الحوار المتمدن
3.18K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
جمانة القروي : بائع الماء
#الحوار_المتمدن
#جمانة_القروي حاولت أمي العثور في تلك الغرفة المهدمة على ما يسد رمقنا نحن الأطفال الأيتام الستة، الذين مات والدهم شهيداً في إحدى معارك الدفاع عن الوطن وغبنت حقوقه. فكرت بأني أكبرهم ولا يمكن أن أقف مكتوف الأيدي وأنا أرى إخوتي الصغار يتضورون جوعاً.تحت أشعة شمس تموز الحارقة، مشيتُ مسافةً طويلة وبقدمين شبه حافيتين، حتى وصلت إلى منطقة توسمت فيها خيراً، فهي تعج بالناس. استرحمت هذا وذاك من الباعة المتجولين كي أساعده في بيع قناني الماء البارد، استكبر عليَّ معظمهم، إلا واحداً عطف على حالي وساعدني في الحصول على ما سيكون ثمناً لخبز أو رز أو أي شيء يسد رمقنا وأمي.يومئذ لما عدت إلى البيت، أفرحت أمي وإخوتي بما كنت أحمل لهم من طعام، فأنا لم أصرف من المبلغ الذي حصلت عليه حتى اجرة لسيارة تقلني إلى أهلي.تلك الفرحة التي رأيتها في أعين أمي المسكينة وإخوتي جعلتني لا أتوانى عن العمل في اليوم التالي، بالمكان ذاته من أجل الحصول على بعض المال.كنت ما أزال أبيع الماء عندما طوقني أربعة من الرجال لا يعرفون الرحمة، اعتقدت أنهم يطلبون شراء الماء البارد، حاولت أن أناولهم بضع قناني الماء، لكن أحدهم فتح القنينة وقذف بمائها على وجهي، مسكني الآخر من ثيابي، التي بالكاد كانت تسترني ومزقها عليَّ، كمم الثالث فمي ثم كبل يديَّ وجروني من الحبل المتين كانسين بجسدي الضئيل غبار الأرض، سحبوني إلى إحدى زوايا تلك الساحة التي يتجمع فيها الشباب المطالبين بحقوقهم، دون أن أعرف ما هي جريمتي أو ذنبي، نزلت ضربات العصا الغليظة على ظهري لتلهبه، عروني من ثيابي تماماً وأصبحت كما ولدتني أمي، اجتمع عليَّ آخرون بملابسهم العسكرية وكروشهم الكبيرة وقلوبهم القاسية، اندلقت الكلمات البذيئة من أفواههم النتنة، وبأصوات فظة وقحة، ونظرات استفزازية حارقة، طوقني الخوف والهلع، كل ما كان يهمني حينذاك أن لا يعتدوا على شرفي، شيء في أعماقي أخذ يغلي وأنا أسمعهم يلوكون شرف أمي ويلطخون ثوبها الأبيض، صارعت كثيراً في أتون تلك النار التي تأججت في داخلي، أردت أن أصرخ في وجوههم، "أمي امرأة مكافحة بشرف لم يلمس أحدٌ طرف ثوبها النقي، ولم يلوثها ضنك العيش ولا الفاقة".وقتذاك لم أكن أشعر حتى بالسكين الحادة التي كانت بيد أحد الأوغاد وهي تبتر شعري وتقطع فروة رأسي، ورغم ضجيجهم وأصواتهم المزعجة، إلا أني كنت أسمع طقطقة أضلاعي وهي ترتعش من رنين كلماتهم الداعرة عن أمي، تلك الكلمات التي أشعلت ثورة كامنة في غور روحي كادت أن تقتلني، لم تعد تهمني خناجر وسكاكين الإهانة، صارعت كثيراً في بحر هائج من الشتيمة والسباب، بلعت قهري وصمتي، فكل ما كنت أفكر به أن يكفوا عن النيل من شرف أمي، المرأة النقية ويتوقفوا عن انتهاك حرمتها. ......
#بائع
#الماء

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=687286