عباس منصور : نسوان الدميري
#الحوار_المتمدن
#عباس_منصور الواردسمع الدميري هاتفا كأنه صوت جده كابر:هل تعرف اسمك يادميري؟ إذا عرفته فلن تحتاج إلى الأغيارلن يكون هناك أغيار أصلا !غمغم الدميري:يافتاح ياعليم ،يارزاق ياكريم.1ــ الدميري بلا توقف تنهمر زخات المطر منذ المساء ، أغرقت المناشر والغروز التي أعدها الغمري حماد بمساعدة الدميري وأحمد عوض الله منذ عصرية الأمس في مصنع الطوب،الآن في هذا البرد قبل طلوع شمس طوبة ،نهضوا يصلحون الغروز ، يعالجون الطين الذي أصبح روبة ،يصبون المزيد من القش والسرس والرمل اليابس ،يعيدون خلطه بالطين،برز شرقاوي صاحب المصنع مع طلوع الشمس متدثرا بعباءته الصوف ،أمرهم بتعطيل العمل :ـــ أرضية المناشر صارت بركا من الطين ومياه المطر المتفرقة، شوفوا الحمير والبغال اعلفوها واسقوها وخيّطوا الحياصات المقطعة ...قاطعه أحمد عوض الله:ــ نحن هنا منذ الفجر،صحيح المناشر تحت كلها مبلولة ،إنما المناشر فوق ناشفه، هنضرب في المنشر العاليأضاف غمري:ــ نقلنا الرمالات والبنوك والفرم وجرادل المياه إلى المنشر العالي، الأرض ناشفه هناك ،نريد العمل، كفايه عطلة الله يرضى عليك.رد شرقاوي:ــ الأنفار لن يأتوا في هذا البرد والأرض زحاليق. أجابه غمري:ــ سياتون،لقد اتفقنا معهم.أحمد عوض الله الذي يخبط الطين برجليه وساعديه من بعد صلاة الفجر في برد طوبة ، شمر ساقيه عن شعر كثيف اختفى تحت طبقات الطين ،بعضه يجف فيتساقط عن غابة من الشعر يتخللها التبن والسرس، تتدلى من خصره دكة السروال المزركشة باللونين الأبيض والبني،طرف الدكة مع كل انحناءة يجرجر في الطين،سرواله دمور من أنسجة الكتان ،فوقه صديري من صوف الغنم حاكه على نول الريس مشالي،رغم البرد الشديد حبات العرق بللت طوق الصديري وامتد البلل حول الرقبة والكتفين وتدلى قريبا من منطقة الصدر، عوض الله أصلا ليس من رجال الغرز الدائمين،فهو يعمل عند مشالي المدراوي صاحب النول أيضا،يدير ماكينة الدراوة التي تفصل الحبوب عن التبن بعد درس القمح في موسم الحصاد عندما تقبض شمس بشنس الحارقة على الدنيا،عقب انتهاء الموسم يعود عوض الله إلى الطوب في مصنع الشرقاوي. تمددت شمس الضحى بخجل ،امتلأ مصنع الطوب بالحركة،الأنفار من النساء ينقلن الطين على رؤسهن من الغرز إلى المنشر،يضعنه على البنك ،يأخذه العمال يصبونه في الفرم،ثم يطرحونه على الأرض الناشفة الممهدة بالرمل الجاف ، ثلاثة بنوك ، كل مجموعة عليها طريحة يومية، خمس آلاف طوبة، عوض الله والدميري والغمري مغروزون حتى ركبهم في طين الغرز،ظهورهم محنيّة،سواعدهم بامتدادها كسيوف في عتمة الطين اليابس،يحمل كل منهم بلصة من الطين المخلوط جيدا بالسرس والتبن ،يضعها في القصعة على رأس زميلته،الغمري زميلته زوجته حبيبة،عوض الله زميلته أم الرزق، الدميري زميلته عين،وفقا لنظام العمل الذي ورثه الأنفار أبا عن جد خلال سنوات العمل في قماين الطوب أو في مواسم فصل الزراعة بحقول القمح والقطن والذرة والرز صيفا .ــ الحقونا...روحي ياهووووهيتصاعد الصراخ من خلف مدخنة المصنع ،من الجهة الأخرى للغرز،نفض الأنفار رجالا ونساء أيديهم وأرجلهم من الطين ،هرعوا صوب الأصوات المتصاعدة،ناس أمم تجمعوا هناك من كل مكان في سونباس،جاؤوا لتلبية الاستغاثة من البحر،صيادون وفلاحون من الجزاير،خلق ترش الملح ما ينزلش، شق الدميري الزحام يتبعه عوض الله والغمري، عوض أبوسعدة بين حوافر بغل الأزعر الذي نفض الحياصة واللجام،مزّق الحبال وانطلق في المناشر يهرس الطوب الطري الذي فرغوا من ضربه منذ قليل ،يهدم حوائط الطوب الأخضر اليابس المرصوص بين ا ......
#نسوان
#الدميري
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=692168
#الحوار_المتمدن
#عباس_منصور الواردسمع الدميري هاتفا كأنه صوت جده كابر:هل تعرف اسمك يادميري؟ إذا عرفته فلن تحتاج إلى الأغيارلن يكون هناك أغيار أصلا !غمغم الدميري:يافتاح ياعليم ،يارزاق ياكريم.1ــ الدميري بلا توقف تنهمر زخات المطر منذ المساء ، أغرقت المناشر والغروز التي أعدها الغمري حماد بمساعدة الدميري وأحمد عوض الله منذ عصرية الأمس في مصنع الطوب،الآن في هذا البرد قبل طلوع شمس طوبة ،نهضوا يصلحون الغروز ، يعالجون الطين الذي أصبح روبة ،يصبون المزيد من القش والسرس والرمل اليابس ،يعيدون خلطه بالطين،برز شرقاوي صاحب المصنع مع طلوع الشمس متدثرا بعباءته الصوف ،أمرهم بتعطيل العمل :ـــ أرضية المناشر صارت بركا من الطين ومياه المطر المتفرقة، شوفوا الحمير والبغال اعلفوها واسقوها وخيّطوا الحياصات المقطعة ...قاطعه أحمد عوض الله:ــ نحن هنا منذ الفجر،صحيح المناشر تحت كلها مبلولة ،إنما المناشر فوق ناشفه، هنضرب في المنشر العاليأضاف غمري:ــ نقلنا الرمالات والبنوك والفرم وجرادل المياه إلى المنشر العالي، الأرض ناشفه هناك ،نريد العمل، كفايه عطلة الله يرضى عليك.رد شرقاوي:ــ الأنفار لن يأتوا في هذا البرد والأرض زحاليق. أجابه غمري:ــ سياتون،لقد اتفقنا معهم.أحمد عوض الله الذي يخبط الطين برجليه وساعديه من بعد صلاة الفجر في برد طوبة ، شمر ساقيه عن شعر كثيف اختفى تحت طبقات الطين ،بعضه يجف فيتساقط عن غابة من الشعر يتخللها التبن والسرس، تتدلى من خصره دكة السروال المزركشة باللونين الأبيض والبني،طرف الدكة مع كل انحناءة يجرجر في الطين،سرواله دمور من أنسجة الكتان ،فوقه صديري من صوف الغنم حاكه على نول الريس مشالي،رغم البرد الشديد حبات العرق بللت طوق الصديري وامتد البلل حول الرقبة والكتفين وتدلى قريبا من منطقة الصدر، عوض الله أصلا ليس من رجال الغرز الدائمين،فهو يعمل عند مشالي المدراوي صاحب النول أيضا،يدير ماكينة الدراوة التي تفصل الحبوب عن التبن بعد درس القمح في موسم الحصاد عندما تقبض شمس بشنس الحارقة على الدنيا،عقب انتهاء الموسم يعود عوض الله إلى الطوب في مصنع الشرقاوي. تمددت شمس الضحى بخجل ،امتلأ مصنع الطوب بالحركة،الأنفار من النساء ينقلن الطين على رؤسهن من الغرز إلى المنشر،يضعنه على البنك ،يأخذه العمال يصبونه في الفرم،ثم يطرحونه على الأرض الناشفة الممهدة بالرمل الجاف ، ثلاثة بنوك ، كل مجموعة عليها طريحة يومية، خمس آلاف طوبة، عوض الله والدميري والغمري مغروزون حتى ركبهم في طين الغرز،ظهورهم محنيّة،سواعدهم بامتدادها كسيوف في عتمة الطين اليابس،يحمل كل منهم بلصة من الطين المخلوط جيدا بالسرس والتبن ،يضعها في القصعة على رأس زميلته،الغمري زميلته زوجته حبيبة،عوض الله زميلته أم الرزق، الدميري زميلته عين،وفقا لنظام العمل الذي ورثه الأنفار أبا عن جد خلال سنوات العمل في قماين الطوب أو في مواسم فصل الزراعة بحقول القمح والقطن والذرة والرز صيفا .ــ الحقونا...روحي ياهووووهيتصاعد الصراخ من خلف مدخنة المصنع ،من الجهة الأخرى للغرز،نفض الأنفار رجالا ونساء أيديهم وأرجلهم من الطين ،هرعوا صوب الأصوات المتصاعدة،ناس أمم تجمعوا هناك من كل مكان في سونباس،جاؤوا لتلبية الاستغاثة من البحر،صيادون وفلاحون من الجزاير،خلق ترش الملح ما ينزلش، شق الدميري الزحام يتبعه عوض الله والغمري، عوض أبوسعدة بين حوافر بغل الأزعر الذي نفض الحياصة واللجام،مزّق الحبال وانطلق في المناشر يهرس الطوب الطري الذي فرغوا من ضربه منذ قليل ،يهدم حوائط الطوب الأخضر اليابس المرصوص بين ا ......
#نسوان
#الدميري
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=692168
الحوار المتمدن
عباس منصور - نسوان الدميري