الحوار المتمدن
3.07K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
بديع الآلوسي : قصة قصيرة : الأرغن الذائع الصيت
#الحوار_المتمدن
#بديع_الآلوسي في الصباحات الغارقة بالعزلة ، اخرج الى باحة الكنيسة المعفرة بالبركة ، هنالك اجلس فوق الصخرة متأملا ً ورود شجرة التفاح ، مراجعا ً ما تخبئ لنا الايام ، وما سيؤول اليه مجد الأرغن الذي كنا نصغي له باندهاش يشبه السحر ، انغامه المرافقة للتراتيل كانت تدغدغ طفولتنا بالبراءة والفرح . ولطالما افتخرنا بذلك ، كوننا نملك أفضل آلة موسيقية في مقاطعة اللورين . في ذلك الوقت العامر بالمسرات ، كانت روح الموسيقى المنبعثة من الارغن تمتزج بدماء وذكريات الفلاحين . اما اليوم فما عادت كنيستنا مكانا ً مثاليا ً لتلك المتع الروحية ، حيث توقف الارغن عن العزف قبل عشر سنوات ، وبمرور ذلك الزمن القاحل ما عاد بإمكاننا القول ان باستطاعة الموسيقى ان ترفعنا لمرتبة اعلى .. الجدب يلتهم كل شيء ، باستثناء ذلك اللقاء الذي حررني من الرتابة ، واعاد لروحي زهوا ً لم اكن اتوقعه ، لكن اكثر ما يدهشني الآن هو اني ومنذ ان غادر سيمون لم يهدئ لي بال .. كونه ذكرني بتلك الايام التي قضيناها معا في مرحلة الشباب ، يومها كانت ضحكته المجللة تملأنا بالغبطة ، كان يدور حول نفسه ويرقص ويصفق ، وهو يصغي الى صوتي الشجي المردد لتلك الأغنية الشعبية : في طرقات الرب ، تلعب الفتيات ذات الصدور النافرة ، في تلك الدروب الموحشة ، قد تصادفهن ويضحكن لك إذا احبك الرب ، سترى بريقا ً معدنيا ً يشع من عيونهن .. اليوم وانا اذكرهُ بالأغنية ، حملت الريح كلماتي بعيدا ً ، اما مزحته فقد استقرت كمخرز في قلبي : يا ايها العزيز ان هذه الاغنية ما عادت تناسب خصلات شعرك البيضاء .لا اعرف لماذا في هذا الصباح ، لا يمكنني تجاهل ما حدث لنا في بداية شباط قبل سنتين ، حين وفد الى قريتنا كمنقذ . يا له من نهار مكفهر ، كان الثلج يتساقط ويملأ الطرقات ويغطي ازهار القرنفل وشجرة اللوز . توقعت انه سوف لا يأتي بسبب تلك الاجواء العاصفة ، ، لكنه حضر بالموعد المحدد ، معتمرا ً قبعة قطنية حمراء . مما جعلنا جميعا نتفق على ان سيمون رجلا ً محترما ً بكل ما تعنيه هذه الكلمة ، بدأ حياته كراهب وفي نفس الوقت كان يشتغل مصلحا ً لآلة الأرغن ، وبعد الحرب الأخيرة اصبح عضوا فاعلا ً في الحزب الشيوعي ، كثيرا ً من الفلاحين لا يروق لهم هذا الخلط الغريب ، ويرون في هذا التلون تناقضا ً ، وهذا ما جعلهم ان يصفونه بطائر النطاط ، اما هو فلم يبال بذلك وكان يكتفي بان يهز رأسه ويبتسم .. آه يا له من رجل جسور وعطوف هذا السيمون . حين استقبلته ، كان وجهه شاحبا ً ، لكن الابتسامة ترتسم على شفتيه . حمل لي معه كرات من الخبر وقطعة متوسطة من الجبن ، وقنينة خمر قرمزية ، لم اكن بحاجة لكل تلك الهدايا التي تكلف بحملها بقدر رغبتي بلقائه والمسامرة معه .. وحال وصوله اخبرني بانه اتى مشيا ً على الأقدام ، معتقدا ً ان من الحماقة الاعتماد على الدراجة الهوائية في هكذا اجواء تخيف حتى الدببة .ما ان استراح حتى بدأنا نتشاور في أمر الأرغن ذائع الصيت ، والذي لأجله كان يتوافد الزوار من كل صوب وحدب للتمتع برنينه العذب وموسيقاه المميزة . اصطحبت سيمون الى باحة الكنيسة ، وبقفزات متتالية صعد الدرج الخشبي ، وقبل ان يفتح حقيبته ، القى نظره متفحصة ، وما ان رأى التراب يغطي الارغن حتى صرخ : يا الهي ، لماذا كل هذا الإهمال ؟اني اثق ثقة مطلقة بالرب يسوع ، لكني اليوم وضعت كل ثقتي بالنطاط ، وراودني هاجس لا يخيب من انه الشخص الوحيد في هذا العالم من سيتكفل بمعالجة المشكلة واعادة الأرغن الى سابق عهده ......
#قصيرة
#الأرغن
#الذائع
#الصيت

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=674219