أحمد الخميسي : شـــجــــن - قـصـة قــصـيــرة
#الحوار_المتمدن
#أحمد_الخميسي كنت أمضي في الشارع لا أذكر إلى أين حين سمعت عن يميني صوتا بدا أنه صوت أحد الأصدقاء، لم أر وجهه، لكني سمعت صوته يقول لي: أخوك اسحق توفي، الله يرحمه. التفت إلى اليمين فرأيت على قارعة الرصيف أمام عمارة صفين من الكراسي، وفي القلب منها حلقة من الجالسين تتوسطها شابة جميلة في فستان بنفسجي بصدر مفتوح. لم تكن تضحك أو تبتسم لكن ملامحها كانت تشي بسعادة مكتومة. قلت لنفسي: إن كان الصوت قد نبهني إلى وفاة اسحق فقد أراد أن ينبهني إلى أنهم هنا يتلقون العزاء فيه. تذكرت اسحق. الطيب سيء الحظ الذي ناكفته الدنيا ولم تعطه حقه لا تقديرا ولا مالا ولا جاها. جرت دموعي بداخلي حزنا. تعرجت بين الكراسي وتقدمت أصافح المرأة الشابة مقدرا أنها زوجته. نهضت وضربت بيدها فستانها تساويه ثم ضغطت على كفي تبثني بعينيها التأثر والعرفان. قالت بحرارة: كثر خيرك. كثر خيرك. اتخذت لنفسي مقعدا ملاصقا لجدار العمارة. تراءت لي صور من حياة اسحق الطيبة، وانصياعه السلمي للأقدار، فاغرورقت عيناي بالدموع وسرعان ما انهلت على وجنتي. كنت منفعلا، مضطربا، لا أستطيع البقاء طويلا. قمت وقصدت المرأة الشابة. وقفت أمامها بنظرة ثابتة لأودعها. أخذت يدي بين كفيها بعطف وقالت: ليتك تدعو أصدقاءك للحضور إلى عزاء اسحق، إنه على بعد أمتار من هنا. تعجبت وأشرت بيدي إلى حيث نقف وأنا أقول مستفهما:وهذا؟ الكراسي؟ والناس؟ و.. وأنت؟. قالت: لا..هذا عرس لكنه باحتفال بسيط، أما عزاء اسحق فإنه في المبنى المجاور، خطوتان من هنا. شققت طريقي وأنا أتخبط بين الكراسي. هبطت من على الرصيف مرتبكا مشوشا. قلت لنفسي: " لكني بكيت عليه بالفعل ولن يكون بوسعي الآن أن أذهب إلى المعزى وأجلس ثانية وأستثير انفعالي ودموعي بالعمد، ذلك سيكون تأدية واجب، أما الحزن فقد غمرني داخل العرس. *** ......
#شـــجــــن
#قـصـة
#قــصـيــرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=687110
#الحوار_المتمدن
#أحمد_الخميسي كنت أمضي في الشارع لا أذكر إلى أين حين سمعت عن يميني صوتا بدا أنه صوت أحد الأصدقاء، لم أر وجهه، لكني سمعت صوته يقول لي: أخوك اسحق توفي، الله يرحمه. التفت إلى اليمين فرأيت على قارعة الرصيف أمام عمارة صفين من الكراسي، وفي القلب منها حلقة من الجالسين تتوسطها شابة جميلة في فستان بنفسجي بصدر مفتوح. لم تكن تضحك أو تبتسم لكن ملامحها كانت تشي بسعادة مكتومة. قلت لنفسي: إن كان الصوت قد نبهني إلى وفاة اسحق فقد أراد أن ينبهني إلى أنهم هنا يتلقون العزاء فيه. تذكرت اسحق. الطيب سيء الحظ الذي ناكفته الدنيا ولم تعطه حقه لا تقديرا ولا مالا ولا جاها. جرت دموعي بداخلي حزنا. تعرجت بين الكراسي وتقدمت أصافح المرأة الشابة مقدرا أنها زوجته. نهضت وضربت بيدها فستانها تساويه ثم ضغطت على كفي تبثني بعينيها التأثر والعرفان. قالت بحرارة: كثر خيرك. كثر خيرك. اتخذت لنفسي مقعدا ملاصقا لجدار العمارة. تراءت لي صور من حياة اسحق الطيبة، وانصياعه السلمي للأقدار، فاغرورقت عيناي بالدموع وسرعان ما انهلت على وجنتي. كنت منفعلا، مضطربا، لا أستطيع البقاء طويلا. قمت وقصدت المرأة الشابة. وقفت أمامها بنظرة ثابتة لأودعها. أخذت يدي بين كفيها بعطف وقالت: ليتك تدعو أصدقاءك للحضور إلى عزاء اسحق، إنه على بعد أمتار من هنا. تعجبت وأشرت بيدي إلى حيث نقف وأنا أقول مستفهما:وهذا؟ الكراسي؟ والناس؟ و.. وأنت؟. قالت: لا..هذا عرس لكنه باحتفال بسيط، أما عزاء اسحق فإنه في المبنى المجاور، خطوتان من هنا. شققت طريقي وأنا أتخبط بين الكراسي. هبطت من على الرصيف مرتبكا مشوشا. قلت لنفسي: " لكني بكيت عليه بالفعل ولن يكون بوسعي الآن أن أذهب إلى المعزى وأجلس ثانية وأستثير انفعالي ودموعي بالعمد، ذلك سيكون تأدية واجب، أما الحزن فقد غمرني داخل العرس. *** ......
#شـــجــــن
#قـصـة
#قــصـيــرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=687110
الحوار المتمدن
أحمد الخميسي - شـــجــــن - قـصـة قــصـيــرة
أحمد الخميسي : جــــئـــت أنـــت قـصـة قــصـيــرة
#الحوار_المتمدن
#أحمد_الخميسي يزور أمه على الأقل مرة كل أسبوع بعد إصرارها على عدم الانتقال من بيتها رغم عجزها عن الحركة. يحمل إليها فاكهة يناولها للشغالة التي ترعاها، ثم يدخل حجرتها ويقعد على طرف السرير عند قدميها وهي جالسة محنية للأمام تراخت يداها في حجرها كجناحي طائر لا يرفرف. يزورها ولا يملك لها شيئا سوى أن يضحكها، أن يروي لها كل ما يستحضره من مفارقات وطرائف، فإذا لمعت بسمة في عينيها همس لنفسه "الله!". وحتى حين تلقى بجسدها للخلف وتتلمس برأسها موضع الوسادة وتنعس، فإنه يمسد جبينها ويحكي، يتأمل جفنيها المغلقين مثل سحابتين على قمرين متعبين، ويواصل الحكي، فقد هجس في نفسه دوما أن للعقل أثناء النوم صحوته الخاصة، مثل حديقة في ليل، تتنفس، تحت ضوء آخر. دخل حجرتها. جلس. اطمأن عليها. قال لها "صحتك تمام". مازحها بقوله إن منظمي بطولة التنس ينتظرون قرارها إن كانت ستشارك أم لا؟. فحنت عليه بابتسامة خفيفة. حاول أن يطعمها بيده قطعة لحم مسلوق. نهض يدلك قدميها بيديه. خطرت بباله الحكاية التي وقعت منذ عشرين عاما. ذكرها بها فغمغمت بوجه متحير "لا أذكر". ألح على تذكيرها ببعض التفاصيل وهو يضحك. سألته بتشكك "أتختلق الحكايات؟". سددت نظرة إلى الماضي تستفسر "هل حدث هذا؟". قهقه مؤكدا عبر أنفاسه المتقطعة "نعم". وحدق فيها بعينين لامعتين ووجه متورد من الانفعال. بشرود وتعب تحاول بما تبقى من يقظة العقل أن تقبض على ظلال تتلاشى في عتمة. يؤلمه عجزها عن الحركة. يضع يدها بين كفيه ويضغط عليها بحنان. يحكي لها. "منذ نحو عشرين عاما، حين كان طالبا في الجامعة، اعتقلوه مع عشرات من زملائه الآخرين، وبعد أسبوعين فاجأه ألم شديد داخل الزنزانة، فنقلوه إلى مستشفى قصر العيني لإجراء عملية". بسبب كلمة عملية يتوتر وجهها، يفزع قلب الأم لابنها حتى من أمر وقع له في الماضي ولا تذكره. يطمئنها: "كانت عملية بسيطة. لاتقلقي". يحكي لها. "وصل إلى المستشفى بحراسة شاويش، وعلى الفور أخلوا له مكانا في حجرة معزولة في نهاية ممر طويل. دخلها ومن خلفه الشاويش يدير عينيه في المكان يتفحصه، وعندما اطمأن إلى أنه ليس بالحجرة سوى شباك عليه قضبان جرجر كرسيا وثبته قرب الباب وحط عليه. أما الشاب فأرخى حزام الحقيبة الصغيرة المعلقة على كتفه وتركها على كومدينو. استدار وألقى نظرة على السرير المقابل. رأى رجلا يناهز الأربعين. رأسه مرفوع على وسادة ويداه معقودتان فوق نصف صدره يتنفس بصعوبة ويدير عينيه بقلق بين الشاب والشاويش. أخذ الشاب يتأمله، فقبض الرجل على طرف الملاءة وسحبها مختفيا بالكامل تحتها. اتجه الشاب نحو الشباك الصغير. في الصمت المخيم كانت تصله صافرة حشرجة أنفاس الرجل من تحت الملاءة. سمع سعلة شديدة فالتفت إلى الرجل "سلامتك. تحتاج أي شيء؟". لكن الآخر مال على جنبه ببطء دون أن ينطق وجعل ظهره للشاب ووجهه للحائط. خمن الشاب أن الرجل يخشى الكلام معه مقدرا أنه "خطر" مادام ثمة شاويش يحرسه. هنا تسأله باستنكار وقلق "أنت خطر؟!". يقول "نعم". تستغرب "أكنت هكذا من صغرك؟". يقول مبتسما "طوال عمري كنت شقيا يا أمي". تمط شفتها بعدم تصديق. تسأل "أتختلق الحكايات؟". يحكي لها. "بعد ساعة من وصول الشاب أجروا له العملية الجراحية. ومر يوم، والثاني، والثالث، كان الرجل خلالها يطل برأسه من تحت الملاءة ساعة الطعام فقط. يأكل ويرسل للشاويش نظرات متلاحقة بما معناه "كما ترى أنا لا أكلم الشاب ولا علاقة لي به". حين ينتهي من الأكل يتنهد بأسى ويختفى تحت الملاءة. ثم جئتِ أنتِ..". هنا تنتبه الأم. تشتعل عيناها بالنظرة الصافية القديمة، كأنما انتفض فيها العص ......
#جــــئـــت
#أنـــت
#قـصـة
#قــصـيــرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=689535
#الحوار_المتمدن
#أحمد_الخميسي يزور أمه على الأقل مرة كل أسبوع بعد إصرارها على عدم الانتقال من بيتها رغم عجزها عن الحركة. يحمل إليها فاكهة يناولها للشغالة التي ترعاها، ثم يدخل حجرتها ويقعد على طرف السرير عند قدميها وهي جالسة محنية للأمام تراخت يداها في حجرها كجناحي طائر لا يرفرف. يزورها ولا يملك لها شيئا سوى أن يضحكها، أن يروي لها كل ما يستحضره من مفارقات وطرائف، فإذا لمعت بسمة في عينيها همس لنفسه "الله!". وحتى حين تلقى بجسدها للخلف وتتلمس برأسها موضع الوسادة وتنعس، فإنه يمسد جبينها ويحكي، يتأمل جفنيها المغلقين مثل سحابتين على قمرين متعبين، ويواصل الحكي، فقد هجس في نفسه دوما أن للعقل أثناء النوم صحوته الخاصة، مثل حديقة في ليل، تتنفس، تحت ضوء آخر. دخل حجرتها. جلس. اطمأن عليها. قال لها "صحتك تمام". مازحها بقوله إن منظمي بطولة التنس ينتظرون قرارها إن كانت ستشارك أم لا؟. فحنت عليه بابتسامة خفيفة. حاول أن يطعمها بيده قطعة لحم مسلوق. نهض يدلك قدميها بيديه. خطرت بباله الحكاية التي وقعت منذ عشرين عاما. ذكرها بها فغمغمت بوجه متحير "لا أذكر". ألح على تذكيرها ببعض التفاصيل وهو يضحك. سألته بتشكك "أتختلق الحكايات؟". سددت نظرة إلى الماضي تستفسر "هل حدث هذا؟". قهقه مؤكدا عبر أنفاسه المتقطعة "نعم". وحدق فيها بعينين لامعتين ووجه متورد من الانفعال. بشرود وتعب تحاول بما تبقى من يقظة العقل أن تقبض على ظلال تتلاشى في عتمة. يؤلمه عجزها عن الحركة. يضع يدها بين كفيه ويضغط عليها بحنان. يحكي لها. "منذ نحو عشرين عاما، حين كان طالبا في الجامعة، اعتقلوه مع عشرات من زملائه الآخرين، وبعد أسبوعين فاجأه ألم شديد داخل الزنزانة، فنقلوه إلى مستشفى قصر العيني لإجراء عملية". بسبب كلمة عملية يتوتر وجهها، يفزع قلب الأم لابنها حتى من أمر وقع له في الماضي ولا تذكره. يطمئنها: "كانت عملية بسيطة. لاتقلقي". يحكي لها. "وصل إلى المستشفى بحراسة شاويش، وعلى الفور أخلوا له مكانا في حجرة معزولة في نهاية ممر طويل. دخلها ومن خلفه الشاويش يدير عينيه في المكان يتفحصه، وعندما اطمأن إلى أنه ليس بالحجرة سوى شباك عليه قضبان جرجر كرسيا وثبته قرب الباب وحط عليه. أما الشاب فأرخى حزام الحقيبة الصغيرة المعلقة على كتفه وتركها على كومدينو. استدار وألقى نظرة على السرير المقابل. رأى رجلا يناهز الأربعين. رأسه مرفوع على وسادة ويداه معقودتان فوق نصف صدره يتنفس بصعوبة ويدير عينيه بقلق بين الشاب والشاويش. أخذ الشاب يتأمله، فقبض الرجل على طرف الملاءة وسحبها مختفيا بالكامل تحتها. اتجه الشاب نحو الشباك الصغير. في الصمت المخيم كانت تصله صافرة حشرجة أنفاس الرجل من تحت الملاءة. سمع سعلة شديدة فالتفت إلى الرجل "سلامتك. تحتاج أي شيء؟". لكن الآخر مال على جنبه ببطء دون أن ينطق وجعل ظهره للشاب ووجهه للحائط. خمن الشاب أن الرجل يخشى الكلام معه مقدرا أنه "خطر" مادام ثمة شاويش يحرسه. هنا تسأله باستنكار وقلق "أنت خطر؟!". يقول "نعم". تستغرب "أكنت هكذا من صغرك؟". يقول مبتسما "طوال عمري كنت شقيا يا أمي". تمط شفتها بعدم تصديق. تسأل "أتختلق الحكايات؟". يحكي لها. "بعد ساعة من وصول الشاب أجروا له العملية الجراحية. ومر يوم، والثاني، والثالث، كان الرجل خلالها يطل برأسه من تحت الملاءة ساعة الطعام فقط. يأكل ويرسل للشاويش نظرات متلاحقة بما معناه "كما ترى أنا لا أكلم الشاب ولا علاقة لي به". حين ينتهي من الأكل يتنهد بأسى ويختفى تحت الملاءة. ثم جئتِ أنتِ..". هنا تنتبه الأم. تشتعل عيناها بالنظرة الصافية القديمة، كأنما انتفض فيها العص ......
#جــــئـــت
#أنـــت
#قـصـة
#قــصـيــرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=689535
الحوار المتمدن
أحمد الخميسي - جــــئـــت أنـــت قـصـة قــصـيــرة