخل باب العامود مثلاً) لعقد الاجتماعات الحاشدة للمرشحين لانتخابات البرلمان الأردني، حينما كانت الضفة الغربية جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية آنذاك. ولدى تبلور حركة أدبية مرتبطة بظهور مجلة «الأفق الجديد» المقدسية، خلال النصف الأول من ستينيات القرن الماضي، شهد بعض مقاهي القدس حضوراً لمثقفين وأدباء من أبناء المدينة ومن خارجها، اتخذوا من هذه المقاهي أماكن لجلوسهم ولحواراتهم، سائرين في ذلك على النهج الذي سار عليه كتاب عرب وأجانب، كانت لهم مقاهيهم المختارة في مدن مثل بيروت والقاهرة ومدريد وبراغ. غير أن هذا الحضور لم يلبث أن اضمحل مع إغلاق المجلة ووقوع هزيمة حزيران. قبل الهزيمة، كانت المقاهي تشكل مع النوادي ودور السينما والمكتبات والفنادق والمطاعم، مظهراً من مظاهر النزوع المدني المرافق لنهوض الطبقة الوسطى، وما يستتبع ذلك من ميل إلى الترفيه عن النفس والتسلية، ومن علاقات اجتماعية منفتحة، وتواصل مع الأصدقاء وقضاء وقت ممتع معهم، حيث يمكن لهؤلاء الأصدقاء - إن لم يذهبوا إلى السينما أو إلى المطعم - قضاء وقت في المقهى للعب الورق، ولتدخين التمباك الذي يوضع على رؤوس النراجيل وفوقه جمرات النار، في أوقات ما بعد العصر وحتى ساعات ما بعد المساء. وأما في ساعات النهار، فالمقهى لم يكن يخلو من زبائن دائمين من الشيوخ المتقاعدين، الذين لا يطيقون البقاء في البيوت، وما يعنيه ذلك من رتابة وضجر. ولم يكن المقهى يخلو من قرويين قادمين إلى المدينة للصلاة في مسجدها الأقصى، أو للتسوق أو لبيع الخضار والفواكه ومنتجات الماشية من جبن وحليب وألبان. ولم يكن يخلو كذلك من شباب عاطلين من العمل، ومن معلمين وموظفين من أبناء الطبقة الوسطى الخارجين من دوامهم اليومي، أو ممن يقضون بعض أوقات إجازاتهم الصيفية أو غير الصيفية في المقاهي، التي لا تكلفهم سوى القليل من النفقات. تميزت مقاهي القدس آنذاك، وخصوصاً تلك الواقعة في أسواق البلدة القديمة، بطاولاتها القصيرة الأرجل التي تتساوق في القصر، مع كراسي القش التي تصطف حول الطاولات، وبأجهزة المذياع التي تبث الأغاني ونشرات الأخبار، وبالعاملين فيها من النادلين ذوي الأصوات الممطوطة المنغمة، التي كانت تعطي المقاهي نكهة ذات وقع خاص. والمحظوظون من زبائن المقاهي هم أولئك الذين كانوا يسبقون غيرهم إلى الجلوس في الفسحات المكشوفة المتاخمة للأسواق، حيث تطيب لهم مراقبة الخلق الذين هم في غدوّ ورواح. وخلال السنوات الست عشرة الماضية، أي منذ بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإقامة الحواجز حول القدس، ومن ثم ببناء جدار الفصل، أخذت مظاهر الاضمحلال تعتري شتى مناحي الحياة في المدينة. وقد تفاقمت هذه المظاهر وازداد خطرها مع إخفاق السلطة الوطنية الف ......
#للمدينة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=766167
الحوار المتمدن
محمود شقير - ظل آخر للمدينة 51