عبد المجيد السخيري : أوراق فلسفية 3 ريجيس دوبري، العودة إلى الواقع*
#الحوار_المتمدن
#عبد_المجيد_السخيري ها نحن إذن جميعا في حالة تعبئة. مدعوون للشعور بالواجب، ومطالبون بالخضوع للتعليمات، واستجداء بطاقة الهوية ausweis عند الحاجة. باختصار، نحن في حالة حرب، وهذا ما قد قيل وأعيد قوله. ثم جملة شهيرة تخطر على البال على التو: "أول ضحية للحرب هي الحقيقة". وإنه ينبغي أن نحذر من الحركة الأولى، التي نادرا ما تكون جيدة. فصيغة كبلينغ تتمسك بالضرورات المباشرة للدعاية، من أجل رفع معنويات الخلف، بل بالأحرى معنويات القوات نفسها. وفي الواقع، فإن الضحية الأولى لحرب ما هي الكذب. والحقيقتان ليستا متناقضتين: فالأولى، وهي تكتيكية، تهم مسار العمليات، والثانية، وهي استراتيجية، تهم النتيجة التي يتم استخلاصها من ذلك. ليس للأولى عندنا أي راهنية، طالما أن الشفافية وتدقيق بلاغات الحرب، في عز التسوماني الوبائي، هما لافتان للنظر. إن الثانية هي التي تضربنا بشدة: العودة إلى الواقع. مع ذلك دعونا نتفق بأنها لحرب مضحكة تلك التي للقائد العام فيها كلمة السر: "اختبئوا"؛ وحيث أن تعبئة عامة تقود إلى الشلل؛ وحيث ندعو إلى عدم صناعة مجتمع من أجل صناعة أمة، وإلى الانعزال للبقاء معا وإلى إبعاد الأجساد بعضها عن البعض من أجل الاقتراب منها بالروح. لكن التاريخ ليس أبدا بخال من المفارقات. فعندما يكون "العدو" ليس فقط فيروسا كلي الحضور وغير مرئي، وإنما الجار المجاور، بل والجدة، وعابر السبيل بشكل عام- بوسعنا أن نفهم انقلاب المعالم. إننا نفهم أقل الربط المزدوج، والأوامر المتناقضة من نوع: "لا تخرجوا واذهبوا للتصويت"، لكن بعد كل شيء، هناك المدة المخصصة للتعلم وأن ما من مدني يرتجل جنرال خمس نجوم في الحال. لا نمر بين عشية وضحاها من ثقافة السلم إلى ثقافة الحرب- وبالطبع كل النسب المحفوظة (لنذكر، أنه إبان معركة لامارن، قُتل 26 ألف جندي فرنسي في يوم واحد، ويمثل 1000 قتيل في اليوم، في 14-18، يوما جيدا). والأمر غير المفهوم أكثر هو أن أمة ناشئة، وهي في طليعة التكنولوجيا، تجد صعوبة بالغة للحصول وتوزيع منتج أقل من تقنية فائقة مثل كمامة الوقاية –وهو ما كان يمثل إرسال جنود إلى الجبهة وتجريدهم من البنادق. ذلك أنه في هذه الحرب الغريبة، ليس هناك إلا فئة من الناس تستحق هذا الاسم الجميل وهي تخاطر بحياتها كل يوم، وهم الأطباء، والممرضات، عمال الطوارئ وكل الطاقم البشري بالمستشفيات. ثم جنود للفيروس، كما هناك جنود للنار. إنهم ما سيحق لهم غدا حمل صليب الحرب، والحق في إعجابنا. إذن، هل من الكذب أن نسمي "حربا" كارثة درامية، أزمة فائقة، بما في ذلك ثلاث أزمات في واحدة: صحية، اقتصادية ووجودية؟ أي فائدة لهذه الاستعارة، المستعادة كجناس؟ بادئ ذي بدء، الرفع من المستوى عاليا، باستدعاء الأسلاف العظام. كليمونصو :" أنا أقوم بالحرب ، لا شيء سوى الحرب". وتشرشل :" عن الدم والدموع". ثم دوغول بطبيعة الحال، في الثامن عشر من حزيران/ يونيو :" هذه الحرب هي حرب عالمية ... أدعو كل الفرنسيين للإنصات إلي واتباعي". بعد ذلك، وفي الوقت نفسه، الانضمام لصف الشخصيات الأكثر أسطورية. ولم لا؟ يمكننا أن نجتاز هذا الاختبار للعبور بنجاح أكيد وأن نجتاز الاختبار الذي عرفته كل أجيال النار، بما في ذلك الفرز بين الصفات ولا غير الأذكياء، بين من لهم خزانة وبين من ليس لهم سوى الشواهد. يمكن أن نخشى من نقص معين في الكثافة، وصعوبة التقمص لدى الشباب المسيرين، الذين لم يعانوا، في أي لحظة من حياتهم، من العطش، والجوع أو الخوف، ولا من المسامير في أقدامهم أو حمل ثلاثين كيلو على الظهر. فالصعوبة تصنع الشخصيات- ولماذا ليس اليوم مثل قبل الأمس؟ ستكون هذه أخبار جيدة. ......
#أوراق
#فلسفية
#ريجيس
#دوبري،
#العودة
#الواقع*
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=689238
#الحوار_المتمدن
#عبد_المجيد_السخيري ها نحن إذن جميعا في حالة تعبئة. مدعوون للشعور بالواجب، ومطالبون بالخضوع للتعليمات، واستجداء بطاقة الهوية ausweis عند الحاجة. باختصار، نحن في حالة حرب، وهذا ما قد قيل وأعيد قوله. ثم جملة شهيرة تخطر على البال على التو: "أول ضحية للحرب هي الحقيقة". وإنه ينبغي أن نحذر من الحركة الأولى، التي نادرا ما تكون جيدة. فصيغة كبلينغ تتمسك بالضرورات المباشرة للدعاية، من أجل رفع معنويات الخلف، بل بالأحرى معنويات القوات نفسها. وفي الواقع، فإن الضحية الأولى لحرب ما هي الكذب. والحقيقتان ليستا متناقضتين: فالأولى، وهي تكتيكية، تهم مسار العمليات، والثانية، وهي استراتيجية، تهم النتيجة التي يتم استخلاصها من ذلك. ليس للأولى عندنا أي راهنية، طالما أن الشفافية وتدقيق بلاغات الحرب، في عز التسوماني الوبائي، هما لافتان للنظر. إن الثانية هي التي تضربنا بشدة: العودة إلى الواقع. مع ذلك دعونا نتفق بأنها لحرب مضحكة تلك التي للقائد العام فيها كلمة السر: "اختبئوا"؛ وحيث أن تعبئة عامة تقود إلى الشلل؛ وحيث ندعو إلى عدم صناعة مجتمع من أجل صناعة أمة، وإلى الانعزال للبقاء معا وإلى إبعاد الأجساد بعضها عن البعض من أجل الاقتراب منها بالروح. لكن التاريخ ليس أبدا بخال من المفارقات. فعندما يكون "العدو" ليس فقط فيروسا كلي الحضور وغير مرئي، وإنما الجار المجاور، بل والجدة، وعابر السبيل بشكل عام- بوسعنا أن نفهم انقلاب المعالم. إننا نفهم أقل الربط المزدوج، والأوامر المتناقضة من نوع: "لا تخرجوا واذهبوا للتصويت"، لكن بعد كل شيء، هناك المدة المخصصة للتعلم وأن ما من مدني يرتجل جنرال خمس نجوم في الحال. لا نمر بين عشية وضحاها من ثقافة السلم إلى ثقافة الحرب- وبالطبع كل النسب المحفوظة (لنذكر، أنه إبان معركة لامارن، قُتل 26 ألف جندي فرنسي في يوم واحد، ويمثل 1000 قتيل في اليوم، في 14-18، يوما جيدا). والأمر غير المفهوم أكثر هو أن أمة ناشئة، وهي في طليعة التكنولوجيا، تجد صعوبة بالغة للحصول وتوزيع منتج أقل من تقنية فائقة مثل كمامة الوقاية –وهو ما كان يمثل إرسال جنود إلى الجبهة وتجريدهم من البنادق. ذلك أنه في هذه الحرب الغريبة، ليس هناك إلا فئة من الناس تستحق هذا الاسم الجميل وهي تخاطر بحياتها كل يوم، وهم الأطباء، والممرضات، عمال الطوارئ وكل الطاقم البشري بالمستشفيات. ثم جنود للفيروس، كما هناك جنود للنار. إنهم ما سيحق لهم غدا حمل صليب الحرب، والحق في إعجابنا. إذن، هل من الكذب أن نسمي "حربا" كارثة درامية، أزمة فائقة، بما في ذلك ثلاث أزمات في واحدة: صحية، اقتصادية ووجودية؟ أي فائدة لهذه الاستعارة، المستعادة كجناس؟ بادئ ذي بدء، الرفع من المستوى عاليا، باستدعاء الأسلاف العظام. كليمونصو :" أنا أقوم بالحرب ، لا شيء سوى الحرب". وتشرشل :" عن الدم والدموع". ثم دوغول بطبيعة الحال، في الثامن عشر من حزيران/ يونيو :" هذه الحرب هي حرب عالمية ... أدعو كل الفرنسيين للإنصات إلي واتباعي". بعد ذلك، وفي الوقت نفسه، الانضمام لصف الشخصيات الأكثر أسطورية. ولم لا؟ يمكننا أن نجتاز هذا الاختبار للعبور بنجاح أكيد وأن نجتاز الاختبار الذي عرفته كل أجيال النار، بما في ذلك الفرز بين الصفات ولا غير الأذكياء، بين من لهم خزانة وبين من ليس لهم سوى الشواهد. يمكن أن نخشى من نقص معين في الكثافة، وصعوبة التقمص لدى الشباب المسيرين، الذين لم يعانوا، في أي لحظة من حياتهم، من العطش، والجوع أو الخوف، ولا من المسامير في أقدامهم أو حمل ثلاثين كيلو على الظهر. فالصعوبة تصنع الشخصيات- ولماذا ليس اليوم مثل قبل الأمس؟ ستكون هذه أخبار جيدة. ......
#أوراق
#فلسفية
#ريجيس
#دوبري،
#العودة
#الواقع*
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=689238
الحوار المتمدن
عبد المجيد السخيري - أوراق فلسفية(3) ريجيس دوبري، العودة إلى الواقع*