عبير قبطي : هل سيصبح ابني ذكوريًا؟
#الحوار_المتمدن
#عبير_قبطي لست أمًّا مثالية، ولا أطمح بأن أكون. المثالية أصلًا ليست قيمةً مطلقة. في كل مكان، هناك أم "مثالية" مختلفة وهناك من تقاوم هذا القالب الجاهز. وأنا لا أريد أن أشبه أحدًا.. لا أريد أن أركض وراء دفتر إرشادات ومعايير نصّها بُنيان المجتمع كمسطرة، لأن مسطرتي غيرُ مستقيمة، ليست ثابتة الحجم، مكسّرة وفيها تفرّعاتٌ وثقوبٌ كثيرة، شكّلها المجتمع بدءًا ثم فكًكها وركًبها مرّةً بعد مرّة خليط وعيي وتجاربي ومعرفتي وعُقدي ونقدي.منذ أن ولد ابني وأنا في رحلة يومية متجدّدة لا تنتهي من الأسئلة ولا من البحث عن أجوبة لا أجدها دائمًا.ابني ذكر. ذكرٌ جميلٌ وبريء. يستقي، إلى حد كبير، معرفته عن العالم مني ومن والده، بحكم إقامتنا في برلين بعيدًا عن عائلتينا وأقاربنا. اعتقدت أن ذلك، رغم صعوبته وسلبياته، سيمنع التناقضات التي قد يعيشها بين أسلوب تربيتنا وأسلوب تربية أهلنا. لكن في كل مجتمع نعيش فيه لا بد من أن نجد تناقضاتٍ، خصوصًا إذا لم نكن منصاعين لأعراف المجتمعات، أينما كانت. في يوم من الأيام ذهبت لآخذه من الحضانة، وجدته يرتدي فستانًا. كان مهووسًا في تلك الفترة بارتداء الملابس التنكرية على أنواعها. ضحكت له وأعربت عن إعجابي بزيّه. في اليوم التالي حصل الأمر نفسه مع والده، وتصرف بذات الأسلوب. وهذا فقط لأننا نتحدث كثيرًا عن تربيتنا له وكنا مستعدّين لامتحان كهذا. ستكون هناك امتحانات كثيرة لن نكون مستعدين لها وربما لن ننجح فيها. لكن ابننا، مينا، ابن الثلاثة أعوام، سمع شيئًا آخر وعلق في ذهنه؛ "الفستان للبنات"، قال له أحد الآباء. قلنا له أن ذلك غير صحيح وأنه يستطيع أن يلبس ما يحلو له. اعترضنا في الحضانة وتحدثنا مع المربيات اللاتي أكدن لنا أنهن تحدثن مع ذلك الأب وأن ملاحظته غير مقبولة لهم. في اليوم التالي علقّوا مقالا على الحائط عنوانه "الأولاد أيضًا يمكنهن ارتداء الفساتين" ليوصلوا رسالة لجميع الأهالي. لكن، عندما نفكّر في الأمر جيدًا، يبدو لنا أننا غير صادقين. في مجتمعاتنا، وفي الأغلب شبه المطلق، يعتبر الفستان فعلا لباسًا حصريًا للبنات. فأنا ألبس الفستان ولا يلبسه أبوه، وفي الخارج يرى هو جميع البنات بالفساتين ولا يرى الأولاد بهن. سيكبر ويعرف أننا كذبنا عليه. أو ربما يكبر ويعرف أن الأمور ليست بالأبيض والأسود هكذا، وهذا درسٌ أهم.كذبت أيضًا حول التزامي بتحدي قالب "الزهري للبنت" و"الأزرق للولد". فأنا في الحقيقة أكره اللون الزهري، لم ألبسه يومًا في حياتي الواعية، ولم ألبسه لابني بسبب كرهي له. ألبسته الأزرق والأخضر والأصفر والأحمر.. لكن ليس الزهري. لكن عندما أفكر في الأمر جيدًا، فإن هذا القالب ليس معنيًا بالألوان حرفيًا. بل هو أعمق من ذلك، فهو متعلّقٌ بما هو مسموح للولد وممنوع على البنت. ربما لم أكذب. عندما يكبر مينا قليلًا ويتطور وعيه وإدراكه لقواعد السلوك في المجتمع سيكون علينا أن نبذل جهدًا كبيرًا لتحصينه من قواعد المسموح للولد والممنوع للبنت؛ من نوع الألعاب، إلى الملابس، إلى خيارات حياتية مثل الأصدقاء، السهر، السفر، الحياة المستقلة، اختيار الموهبة، المهنة، العلاقة مع الجسد، علاقات الحب، ممارسة الجنس والمتعة الجنسية وغيرها الكثير الكثير. عندما بدأ مينا يتعرف على مفهوم البنت والولد، عرف أنه ولد، وأنني بنت وأن أباه ولد. ما الفرق؟ قضيبٌ ومهبل؛ هذا بكل بساطة وصراحة ما قلناه ونقوله حتى اليوم. لكن عندما يكبر مينا قليلا، لن يعود هذا هو الفارق، فهو الآن أبسط ما يمكنني قوله لطفلٍ في الثالثة من عمره. عندما يكبر قليلاً، علينا التسلح بالكثير م ......
#سيصبح
#ابني
#ذكوريًا؟
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=699684
#الحوار_المتمدن
#عبير_قبطي لست أمًّا مثالية، ولا أطمح بأن أكون. المثالية أصلًا ليست قيمةً مطلقة. في كل مكان، هناك أم "مثالية" مختلفة وهناك من تقاوم هذا القالب الجاهز. وأنا لا أريد أن أشبه أحدًا.. لا أريد أن أركض وراء دفتر إرشادات ومعايير نصّها بُنيان المجتمع كمسطرة، لأن مسطرتي غيرُ مستقيمة، ليست ثابتة الحجم، مكسّرة وفيها تفرّعاتٌ وثقوبٌ كثيرة، شكّلها المجتمع بدءًا ثم فكًكها وركًبها مرّةً بعد مرّة خليط وعيي وتجاربي ومعرفتي وعُقدي ونقدي.منذ أن ولد ابني وأنا في رحلة يومية متجدّدة لا تنتهي من الأسئلة ولا من البحث عن أجوبة لا أجدها دائمًا.ابني ذكر. ذكرٌ جميلٌ وبريء. يستقي، إلى حد كبير، معرفته عن العالم مني ومن والده، بحكم إقامتنا في برلين بعيدًا عن عائلتينا وأقاربنا. اعتقدت أن ذلك، رغم صعوبته وسلبياته، سيمنع التناقضات التي قد يعيشها بين أسلوب تربيتنا وأسلوب تربية أهلنا. لكن في كل مجتمع نعيش فيه لا بد من أن نجد تناقضاتٍ، خصوصًا إذا لم نكن منصاعين لأعراف المجتمعات، أينما كانت. في يوم من الأيام ذهبت لآخذه من الحضانة، وجدته يرتدي فستانًا. كان مهووسًا في تلك الفترة بارتداء الملابس التنكرية على أنواعها. ضحكت له وأعربت عن إعجابي بزيّه. في اليوم التالي حصل الأمر نفسه مع والده، وتصرف بذات الأسلوب. وهذا فقط لأننا نتحدث كثيرًا عن تربيتنا له وكنا مستعدّين لامتحان كهذا. ستكون هناك امتحانات كثيرة لن نكون مستعدين لها وربما لن ننجح فيها. لكن ابننا، مينا، ابن الثلاثة أعوام، سمع شيئًا آخر وعلق في ذهنه؛ "الفستان للبنات"، قال له أحد الآباء. قلنا له أن ذلك غير صحيح وأنه يستطيع أن يلبس ما يحلو له. اعترضنا في الحضانة وتحدثنا مع المربيات اللاتي أكدن لنا أنهن تحدثن مع ذلك الأب وأن ملاحظته غير مقبولة لهم. في اليوم التالي علقّوا مقالا على الحائط عنوانه "الأولاد أيضًا يمكنهن ارتداء الفساتين" ليوصلوا رسالة لجميع الأهالي. لكن، عندما نفكّر في الأمر جيدًا، يبدو لنا أننا غير صادقين. في مجتمعاتنا، وفي الأغلب شبه المطلق، يعتبر الفستان فعلا لباسًا حصريًا للبنات. فأنا ألبس الفستان ولا يلبسه أبوه، وفي الخارج يرى هو جميع البنات بالفساتين ولا يرى الأولاد بهن. سيكبر ويعرف أننا كذبنا عليه. أو ربما يكبر ويعرف أن الأمور ليست بالأبيض والأسود هكذا، وهذا درسٌ أهم.كذبت أيضًا حول التزامي بتحدي قالب "الزهري للبنت" و"الأزرق للولد". فأنا في الحقيقة أكره اللون الزهري، لم ألبسه يومًا في حياتي الواعية، ولم ألبسه لابني بسبب كرهي له. ألبسته الأزرق والأخضر والأصفر والأحمر.. لكن ليس الزهري. لكن عندما أفكر في الأمر جيدًا، فإن هذا القالب ليس معنيًا بالألوان حرفيًا. بل هو أعمق من ذلك، فهو متعلّقٌ بما هو مسموح للولد وممنوع على البنت. ربما لم أكذب. عندما يكبر مينا قليلًا ويتطور وعيه وإدراكه لقواعد السلوك في المجتمع سيكون علينا أن نبذل جهدًا كبيرًا لتحصينه من قواعد المسموح للولد والممنوع للبنت؛ من نوع الألعاب، إلى الملابس، إلى خيارات حياتية مثل الأصدقاء، السهر، السفر، الحياة المستقلة، اختيار الموهبة، المهنة، العلاقة مع الجسد، علاقات الحب، ممارسة الجنس والمتعة الجنسية وغيرها الكثير الكثير. عندما بدأ مينا يتعرف على مفهوم البنت والولد، عرف أنه ولد، وأنني بنت وأن أباه ولد. ما الفرق؟ قضيبٌ ومهبل؛ هذا بكل بساطة وصراحة ما قلناه ونقوله حتى اليوم. لكن عندما يكبر مينا قليلا، لن يعود هذا هو الفارق، فهو الآن أبسط ما يمكنني قوله لطفلٍ في الثالثة من عمره. عندما يكبر قليلاً، علينا التسلح بالكثير م ......
#سيصبح
#ابني
#ذكوريًا؟
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=699684
الحوار المتمدن
عبير قبطي - هل سيصبح ابني ذكوريًا؟