الحوار المتمدن
3.17K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس عشر 2
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري بيروزا، ما كان أحدٌ من العائلة يتذكّر وجودها غالباً سوى في الصيف. حتى والدتها، السيّدة ريما، وكانت في تلك الآونة تهتم برجلها المريض علاوة على رعايتها لأطفال ابنتها بيان، الأربعة. كمألوف العادة، حضرَ ديبو إلى الزبداني في سيارة الخدمة مع أسرته. باستثناء ابنه الكبير، صلاحو، وقالوا أنه سافر إلى عمّان للعمل عند حسني، ابن عم والدته. فور وصوله للبلدة، دخل ضابطُ الصف إلى دار جدّته بكثير من الضجة، وراح دونَ قليل أيضاً من الأبّهة يوزعُ تحياته على الجميع. دُهشَ هناك لمرأى خلّو مع عروسه، فتوجّه بالكلام إلى عمته رابعة بنبرة عتاب: " لقد نسيتمونا تماماً، وصرنا كالأغراب؛ بحيث لا نُدعى لأعراس الأقارب ". كان يلمّح أيضاً لعرس أخته غير الشقيقة، ورد، التي اقترنت في بداية الصيف من حسينو، ابن عمها. بمجرد وقوع بصر بيان على أختها الكبيرة، شعرت بأن ثمة شيئاً تخفيه غير المرض. وكان قد نمّ لعلم السيدة ريما، في خلال الربيع، تدهورَ صحة ابنتها البكر، فمضت إليها بسيارة ابن زوجها الكبير، العائدة لمعلّمه ابن جميل باشا. هنالك في قرية الغزلانية، عرفت أن الابنة تعاني من مرضٍ عصبيّ على أثر حالة إجهاض سببت لها العقم. قالت لبيروزا آنذاك، مخففةً عليها حزنها: " لقد أنجبتِ للوحش ثلاثة أبناء، وهوَ أصلاً لم يكن صالحاً للأبوة بشكل من الأشكال ".وإذاً، لما استفهمت بيان من أختها عن حقيقة الحال، وكانتا منفردتين في ترّاس المنزل، أجابتها بالقول بصوتٍ مرتعش: " كان لديبو عشيقة في الغزلانية، وهيَ امرأة مطلقة وسيئة السمعة. متحججاً بانني لم أعد بقادرة على الانجاب، أفهمني بأنه يرغب بإنزال تلك المرأة ضرّةً لي. علم صلاحو بالأمر، فتقرّبَ من الأرملة حتى شاعت حكايتهما في القرية. فلما أخذ والده خبراً بالموضوع، جن جنونه وهجم على ابنه والمسدس بيده. لكنني وقفتُ حائلاً بينهما إلى أن وقعتُ أرضاً بلا وعي. حينَ أفقتُ والطبيب فوق رأسي، سألتُ عن صلاحو، فرد أبوه أنه غادر المنزل ولن يعود إليه مرةً أخرى أبداً ".***بعد قضاء أسبوعين في بلدة الاصطياف، ركبت بيان مع أولادها في سيارة الجيب، العائدة لمخفر ضابط الصف العتيد. معها في الصندوق الخلفيّ، جلست بيروزا مع ابنيها، فيما تواجد جمّو مع ابن أخيه في المقعد الأماميّ. طوال الطريق، المستغرق نحو ساعة، كان ديبو يُطلق الطرائف ويتبادل الحديث مع السائق. عمه الصغير، المعروف بالتحفّظ والرصانة، لم يتكلم سوى لماماً. عند وصول الركب إلى الزقاق، وكانت العتمة شاملة، نزلت بيان أولاً مع أولادها. خاطبت عندئذٍ ديبو، طالبةً منه السماح لامرأته وابنيه البقاء لديها في المنزل. أومأ برأسه موافقاً، ثم قال باستهتار مقهقهاً: " إذاً ما حاجتي للبقاء في البيت لوحدي، طالما أن الملهى قد اشتاق إليّ؟ ". عقبَ مضيّ السيارة، احتضنت بيان رأسَيّ ابنيّ أختها، بينما زوجها كان ما زالَ يهز رأسَهُ بحركة أسف واستياء. ديبو، كان يحب امرأته؛ يراها أجمل النساء وألطفهن. لكنه إبّان مرضها، لم يعُد يتعرّف عليها. كان رجلاً متطلّباً، وذلك فوق ما هوَ مأثورٌ عنه من أثرة وأنانية، وشيء من اللؤم. بعدما طردته تلك المرأة الأرملة، أراد صبَّ غضبه على ابنه صلاحو. الابن، خطف الأرملة من الأب كي تغدو محرّمة عليهما على حدّ سواء. سرعان ما شفيَ ديبو من عشقها، برغم أنه لم يغفر لابنه ما فعله به.*** وهوَ ذا في طريقه لأحد الملاهي في مركز الشام مع مزاج رائق. بوصوله للملهى، وكان جديداً يقوم في الطلعة المؤدية إلى محطة الحجاز، صرفَ السائق دونَ حتى أن يشكره. تأمل مدخل الملهى ذي الاسم الغريب، وكان مزيّناً بصورة كبيرة لراقصة ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#الخامس

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=696643
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الخامس عشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 3خطت الراقصة مارغو بجسمها الجميل والرشيق في اتجاه طاولة ضابط الصف العتيد، راسمةً على شفتيها ابتسامة حانقة. عند ذلك انسحبت الفتاة الهزيلة، ولعلها ظنت أنّ هذا الزبونَ قادمٌ للتحقيق في قضيةٍ ما. في المقابل، بدا أن الأخرى قدمت كي تلقن درساً لهذا الشخص البدائيّ، الذي خلط بينها وبين فتيات الصالة. ألقت أولاً نظرة احتقار على الطاولة الفارغة، ثم سألت صاحبها دونَ أن تحييه: " هل يمكنني خدمتك بشيء..؟ ". لكنها في اللحظة التالية عضّت على شفتيها، ثم تمتمت وقد اتسعت عيناها: " آه، أهذا أنت؟ "" عرفتني متأخرة قليلاً، أما أنا فقرأتُ اسمك على الرسم القبيح في خارج الصالة "، قال لها ضاحكاً. وكان قد وقفَ، ليزيح الكرسيَّ المقابل كي تجلس هيَ عليه. سألته مجدداً، عقبَ جلوسها بمواجهته: " مضت أعوام عديدة على آخر مرة التقينا فيها ببيروت، أليسَ صحيحاً؟ "" نعم، وكنتِ آنذاك من فتيات الصالة "" تعلمتُ الرقصَ الشرقيّ، لأتخلص من الزبائن المزعجين أمثالك "، أوضحت ضاحكةً. شاركها المرح، قائلاً: " ومع ذلك، وقعتِ بيدي مرة أخرى ". سحبت سيجارة من علبة أنيقة، مذهّبة، ثم قربت وجهها من الشمعة لاشعالها. استفهمت منه بعدئذٍ عن خدمته في الدرك، وما لو كانت ما تزال في مدينة زحلة. رد مقهقهاً: " كأنك في غير عالم، مارغو؛ لأن لبنان بلدٌ مستقل عن سورية منذ خمسة عشرة عاماً ". ضحكت ببرود، ثم ما لبثت أن لوحت بإشارة للنادل. طلبت على الأثر زجاجة شمبانيا، قائلة لصديق الأيام الغابرة: " سنحتفل بتجدد لقائنا، وأيضاً باستقلال لبنان عن سورية! ". طفق ديبو يتأملها عن قرب، وكانت تدخن سيجارتها بهدوء: الزمن غيّر قليلاً من ملامحها، هيَ من تراوح في منتصف الحلقة الثالثة من عُمرها؛ بوجه مستطيل ذي قسمات محددة، وعينين كبيرتين، تظلل كل منهما هالة زرقاء من كثرة السهر. أكثر ما يلفت النظر فيها، الشعر الأشقر الغزير؛ وربما كانت تصبغه. بعدما فتح النادلُ زجاجةَ الشمبانيا وانسحبَ رامقاً الزبون بنظرة تعبّر عن الدهشة، مال الأخيرُ برأسه على مارغو وهمسَ: " لا بد أن نلتقي في آخر السهرة "" في مرة أخرى، يا آغا؛ لأنني مرتبطة بمواعيد هذه الليلة"، قالتها ثم أضافت مبتسمة: " لا تكن طمّاعاً، واقنع بهذه الجلسة الجميلة ". بقيت معه، تتبادل الحديث مع الأنخاب لحين أن دُعيت لوصلةٍ راقصة جديدة. لكن لم يقدر لديبو رؤية مارغو مرة أخرى، إلا بعد مضي عقدٍ من الأعوام على الأقل. لقد عاد للملهى في إحدى إجازاته، شهراً إثر اللقاء الأخير معها، فلم يجد رسمها على المدخل. قالوا له هنالك، أنها ارتبطت بعقد للرقص في أحد النوادي العربية ببلد الاغتراب؛ المكسيك. حوالي عشرة أعوام مرت، وكان قد ترك سلاحَ الدرك وحصل على تعويض كبير عن خدمته. المال، وضعه في حزام طلقات قديم، أخفاه تحت ملابسه، ثم سافر إلى بيروت كي ينفقه كله على مارغو وفتياتها. التقى معها صدفةً في أحد الملاهي، فعرف أنها هيَ مالكته وذلك عقبَ إيابها من بلد الاغتراب مع ثروة لا بأس بها. عندما نفدَ ما معه من مال، في خلال ثلاثة أشهر، توارى بكل هدوء حتى دونَ أن يودّعها. عزة النفس والكبرياء والأنفة، كانت من خصاله الايجابية، النادرة. ***لم يكن ديبو بهذه الأريحية والكرم مع أفراد أسرته، بل لقد كاد أن يحطم كيانها بسبب حماقاته وتصرفاته الرعناء. واقعة الأرملة، أفضت إلى هروب ابنه البكر من البيت ومن ثم سفره إلى عمّان. ثمة، حظيَ على الفور باستقبال حسنٍ من لدُن ابن عم والدته، السيّد حسني. وكان الرجل قد أصبح من الأثرياء، بتوظيف أمواله في مشاريع عديدة رابحة. صلاحو، القوي البنية واللامع الذكاء، أثبت ......
#موناليزا
#الحزينة:
#بقية
#الفصل
#الخامس

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=696775
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل السادس عشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1 اكتشاف فَدو للبقعة الشبيهة بالجنة، " الدايرة "، بأنها بمثابة جزيرة، جرى إتفاقاً. ذات ظهيرة صيفية، وكان ما زال يعمل معاوناً لشقيقه الكبير، حسينو، الملاحظ للنواطير، خطرَ له أن يتابع سيرَ الجدول، الثر المياه، المنحدر من نهر يزيد في منطقة الجوزة، الواقعة جنوب الحارة. طافَ نظره في الأثناء على عدد كبير من البساتين، المروية من ماء الجدول، وكان قد بدأ يعرف أسماء أصحابها وما لو كانوا من ملّاكين الحارة أو من حي الصالحية، المجاور. بسبب المنحدر الوعر، المتسرب منه الجدول، كان تيار مياهه يندفع بقوة إلى الأسفل، محدثاً هديراً عذباً في الأسماع، يتماهى مع أصوات تغريد الطيور وخوار البقر وصهيل الخيل وطنين الهوام. رائحة حرّيفة، كانت تملأ أنفه طوال سيره بمحاذاة الجدول، وربما لما حفل به من أشنيات فضلاً عن الكائنات المائية؛ مثل الثعابين والسلاحف والسراطين والضفادع والأسماك الدقيقة الحجم. الأشجار، كانت تظلل جانباً كبيراً من الجدول، علاوة على أعواد القصب، المتبدية مع أوراقها الطويلة كالرايات الخضراء. ثمة، من فوق تلة صغيرة، مسكونة بمختلف أنواع الأزهار البرية، أشرفَ على مصب الجدول، المنتهي بالنهر نفسه في جريانه نحو منطقة البدوي في شرق الحي، المفروشة بكروم العنب والزيتون والرمان والتين والصبّار.ذلك المستكشف، الذي ورثَ وظيفة ملاحظ النواطير، عوّل مرةً على رجال العصابات في الحي على أثر مماحكة بينه وبين الملّاكين الصوالحة. القصّة، استهلت بما رآه هؤلاء من شمول الأمن والاطمئنان في مزارعهم، الواقعة إلى الجنوب من الحارة؛ أي في منطقة الدايرة نفسها. فاستدعوا الملاحظ ذات يوم، ليبلغوه بقرارهم صرفَ النواطير لانتفاء الحاجة إليهم. فهم حالاً، ودونما سؤال، أنهم استغنوا أيضاً عن وظيفته. صلاحو، حفيد شقيقه الأكبر موسي، كان وقتئذٍ قد عاد من عمّان نهائياً، ليتورط في أعمال مخالفة للقانون؛ كتهريب المخدرات والاشراف على المقامر وتنظيم عمل الدعارة. طلبه عمُ أبيه، وأفهمه المهمّة المنوطة به. في مساء اليوم التالي، هرعَ البعضُ من أولئك الملّاكين إلى منزل فَدو، لمناشدته العودة إلى عمله مع مرؤوسيه النواطير: الملاحظ السابق، كان في الليلة السابقة قد أوعز لقريبه أن ياخذ عدداً من أفراد العصابات لغزو البساتين ونهب غلالها وسلب ما تيسّرَ من الماشية والدواب! ***أحد النواطير، المتولين حراسة بساتين الدايرة، كان معروفاً بلقب " عبد الليل ". كان من أهالي زقاق حج حسين، يعيش في منزل كبير في صدر دخلة " مرعي دقوري "، يتقاسمه مع شقيقه الوحيد. هذا الشقيق، خلّفت له امرأته الراحلة ابنة، وكانت خفيفة العقل، تدعى " فاطو ". الآخر، كان أيضاً أرمل، ولابنه الوحيد عاهة بدَوره؛ ولو أنه ابتليَ بها عندما كان كبيراً نوعاً ما. كان اسمه " رعد "، توفيت أمه في صغره وكان متعلقاً بها بشدّة. كانت بمثابة الدرع، يحتمي بها من ثورات الأب، القاسي والظالم. مثل سائر غلمان الحارة، كان رعد مغرماً بالدايرة، وقد أوحت له سذاجة تفكيره الاعتقاد أنها ملك أبيه؛ وكان يتفاخر بذلك أمام أقرانه. برغم تشديد الوالد، كان يقضي ساعاتٍ من النهار في جولات لا تهدأ في أنحاء جنّته. الوالد كانت مناوباته الليلية، تضطره للنوم كل فترة الصباح، وذلك عقبَ العودة إلى الدار عند الفجر. ذات يوم، أمسك بالابن العاصي للأوامر، فانهال عليه ضرباً بعصا. إحدى الضربات، لسوء الحظ، سقطت على جبين الغلام، فسببت له العمى تدريجياً. منذئذٍ، أضحى رعد في غاية العدوانية تجاه والده، بحيث تُرِكَ يفعلُ ما يحلو له. لم يتعلم أي صنعة، وكان أمله أن يرثَ مهنة حراسة البساتين؛ لولا تلك الحادثة ......
#موناليزا
#الحزينة:
#مستهل
#الفصل
#السادس

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=696920
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس عشر 3
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري بعد عدة قرون من العزلة، بدا أن الحي الكرديّ قد خرجَ تماماً من شرنقة العزلة. أزمة السويس، برهنت على ذلك، سياسياً، بما كان من هبوب شباب الحي للتضامن مع الشعب المصريّ ضد الغزو والتدخل الأجنبيّ. من ناحية أخرى، فإن حي الأكراد، الذي يلوحُ للعين عن بُعد كما لو أنه ذيل لمدينة دمشق، تبوأ مكانة مرموقة بين الأحياء الأخرى نتيجة إنجابه لعدد من أبرز الأعلام في جميع مناحي الحياة. إلى تسنّم أبناء جلدتهم أعلى المناصب العسكرية والحكومية، وذلك برغم إعلان العديد من هؤلاء إنتماءهم للعروبة كيلا يصبحوا هدفاً للدعاية المعادية من لدُن العناصر البعثية والقومية السورية. الحي نفسه، انفتح على الأغراب ممن رغبوا بالاستئجار أو شراء البيوت. فيما سبق، كان ذلك من المحرّمات مهما كانت الحاجة المادية ملحّة بالنسبة للأهالي. أول مَن حلّ مِنَ الغرباء في زقاق الحج حسين، بغية شراء عقار، كانت امرأة من الميدان، عُرفت بلقب " الشاميّة ". شخصيتها القوية، طغت على اسم رجل الأسرة، وكان يعمل في صنعة الدباغة بمركز المدينة. اشتروا من ديبو، ابن موسي، ذلك الجزء من منزله، الكائن بلصق منزل أمين؛ زوج زهرة. لم يكن في الوسع معرفة عُمر هذه المالكة الجديدة، إلا عندما حضرت ابنتها المتزوجة للزيارة، وكانت تبدو من جيل بيان. وفي حين أن رجل الأسرة ما كان يظهر في الزقاق إلا عند ذهابه وإيابه من العمل، فإن امرأته سرعان ما وطدت صداقتها مع كل من جارتيها، زهرة ورودا. في إبّان حلولها بالزقاق، كان للمرأة الشامية خمسة أولاد، منهم تلك الابنة البكر، المتزوجة في حيّ الميدان. بيان، وعن طريق أختها رودا، أضحت في بعض المناسبات تلتقي مع الجارة الجديدة، المتّسمة بالهدوء والاعتدال والتحفّظ. ***لكنّ أسرة أخرى من الأغراب، حلّت في الزقاق هرباً من فضيحة ـ كما تبيّنَ في وقتٍ متأخّر. بدأت الحكاية مع " قوّاص "، رجل الأسرة المكوّنة من امرأته وطفلها. اشترى من شقيقة زوجته قسماً من منزلها، وكان العقار برمّته، فيما سبق، من أملاك الرجل، المدعو كَوتشي، ويقع بأسفل منزله الكبير. المالكة، كانت معروفة بالحارة باسم " الحلبية "، نسبةً لمسقط رأس الزوج. هذا الأخير، هوَ مَن تولى لاحقاً كشفَ سرّ شقيقة امرأته، عقبَ خلاف نشأ بينهما لسببٍ من الأسباب. في الأثناء، كان الرجلُ قد تصادق مع بعض جيرانه من أولاد علكي، كونه يعمل في حرفة النسيج مذ أوان صباه في مدينة حلب.قوّاص، كان بالأصل من حي الصالحية، شأن امرأته الأولى. لما اقترن بها، كانت أرملة ولديها ولدٌ بلغَ سنّ الرشد. حياتهم عُدّت ميسورة، بالنظر إلى أنّ رب الأسرة الجديد كان يملكُ محلَّ بيع أحذية في أحد أسواق المدينة. وما لبث ابنُ الزوجة أن التحقَ بالعمل لدى الرجل، لتغدو علاقتهما طيبة مع مرور الأيام. إلى أن خطبت الأم لابنها فتاةً من نفس الحي، حازت على رضاه عقبَ رؤيته لها. ثم تم الاتفاق على موعد كتب الكتاب وحفل الزواج. بحسَب العادات المحلية، كان على وليّ أمر العريس أن يقوده من تلبيسة الرجال إلى عرس النساء، المقام في منزل آخر. لما وقعت عينُ قوّاص على عروس ربيبه، تبلبل داخله وامتقع لونه. بيد أنّ أحداً لم ينتبه لحالته، في غمرة الزغاريد والهتافات والموسيقى الصاخبة؛ اللهم إلا العروس، ما لو حكمنا على ذلك من سَيْر الحكاية.***العروس، واسمها " صفيّة "، ما كان عبثاً أن تُبهرَ رجلاً وقوراً مثل حميها؛ هيَ من تمتعت بجمال أخاذ، بالأخص لون بشرتها، وكأنه مستلّ من الماس، إلى ملامحها المتناسقة باتقان؛ كما لو أنها مرسومة بريشة فنان من عصر النهضة الأوروبيّ. ثم كشفت سريعاً عن طبيعةٍ وثّابة، جريئة وطموحة ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#السادس

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697016
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل السادس عشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 4كان من نتائج حرب السويس، أن التيار القوميّ استمد قوة كبيرة، تجلّت في الجيش. التجاذبات كانت محتدمة بين ذلك التيار والمجموعة اليسارية، بقيادة عفيف البزري رئيس الأركان. وقد تمت إجراءات أخيراً، لعدم حصول الصدام؛ من ذلك تسريح البعض من الضباط أو نقلهم لمراكز غير حساسة. معلّم جمّو السابق، الزعيم بكري، أُبعد إلى موسكو كملحق عسكريّ في السفارة السورية. في أول زيارة لها للوطن عقبَ انتقالها للعاصمة السوفييتية، استعملت بديعة، زوجة الزعيم، السفينة للوصول إلى ميناء اللاذقية إنطلاقاً من ميناء أوديسا على البحر الأسود. سببُ تجشمها الرحلة الطويلة، أنها حملت معها نفائس ومقتنيات نادرة؛ كالسجاد العجمي والثريات الكريستال والمعاطف المبطّنة بالفرو. لقد وضعت هذه الأشياء، كالعادة، في عُهدة صديقتها القديمة، هَدي، وذلك تحوّطاً لضربات القدَر، الغادرة: رجلها الزعيم، مثلما سبقَ وذكرنا أكثر من مرة، كان مبتلياً بإدمان المقامرة، وكانت تخشى أن يخسر باللعب أملاكها أيضاً. هَدي، برغم طبيعتها العدوانية، كانت ترتاح كثيراً لصُحبة بيان، كونها تجدها امرأة ودودة ومسالمة. غبَّ مغادرة ضيفتها، عالية المقام،، استدعت امرأةَ جمّو: " سأريكِ شيئاً عجيباً، كالسحر "، قالتها مبتسمة. ثم كشفت غطاءً كتانياً عن صندوقٍ معدنيّ ذي إطار من الخشب الأنيق اللامع، تتوسّطه بلورة ضخمة. ثم عادت هَدي لتقول لبيان: " هذا الجهاز، يسمونه التلفزيون. إنه سينما، ولكن بشاشة صغيرة. لا يكتفي بعرض الأفلام، حَسْب، بل وأيضاً كل ما يخطر في البال من طرائف وأخبار وأغاني وموسيقى "" شيءٌ عجيب، فعلاً. ألا يمكنك تشغيل الجهاز الآنَ؟ "، تساءلت بيان بنبرة متشكّكة. ابتسمت الأخرى، متكلّفةً مظهرَ العارف، وأجابت: " في روسيا، كل مواطن يملك هذا الجهاز، والدولة تبث الصورَ المطلوبة من خلال محطة إرسال تغطي البلاد كلها. أي مثل محطة الإذاعة "" ولكنك قلتِ أن هذا الجهاز مثل السينما، فكيف سيدخل الممثلون فيه وهو بهذا الحجم الصغير؟ "" كما فهمتُ من بديعة، أن الصورَ تأتي إلى الجهاز بنفس الطريقة، الذي يأتي فيها الصوتُ إلى جهاز الراديو. عندما تقوم الدولة عندنا مستقبلاً ببناء محطة إرسال تلفزيونية، سيمكنُ عندئذٍ تشغيل هذا الجهاز "، ردت المضيفة. بقيت بيان حائرة، لا يستوعب ذهنها هذه المعلومة، الجديدة والغريبة. ***حماسُ مرتادي صالات السينما، وغالبيتهم من الرجال، تماهى مع فهمٍ طريف لحقيقة الشاشة الكبيرة. ينبغي التنويه أولاً بحقيقة أخرى، وهيَ أن أغلب صالات السينما كانت مسارحَ. على ذلك، ندرك لِمَ كان مشاهدو الأفلام يعتقدون أنهم أمام عالم واقعيّ مجسّد كما كان الامر مع فصول المسرحية. وإذاً، توهموا أن كل شيء يجري حقاً في الشاشة الكبيرة، سواء أكان المشهد يُجسّد لقاءً بين أبطال الفيلم أو ينقل سيرَ الناس في سوق من الأسواق. وقد جرت حوادث مضحكة، على خلفية تلك الأوهام. في إحدى المرات، كان جمّو مع أصدقائه في صالة السينما، وكان بعدُ عازباً. لعلها كانت المرة الأولى، يدخل فيها إلى هذا العالم المسحور. أطفئت الأنوار، وما لبثت الشاشة الكبيرة أن أضيئت وتم تسجيل أسماء أبطال الفيلم وكأنها على لوحٍ مما يستعمله شيخ الكتّاب مع الأطفال. على الأثر، توالى المشهد تلوَ المشهد من الفيلم الناطق باللهجة المصرية. على حين فجأة، ظهرت سيارة من بعيد وكانت تجري بسرعة جنونية. لما اقتربت من مقدمة الشاشة الكبيرة، ما كان من جمّو ورفاقه، الذين جلسوا في الصف الأمامي، إلا القفز من أماكنهم، هاربين مرعوبين، وهم يرددون: " وَلْ، ول، ول..! ".وهوَ ذا " علي "، زوج ابنة عيشو، ......
#موناليزا
#الحزينة:
#بقية
#الفصل
#السادس

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697300
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر 1
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري العام التالي، كان عام الأحزان بالنسبة لبيان، وكانت تحمل في رحمها كاتبَ سطور هذه السيرة السلالية. بقيت امراة جمّو إلى آخر عُمرها، تعتقد أنّ عيناً شريرة شاءت تدبيرَ مآسي ذلك العام. لقد عرفت في حينه عدةَ نساءٍ، يملكن هكذا عين غير بريئة: امرأة كَوتشي، التي طارت أرواحُ أطفالها مع ملائكتهم وهم صغار؛ وكانت عيناها، للمصادفة، زرقاوين. مزيّن، امرأة فَدو، التي علمنا مشكلتها مع الإنجاب ومبلغ كراهيتها لنساء العائلة وأطفالهن. على نفس الوتيرة من الخلق والمسلك، يُمكن تسمية هَدي، امرأة سلو. شيرين، ذات الأعوام الأربعة، كانت تبدو أكبر من سنّها الحقيقية، بالأخص في الزقاق عندما تشارك في ألعابِ أطفالٍ من جيل الشقيقة البكر. كذلك كانت تعتبر نفسها مسئولة عن حماية شقيقها، الذي يصغرها بعام واحد. كان الأب متعلقاً بها بشدة، وكثيراً ما جعلها ترافقه إلى دار صديقه بديع، لتلهو هنالك بينما هوَ يعتني بأزهار الحديقة. في وجود الأصدقاء الآخرين، المعتادين على التواجد في الدار، كانت تدهشهم بوعيها المبكر حينَ يطرحون عليها الأسئلة على سبيل التسلية والمداعبة. بسبب اصغائها الدائب لأحاديث أولئك الأصدقاء وغيرهم، وكان محورها السياسة، صار في مقدورها أن تتباهى بالزقاق أمام أقرانها بأن الزعيم الفلانيّ هوَ صديق والدها. في بداية ذلك العام، المنذور للأحزان، وقعت شيرين ذات مساء فريسة الحمّى. تم سقيها منقوع ورق الليمون الحلو، المعروف بنجاعته. لقد زرع جمّو شجرة الليمون الحلو في الحديقة، وكانت تمنح بركتها للأقارب والجيران. عقبَ شربها المنقوع، غطت الطفلة في نوم عميق. لكنها لم تفق بعد ذلك، أبداً. في ساعة متأخرة ليلاً، استيقظت بيان وكما لو أن أحداً هزها من كتفها. ألقت نظرةً على شيرين، الراقدة بالقرب منها، وما أسرعَ أن أطلقت صرخة رعب وجزع. جمّو، استدعيَ على عجل من دار بديع، الذي قضى فيه ليلته. غبَّ علمه بوفاة الصغيرة، لم ينبس ببنت شفة. ترك حجرة نوم امرأته، ليتجه إلى حجرة المؤونة، الباردة في هذا الوقت من الشتاء، فتكوم على نفسه فوق دكّة خشبية. كان العويل في المنزل لا يهدأ، يخترق أعماقه المغمورة بموجات من الحزن والقهر والأسى.***بيان، سهرت على النعش طوال الليل، وكان معها أمها وأخواتها. الجارة الطيّبة، سارو، كانت تأتي بين حينٍ وآخر برفقة ابنة حميها. جارة أخرى، اسمها " نجوى "، وكانت مقترنة حديثاً من أكبر أولاد حج عبدو، حضرت أكثر من مرة. خفتت حدة النواح مع الوقت، وفي الأثناء نامت ابنتا بيان الكبيرتان على ركبتيها بعدما شبعتا بكاءً. في اليوم التالي، عاد العويلُ يشتد وقد اقترب موعد وداع الطفلة الراحلة. جمّو، ولم يكن قد نام إلا فترات متقطعة، بكّرَ في الذهاب إلى منزل حفّار القبور، الكائن في زقاق آله رشي. عزّاه الرجل، ثم خاطبه بطريقته العملية: " القبر، سيكون جاهزاً ظهراً فيما أنتم تؤدون صلاة الميت "" لا تشغل بالك بالصلاة، لأنني سأمضي بابنتي رأساً إلى المقبرة "، قالها جمّو بجفاء. حدجه حفّار القبور بنظرة ملية، ثم ما لبثَ أن تساءل: " أعتقد أن الدفن سيكون في مقبرة مولانا خالد، بجانب أبيك وجدّك؟ ". وكان الجوابُ هزّةً من الرأس، المثقل بالوسن والارهاق والاضطراب. بعدما نقدَ الرجل أجرته سلفاً، اتجه إلى دار صديقه بديع. مكث هناك وحيداً لحين موعد الدفن، المتّفق عليه بعيد صلاة الظهر. عاد إلى المنزل، ليجد حبيبته الراحلة مسجاة على الأريكة في صدر الإيوان. نساء الجيران، كن قد هُرعن إلى حجرة النوم كي لا ينكشفن لأنظار الرجل. حمل الطفلة برفق، وكما لو أنها ما زالت تتنفس وتتبسّم، ثم مضى بها وسط الندب والنواح. ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#السابع

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697414
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر 2
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري فيما كانت السيّدة ريما موجودة في الدار، الملفوفة بالحِداد والحزن، حضرت صغرى بناتها لتنبئها بأن والدها يريدها أن تعود حالاً إلى البيت. هبّت الأم من مكانها، متطيّرةً من هذه الدعوة. ذلك أنه رجلها، مَن حثّها على عدم ترك بيان لوحدها مذ وفاة طفلتها شيرين قبل بضعة أيام. لكن تحيّة بادرت لطمأنة الأم، بالقول: " لا شيء يستدعي جزعك، لأنني تركتُ أبي بخير ". كعادتها في هكذا مواقف، راحت السيّدة ريما تحرك رأسها بينما تتمتم بكلام غامض. لم تعُد إلى مكانها، على أي حال. طلبت من تحيّة الاهتمامَ بابنة شقيقتها الصغيرة، مؤكّدةً أنها ستؤوب بسرعة عقبَ تلبية نداء الرجل. ابنتا بيان الكبيرتان، المسجّلتان في النفوس كتوأم بطريقة اعتباطية، كانتا قد دخلتا المدرسة منذ العام الفائت. أما الغلام ذو الأعوام الثلاثة، المعروف بالشقاوة، فإنه كان لا يهدأ بتنقله بين أرض الديار والحديقة: موت أخته، التي أعتادت على اللعب معه، صدمه بشدّة برغم حداثة سنّه. لما طلبوه في ذلك اليوم المشئوم كي يودّع جثمانها ـ بحَسَب عادةٍ لا تقل شؤماً ـ عثروا عليه في حجرة الحديقة وكان واجماً، مطرقاً برأسه إلى الأرض.*** منذ عودته من الجزيرة قبل نحو ثلاث سنين، وصالح يزداد نحولاً حتى أضحى أشبه بالشبح. مرضه، وقد علمنا أنه تشمّع الكبد، تفاقم في الأشهر الأخيرة. ما عاد قادراً على التسلّي بالجلوس خارج دكانه، لمجاذبة الحديث مع علي، ابن عم ربيبته بيروزا؛ وهذا كان يملك أيضاً في الجوار دكاناً لبيع الخضار والفاكهة. صارَ بالكاد يغادر سريره لقضاء الحاجة، ينظر في كل مرةٍ بأسى في منديله، الملوث بالمزيد من بقع الدم. عندما طلبَ هذا الصباح من ابنته تحيّة الذهابَ لإبلاغ والدتها بالمجيء، كان أحد زواره النادرين قد غادره تواً. إنه ملّا عشير، الذي شغل لديه في الجزيرة وظيفة وكيل أعمال. وكان الرجلُ قد ترك بدَوره تلك المنطقة النائية، ليلحق بمعلّمه السابق. تدبّرَ له صالحُ قطعةَ أرضٍ، لكي يبني فيها داراً. الأرض، تنازل عنها فَدو إكراماً لقريبه، وكانت تنبسط في آخر طلعة مقبرة مولانا النقشبندي من جهة حارة الكيكان. لكن الملّا اضطر مجدداً لمزاولة عمل رجل الدين، بقراءة سوَر من القرآن الكريم في مناسبات معيّنة. كذلك دفَع ولديه لمرافقته في تلك المناسبات، وكان كلاهما قد أسسَ أسرةً ورزق بالأولاد. ***أخذ صالح زوجته من ذراعها، ليجلسها بجانبه على السرير. قال لها بصوتٍ متقطّع بالسعال، محاولاً الابتسام: " ملّا عشير، تركني قبل قليل بعدما أرعبني بحديث عذاب جهنم ". ثم أضافَ، وهوَ يبصق في منديل بيده: " لقد عوّل على قبول الله توبتي، وذلك بأدائي مناسك الحج ". بدَورها، حاولت السيّدة ريما تهدئة مخاوف الزوج، معلّقةً على كلامه: " لا بد أن الله قبل توبتك منذ إقلاعك عن الشرب، وهذه كانت المثلبة الوحيدة، التي يمكن أن يحاسبك عليها ". ثم أردفت، تذكّره بكرمه ومساعدته للفقراء وغيرها من صفاته الجميلة، المحسوبة في ميزان حسناته: " وذلك الملّا الأخرق، المحتاج كل عام للذهاب إلى الحج بسبب ذنوبه الكثيرة، ألم يفكّر بحالتك الصحية؟ "، اختتمت كلامها بنبرة ساخطة. عقبَ موجة جديدة من السعال، قال صالح بنبرة حزينة: " ليت الخمر كان مثلبتي الوحيدة، مثلما تعتقدين. طوال فترة مرضي، كنتُ أفكّر بما اقترفته بحق حواء وولديها وما لو أنّ الله عاقبني بهذا الداء إنصافاً لهم "" دعك من هذا الوهم، يا رجل. أنتَ ربّيتَ ابنتي بيروزا كأنها من صلبك، وحدبت على أطفالها كما لو كنتَ جدّهم. كذلك كانت معاملتك لحُسْنو، ابنة حواء ". قال صالح، مقاطعاً كلامها: " وابنتي الحقيقية، ديبا، لم ت ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#السابع

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697538
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر 3
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري حدّو، كان قد استأجرَ بيتاً في الصالحية وذلك قبل حصوله على تعويض خدمته في الجيش، الذي أتاح له لاحقاً إكمال بناء بيته في زقاق الحج حسين. بحَسَب رأيه، أنّ التغيير في حياته، الذي جدّ في منتصف عقد الأربعينات، كان إلى الأسوأ. كان يعشق مدينة بيروت، فانتقل إلى دمشق مع معلّمه الفرنسيّ، المعيّن قائداً لمطار المزة العسكريّ. بانسحاب الفرنسيين، طُلبَ من سائق القائد الفرنسيّ الاستقالة أو القبول بالعمل على سيارة إطفاء في نفس المطار. على سبيل المقارنة أيضاً، لعله فكّرَ بعشيقته الجميلة والمرحة، بربارا، في مقابل امرأته، المتوسطة الجمال والكئيبة. أما مشاعر الحب، فلم يكن لها مكانٌ هنا. حدّو كان رجلاً متحرراً، وإن لم ينعكس ذلك على أفكاره السياسية، المقتصرة على تأييد الهيمنة الفرنسية على القرار إن كان في لبنان أو سورية. لكن تحرره لم يقتصر على شخصه، بالظهور بمظهر الإنسان العصريّ ملبساً ومسلكاً. كان يُشفق على نساء العشيرة، اللواتي كنّ ضحية التقاليد، المحرّمة ذهابهن إلى صالات السينما أو حتى النزهات في حدائق المدينة. منذ فترة خطبته لديبا، صار يستأذن والدها في مرافقتها لمشاهدة فيلم من الأفلام. السيّد صالح، كان يرق قلبه أحياناً للابنة الأخرى، بيان، فيوافق على ذهابها في تلك المشاوير مع خالها وأختها. في حالاتٍ أخرى، كانت تتفق معهما على موعد ما، دونَ علم الوالد، ثم تبرر غيابها بالزعم أنها كانت تزور إحدى القريبات. تصوير النساء والفتيات، كان أيضاً من محظورات المجتمع الدمشقيّ، المحافظ. وقد تحدّى حدّو هذا التابو، أيضاً؛ هوَ من امتلك في فترة مبكرة كاميرا شخصية، كان لها الفضل بتخليد صوَر الأهل والأقارب، ذكوراً وإناثاً.***بيت الإيجار في الصالحية، كان مالكوه يقيمون في دوره الأرضيّ. الدور العلويّ، تميّز بالجدّة والأناقة والتنعم بقدر وافر من النور. عقبَ سكنه ببضعة أيام، وكان حدّو يتأهب للمغادرة إلى مقر خدمته، وقف على الشرفة ليستمتع بفيض الشمس في هذا اليوم الشتويّ. إنه كذلك، وإذا بصره يحط على هيئة امرأة، خرجت إلى صحن الدار كي تنشر الغسيلَ. كانت في الثلاثين، مثلما أفصحت عنه ملامحها الفاتنة وأعضاء جسدها الناضجة. حُسنها، ربما تركّز في شعرها، المتهدل على ظهرها كما لو كان شلالاً ذهبياً يغمر صخرة صقيلة. هوَ ذو القلب الجريء مع الجنس الآخر، يعمد إلى إطلاق صفيرٍ للفت نظر المرأة والتعبير لها عن شدّة إعجابه بجمالها. رفعت رأسها إلى الأعلى، ورمقته بنظرة باسمة. عليه كان أن يتحفّظ في مسلكه يومئذٍ، كون المرأة زوجة صاحب البيت. لكن خبرته في النساء، أوحت له أنها خرجت بجسد مكشوف كي تعرضه على الأنظار. في يوم آخر، لما أضحت عشيقته، ألقت الجارةُ وزرَ الخيانة على عاتق رجلها: " إنه يتاجر بالحقائب النسائية، ومحله بمركز المدينة. بذلك يتاح له معاشرة بعض النسوة الفقيرات، السهلات المنال. فيرجع شبعاً بفضل نزواته، بينما أبقى أنا محرومة غالباً ". لكن المرأة المستهترة، تمادت في غيّها حدّ لفت نظر زوجة العشيق. أخذت تزور الدور العلويّ في خلال النهار، متحججةً كل مرةٍ بطلب مساعدة أو استعارة غرضٍ من الأغراض. ديبا، كانت في البدء تنظر ببراءة إلى زيارات مالكة العقار. إلى أن شكّت بكون هذه الأخيرة، عشيقة لرجلها. حَدَسَت ذلك ذات يوم، بطريقة مخاطبة الجارة لحدّو وكان عندئذٍ موجوداً في الدار. طبيعة ديبا، الكتومة والحيية في آنٍ معاً، جعلتها تتحاشى فتح مواجهة مع العشيقين دونما أن تملك دليلاً حسّياً. كانت تتحيّنُ فرصةً، تنتقم فيها لكرامتها المُهانة. ***الفرصة المطلوبة، جاءت في بداية الربيع وكان الوقتُ نهاراً ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#السابع

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697641
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل السابع عشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 4أطلت ديبا من الشرفة، لتبصر جارتها والنار تشتعل بشعرها وتنتقل إلى ملابسها. فاتجهت إلى الدرج، لتنزل بسرعة نحو المرأة المسكينة. حاولت إطفاءَ النار، بأن رمت على المرأة بطانيةً سميكة، كانت منشورة على حبل الغسيل. لم تُصب الجارة بحروق خطيرة، مثلما تبيّن في المستشفى؛ لكنها فقدت شَعرها تقريباً. لما حضرَ شرطيٌّ لتسجيل الحادثة، فإن المرأةُ المصابةُ اتهمت المستأجرةَ في منزلها بتعمد إعطائها البنزين وهيَ تعلمُ مسبقاً أنها بطريقها إلى المطبخ لإعداد الطعام على موقد النار. آنذاك، كان والدُ ديبا في الجزيرة، قد استهل باستثمار المزرعة هناك. حدّو، عهد لمحامٍ من الحي بالدفاع عنها في المحكمة. بعد ساعاتٍ طويلة ممضّة من الأسئلة والأجوبة والمرافعات، حكم القاضي ببراءة ديبا. قبل ذلك، كان حدّو قد نقل العفشَ من منزل الإيجار إلى دار أخيه. أشهر قليلة على الأثر، وقررت فرنسا إلغاءَ انتدابها على سورية. بالنتيجة، حصل حدّو على تعويض مُجزٍ من خدمته في جيش الانتداب. فوضع جانباً من المال في إكمال تعمير ذلك المنزل في زقاق الحج حسين، الذي سبقَ أن مُنحَ أرضه من لدُن حميه. عندما رمى صالح ابنته ديبا إلى ابن عمه حدّو، الذي يكبرها بقرابة العشرين عاماً، فعل ذلك غالباً كيداً بوالدتها. الآن، والأب يشعر بدنو أجله، أحسَّ أكثر من أي وقتٍ مضى بفداحة فعله بالابنة العاثرة الفأل. قلة زياراتها له وهوَ على فراش المرض، كانت ولا شك من واردات العلاقة السيئة بينهما. لكن من الصعب القول، أنّ غراميات حدّو أزعجت كثيراً والدَ امرأته؛ بالأخص، ونحن نعرف أن هذا الأخير كان في زمنه زيرَ نساء. كما أن صالح، من ناحية أخرى، تجاهل خبثَ صهره، طالما أنه موجّه ضدّ الآخرين: لما سُدِدَ إلى بيان، فحرمها من منزل أبيها وكان رجلها يود شراءه كما مر معنا، فإن تقدير صالح للرجل الماكر أنحدرَ إلى الحضيض. في حقيقة الحال، أن صالح كان يود قضاء ما بقيَ من عُمره في دار والديه ذاك، الشاهد على معظم فصول حياته. فضيحة أخرى، فاحت من ناحية حدّو، وما أسرعَ أن نمّت لعلم حميه وكان هذا على فراش المرض الأخير. ***منزل صبيح، مثلما علمنا، كان مجاوراً لذلك المنزل، الذي عمّره حدّو. كان الجاران على علاقة سيئة، لا يكاد الواحد منهما يزور الآخر حتى في الأعياد. لكن ديبا، بطبعها المعلوم، كانت تستقبلُ امرأةَ صبيح وابنته البكر. هذه الابنة، واسمها " أصيلة "، نُظِرَ إليها بين نساء العشيرة كفتاة خفيفة العقل؛ بزعم أنها نسخة عن عمّتها وجدّتها لوالدها. لم تحظ قط بفرصة للذهاب إلى المدرسة أو إلى مشغل الخياطة، وقنعت بتأدية واجبات المنزل. هيئتها المُنفّرة، وملامحها غير المتناسقة، أبعدت طالبي القُرب. هذا، برغم ما اتسمت به من بساطة وطيبة وتفانٍ بخدمة الآخرين. كانت أيضاً تتقبّلُ الغمزَ واللمز بصبر وعدم مبالاة، كما لو كانت تقرّ بأنها تستحقُ الإهانات. حدّو، لم يختلف مسلكه مع الفتاة المسكينة، وذلك عندما يلقاها في منزله. إلى أن غيّرَ، على حين فجأة، نظرته لها.ديبا، وقعت وقتئذٍ فريسةً لمرضٍ غامض بعد إنجابها لخامس أطفالها. إذاك، كان زوجها الزيرُ قد قارب عُمره الخمسين؛ فلم يعُد مقبولاً، كعشيقٍ، من لدُن النساء، المُهْمَلات والمهجورات. إذا به يتجه يوماً إلى جاره صبيح، في زيارة نادرة. عقبَ تقديمه تمهيداً عن حالته العائلية المعلومة، ووضعه الميسور مادياً، طلبَ يدَ أصيلة. استمهله الأبُ في الجواب، لكي يُفاتح الابنة المعنية. مع أن صبيح معرّفٌ بدَوره بالسذاجة، لم يشأ جرحَ كرامة قريبته ديبا. قابل على الأثر السيّدة ريما على انفراد، ليبلغها بطلب أخيها، المُفاجئ والمُست ......
#موناليزا
#الحزينة:
#بقية
#الفصل
#السابع

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697755
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن عشر 1
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري تجددَ الحِدادُ في دار بيان، ولمّا يمضِ سوى أشهر قليلة على رحيل الطفلة شيرين. لكن موت الأب كان متوقعاً، هوَ من كان غالباً طريحَ فراش المرض في الآونة الأخيرة. برغم تجاهل الكثيرين من الأقارب والجيران السابقين للرجل الراحل في آونة مرضه، كانت جنازته مشهودةً بحضور حشدٍ كبير. كذلك الأمر في أيام التعزية الثلاثة، المنعقدة في منزل ابنته. في الأثناء، كانت بيان في مرحلة متقدمة من الحمل، وتجربتها في هذا الخصوص أوحت لها أنها ستنجبُ طفلاً ثانٍ. نفسُ الحَدَس، أحسّت به رودا، وافترضت أيضاً أنها ستضع طفلها قبل أختها بقليل. وكان ثمة طفلان إضافيان، ينتظران الظهور إلى العالم في تلك السنة: أحدهما في بطن زهرة، جارة رودا؛ والآخر حملته أمّو، زوجة خلّو. هذه الأخيرة، كانت تعيش في درعا مع أسرتها وحماتها، وذلك منذ انتقال خدمة الزوج إلى تلك المدينة الجنوبية قبل بضعة أشهر. وإذاً، كان من المؤمل أن يكون عام 1957 الجاري، هوَ " عامُ الصبيان ". في المقابل، كان من المتوقع لطفلةٍ أن ترى نورَ الحياة قريباً. إنها الجارة نجوى، وكانت قد أصبحت صديقة مقربة لبيان، التي كانت في المرحلة الأخيرة من حبلها. زوجُ الجارة، الأرمل، ترك لها عبء أولاده الستة، وكان بينهم طفلة صغيرة. كانوا يعيشون أقرب إلى الخصاصة، مع أن دخل الرجل من الخياطة كان جيداً. لكن امرأته كانت تشكو لجارتها من مثالب أخرى في شخصيته، غير الشح والحرص. علاوة على ما اتصفَ به " بَدو " من خلقٍ عصبيّ ( ربما بسبب فأفأة في لسانه )، فإنه لاحَ غيرَ مكتفٍ بهذه المرأة الفتية وما زالت عينه على مَن تقدّم فيما مضى لخطبتها: الجارة زهرة، المقترنة من أمين ولديهما طفلان والثالث على الطريق. في أيام الجُمع، عندما يتوجّب عليه الراحة من أعباء العمل، كان ذلك المراهق الأربعينيّ يقفُ لساعاتٍ أمام باب البيت ووجه باتجاه باب منزل تلك الجارة، لكي يحظى ولو بلمحة من سحنتها، التي ما فتأت بهية وساحرة مع تجاوز صاحبتها سنّ الثلاثين. ***هذا الفرع من العشيرة الآله رشية، المنتمي إليه بَدو، كانت ظلالٌ من الشك تحوم حوله فيما يتعلق بعقيدة أفراده الدينية. الأقاويل، تحدثت عن جدّهم الأول، الذي أعتنقَ نِحْلةً غريبة، تُدعى البهائية، وذلك عندما كان في تجارةٍ بفلسطين. كذلك عاد منها بامرأة، أنجبت له ولدين، كان من نسليهما الفرعان الأصغر لهذه العائلة، المقيمة في زقاق حج حسين. ما أكّد صحة تلك الأقاويل، أنّ كبيرَ أولاد أحد الفرعين، أُعطيَ اسمَ مؤسس النحلة، بينما أصغر الأخوة الثلاثة في الفرع الآخر، اقترنَ من فتاة إيرانية، سبقَ أن استقرت أسرتها في الشام بحُكم التجارة. بقيَ أن نذكر حقيقة أخيرة، وهيَ أن أياً من أفراد فرعيّ العشيرة لم يسلك الطريقَ، المؤدي إلى بيت الله الحرام.بذرة أخرى، الكراهية، ما لبثت أن نمت في العائلة، وذلك على خلفية الحسد. " أحمي "، الأخ الأصغر، المقترن من تلك الفتاة الإيرانية، كان موفقاً في عمله بالخياطة. أسرته، المكوّنة من ثلاثة صبيان وبنت، كانت تعيش في بحبوحة وسِعَة. كان مستأثراً بالقسم الجنوبيّ من دار والده، الكائن بمقابل دار زعيم الحي السابق. ابن هذا الأخير، جمّو، ارتبط بصداقة وثيقة مع أحمي منذ فترة الصبا، وسبقَ أن جذبه إلى النادي القوميّ في الحي. أحد مؤسسي النادي، كان ابن أخت أحمي؛ وهوَ " عصمت شريف وانلي "، الذي سيُعرف على نطاق واسع فيما بعد عندما حمل لقب بروفيسور من سويسرا، أين أقامَ كلاجئ سياسيّ بعدَ ملاحقته من لدُن السلطات عقبَ إعلان الوحدة مع مصر.***عامٌ قبل نشوء الوحدة، وكانت زوجة بَدو الجديدة تحمل إذاً جنينها الأول. ذات صباح، ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#الثامن

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697866
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن عشر 2
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري في بداية الصيف، وكانت العاصمة تحتفلُ بقرب إعلان الوحدة، عادت رودا من الزبداني وهيَ في غاية الارهاق بسبب تقدّم حملها. بيان، رافقتها مع الأسرة. إنها مَن كانت قد اقترحت على شقيقتها قضاء أسبوعين في بلدة الاصطياف، وذلك لمحاولة تخفيف الاحتقان، المعانية منه على خلفية خلافاتها اليومية مع رجلها. هذا الأخير، وكان غير موافق على مغادرة رودا إلى بلدة جدّته بغيّة الاصطياف، أوغرَ صدرُهُ مجدداً بالحنق والسخط. قالت له بصوتٍ كالصراخ، كي يتمكن من سماعها، بعدما أنصتت لكلماته المضطربة وغير المترابطة: " ماذا؟ هل تعبّأت جيداً في غيابي؟ ". كانت تضع اللائمة على شقيقتيّ الزوج، وأنهما من عمدتا إلى تحريضه ضدها في كل سانحةٍ متاحة. فيّو، عانى مجدداً من البطالة في أحرج وقت من حياة الأسرة. كان لديه ثلاثة أولاد، والرابع في بطن والدته. بطالته جدَّت، نتيجة إغلاق النول اليدويّ، بسبب مرض صاحبه سلو. عمه هذا، المعاني من المرارة، أجرى عملية جراحية وهوَ في عمره المقارب السبعين. العم الآخر، فَدو، دبّرَ لابن أخيه العمل كناطور في البستان، وذلك مقابل إمداده بالمؤونة اللازمة للعيش. الحال العسرة، فاقمت من خلافات الرجل مع امرأته؛ وكانت هذه تلجأ في بعض الأحيان مع أولادها إلى والدتها، المقيمة مع زوجها في ضاحية جوبر. تكرر مرات لجوئها إلى كنف الأم، أشعلت مزيداً من الوساوس في رأس رجلها. ***بغيَة تحسين دخل الأسرة، كان فيّو قد عمدَ إلى عرض إحدى حجرات منزله للإيجار. مثلما ألمعنا في حينه، أن انفتاح أبناء الحي على الحياة العامة في العاصمة، المستهل منذ منتصف القرن، شجّع الأغرابَ على التوطن هناك؛ بالأخص أولئك الريفيين، المتطوعين في الجيش والشرطة والأمن. لقد رأينا حالة مأسوية، ترتبت على هذه البدعة الجديدة، لما دفعت ابنة زينو حياتها ثمناً لشكوكٍ بعلاقة سرية ربطتها مع الشاب، المستأجر في مسكن أسرتها. لكن فيّو، المعاني من وضع شبيهٍ بالعَوَز، اضطرَ أن يغضَّ الطرفَ عن ذلك الاعتبار. المستأجر، كان رجلاً ثلاثينياً، ترك عائلته في أحد أرياف الشمال ريثما تتحسّن أحواله بالعمل في العاصمة. كأغلب الريفيين من تلك المناطق، أظهرَ الرجلُ تقواه وكان لا يقطع فرضَ الصلاة.طبيعة عمل الليليّ، فرضت على فيّو النومَ طوال الصباح إلى ما بعد الظهر. كونه بلا أصدقاء، عقبَ انتقال خدمة خلّو إلى حوران، فإنه أعتاد على التواجد في دار أبيه، لتبادل الحديث مع المقيمة الوحيدة هنالك؛ وهيَ شقيقته الكبيرة. أمّو، من ناحيتها، كانت تشعر أيضاً بالوحشة والوحدة، اللهم إلا عند ذهابها إلى منزل شقيقتها، التي أنجبت صبياً في بداية الصيف. أحياناً، كان فيّو يرافقها في تلك الزيارات ثم يؤوب إلى منزله قبيل موعد العمل، لينفجر مجدداً بوجه امرأته. مع دخول رجل غريب للمنزل، كمستأجر، صارَ من الضروري أن تنام أمّو لديهم. لما أضحت هذه الأخيرة تحت سقفها ليلاً، زادَ توترُ رودا. قالت لشقيقة رجلها ذات مساء: " لقد وجد عملاً أخيراً، ولم يعُد من الضروري تأجير الحجرة "" هناك في الحارة عائلات تحشر نفسها في حجرة واحدة، وتأجّر بقية الحجرات؛ مع أن وضعها المعيشيّ أفضل بكثير من وضعكم "، ردّت أمّو. ثم أضافت، مثبتة عينيها الصغيرتين بعينيّ الأخرى: " وهذا المستأجر، رجلٌ تقيّ لا يكاد يخرج من حجرته إلا لعمله أو قضاء حاجة ملحّة ".*** بعد أيام، استدعيت القابلة بعدما شعرت رودا بآلام الوضع. مثلما كان متوقعاً، أنجبت صبياً. كون والدها قد رحل حديثاً عن الدنيا، شاءت أن تطلق على المولود اسمَ " صالح ". لكن أمّو، وكانت حاضرة كالعادة، أملت على شقيقها أن يمنح الطفل اسم أبي ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#الثامن

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697964